شباب العراق يسقطون ورقة الرهان الاخيرة !
أسقط الشعب العراقي ورقة الرهان الاخيرة للكتل السياسية في مجلس النواب بإنتفاضته المباركة ، الورقة التي تباهى بها الساسة و راهن عليها القادة حتى اصبحت ورقة الجوكر والمزايدة والابتزاز فيما بينهم في مفاوضات تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب وتقاسم مصادر العقود الخيالية الاقتصادية والتجارية في الدولة العراقية ، وكل هذا بأصوات الشعب العراقي الذي انتخبهم لوعودهم التي بان كذبها بعد الانتخابات بأيام قلائل حينما قفز الساسة على معاناة وهموم ومآسي المواطن العراقي .
ولإنصاف التظاهرات الحاصلة اليوم في العراق علينا ان لا نختزل أسباب خروجها بدعوات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر ، إذ أن مفاصل الأزمة والمأساة الكارثية وتراكماتها متجذرة في المجتمع العراقي على مدى ثمان سنوات ، معاناة الإنسان العراقي اليومية هي التي دعته للخروج في تظاهرات سلمية طغت على طبيعتها الهموم الأكثر ملامسة لواقع الإنسان العراقي ، كتردي الخدمات ، ظاهرة الفقر والبطالة ، ظاهرة الفساد المالي والإداري المُستشري في كافة مؤسسات الدولة والملف الاكثر سخونة على مدى ثمان سنوات ملف حقوق الانسان بكافة اوجهه وكذلك ملف المهاجرين والمهجرين داخل وخارج العراق وظاهرة المحاصصة والمحسوبية الطائفية والعرقية والسياسية التي تنخر بكافة مؤسسات ودوائر الدولة والى الان يدفع المواطن العراقي ثمناً باهضاً لها .
ونكون أكثر انصاف لو قلنا ان الشعب العراقي وعلى مدى عقود طويلة من الزمن لم يعرف الحقوق ويتمتع بها كباقي شعوب الارض وعرف الواجبات فقط وحينما يخرج العراقيون اليوم في تظاهرات سلمية للمطالبة بحقوق مشروعة كفلها الدستور لهم يُقمعون ويُقتلون ويُهانون ويُعتقلون من قبل الحكومة العراقية ، فالتظاهرات والاحتجاجات السلمية في كافة دول العالم المتحضر تُعتبر السلاح الحضاري المتقدم للنظام الديمقراطي ، والعراقيون انطلقوا في تظاهراتهم من هذا الاساس على اعتبار ان الدولة العراقية ديمقراطية كما يدعي الساسة والمسؤولين في الحكومة والبرلمان ! ، إلا ان الحكومة بإجراءاتها القمعية إتجاه المتظاهرين أوصلت رسالة معكوسة إلى الشعب العراقي والعالم عن الديمقراطية التي تدعيها فسقوط عشرات الشهداء وعشرات الجرحى ومئات المعتقلين جراء التظاهرات أثبت عن أن الديمقراطية مغيبة في العراق وملف حقوق الانسان نموذج يؤكد على ذلك .
وفي هذا الصدد نقول ، على القوى والاحزاب والشخصيات والرموز السياسية والدينية سواء من المشاركين والمؤيدين للعملية السياسية أو المعارضين لها ،عليهم ان يتقبلوا حقيقة أن شباب هذا الجيل الذين خرجوا للتظاهر في عموم مدن العراق من الشمال الى الجنوب هم لا ينتمون لا فكراً و لا مشروعاً إلى حقب سياسية حكمت العراق في السابق ولا ينتمون الى الوضع الحالي الإستثنائي المضطرب والغير مستقر ، وجاء خروجهم الى شوارع العراق انطلاقاً من شعورهم بتحمل المسؤولية وضرورة التغيير . فهذه التظاهرات لم تخرج لإحياء أصوات الذين دمروا العراق ، كما ذكر رئيس الوزراء نوري المالكي وانما هي ردة فعل طبيعية لما يعانيه الشعب العراقي ، وهذا الواقع لا يستطيع ان ينكره أحد ، لهذا لا يحق لأي كان أن يحمل شباب هذا الجيل مسؤولية أحداث ومواقف حقب سياسية سابقة لم يواكبها من الأساس ، وكذلك لا يحق لأحد ان يجبر العراقيون على البقاء في حاضرهم المأساوي ، ومما لاشك فيه بأن حركة التغيير بدأت منذ جمعة 25 شباط يوم الغضب وستستمر ولن تتوقف أو تعود لنقطة انطلاقها فالاصرار الشعبي وتحديدا الشبابي في العراق على التغيير كبير جدا وطالما استمر الوضع في العراق على ما هو عليه وتستمر الحكومة العراقية بإجراءاتها القمعية اتجاه المتظاهرين فأن سقوف المطالب الشعبية سترتفع حتى تصل لمرحلة أللاعودة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق