على قدر أهل العزم ... ‼/ عبد الشافي صيام ( العسقلاني )

في مقال لافت أطلق الأخ الصديق سري القدوة رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية صرخة عميقة لكل المعنيين الصادقين بالشأن الحركي لحركة فتح بشكل خاص ولأبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام ونحن على أبواب استحقاق هام ومصيري في شهر سبتمبر القادم ، إذ تشير تصريحات المسئولين الفلسطينيين بأنهم سيتوجهون إلى مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة لطلب الاعتراف بدولة فلسطين كعضو في الأسرة الدولية وحسب القرارات الدولية بهذا الشأن .
قد يكون هذا الاستحقاق ـ إن تحقق ـ أهم إنجاز يتوصل إليه الفلسطينيون باعتبار أن عملية السلام لم تحقق أي تقدم منذ انطلاقتها في يناير 1991 وحتى الساعة لأسباب عِدّةٍ يأتي في طليعتها أن العدو الصهيوني ( إسرائيل ) غير جاد ولا يسعى إلى التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة كما جاء في تصريحات العديد من الرؤساء الأمريكيين والتي ربطها بعضهم بتواريخ محدّدة .
في المشهد الصهيوني ، هناك ستائر يتم إسدالها في اللحظة التي يُحدّدها مجلس إدارة الصراع مع الفلسطينيين والعرب ، بغطاء اليمين المتطرف مرة والذهاب إلى انتخابات مبكرة مرة ثانية ، واللجوء إلى اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية وجماعات الضغط من أصدقاء إسرائيل مرة ثالثة .
الأحاديث السياسية تقول بأن إسرائيل تعيش عزلة دولية ، وأن هناك تراجعا في المواقف الدولية المؤيدة لإسرائيل لصالح الفلسطينيين بسبب مواقف الاعتدال السياسية التي ينتهجها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتمسكه بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ، وبمواقف الإجماع العربي والدولي تجاه عملية السلام في إطار الشرعية الدولية التي لم تنفض "ريشها" كما فعل الراعي الأمريكي أثناء زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن الأسبوع الماضي . فأين هي هذه العزلة الدولية للكيان الصهيوني ؟ وأين هو هذا التقدم لصالح الفلسطينيين إذا كانت كل مخططات العدو الصهيوني تسير حسب برامجها من تهويد واستكمال للاستيلاء على مدينة القدس ، وزيادة في معل الاستيطان وبناء وتوسعة المستوطنات ؟
في المشهد الفلسطيني ، هناك الحاجة أكثر من ملحة وأكثر من ضرورية بل إنها تومض باللون الأحمر ، لأن تبادر جميع الأطراف الفلسطينية المعنية بقيادة الصراع مع العدو الصهيوني وفي طليعتها حركة فتح لبلورة موقف فلسطيني موحد لمواجهة الخطر الذي أصبح " داهمــا " ، ولا بد لصمام الأمان في النضال الفلسطيني وهو حركة فتح أن تأخذ دورها الريادي والقيادي الصحيح ودون انتقاص من دور أي طرف فلسطيني فاعل في العملية النضالية .
في المشهد العربي ، حالة التغيير والثورات والاحتجاجات التي تشهدها أكثر من ساحة عربية تضع العالم العربي في حالة انشغال وربما شلل لدور الدولة في إدارة الشأن الداخلي فكيف بالشأن الخارجي ، وحتى الدول التي لم تشهد حراكا شعبيا ، فهي تعيش هاجس هذا الحراك وتنكفئ على إجراءات داخلية علها تنجو بجلدها ـ كما يقال ـ .
صحيح أن عملية التغيير ستخلق واقعا عربيا يسير في خط بياني إيجابي يفتح آفاقاً أكثر رحابة وتقدما على مسار التحول الديمقراطي ، وإمساك الشعوب بهامش أوسع من الحرية ، ومشاركة أكبر في الرقابة الشعبية على إدارة الحكم وتكريس دور مؤسسات المجتمع المدني ، والتعددية الحزبية كضامن لعدم انحراف النظام ونزوعه للحكم الفردي والتسلط ومصادرة الحريات .
كل هذا مرهون بنجاح الثورات وتحقيق أهدافها وتنفيذ برامجها التي لا زالت تصطدم بتركات وراسب ثقيلة من الأنظمة المُطاحة ، وهو ما يدعوها أن تبقى في خندق اليقظة والمواجهة وعدم الانخداع بما يروجه ثعالب الثورة المضادة .
وبالعودة للمشهد الفلسطيني ، فإننا كفلسطينيين يجب أن نبقى خارج المعادلة الدائرة بمفهومها الشامل ، لأن أي مساس بخصوصية الوضع الفلسطيني وتعرية أسلاك السلامة الحامية له قد تودي إلى مخاطر نحن أضعف من تحملها أو الخروج منها سالمين ، وهذا ما يسعى عدونا لإيصالنا إليه والوقوع فيه .
من هنا تأتي أهمية التساؤلات التي طرحها الأخ سري القدوة لتقرع جرس إنذار بالغ الأهمية وفي ظرف حساس ودقيق نمر به ، ولتقول لمن يعنيهم الأمر بأن الزمن فقد عمره ، وأن الأيام في عمر الثواني ، والنار قد أطلقت شرارتها .
لن ندخل في جدلية الإجابة على التساؤلات فهي تحمل دلالاتها وتشي بمن تعنيهم علامة السؤال التي قد لا تكون معقوفة كالعادة .
نعم فتح بحاجة إلى صحوة وإلى تصحيح ، وأبناء فتح بحاجة إلى ما يعيدهم إلى غــلابه يا فتح .. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق