اخوان ربيع الناتو العربي/ عبد العالي غالي

دول العالم الكبرى مشغولة بكل إمكانياتها وأجهزتها ومؤسساتها بما اصطلحوا عليه الربيع العربي... فهي التي تذوقت حلاوة الديكتاتوريات العربية، والتهمت بشراهة كل أفضالها، عليهم لا علينا... وهي حتما من سيكتوي بنار أي تغيير جدي يفضي إلى قلب أنظمة كانت و مازالت معبودة الغرب الامبريالي ومرتعا لكل نزواته بل ومشتلا لتفريخ غلمانه... ولأن معاهد الدراسات الإستراتيجية هناك تضع من الخطط البديلة ما لن يستطيع عقل سياسي عربي عده، فأحرى به أن يفهمه، بدأت الأوراق تكشف على حين غرة.. فقد أصبح لزاما على الغرب الديمقراطي أن يضع يده في يد من تحرش به بالأمس وجعله مسرحا لغزواته. فالشراسة يتقاسمها الطرفان، الغضب الديني الاسلاموي دموي، والغضب الديمقراطي الأمريكي دموي. الأول يدعي أن الأهداف المقدسة تستوجب التقتيل، والثاني يرى أن أهداف نشر الديمقراطية النبيلة تفرض إبادة خصوم وجدوا في العصر الديمقراطي خطأ..

والمثير للسخرية أن تهب أنظمة عربية متطرفة ومستفردة بكل المؤسسات، والتي ينطلق الحكم منها لينتهي عندها ولا يدور إلا حولها، لتوهمنا بهذا التسابق الغبي لنشر الديمقراطية ودعم الثورات ورعاية أزهار الربيع العربي في مشاتل أوجدت خصيصا تحت جنح الظلام وعهدت إليهم مهمة السقي والرعاية بشتى أنواع السماد الفقهي والمالي... وللسلاح متعهدون أكثر خبرة وتجربة بحكم أن اللعب بالنار ليس كاللعب بالنصوص المقدسة واسهم بعض البورصات.

لم يعرف التاريخ الإنساني بكل ثقله مثل ثورات هذا الربيع.. ثورات احتضنتها كل أقمار الدنيا الاصطناعية ودغدغها الأثير بكل موجاته وعانقتها كل الجرائد والمجلات العالمية وقبلها الفقهاء والشيوخ الأمراء، وداعبها الناتو والقاعدة جمعا وفرادى، ليضاجعها اوباما وساركوزي وهنري ليفي واردوغان والحمدين وكاميرون إلى بندر ثم القرضاوي فالظواهري ... ولأننا في عصر المثليين فلا تستغربوا إن رغبت في ثورتنا كل من هيلاري وميركل وموزة وأشتون ... ثورات صرفت في سبيلها كل مخزونات ارض السواد من الورقة الخضراء، وأقيمت لها المؤتمرات العابرة للقارات في أفخم فنادق الدنيا ليتحرش بها كل زناة الدنيا في الزوايا المظلمة... ولست هنا غبيا كي أسألكم عما ستنجبه هكذا ثورة وفي هكذا ظروف ... وخوفي أن يكون ما في بطنها توأم برأس واحدة وأربعة مخارج، فيتيه العرب في أرجاء الدنيا بحثا عن الحفاظات لتجميع فضلات ما تمخض عن ثورتهم فلا يستطيعون.

اذكر انه في زمن "عدم الانحياز" كان المعسكر الغربي يكتفي بأمركة الحكام العرب، وانه حاول أمركة الشعوب بعد سقوط حائط برلين... ولأنه أحس ببعض فشل فقد قرر اسلمة الجميع على نهج من كانوا بمكة يسمرون، ولهم أن يتناسلوا ما شاؤوا مادامت الشريعة تضمن لهم مثنى وثلاث ورباع. فالغرب يكفيه تحديد الطموح مادامت الصين رائدة في تحديد النسل. وحكام ما بعد ثورات الربيع العربي يتسابقون على تطمين الغرب الامبريالي بأنهم لمصالحه حافظون وعلى عهود من سبقوهم سائرون.

محزن حد القرف أن نتحول إلى كائنات مفلسة تعتصم بحبل اليأس... فالنفق طويل والجاثمون على مستقبلنا هم من سيفسد ذوق كل الأشياء ويصادر كل طموح ليقتل كل الأحلام...

المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق