بين الوهم والحقيقة: د. محمد البرادعى والزعيم جمال عبد الناصر/ مجدي نجيب وهبة

** يبدو أن الدكتور "محمد البرادعى" أشار عليه البعض بمراجعة المشهد الرائع للزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" ، وذلك عقب نكسة يونيو 1967 .. وهزيمة الجيش المصرى ، وسقوط مئات الشهداء ..

** أعلنت القيادة العليا للقوات المسلحة عن بيان هام للزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" .. وإلتزم الجميع الصمت فى إنتظار إلقاء الرئيس كلمته ، والتى خرجت ، وهو يعلن عن مسئوليته الكاملة لهذه النكسة والهزيمة التى بليت بها مصر .. وقال "لقد قررت أن أتنحى ، وأن أعود للصفوف الأمامية لكى أكون ضمن قواتنا المسلحة فى مواجهة المؤامرات الإستعمارية الأنجلو أمريكية وحليفتهم إسرائيل" ...

** ولم تكاد كلمة الرئيس والزعيم "جمال عبد الناصر" تنتهى .. إلا وقد إشتعل الشارع المصرى ، فقد خرج الملايين فى الشوارع ، رجالا ونساء .. شباب وأطفال مصر الشرفاء .. خرج الملايين وليس هناك سوى هتاف واحد "هانحارب .. هانحارب" .. متمسكين بالزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" .. كان تفويضا وثقة رائعة فى الإصرار على بقاء وتولى الزعيم الراحل كامل المسئولية للدفاع عن شعب وتراب مصر ..

** ومع الفرق الشاسع بين المشهدين .. إلا أن الدكتور "محمد البرادعى" قال "ما المانع أن أجرب هذه الخلطة ، ربما تخرج الجماهير ، ويهتف الملايين ، ويحاصرون المنزل ، وهم يحملوننى على الأعناق للمطالبة بسحب إنسحابه وعودته لصفوف المرشحين" ..

** فى نفس الوقت ، قام "البرادعى" ، بدعوة بعض الإعلاميين المعروفين والسياسيين المعروفين ، والكتاب المعروفيين .. وطبعا الجميع يعرف من هم هؤلاء المعروفين .. والذين لم يزيد عددهم على أصابع اليد ، وقرر عمل إجتماع هام وعاجل بهم يحاط بالسرية التامة .. وبدأت تنتشر دعوات على صفحات الإنترنت بين مؤيد ومعارض ..

** أما ما يثير الدهشة ، فهو الصدمة التى أصابت زملاء البرادعى فى الترشيحات الرئاسية ، فقد أصاب الشيخ "صلاح أبو إسماعيل" صدمة ، وكذلك "بثينة كامل" ، و"حمدين صباحى" ، و"عبد الله الأشعل" .. أما الفريق "أحمد شفيق" ، فقد إعتبرها وسيلة دعائية لجأ إليها البرادعى للفت الأنظار ، ومحاولة التأثير على الشارع المصرى ...

** خرج "البرادعى" بعد يومين من إعلان هذه المفاجأة التى كان يعتقد أنها مدوية كمن خرج من المولد بلا حمص .. إلا من بعض الأصوات النشاذ التى دعاها فى إجتماعه المغلق ..

** كتبت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" .. عن إنسحاب البرادعى ، ووصفته بأنه بمثابة نكسة إستراتيجية بالنسبة للناشطين الليبراليين والعلمانيين فى مصر ، وإتهمت الصحيفة جماعة "الإخوان المسلمين" بأنها تعتبر "البرادعى" ليبراليا متشددا ، وهذا عكس الواقع تماما لهذه الصحيفة الكاذبة ، فالبرادعى كان المرشح المفضل لجماعة الإخوان المسلمين ، عندما أعلن الرئيس السابق عن فتح باب الترشيح للرئاسة ، وكان أول المتقدمين هو "البرادعى" مدعوما من واشنطن ، ومؤيدا من جماعة الإخوان ، وذلك قبل سقوط النظام السابق .. وتحول إلى كارت محروق لدى جماعة الإخوان ، فهم يرون أنهم ليسوا فى حاجة إليه الأن ...

** يرى البعض أن الخطوة تأتى "لفضح مخططات القوات المسلحة" التى تعتزم التمسك بالسلطة .. ويبدو أن "البرادعى" كان يسعى بعد لقائه بالرئيس الأمريكى السابق "جيمى كارتر" ، بتأكيد تدعيم الولايات المتحدة الأمريكية له .. وتناسى البرادعى أن "واشنطن" قالت على لسان مبعوثها "جون كيرى" ، ووزيرة الخارجية الأمريكية "هيلارى كلينتون" ، والسفيرة الأمريكية بمصر "أن باترسون" .. أن مصالحها مع جماعة الإخوان المسلمين ، وهذا ما أكده "جيمى كارتر" ، مما جعل البرادعى يحس بأن موقفه لو إستمر سيتحول إلى مهزلة فلوكلورية ، وستكشف الإنتخابات الرئاسية القادمة عن العدد المحدود جدا من مؤيديه الذى يضخمهم الإعلام المأجور ، ليظهرهم بأنهم الملايين ...

** قال البعض أن المقصود من سحب ترشيحه هى رسالة قبل 25 يناير القادم ، مفداها أن "مصر لا يوجد بها تحول ديمقراطى .. وأن عملية التغيير تسير فى طريق غير صحيح ، وهناك إنحراف عن أهداف الثورة" .. وللرد على البرادعى .. أى أهداف تقصد ، وأى إنحراف تتحدث عنه .. هل عدم رضا الكثيرين عنك ، وعن سلوكياتك المعروفة ، وإنحيازك الدائم للتقارير الأمريكية هو إنحراف بالثورة ، وهل تعتقد أن الثورة أو الشعب حقق أهدافه بوصول الإخوان للبرلمان وسيطرتهم على الشارع ؟!! .. هل تعتقد أن القلة التى تناصرك وتؤيدك هى تمثل الشعب المصرى؟!! ..

** ربما نتفق معكم فى جزئية أن الثورة خرجت يوم 25 يناير ، ثم بعد ذلك لم نجد إلا الخراب ، والدمار ، والإخوان .. ولذلك فهى ليست بثورة ، وليست بمطالب ، ولم تحقق أى نجاح ، حتى تنحرف عنه ، وإنما هم مجموعة مخربين تدعمهم دولة يحكمها عصابات من البلطجية يقودهم "أوباما" ، و"هيلارى كلينتون" تتزعم صبية من القوادين الصغار ، يحركونهم كالشطرنج ، ليؤدوا دورهم فى إسقاط مصر .. وجرائمهم واضحة ومكشوفة ، ولكن موقف المجلس العسكرى يجعلنا نضع مليون علامة إستفهام .. لماذا يصمت المجلس ويطبطب على كل هؤلاء رغم أنهم يدفعون بالوطن إلى الهاوية ، ليخرج علينا اللواء "عتمان" المسئول عن العلاقات العامة بالقوات المسلحة ، فى سؤال له من الإعلامى "سيد على" .. ما موقف الجيش ، والمجلس العسكرى ، وهم يسمعون العبارات البذيئة المهينة .. كان رد سيادة اللواء .. " نحن نترك للشعب ممارسة الديمقراطية ، فهذه هى الديمقراطية الحقيقية ، ولكننا نحذرهم من الفوضى" .. ونقول لسيادة اللواء أى ديمقراطية تتحدثون عنها ، هل الإعتداء على المؤسسات الأمنية ، والتراث المصرى هى ديمقراطية ؟!! .. هل منع السيد رئيس الوزراء من دخول مكتبه هى ديمقراطية؟!! .. هل قطع خطوط السكك الحديدية ، ومنع المواطنين ، ووقف مصالحهم ، وتعرضهم للمخاطر هى ديمقراطية؟!! ... هل قطع الطرق البرية وحرق سيارات المواطنين هى من الديمقراطية ؟!! .. هل الفوضى والبلطجة التى تمارس فى أكبر ميادين مصر ، وهو ميدان "التحرير" ، وما نشاهده عبر وسائل الإعلام ، وقلة الأدب ، وضبط المخدرات والدعارة التى تمارس داخل الخيام هى من الديمقراطية؟!!! ..

** أعتقد أن اللواء "عتمان" خلط ما بين الديمقراطية والفوضى الهدامة ، خلط ما بين ديمقراطية الفتاوى الإسلامية التى هدمت السياحة ، والإقتصاد المصرى ، وجعلت مصر تتسول ، وتمد أيديها إلى من يسوى ومن لا يسوى ، وهم يطعنون فى الوطن ، ويهددون السياحة ، ولم يشغلهم إلا منع سياحة الشواطئ والخمور ، وكأن الشعب المصرى يقضى لياليه فى السكر والتسكع على الكباريهات ..

** قال البعض أن المجلس العسكرى هو المستفيد الوحيد من إنسحاب البرادعى ، بينما أعلن البرادعى أن المجلس العسكرى ظل فى إنعقاد طارئ ومستمر لمحاولة إثناءه عن إنسحابه من إنتخابات الرئاسة .. هذا ناهيك عن بعض التفاهات التى كتبتها بعض المرضى نفسيا على صفحات التويتر وهم يبكون البرادعى ..

** وللرد على كل هؤلاء ، وأولهم الدكتور البرادعى .. من الذى أوهمك أنك ستصبح رئيس الدولة .. هل من أوهموك بأن المجلس يطالبك بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى فورا ، بعد إستقالة حكومة شرف ، وهرولوا إلى منزلك ، وقرروا تنصيبك رئيس الحكومة بالتحرير ، على الطريقة الليبية .. هم أنفسهم من نشروا أن المجلس العسكرى يطالب البرادعى بالبقاء حتى يتم تنصيبه كرئيسا للدولة .. لقد نفى المجلس العسكرى ما تم زعمه قبل ذلك بالشائعات التى إنتشرت بتكليفك الحكومة ، وما أعلنه المجلس أن المشير إستمع إلى وجهات نظر كل من البرادعى والإخوانى د."عبد المنعم أبو الفتوح" ...

** أما ما يثير الضحك .. تصريح أخر للدكتور البرادعى بأنه لن يرشح نفسه إلا إذا رأى الأغلبية العريضة من الشعب المصرى أن تقدمه للترشيح ..

** وها هو الشعب .. لم نرى المظاهرات تجوب الميادين ، وتطالب بعودة البرادعى .. ونصيحتى للدكتور البرادعى .. أن يخرج بعيدا عن مجموعة "التحرير" .. ويتجول بمفرده فى القاهرة مترجلا على قدميه ، لكى يستمع إلى رأى الشعب .. وسوف أؤكد لك أن 85 مليون مواطن يتجاهلون وجودك ، حتى لو علقت لافتة تقول "أنا الدكتور البرادعى" .. ونصيحة أخرى أقدمها لك .. دعك من نشر الأكاذيب عبر وسائل الإعلام حول الفريق "أحمد شفيق" .. تارة بالطعن فى ترشيحه ، لأنه أحد رموز النظام السابق .. وتارة أخرى تدعى تورطه فى قضايا الفساد .. وتارة ثالثة تدعى أن هناك صفقات بين الفريق "أحمد شفيق" ، وبين النظام السابق .. ثم يتم إفتعال هتافات من بعض البلطجية ضد الفريق "أحمد شفيق" ، فى المؤتمرات التى يعقدها الفريق "أحمد شفيق" ، لمحاولة شحن الشعب ضد هذا الرجل الوقور ... ليتك تعود من حيث أتيت .. وكفانا تهريج .. هذه نصيحة لك ولكل المتنطعين الذين وثبوا فجأة على مصر ، وماضيهم الأسود الملطخ بالدماء .. أما هذا الشعب .. فلا عزاء لمصر فى شعبها المغيب ..

صوت الأقباط المصريين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق