أن تكون صحافيا ،اليوم ، في المغرب ؟ا/ علي مسعاد



إن كان لحركة 20 فبراير الشبابية ، من حسنات على مستوى التغييرات التي شهدتها الكثير من القطاعات الحيوية ببلادنا ، سياسية كانت أم اقتصادية ، اجتماعية كانت أم ثقافية ، حقوقية كانت أم إعلامية ، والتي شكلت ، بالأساس ، أهم مطالب الحركة ، فإنها على الأقل ، قد نفضت الغبار ، برأي العديدين ، عن الكثير من الملفات الحساسة التي عانت الكثير من الانتظار ، بين الرفوف :ك" قانون الصحافة "، الذي ظل يراوح مكانه لغير قليل من الوقت .
قانون جديد ، من شأنه أن يضع حدا للفوضى والعبث ، التي يعرفها القطاع وتفاقمت بشكل كبير ، والتي أساءت إلى المنتسبين إلى المهنة ، مما جعل مطلب التعديل والتغيير ، أكثر إلحاحا من ذي قبل و كذا ليضع خارطة طريق ، لجيل جديد من الإعلاميين والصحفيين الشباب ، الذين عايشوا فترة تحرير القطاع الإعلامي ، حيث تعددت القنوات كما المحطات الإذاعية وعايشوا فترة " سحب " البساط عن الصحافة التقليدية لحساب الإعلام البديل ، الذي شكل مصدر المعلومات الرئيسية ، في زمن " الرحيل " وفي ظل المتغيرات والتحولات التي يشهدها العالم برمته والعربي على وجه الخصوص .
إعلام بديل استمد قوته ، ليس من من التفاعلية والراهنية والسرعة والتحيين فحسب ، بل لأن هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة ، أصبحت أقرب إلى توجهات الشباب و تطلعاتهم الفكرية ، منه إلى إعلام تقليدي يخفي أكثر مما يقول .
و لعل المتصفح لمواقع الصحف الالكترونية ، التي أصبحت تشكل إلى جانب المواقع الاجتماعية ك" التويتر " و" الفايس بوك " و " الماي سبايس " إلى جانب " التلفزة الرقمية " و موقع " اليوتوب " ، المنتديات والمدونات الوسائل الأكثر استعمالا لدى فئة الصحافيين الشباب ، الذين وجدوا ، في الشبكة العنكبوتية ، الوسيلة الأكثر نجاعة ، على الإطلاق ، بالنظر إلى سرعة الانتشار التي تحققها هذه الوسائل في نشر "المعلومة " وترويجها ، على نطاق واسع و في ظرف قياسي وجيز .
و لأننا أصبحنا ، نعيش زمن التحولات السريعة ، كان حريا على الجهات المعنية بكل قطاع ، تعديل قوانينها ، حتى تتماشى والمتغيرات التي تعرفها البلاد ، لكنها ظلت ، للأسف ، ظلت بطيئة وغير متفاعلة مع الأحداث والتحولات وإلا كيف نفسر هذا التأخير في الاعتراف قانونيا بالإعلام البديل ، لدى وزارة الاتصال و انتظار كل هذه السنوات الطوال ، من أجل إخراج قانون جديد للصحافة ؟ا
فعلى الرغم من الإعلام البديل أصبح مصدر قوة ،كما أسلفنا ، في زمن " الويفي " ، إلا أن الاعتراف به ، ما كان سيكون لولا حركة 20 فيراير ، التي خلخلت المشهد العام ، ودفعت بالكثير من التعديلات والتحولات التي تعرفها العديد من القطاعات و القطاع الإعلامي واحد منها ، بحيث أن هذا القانون الجديد ، الذي عرف طريقه إلى قبة البرلمان وإن جاء متأخرا لغير قليل من الوقت ، يراهن من خلاله العديد من المهنيين في هذا القطاع الحساس ، أن يسدل الستار أمام " الصحافيين الأشباح " و الدخلاء والطفيليين و
الذين لا علاقة لهم بالإعلام ولا بالصحافة ، لا من قريب ولا من بعيد و يشهرون أمامك العديد من البطاقات الصحافية ، لمؤسسات إعلامية فاشلة ، وجدت في المتاجرة باسم المهنة ، الوسيلة الأسرع للاغتناء على حساب هذه المهنة النبيلة .
لأن من شأن هذا التعديل ، أن يحدد من هو " الصحافي " المهني ومن يكتب وله حضور إعلامي بارز على مستوى الساحة الإعلامية ، إن كتابة أو تفعيلا للأوراش و اللقاءات والندوات التواصلية وبين صنف آخر من الصحافيين أو " النجارة " الوصف الأكثر دقة ،بحيث لا تجدهم لا في الصحف ولا في المجلات و لا في المواقع الإلكترونية و لا في القنوات التلفزية أو الإذاعية ومع ذلك تلتقي بهم حيثما رحلت و ارتحلت ، وحيثما يوجد " عمر " يوجد هؤلاء ويغيبون بغيابه .
كما ينتظر من هذا القانون الجديد ، الحد من تناسل الجمعيات والأندية والنقابات ، التي أصبحت أكثر من الهم على القلب و التي يدعي مؤسسوها ، أنها جاءت للدفاع عن حقوق نساء ورجالات الصحافة ببلادنا ، و لهيكلة القطاع الإعلامي وتنظيمه وهي في حقيقية الأمر ، ما أسست إلا للمتاجرة في البطاقات الصحافية وخلق المزيد من الأشباح في صفوفهم ، وما الانشقاقات التي تعرفها الاتحادات والعصب والرابطات ، إلا غيض من فيض و إنعكاس لما يحدث في الكواليس من غياب الشفافية والديمقراطية والإنفراد بإتخاد القرارات مما يعجل بموت الكثير منها ، فور الحصول على ترخيص .
الترخيص الذي أصبح يستعمله البعض من أجل الابتزاز و النصب والاحتيال و لتصفية الحسابات و لتراكم الثروات .

فكما طالب شباب حركة 20 فبراير ، بالكشف عن المتلاعبين بالمال العام وبالمبذرين له ، كان حريا بهم أن يطالبوا بمحاسبة كل من اتخذ الصحافة وسيلة للارتزاق و الكذب على الذقون وهو بالكاد يعيش على سرقات أفكار الآخرين ومقالاتهم بالنقطة والفاصلة ، لدرجة لا يمكن تحرير مقالاتهم وكتاباتهم ، إن كانت لهم أصلا كتابات ، لولا محرك البحث " غوغل " والذي كشف الكثير من سرقاتهم التي اقترفوها بلا حياء أو خجل .
ليس لكثرة انشغالاتهم أو لضيق الوقت لديهم ، كما قد يدعون ، بل لأنهم بكل بساطة " أميون " ، لا يقرؤون ولا يكتبون بل توقع التحقيقات و الافتتاحيات و الأعمدة بأسمائهم ، مع صدور كل عدد تنتهي نسخه إلى سلة المهملات .
سلة المهملات التي تنتظر ، كل منبر إعلامي ، لا يتحدث لغة الشارع و لا يلتفت إلى قضاياه ومشاغله اليومية والمصيرية و الانفتاح على كل فآته .
الحل هو التغيير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق