أعلن شباب الثورة عن تحديد يوم السبت 11 فبراير2012 بيوم العصيان المدني . كلمة عصيان كلمة بسيطة في معناها كبيرة في مغزاها . أن تعصىَ أمرا لابد أنك غير راضٍ عليه ومن حقق أن تعصى الأمر وتعترض على عكس عدم إطاعة الأمر . عدم الطاعة تعني التمرد والمتمرد إن كان على غير حق لابد من توقيع الجزاء الصارم عليه .
إذن الثوار عصيانهم المدني يحمل بين طياته عدم الرضىَ عن كل ما حدث ويحدث لمصر منذ 25 يناير من العام الماضي إلى وقتنا هذا ولا شيء ينم عن حدوث ما يمكن أن يرضى عنه الثوار ، وقد إختاروا عرض عدم رضاهم بطريقة مدنية لا عنف فيها من طرفهم ولا يريدون عنفا من أي جانب من الجوانب سواء الجيش أو الشرطة . يريدونها سلمية .
الثوار هم أكثر فئات الشعب الذين أرادوا تغيرا جزريا للحياة السياسية والإجتماعية والمعيشية لمصر .
الثوار ومن إنضم معهم وهم بالملايين كان لهم هدفا واحدا وهو إسقاط النظام السابق وعلى رأسه الرئيس المخلوع مبارك . وقف الجميع وقفة رجل واحد وواجهوا كل محاولات الغدر التي حاول مبارك بمساعدة وزير داخليته حبيب العادلي وكانت موقعة الجمل وإستشهد ما أستشهد وجرح من جرح وتم تحقيق أهم أهداف الثوار بتخلي مبارك عن إدارة شئون البلاد وأوكل بها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يرأسه المشير محمد حسين طنطاوي وهو في نفس الوقت وزيرا للحربية لأمر ظهرت دلالاته بعد ذلك .
في هذا التصرف من مبارك يكون قد تخطى كل ما يجب أن يحدث في مثل ذلك الوضع بأن يكون التخلي لنائبه السيد عمرسليمان رئيس المخابرات والمحنك سياسيا وله إتصالات لها وزنها على المستوى العالمي .
كذلك لم يسلم إدارة البلاد إلى المحكمة الدستورية العليا التي تعمل على إنتقال السلطة طبقا للدستور .
لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يكن مهيئا لمثل تلك المسئولية الجسيمة . ولم يشرك معه من المدنيين من يكون واقفا على أرض صلبة من معرفة قانونية وإجتماعية وسياسية فيساهم بحمل المسئولية إلى أن يتم الأنتقال وإختيار رئيسا جديدا للبلاد .
المجلس الأعلى للقوات المسلحة مجلسا عسكريا ، والعسكر أهم شيء عندهم طاعة الأمر وعدم الإعتراض أو النقد أو عدم الطاعة والتنفيذ . العسكر لهم خط واضح في إدارة المعارك أو تنفيذ أي مخطط . حقيقة يجتمعون ويناقشون ثم يأخذون الأراء وغالبا وأبدا يكون الرأي النهائي للقائد إن كان رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة .
رأينا المجلس الأعلى للقوات المسلحة يسير بخطى لا ثقة فيها في إدارة شئون البلاد . ورأينا أعمالا لا مكان لها من الإعراب وأثارت الدهشة في عقول ووجدان المصريين . مازلنا لا نعرف سببا واضحا بالسماح لثلاثة آلاف من أعضاء الجماعات الإسلامية المتشددة والتي هربت خارج مصربالعودة وأستقبل البعض إستقبال الأبطال دون التريس وإنتظار ما ستفسر عنه الأيام .
موقعة الجمل لم يحرك المجلس الأعلى ساكنا لحماية الذين في الميدان . وهذا في حد ذاته تراخي في المسئولية ويعتبر عملا غير لائق بقوة هي في الأساس قوة دفاع عن الشعب المصري الذي غالبيته كانت متواجدة تطالب بإسقاط النظام .
أشياء كثيرة حدثت كانت فيها أخطاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة تنم عن عدم دراية كافية أو عن مخطط يتوافق مع هوى رئيسه .
الجماعات الإسلامية تارة بالوعيد وأخرى بالتهديد للمجلس في كل مطلب يريدون به التخطي بخطى سريعة واثبة لتولي الحكم بدءا بلإستفتاء على التغيرات التي تم تحديدها من مواد الدستور . ويالها من تمثيلية هزلية ومفضوحة ولكنها تمت . يليها الدستور أولا أم المجلس أولا . لم يراعى لا الأصول ولا الأعراف التي تقول الدستور هو الذي سيضع القوانين أو المواد التي ستكون مبادئه الخط الواضح الذي ستسير عليه الهيئة التي ستتولى إدارة البلاد بما فيهم مجلسي الشعب والشورى و الهيئة التنفيذية " الحكومة " و رئيس الجمهورية . وبكل إستهتار بكل الأعراف والقوانين يتم إنتخاب المجلسين دون وجود دستور ، بل ألأكثر غرابة يعلن فرض غرامة مالية مقدارها 500 جنية مصري لمن لا ينتخب تماما مثلما وضعوالدائرة السوداء لمن يقول لا على إستفتاء تغير المواد الدستورية وهي تعني النار وجهنم والدائرة الخضراء لمن يقول نعم .
وتوالت مواقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي بنيت على باطل ولم يكن في واحدة منها ماهو في خدمة مصر والشعب المصري ، بل كانت كلها منصبة لصالح فئة على حساب فئات عديدة من الشعب .
المجلس الأعلى لم تكن عنده لا الحنكة السياسية ولا الحكمة في إدارة شئون البلاد ولم يختلف عن النظام السابق في تباطؤه وتجاهله متطلبات الشعب المصري وحاجته إلى الأستقرار والعمل على تخطي الأزمات التي بدأت تتراكم حتى أنها أصبحت تهدد ليس بثورة جديدة من الثوار ، إنما تهدد بثورة الجياع وهي أخطر الثورات على الإطلاق كما حدث إبان ثورة الجياع بفرنسا وتحطيمهم لأكبر معتقل سجن الباستيل والتي صارت مثلا يحتذى به حتى اليوم . فهل ستصل بمصر الأحوال لنواجه ثورة الجياع والتي لا ولن تستطيع أية قوة على الأرض أن توقفها ؟!وأمامنا ثورة ليبيا وثورة سوريا وللتحذير الثورة المصرية التي تسبب حساسية وأرتكاريا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة عامة ولرئيس المجلس المشير طنطاوي خاصة ومعه الفئة التي فضلها على جميع فئات الشعب وتحدى بها علنا وبدون إستحياء ولا نعرف إن كان ومايزال ذلك نتيجة أمل لديه ليستمر حكم العسكر ويكون هو رئيسا للجمهورية وترك كل السلطات لهذه الفئة !!.
كاذب وجاهل كل من يقول أن مصر ليست دولة إسلامية وأن الأخوان لهم بصمات واضحة ومؤثرة على الشارع المصري في طول البلاد وعرضها .السلافيون لهم وجود أيضا لكنه غير محمود لتشددهم وعدم رغبتهم في مواكبة الزمن ويصرون على أخذ البلاد إلى الوراء ويؤمنون بإستخدام العنف إذا إضطرتهم الحاجة لذلك . الجماعات الإسلامية المتشددة كان ومايزال لها بصمات إرهابية تهدد وتنفذ إن كان بالفعل من قتل وإغتيال أو إثارة الشغب .
النظام السابق مازال مسيطرا على الشارع المصري وهو ما يمكن أن نطلق عليه الأن بالثورة المضادة . أو مايضحكنا من مقولة " اللهو الخفي " الذي يعبث بمصالح مصر ويثير الفوضى والفتن في الشارع المصري .
حادثة مذبحة بور سعيد هي السيف الحاد الذي قتل وسفك دماء بطخطيطات كل الأصابع تشير بإشتراك المجلس الأعلى والداخلية في تنفيذ المؤامرة إن كان بالتواطء المشين مع من قاموا بالعمل الإجرامي أو عدم حساب ما يمكن أن يحدث ظانين أنهم يستطيعوا لجم حصان الثورة المصرية وإن لم يتم القضاء عليها على الأقل يحد من نشاطها ويفقد الشعب المصري الأمل في يوم جديد وشمس جديدة تجدد فيه الرغبة للعمل وحب الحياة وتبدد اليأس وتزيحه من فوق كاهله .
لذا قرروا الخروج في يوم السبت 11 فبراير من هذا العام 2012 تحت شعار إرحل إرحل يا طنطاوي العصيان المدني فكان
وليس المجلس الأعلى للقوات المسلحة . لأن مصر في هذه المرحلة بالذات في أشد الحاجة إلى التواجد الفعلي لأفراد الجيش مع الشرطة للحفاظ على دماء وأرواح المصريين . وأيضا حتى يتم وضع دستور لمصر وليس للإسلاميين كما كان يريد طنطاوي والإخوان . وأن يتولى رئيسا للجمهورية يختاره الشعب دون تضليل كما حدث إن كان في الأستفتاء أو الإنتخابات .
رحيل المشير محمد حسين طنطاوي شئ هام جدا لإستقرار مصر فهو رأس الحربة الموجهة ضد الشعب المصري . أما المجلس الأعلى للقوات المسلحة فعليه إختيار رئيسا له لا يسير على خطى طنطاوي الذي يعتبر المسئول الرئيسي في كل الأحداث التي مرت بها مصر في عام مثله تماما مثل مبارك وما مرت به مصر في ثلاثين عام .
حافظوا على الجيش والشرطة فهما القلعة والحصن والقوة التي تواجه كل أعداء مصر والشعب المصري سواء من الداخل أو الخارج .. والله الموفق .
وعاشت مصر وطنا لكل المصريين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق