** لم تكن الأحداث التى وقعت بالأمس 28 يونيو 2011 ، هى مفاجأة غير متوقعة ، بل هذا هو الشئ الطبيعى الذى أصاب وطن بلا عنوان .. ودولة بلا قانون .. وثورة بلا قائد .. نعم لم تكن الأحداث الأخيرة إلا نتاج الفوضى التى أصابت مصر منذ 28 يناير وحتى الأن ، بعد أن تحول 70 مليون مصرى إلى ثوار ، وشباب إئتلاف الثوار ، وثوار الثوار ، وثوار مراقبة الثوار ، والحكومة الإئتلافية وحكومة الظل وثوار مراقبة النظام .. والنهاية فوضى لا يوجد مثيل لها فى العالم إلا فى العراق والصومال وأفغانستان وفلسطين ..
** يحدث ذلك فى الوقت الذى تهل علينا الوفود الأمريكية كل فترة وجيزة لتتفقد التحرير والقيام بالزيارة الميمونة وتقديم الوعود الكاذبة .. أخر هذه الزيارات الميمونة ما قام به رئيس وزراء ماليزيا السابق "مهاتير محمد" وحرمه .. يرافقهم وزير السياحة منير فخرى عبد النور والسفير محمد فخر الدين السفير الماليزى بالقاهرة .. معتبرين أن ما فعلته ثورة 25 يناير هو بمثابة نقطة فاصلة فى تاريخ مصر .. كما أبدت حرم رئيس الوزراء إعجابها بمصر بعد الثورة وإندهاشها لميدان التحرير .. مشيرة فى دهشتها إلى إنتظام المرور والسيارات بالميدان رغم المظاهرات المليونية ولنا ملاحظة صغيرة.. "يبدو أن السيدة حرم رئيس الوزراء محولة فى نظرها ، فأين هذه السيارات والمرور المنظم فى الميدان الذى كان يغلق بالمتاريس .. وطبعا بعد هذه التصريحات لحرم رئيس الوزراء علينا أن نتصور إنسياب المرور أثناء الأحداث الأخيرة والمليونية بالتحرير !!
** ولم تمض ساعات قليلة على الزيارة الميمونة لرئيس الوزراء الماليزى إلا وحدثت مجزرة بين بعض البلطجية وكالعادة بمجرد ما أن بدأت الشرطة فى مواجهة الإنفلات الأمنى وحالات البلطجة ومن دفع بهؤلاء ومن وراءهم ومتى تنتهى هذه القصة التى إنتشرت فى أرجاء المحروسة .. خرجت التصريحات النارية من القنوات الفضائية المأجورة ومن "العاهرة الجزيرة" لتبدأ فى وصلات الردح للشرطة والإتهامات للداخلية بالعنف فى التعامل مع الثوار وهو ما دعى السيد وزير الداخلية يأمر بسحب قوات الشرطة وتأمين مبنى وزارة الخارجية والداخلية والسفارات .. وفى الحوار الذى أجرته قناة النيل الإخبارية مع الدكتور رفعت السعيد أبدى إستيائه من الأحداث وقال أن الوطن يبدو أنه سيحاكم جميع المصريين ثمن دماء الشهداء .. وفى إتصال أخر مع جورج إسحق منسق حركة كفاية قام بمهاجمة د. رفعت السعيد وهو يتساءل كيف يهاجم أسر الشهداء وإستشهد بموقف أنه أثناء إنعقاد مؤتمر شعبى بحلوان وقف والد أحد الشهداء وقال "إبنى وحشنى" ووصف ذلك بالشئ الصعب جدا .. وهنا نتوجه بالسؤال للثورجى جورج إسحق لماذا لم نسمع منكم تصريح واحد عن شهداء نجع حمادى .. لماذا لم نشهد لكم موقف واحد عن شهداء كنيسة القديسين .. أين أنتم من شهداء إمبابة .. يبدو أن جورج إسحق لا يرى فى مصر سوى شهداء 25 يناير الذى يزعم أنه أحد قوادها ، وتناسى السيد جورج أنه سبق إعتقاله مرات عديدة أثناء حكم النظام السابق والإتهامات كثيرة ، كما يبدو أن السيد جورج إسحق تناسى مشاركته فى مؤتمر هيثة الوقف الأمريكية الذى عقد فى تركيا فى إبريل 2006 وحضره ممثلون من إسرائيل وقام بنفى ذلك ثم عاد وإعترف ..
** كما قامت مقدمة برنامج إخبارى على النيل الإخبارية بالإتصال بالسيد سعد هجرس الذى أبدى إستيائه وهجومه على رجال الشرطة وإتهمهم بمعاودة العنف مع المتظاهرين .. أما أخطر ما مرت به مصر هو الإصرار – وأكرر – الإصرار على عدم فتح هذا الملف وكأن هناك قوى تحرك ملفات الفساد حسب رؤيتها فقد سمعنا وقرأنا بجريدة الأخبار خبر يقول "إستمرار المظاهرات أمام ماسبيرو وقصر العينى .. أسر الشهداء يرفضون فتح طريق الكورنيش قبل إعدام العادلى" .. وكما زعم الخبر هو زيادة غضب أسر شهداء الثورة بعد تأجيل محاكمة حبيب العادلى وزير الداخلية .. حتى أن المستشار السابق بمجلس الدولة محمود الخضيرى قرر أن يطالب بتنحى القضاء المصرى عن نظر قضايا الفساد وأن يتولى هو صدور الأحكام ومعه مجموعة من ثوار التحرير مع تعليق بعض المشانق ، وكل من لا يعجبهم توضع رقبته داخل حبل المشنقة ..
** أما الملف الذى أصر على فتحه هو دفن 19 جثة بإعتبارهم شهداء ثورة 25 يناير .. وكانت المفاجأة التى فجرتها مديرة الطب الشرعى أن أحد هؤلاء الشهداء يدعى عبد الناصر أحمد إسماعيل من سجن طرة كان محكوما عليه بالإعدام ، ووصل جثمانه إلى المشرحة بالبدلة الحمراء وبعض من وصلت جثامينهم من المسجونين كان إما عاريا تماما أو بالبدلة الزرقاء ، كما وجدت فى الجثامين جثمان إمرأة مجهولة توفيت فى حادث إحتراق أحد الملاهى الليلية بشارع الهرم ووصلت جثتها إلى المشرحة يوم 9 فبراير مع الجثامين الـ 19 ، أى قبل تنحى مبارك عن السلطة بيومين .. وقد أفاد الدكتور أشرف الرفاعى مدير دار التشريح بمشرحة زينهم أن هذه الجثث وصلت من سجون القطا والفيوم وطرة عن طريق الشرطة العسكرية ، وكان من بينهم خمس جثث معلومة الهوية أما الباقين فمجهولين الإسم لكن معلوم مصدر السجن القادمين منه .. أما السيدة دينا كشك التى تبرعت بعمليات الدفن فقالت فوجئت فى الجنازة بحضور إعلامى ضخم وتوصيف المدفونين على أنهم شهداء .. نعم هناك الكثير والكثير ولكن هناك من يصرون على الفوضى ومن يصرون على التحريض وإشعال فتيل الفوضى والتخريب ، والنتيجة التى ستنطلق بعد أن تهدأ الأمور أن فلول من بلطجية الحزب الوطنى هاجمت بعض الشباب فى محاولة لإحداث فوضى فى الميدان نتيجة حل المحليات ومحاولة لإعاقة قرار المجلس العسكرى الذى أعلن بالأمس بإجراء الإنتخابات البرلماني ةفى موعدها وإنه لا صحة لما نشر بتأجيل الإنتخابات أو التعديلات الدستورية .. وسوف يتم على إثر ذلك القبض على بعض المعارضين لإجراء الإنتخابات البرلمانية قبل التعديلات الدستورية وسيقال عن هؤلاء أنهم مجموعة بلطجية الحزب الوطنى وفلول النظام ، مع ظاهرة مهاجمة دور الشرطة ورصد مكافحتها لأعمال الشغب والبلطجة وإتهامهم بضرب الثوار والمطلوب أن تقف الشرطة عاجزة ، ثم تعود بعض الأقلام السفيهة لمهاجمتهم بسبب موقفهم السلبى وتطالبهم بالضرب بيد من حديد على الفوضى والبلطجة وأشهر هؤلاء الكتاب "الكاتب الأسوانى" علاء الأسوانى فهو لا يتورع فى كل مقال يكتبه عن التحريض ضد الشرطة والمؤسسات الأمنية فى الوطن ، كما يوجد كاتب أخر يبدو أنه منع من الكتابة فى المصرى اليوم ولا نعرف سبب المنع أو عدم نشر مقالاته ، كان له النصيب الأكبر فى مهاجمة جهاز الشرطة والتحريض عليه كلما بدأت الأمور تستقر ويتعافى الوطن .. كما إشترك فى الموسوعة الهجومية المخرج خالد يوسف وهو صاحب مرجعية ثورية يسارية منذ أن كان طالبا فى كلية الهندسة بشبرا جامعة بنها ، قاد عديد من المظاهرات حيث كان عضوا باروزا وقائدا فى المظاهرات الجامعية رغم أن له شقيق ضابط شرطة وأبناء شقيقته ومع ذلك يتعمد الهجوم العنيف عليهم وتصوير سلبياتهم سواء فى أفلامه أو فى تصريحاته الصحفية .
** نعم إنطلقت الفوضى ليس فى ميدان التحرير فقط بل طالت الفوضى منطقة الهرم الأثرية .. ففى بداية طريقك إلى منطقة الهرم وأبو الهول سوف تجد عديد من البلطجية يغلقون الطريق وهم يحاولون فرض وصايتهم على أى سيارة قادمة .. وداخل المنطقة السياحية للهرم توجد شرطة للسياحة تحاول أن تدخل الطمأنينة فى قلوب السواح ورواد الهرم ، رغم عدم تواجد سواح أصلا والمنطقة مثيرة للحزن والشفقة .. هل يعقل أن يقدم سائح واحد على رحلته لزيارة معالم مصر أو زيارة منتجع شرم الشيخ ، ففى القاهرة البلطجة وإنعدام الأمن وفى شرم الشيخ تم الإعتداء على أحد الفنادق من بدو سيناء وتهديد العاملين بالفندق بالأسلحة الرشاشة وطلبوا فدية من صاحب الفندق 8 ملايين جنيه وأفاد العاملين بشرم بأنها ليست الحادثة الأولى ولا الأخيرة منذ قيام ثورة 25 يناير !! .
** أما أحداث منطقة الهرم وما تتعرض له شرطة السياحة فقد تعرض كلا من الأمين أيمن الديب والأمين محمد عبد الباقى وهم من شرطة السياحة بالمنطقة الأثرية بالهرم والأمين مصطفى للتعرض من بعض البلطجية المسمين بالخرتيت وبعض راكبى الأحصنة بعد إستغاثة بعض السواح القليلون الذين كانوا فى زيارة للمنطقة منذ عشرة أيام ، كما إعترض بعض أصحاب السيارات وأهانوا بعض أفراد شرطة السياحة وهم يقومون بأداء واجبهم من فحص شنطة السيارة ومراجعة الرخصة ، وهذا الإجراء هو إجراء أمنى وقائى نتيجة الأحداث التى تمر بها مصر ولكن الإنفلات الأخلاقى جعل بعض أصحاب السيارات يتطاولون على شرطة السياحة ..
** هكذا تمر مصر بفترة إنفلات أمنى وبلطجة وتسيب تحت مزاعم دماء الشهداء وسط تأيد عجيب وغريب من البعض الكارهين لمصر ، لأنه ببساطة سقطت دماء شهداء أقباط كثيرين جدا فى الكشح وأسيوط ونجع حمادى وكنيسة القديسين وكنيسة العمرانية وبمها والعياط وسوهاج وبنى والمس وإمبابة و .. و.. والعديد من الأماكن ولم يقوم الأقباط بأعمال فوضوية أو تخريبية ولم تستغرق مظاهر الإحتجاجات أكثر من يوم أو إثنين ، ولم نجد هذه الحملة المسعورة للإنتقام لدم الشهداء ثم دعونا نتساءل أين دم شهداء حرب 67 الذين لقوا حتفهم فى صحراء سيناء ولم يجدوا من يدفنهم وهم يدافعون عن تراب مصر والقضية الفلسطينية .. أين دم شهداء 73 وهى حرب النصر وكم من شهيد سقط ولماذا لم تخرج المظاهرات فى 67 للمطالبة بإعدام عبد الناصر بإعتبار أن الهزيمة ونكسة 67 هو المسئول عنها بل أنه طلب فى خطاب رسمى بالتنحى على أن ينضم للصفوف الأمامية من الشعب فى حماية الوطن والدفاع عنه إلا أن الشعب المصرى الأصيل الرائع خرج ليعلن تأييده لعبد الناصر وطالبه بالإستمرار فى قيادة الجيش والشعب ..
** ولكن نعود للسؤال الأهم فى هذه الموضوعات أين المجلس العسكرى وما موقفه من جراء هذه البلطجة والأحداث الدامية والمخربة للوطن وأمن وسلامة المواطن ومستقبل مصر ولماذا إختفى المجلس بهذه البيانات التى تخرج على الفيس بوك .. من هو هذا الفيس بوك .. لماذا لا يكون هناك خطاب واضح وصريح ومعلن من القائد العام للقوات المسلحة ويكون فى مكان مكشوف وليس صالة مغلقة تضم ما يقولون عنهم الثوار أو إئتلاف الثوار أو إئتلاف الأحزاب وهى غالبا حزب جماعة الإخوان المسلمين ..
** نقول للمجلس العسكرى أن مصر أمانة فى إيديكم .. نريد بيان وخطاب واضح يخاطب كل فئات الشعب على أن تستقصى من الخطاب كل الأحزاب الدينية حتى التى تحاول أن تتلون وتغير جلدها .. نعم نريد خطاب صريح ومعلن .. هل مصر دولة مدنية أم دولة دينية .. ومتى تنتهى نغمة دم الشهداء ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق