طلعت سقيرق يعود الى فلسطين/ نبيل عودة


ليس من السهل رثاء أديب موسوعي بمستوى طلعت سقيرق ،عاش حياته ودمه على كفه، في سبيل مستقبل شعبه الفلسطيني .مقدما نموذجا حيا آخر في قائمة طويلة من ادباء فلسطينيين ، كرسوا جل وقتهم وكل ابداعم من أجل الصراع مع آخر احتلال في التاريخ البشري ، وأكثره سوءا واجراما بحق شعب من الشعوب.وأكثره حماية دولية من قوى الاستعمار الغاربة، والتي ما زالت مع الأسف تملك القرار ضد ارادة الشعوب العربية المبتلية بأنظمة قبائل متخلفة ذليلة.
اليوم عندما ننحني اجلالا لأديب عاش وسلاحه قلمه، مكرسا حياته ونشاطه من أجل بسمة طفل فلسطيني ، من أجل كفكفة دموع ام شهيد اغتالته يد الغدر الاحتلالي لوطنه، من أجل شجرة زيتون تحرقها سوائب المستوطنين، نتذكر مسيرة ونشاط أديب يغادر الحياة وشوقه الى تراب وطنه متغلغل في روحه،في كلماته، في رؤيته الجمالية لدور الأدب في الحياة، ودور الأدب كسلاح في معركة لم نختارها، انما فرضت علينا وقبلنا التحدي. لا نجد حتى دمعة نعبر بها عن ألمنا من هذا الرحيل في غير أوانه. لأن اللصوص ما زالوا يعيثون فسادا في أرضنا، ولا نملك الوقت للبكاء.
أجل لن نبكي في وداع فارس من فرسان الأدب الفلسطيني. بكينا حتى الثمالة منذ نكبة شعبنا، وحان الوقت ان نحث الخطى ، حاملين معنا ألمنا وحزننا نحو الغد المنشود لأبناء شعبنا. بذلك نحقق وصية كل أدباء فلسطين الذين افتقدناهم في مسيرتنا المؤلمة ، مسيرة نضالنا السياسي والثقافي. بعضهم سقطوا برصاص الجبناء الخائفين حتى من الكلمة، وبعضهم سقطوا وهم يحثون الخطى ، يحملون دمهم على أكفهم، نحو فجر التحرر والحرية.. حالمين بالعودة الى تراب أجمل وطن.
لم أعرف الأديب طلعت سقيرق شخصيا ، وكان لي حلم ان نلتقي في هذه الحياة، وبالصدفة في حوالي العام 1999، وكنت حديث العهد بالشبكة الألكترونية، وصلت بالصدفة الى كتاب للناقد الفلسطيني محمد توفيف الصواف " الإنتفاضة في أدب الوطن المحتل" والتقيت باسم الأديب طلعت سقيرق ، في مقدمته للكتاب. التي سجل فيها ملاحظة عن احدى قصصي ، الأمر الذي نبهني للكتاب نفسه ، ثم لكتاب آخر لطلعت سقيرق نفسه عن الشعر الفلسطيني المقاوم.
ومن يومها وانا أقرا وأبحث عن كل ما ينشره طلعت سقيرق.. وعبر أسمه تعرفت على منتدى "نور الأدب" ، ولكني جهلت كيف أشارك بالمنتديات عامة ، حتى اضطررت لخوض التجرية وتعليم نفسي ثم الانضمام لمنتدى هو البيت الثقافي للشاعر طلعت سقيرق.لأجد نفسي في الموقع الطبيعي لمثقف فلسطيني ، يواجه الواقع المأساوي لشعبة من داخل الوطن.
أجل وجدت نفسي في بيتي .
واليوم ، ونحن ننحني اجلالا للفارس المغادر، نشعر بأننا نحمل وصية، لا ضرورة لصياغتها بالكلمات :. وصية تحثنا ان نحافظ على حبنا لتراب وطننا . ان نحافظ على صلة الرحم مع ترابنا. ان نجعل أدبنا سلاحا في تعرية المحتل وأكاذيبه. ان نصون التفاؤل الفلسطيني بالمستقبل.ان نهزم الانشقاق الذي يمزقنا. ان نعيد وحدتنا لتحقيق الحلم الأسمى لكل فئات شعبنا. ان نكون الصوت المعبر عن الحلم الفلسطيني .
لا أقول وداعا طلعت سقيرق، المبدع لا يموت. بل يتجدد في ضمير شعبه وفي وجدانه.
الى اللقاء في دولة الشعب الفلسطيني الحرة.
و سنظل كما هتف صفي الدين الحلي:" خضر مرابعنا حمر مواضينا بيض صنائعنا سود وقائعنا "

nabiloudeh@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق