دي مش دبانه .. دي قلوب مليانه/ أنطوني ولسن

دي مش دبانه .. دي قلوب مليانه
الأعلامي محمود سعد

أحداث كنيسة مار جرجس بـالخصوص ، وأحداث الأعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية  ، يضاف إليهما أحداث بورسعيد والإتحادية وغيرها من أحداث تم فيها الأعتداء على شرفاء أبرياء مصريين إن دلت على شيء إنما تدل على أن الحاكم بدأ الكرسي الجالس فوقه يهتز . وبدون شك إهتزاز الكرسي أثر على توازنه العقلي فجعله يظن أنه قادر بالفعل أن يحكم ويتحكم في الشعب المصري . ومن المؤكد أنه أخطأ في ظنه وظهر على حقيقته أنه ما هو إلا منفذ لأوامر الساكنين بالمقطم . فهم وحدهم أصحاب القرار والرؤيا وما هو صالح " للجماعة " وما هو غير صالح . ويبدو أن كل ما يحدث على أرض الواقع في مصر ما هو إلا من تدبير هؤلاء ويتماشى مع مخططهم الرامي إلى ضرب المصريين بعضهم ببعض بإستخدام النعرات الدينية السلاح الفتاك للشعوب الفقيرة والتي لا حول ولا قوة لها . ويجب أن لا ننسى ماما أميركا وبابا أوباما والإبنة المدللة إسرائيل وتحريكهم لأخوان الربيع العربي للوجهة التي يريدونها للعرب .
عندما تمتليء القلوب بالكُره . لا تجد مكانا للحب والتفاهم والتواصل وحل مشاكلهم بطرق سلمية أو قانونية .
لذا وجدت في عنوان المقال [ دي مش دبانه .. دي قلوب مليانه ] الذي إستمعته من الأعلامي الأستاذ محمود سعد خير تشبيه واقعي لما هو حال مصر .
[ دي مش دبانه ] يمكن طردها بعيدا أو التخلص منها . [ دي قلوب مليانه ] حقيقة غذاها أعداء مصر سواء في الخارج أو الداخل وبدون شك له جذور ضاربة في العمق في المجتمع المصري . هذه القلوب " المليانه " كُره تكون نائمة فترة يكون فيها القانون مفعل وعامل . وتستيقظ عندما يغيب تفعيل القانون وتتحول مصر إلى غابة يقضي فيها القوي على الضعيف وتزهق أرواح ويسيل الدم أنهارا ساخنة متعطشة لمزيد من الدم .
المصريون هم كل من ولد من أبوين مصريين على الأرض المصرية  ذكرا كان أو أنثى .
ينتمي هذا المولود " ذكرا أو أنثى " دينيا لما تنتمي إليه الأسرة . فيكون هؤلاء مسلمين وهؤلاء مسيحيين " أقباط " . وتبدأ المعاناة ومعها الأنشقاقات والتحديات وبدون شك الأعتداءات . وتجد مصر نفسها في حيرة من أمرها تجاه أبناءها الأشقاء المسلمين والمسيحيين .ولكن في حالة الحاكم المغرض الذي يجد في الدين ملجأ له لتنفيذ أهدافه يستطيع وبسهولة اللعب على وتر الدين فيتم له ما يريد على حساب مصر أولا وأخيرا . ويتم تأخر مصر وتصنف على أنها دولة عنصرية غير آمنة .
ما حدث هذه الأيام منذ تولي الأخوان إدارة شؤون مصر وتبدل الحال وبدأ المصريون ينقسمون إلى جماعة وأهل الحاكم وعشيرته . وجماعة لا تنتمي لا للحاكم ولا لعشيرته . الجماعة الأولى ينضم تحت لواءها الأخوان المسلمين وجميع فئات  الأسلام السياسي .    
أما الجماعة الثانية فهي تتكون من أفراد الشعب المسلمين الرافضين لحكم الأخوان وبدون شك المسيحيين الأقباط لديهم تخوفات من الجماعات الأسلامية الحاكمة .
وهنا يظهر المعنى الحقيقي " للقلوب المليانة " .
جماعة الأخوان وأهل الحاكم وعشيرته قلوبهم " مليانه " بالكُره والحقد وتريد السيطرة وتطبيق الشريعة والتحكم في المصريين عامة وفي المسيحيين الأقباط خاصة . فيبدأ الأحتكاك وتبدأ المعاناة للشعب المصري في لحظة مصر تمر بأحرج فترة إقتصادية لم تمر بها في أي وقت مضى . ويختفي القانون وتبدأ الوحوش الضارية في الفتك وإثارة الفتن بين المصريين وتكون يدهم شديدة على المسيحيين الأقباط  .
مع كل ما يحدث للجانب الأخر من المسلمين والمسيحيين ، نجدهم متماسكين ويمثلون مصر المحبة . المسلمون المصريون الحريصون على مصر لن يهدأ لهم بال ولن يستريحوا حتى يزيحوا هذه الغمة عن كاهلهم مهما كلفهم ذلك من أرواح وتضحيات .
المسيحيون حقيقة أنهم تحملوا كثيرا وصبروا طويلا . لكن الصحوة القبطية بدأت تتفاعل مع المسيحيين الأحرار وتعمل بدون خوف أو إنتظار أوامر من أحد . لقد خرجوا بعيدا عن أسوار الكنيسة يهتفون " مش ح نخاف .. مش ح نطاطي .. خلاص بطلنا الصوت الواطي " . وهذا مؤشر واضح ليس فقط في الشارع المصري ، بل أيضا في الأماكن الحكومية إن كان في مجلس شعب أو شورى أو أي جهة حكومية أصبح صوتهم عاليا جريئا بدون خوف مما جعل حكام اليوم يزيدون من تضيق حلقاتهم حول المسيحيين الأحرار ومن يقف معهم من المسلمين الأحرار .
ما حدث في كنيسة مار جرجس بالخصوص لا يمكن تفسيره إلا بسوء النية المبيته . رسم للصليب المعكوف الذي لا يرمز للمسيحية من قريب أو بعيد بل هو رمز النازية  فكان لا يجب إثارة كل هذه الأحداث يروح ضحيتها 5 من المسيحيين ومسلم .
ما هذا يا إلهي !. أي قلب بين ضلوعهم ! . ضاعت الرحمة من قلوبهم وتحولوا إلى وحوش ضارية مفترسة لا تعرف الرحمة .
بعد الصلاة على جثامين الشهداء بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية . خرج المشيعون يحملون نعوش شهداءهم فإذ بهم يفاجاؤن بسيل من الحجارة والطوب والملوتوف على المشيعين دون إحترام لهيبة الموت .
في مصر التي كانت بحق إسمها مصر المحبة إذا مر نعش ميت على قوم جلوس ، نجدهم يقفون إحتراما للمتوفي . إذا كان مسلما يرفع المسلمون أصابعهم إلى السماء مرددين الشهادتين . والمسيحيون ينحنون برؤوسهم وهم يتمتمون الله يرحمه . ونفس الشيء إذا كان المتوفى مسيحيا .
أما الأن فيقابل الشهيد المسيحي بالحجارة والشتائم مع الملوتوف وتكسير السيارات الواقفة خارج الكاتدرائية . بل أن القنابل المسيلة للدموع طارت بقدرت قادر " الرياح كما يدعون " داخل الكاتدرائية . وسمع صوت طلقات نارية . والشيء المحير لا حس ولا خبر للأمن .
والغريب في مصر الأن أننا نفاجأ بالدكتور عصام الحداد مستشار الرئيس مرسي للشؤون الخارجية يرسل باللغة الأنجليزية للأعلام الغربي يدين فيه أقباط مصر المسيحيين ويتهمهم بأحداث الخصوص والكاتدرائية . واللي إختشوا ماتوا . لأنه يبدو أن سيادته على الرغم من أنه يحمل إجازة الدكتوراه ويرتدي الملابس الإفرنجية ويركب سيارة صنعها الكفار له ، ومع ذلك عقليته ما زالت ترتدي العباءة البدوية التي تجعله يدين الأقباط باطلا يراد منه حقيقة . وكله عند العرب صابون ورغي ع الفاضية والمليانه . ونجد أيضا من يصرح بأن رفع الصليب يستفزه . فتعجبت لأنه لا يستفزه رفع أعلام دولة غير دولته ، ورفع رايات القاعدة أيضا في مصر لا يستفزه .
ومن الأحداث المؤلمة في حادثة الخصوص مقتل الشاب هلال صابر هلال المسيحي بطعنه ثم سكبوا البنزين عليه وأشعلو النار دون ما رحمة أو شفقة . مما أدي إلى وفاته مطعونا ومحترقا . فهل هناك وحشية أكثر من ذلك ؟ لا أظن حتى الوحوش ليست عندها هذه الوحشية والبربرية . والغريب أنهم يكبرون ويذكرون إسم الله !!.
لكن مايثلج صدر كل مخلص لمصر مسلم كان أو مسيحي . اننا نرى فضيلة الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد  عمر مكرم الذي صدر بحقه منشورا من وزارة الأوقاف بوقفه عن العمل كإمام للمسجد لأنه تعاون مع الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة . وبهذا المنشور يريدون من وراءه الفتنة بين الكنيسة الأنجيلية والكنيسة الأرثوذكسية .  ومع ذلك نرى فضيلته يتقدم مسيرة صباح يوم الجمعة 13 / 4 / 2013 مع وفد من القيادات الإسلامية منهم فضيلة الشيخ صابر عبادة وكيل وزارة الأوقاف والدكتور جمال مهران والمهندس حمدي الفخراني ، تأيدا للكنيسة الإنجلية  بقصر الدوبارة وما قدمته أثناء ثورة 25 يناير 2011 .
وصلت المسيرة إلى أبواب الكنيسة والهتافات تزلزل المنطقة وهم يرددون " مسلم .. مسيحي .. إيد واحدة " . إستقبلتهم جموع مسيحي الكنيسة ومعهم الدكتور القس سامح موريس الذي رحب بالجميع مشيرا إلى المكان الواقفين فيه قائلا أنه كان مستشفى طواريء أثناء أحداث الثورة وكان يشاركه فضيلة الشيخ مظهر شاهين في الرعاية مع أطباء مسلمين .
وقف فضيلة الشيخ مظهر شاهين مخاطبا الجموع بكلمات بسيطة تحوي معاني جليلة طالبا من الجميع أن يزرع شجرة الأمل وشجرة الحب وشجرة الوفاء  والتسامح لأنها مروية بدماء شهداء 1973 و25 يناير 2011 ولا يمكن لأحد عمره مائة عام أن يخلع شجرة عمرها ألف عام .
لقد إنتظر الشعب المصري 30 عام  على مبارك ، وفي خلال 18 يوم أستطاع الشعب إجباره على التخلي عن الحكم .
وتولى د . مرسي سدة الحكم و في زمن إعجازي لم يتعد 9 أشهر زاد ما فعله بمصر مائة مرة ضعف ما فعله مبارك في 30 سنة .
فهل ننتظر حتى يعم على مصر الخراب التام ؟؟!!.
هذا متروك لكم يا شعب مصر الحر ...  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق