تتباهى إيران و يتباهى أتباعها بالنموذج الديمقراطي الإيراني الذي عجزت الأنظمة الديمقراطية في العالم من تطبيقه بالطريقة الإلهية كما يدعي ولاية الفقيه و من لف حوله. مرت على هذه الديمقراطية الإلهية ثلاثة و ثلاثين عاما و خلال هذه الفترة, حاولت إيران من تصديرها إلى الدول الجوار بكل الطرق السياسية و الإعلامية الدعائية و التحريضية و الإساليب الأمنية و العسكرية, لكن كما يبدو الفشل كان نصيب هذه المحاولات لإن الرحمة الإلهية بالطريقة الإيرانية لم تشمل بعد هذه الشعوب, و بقت من نصيب إيران حصريا, لان النظام الجمهوري في ايران هو الوحيد في العالم الذي يحكم بالشريعة الإلهية و دول العالم و شعوبها تعتبر مفسدة في الأرض و محاربين لله سبحانه و تعالى لان شغلها الشاغل هو تدمير و تحطيم الديمقراطية الإلهية في الجمهورية الإيرانية.
لن تتردد إيران في قتل الألاف من مواطنيها و الشعوب غير الفارسية في خارطتها السياسية بحجة الإستمرار في حكم الشريعة الإلهية كما فعلت في بداية الثورة التي ضحت من أجلها تلك الشعوب المغلوب على أمرها و التي تشكل أكثر من سبعين بالمئة من خارطة إيران السياسية. فقامت السلطة حينذاك بإرتكاب مجزرة في المحمرة بحق الشعب العربي الأحوازي ثم في كردستان بحق الشعب الكردي و تلتها بحق الشعب التركماني و الأذربايجاني. و بعد ما ثبتت نظامها من خلال إرتكاب مجازر بشعة راح ضحيتها عشرات الألاف من الشعوب غير الفارسية, دخلت حرب ضروس مع العراق و التي استمرت ثماني سنوات, حرقت اليابس و الأخضر, قمعت السلطة بقسوة كل من يعارضها في تلك الفترة بحجة الدفاع عن الوطن بوجه المتآمرين مع الخارج.
و بعد أن تجرع الخميني السم جراء وقف الحرب مع العراق نتيجة هزيمته العسكرية و السياسية و فشل النظام في إسقاط الإنظمة العربية و إستبدالها بأخرى تابعة لطهران, تأملت الشعوب بعد أن تناول الخميني و نظامه السم, أن تتناول العسل من خلال وعود نظام الخميني بالتوجه الى الأمور الداخلية و تحسين أوضاع المواطنين اقتصاديا و سياسيا. فكانت الوعود بالاصلاحات السياسية و تنفيذ المواد المعطلة من الدستور الايراني المتعلقة بالحقوق الجزئية لشعوب غير الفارسية تشكل بارقة أمل نحو المزيد من التطلع للمستقبل الافضل و التمتع بالحقوق القومية لطالما قد حرمت منها طيلة العقود الماضية في فترة نظام البهلوي و النظام الخميني. كما كانت الشعوب تتطلع الى وضع إقتصادي مزدهر يتناسب و ثروات الشعوب المنهوبة من قبل السلطة في طهران من بترول و الغاز الذي ينهب من أرض الأحواز و يشكل أكثر من 86% من الدخل الإقتصادي الإيراني, إضافة الى الثروات الطبيعية الهائلة التي تصرفها السلطة على التسلح و المانورات العسكرية و دعم المليشيات العسكرية و السياسية في المنطقة بهدف زعزعة دول الجوار خدمة لأهداف سياسية معروفة.
فظلت الشعوب في إيران بين سندان الفقر و الفاقة و مطرقة القمع و الإرهاب تحت غطاء و شعار إن إيران تقدم مشروعا و نموذجا من الديمقراطية الفريدة من نوعها و لم تتمكن أي دولة في العالم من تقديمه و هو النموذج الديمقراطي الإلهي, لكن هذا بعيون النظام الايراني و من يتعبه مصلحة أو جهلا بما يجري في إيران مخدوعا بالدعاية السياسية الإيرانية. و بالتأكيد ما تمارسه السلطة في إيران و طيلة أكثر من ثمانية عقود منذ مجيئ النظام البهلوي حتى هذا اليوم هو ديكتاتورية فاشية و عنصرية بغيتة بحق الشعوب غير الفارسية في إيران حيث تحرمها من أبسط حقوقها الإنسانية و القومية بدءا من منعهم من تسمية أطفالهم بأسمائهم القومية, وصولا الى حقهم في تقرير مصيرهم إستنادا الى المواثيق و العهود الدولية.
الديكتاتورية الفاشية التي تمارسها السلطة في ايران جعلت الشعوب غير الفارسية أن تناضل من أجل حقوقها القومية إستنادا الى حقها في تقرير مصيرها بعيدا على السلطة الفارسية و معارضتها الفارسية داخل النظام و خارجه من جهة. و أفشلت السلطة في تحقيق مآربها السياسية في المنطقة, لا بل جعلتها معزولة و منزوية و منبوذة من قبل دول العالم, خاصة دول الجوار التي لم ترى من النوذج الإيراني الإ التدخل السلبي و التخريب من خلال إثارة الفتن و تحريك الشعوب على دولها بهدف إسقاط تلك الدول لصالح مشروعها التوسعي من جهة أخرى.
اذا تفحصنا أساليب النظام الداخلية أو الخارجية من صراعهم على السلطة, الى قمعهم للشعوب في ايران و تدخلاتهم السافرة في المنطقة فيتبين بان النموذج الإيراني هو نموذج ليس فقط غير ديمقراطي و لا يربطه بالشريعة الإسلامية اي صلة التي أمرت بالتساوي و العدالة فحسب بل هو نموذجا و ديكتاتورية شيطانية بأمتياز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق