يقول المثل الشهير:"المركب التى لها رئيسين تغرق" ، وهذا ما نحن فيه الآن ، كل فرد من أفراد الشعب المصرى يريد أن ينصب من نفسه رئيسا ويدعى أن الحق معه وأنه وحده الذى يملك الحقيقة المطلقة والرأى الصائب الصحيح فأصبح لدينا 80 مليون رئيسًا يحكمون مصر.
"يسقط الرئيس القادم ، لا نحتاج لرئيس" سمعتها يوما من أفواه بعض الناس يعلنونها صريحة مدوية،.. أفزعتنى الكلمة وخشيت من عواقبها الوخيمة لكنها لم تدهشنى إذ أن بقاء المصريين أكثر من عام دون رئيس يحكمهم جعل الفوضى تعم والبلطجة والانفلات الأمنى وكل أشكال العنف والجريمة تنتشر ، واستمرأ المصريون حياة الغوغائية والهمجية ، وأصبحت المعارضة غاية وليست وسيلة على مبدأ خالف تعرف ، وقلتها صراحة فى مقال سابق أننا بحاجة لرئيس فورا ينتشلنا من حالة الفوضى هذه وجاءت النتيجة كما توقعت.
المشكلة أنه اختلط الحابل بالنابل ولم تعد الناس تستطيع التفريق بين طاعة الحاكم الصالح وبين الثورة على الحاكم الظالم.. تعالوا أولا نشرح معنى كلمة رئيس:جاءت جماعة إلى الإمام أبى حنيفة يعترضون لأنه قال فى مذهبه أن الإمام فى الصلاة قراءته هى قراءة للمأمومين وأنه ينوب عنهم فى ذلك فقال لهم: لا أستطيع أن أناقشكم جميعا فى تلك المسألة فلتختاروا من بينكم رجلا تفوضونه للتحدث معى نيابة عنكم ، فاختاروا واحدًا ، فقال لهم: هل تقولون ما يقول؟ وتفعلون ما يفعل؟ أى هل كلامه ملزم لكم كأنكم جميعا قلتموه؟ فقالوا نعم. فقال: كذلك الإمام فى الصلاة قراءته قراءة للمأمومين فأفحمهم. ونفهم من كلام الإمام أبى حنيفة أنه طالما اختار الناس شخصًا من بينهم ليحكمهم فوجبت عليهم طاعته.
عن ابن عمر رضى الله عنه قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم:"السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" يعنى حتى لو أمرنا الحاكم بشئ نكرهه (كالإعلان الدستورى مثلا الذى لا يعجب البعض) فيجب علينا طاعته ، وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه:"بايعنا رسول الله صلي الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وعثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان" وإن من طاعة ولاة الأمور التي أمر الله بها أن يتمشى المؤمن على أنظمة حكومته المرسومة إذا لم تخالف الشريعة فمن تمشى على ذلك كان مطيعا لله ورسوله ومُثابًا على عمله ومن خالف ذلك كان عاصيًا لله ولرسوله وآثما لأن الله تعالى أمرنا بطاعة ولاة الأمور: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".(النساء:59)
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : "من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعصَ الأمير فقد عصاني" . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : "إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف" . وعند البخاري : ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة .
ولنرى فى غزوة أحد حين عصى المسلمون قائدهم وهو النبى صلى الله عليه وسلم فانهزموا من بعد نصرهم رغم أن فيهم النبى لكى يلقننا الله درسًا وهو أننا إذا لم نطع قائدنا سننهزم.
إذن طاعة أولي الأمر هي من الواجبات في الدين على المؤمنين .
وقال تعالى: "وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره :
"نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع، مبينًا أنه سبب الفشل، وذهاب القوة، ونهى عن الفرقة أيضًا في مواضع أخر، كقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، ونحوها من الآيات، وقوله في هذه الآية: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي قوتكم.
وقال بعض العلماء: نصركم. كما تقول العرب الريح لفلان إذا كان غالبًا، ومنه قوله: إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل عاصفة سكون"
"نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع، مبينًا أنه سبب الفشل، وذهاب القوة، ونهى عن الفرقة أيضًا في مواضع أخر، كقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، ونحوها من الآيات، وقوله في هذه الآية: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي قوتكم.
وقال بعض العلماء: نصركم. كما تقول العرب الريح لفلان إذا كان غالبًا، ومنه قوله: إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل عاصفة سكون"
ما نحن فيه الآن من فشل ليس سببه الدكتور مرسى ولا الإعلان الدستورى ولا أى رئيس سوف يأتى بعده ولكن سببه تنازعنا وتفرقنا وتشرذمنا.
تعالوا نتصور كيف يكون حال المجتمع لو لم يسمع ويطيع ، سوف يتحول إلى سوق وإلى غابة ليس لها حاكم.
هل أمرنا الرئيس مرسى بمعصية؟ أليس هو من اخترناه بإرادتنا الحرة وجاء إلى سدة الحكم بانتخابات حرة نزيهة؟ إذن فالثورة ضده قبل أن يكمل مدته هى الحماقة بعينها ، لا بد من إتاحة الفرصة كاملة أربع سنين ثم نحاسبه بعدها ونرى هل أخطا أم أصاب؟ فلا يعقل أن نعارض كل قرارته ونهاجمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق