بشارة الراعي: وقوع في المحنة وضياع/ الياس بجاني

"وإذا وقع أحد في محنة (تجربة) فلا يقل: هذه محنة من الله! لأن الله لا يمتحنه الشر ولا يمتحن أحدا بالشر، بل الشهوة تمتحن الإنسان حين تغويه وتغريه والشهوة إذا حبلت ولدت الخطيئة، والخطيئة إذا نضجت ولدت الموت." (القديس يعقوب01/13- 15)

رد البطريرك بشارة الراعي بتعالي وغضب واستهزاء على الموارنة والمسيحيين واللبنانيين الذين هالتهم سرعة انحرافاته المخيفة والمعيبة عن ثوابت الصرح البطريركي التاريخية والوطنية والإيمانية والأخلاقية والإنسانية، قال: "اسمعوا الحقيقة من لسان البطريرك"، وحتى الآن لم نسمع منه أي كلام مفيد حول رزم التصريحات والمواقف الملتبسة. كما أنه وكما ذكرت الصحف كان عصبياً وعدائياً وغير متزن في دفاعه عن مواقفه "المسورنة" خلاله اجتماعه بالسفيرين الأميركي والفرنسي اللذين خرجا منزعجين جداً.

منطقياً كان من المفترض وبعد أن ادعى الراعي أن كلامه في فرنسا قد حُرّف وتعرض للإجتزاء أن يُصدر بياناً مفصلاً يتناول فيه كل هذه الأمور ويوضحها، إلا أن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث حتى الآن، بل استمر في التصعيد الكلامي والعدائي ضد وسائل الإعلام، كما تابع التهجم على منتقديه ورميهم بشتى أنواع الإتهامات مستعيراً من مفردات الوهاب والقنديل وحزب الله وعون وغارفاً، بنهم من القاموس البعثي المتخصص في تشويه الحقائق وقلب الوقائع والإستهزاء بعقول الناس وإهانة ذكائهم.

شخصياً، نؤمن عن قناعة أنه وبسبب قلة إيمانه وضحالة الرجاء في وجدانه وقلبه وضميره قد وقع في تجارب (محنة) إبليس، بل قد يكون هو نفسه أصبح مجرباً لإيمان اللبنانيين السياديين ويعمل على إبعادهم عن الله وعن ثوابت بكركي التي أعطي لها لبنان.

ونؤمن أيضا وعن قناعة أن الروح القدس قد هجره وابتعد عنه بعد أن تبنى دون خجل أو وجل ودون أن يرمش له جفن مواقف حكام إيران وسوريا ومنظماتهم الإرهابية في لبنان وراح يزايد عليهم جميعاً ويتباهى بفوقية بمفاهيم بالية وصبيانية متصلة بحلف الأقليات الذي أثبت عدم جدواه بل كارثيته المطبقة على كل الأقليات في الشرق وخصوصاً على المسيحيين.

قائمة مواقف الراعي الدخيلة على ثوابت بكركي وعلى مزاج المسيحيين والمناقضة لتعاليم الكتاب المقدس الذي يدعو إلى المحبة واحترام كرامة الإنسان المخلوق على صورة ومثال الله:
*ربطه مصير سلاح حزب الله الإيراني وإلإرهابي والغزواتي بالقرار الدولي 194، أي بعودة الفلسطينيين إلى بلادهم وبتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل طبقاً لمفاهيم وأجندة حزب الله الإيرانية والسورية الهوى والمرجعية.
*مساندته علناً ارتكابات نظام بشار الأسد الدكتاتوري والأقلوي والمجرم في وجه الأكثرية السورية ووصفه الأسد بالرجل الطيب ومطالبته الغرب منحه المزيد من الفرص لإنجاز الإصلاحات.
*وقوفه العلني ضد الثورة السورية ووصفها بالإضطرابات وتخويف المسيحيين من كوارث قد يرتكبها السنة المتطرفون ضدهم في حال سقط نظام الأسد وتوقعه تحالف السنة في سوريا مع سنة لبنان وحدوث فتن سنية شيعية يكون فيها المسيحي الضحية.
*مواقفه العدائية ضد الغرب والمجتمع الدولي وأميركا تحديداً واعتباره إن أميركا لا تهتم بغير إسرائيل وقوله للمجتمع الدولي: "نحن لا نريد بعد اليوم أن يتلاعب بنا أحد، أنتم ترموننا في النار وتقولون لا تحترقوا"
*دعوته للعودة لطاولة الحوار التي دعا إليها ميشال سليمان بشروط حزب الله، أي عدم التطرق لموضع سلاح حزب الله ولدويلته والاكتفاء بالتلهي بأمور سطحية وجانبية لتمرير الوقت ليس إلا.
*مباركته حكومة حزب الله التي يترأسها صورياً نجيب ميقاتي ووقوفه المعيب إلى جانب ميشال سليمان واعتباره هذا الأخير خشبة خلاص للبنان وللمسيحيين.
*تغاضيه عن سرقة حزب الله لأراضي الكنيسة المارونية وتعاميه عن مأساة أهلنا المستمرة في إسرائيل كما في السجون السورية.
*محاولاته الحثيثة لإلغاء مجلس المطارنة بهدف تغييب مواقف بكركي السياسية في بداية كل شهر وتفرده هو فقط بكل ما هو سياسي.
*تبنيه مشروع ولاية الفقيه في لبنان وهو كان أعلن عن هذا التبني "الخطيئة المميتة" من بعلبك عندما أيد مشروع الوكيل الشرعي للإمام خامنئي الشيخ محمد يزبك.

مشكلة هذا الرجل المنسلخ عن الواقع والمغرب عن مزاج ووجدان الموارنة والهارب من ثوابت الصرح البطريركي إلى قصر المهاجرين وقم والضاحية الجنوبية تكمن في أنه قليل الإيمان وخائب الرجاء ومتعجرف ويكثر من الكلام الإرتجالي دون أية محاذير أو ضوابط، وبالتالي يقع في أخطاء وخطايا كثيرة معظمها مميت. أما الأمر الأكثر خطورة في ممارساته وتصرفاته ونهجه فيكمن في أنه يرفض الرأي الآخر ولا يأخذ الانتقادات التي توجه له برحابة صدر بل يعتبرها اعتداء على شخصه فتأتي ردوه غاضبة ومليئة بالأخطاء والهفوات والتهجمات والإنكار..

مشكلة بشارة الراعي الأهم تكمن في لسانه المتفلت من كل الضوابط والقيود وحالة أمثاله يصفها القديس يعقوب (03/05-09): "اللسان، فهو عضو صغير ولكن ما يفاخر به كبير. أنظروا ما أصغر النار التي تحرق غابة كبيرة! واللسان نار، وهو بين أعضاء الجسد عالم من الشرور ينجس الجسد بكامله ويحرق مجرى الطبيعة كلها بنار هي من نار جهنم. ويمكن للإنسان أن يسيطر على الوحوش والطيور والزحافات والأسماك، وأما اللسان فلا يمكن لإنسان أن يسيطر عليه. فهو شر لا ضابط له، ممتلئ بالسم المميت، به نبارك ربنا وأبانا وبه نلعن الناس المخلوقين على صورة الله".

ولأن "الساكت عن الحق شيطان أخرس"، فإن السكوت على انحرافات الراعي التي تنتقص من عطاءات ودماء الشهداء وتضرب نضال الموارنة التاريخي من أجل الحرية والسيادة والإستقلال والمساواة هو أمر مرفوض دينياً ووطنياً وانسانياً ويرقى إلى مرتبة "الخطيئة المميتة" دينياً والخيانة العظمى وطنياً، وبالتالي على كل لبناني حر ويخاف الله أن يجاهر بمعارضته السلمية والحضارية والإيمانية لتوجهات هذا البطريرك "المسورنة" "والملالوية" والوقوف بقوة في وجهه ومنعه من تصوير الموارنة تحديداً واللبنانيين عموماً وكأنهم رعاع يعيشون القرون الحجرية ويفرحون ويهللون للقتلة والمجرمين ويساندون أنظمة دكتاتورية ودموية لا تحترم قيمة الإنسان وكرامته.

في الخلاصة: إن واجبنا الإيماني يملي علينا الصلاة من أجل أن يترسخ إيمان ورجاء البطريرك الراعي ليتمكن من الخروج منتصراً من المحنة والعودة نقياً وطاهراً ومتواضعاً إلى رحاب ثوابت بكركي ليكون ككل أسلافه البطاركة الموارنة ضميراً للبنان وليس معولاً للعدم أو لساناً متفلتاً يجلب الكوارث والشرور. ومع السيد المسيح نختم مرددين (متى 05/01-10 ): "طوبى للرحماء، فإنهم يرحمون. طوبى لأطهار القلوب فإنهم يشاهدون الله. طوبى للساعين إلى السلام فإنهم أبناء الله يدعون. طوبى للمضطهدين على البر فإن لهم ملكوت السموات"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق