تهنئة وإعتذار/ أنطوني ولسن

نهنيء الباشمهندس بدوي الحاج على باكورة إنتاجه الشعري في  أول إصداراته كتاب " ولو بعد حين " الذي أطلقه في سيدني عشية يوم السبت 28 / 02 / 2015 .

على الرغم من تأخرك . إلا أننا فرحنا بالمولود الأدبي الجديد الذي يضاف الى أدباء العرب ولبنان في المهجر أستراليا ، وفي الوطن لبنان .

مبروك بدوي متمنيا لك التقدم والأزدهار الأدبي والعملي كمهندس أثبت قدرته في المجالين " الأدبي والهندسي " .

لمن لا يعرف أول كتاب صدر لمصري في أستراليا كان كتاب " ميثاق الشيطان " وهو كتاب قصصي والفضل في إصداره يعود الى " المرحومة " والدة الأخ والصديق الأديب والشاعر أيضا الأستاذ  شربل بعيني وتمت طباعته في بيروت وقمت بتوقيعه في سيدني عام 1993 .

أما باكورة إنتاجي الأدبي فكان المشجع الأول له هو ذلك الشاب  بدوي الحاج المملوء حيوية والذي شرفنا نحن من كنا قد شرفنا بالعمل مع الأستاذ جوزيف خوري وجريدة " البيرق " التي انتقلت في ذلك الوقت الى ماريكفيل / سيدني .

كنت المصري الوحيد في الجريدة . وجاءنا بدوي وأظهر كفاءة أدبية . ولا عجب في ذلك فقد تعلم على يد أديب وكاتب له قلم يحترمه الجميع في بيروت وأعني به الأستاذ أسعد خوري خال بدوي .أضف الى ذلك مجيئه الى سيدني وانضمامه الى فريق عمل جريدة " البيرق " التي يملكها ويرأس تحريرها خاله الأستاذ جوزيف خوري .

هذا الشاب وجدت نفسي أنظر اليه كأبن لنا يضاف الى عائلتي وحدث تفاعل محبة بيننا وبين عائلته سواء الذين في لبنان أو في سيدني .

ومن هنا بعد أن ترك بدوي " الجريدة " عام 1990 وكنت أنا أيضا في أواخر العام 1991 قد تركت " الجريدة " لظروف بعيدة كل البعد عن الأستاذ جوزيف خوري الذي استمرت علاقتنا كما كانت وأكثر . وإذ بالشاب بدوي يُلح عليّ أن أبدأ بإعداد أولى باكورة سلسلة كتاب " المغترب " . بالفعل بدأنا العمل وإعداد الجزء الأول من سلسلة كتاب " المغترب " الذي أظهر بدوي في تبويبه مهارة أدبية رائعة . كما لا يفوتني أن أذكر الأستاذة الفنانة الأديبة والشاعرة مارسيل منصور وتكرمها برسم صورة معبرة عن المهاجر على غلاف الكتاب .

لم تنقطع صلتنا لا بالأستاذ جوزيف خوري وعائلته ، ولا ببدوي وعائلته عندما تشرفنا بلقاءهم فى سيدني .

صدر الكتاب وتلاه كتب أخرى أخرها 4 كتب اثنان باللغة العربية واثنان باللغة الأنجليزية ليصير عدد إصداراتي 18 كتاب بين القصة والرواية والمقالات .

قد يسأل ساءل لماذا أتحدث عن نفسي وأذكر عدد إصداراتي ؟ وما دخل تهنئتك لبدوي على مولوده الأدبي الأول ؟

أقول لكم .. أتمنى عليه أن يستمر في عطاءه . لأن الكتاب باق ، أما غير ذلك فهو الى زوال .

أحب أن أضيف كلمة للأستاذ الشاعر أيضا والأديب سركيس كرم .

أستاذ سركيس لقد أبدعت في عرض كتاب " ولوبعد حين " عرضا موجزا لكنه يلقي الأضواء على ما يحتويه الكتاب وأهمية وجوده في كل بيت لبناني وغير لبناني في مكتبات محبي الأدب والشعر ، فشكرا لك .

عزيزي الباشمهندس بدوي الحاج أعتذر منك ومن جميع من حضروا تلك الأمسية مع باكورة إنتاجك الأدبي لظروف صحية طارئة بعد أن أعددت كل شيء للذهاب واستعداد أولادنا بالمساعدة في الذهاب والعودة . وقد حاولت الأتصال بك دون جدوى .

وفقك الله في جميع أعمالك ، ومن نجاح الى نجاح مهنيا وأدبيا .

سلام لكم ولأسرتكم وللعائلة . ونحن في إنتظار كتابك الشعري أو الأدبي حتى " ولو بعد حين " .

أنطوني ولسن والعائلة .

خواطر سياسية: ما الذي يخفيه "استفزاز" نتنياهو للإدارة الأمريكية؟/ نبيل عودة

إسرائيل تتصرف كالابن العاق مع حاضنها الأمريكي، هل من تفسير آخر لإصرار رئس حكومتها ان يلقي خطابه في الكونغرس الأمريكي رغم استياء البيت الأبيض؟.. لكنه (وهذا يظهر بلا شطارة من أحد) ابن عقوق مطلوب فَلَتَانُه في الشرق الأوسط لأهداف عديدة على رأسها إبقاء الشرق الأوسط في وسخه وعوائقه. 
الصهيونية كما قال عنها زعيم صهيوني مرموق "هي هدية أوروبا للشعب اليهودي".. لكن الهدايا لا تقدم مجانا. الدور الصهيوني كما أرى لم يكن فقط إقامة وطن قومي لليهود. ليس هذا ما كان يشغل أوروبا. هذه الخطوة (إقامة وطن قومي) انتهت حتى باعتراف بن غوريون رئيس أول حكومة إسرائيلية بوقته بقوله ان "الصهيونية كانت منصة لإقامة دولة إسرائيل ودورها انتهى".
 إذن ما هو الدور أو الأدوار الأخرى المكملة...؟
ليس من الصعب ان نفهم ان استمرار تخلف العالم العربي وبقاءه خارج التاريخ الإنساني، حضاريا وتطورا هو ضمن المهمات التي أوكلت للحركة الصهيونية. بداية من العجوزَين الاستعماريَّين القديمين فرنسا وبريطانيا من رؤيتهما ان الأسلوب الاستعماري القديم (السيطرة المباشرة بقوة الاحتلال) قد ولّى من عالمنا إلى غير رجعة، خسائره لم تعد توازي فوائده. لا بد من فرض سطوة استعمارية محلية تحرس مصالحهما.. هذا صحيح في أمريكا اللاتينية أيضا، وفي إفريقيا، هذا الدور الصهيوني لم ينته بعد، نرى له امتدادات حيث ضعفت السيطرة الاستعمارية برز الدور الإسرائيلي. في الشرق الأوسط انتقلت المسؤولية المباشرة للإمبريالية الأكثر حداثة وأكثر غني، للأمريكيين. الدولتان الإمبرياليتان السابقتان فقدتا مكانتهما الدولية تدريجيا  لصالح السيد الجديد: الإمبريالية الأمريكية! 
هذا الدور هام جدا.. حتى الآن.
 سينتهي؟
 لا شيء يبقى.. خاصة على اثر التطورات الرهيبة التي تثير قلقا وخوفا دوليا شاملا، نتيجة الأحداث التي تفجرت في العالم العربي.. وليس بدون أخطاء السيد الأمريكي الذي خطط لشيء وتورط بنقيضه.
حسابات الأمريكيين باعتمادهم على دعم التطرف الديني ضد الاتحاد السوفييتي في افغانستان لم يعط ثماره المرجوة.. الوحش انقلب على خالقه.  يهدد بدمار شامل لكل الشرق الأوسط ويتمدد كالأخطبوط نحو مجتمعات دولية لمختلف اقطار العالم. أرادوا  دولا عربية غارقة بفسادها، تمارس البغاء السياسي تحت السوط الصهيوني الذي اسمه اسرائيل، بصفتها الضامنة للخنوع والخضوع العربي الذي أوكل لها ضمن برنامج سياسي دولي.
 إيران لم تكن بالحساب. يبدو أنها ستغير معادلات كثيرة من الدور الإسرائيلي. لست من مؤيدي انتشار السلاح النووي، لكن في الواقع الشرق أوسطي الذي يتشكل أمامنا اليوم، أخفُّ الشرور ان تكون إيران نووية. لا يمكن ان يظلّ هذا السلاح احتكارا لدولة بعينها وبتجاهل الراعي الأمريكي وبتغطيته وبقصور الأنظمة العربية وعلى رأسها دولة عربية مركزية مثل مصر.
إيران ربما تهدد امن الخليج؟ وما هو امن الخليج؟ انه أمن الفساد النفطي. أمن مشايخ وأمراء يرتعون بثروات نفطية تكرس ضد مصالح الرقي الحضاري العربي وقطر أفضل نموذج لهذا الواقع. طبعا هناك مشاريع فارسية للسيطرة.. لا أراها تختلف عن أي مشروع استعماري أو صهيوني. ربما تكون مرحلة انتقالية أفضل من السائد اليوم في العالم العربي المستضعف والمعزول دوليا. 
يبدو لي اليوم  أكثر من أي وقت سابق ان سيطرة إيران الفارسية أفضل مليون مرة من سيطرة أمريكا وشرطتها الصهيونية.
ساهمت الولايات المتحدة (وربما بمشاركة إسرائيل؟) بخلق التطرف الإسلامي ضد الاتحاد السوفييتي بمشاركة دول عربية على رأسها السعودية ودول الخليج.. وربما أنظمة أكثر "تنورا" مثل مصر الساداتية وغيرها، آلاف المواطنين العرب انضمّوا للقاعدة في أفغانستان. تلك كانت الجامعة الإرهابية لتخريج شتى أشكال التنظيمات الإرهابية التي "ننعم" بها اليوم في الشرق العربي.
حتى دولة مثل السعودية، بفكرها الديني المتطرف (الوهابي) أصبحت خائفة من الوحش الذي ساهمت بحصة كبيرة في خلقة وإطلاقه في أفغانستان أساسا ضد السوفييت، ثم ضد القوى الوطنية واليسارية عامة في العالم العربي ووصل تأثيره لدول خارجه أيضا. هل بالصدفة هذا التراجع في الحركة القومية العربية وفي حركة اليسار العربي؟ طبعا لا أتجاهل القصور الذاتي أيضا لهذه التيارات!!
يبدو لي انه ليس بالصدفة الصمت الدولي ضد ما يجري في مصر من إرهاب لا يقل خطرا عن أحداث ليبيا أو العراق أو سوريا.. لكن  هناك بالتأكيد خوف ان يتجاوز الإرهاب حدوده المخططة للعالم العربي إلى الغرب وبشكل مكثف.. حتى الآن ما تسرب للغرب هي "رشة عطر".. فاسدة الرائحة. لكن هل يمكن ان يحدث ذلك صحوة دولية أوروبية وأمريكية تقود إلى انقلاب في سياستهم الشرق أوسطية؟
عندها لا بد من إسقاط الدور الإسرائيلي أو ربما إعادة إسرائيل إلى حجمها الطبيعي؟!
طبعا لا أتجاهل تأثير الدور الروسي الذي يزداد في الشرق الأوسط، لكن باتجاه مختلف عن العالم الغربي.. وآمل ان يكون دوره ايجابيا للمجتمعات العربية!!
استمرار تدليل السيد الأمريكي للولد العاق سيكون وقعه رهيبا في الشرق الأوسط. صمت الإدارة الأمريكية سيورطها بما هو اشد مضاضة من ورطة عملية تفجير برجي التوأم... التي جعلتها تضرب ضربا عشوائيا نظام صدام حسين في العراق. 
هل غياب صدام خدم أهدافها؟ 
رغم كل ما يمكن ان يقال عن سلبيات نظام صدام (والكثير منه صحيح) إلا انه أفضل مليون مرة من الفوضى الرهيبة، وانتشار الإرهاب بأبشع صورة تاريخية عرفتها البشرية، قديما وحديثا.
سلاح نووي في إيران؟ هل هو المشكلة؟ 
نتنياهو لا يدافع عن مصلحة إسرائيل بوقف المشروع النووي الإيراني، إنما عن استمرار دورها الإقليمي الذي بدا يخبو بسبب ظاهرة الإرهاب، التي هي نتيجة استمرار التخلف السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، التعليمي والتنويري للعالم العربي. هذه مهمة أوكلت بها إسرائيل وأنجزتها حتى اليوم بنجاح كبير، لكن الضغط تجاوز حتى قدرة الأنظمة الفاسدة على الاحتمال من هنا نشهد حالات انفجار مختلفة. الربيع العربي شكل من أشكال تلك الحالات.. افترسته شهوة السيطرة للحركات الأصولية على الدول الرئيسية في العالم العربي، بالتعاون بدون شك مع تركيا المرتدة عن مشروع اتاتورك إلى مشروع ديني غيبي  ولا أستثني دور قطر كممول مالي للتطرف..
لا استهجن ان تكون الولايات المتحدة قد بدأت تتعب من دورها وتكلفته الهائلة على حساب المجتمع الأمريكي. لذلك تريد اتفاقا حتى لو كان شكليا ومعوقا جزئيا لتطوير إيران للسلاح النووي. لكن إيران نووية ليس كارثة للعالم العربي فقط، بل يشكل امتلاك إيران للقنبلة النووية فقدان إسرائيل لدورها الإقليمي، هذا ما يرعب قياداتها الصهيونية.  ربما يكون بداية لفقدانها للدعم الهائل من الغرب وخاصة الدعم الأمريكي. نهاية الدور مسألة وقت. ولا استهجن ان تكون المفاوضات الأمريكية والدولية من جهة مع الإيرانيين من الجهة الأخرى، تشمل نقل بعض مهمات إسرائيل لإيران بكل ما يتعلق بالعالم العربي.
لا أرى مستقبلا عربيا بدون صحوة عربية.. وعودة العالم العربي إلى التأثير على القرارات الدولية. يجب إقامة تحالف بين الأنظمة يطرح رؤية جديدة.. اقتراح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإقامة قوة عسكرية عربية موحدة قد يكون بداية الطريق لعالم عربي يخرج من الكهف!! 
 nabiloudeh@gmail.com

ترانيم االمبدعة نبيلة يحياوي بين سناء الدلالة وسوداويتها/ أحمد ختاوي

في مسحة  حزينة  يترمل جدار  اللفظ  في ذاكرة السياق  وانصياع  الرؤيا عند  المبدعة  نبيلة  يحياوي ,

 ما يفتأ  يحتد أمدا بعد  آخر  ليشكل منظومة ابداعية  بدأت  تأخذ  منحاها  الاستيطاني في فلسفة  هذه المبدعة الواعدة   نمطاًَ  وتجنّحا ودلالة

من  خلال تتبعي لنتاجاتها الغزيرة  لمست  اضطرادا  لافتا في هندسة الرؤى خاصة  بوعي سرمدي  قزحي ،  لا تتشكل فيه  المعاني بمعزل عن  ضجيج القول الهادئ  ، الكامن  وراء  سراديب الزفرات  المخنوقة  التي تكاد  تتفتق من  شرنقتها  انسيابية  مخنوقة  ،

هذه الشرنقة  حبيسة  صوت  كامن  وراء سيميائية  مفزعة  لكنها ايجابية ، وسلسة ،  هذه  الاخيرة  ، بحنكة المبدعة نبيلة  يحياوى تؤسس  كل مرة  لإفضاء   التجلي على مدار المقاطع ،وإن كانت بعض الانفاس خلال البناء الهرمي لديها تتعبها وترهقها  صيرورة وتداخل  الحدث المتشابه ، لكن  في منحنايته  الايجابية ، وإن  كانت الكاتبة  الساردة  نبيلة  يحياوي تحاول من تناص الى آخر ترويج البوح  والإفضاء في سياقاته المختلفة  وفي منظوماتها  المتوازية  ، لكن سرعان ما تنحو بها سيفنة الابداع  الى مرافئ ترسو بها جميع زوارقها الابداعية المرهقة ، بمعنى أنها تأتي هذه  المرافئ محمّلة بثقل الهم  الانساني كبضاعة  وكانشغال إنساني شامل,

يتورط لديها  الايمان التواصلي  بأن  كل  ما تورقه  قريحتها ضرب من التعاطي مع السوداوية

قد يكون العكس صحيح ، إذ تتوزع طروحاتها بين المبنى العام للنص في تجلياته  وتداعياته  ومنعطفاته  مع سلوك إبداعي قد يكون في خانة أخرى .من الوعي الارادي في محاولة   تصويرها لقطعة حياتية  بقزحية  تفضيها عليها  من مقطع  لآخر

هذا الاستنتاج  ينطبق على كل كتاباتها وإن  تبايينت    من  عمل   لاخر

تشتغل  الساردة ، المبدعة  نبيلة  يحياوي على " توريت " التجني ، وتضمين  التجليات  كقاض عادل لصيرورة مآلاتها التي تنتهي بنهاية  قزحية مفتوحة في أغلب الحالات ’ وهذا مؤشر إيجابي في أنها تمتلك  مقومات  القص  والتصوير  وترويض الحرف ، وستكون - استشرافيا -مآلاتها سد منيع  لبعض الانفاس المخنوقة  في بنائها الهندسي الذي يتشكل من نص لآخر بمنظور مغاير لاطيافها البيانية المختلفة  والمتوازية  

البيان لديها إيجابي ،  وإن كان لا يتنفس كثيرا ولا يشكل ثورة تفجيرية لافتة  أحيانا   بفعل عوامل التكليف  والتودد لدى " المخاض " من أجل ولادة ابداعية  فاعلة ،  تبطل مقاومة هذه  الانفاس الضيقة :

أطيافها أيضا  تسرد إيمانها بأن  القول   ترويض للصورة  وللفعل الايحائي  مع  ترويض السياق

هذا  ما يتضح  جليا من  خلال متابعتي لما تكتب

مثابرتها  تتجسد  ايضا عبر مختلف نصوصها في تدويرها للشكل والمضمون ونحتها وحفرياتها على صعيد  الشكل   بفاعلية  وتفعيل إيجابي

تفعيل الايجابي لديها يتمحور أيضا في  سكون منعرجاتها الابداعية   وذاك الصوت البياني الكامن الذي  تمتلكه ،إن  لم أقل تتفرد به    كمبدعة  وساردة برؤية  اشترافية واعدة   

ستؤهلها لأن تتموقع ضمن الساحة  الابداعية  بجدارة ، وسيكون لها شأن  في  المشهد  الادبي ،

ذاك  ما نتمناه لها ,,,,تحترق في جوف الكلمة  وسراديب  الحرف لتصنع قوس قزح ، وأن  تضاريسها تشبه تماما تضاريس غادة السمان ، هذه ليست  محاكاة  أو تقليدا وإنما تجانس رؤى في تعاضدية  إبداعية ، أو بمعنى آخر ، تضاريس  سفح دلالي يصب الماء  صبا ليسقي أرضا بور  باشتغال مشابه   لا غير 

تقديري لهذه المبدعة الواعدة ،  مع تمنياتي لها بموفور السؤدد على جميع  الاصعدة

 ، أحمد  ختاوي

مجزرة الحرم الإبراهيمي في ذكراها الحادية والعشرين/ محمود كعوش

يوم حدوث مجزرة الحرم الإبراهيمي في 25 شباط/فبراير 1994 ميلادي الذي توافق مع 15 رمضان 1414 هجري قال أحد شهود العيان من المصلين الناجين "كنت أصلي في آخر صف للمصلين في الحرم الإبراهيمي الشريف، وعندما وصلنا إلى آخر سورة الفاتحة سمعت من خلفي صوت مستوطنين يقولون باللغة العبرية بما معناه بالعربية" هذه اخرتهم"، وعندما وصل الإمام إلى آية السجدة وههمنا بالسجود سمعت صوت إطلاق نار من جميع الإتجاهات كما سمعت صوت انفجارات وكأن الحرم قد بدا يتهدم فوق رؤوسنا، لقد تفجر راس الذي بجانبي وتطاير دماغه ودمه على راسي ووجهي وغبت عن الوعي ولم أصح إلا بعد توقف إطلاق النار وبدء الناس بالتكبير الله اكبر ...الله اكبر.. فرفعت راسي وشاهدت المصلين يضربون شخصا يلبس زياً عسكرياً.
 ولدى سؤال الدكتور الشيخ تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الفلسطيني عن المجزرة بعد ساعات من حدوثها قال "إن يوم المجزرة هو يوم لن ينسى في تاريخ مدينة خليل الرحمن الباسلة التي خرجت غاضبة ثائرة، وخرجت معها جماهير شعبنا الفلسطيني في كل مكان في القدس والضفة وفي غزة، وامتدت الشرارة إلى داخل فلسطين المحتلة عام 48 في مسيرات ومظاهرات ومواجهات دامية، فتصدت لهم قوات الاحتلال وجنودها المدججون بالسلاح، وفتحوا عليهم النار فسقطت كوكبة جديدة من الشهداء غيلة وغدراً". 
وأضاف الشيخ أن "المجزرة كانت مخططاً مدروساً لتحقيق هدف مرسوم، هو تهويد الحرم الإبراهيمي الشريف، وقلب مدينة خليل الرحمن، فبعد انقضاء فترة حظر التجوال الذي فرضته سلطة الاحتلال على المدينة لأكثر من شهر، وبعد إغلاق الحرم في وجه المصلين المسلمين لأكثر من شهرين، فوجئ أهل المدينة بتقسيمه وتهويد الجزء الأكبر منه، وتحديد عدد المصلين وأوقات دخولهم إليه، بينما يسمح لليهود بالدخول والخروج متى شاؤوا، وبتشديد الإجراءات في قلب المدينة". 
وأردف الشيخ متابعاً "لكن هذه المدينة الصامدة، التي شهدت مذبحة الفجر، وعاودت الوقوف بثبات، ستبقى عربية إسلامية بجهود أبنائها المخلصين الأوفياء، الذين يعاهدون الله على التمسك بها والدفاع عنها، ومواصلة إعمارها والتسوق من أسواقها والمواظبة على الصلاة في مسجدها الإبراهيمي الشريف، ليبقى عامراً بالمؤمنين، يصدع من على مآذنه صوت الحق الله أكبر، فهو مسجد خالص للمسلمين بجميع بنائه وحجراته وأروقته وأبوابه، ولا حق لليهود فيه من قريب أو بعيد، فلن تزيدهم المجازر إلا إصراراً على رفض الانكسار، لأنهم موقنون بأن الحياة الطبيعية لمدينة الأنبياء والصالحين لن تعود إلا برحيل آخر مستوطن"!!يستذكر أبناء مدينة الخليل والفلسطينيون عامة هذا الأسبوع مذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف بكثير من الحزن والأسى لفقدانهم معلماً دينياً إسلامياً هاماً ووداعهم شهداء أبرار سقطوا على مذبح الإرهاب الصهيوني المتواصل فوق أراضيهم المباركة على مدار ما يقارب أربعة وستين عاماً، هي عمر نكبة فلسطين الكبرى التي حدثت في عام 1948.
 فجر ذلك اليوم المشؤوم اقتحم الإرهابي الصهيوني الطبيب باروخ غولدشتاين الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الواقعة في الضفة الغربية وشرع بإطلاق رصاص رشاشه الحربي على المصلين من خلف ظهورهم أثناء خشوعهم بين يدي الله وتأديتهم الصلاة، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى. 
وباروخ غولدشتاين الذي كان يحمل إسم بنيامين قبل أن يستبدله باسمه اليهودي خلال دراسته الجامعية وفق ما أفضى به صديقه أنتوني بيترسون ولد في الشارع رقم 81 في بروكلين بنيويورك من عائلة أرثوذكسية متطرفة، وتلقى تعليمه في مدارس "يشيف" الارثوذو كسية في بروكلين، وبدت عليه ملامح التعصب ضد العرب خلال دراسته في المرحلة الثانوية، ثم التحق بكلية اينشتاين للطب حيث تخرج منها طبيبا وعمل في مستشفى بدوكريل في بروكلين سنة 1982م. وكان باروخ دائم الترديد لعبارة من التلمود تقول: " اذا كان عدوك يريد قتلك ابدأ انت بذبحه". وفي عام 1982 وبعد تحرجه التقى بالحاخام الصهيوني مئير كهانا الذي أصبح الأب الروحي له وتشرب على يديه الافكار العنصرية ضد العرب. في عام 1983 قدم الى كيان العدو مهاجراً امريكياً وعمل طبيباً في الجيش الصهيوني لاعتقاده أن ذلك واجب ديني، ثم سكن في مستوطنة قريات أربع في مدينة الخليل عام 1990.
وكما هو معروف فإن مدينة الخليل حيث وقعت المجزرة الرهيبة هي مدينة إسلامية عريقة بناها العرب قبل آلاف السنين، وتعود أغلب آثارها ومبانيها إلى العصر الأموي الذي أولى خلفاؤه قبور الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام وزوجاتهم الفاضلات اهتماماً ملحوظاً. وكان الحرم االإبراهيمي كما كل مدينة الخليل ملكاً خالصاً للفلسطينيين والمسلمين عامة إلى أن احتل الصهاينة بنتيجة عدوان الخامس من حزيران 1967 الضفة الغربية وسمحت سلطة الاحتلال بنتيجتها للمتطرفين اليهود بإقامة طقوسهم الدينية فيه وتدنيسه. 
 ومنذ ذلك الوقت اتخذت زيارات اليهود للحرم الإبراهيمي طابعًا استفزازياً متعمداً بلغ ذروته في السابع والعشرين من آب/أغسطس 1972 مع قيام الإرهابي الصهيوني الحاخام مائير كهانا زعيم "رابطة الدفاع اليهودية" المعروفة باسم "كاخ" باقتحام مدينة الخليل على رأس زمرة من أتباعه الموتورين وإقامتهم طقوساً يهودية جماعية وعلنية. وفى الحادي والثلاثين من تشرين الأول من ذات العام استدعى الحاكم العسكري الصهيوني مدير أوقاف الخليل والقائم على الحرم وأبلغهما قراراً قضى بوضع سقف للمسجد المكشوف وتخصيصه لليهود كما قضى بزيادة عدد المقاعد في داخله ووضع خزائن لحفظ التوراة ومنع المسلمين من الصلاة على موتاهم وتقليص عدد الساعات المسموحة لصلاتهم فيه، الأمر الذي أدى إلى رفض الهيئة الإسلامية العليا في القدس للقرار واعتباره انتهاكًا لمقدسات المسلمين ولا قانونياً. 
  يُشار في هذا الصدد إلى أن سكان مستوطنة "كريات أربع" المجاورة لمدينة الخليل وجميعهم من اليهود الموتورين والمتطرفين لم يوقفوا يوماً اعتداءاتهم على الحرم، بما في ذلك نهب محتوياته وتمزيق المصاحف فيه وإنزال الهلال عن قبته وسرقة ساعاته الأثرية والاستيلاء على مخطوطات إسلامية لا تقدر بثمن. وتجدر الإشارة إلى أنه في كل مرة كان أهل الخليل يتصدون فيها للمستوطنين دفاعًا عن الحرم، كانت مطالب هؤلاء الخاصة بالإشراف على الحرم تزداد إصرارًا وإجراءاتهم تتصاعد في الاعتداء على السكان العرب. ومما لا شك فيه أن مذبحة الحرم حدثت ضمن سلسلة تصاعدية من الاعتداءات المتكررة التي لم تجد من جانب سلطات الإحتلال الصهيونية غير التجاهل واللامبالاة. 
يُذكر أن مجزرة الحرم الإبراهيمي قد تسببت في حينه بإثارة الرأي العام العالمي الذي أدانها بشدة، مما اضطر الكيان الصهيوني إلى المبادرة بالاعتذار عن ما أسماه "الحادثة التي تسبب فيها رجل مختل عقلياً" بحسب تصريحات المسؤولين في تل أبيب. وقد ترافق الاعتذار مع قيام الكيان بتقديم تعويضات لأهالي الضحايا، كما ترافق مع اتخاذه خطوات وإجراءات سياسية استثنائية لطالما دأب على اتخاذها في مثل هذه الحالة. هذا ونجح الكيان بدهاء إعلامي ملحوظ في طي صفحة المذبحة، خاصة بعد أن تم قتل الإرهابي باروخ جولدشتاين على أيدي المصلين. لا شك أن ذلك الاعتذار كان ضرورياً بالنسبة للكيان الصهيوني بعدما فشل في فبركة المبررات والذرائع المنطقية والمقبولة لتلك الجريمة، لكنه لم يتجاوز إطار ذر الرماد في العيون. وما دعا للحزن والأسى بل للخزي والعار أن العرب تعاملوا مع المجزرة الرهيبة بتهاون وغباء أضافا نقاطاً أخرى إلى سجل عجزهم في التعامل مع الإعلام العالمي وإمكانية استثماره لصالح القضية الفلسطينية ومجمل القضايا الوطنية والقومية العربية. من المؤكد أنه من غير الممكن لأي عاقل أن يتكهن باحتمال أن تبرح مجزرة الحرم الإبراهيمي الذاكرة الفلسطينية، تماماً كما هو الحال مع كل المجازر والمذابح والجرائم البربرية والوحشية التي تعرض لها الفلسطينيون داخل الوطن وخارجه على أيدي جلاوذة الإرهاب الصهيوني الرسمي والفردي، أقله من ذاكرة من عاشوا أحداثها المفجعة والكارثية. لقد كانت مجزرة رهيبة خُطط لها بمكر ودهاء وعناية  بالغة ونُفذت بدقة متناهية. ودلل على ذلك أنه وبعد مرور عشرين عاماً على ارتكابها لم تزل سلطات الكيان الصهيوني تصر على عدم السماح لأي من الفلسطينيين بدخول الجزء القديم من مدينة الخليل، ومن يسعفه الحظ بالدخول يخرج بانطباع مفاده أن المجزرة قد نجحت بالفعل في تحقيق الأهداف التي ارتكبت من أجلها وأن من خططوا لها نجحوا في ترحيل المواطنين الذين كانوا في هذا الجزء، إذ أن من لم يخرج منهم بالترغيب أجبر على الخروج بالترهيب. وبعد واحد وعشرين عاماً أصبح الجزء القديم من الخليل بؤرة أشباح، فمَن يدخلها يعيش حالة من الذعر والخوف والترقب ومن يسكنها يعيش حالة من الرعب ومن يخرج منها لا يفكر بالعودة إليها بسبب ما يتعرض له من استفزاز وآلام واعتداءات منظمة ومبرمجة. لقد دللت جميع الوقائع والمعطيات التي توفرت بعيد ارتكاب المجزرة أن المتطرف الصهيوني باروخ غولدشتاين لم يرتكب المذبحة وحده بل شاركه فيها جنود من جيش الاحتلال الصهيوني كانت مهمتهم إغلاق باب الحرم الإبراهيمي لمنع المصلين من مغادرته ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى المنطقة. فحين حاول بعض الفلسطينيين نجدة إخوانهم المصلين قابلهم الجنود المجرمون بإطلاق الرصاص بكثافة وغزارة. وقد لاقت مجزرة الحرم تأييداً من غالبية الصهاينة في كيان العدو الصهيوني، فعند سؤال أحد خامات اليهود عما إذا كان يشعر بالأسف والأسى على من قتلهم غولدشتاين رد قائلاً "إن مقتل العربي يؤسفني بالقدر الذي يؤسفني مقتل ذبابة"!! وكما هو معلوم فإن الكيان الصهيوني حَوَلّ السفاح باروخ غولدشتاين إلى "بطل قومي يهودي"، بل جعل منه قدوة وحلماً لمن رضعوا من ذات الحليب الذي رضعه إذ قام بدفنه في قبر عند مدخل مستوطنة "كريات أربع" وخصص للقبر عدداً من جنود حرس الشرف مهمتهم حراسته وتأدية التحية العسكرية لنزيله كل صباح. وليس من باب المبالغة القول أن الصهاينة أنزلوه حتى يومنا هذا "منزلة القديسين"، فحولوا قبره إلى مزار يؤمونه في الذكرى وفي مناسباتهم الدينية والوطنية. وقد دأبوا مع اقتراب موعد الذكرى الأليمة في كل عام على ذرف الدموع المسمومة على مقتل طبيبهم المجرم، في وقت يذرف الفلسطينيون دموع الحُزن والألم والأسى على فراق معلمهم الديني وشهدائهم الأبرار. 
بعد مُضي واحد وعشرين عاماً على حدوث المجزرة البربرية يمكن الجزم بأنه لم يتبقَ للمسلمين والعرب بما في ذلك الفلسطينيين من الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل سوى فرصة النظر إلى بنيانه عن بعد وقراءة يافطة مجاورة له تقول "ممنوع الصلاة في هذا المكان"  وإمكانية رؤيته في وسائل الإعلام التي قد تاتي على ذكره من وقت لآخر، ولربما أيضاً الحصول على صور تذكارية له يشترونها من الأسواق الصهيونية لغرض تزيين جدران منازلهم بها. وكما جاء في قولٍ حكيمٍ لعاقل فلسطينيٍ فإن "مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف قد فتحت أمام الإرهابيين الصهاينة باب الغنائم على مصراعيه فنهلوا من الشريان الفلسطيني ما لم يكفهم على مدار تاريخ نكبة فلسطين، وربما أنهم سينهلون منه ما لن يكفيهم في قادم الأيام، بحيث يُترك الجسد الفلسطيني ينزف حتى الموت تحت سمع وبصر إخوة الدم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحت سمع وبصر جميع العرب والمسلمين في العالم!! 
كان الله بالعون !!

محمود كعوش
kawashmahmoud@yahoo.co.uk
كاتب وباحث مقيم بالدانمارك
كوبنهاجن في شباط/فبراير 2015

ما وراء نقل رفاة سليمان شاه/ جمال قارصلي

إن بضع المئات من الأمتار على شاطيء الفرات التي بُني عليها ضريح سليمان شاه, جد مؤسس الخلافة العثمانية, كانت في الأيام القليلة الماضية محط أنظار العالم أجمع وأثبتت لنا أهميتها البالغة ومكانتها الرفيعة بين أفراد المجتمع التركي والتي قد تصل لدى بعضهم إلى حد القداسة, وبناء على هذه الأهمية الكبرى والحساسية العالية حصلت ردود فعل كبيرة على الصعيد العسكري والسياسي والديبلوماسي أثناء عملية نقل رفاة هذا القائد التاريخي بإستعراض عسكري كبير وتدابير لوجستية هائلة أطلق عليها إسم عملية "شاه الفرات". هذه العملية تمت في ليلة 21 شباط/ فبراير 2015, حيث تم التحضير لها بدقة عالية وبسرية تامة وبسبب أهميتها قام رئيس الوزراء التركي, أحمد داوود أوغلو, متابعة خطوات تنفيذها لحظة بلحظة.
ردود الفعل التي حصلت كانت نتيجة للتوترات والأزمات التي تمر بها المنطقة وبسبب تداخل وتواجد الكثير من القوى الإقليمية والعالمية على الأراض السورية, إضافة إلى التوتر الذي تسببه المنافسة الكبيرة بين الأحزاب التركية والتي بدأت تحضر نفسها لخوض الإنتخابات البرلمانية القادمة. 
من المعروف بأن هذه هي ليست المرة الأولى التي يتم فيها نقل رفاة سليمان شاه بل هي المرة الثالثة, حيث تم نقله في المرة الأولى في عام 1973 وذلك خوفا من أن يتم غمر الضريح بمياه سد الفرات, من القرب من قلعة جعبر إلى مسافة أكثر من 100 كيلومترا شمالا بإتجاه الحدود التركية السورية, إلى تلة عالية بالقرب من جسر "قراه قوزاق", وبعد ذلك تم نقله إلى المكان الذي غادره قبل يومين إلى داخل الأراض التركية. الجيش التركي قام بتفجير مبنى الضريح تحسبا لأي سوء إستخدام لهذا المبنى. يقع ضريح سليمان شاه, الذي زرته شخصيا قبل سنوات قليلة, في شمال سوريا على ضفة نهر الفرات الشرقية وبالقرب من مدينة منبج ويبعد حوالي 30 كيلومترا عن الحدود التركية. بعد قيام الدولة التركية الحديثة وبموجب المادة التاسعة من اتفاقية أنقرة الموقعة بين تركيا وفرنسا في عهد الانتداب الفرنسي على سوريا عام 1921، تم الاتفاق على أن يبقى ضريح سليمان شاه تحت السيادة التركية ويُرفع عليه العلم التركي وتتم حمايتة من قبل مجموعة عسكرية تركية لا تتجاوز ال 40 عنصرا, وهي تتبدل كل ثلاثة أشهر.
سليمان شاه توفى في عام 1231 ميلادي وتم تشييد قبرا له بالقرب من قلعة جعبر وعندما إنتصر السلطان سليم الأول في معركة مرج دابق الشهيرة في عام 1516, أقام له ضريحا لائقا بمكانته وأطلق على هذا الضريح إسم "المزار التركي". في عام 2010 زار الرئيس التركي السابق, عبد الله غول, الضريح مما لفت إليه الأنظار أكثر وصار محط إهتمام أكبر.
بعد سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" على المنطقة التي يقع فيها ضريح سليمان شاه وقيامه بتفجير العديد من الأضرحة في سوريا والعراق، تحول هذا الضريح إلى ورقة ضغط في يد "التنظيم" وأصبحت المخاوف تزداد كل يوم من أن يقوم "التنظيم" بتدمير الضريح وأخذ العساكر الذين يحمونه كرهائن. هذه الأفكار والتهديدات كانت تقلق الحكومة التركية كثيرا وترى فيها المساس الكبير لسيادتها وكرامتها وأمنها القومي وكانت كل مرة تؤكد بأنها ستدافع عن الضريح بكل ما لديها من قوة. فلهذا صوّت البرلمان التركي في أكتوبر/تشرين الأول 2014 لصالح تفويض الجيش بإجراء عمليات عسكرية ضد مسلحي تنظيم الدولة بسوريا والعراق. وبناء على الدستور التركي، فإن هذا القرار يعطي قوات الجيش الإمكانية لخوض عمليات عسكرية في داخل سوريا والعراق وذلك وفق الحاجة، إضافة إلى السماح بنشر قوات أجنبية في الأراضي التركية.
دخلت القوات التركية إلى الأراضي السورية بالتنسيق مع الإئتلاف والجيش الحر وكذلك مع قوات الحماية الكوردية المتواجدة في عين العرب "كوباني" ومع "تنظيم الدولة الإسلامية" وبإعلام القنصلية السورية في أنقرة بذلك. 
عندما شاهد الأهالي دخول هذا الكم الكبير من الآليات والجنود من الطرف التركي (حوالي 600 عسكري ومائة عربة عسكرية منها 39 دبابة) تفائلوا خيرا وتوقعوا بأن تكون هذه القوات قد جاءت من أجل إحداث منطفة آمنة لهم وهي بداية لخلاصهم من سيطرة "تنظيم الدولة" وكذلك من قصف طيران "النظام" لهم بالبراميل المتفجرة, ولكن سرعان ما تبخر تفاؤلهم عندما بزغت شمس اليوم التالي.
هنالك من يتساءل لماذا تم إعادة نصب العلم التركي على بقعة أخرى من الأراضي السورية وبالقرب من مدينة عين العرب "كوباني" وبمسافة لا تتجاوز ال 500 مترا فقط عن الحدود التركية وهل ما تم هو إشارة واضحة على رفض الحكومة التركية لأي شكل من أشكال الإدارة الذاتية للمناطق الكوردية على حدودها؟ وهنالك بعض المحللين من يرى في عملية "شاه الفرات" إبتعاد الحكومة التركية عن المسألة السورية ورضاها بالأمر الواقع, ولكن وبالمقابل, هنالك من يرى عكس ذلك وأن السياسة التركية قد نجحت في إقناع الإدارة الأمريكية بتصورها للحل في المسألة السورية وأن هذه العملية هي الخطوة الأولى للخلاص من تهديدات وإستفزازات "تنظيم الدولة" والبداية في تشكيل المنطقة الآمنة على الأراضي السورية وذلك تنسيقا مع الطرف الأمريكي.
شعوب المنطقة سئمت الحروب والويلات والظلم والطغيان, والكثير من مواطنيها صاروا يتمنون لو أن قادتهم يتعلمون من تجارب قادة دول أخرى وعلى سبيل المثال الإتحاد الأوربي والذي إستطاع أن يجمع شعوبا ولغات وحضارات مختلفة كانت تتحارب فيما بينها سابقا تحت سقفه, والذي وبواسطته وعن طريقه تم حل الكثير من المسائل التاريخية العالقة بين دوله, مثل مسألة "الزاس واللورين" بين فرنسا والمانيا وكذلك قضية الأقليات العرقية في التشيك وبولاندا ومسائل شائكة كثيرة. 
سكان منطقة الشرق الأوسط لديهم علاقات تاريخية وحضارية ودينية عريقة تجمعهم وكذلك الكثير من صلات القرابة فيما بينهم, على سبيل المثال يوجد بين المواطنين السوريين والأتراك لا يقل عن عشرة ملايين صلة قرابة تجمعهم. هذه الشعوب تنتظر القائد الشجاع الذي يستطيع أن يعلن وبكل وضوح بانه سيعمل وبكل ما بوسعه على توحيد هذه البلاد ولو في سوق تجارية مشتركة ويقول كما قال مارتين لوثر كينغ: أنا لديّ حُلُمْ „I have a dream“ وبأي لغة يشاء. 
 ألمانيا

الذهبُ على قارعة الطريق/ فاطمة ناعوت

المصري اليوم
ماذا لو جاء أثرياءُ بلد ما بأطنان من قِطع الذَّهب الخام وأحجار الألماس فى صورتها البكر، ثم ألقوها فى الطرقات والأزقّة من أجل عيون المارة الفقراء والمعوزين؟ أغلبُ الظنِّ أن أحدًا لن يلتفتَ إلى تلك الثروات الطائلة الُملقاة على الأرض! لأن خام الذهب مُطفأٌ لا بريق فيه، وخامَ الألماس قبل صقله يشبه شذراتٍ وشظفًا من الزجاج الرخيص المُعتم.

لكن التجربة ذاتها لو تمّت بعد صقل سبائك الذهب، وتقطيع فرائد الألماس كقطع السوليتير الألمع، سنجد الناسَ يتناحرون، وربما يتقاتلون، لكى يحصلوا على أكبر قدر من تلك الكنوز، حتى بما يفوق احتياجاتهم، وسوف تتجلّى أنانية الإنسان وهمجيته.

الفيصلُ إذن فى نجاح تلك التجربة؛ هو مقدرةُ الناس على إدراك الكنوز وتمييزها والتقاطها من بين ركام الأشياء الأخرى عديمة القيمة. وهذا يتطلب شعبًا من الصاغة وخبراء الأحجار الكريمة، وأين نجد مثل هذا الشعب؟ الحكوماتُ قاردةٌ على صناعة مثل تلك الشعوب. الحكومات الشريفة المستنيرة المتحضرة تعمل على تنشِئة أجيالٍ من خبراء النفائس، عكس الحكومات الرجعية المترهلة، التى تحرصُ على سَوس شعوبٍ لا تميز التبر من التراب، ولا النفيس من الغَثّ.

هكذا فعلت الحكومة الأسترالية أول أمس. ألقت عشرة آلاف قطعة من الذهب الخام والأحجار الكريمة فى الشوارع الجانبية والأماكن المغلقة، فاحتشد الناسُ ينقّبون فى تلك الدُّرر المنثورة؛ يتفحصونها بدقّة ويقلّبون جنباتها، ثم يأخذ كلٌّ قدرَ احتياجه، فقط، ليترك لغيره ما يجد فيه ضالّته. تلك النفائسُ كانت أطنانًا من الكتب. وهو طقسٌ شهير تتبعه عديدُ الدول الأوروبية لحثّ المواطنين على القراءة والتعلّم والمعرفة. لأن الدول المتحضرة تعلم أن الاستثمار فى «عقول» المواطنين هو الضمانة الوحيدة للتحضر والنمو والتقدم. عكس الدول الرجعية التى «ترتعب» إن أمسك مواطنوها كتابًا! لأن الكتابَ هو خصيمُ القمع والشمولية والديكتاتورية والاستعباد. ماذا لو ألقت حكومتُنا المصرية عشرة آلاف كتاب على قارعة الطريق؟! كم مواطنًا سينكبُّ يفتّش وينهل من كنوز الورق لينصَعَ عقلُه؟! نحن أحفادُ صنّاع أوراق البردى الذين تفنّنوا فى خلق المعرفة والفنون والعلوم، حين كانت بقية الأمم تتقاتل من أجل طريدة وفريسة وحفنة ماء فى قاع بئر!

قبل أعوام، اشتريتُ، بقدر عظيم من المال، مجموعة من أمهات الكتب من معرض الكتاب. وكعادتى فى نسيان متعلقاتى وإضاعة نفائسى، تركتُ حقيبة الكتب تحت طاولة أحد المقاهى ومضيت. عدتُ فى اليوم التالى للمقهى يدثّرنى اليأسُ من استعادة ثروتى الضائعة. لكننى، للأسف، وجدتها لم يمسسها سوء! وقتها لم أعرف هل أفرح باستعادة كنزى، أم أحزن لأنه لم يكن مغريًا لأى لصٍّ أو عابر سبيل؟! وألحَّ سؤالٌ على رأسى: لو كان ما نسيته جهازَ موبايل تافه، هل كنتُ سأجده؟!

أبو الشمقمق بين المنصور وشعراء عصره وأعرابيه 2/ كريم مرزة الأسدي

أبو الشمقمق بتمامه بين وجودية فقره وخلود ذكره  
الحلقة الثانية 

4 - شعره ...وديوانه :
شعره يمتاز بالجزالة والقوة ، والسلاسة والضعف ، والسليم والملحون ، والقصائد المطولة ، والأبيات المنثورة ، والمقطوعات والنتف،حافظ على عمود الشعر العربي ، وأغراضه أغراضه من مديح وهجاء وحكم ، ولكن برع في الوصف ، وبلغ القمة  حتى عد مجددا في محادثته لسنوره ، ووصفه لبيته ، وقد صدرنا الحديث عنه بما لذ وطاب من شعره بعذبه والعذاب !!
يذكر لنا الدكتور واضح محمد الصمد في  معرض جمعه وتحقيقه لديوان أبي الشمقمق : له ديوان مرتب على الحروف ، فيه /57/ مقطوعة ، تضم /216 / بيتاً ، جمعها المستشرق النمساوي ( جوستاف فون جرو نباوم )، ، ثم قام الدكتور محمد يوسف نجم بترجمة الدراسات ، وأضاف من خلال تحقيقه ست قطع تتألف من /35/ بيتاً ، وزاد الدكتور واضح نفسه أربع قطع ،وثلاثة أبيات ، وحذف بيتاً واحداً ، ورتب القوافي بتقديم  المكسور ، فالمفتوح ، فالمضموم ، فالساكن . (5)
ينقل الخطيب في ( تاريخ بغداده) عن أبي العباس المبرد قوله : " كان ربما لحن ويهزل كثيرا ويجد فيكثر صوابه ." (6)
5 - شهرته...جرأته... بداهته :     
 لم يحفل به في مجالس الخاصة من خلفاء ووزراء وكتاب وقادة وززعماء وأعيان ، لبساطته وشعبيته وهزله ، وعدم مبالاته ، أو قل لعدم قدرته على الرياء والتملق ، والسلوك الدبلوماسي بلغة عصرنا ، فأجبرته الحياة على أن يرى الناس جحيماً ، فنبذهم  وعاش الوجود كالموجود فراشه الأرض ، سقفه السماء أو قطع السحاب ، وأصدقاؤه السنور والفأر والعناكب والحشرات ، فنقل لنا حياة الفقراء والكادحين والمستضعفين من الشعب في عصر ينعت بالذهبي ، لرقي حضارته ، واستقراطية نبلائه ، وجمال جواريه الحسان ، والتمتع بالمخانيث من الغلمان ، ولم يكن الرجل مغموراً - كما يقال - ، ولكنه عاجز عن مجاراة ومنادمة الكبار ، ويسخر من المتهافتين عليهم بالدجل والرياء : !! أنقل إليك هذه المشاهد الشمقمقية :
6 - أبو الشمقمق بين يدي المنصور وخالد بن يزيد الشيباني 
أ - ما بين أبي الشمقمق والمنصور :
 يروي لنا ابن المعتز في ( طبقات شعرائه) ، وهو ينفرد في جعل وفاة أبو الشمقمق 180 هـ ، وهو غير صحيح ، وستتفق معي ، ويذهل ابن المعتز نفسه ، مما سنلزمه عليه ، المهم سننقل هذه الروايتين من ( طبقات شعراء ) معتزنا  ، إحداهما في شرخ شباب الشمقمق  ، والأخرى في نهاية حياته :
  عن " إسحاق بن إبراهيم الموصلي يقول: ماتت ابنة عم للمنصور، فحضر المنصور دفنها، فلما صار على شفير القبر إذا هو بأبي الشمقمق. فقال له: ما أعددت لهذا الموضع؟ قال: ابنة عم أمير المؤمنين. فضحك المنصور في ذلك الموضع، على أنه قليل الهزل ، وقد روى بعض الناس أن هذا الكلام لأبي دلامة مع المنصور . " (7 )  
بادئ ذي بدء ، ابن المعتز هو ابن خليفة عباسي ، وهو نفسه أصبح خليفة لليلة وخلع وقتل (297 هـ) ، يسند روايته عن إسحاق الموصلي ، وهو النديم الأول لجده المعتصم ، ومن عائلة لصيقة جداً ببيت الخلافة العباسية ، إذ يعتبر بطل المشهد أبا الشمقمق  ، ويسرد ابن المعتز  عابراً دون أي سند ، وإنما لبعض الناس أنّ بطلها أبو دلامة  فلا أتردد من قبول صحة نسبتها لأبي الشمقمق ، وما أبو دلامة إلا بطلاً مزعوماً ، اكتسب البطولة لشهرته ، وعلاقته الحميمية مع المنصور ، فعلى أغلب الظن نسبة الرواية لأبي دلامة غير صحيحة ، وأكرر ابن المعتز ابن بيت الخلافة ، وقريب لعصر الرواية ، وسنده إسحاق الموصلي ، وما أدراك من هوهو هذا الإسحاق !!  .
هذا يعني لنا أن أبا الشمقمق كان جريئاً جداً ، حاد الذكاء ،  وذا سرعة بديهة لا تجارى ، وشخصية معروفة ، وهو في شرخ شبابه .
ب - ما بينه وبين خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني  :  
وهاك الرواية الثانية :         
  " ولما ولي المأمون خالد بن يزيد بن مزيد الموصل خرج معه أبو الشمقمق، فلما كان وقت دخوله البلد اندق اللواء، فتطير خالد لذلك، واغتم غما شديدا، فقال أبو الشمقمق فيه :
ما كان مندق اللواء لريبة  ***  تخشى ولا سبب يكون مزيلا
لكن رأى صغر الولاية فانثني *** متقصدا لما استقل الموصلا
وكتب أصحاب الأخبار بذلك إلى المأمون، فولى خالدا ديار ربيعة كلها، وكتب إليه: هذا الاستقلال لوائك ولاية الموصل. وأحسن إلى أبي الشمقمق، ووصله بعشرة آلاف درهم. وتوفي أبو الشمقمق في حدود الثمانين ومائة " ، (8 )  وابن الأبار في ( حلته السيراء)، يؤكد الرواية ، وينقلها  بأبياتها ، ويزيد " فسر خالد بما صدر منه في الحين وسرى عنه وأحسن إليه " ( 9)     
  وهذا يعني أيضاً أن الرجل استمر على شهرته بالرغم من فقره المقذع ، وإن كان بين الحين والحين البعيد يقنص جائزة أو عطية أو مكرمة من ذوي المقدرة والجاهة والسلطان ، ولكن وقع  ابن المعتز في تناقض غريب عجيب  في ذكر خبر وفاته ( 180 هـ)، وذكره لرواية  تولية المأمون لخالد بن يزيد ولاية الموصل ، ومرافقة أبي الشمقمق له ، ولا ريب أن هذه الولاية لم تتم قبل 185 هـ وهي سنة وفاة يزيد بن مزيد والد الخالد ، ثم أن المأمون ولادة  170 هـ ،لا يعقل أن يوليه أبوه الرشيد الرشيد منصباً رفيعاً حساساً خطيراً ، ولم يتجاوز العشر سنوات ، وابن المعتز ينفرد في هذا التاريخ لوفاة الشمقمق،إذن تاريخنا الذي دوّناه لوفاته هو الصحيح .
7 - ما بينه وبين شعراء عصره : 
كان للرجل علاقات مشوبة بالارتزاق والحقد عليهم وعلى عصره الذي أهمله وسحقه ، مما جعله يهبط للعامة ، فيتأثر بلحنهم وسوقيتهم وابتذالهم ، ينقل الخطيب البغدادي في ( تاريخه ) خبراً 
  مسنداً  عن ابن عائشة، إذ يقول: يعجبني من شعر أبي الشمقمق في وصف بغداد:
ليس فيها مروءة لشريف  *** غير هذا القناع بالطيلسان
وبقينا في عصبة من قريش *** يشتهون المديح بالمجان ( 10)
كما ترى أن البيتين رائعين ، وكان الرجل صادقاً مع نفسه ، ومع مجتمعه ، ومع شعراء عصره ، فإليك أخباره مع بعضهم :  
 أ - ما بينه وبين أبي العتاهية :  
وفي رواية  ينقلها  الأصفهاني في ( أغانيه)  تبين موقف أبي الشمقمق  من الشعراء الكبار ممن لديهم حظوة كبيرة في مجالس  الخلفاء  والوزراء وعلية القوم وأعيانهم مثل أبي العتاهية الذي كان يساير المغنثين ، مما يثير حقد وضغائن شمقمقنا  الفقير المعدم الوجودي ، وبالتالي  كان يتهيبه أبو العتاهية  ، ويخشى لقاءه في مجلس واحد ، ففي مرّة اعترضه الشمقمق  قائلاً :  أمثلك من يضع نفسه هذا الموضع مع سنك وشعرك وقدرك  ،فقال له أبو العتاهية : أريد أن أتعلم كيادهم وأتحفظ كلامهم .(11) ، إليك رواية الأصفهاني :      
 " اجتمع أبو نواس وأبو الشمقمق في بيت ابن أذين وكان بين أبي العتاهية وبين أبي الشمقمق شر فخبأوه من أبي العتاهية في بيت. 
ودخل أبو العتاهية فنظر إلى غلام عندهم فيه تأنيث فظن أنه جارية فقال لابن أذين متى استطرفت هذه الجارية فقال قريبا يا أبا إسحاق فقال قل فيها ما حضر فمد أبو العتاهية يده إليه وقال: 
 مددتُ كَفّي نحوَكم سائلاً ***  ماذا تَرُدُّون على السائِلِ  
فلم يلبث أبو الشمقمق حتى ناداه من البيت : 
 نَرُدّ في كفِّك ذا فَيْشَةٍ *** يَشْفِي جوىً في اسْتِك من داخلِ
فقال أبو العتاهية شمقمق والله وقام مغضبا (12)
لا تعليق لي ، تركت أمره لأبي العتاهية !!!
ب - ما بينه وبين بشار بن برد :
ويروي صاحب الأغاني عن دعبل بن علي الخزاعي  قال :  
كان بشار يعطي أبا الشمقمق في كل سنة مائتي درهم فأتاه أبو الشمقمق في بعض تلك السنين فقال له هلم الجزية يا أبا معاذ فقال ويحك أجزية هي قال هو ما تسمع فقال له بشار يمازحه أنت أفصح مني قال لا قال فأعلم مني بمثالب الناس قال لا قال فأشعر مني قال لا قال فلم أعطيك قال لئلا أهجوك فقال له إن هجوتني هجوتك فقال له أبو الشمقمق هكذا هو قال نعم فقل ما بدا لك فقال أبو الشمقمق : 
 إني إذا ما شاعِرٌ هجَانِيَهْ *** وَلَجّ في القول له لِسَانِيَهْ 
 أدخلتُه في استِ أمهِ عَلاَنِيَهْ  *** بشّــــــارُ يا بشّــــارُ...
وأراد أن يقول يابن الزانيه فوثب بشار فأمسك فاه وقال أراد والله أن يشتمني ثم دفع إليه مائتي درهم ثم قال له لا يسمعن هذا منك الصبيان يا أبا الشمقمق 
   وفي خبر يسنده الأصفهاني للأصمعي قال :  
أمر عقبة بن سلم الهنائي لبشار بعشرة آلاف درهم فأخبر أبو الشمقمق بذلك فوافى بشار فقال له يا أبا معاذ إني مررت بصبيان فسمعتهم ينشدون 
 هَلِّلِينَهْ هَلِّلِينَهْ  **********  عْنَ قِثَّاةٍ لتِينَهْ  
 إنّ بشّارَ بنَ بردٍ *** تَيسٌ اعْمَى في سَفِينَهْ 
فأخرج إليه بشار مائتي درهم فقال خذ هذه ولا تكن راوية الصبيان يا أبا الشمقمق (11)
 ج - ما بينه وبين سلم الخاسر :
إن كان أبو العتاهية يهرب منه ويخشاه ، وبشار الأعمى يسترضيه بمائتي درهم لكي يتخلص من شرّه ، فتسعيرة سلم الخاسر خمسة دنانير في كلً هبّة من هبوبه ، يروي صاحب الأغاني  بسند عن زكريا بن مهران قال : 
طالب أبو الشمقمق سلما الخاسر بأن يهب له شيئا ، وقد خرجت لسلم جائزة فلم يفعل ،  فقال أبو الشمقمق يهجوه : 
 يا أم سلم هداك الله زورينا  *** .............. 
 ما إن ذكرتك إلا هاج لي شبق  *** ومثل ذكراك أم السلم يشجينا
قال فجاءه سلم فأعطاه خمسة دنانير وقال أحب أن تعفيني من استتزارتك أمي وتأخذ هذه الدنانير فتنفقها(14)
ويذكر الأصفهاني في مكان آخر خبراً ثانياً عن  هجاء أبي الشمقمق لسلمه الخاسربسند عن الجماز قائلاً : إن أبا الشمقمق جاء إلى سلم الخاسر يستميحه فمنعه  ، فقال له اسمع إذا ما قلته وأنشده : 
 حدثوني أن سلما  *** يشتكي جارة أيره 
 فهو لا يحسد شيئا  *** ....................
 وإذا سرك يوما  **** يا خليلي نيل خيره
 قم فمر راهبك الأصلع *** يقرع باب ديره  
فضحك سلم وأعطاه خمسة دنانير ،  وقال له أحب جعلت فداك أن تصرف راهبك الأصلع عن باب ديرنا (15)  
د  - ما بينه وبين الأعرابي الهجاء المتهتك :
من عجائب وغرائب أبي شمقمقنا أن يشتري الهجاء عليه بثمن ، هو أحوج ما يكون إليه ، يروي ابن المعتز خبراً مسنوداً عن ابن العلاف  قائلاً :  مر أعرابي بأبي الشمقمق الشاعر فقال له: يا أعرابي. قال: ما تشاء؟ قال: أتقول الشعر؟ قال: بعضه، قال: خذ هذا الدرهم واهجني. قال: فأطرق الأعرابي هنيهة ثم قال: ما رأيت أحدا يشتري الهجو بالثمن غيرك قال: وما أخذ. قال الأعرابي:
مررت بـ... بغل مسبطر  ***  فويق الباع كالحبل المطوقْ
فما إن زلت أعركه بكفي  *** إلى أن صار كالسهم المفوقْ
فلما أن طغى وربا وأندى * ضربت به حر أم أبي الشمقمقْ
أزيدك، أم كفاك؟ وذاك أني  *** رأيتك في التجارة لم توفق
فقال أبو الشمقمق: أعوذ بالله من الشقاء، ما كان أغناني عن هذه التجار . (16)
يا أبا الشمقمق  أرى تعويذتك  غير صادقة ، وكنت تتمنى أن يكون الهجاء  أقسى وأمر  ، ليتداول الناس خبرك ، ويشتهر ذكرك ، وتشفي غليلك من مجتمع تراه لا يستأهل إلا هذا الهجاء العار ، يكفينا هذا !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش الحلقة الأولى والثانية . 
        (1) العقد الفريد : ابن عبد ربه الأندلسي - 2 / 474 - الموسوعة الشاملة - الوراق .
(2) (تراجم شعراء الموسوعة الشعرية ) : 1 / 190 - الموسوعة الشاملة .
(3)  معجم البلدان :  ياقوت بن عبد الله الحموي أبو عبد الله - 1 / 365 -  الناشر دار الفكر - بيروت.
  (4) العقد الفريد : ابن عبد ربه الأندلسي م . س .
(5) ديوان أبي الشمقمق : جمعه وحققه الدكتور واضح محمد الصمد - دار الكتب العلمية - بيروت - 1995 م - الطبعة الأولى.
(6) تاريخ بغداد : الخطيب البغدادي ج 15 ص 186  - رقم الترجمة 7080 - المكتبة الشاملة .
     (7) طبقات الشعراء : ابن المعتز - 1 / 35 - 36 - الموسوعة الشاملة - الوراق .
(8) م. ن. 
 (9) الحلة السيراء ابن الأبار 1 / 105 - الموسوعة الشاملة - الوراق .
(10) تاريخ بغداد : الخطيب البغدادي   م. س . .
( 11) الأغاني  : أبو الفرج الأصفهاني :  - ج 4 - ص 3 ...- دار الفكر - بيروت - ط2 - تحقيق سمير جابر .
( 12) م . ن . ج 4 - ص 90 .
(13)   الأغاني :  ج3  ص 190 - م. س .
(14) الأغاني : ج 19 ص291 م . س .
(15) م . ن . 298 
(16) طبقات الشعراء : ابن المعتز م . س . 

د. سمير عطية معزوفة وطن/ عبدالواحد محمد

عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب، 
فكرت كثيرا.. 
ما الذي تجدي اعترافاتي؟ 
وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا.. 
صوروه فوق حيطان المغارات، 
وفي أوعية الفخار والطين، قديما 
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند.. 
وفوق الورق البردي في مصر ، 
وفوق الرز في الصين.. 
وأهدوه القرابين، وأهدوه النذورا.. 
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق. 
ترددت كثيرا.. 
فأنا لست بقسيس، 
ولا مارست تعليم التلاميذ، 
ولا أؤمن أن الورد.. 
مضطر لأن يشرح للناس العبيرا.. 
ما الذي أكتب يا سيدتي؟ 
إنها تجربتي وحدي.. 
وتعنيني أنا وحدي.. 
إنها السيف الذي يثقبني وحدي.. 
فأزداد مع الموت حضورا..
(نزار قباني )
تجده عازفا عن الأضواء  والإعلام  يعمل في صمت ويقين جوهره الاخلاص  والتفاني التام في عمله  الذي خلق من أجله  فهو  من المبدعين القلائل في  مهنته الإنسانية الطب  رسالته  السامية التي وهبها الله له وجعلها  د سمير عطية استاذ الجراحه المعروف بكلية الطب جامعة المنصورة  بجمهورية مصر العربية  لغة من الشعر بينه وبين مرضاه  بأبتسامته الموحية بالثقة والأمل في شفاء قادم لذا التف حوله مرضاه  فلم يكن الطبيب والعالم والجراح الكبير كان الأخ الكبير والحبيب  لكل مرضاه ومن عرفه عن قرب ( وكاتب تلك السطور المتواضعة ) من محبيه وعشاقه  فهو المثقف الكبير والمتواضع فوق العادة  فكان  دوما ودائما الجراح الذي يعزف لغة القلوب والمشاعر الراقية وهي السلام والإنسانية وبينهما الأمل لكل مريض جاء اليه طواعية بحثا عن الدفئ والشفاء ؟!
لذا استحق د سمير عطية تقدير كل من اقترب منه استاذا جامعيا وجراحا كبيرا ومثقفا يحمل بين جوارحه  مصر الحبيبة أينما ذهب داخل مصر وخارجها فهو صوت مصر صوتها طبيبا عاشقا ومعبرا عن كينونة مصر كينونة وطن !
ومدينة المنصورة عرف عنها في العالم إنها (كعبة الطب ) فقد عاش بين احضانها نابغة الطب العالم الكبير د محمد غنيم اشهر جراحي الكلي في العالم  ومستشار رئيس الجمهورية المشير عبدالفتاح السيسي والدكتور الراحل  والعالم  الكبير محمد الظواهري  مؤسس القصر العيني بالمنصورة وكوكبة من اطباء الوطن المعروفين في الداخل والخارج الدكتور السيد السيسي استاذ المسالك البولية  الدكتور زكي شعير   الدكتور عبده الجيار الدكتور احمد حلقة د خشبة   د احمد طيبة  د محمد عبدالوهاب  د محسن موافي   الدكتور نشأت عبدالخالق الدكتورعلي السروجي الدكتور أميل دويري  الدكتور محمد حافظ  الدكتورة زينب عبدالعظيم  وكثيرا من اطباء الوطن خرجوا من مدينة المنصورة  التي آسر فيها لويس السادس عشر ملك فرنسا  عندما اراد غزو مصر من ناحية دمياط  لذا ظلت مدينة المنصورة  بموقعها الجغرافي الفريد حديث عالم كبير وقد نشأ بين ضفافها  الساحرة  الاديب العربي الكبير أنيس منصور وصوت الشرق أم كلثوم وبلبل الالحان رياض السنباطي  وكروان الإذاعة محمد فتحي ونجمة السينما فاتن حمامة  واسطورة كرة القدم  محمود الخطيب  والسياسي الكبير نائب رئيس الجمهورية عبداللطيف البغدادي احد ضباط الجيش المصري الخالد آبان ثورة 23 يوليو من عام  1952 م من القرن الماضي  والداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوي  وشيخ الأزهر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق ونقيب الاطباء د  حمدي السيد جراح القلب العالمي وآخرون ؟
فالمنصورة تكتب اليوم أجمل اشعارها  مع الجراح المعروف د سمير عطية الذي يحظي بشعبية كبيرة في المنصورة لعلمه  وعمله الدءوب في الاقتراب من كل مرضاه  بلغة التواضع والإيمان برسالته طبيبا كبيرا في مشاعرة  التي تعزف علي اجساد مرضاه بأسم الخالق العلي القدير  بعض مما حباه الله به وهو قدرته علي شفاء مرضاه بلغة الحب واليقين الكامن في اعماقه أن الشافي هو الله  تحية من القلب لاسطورة الطب د سمير عطية العالم والجراح المصري الكبير ليبقي في اعماق  مصرية  صوت الطب  صوت من عصرنا يمنحنا جميعا بهجة النفس التي تهفو الي الشفاء وتجده بين مشرطه الساحر بين شفاه لا تعرف غير الإبتسامة لا تعرف رد مريض إينما كان فقيرا أو غنيا  فالكل عنده سواء كل الشكر لنابغة الطب وأبن الدقهلية د سمير عطية العالم والمثقف والجراح الكبير حفظكم الله للوطن .
عبدالواحد محمد 
كاتب وروائي عربي 
abdelwahedmohaned@yahoo.com

فوائد وجود تنظيم الدولة (داعش) لامريكا والغرب/ سمير طلعت بلال

عندما نقرأ التاريخ الاسلامي نجد ان هناك جماعات متشددة ظهرت بين الفينة والاخرى ثم اختفت ثم ظهرت من جديد ، واشهر مثال على ذلك (الخوارج) وقسم من هؤلاء ارادوا بناء دويلات وفي كثير من الاحيان فشلوا وبعضهم استغلوا وتم اختراقهم من قبل القوى الكبرى في ذلك الزمن ومن ثم استعمالهم وإستغلالهم ضد خصومهم وبعد ذلك القضاء عليهم فور انتهاء المهمة والهدف .
يمكننا القول ان داعش هي نفس القصة ’ ليست بالاحرى ان امريكا والغرب هم من صنعوها بشكل مباشر ، الا انهم على الاقل غضوا البصر عن تحركاتهم ونشاطاتهم في البداية لان قسم من هؤلاء المقاتلين جاءوا من دول اوروبية والاستخبارات الغربية والامريكية كانوا على علم بهذا ورغم ذلك لم يتخذوا التدابيرالامنية اللازمة لمنع تحركاتهم وكانوا يذهبون الى سوريا ويعودون الى بلدانهم الاوروبية دون عوائق. لنقل انها تشكلت في منطقتنا بشكل عفوي لاسباب مختلفة (وجود المراجع والكتب التي تدعو الى تبني هذه الافكار المتشنجة و ازدواجية الغرب وامريكا في التعامل معنا و وجود حكومات دكتاتورية في المنطقة ووجود اسرائيل وقضية فلسطين و سقوط بغداد ........) وعلينا ان لاننسى كان لهم جذور في افغانستان ايضا.

حيث تم استغلالهم وإختراق صفوفهم من قبل الدول الكبرى لتحقيق اهدافهم وغايتهم. ما يلي ملخص خواطري حول هذا الموضوع والتي تؤكد ماذكرته انفا من ان الغرب وامريكا على وجه الخصوص من المستفيدين من كل ما جرى من خلال:
1- لصق اسم الارهاب بالاسلام (تشويه سمعة) هي من اهم الاهداف حيث يغفل عنه الكثيرون . الاسلام اليوم اصبح اكثر الاديان نموا في العالم وبسبب وجود حكومات دكتاتورية في الشرق الاوسط هاجر كثير من المسلمين الى اوروبا و كندا و... و حصل التغيير الديموغرافي لهذه الدول و تعرف قسم من غير المسلمين للديانة الاسلامية . فهناك تخوف حقيقي لديهم من تحول هذه الدول الى الاسلام في المستقبل القريب بدون حرب خصوصا ان عدد سكانهم قد تقلص بسبب نمط حياتهم واصبح هناك فراغا سهل للمسلمين المهاجرين إملاءها مما شكل خطرا على حضارتهم و مستقبلهم .الامر الذي أدى الى لصق الارهاب بالاسلام وإخافة الغير المسلمين من هذا الدين وهذا ما يقوم به داعش.
2- عدم تكرارالغرب و امريكا تجاربهم السابقة من خلال القتال المباشر مع المتطرفين لتجنب فقدان جنودهم واموالهم وسمعتهم (على سبيل المثال , قسم من المسلمين كانوا يتعاطفون مع المتطرفين بحجة انهم يقاتلون امريكا او كونهم جاءوا من أقاصي الارض ليحتلوا ارضنا) ما يحدث اليوم هو السعي لجعل القتال المباشر بين المسلمين سواء كان بين المتطرفين من جهة و البيشمركة والجيش العراقي والسوري والمصري والليبي واليمني والحوثيون وقوات الحماية الكردية من جهة اخرى حيث (القاتل والمقتول) من المسلمين هي بالمحصلة النهائية لمصلحة امريكا والغرب.

3- جمع المتطرفين من انحاء العالم من الشرق والغرب في منطقة واحدة للتخلص منهم ولكن بعد اكمال المهمة (مثلا اعادة رسم خارطة الشرق الاوسط الجديد والقضاء على الحكام الغير المرغوبين) ومن ثم القضاء عليهم باموال ودماء الدول العربية والمسلمة في الشرق الاوسط .

4- الانتعاش الاقتصادي حيث الدول العربية والاسلامية هرعوا الى امريكا والغرب لشراء الاسلحة باسعار خيالية خوفا من داعش ولمقاومة مده ، حتى القصف الجوي للتحالف الدولي هي باموال عربية إسلامية مما يعود الفائدة للغرب وامريكا.

في الختام  يمكننا القول ان لدى أمريكا والغرب مشروع كبير في المنطقة وهؤلاء المتطرفين ما هم الا احد ادوات هذا المشروع الواسع. ولكن  ليس شرطا ان كل ما يخططه هؤلاء يطبق كما هو المطلوب ومن المحتمل ان ينقلب السحر على الساحر وان يخرج الامرعن نطاق السيطرة ويطول و لا يعلم مداها الا الله.

عصر التطرّف في المناخ والأفكار/ صبحي غندور

عالم اليوم "تعولمت" فيه مظاهر التطرّف ومشاعر الخوف والكراهية. وربّما يتحمّل مسؤوليّة هذه "العولمة السلبيّة" التطوّر العلمي في وسائل الإعلام وفي التقنيّة المعلوماتيّة، إذْ يبدو أنَّه كلّما اقترب العالم من بعضه البعض إعلاميّاً وخبريّاً، تباعد ثقافيّاً واجتماعيّاً. 
عالم العالم لا يعيش الخوف من "الآخر" كإنسان أو مجتمع مختلف في ثقافته أو لونه أو معتقده فقط، بل يعيش أيضاً الخوف من الطبيعة وكوارثها، ومن فساد استهلاك بشرها لخيراتها وثرواتها. 
اليوم، يعيش العالم هواجس الخوف من "التغييرات المناخية"، ممّا يهدّد بحالاتٍ عديدة من البرد القارس أو الجفاف أو الطوفان، وممّا سيترك أثراً كبيراً على فصول الاعتدال بالطبيعة (الربيع والخريف)، ويجعل الكرة الأرضية أسيرة تطرف الصيف الحار الحارق أو الشتاء البارد القاسي.
وهذا الاختلال في التوازن الطبيعي للمناخ ساهم بصنعه الإنسان الذي استخلفه الله على الأرض لبنائها وإعمارها والحفاظ عليها، فهي أمانةٌ مستخلفة من الخالق لم يُحسن الإنسان رعايتها.
وما يحدث في الطبيعة والمناخ من تطرّفٍ نراه أيضاً في الأفكار والمعتقدات، حيث يتّجه الناس أكثر فأكثر لتبعية "جماعات نارية" تشعل اللهب هنا وهناك، تحرق الأخضر واليابس معاً، فتذهب ضحية لقيادات هذه الجماعات وأفكارها، نفوسٌ بريئة وأوطانٌ عريقة!
هو عصر التطرّف في المناخ وفي الأفكار، هو عصر العودة إلى "البدائية" بما فيها تقديس "النار" ومُشعليها، بينما الناس هم حطبها ووقودها، والمسؤولية هنا هي على التابع والمتبوع معاً، وعلى المتقاعسين عن دورهم في مواجهة التطرف، وعلى المخالفين لطبيعة الحكمة الألهية في هدف الأختلاف بين البشر، وعلى المستغّلين لأمانة الأستخلاف في الأرض وفي الحفاظ على توازن الطبيعة واعتدالها.
عالم اليوم يخشى من الغد بدلاً من أن يكون كلّ يومٍ جديد مبعثاً لأملٍ جديد في حياة أفضل. شعوبٌ تعيش الخوف من إرهاب ما قد يحدث في أوطانها، وأخرى تعايش الإرهاب يوميّاً حصيلة احتلال خارجي أو تسلّط داخلي أو عبث عنف متطرف ارهابي. مجتمعاتٌ تخاف من "أشباح"، وأخرى تعيش الناس فيها كالأشباح! لكن الجميع يشتركون في الخوف من المستقبل المجهول القادم. وكلّما ازداد الشعور بالخوف، ازدادت مشاعر الكراهية لهذا "الآخر" المخيف! 
إنَّ العالم يعيش هذه الحالة السلبيّة تحديداً منذ 11 سبتمبر/2001، حيث كان هذا اليوم رمزاً لعمل إجرامي مدفوع بغضب أعمى لا يفرّق بين مذنب وبريء، كما كان هذا اليوم تبريراً لبدء سياسة حمقاء قادها "محافظون جدد" في واشنطن اعتماداً على تغذية الشعور بالخوف من ناحية، ومشاعر الغضب الموصوفة بالكراهية من الناحية الأخرى. 
في عقد التسعينات من القرن الماضي، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كتب الكثيرون من العرب والمسلمين عن خطط إسرائيليّة لجعل "الإسلام" هو "العدو الجديد" للغرب، والبعض الآخر كتب في أميركا والغرب مبشّراً بنظريّة "صراع الحضارات". لكن كانت كلّها كتابات ومجرّد حبر على ورق إلى حين وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001 . 
إذن، أليس من الحماقة في الأفعال أو الردود عليها، أن تسير الأمور في العالم بهذا الاتجاه الذي جرى التحذير منه خلال عقد التسعينات!! وما هي المصالح العربية والإسلاميّة من تأجيج مشاعر الكراهية أو الخوف لدى هذا الطرف أو ذاك على مستوى شعوب العالم في الشرق والغرب؟! 
إنّ التمييز مطلوب بين حالاتٍ ثلاث: التطرّف، العنف المسلّح، والإرهاب. فالتطرّف الفكري والسياسي قد يكون حقّاً مشروعاً لمن يشاء السير فيه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار .. أمّا العنف المسلّح، فهو محكوم بضوابط دينية وأخلاقية وقانونية على مستوى الدول والجماعات والأفراد، ولا يعني مخالفة طرفٍ لهذه الضوابط أنّ استخدامها بات مشروعاً لدى أيِّ طرفٍ آخر.
وهناك بلا شك مسؤولية "غربية" وأميركية وإسرائيلية عن بروز ظاهرة الإرهاب بأسماء "إسلامية"، لكنّ ذلك هو عنصر واحد من جملة عناصر أسهمت في تكوين وانتشار هذه الظاهرة.
ولعلّ العنصر الأهمّ والأساس هو العامل الفكري/العقَدي حيث تتوارث أجيال في المنطقة العربية والعالم الإسلامي مجموعةً من المفاهيم التي يتعارض بعضها مع أصول الدعوة الإسلامية، ومع خلاصة التجربة الإسلامية الأولى منذ فترة الهجرة النبوية إلى المدينة وصولاً إلى نهاية عهد الخلفاء الراشدين. 
ولقد ساهمت الحقبة العثمانية، ثمّ فترة الاستعمار الأوروبي من بعدها، في محاصرة الاجتهاد الإسلامي وفي الابتعاد عن المضمون الحضاري الإسلامي، والاتجاه نحو "حكم العسكريتاريا" الذي بدأه العثمانيون أصلاً بانقلاب الجيش الإنكشاري على الدولة العباسية.
أيضاً، كان للصراعات الدولية الكبرى إسهامٌ واسع في تأجيج ظاهرة التطرّف المسلّح والإرهاب باسم الإسلام. حدث ذلك في كلّ حقبة الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، وكانت حرب "المجاهدين الأفغان" هي الخميرة التي صنعت لاحقاً جماعات "القاعدة" وأساليبها الإرهابية في أكثر من مكان وزمان.
هي كذلك أزمة "هُوية" في مسبّبات ظاهرة التطرّف المسلّح باسم الدين، حينما تضعف الانتماءات الوطنية وتسود بدلاً منها هويّات فئوية بمضامين طائفية ومذهبية ضيقة. ولعلّ بروز ظاهرة "التيّار الإسلامي" بما فيه من غثٍّ وسمين، وصالحٍ وطالح، في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، ما كان ليحدث بهذا الشكل لو لم يكن هناك في المنطقة العربية حالة من "الانحدار القومي" ومن ضعف للهويّة العروبية، كحصيلة لطروحات وممارسات خاطئة جرت باسم القومية وباسم العروبة، فشوّهت المضمون ودفعت ببعض النّاس إلى بدائل أخرى بحثاً عن الهويّة وعن قوى الدفع اللازمة في معاركها السياسة والاجتماعية والوطنية.
أيضاً، حينما تسقط الدولة في أيِّ وطن، يهوى الانتماء الوطني الواحد أيضاً لترتفع مكانه انتماءات أخرى هي أقلّ من نسيج الوطنية وأشدّ ارتباطاً بالخصوصيات التي يتكوّن منها أيّ مجتمع.
إنّ مواجهة نهج التطرّف تتطلّب من العرب الارتكاز إلى فكر معتدل ينهض بهم، ويُحصّن وحدة أوطانهم، ويُحقّق التكامل بين بلادهم، ويُحسّن استخدام ثرواتهم، ويصون مجتمعاتهم المعرّضة الآن لكلّ الأخطار.
لكن الفكر المعتدل المطلوب ليس هو بالفكر الواحد في كلّ مكان، ولا يجب أن يكون. فالاعتدال هو منهج وليس مضموناً عقائدياً.
وقد يكون المضمون دينياً أو علمانياً، وطنياً أو قومياً أو أممياً، لا همّ بذلك، فالمهم هو ضرورة اعتماد نهج الاعتدال ورفض التطرّف كمنهاج في التفكير وفي العمل وفي السلوك الفردي أيضاً.
فالاختلاف والتنوع في البشر والطبيعة هو سنّة الخلق وإرادة الخالق، بينما دعاة التطرّف اليوم (وهم أيضاً ينتمون إلى أديان وشعوب وأمكنة مختلفة) يريدون العالم كما هم عليه، و"من ليس معهم فهو ضدّهم"، ويكفّرون ويقتلون من ليس على معتقدهم حتّى لو كان من أتباع دينهم أو من وطنهم وقومهم.
هو فكرٌ كابوسي جاهلي يستفيد حتماً من أيّة شرارة نار يُشعلها متطرّف آخر في مكان آخر، فالحرائق تغذّي بعضها البعض، لكن النار مهما احتدّت وتأجّجت، فإنّها ستأكل في يومٍ ما – عساه قريباً- ذاتها، حتى لو تأخّرت أو تقاعست قوى الإطفاء عن دورها هنا أو هناك.


*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن.
 sobhi@alhewar.com
   

هكذا عرفت بدوي الحاج "ولو بعد حين!"/ سركيس كرم

"ما يشبهني هو صوت الريح...في يوم ممطر عنيف!.. يَصفُرُ عابراً للنفوس..للوجوه.. يرنو الى مقارعة الخلود.. هو ذاك الصدى العميق..هو المطر والريح"... وما من وصف يعبّر بدقة عن حقيقة الذات وخفاياها كذلك الذي ينبثق من أعماقها .. وصف يفجّر بركان أفكاره وهو في طريقه الى إكتشاف ما إختزنته الأيام الهاربة من قيود العمر ومحدوديته.. ينده من على كل مفترق فيرد صدى الكلمات المستلقي منهكاً في وديان الذاكرة.. فيعود الشاعر ليدوّن حروفه وكأنه يتلقى درسه الأول تحت سنديانة نفسه، محتمياً بإنفعالاته وتفاعلاته .. يفعل ذلك وكأنه يكتشف مع كل قصيدة تعابير مستترة تشبه ملامح نقشتها أزاميل الأزمنة وصقلتها جماليات الأمكنة وغموضها.. هكذا تبدأ رحلة بدوي الحاج في فضاء التحدي حيث لا تجروء الريح على معاكسته.. ولا حتى على العبث بحرف من ثورته إلى أن تطل من يخاطبها قائلاً: "..يشدني البعد إليك.. الى الجنوح من جديد... الى هوس لقياك.. الى كلام الشعر.. ومقعد الجنون العتيق..!" (ص 17) .. فإذا " مقعد الجنون العتيق" أشد تأثيراً في ذكرياته من كل الرياح والعواصف.
هي المرأة حاضرة بما تتمتع به من أنوثة وشقاوة وسحر في باكورة نتاجه الفكري "ولو بعد حين!".. تنتقي الصفحات وتختال دلالاً وعشقاً.. فيما يستسلم هو في مراحل كثيرة لرغبتها وسحرها وعطرها "أنتمي إليك.. فأن في الورد عطر وفي الوريد مطر.. ضاق بنبضي العشق حتى سكنت بين عينيّ والبصر..!" (ص 33). وبين الصلابة والرجولة من جهة وسحر الحبيبة من جهة ثانية يتأرجح بدوي متعلقاً بحبال النشوة، فتارة يحلق في أحلام تختزل الزمان والواقع، وطوراً يكاد لا يبتعد قيد أنملة في إنطلاقة اللحظة حتى يقر أماها "أترك اليقظة .. وأعود إليك ولو بعد حين!" (ص37) . كم هي قديرة .. كم هي بارعة حتى في اللعب والعبث وإقتناص الحنين في أوج عاصفة الغضب.. فحتى بدوي المتمرد يصرّح بملء إرادته " أفتش عنك.. عن رسمك.. عن حبك في مدينة العشق قبل أن يضيع!" (ص49).. ومن أين كانت الحيرة ستقبض على المشاعر لولا شقاوة تلك الفاتنة التي تتحكم بكل قواعد اللعبة ولو أدى ذلك الى خسارة المدينة والعشق معاً.. هي تفعل ما تشاء وليس باليد حيلة.. 
تستكين الريح بعدما بلغ الشاعر حالة يغمرها الهيام بعيدة كل البعد عن أي نوع من أنواع القساوة، فيناشدها "أيتها المرأة.. لي قلب واحد عاث به الشوق دمارا.." (ص75) .. من هنا ولا شعورياً يجرّد نفسه من سلاحه الوحيد فيهديها القلم الذي بحوزته مردداً ما فائدة القلم من دونها، من دون عطرها وعيونها ومفاتنها.. أليست هي من يوفر المداد الذي بواسطته ترتسم الكلمات المعبّرة عن الحب والحياة.. كما أنه ليس هنالك من لذة خارج إطار "مدينة العشق" وسيدتها الأولى!.. 
"ولو بعد حين!" يبرز بدوي الحاج الثائر أيضاً في مواقف ملتزمة بالدفاع عن الحق والوطن والأنسان.. فيحملنا من عالم الجمال الرائع بالرغم من شقاوته الى أرض الواقع بكل ما فيها من مآس وكوارث وتخاذل مع ما يقابل ذلك من أمل وعزيمة وبطولة..  يهتف بأعلى حروفه وبأغلى كلماته  "للمجد تاريخ حُفر...سطّرت عناوينه المقاومة.. دم الشهادة انسكب..أبطال رسمت فصول الملحمة..أرضنا، عرضنا..لا مساومة!!" (ص85) .. هنا تهّب عاصفة العنفوان التي لا تهادن ولا تساوم مستذكرة مجد الأيام التي تمكنّت فيها العين من كسر مخرز كبرياء المحتل وعنجهيته.. وما من متخاذل يسلم من عاصفة قلم بات بمثابة حسام يفتت العتمة في ليل العروبة الحزين.. قلم ينتفض كمارد بوجه الرتابة صارخاً ليوقظ الأمة "ناديت القدس وفلسطينا..سألتها عن ماضينا..قالت: نحن أمة تباهت بالهزيمة وبنشوة تباكينا..!" (ص88).. يا ليت الأمة بقيت على "نشوة تباكينا" يا بدوي وما سقطت في قعر الجهل المزمن على أيدي من وصفتهم أنت وعن حق "بالملاعين"، فاقدة أي أمل بمواكبة التطور، حاملة سيف القتل لتحاول أن تجر فيه العالم الى القعر معها في رحلة الشؤم السوداء عوضاً من ان تحاول الصعود من جديد نحو النور.. وها غزة "تلك الدماء المطروشة على الحائط..تسرح على خدود الثكالى والأرامل.. تزحف فوق التراب..ترويه!" (ص89) تشهد على هزيمة الأمة وتعاستها.
لا ينسى بدوي الحاج جذوره وإذا بأرداتا (أردة) مسقط رأس الشاعر حاضرة بذلك الدفء الذي لا توفرّه إلا والدة يظل "صدى صوتها يملأ المكان" .. فكم أنت محظوظة بأبنك يا جارتنا الغالية أردة لأنه في صلب وجدانه ما زال يعيش في الحنين الى أهلك، الى ملاعب الطفولة، الى أرض الرجال الرجال: "صدى بلدتي يعبر الزمان" (ص132). 
في ديوان "ولو بعد حين" تعرّفت بعمق على بدوي الحاج الشاعر، الثائر، المشاكس، العاشق، الملتزم بقضايا الوطن والأنسان، الحالم بغد يحتضن رؤيته حيث تصبح الحرية حقيقة والمحبة رفيقة تجتاح برقيها القلوب وبتسامحها المشاعر وبحنانها العقول.. "ولو بعد حين" ديوان يعكس في مضامينه أخلاقيات الكاتب وطموحاته وسعيه الدؤوب للإرتقاء نحو الإبداع الذي لا يرتكز إلا على إنسانية الأنسان وإرادة الحياة المفعمة بالنضوج الفكري والعدل والسلام والحب .. 
بدوي الحاج لقد عرفتك الآن جيداً وانت من أزدانت قصيدته "ما يشبهني" بتعابير تختصر سيرة مفكر يعشق الحرية مثلما يعشق المرأة: "ما يشبهني هو العصفور الطليق ينشد حرا.. لحن التغاريد! يرفرف وحيداً.. فيرسم الطريق.. ما يشبهني هو عناد الشمس.. وخجلها عند المغيب!".. 
بدوي الحاج هكذاعرفتك أكثر "ولو بعد حين!"..
("ولو بعد حين!" ديوان للشاعر بدوي الحاج من 160 صفحة سيتم إطلاقه في سيدني في 28 شباط 2015)
سركيس كرم - سيدني

ملاحظات على بعض ما جاء في خطاب نصرالله وردود عليها/ الياس بجاني

اللبنانيون لم يفوضوا لا السيد نصرالله ولا حزبه ولا إيران تولي شؤونهم.

كل كلام السيد نصرالله هو مناقض لدستور لبنان والرجل وحزبه ليس لهما أي صفة شرعية.

واقعاً وحقيقة معاشة فإن حزب الله هو جيش إيراني في لبنان. وهو عملياً عدو خطير للبنان ولكل الدول العربية.

كل خطاب نصرالله تركز على داعش وعلى تصويرها بالعدو التكفيري وبالخطر الداهم، علماً أن حزب الله لم يواجه داعش في أي معركة في سوريا، وكما أن النظام الأسدي هو أيضاً لم يتواجه عسكرياً مع داعش. مما يؤكد أن داعش هي فزاعة ومن تفقيس مخابرات محور الشر السوري الإيراني. ويوم دخل حزب الله إلى القصير لم تكن داعش بعد وجدت.

حزب الله هو من استدرج داعش إلى لبنان لتبرير اعماله الاحتلالية والغزواتية والإجرامية.

داعش والنصرة والقاعدة بكل فروعها وباكو حرام ونظام الأسد والحكام في إيران هم جميعاً وجوه مختلفة للإرهاب والفروقات بينهم هي بالأسماء وفي وسائل القتل والإجرام فقط.

هل فعلا حزب الله كما قال نصرالله يحارب في سوريا دفاعاً عن الإسلام؟ وهل دوره في سوريا في حماية الأسد الكيماوي يندرج في أطار هذه الحروب؟ وهل الدفاع عن اجرام الأسد هو واجب اسلامي؟

نصرالله وصف اغتيال رفيق الحريري بـ”الحادثة الأليمة التي هزت لبنان والمنطقة”. أليس هذا الكلام قمة في الإستغباء لعقول اللبنانيين؟

محزنة حالة نصرالله فهو يكذب ويصدق كذبه ويقول الشيء ونقيضه دون احترام لعقول الآخرين وتحديداً مؤيديه وبيئته.

حزب الله هو الإرهاب ومرجعيته الإيرانية هي النبع لكل ما هو ارهاب وتكفير وتكفيريين؟

تيار المستقبل وقع في فخ حزب الله عندما جعل هدف الحوار معه فقط محاربة التكفيريين وتعامى عن سابق تصور وتصميم عن سلاح الحزب ودويلاته وقتلة الرئيس الحريري والمحكمة الدولية وحربه في سوريا وتعطيله للمؤسسات الدستورية اللبنانية.

ترى هل جماعات التكفير هم يحتلون لبنان أم حزب الله؟ ومن اغتال كل القيادات السيادية؟

المستقبل ضيع الطريق وضاع وهو بحواره مع الحزب يبارك احتلاله للبنان ويغطي حروبه الخارجية.

طالب نصرالله باستراتجية لمحاربة الارهاب وتعامى عن أنه هو وحزبه ومرجعيته الإيرانية واسدهم البراميلي هم الإرهاب.

نصرالله قال إن الحوار مع المستقبل يتم من ضمن جدول وهو يحقق اهدافه. هذا يعني أن المستقبل ورغم النبرة العالية ارتضى احتلال الحزب للبنان ويطبع معه والمشنوق شنق ثورة الأرز ويطمع بكرسي رئاسة الوزراء.

نصرالله قال حرفياً لا تكترثوا لما يقال على المنابر، فجدول الاعمال مع المستقبل متفق عليه وواضح وضمن التوقعات والنتائج جيدة. هذا يعني أن مضمون خطاب الحريري كان شعبوي ولا علاقة له بالحقيقة.

نصرالله يعتبر حزبه قوة كبيرة وله حق التدخل في كل بلدان العالم واقر بوجوده العسكري في العراق. الحزب بمعايير القانون والدستوري عصابة مجرمين.

بدل الخروج من سوريا نصرالله يريد أن يذهب معه اللبنانيون إلى كل جبهات حروب إيران.

نصرالله يقول لا يجب ان نخدع أنفسنا في التفريق بين داعش والنصرة هما جوهر واحد وفكر واحد وثقافة واحدة، والمحصلة هي محصلة واحدة. ونحن نقول انتم وهم من نتاج نفس الفقاسة السورية-الإيرانية..

نصرالله: الذي فعلناه هو تأييد سلمي سياسي في البحرين، ولم ندخل السلاح، وانما ايدنا الحوار، ولذلك كان على حكومة البحرين ان تشكرنا.

من منا لا يتذكر ذلك المطعم الذي كان يملكه عنصر من الحزب في البحرين وضبطت فيه كميات كبيرة من الأسلحة مع الكبيس والمكدوس!!

نصرالله والأسد وإيران يستغلون “داعش” وجرائم “داعش” لتبرير كل ما يقومون به فـ”داعش” يقدّم الحجج لكل من يرغب!

نصرالله دعا إلى “عقد تفاهمات مشابهة ” للتفاهم القائم بين “حزب الله” والتيار العوني. هذا طلب يعني التسليم بحرية سلاحه وديمومته في مقابل مكتسبات سلطوية كما هو حال بري وعون وجنبلاط.

نصر الله: أدعو الجيش اللبناني الى التعاون مع الجيش السوري وأدعو الحكومة اللبنانية التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية. نسأل هل في سوريا فعلاً حكم وجيش؟

ملاك الفلسطينية.. شاهدة علي جرائم الاحتلال/ سري القدوة

سفير النوايا الحسنة في فلسطين

لم تكن هي ارادة المحتل الغاصب لأرضنا وحقنا الفلسطيني .. بل كانت هي ارادة شعب يمتلك القدرة علي تحديد ما يريد ويعمل بزمن قياسي لنيل الحرية .,

حقا هي ارادتك يا ملاك يا من تمتلكين الحرية ..

هم يقمعون ويقتلون ونحن الصامدون .. نمتلك ارادة قوية لنيل حقوقنا تعلمنا الاصرار والصمود والتضحية من من سبقونا علي درب الحرية والتحرير واقامة دولتنا الفلسطينية

هي فلسطين التي نحملها هما وروحا وحياة .. هي فلسطين التي نحفر حروفها في قلوبنا وعلي صدورنا ونمضى يا ملاك من اجل الانتصار والارادة ..

في يوم حريتك تصرين علي فضح جرائم الاحتلال وتمضي في طريق الحرية والانتصار وتبقي شاهدة عبر التاريخ علي جرائم عصابات بني صهيون الذين يقمعون وينكلون شعبنا ..

اليوم تخرجين من زنازين الاحتلال وترفعين راسك عاليا لانك فلسطينية امنت بعدالة قضيتك وتنهضين من بين الوجع الفلسطيني لتستمري في مسيرة النصال وسيكتب التاريخ يوما وتكوني شاهدة علي هذا الظلم الذي يحلق بشعبك ..

تحياتي لك ولأسرتك وهنيئا لك في الحرية يا ملاكنا الفلسطينية ..

ما زالت سلطات الحكم العسكري الاسرائيلي  تمارس سياسة الاعتقال التعسفي بحق اطفال فلسطين وتخضعهم للإقامة الجبرية وتمارس بحقهم ابشع انواع ارهاب الدولة المنظم ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات الدولية التي تحمي الاطفال وتمنحهم الحماية وفقا للقانون الدولي ..

أن "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعتقل وتحاكم أطفال قاصرين في محاكم عسكرية وتتعامل معهم كالبالغين وتفرض عليهم إجراءات لا إنسانية بما يخالف كافة الشرائع والاتفاقات الدولية.

إن قوات الاحتلال تتفنن بانتهاكاتها إزاء حقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين خاصة الأطفال منهم في المعتقلات والمحاكم الإسرائيلية لا سيما من حيث تزايد أساليب القمع والعنف والتعذيب الذي لم يعد مقتصرا على التعرض للمعتقل والأسير جسديا، بل يأخذ كل شكل من أشكال الانتهاكات والممارسات الجسدية والنفسية والمعنوية والعقابية للأسرى.

أن الأسير يتعرض للتعذيب منذ لحظة اعتقاله واقتحام بيته في ساعات غير اعتيادية، ودائما بعد منتصف الليل حيث يدخل عدد كبير من الجنود إلى البيت، ويكسرون الأبواب ويدمرون الممتلكات، ويدخلون إلى غرفة نوم من يريدون اعتقاله، ويضربونه، وهو نائم أو يجرونه ليستيقظ، ويعتدون عليه وعلى أسرته بالشتم والسب بأسوأ الألفاظ، وبعدها يتم 'جره' بعد تقييده وعصب عينيه، وغالبا لا يسمحون له حتى بتبديل ملابس النوم.

وما من شك بان الأسري الاطفال المعتقلين في سجون الاحتلال يخضعون الي أبشع أنواع التعذيب بالإضافة الي حرمانهم من مواصلة تعليمهم وحياتهم الاجتماعية وتفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي الرقابة عليهم وتتابعهم وتحد من حريتهم لأنهم بالأساس يطالبون بحقوقهم بالعيش بحرية واستقلال .

وصمة عار ستلاحق الدواعش الى الابد/ د. عبدالله المدني

وصمات العار التي ستلاحق الداعشيين ومن في حكمهم من الغلاة والمتطرفين "الاسلاميين" كثيرة منذ اليوم الأول لظهورهم البائس على خارطة الأحداث في سوريا ةالعراق، كان آخرها الطريقة البشعة التي قتلوا بها الطيار الأردني معاذ الكساسبة رحمه الله. 
على أنّ اسم الياباني "كينجي غوتو" سيبقى أيضا محفورا في الأذهان لزمن طويل كدليل على التوحش الذي طبع أعمال هذه الفئة المارقة المتطفلة على الاسلام.
وبطبيعة الحال فإن اليابان لئن كانت اليوم حزينة ومتألمة على فقد واحد من أبنائها البررة، فإنها ستتعافى بسرعة من الصدمة وستواصل مسيرتها في خدمة الانسانية والبشرية مثلما كان حالها دوما، إختراعا وإنجازا ومساهمة في الأعمال الاغاثية حول العالم وتقديما للمساعدات التنموية لدول العالم الثالث ومشاركة في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وتوفيرا لكل ما يخدم البشرية من تقنيات. وهي في هذا تعتمد على إرث حضاري منيع وثقافة خاصة متميزة وسلوكيات إجتماعية نبيلة معطوفة على الايثار واحترام ثقافة الآخر والانحياز للسلام والمحبة والتعاون. 
لكن ماذا عن الطرف الآخر الذي لا يملك أي رصيد، ولم يساهم مثقال ذرة في الحضارة الانسانية، بل الذي استغل ما أنجزته هذه الحضارة من وسائل في أعمال الهدم والتدمير والحرق، وسفك دماء الأبرياء، وسبي النساء، والاعتداء على الطفولة البريئة وغير ذلك من أعمال يندى لها الجبين؟ لا شك أن النقمة ستزداد عليه في كل مكان، واللعنة ستطارده في كل آن.
إن كينجي غوتو قد رحل إلى جوار ربه ملتحقا بقائمة طويلة ممن نحرتهم "داعش" بدم بارد من صحفيين وعمال إغاثة وممرضين أجانب من أمثال الامريكيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف وبيتر كاسينغ، والبريطانيين ديفيد هينز وآلن هينينغ. وكان آخر هؤلاء الرهينة الياباني "هارونا يوكاوا" الذي أعدم الشهر الماضي بعدما رفضت طوكيو دفع فدية بمبلغ 200 مليون دولار مقابل إطلاق سراحه. لكن العمل الدنيء الذي أرتكب بحق هذا الأخير ومواطنه "كينجي غوتو" لن يثني اليابانيين عن مواصلة دعمهم للجهود الدولية الهادفة إلى قطع دابر الإرهاب والتوحش من العالم بصفة عامة ومن الشرق الأوسط بصفة خاصة، بل سيزيدهم اصرارا على انتهاج هذا المنحى على حد قول رئيس الوزراء "شينزو أبي"، خصوصا وأن "غوتو" لم يرتكب جرما بحق أي إنسان أو جهة، ولم ينخرط في أي تنظيم معاد للدواعش، ولم يفعل ما يستوجب قطع رأسه بوحشية. فالرجل عــُرف عنه انسانيته وعمله الدؤوب مع منظمة اليونيسيف ووكالة الاونروا وغيرها من المنظمات الدولية، كما عــُرف عنه جهوده الصحفية في إبراز تداعيات الحروب والقلاقل والصراعات على الأطفال واللاجئين والمرضى والمشردين عبر تغطيات صحفية متقنة لمناطق النزاعات في سيراليون وراواندا ودول البلقان والشرق الاوسط، الأمر الذي يحسب له وليس عليه. لكن وحوش القرن الحادي والعشرين أنـّا لهم أنْ يتفهموا كل هذا الجهد الخيّر، وهم الذين لم يسلم من همجيتهم حتى إخوتهم المسلمين، وآخرهم الطيار الشهيد معاذ الكساسبة.
وكما في كل العمليات الجبانة السابقة التي قامت بها داعش اختطافا وتهديدا وابتزازا، وما تلاها من خروج ذوي الضحايا على وسائل الإعلام لإستعطاف المجرمين علهم يفرجون عن أحبتهم، فإن والدة "غوتو" السيدة "جونكو ايشيدو" خرجت أيضا على وسائل الإعلام دامعة العين كسيرة النفس. 
غير أنّ الإختلاف هذه المرة كان في سبب الظهور أمام وسائل الإعلام! فهي لم تفعل ذلك من أجل أن تستجدي وتستعطف الخاطفين عبر تعداد مناقب إبنها وصولاته وجولاته الانسانية والإعلامية في الوقوف إلى جانب المشردين واللاجئين والأطفال حول العالم، لأنها لو فعلت هذا لوصمت من قبل مواطنيها بالأنانية والفردية وتمجيد إبنها بحسب رأي "جيف كينغستون" مدير الدراسات الآسيوية في فرع جامعة تيمبل الأمريكية بطوكيو. إنما ظهرت في الإعلام المحلي من أجل أن تعتذر لشعبها وحكومتها ومجتمعها عما تسببت فيه قضية إبنها لهم من متاعب وقلق. والإعتذار، كما هو معروف، جزء أصيل من الثقافة اليابانية ويمارسه الكبار والصغار في حياتهم اليومية.
ولعله من المفيد أن نشير في سياق الحديث عن الرهينتين اليابانيين إلى أن تعاطف اليابانيين مع الرهينة "غوتو" كان أكبر من تعاطفهم مع زميله "يوكاوا"، والسبب أن الأول إعلامي لامع ذو خبرة وصاحب سجل في الإلتزام والانضباط، بعكس الثاني الذي لم يـُعرف عنه سوى اللامبالاة والتفكك الأسري والبحث عن المغامرات التي ورطته في نهاية المطاف في الشأن السوري، وجعلت الأول ضحية له.
وإذا كان اليابانيون قد رحبوا في السابق بسفر "غوتو" إلى مناطق الصراعات والحروب بسبب لهفتهم على معرفة الحقائق الاخبارية من أحد مواطنيهم مباشرة، فإنهم باتوا يتساءلون اليوم عن الاسباب التي تدفع بعض مواطنيهم للسفر إلى مناطق يعرفون مسبقا أنها محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي بهم إلى القتل أو الخطف أو الاعتقال، وبالتالي وضع الأمة كلها في محنة. والحقيقة أن هذا المنحنى بدأ يتزايد منذ عام 2004 حينما تم الإفراج عن ثلاثة يابانيين من قبل إحدى الجماعات الميليشياوية في العراق. وقتها اعتقد هؤلاء أنهم سوف يُستقبلون بالحفاوة بمجرد عودتهم إلى وطنهم، لكن الاعلام المحلي فاجأهم بحملة شعواء لتسببهم في مشاكل للحكومة والناس، ودعت الحكومة إلى إلزامهم بدفع نفقات نقلهم من بغداد إلى طوكيو جوا بدلا من أن يدفعها دافع الضرائب الياباني.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: فبراير 2015 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh