** واحد وعشرون شهرا منذ تنحى الرئيس "مبارك" عن الحكم .. وأنا أحاول أن أقنع نفسى بأن ما جرى يمكن أن يكون "ثورة" .. ولكن لم أستطع .. وإكتشفت أننى على صواب وأن هذا الشعب هو المغيب .. هو الجاهل ولست أنا .. هو السكران ولست أنا .. لم يعد يعلم الفرق بين "الخيار والكوسة" .. ولا الفرق بين "سيد شفطورة وسيد درويش" .. ولا بين "عبد المتقال وعبدة الحامولى" .. ولا بين "عبد الوارث وعبد الحليم حافظ" .. لم يعد يميز بين ثورة للقضاء على الفساد .. تقود إلى الأفضل ، وبين إرهاب وفساد يقود للخراب والفشل والسقوط والهدم ..
** شعب شارك جميعه فى إسقاط هذه الدولة .. مما سهل للدور الأمريكى أن يفرض هيمنته على القرار المصرى .. وإسقاط هذا الوطن ..** شعب شارك فى الرقص والصراخ حول جثة الوطن .. وهم يتلولون مثل الأفعى ، ويصرخون مثل الذئاب الجائعة حول الفريسة .. وتناسوا إنها الوطن والأم والزوجة والأبناء .. ولم يعدوا يهتفون إلا بسقوط الوطن .. هؤلاء هم من أطلق عليهم المجلس العسكرى بعد أن تسلم زمام الحكم فى البلاد ، لقب "ثوار" .. بدلا من "بلطجية" ...
** واحد وعشرون شهرا .. وأحاول إقناع نفسى بأن هناك "ثورة" .. وأن هناك تغيير .. وأن هناك إنتقال للأفضل .. ولكن للأسف لم أستطع .. فما أراه أننا ننتقل إلى الأسوأ .. وكلما تقابلت مع أحد إلا وأجد على لسانه كلمة واحدة "مصر إنتهت" .. ورغم ذلك مازال أصحاب الأصوات العالية فى الصحافة والإعلام وفوق المنابر .. يصرخون ويكذبون أنهم فى ثورة مجيدة .. ومنحوا ميدان التحرير وسام الشرف وصنعوا لهذه الثورة مقاما فى قلب الميدان أكبر من مقام الزعيم "جمال عبد الناصر" .. وأقوى من قبر الراحل "محمد أنور السادات" .. وأشهر من قبر "الجندى المجهول" ..
** حتى الذين دمرت حياتهم ونهبت أموالهم وحرقت مؤسساتهم وتشردوا فى الشوارع بلا عمل .. قالوا "أمين" .. وضللوا وسلموا بأنها "ثورة مجيدة" .. وأن الرئيس "مرسى" منتخب بإرادة شعبية .. وقالوا أن ما يحدث هو ضريبة النجاح من الكارهين والحاقدين وأعداء الثورة وفلول النظام السابق ، والحزب الوطنى المنحل ، وأبناء مبارك ..
** واحد وعشرون شهرا .. ولم أرى من هذه الثورة المشئومة إلا تحول مصر إلى فوضى عارمة وخرابة هائلة .. يحوم حولها الطيور الجارحة وخفافيش الظلام .. وينعق فيها أصوات البوم الكريهة ..
** واحد وعشرون شهرا .. ونحن ننتقل من سيئ إلى أسوأ .. لم نرى أى خيط يحمل الأمل فى الغد .. لم نشاهد وزير يفتتح مصنع ، أو رئيس حى يراقب الشارع ، أو عمال يرصفون الطرق ، أو ينظفونها .. أو أرض زراعية تروى ، أو عودة للأمن والأمان الذى إفتقدناه فى الشارع المصرى .. أو إنتظام لحركة المرور .. وكلا يحترم الأخر .. وإنتشار ضباط المرور لفحص التراخيص والمخالفات .. أو إلتزام العمال فى مصانعهم ، أو إحترام للقضاة وأحكامهم .. وإحترام لهيبة المحاكم وقدسيتها ..
** لم نرى أو نشعر بأى شئ من كل ذلك .. بل أصبحنا مهددون فى حياتنا وأرزاقنا وأبنائنا وأعراضنا وممتلكاتنا وأحلامنا ..
** لم نعد نعرف من هو الذى يحكم مصر ؟ .. هل الرئيس ؟ .. هل الإخوان ؟ .. هل السلفيين ؟ .. هل المرشد العام للإخوان ؟ .. هل أمريكا وجنرالات إسرائيل ؟ .. هل حماس وتنظيم القاعدة ؟ ..
** لم نعد نعرف من ضد من ؟ .. ومن يقتل من ؟ .. فالوطن إخترق ، والحدود إخترقت .. وبدأنا نسمع عن خلايا إرهابية فى أرض سيناء وصلت إلى قلب القاهرة .. تقتل وتهدد وتحرق ..
** أغلقت ملفات لم نعد نسمع عنها .. من الذين حرضوا الصبية وأولاد الشوارع على حرق المجمع العلمى ؟ .. ولماذا لم تتدخل أى قوة أو جهة أمنية للقبض على هؤلاء الصبية .. ونحن نراهم أمام أعيننا يتراقصون وهم يشعلون النار فى المبنى .. وفى التراث المصرى .. وإكتفى الإعلام بنقل المسرحية على الهواء مباشرة .. ونحن نشاهد تاريخ مصر يحترق ..
** لم نعد نعرف بعد إختفاء ملف الذين حرضوا الصبية على إقتحام مبنى وزارة الداخلية .. وشاهدنا أولاد الشوارع وهم يتبولون على المبنى ويتسلقون الأبواب ، ويسقطون شعار الدولة وهيبتها .. وتكرر المشهد بنقل الأحداث على الهواء مباشرة .. ولم نجد أى إجابة لتساؤلاتنا .. هل ما نراه حلم أم كابوس أم حقيقة ... وما علاقة الإخوان بكل ما يحدث فى شارع مجلس الوزراء ، ومحمد محمود .. وحوادث قطع الطرق ، وقطع السكك الحديدية ، والنموذج الذى حدث فى أسوان عندما رفض الإخوان والسلفيين دخول محافظ قبطى للمحافظة ؟!!! .. ولماذا صرح وزير الداخلية السابق ، اللواء "محمد إبراهيم" إنه يستطيع تطهير ميدان التحرير فى خلال نصف ساعة .. لو سمح له مجلس الشعب السابق "البرلمان المنحل" والمكون من الإخوان والسلفيين بذلك ..
** لم نعد نعرف من هم الإرهابيين الذين إقتحموا ستاد "بورسعيد" .. وقتلوا فى زمن قياسى 77 من شباب الألتراس الأهلاوى .. رغم فوز النادى المصرى .. ولكن كان هناك هدف أخر تم تنفيذه وهو خلق حالة من الفوضى لهدف ما تعلمه الجهات الأمنية ولكنها تتجاهله !!!...
** لم نعد قادرين على حماية القضاة والأحكام والمحاكم .. وتركنا القضاة لمصيرهم تحت وطأة الإرهاب .. بينما البلطجية يحاصرون المحاكم لتهديد القضاة .. مما دعا بعض القضاة إلى الهروب من إصدار أحكام ، وتأجيلها .. أو الهروب من الأبواب الخلفية للمحاكم !!! .. فهل هذه هى الثورة التى أطاحت بمبارك ؟... هل الثورة هى السخرية من الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا والتهديد بحل هذه المحكمة؟ .. هل الثورة هى محاصرة مكتب النائب العام من قبل الجماعات المتأسلمة والسلفيين وميليشيات الإخوان لإجباره على الإستقالة بعد أن فشل سيناريو الرئيس مرسى والوزير أحمد مكى والمستشار الغريانى فى إثناءه عن الإستمرار فى منصبه ؟ ...
** لم نعد قادرين على فرض إرادة الشعب فى إنتخابات حرة نزيهة .. لإختيار رئيس الجمهورية .. بل فرض علينا المجلس العسكرى وبالتحديد المشير "طنطاوى" ، والفريق "سامى عنان" رئيسا .. نتيجة لصفقة مشبوهة بين المجلس العسكرى والإخوان .. ولم يعد ذلك سرا .. وهذا ليس كلامى بل هو كلام كل السياسيين وأخرهم التصريح الذى قاله الدكتور "سعد الدين إبراهيم" ، رئيس مركز إبن خلدون ..
** والمثير للضحك .. إنهم يقولون أننا هنا بإرادة شعبية سواء كان البرلمان المنحل أو الرئيس المنتخب أو الجمعية التأسيسية لعمل دستور مصر بالإكراه .. يقولون "نحن نتحدث بإسم 30 مليون مواطن" .. فهل هذا الشعب يظل مغيبا .. أم هم يتحدثون عن الشعب الماليزى ؟!! ..
** وتستمر المهازل اليومية .. فاللجنة التأسيسية لعمل الدستور باطلة .. ورغم ذلك مستمرة فى عملها لعمل دستور إخوانى .. سلفى .. أمريكانى بالإكراه .. يفرض على هذا الشعب المتعوس الذى لا حول له ولا قوة .. بل ونجد تصريحات بأنه حتى لو وصل القضاة لحل هذه اللجنة التأسيسية .. فنحن مستمرون فى عملنا .. لأنه ببساطة لم تعد هناك إرادة شعبية .. ولم يعد هناك أصلا شعب ولا دولة ولا قانون ولا أى شئ .. وأسلوب هؤلاء البلطجية لتكميم الأفواه هو كلمة الإستفتاء .. وهى الكارثة التى يعلم الجميع أنها أسهل شئ لتزوير إرادة الشعب ..
** ما يقرب من عامين .. ولم يتغير شئ من قطع طرق وتهديد المؤسسات وإرهاب أصحابها ، و"تثبيت" الناس فى الشوارع ، وإستباحة كل ما هو خاص وعام ، وإستباحة أعراض الفتيات والنساء ، والنوم على الأرصفة وقضبان السكك الحديدية والإعتداء على المستشفيات وسرقة السيارات .. والإعتداء على أقسام الشرطة .. فلم يعد هناك قانون بعد 25 يناير .. ولم تعد هناك دولة ؟ ..
** والنتيجة أننا نرى وطن ينهار أمامنا .. ونفقده يوما بعد الأخر بأيدينا .. ولم نسمع إلا على تأمين موكب الرئيس الذى وصل أضعاف أضعاف تأمين موكب الرئيس السابق "محمد حسنى مبارك" .. وسفريات الرئيس .. وفيلا الرئيس ؟!! ..
** لم نعد نعرف من هم الذين خانوا ودمروا مصر .. نعم كلهم ساهموا فى إسقاطها وحرق هذا الوطن .. وظللنا ندعى الجهل ونبحث عن المجهول الذى لن نراه .. فأين التقارير التى قدمت للنيابة العامة فى 26 فبراير 2011 .. بوجود عناصر لحزب الله وحماس وهم من قاموا بإقتحام أسوار السجون لتهريب أعضاء حركاتهم المسجونين .. ألم يكونوا هم الطرف الثالث أو اللهو الخفى .. ثم ندعى بالكذب والتضليل أن هناك طرف ثالث مجهول .. أو ما أطلق عليه البعض "اللهو الخفى" !! .. وذلك بهدف تضليل الشعب ويتساءل الجميع لصالح من ؟ .. لم يعد أحد يدرى !!! ..
** كما أغفلت النيابة العامة البلاغات التى قدمت للقبض على بعض العناصر الجهادية والتى تم ضبط تسعة أفراد منهم بسطح عمارة بالسيدة زينب .. وهى عمارة البغل .. وكان معهم أسلحة قناصة يصل مداها إلى التحرير وشارع الفلكى .. كما تم ضبط أموال معهم وجراكن بنزين ، وزجاجات مولوتوف ، وقام بعض الأفراد من اللجان الشعبية بتسليمهم للشرطة العسكرية .. أين هذا الملف .. ولمصلحة من إختفى ؟؟!! ..
** كما تم ضبط سيارة بها بعض الأجانب تقوم بتوزيع منشورات للتحريض على الفوضى .. كما تم القبض على بعض الأجانب فى الإسماعيلية وهم يصورون المجرى الملاحى للقناة دون الحصول على إذن مسبق .. أين إذن هذه الملفات ؟!! ..
** من هؤلاء الذين إقتحموا 23 مقرا لمباحث أمن الدولة .. وإستولوا على كل الملفات وأحرقوها .. وإدعوا أمام الإعلام أنهم سبقوا الشرطة فى الحصول على الملفات حتى لا يتم حرقها .. فهل هذه كانت ثورة أم فوضى ؟؟!...
** أين التقرير الذى قدم للنيابة العامة .. من جهاز مباحث أمن الدولة فى 2 مارس 2011 .. بإقتحام خمسة عناصر من كتائب "عز الدين القسام" .. جهاز مباحث أمن الدولة ، والمخابرات العامة .. للإستيلاء على ملفات السجناء السياسيين وسجناء حماس ..
** لقد رفض الجميع الإعتراف بحجم وسيناريو المؤامرة التى دبرتها .. وخططت لها أمريكا لإسقاط مصر العظيمة .. بل حتى لحظة كتابة سطور المقال .. يرفض كل أقباط المهجر إدانة سياسة الكونجرس الأمريكى .. أو الرئيس "أوباما" ، أو "كلينتون" .. بل ويصرون على التجاهل فى الرد .. ونقول ، هل هو خوف من ترحيلهم من أرض الأحلام .. وطردهم .. أم هو الولاء للقسم الذى أقسموه عندما هاجروا بأن يكون ولائهم للعلم الأمريكى .. وإذا كان هذا أو ذاك .. وهناك إصرار على التجاهل .. فنحن ننصح أقباط المهجر أن يبحثوا عن حدوته يتناولوها فى إعلامهم بعيدا عن سبوبة مشاكل أقباط مصر ، وقضاياهم .. والكف عن المتاجرة بأوجاعهم ومشاكلهم وألامهم .. وهذا رجاء ونصيحة .. ربما يكون رأيى الخاص وربما يكون رأى كل أقباط مصر .. وربما صراحتى هى التى تجعلكم تأخذون موقف عدائى وكراهية لشخصى .. وهذا لا يهمنى لأننى أدافع عن وطنى .. أراه أمامى ينهار ولست ضمن مجموعة خرجت من مصر لتحسين أوضاعها المالية .. لا يهمهم سوى البحث عن مصالحهم الخاصة .. ولا يشعرون بأوجاع وألام أقباط القرى والنجوع والمدن النائية فى صعيد مصر .....
** إنهم يقدمون معسول الكلام .. ولا يفعلون شيئا .. يصرون على التمجيد فى أمريكا وهذا شأنهم ولا نتدخل فيه .. ولكن لماذا تتلاعبون بسبوبة أقباط مصر .. كفاكم .. كفاكم ، ولسنا بمن يتهم الأخرين بالخيانة .. ولكن نقول كفاكم تضليل .. فالمحرض هو من تعيشون على أرضه ولا تستطيعون الكلام .. ولذلك فالصمت أفضل لكم من الخداع والكذب والتضليل ..
** هذه هى صورة واقعية للأوضاع فى مصر التى مازالت تائهة .. تبحث عمن ينقذها من جحيم الإخوان وإرهاب السلفيين ، وفتاوى شيوخ التكفير .. ومؤامرات أمريكا .. ولا نقول إلا "لكِ الله يامصر" .. بعد أن طعنك أبنائك العاقين .. فمازال هناك من يعرفون قدرك وعظمتك !!!!!...........
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق