التعاون الأمني الأميركي – المصري مستمر/ نقولا ناصر

(إن خسارة الولايات المتحدة ل"البوابة" المصرية إلى الشرق الأوسط سيكون "كارثة استراتيجية" لأنها سوف "تضعف كل استراتيجيتنا وشبكتنا الدفاعية في الشرق الأوسط" – دراسة أميركية بعد الثورة)

بعد تقارير الأخبار عن استعدادات غربية بقيادة أميركية لشن عدوان عسكري وشيك على سوريا، أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أن مصر "لن تشارك في توجيه أي ضربة عسكرية" لسوريا "وتعارضها بقوة" بينما راجت أنباء إعلامية غير مؤكدة أقرب إلى الشائعات تفيد بأن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي منع مرور السفن الحربية الأميركية من المرور في قناة السويس وأعلن التزام مصر باتفاقية الدفاع المشترك بينها وبين سوريا.

وبالرغم مما تثيره مثل هذه الأنباء، المؤكد وغير المؤكد منها، من آمال مستقرة في الوجدان العربي الشعبي في أن تعود مصر فعلا إلى لعب دورها القيادي في الدفاع عن الأمة فإن "الجذور العميقة" للعلاقات الأميركية المصرية التي أرستها اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979 تبقيها مجرد أمنيات يحتاج تحقيقها إلى ثورة جذرية تغير النظام ولا تقتصر على تغيير رؤوسه ورموزه.    

بعد ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني / يناير عام 2011، وفي المدى القصير "المباشر لمدة أربع أو خمس سنوات"، سوف يستمر "التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وبين مصر بينما يخطط قادة مصر الجدد للالتزام بمعاهدة السلام" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي "بالرغم من السلام البارد" معها.

كانت هذه هي خلاصة دراسة من سبعين صفحة تغطي عام 2011 كتبتها سوزان اس. فوجلسانج، وزارة الخارجية الأميركية، بعنوان "التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وبين مصر بعد ثورة مصر في يناير 2011" التي أقرت نشرها في نهاية العام ذاته مدرسة الدراسات العسكرية المتقدمة بكلية القيادة والأركان العامة لجيش الولايات المتحدة في فورت ليفنوورث بولاية كنساس، منوهة بان الآراء والاستنتاجات والتوصيات الواردة فيها لا تمثل وجهة نظر رسمية لها أو لغيرها من وزارات ووكالات الحكومة الأميركية.

وتخلص الدراسة إلى ان "التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وبين مصر سوف يصمد" بعد الثورة لأن "القيادة العسكرية المصرية لم تتغير" ولأن "القيادة السياسية المسيطرة" من المرشحين للرئاسة والأحزاب "يؤيدون المعاهدة" مع دولة الاحتلال.

وتحاول الدراسة الإجابة على سؤال: "هل يمكن للتغييرات في القيادة الناتجة عن ثورة يناير 2011 في مصر أن تقتلع جذور ثلاثين سنة من التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وبين مصر؟"

تجيب الدراسة على سؤالها الأساسي بأن سياسات الطرفين يمكن أن تسبب تغييرا في التعاون الأمني بينهما لكن "على الهوامش" فقط، و"فقط إذا ألغت مصر اتفاقيات كامب ديفيد يمكن للثورة أن تتلف الجذور العميقة للتعاون الأمني بين البلدين"، و"فقط انتهاك معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وفقا لاتفاقيات كامب ديفيد يمكنه أن ينهي على نحو مفاجئ التعاون الأمني" المصري مع الولايات المتحدة.

ف"حجر الزاوية للعلاقة هو المعاهدة المصرية الإسرائيلية المنبثقة من اتفاقيات كامب ديفيد".

و"الجذور العميقة" ل"المصالح الاستراتيجية" التي نجمت عن التعاون الأمني هي جذور"عميقة إلى حد يستحيل قلعها ما لم يحدث تغيير درامي مثل أي رد مصري على أي هجوم إسرائيلي على غزة".

وتحذر الدراسة من أن "أي محاولات" مثل عرض المعاهدة مع دولة الاحتلال على "استفتاء عام في مصر" يمكنه أن "يعرض للخطر حرمة المعاهدة، ويهدد التعاون الأمني" مع الولايات المتحدة.

وهذا "التعاون الأمني" بين البلدين، حسب الدراسة، يضرب "جذوره في اتفاقيات كامب ديفيد ويدعم على حد سواء معاهدة السلام بين مصر وبين إسرائيل والمصالح الاستراتيجية الرئيسية الأخرى للولايات المتحدة ومصر. فالولايات المتحدة تكسب طريق وصول استراتيجية إلى منطقة الشرق الأوسط من خلال التعاون الأمني، وتحمي القوات المسلحة المصرية قوتها الاقتصادية".

كما توضح بان "الولايات المتحدة تود أن ترى مصر ناشطة في معارضة (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، ويشمل ذلك حدودا مغلقة مع غزة".

و"يبدو استمرار دعم إدارة (الرئيس باراك) أوباما لمصر" بعد الثورة "مؤشرا إلى استعداد لرؤية مصر تعدل دورها في المنطقة بإظهار قدر أكبر من الاستقلال عن الولايات المتحدة في السياسة الخارجية واصطفاف أكثر مع السياسة العربية. وربما يكون السبب أنه بينما يساعد التعاون الأمني في الحفاظ على السلام بين إسرائيل وبين مصر، فإنه سيكون لهذه الاستقلالية والاصطفاف العربي قيمة استراتيجية أوسع للقوات المسلحة الأميركية".

وتستدرك الدراسة: لكن "حتى لو كان تحول مصر نحو جيرانها العرب تحولا حقيقيا ... فإن لن يصبح تحولا راديكاليا بمائة وثمانين درجة. فهذا التحول لن يذهب ببساطة إلى حد إلغاء المعاهدة بين مصر وبين إسرائيل وتهديد التعاون الأمني" مع الولايات المتحدة.

وتذكر الدراسة في هذا السياق بأن "نظام (الرئيس الأسبق حسني) مبارك تعامل مع الاعتماد على التعاون الأمني للولايات المتحدة بالتكرار المستمر لدعمه فلسطين بينما كان يدعم الولايات المتحدة الحليف الأفضل لإسرائيل".

وتظل القوات المسلحة المصرية ضمانة أساسية لاستقرار مصر وأمنها كما تقول الدراسة، لكنها تظل أيضا ضمانة لاستمرار التعاون الأمني، وإذا كانت القوات المسلحة "تسيطر على دائرة الرئيس أو على الاقتصاد أو على كليهما" فإن ما بدا بعد الثورة "كتغيير رئيسي إنما كان في الواقع اضطرابا على السطح ترك البنية السياسية العميقة في مكانها".

ومع أن الميزانية العسكرية المصرية "سرية"، تقدر الدراسة ميزانية القوات المسلحة المصرية بخمس مليارات دولار أميركي، و"المساهمة الأميركية فيها هامة، ربما ثلثها. وحسب بعض التقديرات، توفر الولايات المتحدة ثلاثين في المئة من إجمالي الميزانية العسكرية لمصر وثمانين في المئة من ميزانية مشتريات أسلحتها".

إن خسارة الولايات المتحدة لما وصفته الدراسة ب"البوابة" المصرية إلى الشرق الأوسط سيكون "كارثة استراتيجية" لأنها سوف "تضعف كل استراتيجيتنا وشبكتنا الدفاعية في الشرق الأوسط." لكن "التعويل" على العلاقات المتينة على المستويات كافة بين القوات المسلحة للطرفين بعد الثورة وعلى استمرار هذه العلاقات أكده مسؤول "التعاون الأمني" في القيادة المركزية الأميركية.

لقد ألغى أوباما مناورات "النجم الساطع" السنوية "الميدانية" لصنوف الأسلحة كافة مع مصر احتجاجا على عزل الرئيس السابق محمد مرسي، لكن هذه ليست المناورات المصرية المشتركة الوحيدة مع الولايات المتحدة، وإن كانت أكبرها وأهمها، فهناك مناورات "ايغل ارينا" (ميدان النسر) الجوية ومناورات "ايغل ساليوت" (تحية النسر) البحرية ومناورات "ايرون كوبرا" (الكوبرا الحديدية) لعمليات القوات الخاصة.

وطبقا لتقدير مكتب المحاسبة الحكومي (جي ايه أو) لسنة 2006 للتعاون والمساعدات الأمنية الأميركية: قدمت مصر إذنا ل(36553) طائرة حربية أميركية بالتحليق عبر المجال الجوي المصري بين عامي 2001 و 2005، ومنحت (861) سفينة تابعة للبحرية الأميركية حق المرور العاجل في قناة السويس خلال الفترة ذاتها مع توفير الدعم الأمني لعبورها، على سبيل المثال.  

وتستمر واشنطن في ارتهان القوات المسلحة المصرية لتمويلها وتدريبها وتسليحها، وفي "تسهيل" إعدادها "شريكا" في أي "ائتلاف" تقوده الولايات المتحدة، وفي "توفير الحماية بالقوات لنظيرتها الأميركية "في المنطقة"، وفي "ضمان استعمال الولايات المتحدة لقناة السويس وطرق التحليق الجوي" كما اقتبست الدراسة من تقرير ل"مكتب المحاسبة العامة" الأميركي.  

إن القوات المسلحة المصرية اليوم أمام اختبار تاريخي يخيرها بين استمرار "التعاون الأمني" مع الولايات المتحدة الذي يضمن تنسيقها الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وبين استمرار مغالاة البعض في النظر لها ك"جيش أميركي" ينبغي "تفكيكه" كما اتهمها على هواء فضائية عربية مؤخرا القيادي في حزب العمل المصري والنائب السابق الصحفي المخضرم مجدي أحمد حسين.

ف"ثورة يناير 2011 زرعت بذور التغيير الذي يمكنه أن يبدل طبيعة التعاون الأمني ومستواه. وإذا ظلت سيطرة القوات المسلحة في مكانها، لن تؤثر بذور التغيير في العلاقة الأمنية، وعندئذ سوف يبقى الأساس الوطيد للتعاون في مكانه للأجل المباشر" كما تتوقع الدراسة.

و"الآن، كما كان الحال قبل ثورة يناير، يعتمد التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وبين مصر على صيانة مصر لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية".    

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com


المؤامرة تدخل منعطفاً خطيراً ومصيرياً فناصروا سوريا الوطن وانصروها/ محمود كعوش

بغض النظر عما إذا كنا راضين عن سياسة الرئيس بشار الأسد وحزبه الحاكم أم لا، فإننا لا يمكن أن نقبل في حال من الأحوال أن تتعرض سوريا وشعبها وجيشها ومؤسساتها لعدوان عسكري تُعد له وتقوده الولايات المتحدة الأميركية زعيمة الإستعمار الجديد في العالم وتشارك فيه دول غربية وإسلامية وعربية وتموله "ممالك وأمارات ومشيخات خليجية"، تكون المصلحة فيه للكيان الصهيوني المجرم وهيمنته المستقبلية على الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط برمتها. 
ومن المؤكد أننا كقوميين ووطنيين عرب لن نقف صامتين ومكتوفي الأيدي في حال حصل العدوان المرتقب، وكل منا سيساهم بالطبع في الدفاع عن سوريا الأرض والجيش والمؤسسات والكرامة والانتماء قدر ما تتسع نفسه وما يستطيع. 
وإننا إذ نستبق الأمر لنعبر عن موقفنا بهذا الوضوح، فإننا نفعل هذا من منطلق انتمائنا القومي والوطني وحرصنا على سوريا الوطن الذي يشكل جزءاً من  حرصنا على كل قطر عربي يتعرض لعدوان خارجي إجرامي بلا مسوغ أو مبرر موضوعي أو منطقي.
 فيوم أبدينا مناصرتنا لحق إخواننا السوريين في المطالبة بالإصلاح والتغييرعلى جميع المستويات والصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية في بلدهم، بما في ذلك الانتقال من نظام الحكم الشمولي وعبادة الفرد إلى نظام ديمقراطي يتم تداول السلطة فيه بشكل دوري ومنتظم، كنا على قناعة تامة بأن ما جرى ويجري في سوريا على مدار ثلاثين شهراً تقريباً لا يمت للديمقراطية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، بل هو أبعد ما يكون عن الديمقراطية ويندرج في سياق مؤامرة كونية شرسة متعددة الرؤوس والأساليب والوسائل، خططت لها وتشرف على تنفيذها الولايات المتحدة الأميركية، ويشاركها في التنفيذ كل من الكيان الصهيوني الإرهابي المجرم وبعض الدول الغربية والإقليمية، إلى جانب الممالك والأمارات والمشيخات الخليجية التي سبق الإشارة إليها. وكما هو معروف فإن هذه الأخيرة مرتهنة للتحالف الأمرو- صهيوني وبعضها خائن وبعضها الآخر متواطئ وبعضها الثالث متماهٍ.
لقد استُدل من الأحداث والوقائع المتسارعة ومن خلال التقارير التي تتداولها وسائل الإعلام العربية والعالمية بشكل متلاحق ومكثف منذ بضعة أيام أن المؤامرة الكونية الجهنمية هذه قد دخلت منعطفاً خطراً جداً مع بدء الولايات المتحدة الأميركية وشركائها بحشد الأساطيل البحرية والجوية والتهويل بالتدخل العسكري المباشر في ما يجري في سوريا.
 والمؤامرة الكونية القذرة هذه تستهدف في ما تستهدفه سوريا بأرضها وشعبها ومؤسساتها العامة والخاصة، أي أنها تستهدف سوريا الوطن تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً. وكانت ولم تزل تستهدف إسقاط النظام الحاكم في سوريا، وترمي إلى تجزئة هذا القطر العربي العظيم وتفتيته وتحويله إلى دويلات وكيانات وكانتونات طائفية ومذهبية وعرقية وثقافية، بغية تمهيد الطريق أمام هيمنة الكيان الصهيوني المجرم على الوطن العربي والمنطقة بأكملها كما أسلفت الذكر، في سياق تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان قد خطط له المحافظون الجدد المتصهينون في واشنطن قبل عدة سنوات وحملته إلى العرب والمنطقة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في أواخر الفترة الرئاسية الثانية للكاوبوي الأميركي الأرعن جورج بوش الإبن الرئيس الجمهوري السابق للولايات المتحدة الأميركية. 
لا شك أن نهج المقاومة والممانعة قد تمكن في السابق من إسقاط ذلك المشروع بضربتين قاضيتين عندما أنزل هزيمتين قاسيتين بالكيان الصهيوني إبان عدوان هذا الكيان الإرهابي على لبنان الذي بدأ في ١٢ تموز/يوليو ٢٠٠٦ واستمر أكثر من شهر وإبان عدوانه على قطاع غزة الفلسطيني بعد ذلك والذي بدأ في ٢٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٨ واستمر أكثر من ثلاثة أسابيع، وألحقهما بضربة قاضية ثالثة تمثلت بانتصار القطاع على هذا الكيان العنصري في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2012 بعد ثمانية أيامٍ من العدوان الصهيوني الذي فاق في ضراوته ووحشيته وبربريته العدوانين السابقين. 
وبالرغم من ذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية ومعها الكيان الصهيوني والغرب وبعض عرب اللسان يمضون في غيهم وعدوانيتهم ويعملون من جديد على محاولة إحياء ذلك المشروع، ويصرون بإلحاح عجيب وبعدوانية فجة ووقحة على تحقيقه من خلال مواصلة جميع أشكال وصور التآمر بما في ذلك ممارسة سياسة المدافع والقاذفات الصاروخية والتحريض ضد سوريا، مستقوين بتفوقهم العسكري، ومستقوين بنجاحات كانوا قد توهموا أنهم أنجزوها في بعض الأقطار العربية، كان أخرها إسقاط نظام العقيد معمر القذافي وتدمير ليبيا بشكل شبه كامل وإدخالها في آتون الفوضى العارمة التي اصطلح على تسميتها "الفوضى الخلاقة". وإذا ما قُيض لهم ان يحققوا ذلك، لا قدر الله، فإنه سيتوالى سقوط الأقطار العربية واحداً بعد الآخر، بدءاً بلبنان مروراً بالاردن والعراق ووصولاً إلى الخليج، بحيث يهيمن الكيان الصهيوني في النهاية على الوطن العربي ولا تقوم له وللعرب قائمة بعد ذلك !! 
لكن في ظل حقيقة تنامي نهج المقاومة والممانعة، وعلى خلفية واقعة المفاجأة الكبرى التي حدثت في مصر العرب والعروبة مع تجدد الثورة الشعبية فيها في 30 يونيو/حزيران الماضي فإن كل المؤشرات تميل إلى حتمية فشل العدوان العسكري المحتمل على سوريا، وفشل الذين يخططون له ويتأمرون ويتعاونون على تنفيذه أملاً في تحقيق مشروعهم، الذي ولد بالأصل ميتاً!!
وعلى خلفية الحقيقة الأولى والواقعة الثانية ومن منطلق الحرص على وحدة سوريا الوطن أرضاً وشعباً وجيشاً ومؤسسات وموقعاً في قلب الوطن العربي، وليس من أجل شخص الرئيس بشار الأسد أو مطلق شخص آخر بعينه أو النظامٍ أو الحزب الذي يحكم فيها، ولأن بوصلة ما يجري الآن تتجه إلى غير ما يُفترض وتتجه ضد مصلحة النهج الممانع والمقاوم في الوطن العربي بحيث تهدف إلى وأد القضايا العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية، نرى أن من واجب كل عربي يحمل الهم الوطني والقومي أن يحسم أمره ويصطف إلى جانب سوريا وشعبها البطل وجيشها الباسل  في التصدي الجدي والحازم للمؤامرة الكونية في منعطفها الأخير، ومواجهه المعتدين دون ما تلكؤ أو تردد !!
وقفة عزٍ وشرف وشجاعة لا بد منها في أسوأ وأحلك الظروف العربية التي ربما تكون أكثرها خطورة وصعوبة وتعقيداً في تاريخ الأمة العربية الحديث. وهي بالتأكيد ستكون وقفة مصيرية ضرورية وملحة يقتضيها الواجبان الوطني والقومي. لنناصر سوريا الوطن وننتصر لها لأن انتصارها في هذا الظرف المصيري هو انتصار لكل أشراف العرب وأحرار العالم ولأن سقوطها، لا قدر الله، سيكون سقوطاً للأمة والإنسانية.
بسم الله الرحمن الرحيم، إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون، صدق الله العظيم.
محمود كعوش
كاتب وباحث – كوبنهاجن
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

رسالة عن أبي حنين أحمد قطامش/ جواد بولس

قبل أيام نشر على لسان رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية، "أشير غرونيس"، تصريح أدلى به معقبًا ومنتقدًا دور الإعلام الإسرائيلي في النشر الكاذب وفي اختلاق القصص والروايات. جاءت أقواله بعد أن تبين أن خبرًا كاذبًا أفاد أن قضاة محكمة القدس المركزية أجبروا مشتكية في قضية اغتصاب أن تمثل الفعلة أمامهم في القاعة.
 وفقًا للتحقيق ألذي أجري تبين أن ما نشر كان عاريًا عن الصحة وتسبب بإحراج وإلصاق تهم باطلة لثلاثة قضاة نشرت صورهم مع ذلك النبأ.
على إثر ذلك قررت أن أكتب هذه الرسالة، وهي غير موجهة لرئيس المحكمة لسببين: فقبل أكثر من عامين كتبت رسالة مفتوحة لمن سبقته رئيسة للمحكمة (القاضية دوريت بينيش)،ولم ألحظ أن ما كتبته أثار التفاتة أو غيّر ما هو سائد بينهم، وثانيًا، لظني بأن محكمة العدل العليا الإسرائيلية صمتت طيلة عقود، وشاركت أحيانًا بما قام به الإعلام الإسرائيلي من تحريض على العرب والفلسطينيين، من جهة، وشاركت في تغييب الصوت العربي من جهة أخرى.
 تصريح الرئيس جاء اليوم بعد ان وصلتهم نيران التحريض.
إذن فرسالتي إلى من كانوا هم الضحايا ولمن سيكونون:  
اسمي أحمد سليمان قطامش، ينادونني "أبو حنين" من سكّان البيرة.  لست ناشطًا في إطار تنظيم "الجبهة الشعبية"، سجنت إداريًا لخمسة أعوام ونصف (١٩٩٢-١٩٩٨).  لكوني مفكرًا فإن  لدي مواقف، وأحمل آراء أنشرها وأكتبها على الملأ. 
هكذا باقتضاب مؤثر أجاب الأسير الإداري أحمد قطامش المحقق الذي استحصل إفادته في سجون الاحتلال قبل أكثر من عامين. قصة أحمد تشبه، ربما، قصص فلسطينيين كثر، وتبقى كما تكون قصص الورد؛ تعبق برائحة صاحبها الخاصة كعبق اللذة ووخزها. 
لن أحدّثكم عن تلك الأعوام التي قضاها أحمد سجينًا بدون تهمة ولا بيّنة، ولا عمّا سبقها من حكايات نسجتها سيرة طارت وصارت كالحلم، فعلى تراب فلسطين تكدّست منذ ذلك الزمن أضغاث حسرات وشاخ القمر. 
في نيسان قبل أكثر من عامين وبعد أن كبرت "حنينه" وصارت ضمة من فل، أخذوه وسلبوه كنزه/حرّيته. فمنذ عامين وأحمد لا يبكي إلّا كعاشق على زند زنبقة. في كل مرّة قابلته أحسست بالندى يقطر من رمشي، وفي كل مرّة تركته رفعت يديّ إلى فوق فأحسستهما تمتدان لتصيرا شاعوبًا يخترق جبال غيم أسود، أحار كورقة سقطت من أمها الشجرة، ولكن لا يسيل لعاب عينها. أبتعد عن سجنه، وأعرف كم يحتقر مثله مهلك الليك. 
منذ عامين أحاول أن أقنع قضاة الاحتلال أن لا بدّ من نهاية لهذا الليل، في كل مرّة أعود مثخنًا بخسارة، ويعود أحمد لزنزانته عاشقًا لا يبكي إلّا من شوق لحنين، وغفوة على كبش فلة.    بعد عامين أحضر أحمد أمام قاض عسكري لينظر في تمديد توقيفه لأربعة شهور أخرى، حيث من المفروض أن  ينتهي  توقيفه في الثامن والعشرين من آب.  قرأ القاضي كل ما قدّم له من ملفات سرية. لم يقتنع بالرواية وقرر أن يفرج عن أحمد مع نهاية مدة الأمر القائم. جاء قراره مهنيًا  واضحًا ومسندًا بشكل مقنع. لم يقتنع بأن أحمد قطامش ما زال يشكّل خطرًا على أمن وسلامة الجمهور.  للحقيقة فقد كان هذا القرار من السوابق النادرة، فنحن معتادون على قرارات قضاة تكون بمثابة أختام لطلبات النيابة والمخابرات.    
شمّرت النيابة عن حقدها. للقضية فصول وصلنا بها إلى "محكمة العدل العليا الإسرائيلية ". منذ اللحظة الأولى شعرت كم لا تستلطفني هيئة المحكمة التي كان رئيسها يتوسط قاضيتين. أحلتهم إلى ما كتبه القاضي العسكري، وسردت لهم مأساة النرجس الفلسطيني، وحدّثتهم عن ملهاة الفضة حين تذلّها بساطير جند الغزاة. سمعوني على قرف، هكذا شعرت، ولم أبال.  كشوكة انتصبت،أرفع يديَّ إلى فوق، أحسّهما هذه المرة كقوس طويلة تعزف على آلة الصدأ نشيد نصري والعرق.  
في القاعة التي تذكرني بقاعات دفن أثرية، برودة.  ثلاثة قضاة أشعر أن أحدهم قد يتقيّأ في كل لحظة، وأنا وبجانبي ممثل عن النيابة العامة للدولة وموظفو من جهاز المخابرات العامة. صاحب الشأن غير موجود لأنه مريض لا يحتمل النقل من سجن النقب الصحراوي، وعائلته ممنوعة من دخول القدس.
وحدي أقارع هناك على "أولمب" صهيون.  وحدي أنادي.  السماء ضاجة، الملائكة تحاول أن تدرأ أنهر الدم في مصر وسوريا وبابل، وحدي ويوشع الذي يجدد العهد وينفخ بالقرن لتسقط أريحا. كم مثل يوشع يعرف من أين كانت البداية والوجع؛ أريحا أولًا وغزة ثانيًا؟!
"إلى ذلك وبما أننا نتكلم عن أسير محتجز في المعتقل منذ فترة طويلة، فعلى كل قرار تمديد لتوقيفه أن يصدر عن مسؤول عالي المرتبة. أُعلمنا أن قرار تمديد اعتقاله الأخير صدر عن رئيس جهاز المخابرات، وعند انتهاء مدة هذا الأمر سيعرض موضوعه أمام رئيس جهاز المخابرات مجددًا، لهذا نرفض الالتماس". 
هكذا ببساطة لسعة هسهسة رفض القضاة الثلاثة التماسي للإفراج عن أحمد قطامش الذي ما زال  بعد أكثر من عامين يحترف الحنين والانتظار. 
نخ العدل مجدّدًا. قرأ رئيس المحكمة قراره بصوت خفيض، لا من أدب، بل، هكذا أحسست، من شماتة وترفّع. 
 أشحت سمعي وانشغلت بشاشة الهاتف. يجب أن لا تنتصر شماتتهم. أخذت أنفاسًا عميقةً، فشممت عطر النرجس الذي ما زال ينمو على تلك الجبال شاهدًا على مأساة وسقوط مملكة العدل والخسارة. 
ليست لكم هذه الرسالة، لأن الذي يهون يسهل الهوان عليه.
 فيا سادتي:  "أكلت يوم أكل الثور الأبيض، كانت من القصص الشعبية الموروثة في ثقافتنا والتي رددتها، أحيانًا، في مرافعاتي القانونية أمامكم، وستبقى هذه حكمة ضحيّةٍ لضحيّة المستقبل. 
 هكذا كتبت لكم قبل عامين ونصف، وأعود هنا لأذكّر عساها تنفع الذكرى. 

الكيمياوي السوري وهزيمة هرمجدون/ صالح الطائي

بعد هزيمتها المنكرة في العراق عرفت أمريكا مقدار الخطأ الجسيم الذي اقترفته بتحويل بلد مثل العراق إلى دولة فاشلة مقابل ثمن كبير جدا بالأنفس والأموال. ثم في عام 2009 حينما تولى أوباما مدة رئاسته الأولى  وفي أول خطاب دولي له تحدث عن نية أمريكا فهم الإسلام واحترامه وضرورة التباحث مع المسلمين لبناء أرضية مشتركة تسهم في بناء السلم الدولي وأستشهد بآية قرآنية ليثبت صدق نواياه، لكنه نسى بعد أيام معدودات ما جاء في ذلك الخطاب وعاد إلى الأسلوب العدواني القديم من خلال العمل بنفس الآلية السياسية الأمريكية القديمة المنحازة حتى وصل إلى نفس مواطن الفشل المخزي التي وصلها سلفه الفاشل جورج بوش في الأسباب التي أوردها لتسويغ غزو العراق وتدميره بذريعة تدمير أسلحة الدمار الشامل، وهي النكتة السمجة الغبية التي يسعى اليوم أوباما لخداع العالم بها في حديثه عن نيته بتوجيه ضربات تدميرية إلى سوريا بحجة استخدماها الأسلحة الكيماوية؛ لتحويلها هي الأخرى إلى دولة فاشلة، وهو يعرف تمام المعرفة أن الإرهابيين الذين اجتمعوا من أقطار الأرض لتنفيذ مشروعه القذر على أرض سوريا الحبيبة هم الذين استخدموا السلاح المحظور لقتل عشرات المدنيين السوريين الأبرياء من النساء والأطفال بغية توجيه اللوم إلى الحكومة السورية واتهامها باستخدام هذا السلاح المحرم وبذا يتم استهدافها بضربات تدميرية فتخسر الأمة العربية جهود دولة ثانية من دول الممانعة والصمود التي كانت تقف حجر عثرة بوجه النوايا التوسعية الصهيونية، ومع خسارة هذا الركن المهم من أركان الوعي العربي تتحول إسرائيل إلى غول شرس يكتسح بلاد العرب ويدمر مقومات الدول في وقت يشغل بلدان العرب الأخرى التي يؤمل فيها أن تتصدى للعدوان التقاتل الداخلي نتيجة الفوضى الخلاقة التي سوقتها أمريكا على أراضيها ونتيجتها تجد الشعب المصري يتقاتل بعضه ضد البعض الآخر والشعب الليبي يتقاتل بعضه ضد البعض الآخر والشعب اليمني يتقاتل بعضه ضد البعض الآخر،وحولت الشباب العربي إلى قطعان مخدوعة تسير وفق ثقافة القطيع وتنفذ ما يطلب منها تحت يافطات الذهاب إلى الجنة والزواج بالحوريات، وحولت الفتيات المسلمات إلى بغايا يجلن بين قطعان الذئاب ينهشون لحومهن بمسمى جهاد المناكحة، وشغلت البلدان العميلة لها الأخرى بمهمة تحويل الإنسان العربي إلى نكرة مهووس بالجنس الغربي والحضارة الغربية إلى درجة التخلي حتى عن الواجبات الدينية والالتزامات الأخلاقية من أجل إشباع تلك الرغبات الخسيسة.
إن ما يحدث في وطننا العربي اليوم ينبئ بأيام سود تنتظرنا لا ينقشع سوادها إلا بعد تحويلنا إلى خول وعبيد مسلوبين الإرادة تقودنا إسرائيل وتتحكم بمصائرنا وعقائدنا وثقافتنا بعد أن تحقق النبوءة التوراتية (من النيل إلى الفرات).
ولكن بالرغم من كل تلك الصور المرعبة السوداء سوف تبقى نفوسنا مطمئنة إلى أن ما يريده الله هو الذي سيتحقق، وما يطيب نفوس المؤمنين العقائديين هو إيمانهم  بأن ذلك كله يسير بمشروع الحياة إلى نهايته وفق النسق الرباني المرسوم للكون في آخر الزمان، وأنهم يجب أن لا يفرحوا كثيرا حتى لو تحققت نبوءة (إسرائيل الكبرى) لأن تحققها يعني بداية تدميرهم النهائي وتخليص الكون من شرورهم؛ من خلال المعركة التي نسميها نحن (المعركة الكبرى) ويسمونها هم (هرمجدون) حيث تدور الدائرة عليهم ولا يشفع لهم مكرهم بعد أن ينطلق جنود الله ليبدوهم عن آخرهم يشهد عليهم الحجر والمدر ويشهد بذلك بنصر من الله سبحانه وتعالى. 
إن بوادر هرمجدون تبدو واضحة من الرد السوري على التهديد الأمريكي فسوريا  تقول:   لن أسمح لأمريكا بان تحفظ ماء وجهها على حساب كرامة الجيش العربي السوري. وتهدد أن: كل صاروخ يسقط على سوريا سيقابله 100 صاروخ تسقط على إسرائيل. فإن صدق هذا القول سوف تتحول المنطقة إلى جهنم أرضية لا تبقي ولا تذر، وعلى أمريكا التفكير الجدي بالموضوع مئات المرات قبل أن تقدم على عمل مجنون ومغامرة غبية ستقود العالم إلى شفير هاوية لا يعلم مستقرها إلا الله تعالى.

أعد أمامهم شريط الوطن/ محمد أوقري


أعد أمامهم شريط  الوطن
ستلمح في عيونهم حرجا
وتراهم مهزومين
يسارعون في إشعال الفتن

أضرموا  النيران في كل مكان
أحرقوا   المراكب
وأشاعوا الكذب
وفنون البهتان
فصار القول لذيهم قولان
عملاء الأنظمة
ومن يحترفون الإجرام
أنذال على مر الزمان

امنحونا فرصة أخيرة
كي نقيم جنازة للنسيان
امنحونا أقلاما وأوراقا
سنعيد تشكيل خريطة الأوطان

ونموت  مرة ....مرتين أو أكثر
كي تبقى عيوننا مفتحة
ترقب ميلاد الوطن
لقد جهزنا سفينة الرحيل
وركبنا أمواج الزمن
فإما أن نقاوم سويا
 أو نغرق في النسيان معا

انهض  رفيقي كي نحطم الأوثان
فكك رموز اللغة
أعد ترتيب الكلمات
كي تنهار الجدران
وتكشف ما تخفيه خلفها  
من ذئاب وإخوان

المغرب 

ممكن يا مصري..!؟/ مهندس عزمي إبراهيم


ممكن أفضفـض يا مصـري *** سِوا كنت حـاج او مقـدِّس
تسمع مشاعـري وشجوني *** وتدّيـــني وِدنَـــــك كوَيـِّس
تسمـع صـراخي ف كـلامي *** وتسمعني لو حتى اهْمِـس
***
ممكـن نعيــش في بلـــــدنا *** وننسى الكابوس اللي خدنا
وبَـثّ فينــا الخــــــــــــلاف *** وسـقـانا ســــم وزعـــــاف
أخَـــد الديــــــانة عبــــــاية *** عشان ننخـــدَع أو نِخــاف
***
ممكـن أعَـلـــــِّـــــــم ولادي *** يبقـــوا في خدمــة بــلادي
ممكـن أشـَغــَّــل عيـــــادتي *** وافتح تجـارتي وبضاعـتي
واراعي جــــاري وعيــلتي *** وأأدّي واجـــبي ووظيفـتي
***
ممكـن أحـــس بأمـــــــــان *** لا سـيــــف ولا سـَجــَّــــان
ولا عميـــــــل مأجــــــــور *** ولا بلطــــــجي سَعــــــران
ولا إمَّـعَــــــة طـرطـــــــور *** ولا طائــــــفي سُلطـــــــان
***
ممكـن أصارحَـك.. بِسِرّي: *** نفسي أعيش بـاقي عمـري
في عِشِّـتي أو في قصــري *** وارجع أحـس اني مصـري
واحِـس تـــــاني بكيـــــاني *** سَـيـِّــد زمــــاني وعصـري
***
ممكـن نخَضـَّـــر واديــــــنا *** ونلـــم نــــوره ف عنيــــنا
رخـــاء وفرحـــة وزيــــنة *** في كـل عـِزبـــة ومديـــــنه
وحُــب مصــر ف قـلوبـــنا *** وحُكــم مصــر ف ايـديــــنا
***
ممكـن بحيــري وصعيــدي *** وبورسـعيــدي ورشـيـــدي
نـوبي وبـدوي... وغيرهم  *** دايمــاً ايديـــهم في إيــــدي
أنــا أعَيـــِّــــد في عيــــدهم *** ويعَيـِّــدوا معـــايا عـيـــدي
***
ممكـن لخضــرة العفـيــــفة *** تِهـدي الصبـــاح للغيطــان
وبنــت بلـــــدي الشـريـــفة *** تمشي ف بلـدها ف أمـــان
ونقـول نُكَتـــــنا الظـريـــفة *** ونبـــقى زي زمـــــــــــــان
***
ممكـن نــراعي ضميـــــرنا *** في أمـور حياتـنا ومصيرنا
نواسِـي بعـض ف أســـــانا *** ونهـني بعـض ف هنـــــانا
ونحتــــرم رأي غيــــــــرنا
ومقـدســـاتـه وديــــــــــنـُه *** زي احترامنــــــا لِـديـــــــنا؟
***
ممكـن نخلـِّي الديـــــــــــانة *** في القلــب كنـــز وأمــــانة
مكانـــــها دور العبـــــــــادة *** مُش في حكومــة الكنـــانة
ومش وسيـــــلة إدانـــــــــة *** ولا سـبيــــــل للإهــــــــانة
***
ممكـن نكـــون مؤمنيــــــن *** نصــــارى... أو مسـلميــن
ويهـــود.. أو ملحديـــــــــن *** ونسيب إلهــــنا "يُديـــن"
والمصري بالأصـل مصري *** بأيّ مِلــــَّـــــة وديــــــــــن
***
هـل ممكـن أفـــرَح ببلــَـدي *** واربّـي بِنـــــتي ووَلـــَــدي
وأحـكي لـهم عن آثـــــارها *** ومَجـــد جِـــــدَّك وجِـــــدّي
وأغـــني مـــــوالي فيـــــها *** واشـرح غلاوتــها عنــدي
***
ممكـن نجَــــــدّد بَهـــــــاها *** نعشــق ترابـــها وهــــواها
ونصون رُبــاها وحــدودها *** عكس الغريــب اللي جــاها
وعاش في نورها وخيـرها *** وقـلبـــــه بيحـــب غيـــرها
***
ممكـن يا مصـري نعيــــش *** ونطـــــرد الخفــافـيـــــــش
وكـل مأجـــــور وخـايـــــن *** وبلطـــــجي ودرويــــــــش
نجــــدد لمصـر عهــــودنا *** علشان وجـودها ووجـودنا
في خيـرها ممكـن نعيـــش؟
دا زي مصــر... مافيــــش!
*******
مهندس عزمي إبراهيم

حديقتها/ عيسى القنصل


لقد هربت ْ 
قوافى الشعر ِ خائفة ً 
من الاملاق  بالوصف ِ 
فبعدك ِ حبلُ مشنقة ٍ
الى الافكار  والقلــــــــــم ِ 
صحارى الصمت ِتاكلني  
وتتركنى ..كتمثال ٍ من العظم ِ 
وصمتك ِ مثل عاصفةٍ من الرمل ِ 
تحاصرني  ..
وتاكلني  بانياب ٍ من الالــــــــم ِ 
تحادثنا  ,,
تخاصمنا ..
وجاءت  ظلمة  الغيــــــــــــــــــم 
فلا ادرى ..
افى الاعماق ِ ساكنة ُ 
افي الغابات ِ بالقمـــــــــــــــــــــــم ؟؟
اريدك ِ دائما جنبي
خلايا كوّنت ْ لدمــــــــــــــــــــــــــي ِ
اراني  ساهما  دوما ً 
تجوب ُ الارض عاطفتي ؟؟
عساني  التقى يوما ...
بملهمتي  ..ولو طيفا ً
بعمق النوم ِ والحلـــــــــــــــــــــــم ِ 
انا  جرح ُ وفى الاعماق ِمشكلتي 
ولا احد  يداوني  ..
سوى عينيك من سقمــــــــــــــــــي 
تعالي وامطري فكري 
وعاطفتي ..
تعالي  عانقي   قلمــــــــــــــــــــــــــي 
سابكى دون عينيك ِ
وابقي  مثل اغنية ٍ بلا نغـــــــــــــــــــم ِ 

ظهور روافض سنة في العراق/ أسعد البصري

لم تكن المناطق الغربية العراقية تهتم كثيرا للإعلام و خطورته ،
كان جل اهتمامهم بالجندية والجيش . 
بعد الإحتلال تم طردهم من الجيش ،
ونلاحظ الآن اهتماما ملحوظا بالإعلام والثقافة من أبناء هذه المناطق العربية 
وهناك شباب و أسماء واعدة بدأت تظهر . 
هذا جيد ، ويبشر بخير 
الإعتماد على النفس يجعل الحوار ممكنا في النهاية 
الكاتب محمد ياسين ، والكاتب سنان الخالدي ، والكاتب دريد السالم 
كل التوفيق ، هذه الأصوات وما تمثله ، و تقوله لم يكن موجودا أصلا قبل عامين 
لقد ساهمتُ شخصيا مع آخرين بالجرأة والصدمة في جعل هذا الظهور الباهر ممكنا
لقد كان العراق يتكلم بالإعلام الرسمي وكأن هؤلاء الناس غير موجودين أصلا 
وكأنهم مجرد قاعدة ، و إرهاب ، و فلول مخابرات ، و نواصب ، و أكلة لحوم بشر
طالبوا في النهاية باتحاد أدباء خاص بكم ، و اتحاد صحفيين خاص بكم 
طالبوا بصحفكم ، و فضائياتكم ، لا تقبلوا بالدولة الطائفية الصفوية 
التي يسيطر عليها وجدان مدينة الصدر المريض ، و هيمنة الفرس .
هذا ليس عراقكم ، ولا حصة لكم فيه سوى السجون ، والتعذيب ، والكواتم
هؤلاء الشجعان الذين يحاربون مشروع الدولة الدينية الصفوية اليوم بأياد وأقلام عارية 
العلمانية في العراق تأسيس الدولة العراقية القومية العربية وتراثها ، لا تنسوا ذلك 
الدولة الدينية ، والإسلام السياسي ، والتبعية للخميني هذه مطالب شيعية 
تمسكوا بتراثكم ، من ليبرالية نوري السعيد ،،إلى ثورية الزهاوي ، و تنويرية و نزاهة الرصافي 
حتى قومية ساطع الحصري ، و عبد الخالق السامرائي ، و سعدون حمادي 
شباب شجعان رفضوا دور الحوزة ، والمرجعيات الدينية ، والزيارات المليونية 
إرهاب سياسي ، ديني ، ثقافي يُمارس ليل نهار 
هؤلاء كتاب يقولون نحن عرب سنة 
ما علاقتنا بحزب سياسي إسلامي شيعي يحكم بلادنا ؟
حالهم يشبه حال الأكراد العراقيين في زمن الدولة العربية القومية في العراق
وما علاقتنا بشخص إيراني رجل دين مثل السيستاني 
يصبح صاحب سلطة و قيمة رمزية في بلادنا ؟ . 
هذا كلام جريء ، ومهم أن يظهر شباب يحملون هذه الأمانة 
رفض الشيعة الدولة الأموية التي فتحت الهند والأندلس ، و شيدت القصور والقلاع . 
و كذلك رفضوا الدولة العباسية ، وقد كان فيها هارون الرشيد يتحدث إلى الغمام . 
رفضوا كبرياء الوليد ، و سؤدد هارون 
ومن قبلهما ، رفضوا عدالة عمر بن الخطاب ، و تقشفه ، و نومه في ظلال الشجر والقرآن 
هذا شيء رائع حقاً . 
مقابل ذلك هل يريدون من السنة العراقيين اليوم القبول بالدويلة العراقية الصفوية الحالية ؟ .
دويلة الفساد ، والنهب ، والدجل ،،والزيارات المليونية ، و السيستاني ، والمنطقة الخضراء ؟ . 
دويلة التعذيب ، والإغتيالات ، والتبعية ، واغتصاب العربيات في السجون 
هذا كثير ، وفوق طاقة البشر 
تحية مرة أخرى لهؤلاء الشباب ، فرسان الرفض النوعي المضاد 
سنان الخالدي ، و دريد السالم ، و محمد ياسين 
و نريد المزيد من الروافض للحكم الصفوي العراقي الحالي 

نفخ الصور‏/ كافي علي

صوت الحياة في الخارج جميل ومختلف هذه الليلة، مع ذلك أخاف أن أرفع الستارة لأرى كم فاتني منها. ربما هو ذات الحال بعد كل تجربة كانت جديدة وممتعة، في النهاية اعود وأغلق الستارة، وحيدة مثل مخلوق فضائي هبط على الأرض لاكتشافها، وبعد انتهاء المهمة لم يبقَ منه غير عذاب الندم والحنين إلى البداية. لكن هذا الصوت، كنفخ الصور، يخترق حواجز الروح، يعلن بأن دائما هناك غدا جديدا بلا اخطاء وندم.
حواسي معطلة ومُغيبة عن الواقع، لا تعمل وتتفاعل إلا مع اللغة. بالأمس كنت في أكبر محل لبيع الكتب في كندا، توقفت عند القسم الخاص بالشعر، كان عدد الكتب فيه لا يتجاوز المئة كتاب، معظمها للشباب والمراهقين، وكم كتاب للموهومين مثلي. كسد سوق اللغة، وخمدت نار الكلمات. لم يعد هناك حاجة للخيال المعبر عن المشاعر والأحاسيس المعطلة بسبب النقص وانعدام الحرية، لا مرض نفسي، لا قمع عاطفي، لا اضطهاد ديني، لا جوع، لا قهر, فقط حقيقة لواقع خيالي يحتاج بدل العمر عمرين للتمتع به. سأرفع الستارة وأرى العجوز التي مارست الحب مع رجال بعدد شعر رأسها، مازالت شهوة الحياة تتفجر مع صراخها وصخبها رغم ستيناتها. سأرى المهاجرة السمراء التي استعانت بالشرطة لطرد زوجها بعد أن قرفت من لحيته المخضبة بالحناء ودشداشته القصيرة. سأرى جارتي الشقراء، ميلسا، تفترش عشب الحديقة شبه عارية، تنعم بحمامها الشمسي بينما عشيقها يطارد كركرات طفلتها الصغيرة بمسدس الماء. سأرى العجوز الزنجي الذي تركته بالأمس مستلقيا على صدر زوجته يتأمل الغابة النائية وعلى شفتيه ابتسامة مشرقة كبياض أسنانه. سأرى بأنني مازلت مخلوق شوهته الحروب ولم يعد ينتمي لا لهذا ولا ذاك.

سركون بولص الشاعر الذي بشر بآلام أمته في كل الجهات/ اسحق قومي

قراءات في قصائد الشاعر الراحل إلى الأبدية

الشعرُ ذلك السيد المطلق الذي يأخذك إلى عوالم تشبه الخرافات القديمة في نينوى الحزينة أو على أطلال بابل وخرائب أشور وأغاني الفرات العابث بجسد مابين النهرين،وإذا كان أفلاطون قد صنف الشعر بأنه أرقى أنواع الفنون، يبقى الشاعر كالمهندس الذي يصمم مخططاً لبناء برجٍ أو بناية تُدهش فيما بعد من يراها.هكذا تجلى الشعر في روح شابٍ آشوري متمرد من العراق.هو متمرد بكل المقاييس ..خرج من الحبّانية ولم يعد...بعد أن عاشرته آلهة الشعر هناك عمده الحزن إلى الأبد.وبعد تلك القرية التي طالما عاشها بكل ما كانت عليه ينتقل مع أسرته إلى كركوك وفي هذه المدينة الناشئة يريد أن يؤسس شخصية سركون المحارب ها هو ينتسب لجمعية الشعر، وكركوك يبدو أنها هي الأخرى لم تعد تكفي لطموحاته ولم تعد تتسع فضاءات الشاعر أو حتى سهول نينوى عاصمة ومجد أمته التي سيبشر بآلامها،فتراه يولّي شطره بغداد حيثُ فيها أمجاد العباسيين ولكنهُ وكعادته يمتدُّ كالضوء...وهناك يُثبتُ عناوينه ومفرداته البكر حيث يتوحد مع القصيدة السيابية وهنا لابدّ من القول أنَّ الأبجدية الشعرية عند الشاعر المسكون بالعشق والحزن كانت قد تكونت حيث الجد والاجتهاد ،وأوسمة المطر تأتيهِ ثمَّ يستيقظ نائماً ليرى أنهُ يحلمُ بأن يكون أمياً على القلوب وهنا يتخذ من الرمزية وفنون البديع سبيلا حيث تختفي ظلال ما يشاء أن يقوله علناً في جسد القصيدة الرمز.
الشاعر الآشوري الشاب يتألق في بغداد ولكن هناك من يُعيق دروب هذا المسكون بنور الآلهة التي تمنحه القدرة على تصدي الآخر الذي كان يقف عائقاً أمام تجربة سركون...
وربما همست له تلك الآلهة لتنذره أن بيروت هي المحطة التي سيتألق من خلال حدائقها واتساع صداها لكل ِّ تجارب المثقفين والشّعراء والمضطهدين فنراه يقصدها ولسنا ندري تماماً كم عاش الخوف والرعب والجوع والعطش حتى وصلها الشاعر المهجر الآشوري...
بيروت تلك المرأة التي تحتضن جميع طموحات هذا الشاعر القادم إليها من بلاد مابين النهرين، وهنا لابدَّ أن يتذكر سركون بولص وجه أُمه ووالده وأخوته.وخاصة أمه فقد افتقد ذاك الحنان وتلك الرعاية فهو محاصرٌ بصورها التي لا تفارقه ليل نهارْ.وها هي تُريد إقناعهِ بأن لا يزعج والده النائم في أيام الصيف الحارة...ها صوتها يأتيه قائلةً( بسا بسا سركون بابي بابوخ دميخا) وهذا القول له كم سمعته يردده أمامي ونحن في غرفته بمدينة شبنكونك الألمانية حين كان يعبُّ بكأسات من الويسكي وكانت دموعه تنزل للآمانة كان يقول لقد كنتُ ولداً عاقاً.
فانظر إلى ملامح وجهه فأرى فيها تراتيل عجوز وهي تنوح لفقد ولدها.
كم من موجة سونامي تضربه في أعماق عواطفه ومشاعره؟ ولكنه يتعزى بأنه سيجد من يتفهم تمرده وقصيدته.
في بيروت يختلفون ويأتلفون هؤلاء الزملاء لأنهم من مختلف البلاد ومنهم من هم من بلاد مابين النهرين، أجل يعرف بعضاً منهم...
سركون بولص ومجلة شعر تحقق له الحلم وبدأ يصعد في مدارج ملكوت الإبهار وراح سركون بولص يحطم الصياغات اللغوية والموروث الشعري ليبتني من أنقاضه برجاً سيتسع لكل عشاق القصيدة الحداثية.
بيروت تعجُّ بكل أنواع المغريات ولكن لابدَّ أن نرسم أو نتلمس الجوانب النفسية والبيولوجة عن سركون فقد كان برأي وجودياً إلى أقصى درجة ممكنة.ولم يكن مكيافلياً حيث تراه يحتاج إلى كل ضرورات الحياة لكنه كان ولا يوم يطرحها أو يجعلك تحس بأنه يطلبها.عزيز النفس كريمها مقتصد كل الاقتصاد في البوح عن مكنوناته إلا أنه كان أكثر بوحاً للأنثى من الذكر.
وربما كي نرسم دروباً تؤدي إلى هذه الحقائق فإننا نقول ما لمسناه ولم نكن مع جميع مراحل وحالات تجليه...وديع ذو سلوك رائع له ضحكة هادئة ملونة بالحزن والأسى ولكنه يبقى في الجانب البيولوجي شاب أسمر الوجه معقوف الأنف كصقرٍ بازي ،عيناه تتسع لمساحات الخمور وأغاني الغانيات في برج بابل وربما مثلها مثل تلك الصبية الحزينة التي تُغني آلماً على أطلال نينوى....
ولست أدي إن كنتُ على مقربة من الحقيقة إن قلتُ: أن عالمه العاطفي كان غامضاً ويتحاشى أن تلامس أطرافهُ ...
وسركون بولص كأسلافه الآشوريين والكلدانيين يحبُّ الصلاة قبل الفجر حيث كان يرتدي مثلهم لباسه الأبيض ليؤدي صلواته أمام الزقوات للآلهةٍ يراها هي وجوقاتها تعزف له مفردات القصيدة التي يكتبها...بعد أن يكون قد شرب الخمر وكأنه أحد الكهنة ....فالقصيدة عند سركون بولص كانت محراباً ينثرُ من خلالها بخوره التي كان ينسجها عباءات للعابرين بقصوره ....
سركون بولص يصل إلى نهاية القصيدة ثمَّ يسأل أية الجسور لم أصلها بعد؟
عناوين عديدة حاكها من دمهُ لنتوقف عند بعضها ونلج عالم تلك العناوين.
الأطفال المسحورين والمدينة.حيث نجد سركون يؤكد أنه جاء من الريف البسيط الرائع الساحر لكن سحر المدينة الكبيرة يُبهره...جبل القديس فأي الجبال عند سركون يمثل القدسية؟ هنا نؤكد على أنه راهب بالفطرة وهو قديس ولكنه متمرد على طقوس آلهته.كما أننا نرى في الجبل الشموخ والأعالي التي تهواها النسور
ويحب سركون دوماً الأعالي ليبتني هناك عشه الأبدي في القصيدة.
أزعم أن سركون كانت تسكنهُ الآلهة وراهب آشوري قديم كان تجتمع حوله الشعراء والأدباء في كل تجمعٍ حضره سركون.لكن وجوديته التي كان يعيشها كانت تحيرالآخر.لقد تعمد في نهارات جان بول سارتر،وهو يحقق الصور الضوئية لكولن ولسن في ضياع في سوهو.وهو محمل بأغاني البيرتومرافيا.لكنه أحياناً كان يميل إلى التقنيات الهيجلية في بناء القصيدة التي لم يُفصح عن كنهها.
فسركون كان يؤكد أن الزاوية القائمة لم تكن نتاج التقاء الخط الأفقي بالقائم.ولا الشروق بالغروب ولا حتى كيف يجري أنه الفرات.بل كان يؤكد على حالة الألم والحنين وربما في بعض عبثيتة تجده يرسم لوحة المسافر العاشق الذي لابدَّ أن يصل إلى الحرية المطلقة فكان يختار الألم.كما أن الزمن لم يكن يحتويه بل كان يحول الزمن إلى وسيلة للعبور حث الضفاف والمراعي والكلأ...فقد عاش سركون خارج أسوار الزمن حيث لم تكن للجاذبية ولا لنسبة أنشتاين ذلك التأثير في حياته بل كان يعيش داخل الزمن الذي كان يبدعهُ...لكنهُ يجد أحيانا لابدَّ أن يتجول في الحديقة ويمر على عرافة أزمور فهو يرى أن التواصل مع أسلافه الآشوريين تكون عنده إشكالية الحرف ونتاجاته الفكرية فتراه يعجن خبزاً للحصادين في حقول جدته.وهو كالقابض على الجمر بيديه حيث لم يكن إلاَّ لصنع اللحظة الزمنية التي كانت توصله إلى الضفة الأخرى.بحيث كان يتوحد مع الآخر من خلال العدمية المنبثقة عن اللغة التي لم تكن تتسع لطموح تمرده.وكينونة المستحيل كانت تُعاني منه.حيث يؤكد لنا من خلال أغوار روحه أنه يتقمص شخصية البطل سركون فتراه يهيم بالقلاع فيرى فيها العظمة والجبروت وكم من قلعةٍ أوبرجٍ انتصر فيها سركون بولص على أعداءه لكن سقوط البرجين في منهاتن كانت بالنسبة لسركون الصدمة إذ أدرك أن المقارنة بعيدة ولكنها كانت تعنيه فأجداده العظماء أصحاب بلاد مابين النهرين يُهزمون وإلى الأبد لكنه كان يؤطر ذاك الوجع بحوار مع الآخر .ولكن سركون كان يتحين الفرصة للرد على سقوط العظمة البابلية الآشورية في القصيدة حيث كان يبشر بآلام أمته الخالدة.
أما أن سركون بولص لا يرى أن هناك من جديد فهذا ما تقوله قصيدته لاشيء منذ أدم.هو كلافوازيه لاشيء يفنى ولاشيء جديد تحت الشمس كما يقول صاحب الأمثال في التوراة.
بقي أن نقول في أول القراءات في قصائد سركون بولص الشاعر المسافر إلى الخلود...كان يمزج بين الحلم والحقيقة وبين الواقع والمجهول وكان يُجيد فن القصيدة المؤثرة وكان الحاكم الذي استطاع أن ينشر ثقافة الحب بين رعيته رغم اختلاف مذاهبهم وأجناسهم وأعراقهم ولغاتهم.من بلاد مابين النهرين إلى سان فرانسسكو ترى سركون بولص.
وإلى لقاء ....
ألمانيا.
23/1/2008
اسحق قومي
شاعر وأديب وباحث سوري مقيم في ألمانيا.
WWW.ishakalkomi.com

مصر بين الاستقرار والفوضى العارمة/ ابراهيم الشيخ

ما زالت تتفاعل مسألة فض اعتصامات الاخوان المسلمين بالقوة وانهائها، ويبدو ان الاخوان مُصرين على مواقفهم من خلال الاستمرار بمظاهراتهم وتجمعاتهم الاحتجاجية بهدف تحقيق مطالبهم التي تتمثل بعودة الرئيس مرسي الى الحكم، وان دائرة العنف والقتل تتسع من يوم لأخر، وكل يوم جديد يطالعنا باخبار العنف والعنف المضاد، وتأخذ الامور منحى تصعيدي يوحي بأن حل الازمة المصرية اصبح اكثر صعوبة وتعقيداً.
من نتائج ما يسمى بالربيع العربي الذي اتى بالاخوان المسلمين الى سدة الحكم في مصر والتي طالما حلموا بها، فمن المعروف بأن الاخوان لم يمارسوا هذه السلطة في مصر من قبل بسبب محاربتهم من قبل الانظمة السابقة التي حكمت مصر، فالاخوان اخطئوا وظنوا بأن السلطة التي وصلوا اليها سوف تبقى بأيديهم لوقت طويل، وباستطاعتهم ادلجة الدولة، ولكن هذه المسألة لاقت معارضة من قبل الكثير من المصريين، وتناسى الاخوان بأن الصناديق التي اوصلتهم الى هذه السلطة من الممكن ان تزيحهم عنها.
 ان قصر مدة الحكم التي مارسها الاخوان والتي حسب المراقبين لم تكن كافية لاظهار نتائج فعلية على ارض الواقع، ولكن من الممكن الملاحظة بأنه خلال سنة لم يتغير اي شيء في مصر بالنسبة للوضع الاقتصادي المتردي، وبالنسبة للسياسة الخارجية التي ابقت على العلاقات مع واشنطن على حالها كما كانت في عهد نظام حسني مبارك طمعاً في المساعدات الامريكية، وترتبط هذه المساعدات باحترام اتفاقيات السلام الموقعة مع اسرائيل.
فالتغيير الذي احدثه العسكر في مصر يحتاج الى وقت لمعرفة اسبابه واهدافه الحقيقية، فالهدف الواضح حتى هذه اللحظة هو اقصاء الاخوان المسلمين عن السلطة من خلال عزل الرئيس محمد مرسي، بحجة الاخطاء التي ارتكبها الاخوان المسلمين وعدم ارتياح الكثير من الشعب المصري لوصولهم الى سدة الحكم،  ولهذا السبب وقفت فئات من الشعب المصري التي كانت مؤيدة لنظام حسني مبارك فهذه الفئات تشعر بأن الاخوان المسلمين هم الذين قد اسقطوه وجاء الوقت للانتقام منهم.
ويبدو ان هناك فئات من الشعب المصري قد نسيت ما مارسه النظام الكتاتوري السابق الذي حكم مصر لمدة ثلاثين سنة ووجهت هذه الفئات معارضتها ضد حكم الاخوان، وقبول ما قام به ويقرره العسكر دون التفكير بالاهداف من اقصاء الاسلاميين عن الحكم، فهناك اسئلة يجب الاجابة عنها واهمها اهداف العسكر ومع من يتحالفون ومن يدعمهم، وهل هم سيذهبون بمصر الى الاستقلال التام عن واشنطن وعدم الاذعان لمساعداتها وعدم احترام اتفاقيات السلام المذلة، ام سيبنون نظاما يستمر بنفس السياسة التي اعتمدها انور السادات ومن بعده
نظام حسني مبارك بإخراج مصر من دائرة الصراع العربي الاسرائيلي وبالتالي اضعاف الامة العربية.
لا شك ان لمصر اهمية كبرى في الوطن العربي كأكبر دولة عربية ولها تأثير كبير في تقدم وضعف الامة العربية، فتصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بأن الدول العربية مستعدة لدعم مصر وتعويضها عن وقف المساعدات الامريكية والغربية تعتبر مسألة مهمة ان كانت جادة لترجع مصر الى احضان الوطن العربي الذي تسعى شعوبه الى ممارسة الحرية والديمقراطية وعدم بقاء الدول العربية مرتهنة اقتصاديا وسياسيا لواشنطن والدول الغربية الاخرى، والسكوت عما يفعله الاحتلال الاسرائيلي في الارض العربية وتهديد مقدرات ومقدسات العرب.
امام العسكر فرصة لتصحيح ما وقعت فيه مصر من خلال جرها الى معاهدات سلام مذلة، وعدم تكرار اخطاء الذين سبقوهم، وإلا ما معنى الانقلاب الذي قاموا به، ويجب على العسكر ان يبرهنوا ان مهمتهم هي حماية الشعب المصري بكل انتماءاته السياسية والدينية، وعدم السماح بالقتل والقمع على اساس الانتماء وعدم المساس بحرية المواطنين وعدم السماح بالاعتداء على الكنائس والمساجد، ان مصر على مفترق طرق خطير، فعلى جميع الاطراف ادراك ان القتل والعنف لن يؤديا إلا للمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار وشرذمة المجتمع.
 بل شك ان الذي يجري في مصر من قتل واقصاء وتضييق على الاعلام لا يدل حتى الان على ان اهداف ثورة 25 يناير المصرية التي قامت من اجل احترام حقوق الانسان وممارسة الديمقراطية والحرية واسقاط الدكتاتورية والظلم قد حققت اهدافها، فالمخاض المصري العسير ما زال مستمرا، ومن غير المعروف عما ستسفر عنه الاحداث التي تبدو انها مرشحة للتصعيد لا الى الحل.


صباحكم أجمل: في رحاب السلط/ زياد جيوسي


(الحلقة الأولى)
عدسة: زياد جيوسي

   شهور طويلة لم أتمكن فيها من زيارة عمّان الهوى، فمنذ شهر أيلول في العام الماضي مررت عبر عمان إلى دول أخرى مرور المسافر، فلم يتح لي فيها لقاء الأصدقاء ولا التمتع بالأمسيات العمّانية، وفي هذا العام لم تكتحل عيناي بالكحل العمّاني، إلا حين وصلتها في الخامس من حزيران للمشاركة في حفل زفاف عثمان ابن شقيقتي، وإنجاز بعض من قضايا العمل، وحين زرتها مررت بطريق وادي شعيب، عبر بلدتي الفحيص وماحص، فشاهدت من البعيد جبال السلط فثار الحنين لذاكرة قديمة ورغبة متجددة لزيارة السلط، ووصلت عمّان التي غمرتني بحنوها ودفئها وأمسياتها الثقافية والأدبية، فمن حفل توقيع ديوان (أنثى الفواكه الغامضة) للشاعر عاطف الفرايه في المكتبة الوطنية، إلى مسرحية (حلم ليلة ربيع عربي) حيث تألق الأصدقاء نادرة عمران وزهير النوباني، إلى أمسية شعرية للشاعر جميل أبو صبيح ومشاركة الدكتور عبد الفتاح النجار في قراءة نقدية، مع ملتقي الحدث الثقافي وفي تاج الثقافة في جبل اللويبدة، وبعدها أمسية شعرية في نفس المكان للشعراء جروان المعاني وحكمت العزة من الأردن، ونازك دلي حسن ومحمد طكو من سوريا، وليكون ختام حضوري الأمسيات العمّانية قراءة قصصية للكاتبة حنان باشا، وقدمتها عبر قراءة جميلة الكاتبة والقاصة المبدعة جميلة عمايرة، ولأختتم زيارتي للأردن الجميل، بتلبية دعوة لأمسية قدمني فيها بجمالية متميزة الشاعر جميل أبو صبيح حول المكان والتراث في فلسطين، وذلك في رابطة الكتاب الأردنيين في مدينة الزرقاء، تحدثت فيها عن العديد من الأمكنة في فلسطين، مع عرض صور التقطتها عدستي أثناء التجوال في ربوع الوطن ضمن سلسلة مقالاتي: صباحكم أجمل..

    كانت السلط تمثل في ذاكرتي مكاناً ساحراً يعود لمروري فيها فترة الشباب المبكر، وفي جولاتي المتعددة، وفي عدة مقالات لي أشرت إلى خيط سحري جميل يربط بين مدينة السلط العريقة وأحياء دمشق التراثية، وبين نابلس في فلسطين وبين المباني التراثية في مدينة عمان، وفي حواريات أدبية عبر المراسلة مع الكاتبة جميلة العمايرة، أشرت إلى ذلك وتحدثت معها حول ذاكرة الطفولة لكل من مدينة السلط وبلدة الرميمين وبلدة زي، لتفاجئني هذه الزهرة السلطية حين وصلت عمّان بترتيب دعوة وجولة لزيارة هذه الأمكنة الثلاث، فأثارت الحنين في تلافيف الذاكرة والذكريات.

   الخميس الثالث عشر من حزيران كانت الجميلة جميلة والأخ خالد عمايرة يرافقانني من خلدا حيث أقيم إلى السلط، فاتجهنا غرباً حيث عبق السلط يتمازج مع عبق فلسطين التي تشاهد بوضوح من تلال السلط، وما أن تجاوزنا الجامعة الأهلية حتى بدأت الذاكرة تتفاعل بقوة، فالمتغيرات كثيرة جداً، بدءاً من الطريق الواسعة التي لم تكن هكذا، مروراً بحجم المباني على التلال التي لم تكن إلا تلال حرجية وصخرية، فهمست لنفسي بالعبارة المألوفة: (سبحان الله،كون بده يعمر)، حتى كانت إطلالتنا على مدينة السلط، ولولا الكثافة العمرانية التي غطت التلال، فلا شيء في المشهد المواجه للمدخل من البعيد قد تغير، لذا شعرت بانشراح في صدري، وشعرت بالسلط تنثر عبقها على روحي، وتذكرت زيارتي الأولى لها في بدايات سبعينيات القرن الماضي، حين غمرتني بالفرح وغمرني أهلها بالكرم.

   مباشرة توجه بنا الأخ خالد للمنطقة الواقعة خلف المسجد في قلب المدينة، فنـزلت والكاتبة جميلة من السيارة حيث المباني الجميلة والتراثية المرممة ومنها مبنى المعشر الذي بني العام 1900م، ومبنى مديرية السياحة الجميل، والعديد من المباني التي ما زالت تحمل عبق التراث والجمال، وتروي الحكايات عن قصص الأجداد والجدات بلون حجرها الأصفر المتميز بطبيعته، وبعد تجوال في بدايات السحر السلطي الجميل مشينا باتجاه متحف آثار السلط، والذي كان في الأصل بيتاً بناه علاء الدين طوقان، حين قدم من مدينة نابلس إلى مدينة السلط في نهاية القرن التاسع عشر، وبني على نفس النمط العمراني الذي ساد في تلك الفترة في نابلس والقدس، وهو نمط جرى نقله من خلال العائلات ذات الأصول الشامية التي استقرت في فلسطين وخاصة في نابلس، ثم انتشر في بلاد الشام من سوريا إلى لبنان وفلسطين والأردن، وفي المتحف لوحة فيها مشهد بانورامي لمدينة السلط مع حكاية وتاريخ للبيت، والذي بقي سكناً لآل طوقان حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي، ليتحول إلى مدرسة، وفي منتصف الثمانينيات أصبح البيت مهجوراً، فجرت عملية ترميم له في التسعينيات ومنح لبلدية السلط، ومن ثم تحول إلى متحف تاريخي يروي حكاية السلط منذ بدايات التاريخ.


    يقال إن اسم السلط جاء نسبة لاسم القائد اليوناني بسالتوس الذي فتحها في عهد الأسكندر المقدوني، وفي فترة الرومان أطلقوا عليها اسم سالتوس وتعني أرض العنب والتين، ونلاحظ مدى التقارب بين بسالتوس اليوناني وسالتوس الروماني، وعبر الزمان تحرف الاسم إلى السلط، وكانت السلط مركزاً لأسقفية تتبع بصرى في حوران، ثم صارت تتبع البتراء في فترة البيزنطيين، وكانت السلط هدفاً لكل الغزاة بحكم موقعها وسيطرتها على الطريق المؤدي للأغوار وفلسطين، فاحتلها المغول ودمروا قلعتها التي بناها السلطان المالك حوالي 1220، على آثار تشير إلى أن أصل القلعة فترة البيزنطيين، وأعاد الظاهر بيبرس بناء القلعة العام 1266، وفرض الصليبيون على السلط الضرائب المرهقة بفترتهم، وبقيت قلعة السلط قائمة حتى دمرها مجدداُ إبراهيم باشا العثماني العام 1840م، ومن ذلك الوقت لم تعد القلعة قائمة لأن الدمار نالها من أساساتها. 
   الآثار التي وجدت تشير إلى أن السلط كانت موجودة منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، فهي من بدايات المدن المسورة في التاريخ، والتي لجأت لبناء الأسوار لتحمي المدينة، فقد لجأ سكان المستوطنات السكانية لبناء الأسوار للدفاع عن مدنهم أولاً، ولفرض السيطرة على المناطق المحيطة ثانياً، وفي السلط كانت منطقة تلة الحمام وتل الخندقوق الجنوبي من أوائل المستوطنات البشرية المسورة، وفي داخل أسوارها المباني السكنية ومغازل النسيج ومواقع صناعة الفخار.

   ما أن أنهيت تأمل مبنى متحف آثار السلط من الخارج والتقاط الصور، حتى دخلناه وقطعنا تذاكر الدخول وبدأنا التجوال، وفي كل قطعة تأملتها كنت أستحضر تاريخ وحكايات سيكون لها لقاء في الحلقة القادمة من رحلتي للسلط والرميمين وزي.
   صباح رام الله ناعم النسمات اليوم مع غيوم تتناثر في الجو، ما يوحي بجو معتدل الحرارة فحمدت الله، فهذا سيتيح لي زيارة الأقصى الذي يحرمني الاحتلال من زيارته إلا في أيام الجمعة من رمضان بحكم السن، بجهد أقل، فالإجراءات الاحتلالية مع الألوف المؤلفة التي تزور القدس يوم الجمعة في رمضان، تجعل الإرهاق والتعب ينال مني، وخصوصاً مع المشي تحت أشعة الشمس لمسافات طويلة نسبياً في ظل الصيام، فتذكرت ما مشيته كطائر محلق أثناء رحلتي للسلط وتجوالي فيها، وحجم الفرح الذي انتابني وانتفى من خلاله أي شعور بالتعب، فبدأت مع حديث الذاكرة وزيارة السلط أستمع لشدو فيروز وهي تشدو: (على ذرى أردننا الخصيب، الأخضر العابق بالطيوب، الساحر الشروق والغروب، سمعتها تقول يا حبيبي، صبية حسناء من بلادي، سمعتها بلهفة تنادي، يا مالك الوجدان والفؤاد، أردن يا أردن يا حبيبي).
   وحتى نلتقي في الحلقة الثانية من حكاية السلط وتجوالي فيها، إن كتب الله لنا ذلك، سأعود إليكم بعبق القدس والتاريخ والجمال، وأهمس لكم الآن من رام الله: صباحكم أجمل...
(رام الله 19 تموز 2013)

حيدر آباد عاصمة لولايتين هنديتين/ د. عبدالله المدني

مرر البرلمان الهندي بموافقة الائتلاف الحاكم الذي يقوده حزب المؤتمر مؤخرا تشريعا يجيز انشاء ولاية هندية جديدة تحت اسم ولاية "تيلانغانا" ليصبح عدد ولايات الاتحاد الهندي 29 ولاية (بعد أن كان عددها 16 ولاية فقط في  عام 1971) إضافة الى المقاطعة الاتحادية التي تقع في نطاقها العاصمة نيودلهي. والولاية الجديدة سوف تستقطع من أراضي ولاية "أندرا براديش" المطلة على بحر العرب ذات التاريخ العريق والتي أصبحت في السنوات الأخيرة قلعة للبرمجيات وعلوم الحاسوب، على أن تظل العاصمة "حيدر آباد" عاصمة للولايتين خلال السنوات العشر القادمة. ويأتي هذا التطور إستجابة لرغبات الكثيرين من أبناء ولاية "أندرا براديش"، التي يسكنها اليوم نحو 40 مليون نسمة وتتكون من 23 مقاطعة سيلتحق عشر منها بالولاية الجديدة، ممن إتهموا الحكومة المحلية للولاية ومجلسها التشريعي بإهمال تلك الولايات العشر، ورأوا أن في إنسلاخها فرصة لايلائها اهتماما يتوافق مع تطلعات ابنائها، الذين قتل منهم 400 شخص خلال نضالهم واحتجاجاتهم من أجل تحقيق هذا الهدف منذ عام 1969 ، وبالتالي نيلهم قدرا من الازدهار الاقتصادي الموجود في المقاطعات الاخرى من "أندرا براديش".
ويقول المتابعون للشأن الهندي المحلي أنه على الرغم من أن هذه الخطوة جاءت إستجابة لمطالب شعبية مستمرة منذ نصف قرن، ولإزالة الإحتقان الداخلي الذي سببه أحد قادة تقسيم الولاية وزعيم حزب "راشتراساميتي بارتي" السيد "تشاندرا سيكارا راو" بإضرابه عن الطعام إلى أن يـُستجاب لطلبه وطلب أنصاره، فإنها - أي الخطوة - ذات علاقة بالانتخابات العامة التي ستجري في العام القادم على المستويين الاتحادي والمحلي، وذلك بمعنى أن حزب المؤتمر يسعى من وراء دعمه للقرار المذكور تحسين فرصه الانتخابية في ولاية "أندرا براديش" التي يمثلها في البرلمان الاتحادي 42 نائبا.
ويعتبر هذا الحدث سابقة في تاريخ الهند الحديث، حيث لم يسمح لأي ولاية تكونت من مجموعة من السكان من ذوي الثقافة واللغة المشتركة بالانقسام في الماضي، وإن كانت البلاد قد شهدت في عام 2000 إنسلاخ أراض من ولايات قائمة لتأسيس ولايات جديدة ذات ثقافة مختلفة عن ثقافة الولايات المُـنسلخ عنها. ففي ذلك العام ظهرت ولاية "تشاهاتيسغار" منسلخة من أراضي ولاية "ماديا براديش"، وظهرت ولاية "أوتارا كاند" منسلخة من ولاية "أوتار براديش"، وظهرت ولاية "جهار كاند" منسلخة من ولاية "بيهار". والمفارقة هنا أن ولاية "أندرا براديش" التي قادت عملية ترسيم حدود الولايات الهندية وفق لغات وثقافات سكانها في خمسينات القرن الماضي، وبما أدى إلى ظهور ولايات جنوبية ووسطى مثل ولاية "كارناتاكا" التي يتحدث أهلها لغة موحدة تسمى "كانــّدا، وولاية "مهاراشترا" التي يتحدث أبناؤها لغة الـ "ماراتي"، وولاية "كيرالا" التي تتحدث لغة الـ "ملايالام"، وولاية "البنجاب" التي تتحدث البنجابية، وولاية "غوجرات" التي تتحدث الغوجراتية.
وطبقا لبعض المراقبين فإن هناك مخاوف من أن تشجع هذه الخطوة أبناء ولايات هندية أخرى على طلب الانسخلاخ في ولايات جديدة، خصوصا وأن هذا المنحى واضح في مقاطعة "بونديل كاند" الواقعة في أواسط ولاية "ماديا براديش"، وفي مقاطعة "فيداربا" الواقعة إلى الغرب من ولاية "مهاراشترا" ذات الثقل الاقتصادي لوقوع ميناء بومباي ضمن نطاقها، وفي مقاطعة "غوركالاند" الواقعة ضمن أراضي ولاية "البنغال الغربية". غير أن المتوقع هو أن يصبر هؤلاء قبل تصعيد مطالبهم ليروا إن كانت ولاية "تيلانغانا" المستحدثة قابلة للحياة، لاسيما وأنها ولاية لا تطل على البحر بحسب حدودها المرسومة. والمعروف أن 40 بالمائة من سكان الهند يتحدثون لغاتهم الخاصة، مع تحدث شيء من الهندية من وقت إلى آخر. والمعروف أيضا أن باني إستقلال الهند وأول رؤساء حكوماتها "جواهر لال نهرو" كان معارضا لمنح اللغات المناطقية إهتماما كبيرا بحيث تؤسس وفقها حدود الولايات، وذلك خوفا من إنبعاث الروح الانفصالية المهددة لوحدة التراب الهندي يوما ما.
غير أن ما خشي منه نهرو قبل ستة عقود، صار بمرور الوقت حقيقة واقعة، ولاسيما في العقدين الأخيرين اللذين تميزا ببروز الأحزاب السياسية المحلية وتمكنها من تعزيز مواقعها على حساب الأحزاب الوطنية الكبرى العابرة للولايات كحزب المؤتمر، وبهاراتيا جاناتا، وجاناتا دال، والحزب الشيوعي، بحيث صارت رقما صعبا في التحالفات السياسية اللازمة لتشكيل الحكومات الاتحادية. وبطبيعة الحال فإن معظم هذه الأحزاب المحلية يمارس دوره الضاغط من خلال شعبيته المتأتية من إنحيازه للهوية المناطقية والثقافية. ويمكن هنا التدليل على صحة هذا الكلام بأنه منذ عام 1989 لم يستطع أي حزب من أحزاب الهند الكبرى أن يحصل على أغلبية برلمانية تتيح له تشكيل حكومة غير إئتلافية.
والحقيقة ان قرار الحكومة الهندية وبرلمانها الاتحادي الاخير لا يفتح الباب فقط امام حالة من التشظي للولايات الهندية القائمة الى ولايات اصغر حجما واقل سكانا، وإنما يفتح الباب أيضا امام تساؤلات كثيرة حول مسائل الهوية والنزعات الثقافية والجهوية وكيفية تعامل كبرى ديمقراطيات العالم معها. فمثل هذه المسائل والقضايا شكلت على الدوام تحديات للحكومة الاتحادية في نيودلهي بسبب تأثيرات دول الجوار عليها، ولاسيما باكستان وسريلانكا اللتين شهدتا مآزق مماثلة، ناهيك عن اسباب اخرى مثل تبني بعض الاحزاب الهندية الصغيرة لفكرة تفتيت ولايات كبيرة الى ولايات اصغر حجما وسكانا كي يسهل عليها التحكم بها سياسيا في مواجهة حزب المؤتمر العريق. فعلى سبيل المثال لا تخفي رئيسة الحكومة المحلية لولاية "أوتار براديش" والشريكة في الإئتلاف الحاكم السيدة "ماياواتي" رغبتها في تقسيم هذه الولاية الكبيرة والمزدحمة، التي يسكنها نحو 170 مليون نسمة  من ذوي الافكار السياسية المختلفة والرؤى المتباينة لجهة الاستغلال الامثل والتوزيع الاعدل للثروات، ولجهة كيفية معالجة البيروقراطية المتفشية في اوصال الدوائر الرسمية إلى ولايات أصغر كي يكون لها الكلمة الفصل في ادارة إحداها دون منازع.
واخيرا فإن قرار البرلمان الاتحادي الهندي حول إنشاء ولاية "تيلانغانا" ينتظر، طبقا للإجراءات الدستورية والقانونية، موافقة المجلس التشريعي للولاية المعنية بالأمر بالدرجة الأولى وهي ولاية "أندرا براديش"، فهل سيوافق الأخير فيخلق بذلك سابقة يتخوف منها الكثيرون؟
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: أغسطس 2013 
الايميل: Elmadani@batelco.com.bh

انتابني طيف الأسرار/ محمد أوقري


رقـــــــم 29

انتابني طيف الأسرار

فانتصبت أمامي بطولات الثوار

وأمجاد الكبار

لمحت خفة الصغار

وشوارع كأن مقاهيها منصات للانتحار

وبلادا كل ما فيها ينذر بالإنفجــــار


قرأت  في طيف الأسرار

علامات الفـــــــقر

وشدة القـــهــــــر

وما يكفي لإسدال الستار

فقد سئم الناس

طول الانتظار


قلبت شريط  الأسرار

 لاح  ليل  الظلام

يسري في الأحلام

يسودها

فتبدو  كالأوهام

يبني في دمي وطنا

للأقزام

يرسل الرياح عواصف

تمحو أثر الأقدام

تتلف الأوراق

تكسر الأقلام

تبعثر حروف القصيدة

حين تنشد  للسلام

تغتال الفرح

وما بقي من حمام


اخرج أيها الليل  من دمي

فأنا لست عابد أصنام

وأنت لست سوى اله

من خشب

وخرافة جادت بها خطب الإمام

.من غابر الأيام

                            يا طيف الأسرار

إني أرى فيما أرى خرابا للديار

 فتمعن فيما حولك

سترى إشارة الإعصار

وطفولة تفتح الشباك

لضوء النهار

تعيد ترتيب الأدوار

كي تمحو معالم الذل

وتبني وطنا  للأفكار

فالبلاد على حافة  الإنهيار .

من المغرب

جوزيف ابو فاضل: مقبلون على تفجيرات واغتيالات نتيجة حكومة النأي بالنفس

حذر الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل من أنّ الجريمة الإرهابية التي وقعت في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت ليست سوى البداية، متوقعا حصول ما هو أفظع في المرحلة المقبلة، معربا عن اعتقاده بأننا مقبلون على تفجيرات ومشاكل واغتيالات نتيحة حكومة النأي بالنفس ومواقف المسؤولين في الدولة.
وفي حديث إلى برنامج "حوار اليوم" عبر قناة الـ"OTV" أداره الإعلامي رواد ضاهر، استهجن المواقف التي ظهرت عن قوى الرابع عشر من شباط، كما سمّاها، بعيد التفجير الأخير، إذ دانته "بشقّ النفس" ولم يتردّد بعض في تحميل حزب الله مسؤوليته بسبب قتاله في سوريا، معتبرا أنّ هذه القوى تدّعي أنها تحبّ الحياة لكن تبيّن أنها تحبّ "الحيّات والعقارب" ليس إلا.
ورأى أبو فاضل أنّ الظروف والأحداث القادمة سوف تجمع المختلفين داخل صفوف قوى الثامن من آذار ولا سيّما رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، موضحا أنّ "الخطر القادم على لبنان سوف يفرض عليهم أنّ يجتمعوا"، كما شدّد على وجوب أن يتفق المسيحيون أيضا لمواجهة ما هو آت، معتبرا أنّ المسيحيين ألغوا نفسهم بنفسهم بسبب خلافاتهم، وهم اليوم مستهدَفون في لبنان وفي المنطقة.
وفيما أعلن أبو فاضل تأييده للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الحرب التي أعلنها على الجماعات الإرهابية والتكفيرية، أعرب عن اعتقاده بأنّ هذه الحرب ستكون طويلة وهي ليست لعبة، وشدّد في المقابل على أنّ إعلان بعبدا ليس إنجيلا ولا قرآنا، وهو يمكن أن يُعدّل، لافتا إلى أنّ الدستور نفسه يخضع للتعديل.
وإذ اعتبر أبو فاضل أنّ المطلوب اليوم إفراغ المنطقة، مشدّدا على أنّ الأقليات في المنطقة، وفي مقدّمهم المسيحيون، مستهدَفون في الصميم، تحدّث عن خطة شاملة في المنطقة لاسقاط الإسلام المعتدل لمصلحة إسرائيل، مستهجنا محاولات البعض التقليل من خطورة هذا الموضوع وخروج هؤلاء بشعارات على غرار "فليحكم الإخوان"، وقال: "نحن أمام مرحلة مصيرية في المنطقة فإما أن ينتصر الحكم الوهابي أو يفشل".

ما حصل في الرويس هو البداية
أبو فاضل اعتبر أنّ ما رأيناه في الرويس ليس آخر عنقود الارهاب بل هو البداية، مشيرا إلى أنّ ما هو آتٍ قد يكون أفظع مما حصل، لافتا إلى أنّ المنطقة فيها خلاف سني شيعي وهذا الخلاف يستشري. وتوقف عند استلام الأمير بندر بن سلطان رئاسة الاستخبارات السعودية والدلالات التي يحملها بين طيّاته، موضحا أنّ للرجل ارتباطات بوسائل الاستخبارات الدولية وخاصة مع الأميركيين، وقال: "هذا الخلاف فيه كره لإيران وبغض لإيران وهو خلاف عقائدي ديني قديم بين المسلمين أنفسهم أي بين السنّة والشيعة، وعلى أساسه يعتبرون ان انتصار ثورة الامام الخميني وقيام الجمهورية الاسلامية في ايران يحد من نفوذ الخليج".
ورأى أبو فاضل، ردا على سؤال، أنّ حصول هذه التفجيرات اليوم بهذه النوعية يأتي لأنّ حزب الله ينتصر في حين أنّه ممنوع على الحزب أن ينتصر، كما أنّ المطلوب من النظام السوري أن يسقط والمطلوب من الأتراك أن يضغطوا على السوريين وذلك لكي تكتمل المؤامرة ويتمّ إحباط أيّ مواجهة أو مقاومة لها.

مقدمون على اغتيالات وتفجيرات
ولفت أبو فاضل إلى سيطرة الجماعات المتطرّفة والتكفيرية على ما سُمّي بالثورة السورية، لافتا إلى أنّ ستين ألفا من أصل سبعين ألفا من المقاتلين في سوريا أتوا عبر الحدود التركية، وهم أتوا انطلاقا من عقيدة دينية إيمانية هي في الواقع عقيدة تكفيرية ليس إلا، وكشف في هذا السياق عن مجزرة جديدة ارتكبها هؤلاء المسلحون في وادي النصاري في ريف حمص، حيث قتلوا خلال الساعات الماضية 11 شخصا لم يقترفوا أيّ ذنب.
وردا على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ المطلوب اليوم إفراغ المنطقة، مشدّدا على أنّ الأقليات في المنطقة، وفي مقدّمهم المسيحيون، مستهدَفون في الصميم، مستغربا خروج البعض ليقولوا أنّ الأقليات غير مستهدَفة، معربا عن اعتقاده بأنّ كل من يقول هذا الكلام ليس لديه دماغ ولا يفهم في السياسة، وحذر من أنّ هناك مشكلة كبيرة على هذا الصعيد تواجهها المنطقة بأسرها، منبّها إلى أنّ هذه المشكلة في طريقها إلى لبنان بقوة، قائلا: "نحن مقدمون على اغتيالات ومشاكل وتفجيرات وكل شيء نتيجة حكومة النأي بالنفس ومواقف المسؤولين في الدولة وهذا التقاعس في المحاسبة".

بندر انتزع من الورقة من الأتراك والقطريين
وإذ اعتبر أبو فاضل، ردا على سؤال، أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على خطأ في قراءته السياسية لواقع الأمور الراهنة، مشيرا إلى أنّ أحدا ليس معصوما وأنّ هناك ملوكا وأصحاب أمبراطوريات يخطئون أيضا، لفت إلى أنّ سليمان ربما لم يدرك بعد أنّ رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان انتزع الورقة من القطريين والأتراك وكل العالم وباتت الورقة الأقوى بيده، وبالتالي بات هو من يتحكم بأحداث المنطقة.
وتساءل أبو فاضل عمّا إذا كان سليمان مثله مثل رئيس حكومة "النأي بالنفس"، كما سمّاها، في إشارة إلى حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، لا يرى أنّ الوهابيين هم من باتوا في الصدارة متقدّمين حتى على "الاخوان المسلمين"، لافتا إلى أنّ مصر تشتعل بين قسمين من المسلمين المسلم المعتدل و"الاخوان".
وخلص أبو فاضل من كلّ ذلك إلى أنّ الورقة القوية هي اليوم بيد الأمير بندر، لكنه أكد أنه لا يحمّله مسؤولية كل شيء يحصل في المنطقة باعتبار أنّ لا احد يستطيع العمل بمفرده، وقال: "إذا كان الأميركيون من يضغطون في هذه المرحلة، فربما عرفوا على من يضغطون".

خطة شاملة لإسقاط الإسلام المعتدل لمصلحة إسرائيل
ولفت أبو فاضل إلى ظاهرة برزت بشكل واضح في الآونة الأخيرة، وهي ظاهرة هروب عناصر "القاعدة" والإرهابيين والتكفيريين من السجون في العراق وباكستان وأفغانستان وليبيا وغيرها من الدول وكذلك من لبنان، ليتمّ العثور بعد فترة على جثثهم في سوريا، ما يعني أنهم ذهبوا للقتال هناك، ملاحظا أنّ هذه الظاهرة لم تكن موجودة في السابق، متسائلا في الوقت عينه عن كيفية خروج هذه المجموعات الوهابية التكفيرية من زنازينها. 
وتحدث أبو فاضل عن وجود خطة شاملة في المنطقة لاسقاط الإسلام المعتدل لمصلحة إسرائيل، مستهجنا محاولات البعض التقليل من خطورة هذا الموضوع وخروج هؤلاء بشعارات على غرار "فليحكم الإخوان"، معتبرا أنّ إطلاق هذا الشعار هو بحدّ ذاته "وصمة عار" على صاحبه ودليل على أنه لا يفهم في السياسة، وقال: "نحن أمام مرحلة مصيرية في المنطقة فإما أن ينتصر الحكم الوهابي أو يفشل".

معلومات غصن نتيجة تحقيقات وهو لا يخترع
وبالعودة إلى الجريمة الإرهابية التي وقعت في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت هذا الأسبوع، فقد توجّه أبو فاضل إلى أهالي الضاحية بشكل عام وإلى ذوي الشهداء بشكل خاص بأحرّ التعازي كما تمنى للجرحى الشفاء العاجل، ورأى أنّ هذا العمل الجبان يحمل بصمات جماعات متخصصة ومتطرفة وليست هاوية بأيّ شكل من الأشكال، مؤكدا أنّ الهدف كان إلحاق الأذية بالمدنيّين بشكل كبير، وهذا ما ظهر بوضوح من خلال وزن العبوة التي استُخدمت في تفجير السيارة المفخخة كما في طبيعة هذه العبوة والدمار الذي أحدثته في مسرح الجريمة.
وإذ أقرّ أبو فاضل بوجود تقصير من قبل السلطات المعنية على هذا الصعيد، لفت إلى البيان الصريح الذي صدر عن وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن والذي سمّى الأشياء بأسمائها للمرة الأولى، ملاحظا أنّ وزير الدفاع عندما يعلن ما أعلن عنه، فهذا يعني أنّ المعلومات وصلته من مديرية المخابرات وبالتالي من قائد الجيش العماد جان قهوجي شخصيا، مشددا على أنّ الوزير غصن لا يخترع المعلومات التي يذكرها بل إنّ هذه المعلومات أتته نتيجة تحقيقات، مذكّرا في هذا السياق بالحملة التي سبق أن تعرّض لها الوزير غصن يوم تحدّث عن وجود لتنظيم "القاعدة" في لبنان، وكانت من نتائجها حالة الفوضى الأمنية التي يشهدها لبنان اليوم.

لا يحبّون الحياة بل الحيّات!
أبو فاضل، الذي رفض تسمية الفريق الآخر بـ"14 آذار" باعتبار أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وحده يختصر حركة "14 آذار"، استهجن بشدّة مواقف فريق "14 شباط"، كما سمّاها، من جريمة الرويس الإرهابية، معتبرا أنّ إدانة هذا الفريق للجريمة الوحشية أتت "بشق النفس" بل إنّ معظم أركان هذا الفريق لم يتردّدوا في تحميل حزب الله المسؤولية عما حصل ولو بشكل غير مباشر، تحت عناوين وذرائع شتّى.
ورأى أبو فاضل أنّ هذا الفريق يدّعي أنه "يحبّ الحياة" كما يقول شعاره الشهير فيما يتحالف دون تردّد مع القتلة والمتطرفين ويدافع عنهم ويبرئهم، وقال: "تبيّن بوضوح أنهم لا يحبون الحياة بل لعلّهم يحبون الحيّات والعقارب".
وردا على سؤال، لاحظ أبو فاضل أنّ المناطق التي يُشتبه بأنّ إعداد السيارات المفخخة يحصل فيها هي للأسف مناطق محسوبة على الطائفة السنّية الكريمة، معتبرا أنّ دخول الجيش لهذه المناطق وفرض الأمن فيها من شأنه إراحة البلد وإعادة الأمان والاستقرار إليه، وأكد أن بين السنّة قيادات واعية وحكيمة، لكنه لفت إلى أنّ هذه القيادات تمثل ثلاثين بالمئة من الشارع "إلا أنها لا تستطيع التأثير في الطائفة، إذ إنّ العصبية أقوى منهم، ويجب أن يتصرفوا كتكفيريين حتى يحظوا بالاهتمام".

إما نحن في السلطة أو خذوا ما يرضيكم...
وفي سياق آخر، رأى الكاتب والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل أنّ تيار المستقبل وآل الحريري فرضوا معادلة جديدة في البلد عنوانها "إما نحن في السلطة أو خذوا ما يرضيكم"، في إشارة إلى أنّ هذا التيار جاهز بل قادر على إعادة تهدئة الشارع بصورة تلقائية فور عودته للسلطة، التي تشكّل عقدته الأولى والأخيرة. 
وأوضح أبو فاضل أنه لم يعد بخافٍ على أحد الرابط المباشر بين آل الحريري والمتطرفون الذين ظهروا في الأشهر الأخيرة، ولا سيما أولئك الذين يذهبون وينسقون في تركيا ومصر والذين سقط لهم قتلى في سوريا منذ الأيام الأولى للحرب والذين وصلوا لمرحلة إرسال الانتحاريين إلى سوريا، وقال: "لا يمكننا أن نصدّق أنّ كلّ هؤلاء بعيدون عمليا عن آل الحريري أو عن أحمد الأسير الذي لم يكن في النهاية سوى أداة لتيار المستقبل"، وأضاف: "الغريب أنّ نائبي صيدا بهية الحريري وفؤاد السنيورة تبرآ الآن من أحمد الأسير، وكأننا لا نعرف من الذي موّل الأسير ومن الذي دعمه، كما أننا لم ننسَ بعد كيف نشرت النائب الحريري عرض الجيش يوم سقط الأسير ولم توفر أي ضابط من ضباطها من حملتها الشهيرة على المؤسسة العسكرية حينذاك".

خطأ حزب الله وحركة أمل التاريخي
وقلّل أبو فاضل من شأن مواقف رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الأخيرة، معتبرا أنّ "البيك" لا يزال "بالسيليكون السوري ينفخ نفسه"، معربا عن اعتقاده بـ"أننا وصلنا إلى هنا بسبب غنج وليد جنبلاط"، موضحا أنّ القوى السياسية لم تجرِ الانتخابات وبقي البلد فالتا لا لشيء سوى كرمى لعيون جنبلاط.
واعتبر أبو فاضل أنّه "لو سار البلد ديمقراطيا كان البلد بألف خير"، موضحا أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون كان مهيئا للفوز في المنطقة المسيحية في هذه الانتخابات، وبالتالي كان مستعدا لتغيير سياسة البلد عن بكرة أبيها، مجددا القول أنّ حزب الله وحركة أمل ارتكبا خطأ تاريخيا على هذا الصعيد عندما سارا بخيار التمديد للمجلس النيابي وبالتالي تأجيل الانتخابات النيابية التي كان يفترض أن تحصل في مواعيدها الدستورية، وقال: "لو ساروا بقانون اللقاء الارثوذكسي كنا اليوم بالف خير وكان الوضع يختلف تماما في لبنان، لكن بعد أن وصلنا لما وصلنا إليه علينا أن نستعد لأننا سنرى الكثير بعد فقد تدهورت حالة البلد لان كل واحد كان باله يمدد لنفسه".

نصرالله لم يهدد الداخل ورده سيطال الخارج
وردا على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ ردّ حزب الله على استهداف الضاحية الجنوبية لن يكون في الداخل، مشيرا إلى أنّ ردّه سيكون خارجيا، لافتا إلى أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحا في خطابه الأخير وهو لم يهدّد الداخل بأي شكل من الأشكال بل نبّه جميع الفرقاء من الانجرار لما يُدبّر لهذا الداخل والمنطقة بشكل عام، وهو الذي قال أنّ من يدمّر المنطقة اتخذ قراره بتدمير لبنان أيضا.
وجدّد أبو فاضل إعلان تأييده لمشاركة حزب الله في القتال في سوريا، موضحا أنّ الحزب ذهب إلى سوريا للقضاء على رأس الأفعى، مشيرا إلى أنه لو لم يفعل ذلك لكان المتطرفون والإرهابيون هم من أتوا إلينا وما يحصل اليوم في الضاحية خير دليل على صحة هذه النظرية، وقال: "من يضربون الضاحية اليوم يوجّهون رسالة للحزب مفادها أنهم أتوا إليه في عقر داره وفي قلب معقله"، وأضاف: "انطلاقا من كل ذلك، يجب أن يكون كلّ مواطن اليوم خفيرا ولا يتّكل فقط على الدولة والأجهزة الأمنية، لأنّ المرحلة مصيرية وعلى كلّ مواطن أن يساهم في حماية نفسه وحماية البلد".

الخطر القادم سيفرض على عون وبري وفرنجية الاجتماع
وأكد أبو فاضل، ردا على سؤال، أنه يراهن على حزب الله وعلى وعي المسيحيين، محذرا من أنّ استمرار الأمور على ما هي عليه يعني أنّ المسيحيين هم مستهدفون في لبنان، لافتا إلى أنهم ألغوا نفسهم بنفسهم بسبب خلافاتهم "وانظروا إلى أين وصلنا بسبب هذه الخلافات".
وشدّد أبو فاضل على وجوب أن يتفق المسيحيون اليوم "لأنّ ما وصلنا إليه لا يمكن الاستمرار به"، لافتا في الوقت عينه إلى أنّ الظروف والأحداث القادمة سوف تجمع المختلفين داخل صفوف قوى الثامن من آذار ولا سيّما رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، موضحا أنّ "الخطر القادم على لبنان سوف يفرض عليهم أنّ يجتمعوا".

"أنتينات" جنبلاط المعطّلة
وفيما جدّد أبو فاضل الحديث عن وجود نية لرمي حزب الله والتيار الوطني الحر خارج الحكومة العتيدة، اعتبر أنّ عملية تأليف الحكومة بات مثل قصة العصا والجزرة، خصوصا بظلّ وجود حكومة تصريف أعمال لا تزال تعمل، "وكأنّ السعودية تقول لقوى الثامن من آذار نفذوا ما يريده الرئيس نجيب ميقاتي وإلا نشكل حكومة الأمر الواقع برئاسة سلام".
ولم يعلّق أهمية كبرى لموقف النائب وليد جنبلاط على هذا الصعيد، مشيرا إلى أنّ جنبلاط لم يعد يستطيع وهو بدأ "ينفسخ"، لافتا إلى أنّ السعودية لم يعد يريد أقوالا من جنبلاط بل أفعالا، وجدّد القول أنّ "أنتينات" جنبلاط تعطّلت ولم تعد تعمل في زمن الأقمار الصناعية، مستغربا كيف أنّ جنبلاط ما زال مصرّا على أنّ النظام السوري سيسقط، مشيرا إلى أنه لم يعد على معرفة بالأجواء الحقيقية.

السيد نصرالله يغلي
وردا على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز مريض وقدرته على معالجة الأوضاع بطيئة وكذلك الأمر ولي العهد وأيضا نائب رئيس الحكومة الامير مقرن، معتبرا أنّ الناشطين اليوم في العائلة المالكة لا يتعدّون الاثنين أو الثلاثة على أبعد تقدير، وفي مقدّمة هؤلاء الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية إضافة إلى الأمير بندر بن عبد العزيز الذي اجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يعني أنّ له دورا رئيسيا في هذه المرحلة نظرا لأهمية اللقاء مع بوتين.
وإذ جدّد الحديث عن هجوم على سوريا لإسقاطها، مشيرا إلى "أنّهم يقومون بالمستحيل ليضربوا هذا المحور ويفتّتوه"، لفت إلى أنّ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بدا في خطابه الأخير "وكأنه يغلي"، ملاحظا أنّ خطابه هذا أتى بعد خطاب شيعي خرج به السيد نصرالله للمرة الأولى عمليا، معللا ذلك بقوله أنّ حزب الله والشيعة مستهدفون في لبنان، كما لفت إلى تركيز السيد نصرالله على معادلة الجيش والشعب والمقاومة ووصفه لها بالذهبية، معتبرا أنّ معنى ذلك أنّ ولادة حكومة لا ينصّ بيانها الوزاري على هذه المعادلة هي في الواقع من سابع المستحيلات.

الاتفاق بين المسيحيين يجب أن يحصل
وفيما استغرب أبو فاضل مطالبات البعض بتسليم سلاح المقاومة وهم الذين يريدون قتالها بسلاحها، اعتبر أن قوى "14 شباط"، كما سمّاها، تبيّن أنها متحالفة مع الكفار ومع المتطرفين والتكفيريين والإرهابيين، مذكّرا بأنّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري نام في سوريا نوما هنيئا لم ينم مثله لا في قريطم ولا في باب الوسط، مشيرا إلى أنّ مشكلة هؤلاء هي السلطة، محذرا من أنّ ما قالوه عن مساواة في عدم المشاركة في الحكومة العتيدة هو في الواقع فخ يحاولون نصبه لحزب الله.
وشدّد أبو فاضل على أنّ الاتفاق بين قوى الثامن من آذار بات ضروريا كما أنّ الاتفاق بين المسيحيين يجب أن يحصل، وقال: "نحن وكل الطوائف الاخرى من شيعة وعلويين وحتى السنّة مستهدفون اكثر منا كما قال الأمين العام لحزب الله".

الجوزو مسؤول معنويا عن متفجّرة داريا
وإذ لفت أبو فاضل إلى قضية رئيس بلدية عرسال علي الحجيري المطلوب للقضاء بتهمة قتل عسكريين فيما هو يطلّ عبر وسائل الاعلام ويتنقل بمواكب كما يحلو له، أشار في المقابل إلى أنّ مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو مسؤول عن متفجرة داريا معنويا، لافتا إلى أنّ الجوزو هو الذي عيّن إمام مسجد داريا، وبالتالي يجب التحقيق معه، إذ إنّ لديه مسؤولية مفترضة.
وردا على سؤال، أكد أبو فاضل أنه يعرف أنّ حزب الله يستطيع أن يقاتل التكفيريين، وقال: "حزب الله لديه قوة ولديه مجموعة اذا وضع يده بيد الدولة يستطيعون إنجاز عمل مهم"، ونفى أن يكون الحزب يحلّ محلّ الدولة.

إعلان بعبدا ليس إنجيلا ولا قرآنا
وإذ أشاد أبو فاضل بتوصيف العماد ميشال عون للدولة على أنها مسلوبة ومنهوبة، أسف لغياب متطلبات الحدّ الأدنى من أمن واقتصاد عنها، مشيرا إلى أنّ الليرة اللبنانية كانت لتنهار لولا وجود شخص يسهر عليها كحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وأيّد أبو فاضل حديث رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الأخير الذي وصف فيه إعلان بعبدا بأنه حبر على ورق باعتبار أنه ولد ميتا، مذكّرا بأنّ الفريق الآخر يشارك في القتال في سوريا منذ اليوم الأول، مستشهدا بكمين تلكلخ الشهير كدليل على ذلك، ولفت إلى أنّ إعلان بعبدا ليس إنجيلا ولا قرآنا، وهو لو كان دستوريا يمكن أن يُعدّل.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ المقاومة هي للدفاع عن لبنان، "وبالتالي إذا كان ما يحصل في سوريا تهديدا للبنان فإنّ  واجبها أن تدافع عن لبنان كما أنّ واجبها أن تكون حيث يكون الصهاينة".

للعفو عن السجناء وإطلاقهم
من جهة ثانية، وفي انتقاد مبطن لسكوت الدولة عن الكثير من المجرمين، وبينهم مطلوبون بقرارات اتهامية على غرار رئيس بلدية عرسال علي الحجيري، اقترح أبو فاضل إصدار عفو عن كلّ السجناء في الدولة اللبنانية وإطلاقها، وقال: "لم يعد هناك أيّ قيمة لشيء في هذا البلد، ونحن عمليا بتنا نعيش شريعة الغاب".
وإذ استهجن شماتة البعض بانفجار الرويس والتضامن المزيّف الذي أظهره البعض على هذا الصعيد، وجّه تحية لوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل الذي يقوم بعمل مهم على هذا الصعيد.
وحذر أبو فاضل من أننا مقبلون على مشاكل بكل تأكيد في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنّ المناطق الاكثر امانا هي المناطق المسيحية والدرزية ولكن في مرحلة ثانية ستصبح المناطق المسيحية مستهدفة ايضا من قبل التكفيريين، وقال: "نحن نذهب نحو الهاوية والرجال المسيحيون يُستهدفون في كل المنطقة".

تركيا مسؤولة عن خطف المطرانين
وفيما نفى أبو فاضل وجود معلومات لديه عن المطرانين المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، حمّل مسؤولية خطفهما لتركيا.
وأكد أبو فاضل أنه ضدّ الخطف عموما، لكنه رأى أنّ خطف الطيار التركي ومساعده قوّت من صلابة موقف السلطة اللبنانية بشكل غير مباشر للعمل على إطلاق المخطوفين اللبنانيين في أعزاز وخصوصا موقف وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، مشيرا إلى أنّ عملية الخطف المذكورة حرّكت المفاوضات المجمّدة بقضية مخطوفي أعزاز.

الحرب طويلة وليست لعبة
وبالعودة إلى الوضع الداخلي، شدّد أبو فاضل على وجوب أن يتحرّك قائد الجيش العماد جان قهوجي فورا لضبط الأمن وتوقيف كل المخلين والعابثين بالاستقرار، لافتا إلى أنه لا يحتاج لغطاء سياسي، مشيرا إلى أنّ كل الناس تؤيد قيادة الجيش في ذلك، "حتى أن بهية الحريري مع الجيش وقد أقامت إفطارا تكريميا له كما أنّ ابنها احمد الحريري جال على كل المسؤولين الامنيين داعيا لتمرير المرحلة بأقلّ خسائر ممكنة"، وتوجّه إليه بالقول: "بما أنك تعرف أن المرحلة خطيرة فاضبط نفسك على الأقل".
وإذ لفت إلى دعوة السيد حسن نصرالله للحديث بالسياسة لا بالطائفية، أعرب عن خشيته من انفجار سيارة مفخخة لا سمح الله في منطقة سنية، منبّها من ردود الفعل التي يمكن أن تحصل عندها، وقال: "السيد نصرالله أعلنها حربا على الإرهاب وأنا معه لكنّ الحرب طويلة وليست لعبة"، وأضاف: "ليأخذ الله بيد الشباب".