في ظلال الثامن من آذار المرأة صنعت الثورة .. ولكن!!/ نهاد الطويل

نود في البداية أن نتقدم بالتهاني والتبريكات من المرأة الفلسطينية بشكل خاص والمرأة العربية بشكل عام وذلك بمناسبة الثامن من آذار حيث يصادف اليوم العالمي للمرأة،كما نود ان نرسل برسالة شكر إلى مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث كوثر ومقره تونس باعتباره احد الداعمين والراعين الأساسيين لمسيرة المرأة العربية والداعم الأساسي للأطر المؤسساتية والصحفيين وذلك من خلال تدريبهم وتكريمهم وذلك لزيادة الجهود المساندة في دعم قضايا المرأة العربية على امتداد 22 دولة عربية.

كما يسعدنا إن نستثمر هذه المناسبة لتجديد المناصرة والمساندة الإعلامية لقضايا المرأة الفلسطينية والوقوف إلى جانب المؤسسات النسوية من خلال تقديم كل ما من شأنه تمكينها تدريبا ورأيا وتغطية لقضاياها اليومية وذلك لنغير في حياتها.

والثامن من آذار يأتي هذا العام في ظروف استثنائية تعيشها البلدان العربية وذلك في ظلال ما شهدته من ربيع عربي ثوري،وما تشهده من انتقال وتحول ديمقراطي في مصر وتونس وليبيا واليمن ولم تنته بعد في سوريا.

وفي ظلال التحول الديمقراطي في تلك البلدان تعيش المرأة العربية اليوم هي الأخرى فصولا من الفرح بعد إن كانت مكونا أساسيا للثورة ومتدخلا ناشطا فيها،لكنها في المقابل تعيش فصولا مسكونة بهواجس الخوف والقلق على مستقبل حقوقها وما حققته طيلة السنوات الماضية،في ظل إقصاء واضح،ناهيك عن خشيتها من مواجهة خطابات التجديد الديني السياسي الذي أفرزته المرحلة عبر صندوق الإنتخابات.
حقوق النساء أضحت رهينة للعبة التوازنات السياسية وتحديدا بعد فوز حركات الإسلام السياسي وهو ما يشكل عنصر قلق و حذر لدى الحركات النسوية أساسا والتقدميين والطامحين إلى إقامة أسس مواطنة حقيقية و فعلية كما في الحالة التونسية الجديدة وذلك لتلغي كل أشكال التمييز على أية أسس كانت.

إن الإصرار على تهميش المرأة من مسارات التحول الديمقراطية الحقيقية لا يمكن قبوله أو تبريره، فالديمقراطية ليست فتح مركز اقتراع وتصويت لتغيير السلطة وهو المفهوم السطحي لها بقدر ما هي ممارسة حياتية سياسية واقتصادية وثقافية ومجتمعية بما تتضمنه من مساواة وعدم تمييز وعدالة لا تقبل التجزئة أو الإقصاء.

وإلى مصر التي ما زالت تتنفس" ثورة" وتعيش فصولا تاريخية في التحول الديمقراطي لا بد إن تقوم مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية بدعم ومساندة المرأة من خلال زيادة مشاركتها وظهورها في المشهد السياسي،مع العمل على خلق حركات نسوية ناشطة تعي قضايا البلد،ليعملن أيضا على تشكيل وعي نسائي،لا سيما في المناطق المهمشة.

في يوم الثامن من اذر لا بد إن تتوحد الحركات النسوية في بوتقة واحدة، في ظل التحولات الديمقراطية ،مع ربط قضية المرأة بقضايا المجتمع،والحرص على إعطاء خصوصية لقضية المرأة التي ترتبط دوما بكافة المعيقات التي تعترضها وتحرمها من حقوقها الأساسية،وإشراكها فعليا في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

والعديد من الهيئات التسوية في بلدان الربيع العربي تشعر اليوم بالإحباط الكبير من جهة والخوف والقلق من جهة أخرى بعد اللامبالاة التي أبدتها الأحزاب السياسية والتيارات المختلفة في موضوع المشاركة السياسية للمرأة ،فقد "سرقت" تلك الأحزاب الفرحة من المرأة وحرمتها من فرصة ذهبية للوصول إلى المجالس النيابية؛ فالعديد من النساء لم ‏ يترأسن اللوائح الانتخابية المصرية، وهو ما لا ينسجم مع حجم مشاركة المرأة في التحول الديمقراطي من ألفه إلى هذه اللحظة.

‏ فالتمكين السياسي للمرأة العربية؛ لا يمكن أن يتم إلا من خلال إصلاح مجتمعي ‏شامل؛ يضمن إعادة الاهتمام والثقة للمرأة ؛وإذا ما تم عكس ذلك فإن البلدان المتحولة إلى الديمقراطية ستكون على موعد مع ربيع آخر وهو ربيع المرأة العربية الثائرة من أجل حقوقها ومساواتها.

فكيف يمكن لثورات شعبية بعثت لتنهي الاستبداد والتهميش ونادت من أجل تحقيق الحرية والمساواة، أن تقصي المرأة وتحرمها من فرصة تحقيق تطلعاتها المشروعة في إطار عملية التغيير التي ناضلت لأجلها النساء والرجال على حد سواء ؟

فإذا ما تم ذلك لا قدر الله فإن وصفا واحد ينطبق على هذه النتيجة المأساوية للآمال النسوية العربية وهو أننا " رمينا الطفل مع الماء الذي استحم فيه "وحينها سيذهب الصالح مع الطالح

والنتيجة ... مزيد من الإقصاء ينذر بمواطنة منقوصة..!!

فكل عام والمرأة العربية والفلسطينية بخير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق