ينتقد كثيرون حكومة الدكتور عصام شرف ويتهمها بعدم القيام بواجبها ويأخذون من كلام الدكتور يحي الجمل نائب رئيس الوزراء الذي شبه الدكتور شرف بالبسكوته ناعم وطبيعي قصده إنه راجل طيب وإبن حلال .
حكومة الدكتور شرف ماهي إلا حكومة تسير الأمور إلى أن يتم إنتخاب برلمان جديد وتكوين حكومة جديدة .. أي حكومة بحق وحقيقي ، ولا أعرف إن كانت الحكومة تأتي قبل إنتخاب الرئيس الجديد ليقوم بإختيار رئيس الوزراء ليكلفه بتشكيل الوزارة . وهنا مكمن الخطر والغموض الذي يجعل مصر في الوقت الحالي في مهب الريح فلا شيء منذ ثورة 25 يناير هذا العام 2011 وتسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة مهمة تسير البلاد بعد تخلي الرئيس مبارك عن الحكم يمكننا التكهن به .
مجلس أعلى يدير البلاد وله السلطة العليا ومسيار لا يعطي معنى كزواج المسيار الذي نسمع عنه هذه الأيام فلا الزوج مطالب بالإخلاص لزوجته ولا الزوجة لها تطلعات الزوجة الأم والجدة في المستقبل . لأنه لا يوجد مستقبل لها مع زوجها المسيار .
هذه حال مصر والمجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة حددت لنفسها زمنا ليس به رؤيا صائبة لخدمة مصر والشعب المصري والأخذ بيد الثورة حتى يتم إرساء قاعدتها ويمكنها تولي أمور البلاد برؤيا واضحة ومجلس أعلى يكون بمثابة الحصن الحصين لحماية الثورة التي قامت من أجل مصر والشعب المصري الذي ضحى بدماء أبنائه من أجل التغير الكلي والشامل إن كان في البنية التحتية لمصر أو الشكل العام للحكم المدني الحر الديمقراطي الذي يتساوى فيه أبناء الوطن في الواجبات والحقوق دون ما تميز بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة أو الدين أمام قوانين مدنية تحفظ للمواطن كرامته وحقوقه وتضمن له المساواة لا فرق بين إبن اللواء وإبن ساعي البريد حتى لا يطل علينا حاكم حاقد على إبن اللواء وجميع أبناء الأغنياء ويمسك معولا للهدم ويحدث مرة أخرى ما حدث لنا من إنقلاب أطلق عليه زورا وبهتانا إسم ثورة عام 1952ونعرف جميعنا ما آلت إليه أحوال مصرعلى مدى ما يقرب من 60 عام . ويبدو أننا نسير في نفس الطريق الأن !!! .
نعم هذا ماتشير إليه الأحداث منذ الحادي عشر من فبراير هذا العام 2011 الذي تخلى فيه الرئيس مبارك عن الحكم وأناب عنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة البلاد والذي في خلال 5 أشهر تقريبا شارك معه حكومتين لإدارة البلاد ، حكومة د . أحمد شفيق والتي لم تحظ قبولا لدى الثوار، وتلتها حكومة الدكتور عصام شرف " البسكوته " . وعلى مدى الخمسة أشهر هذه لم تظهر بادرة أمل لطريق واضح تسير عليه البلاد ، بل كل شيء يغلفه ضباب كثيف يكاد يحجب الرؤيا .. رؤيا الطريق الذي ستسير فيه مصر بأبنائها . وما أصعب المجهول الذي يفقد الإنسان الثقة في نفسه وفي من معه ويحدث التخبط . لأنه بلا رؤيا يجنح الشعب .
المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا عيب في رجاله ، فهم رجال دفاع عن مصر أقسموا يمين الولاء لمصر والزود عنها بكل ماهو نفيس وغالى ، وطبيعي لا يوجد ما هو أغلى من النفس التي يقدمونها فداء للوطن . وهذا هو الجيش المصري على مدى العصور والأزمنة والعهود . لكن ما يحدث على أرض الواقع بعيد كل البعد عن ما كان يصبو إليه الثوار الشباب وكل من إنضم إليهم لاحقا وله نفس الرؤيا ونفس التطلع في خلق مصر جديدة بعيدة كل البعد عن مصر التي عاشوها وعاشها أباءهم وأجدادهم من قبل . فمن نلوم !!! .
كانت ثورة أو إنقلاب 1952 تلقي اللوم على الإنجليز وعلى إسرائيل التي كانوا يرددون بأنهم سيلقون بها في البحر ، وأميركا والعالم كله إلا أنفسهم منذ جمال عبد الناصر الذي خان من وقفوا معه إلى الرئيس محمد حسني مبارك الذي تخلى عن الحكم بعد تمسك شباب الثورة برحيلة وفشله في إخماد الثورة بما فعله في الثاني من فبراير 2011 وما عرف بموقعة الجمل الذي هو الرئيس نفسه ومن دفعهم بقتل الأبرياء مسؤولون أما الله والشعب والعالم عن تلك الجريمة التي أرتكبت في حق شعب أراد الحياة فأخذوا الحياة من شباب وشابات أرادوا الحياة .
هزيمة 1967 لم يكن للقوات المسلحة يد فيها فالجندي المصري معروف عنه الزود عن وطنه الذي هو عرضه وشرفه بكل بسالة وشجاعة . لكن العيب في الرئاسة التي هي في الأصل عسكرية التي نست الحياة العسكرية وواجب الجندي الذي يختلف تماما عن واجب الحاكم السياسي فحدثت اللخبطة بين التقدم والإنسحاب مما أدى إلى نكسة حقيقية وإستشهاد عشرات الألاف من رجال القوات المسلحة الأبرياء والشرفاء وكان يجب أن يقدم كل المسئولين من أول رئيس الجمهورية إلى محاكمة فورية لولا أحد معاول هدم مصر وخرابها الكاتب محمد حسنين هيكل كاتب خطاب التنحي الذي أبطل حق المحاكمة عندما أعلن عن تحمله المسئولية كاملة كما جاء في الخطاب الشهير.
نحن لا نريد الحديث الأن عما حدث زمان . لكن بما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الجهة المسئولة عن إدارة البلاد بالإضافة إلى حماية الوطن من أي تهديدات خارجية أصبح العبء عليه مضاعفا ونحن واثقون من قدرة المجلس في الإدارة وقدرة القوات المسلحة على ردع كل من تسول له نفسه في مجرد التفكير بالإعتداء على الوطن المفدى مصر.
لذا فليسمح لنا المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن نناقش معه بعضا من الأمور التي تشغل بال كل مصري بغض النظر إن كان داخل مصر أو خارجها وإن كان مسلما أز مسيحيا أو حتى ملحدا . لأن المصري بطبعه لايستطيع أن يتنكر لمصر حتى لو أغضبته مصر و" طرطش " بكلمة من هنا أو كلمة من هناك ، لكن ولائه وحبه لمصر سيعيدانه إلى صوابه .
الرؤيا ضبابية ولا يستطيع أحد أن يتكهن بما سيكون عليه الغد ، فما بالنا ما بعد الغد !!
المجلس الأعلى لم يأخذ قرارا حازما ضد كل من يعمل على تخريب الوطن وبث الرعب في قلوب المصرين والذين يطلق عليهم إسم البلطجية دون رادع أو خوف لا من الأمن ولا من المجلس الأعلى الموقر !!
وهذا يذكرنا بما حدث في صول وفي أسيوط وقنا وغيرها مما تم من إعتداءات ضد المسيحيين أفرادا وجماعات وعلى كنائسهم مع فارق هو أن أعمال البلطجة تتم ضد كل المصريين هذا من ناحية على عكس ما حدث مع المسيحيين الذي أنهى الأعلى المشكلة بطبطة على المعتدين وقبولة تصحيح الخطأ ببناء ما تهدم من كنائس على حساب دافعي الضرائب الذين لا ذنب لهم فيما فعله الفعلة بأسم الدين وتم الصلح بوجود رجال دين لإرساء قوة رجل الدين على القانون وفي هذا إجحاف بحق القانون الذي لا تعلو عليه أية قوة أخرى ، ولم نسمع تبريرا مقنعا لذلك التصرف لا من الأعلى ولا من جهاز الأمن !!
الشعب يريد وضع الدستور أولا ثم إنتخاب برلماني بعدها إنتخاب رئيس الجمهورية الذي عليه تعين رئيس وزراء الذي عليه إختيار من سيقوم معه بإدارة شئون الدولة , لكن الأعلى مصر على الإنتخابات أولا ثم الدستور معتمدا على إستفتاء شعبي على تعديلات لبعض مواد الدستور المزمع تغيره بالكامل فكان من الأجدر البدء في تشكيل لجنة ويتم وضع الدستور الجديد وتناقش جميع مواده بحرية تامة ثم يتم الإستفتاء عليه وليس على بعض مواد دستور نعرف أنه لا يصلح بالمرة . هذا من جانب . ومن جانب أخر إصرار الأعلى أيضا على أن يتم إنتخاب أعضاء البرلمان في الفترة التي حددها الأعلى ثم يشكل البرلمان اللجنة التي تتولى وضع الدستور الجديد وفي هذا يكون قد فرض علينا " الشعب المصري " فرضا قبول ما يصر عليع الأعلى حتى لو كان السبب الرئيسي والمباشر أن ألأعلى يريد الإنتهاء من مهامه بأسرع ما يمكن لينشغل بعمله العسكري !!
وهنا لنا وقفة قصيرة .
الأستفتاء على الرغم أنه لم يكن إستفتاء ا حرا بل كان إستفاء موجه من الإعلام ومن الأعلى نفسه مما دعى المعارضين لا يوافقون عليه . ومع ذلك الإستفتاء والمواد التي تم الإستفتاء عليه ليست قرأنا كريما لا يجوز مناقشته وكلمة الأعلى مقدسة لا تراجع عنها !!
يصر الأعلى على أن الشعب قال كلمته .. جميل إحترام كلمة الشعب . لكن الشعب إكتشف أنه ضلل به ونادت فئات المثقفين من الشعب بالمطالبة بالدستور أولا والمعارضون هم المستفيدون من عدم وضع الدستور أولا لسببين ، الأول أنهم يريدون التعجيل بالإنتخابات أولا لأنهم أكثر المؤسسات تنظيما ناسين أو متناسين أن الأنظمة السابقة أعطتهم فرصة النزول إلى الشارع المصري نزولا مكثفا في ظروف معاهدة كامب ديفيد والسادات ، وإبتعاد الحاكم " الرئيس السابق مبارك " عن الشعب فترك المسيحيين يلجأون إلى الكنيسة والمسلميين تلقفتهم أيادي الإخوان وغيرهم من تنظيمات دينية إستخدموا معهم الترهيب والوعيد وأغدقواوتحكموا وزادت سلطتهم على النقابات والمجالس المحلية وشئون الحكم الممثل في الخدمات الحكومية التي إنتشرت فيها الرشوة والفساد بنسبة أكثر من500 بالمئة ، وإنتشرإتهام من ليس معهم بالكفروعاث أتباعهم في الأرض فسادا يكفرون من يشائوا وينهبوا من لا يطيعهم فخاف الشعب وإنكمش داخل قوقعة الخوف والرهبة وهما أشد قسوة من السوط والجوع والحرمان . وبدلا من محاكمتهم على إفساد الشعب نجدهم يسعون إلى تبوأ حكم البلاد والأعلى يسد أذنية عن سماع صوت شعب قاسى على مدى ما يقرب من 60 سنة الظلم والهوان قالوا لهم إرفعوا رؤسكم لإقتطافها فقد حان وقت إقتطافها وكأن التاريخ يعيد نفسه هذه المرة في مصر وليس في بغداد !!. فهل يرضى الأعلى بهذا الظلم الواقع على شعب ظلمه أبناءه ولا أحد سواهم ولا يستجيب لرغباتهم في أن يكون الدستور أولا وتؤجل الإنتخابات إلى أن تأخذ التنظيمات والأحزاب الأخري القديم منها والحديث فرصتها حتى يمكنهم النزول إلى الأنتخابات بأمل ولو ضئيل في الحصول على بعض وليس كل المقاعد البرلمانية ختى يكون هناك معارضة ولو ضئيلة وإعلان الدستور الجديد قبل الإنتخابات دون توجيه اللوم إلى الأعلى إذا إستمرعلى رأيه والمضي قدما فيما قرره ويكون ذنب مصر في رقبته إلى يوم الدين ؟؟؟!!!
إعادة النظر من شيم الحكماء والعقلاء ، والنزول لرغبة الجماهير دليل على حقيقة إهتمام الأعلى " وليس من المهم معارضة البعض فهذا أيضا علامة صحية ، لكن الأغلبية التي ستوافق ستغير تاريخ مصر وتعيد للشعب المصري ثقته في نفسه وفي حكامه بعد مآسي عهود وعهود ...فهل هذا بكثير على شعب طيب الأعراق !!! .
أما عن حكومة الدكتور عصام شرف فلا أظن أنها حكومة تملك سلطة إدارة البلاد ، لأنها بمجرد أن نطق الدكتور عصام بكلمة الدستور أولا وسانده نائبه الدكتور يحي الجمل حتى قامت عليهما الدنيا ولم تقعد بعد على الرغم من توجه الدكتور الجمل إلى الحزب الإخواني " الحرية والعدالة " مطمنا لهم أن الدكتور شرف راجل طيب وناعم زي " البسكوته " وإنه شخصيا لا فرق عنده إن كان الدستور أولا أو الإنتخابات وكفى المسلمين شر القتال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق