واقع البحرين بين مد شيعي و جزر سني/ خليل الوافي

إن رمزية المكان ،وإن تغيرت ملامح دوار اللؤلؤة إلى مفترق الفاروق ،فإن الأمر لن يغير في المشهد الحركي لأطياف المجتمع البحريني التي تطالب بإلغاء التمييز الطائفي ،والتجنيس للوافدين الجدد الذي يخالف قانون الجنسية البحريني،و محاربة الفساد و المفسدين، و إصلاح شؤون الرعية بالتساوي بدون حيف ،و خاصة الأغلبية الشيعية التي تواجه بحرا من المضايقات الممنهجة ،و تضييق الخناق عليها بإعتبارها تمثل السواد الأعظم من السكان الأصليين منذ خروج الإنجليزمن منطقة الخليج العربي، حيث ينقسم سكان البحرين إلى ثلاثة مجموعات ،هناك العرب الشيعة و العرب السنة وفي الأخير الإيرانيون ،وذلك حسب تقرير مركز ابن خلدون حول الأقليات لسنة 1993.ونتيجة التقرير تفرز 70% من الطائفة الشيعية و30% من الطائفة السنية ، ورغم أن التقرير مرت عليه 19سنة فإن وتيرة النمو الديموغرافي تنتهي إلى حقيقة دامغة عن أغلبية شيعية واضحة في تركيبة النسيج السكاني ،وهذا يتجلى في مستويات متباينة في التهميش و الإقصاء ،والخدمات غير متكافئة ،وخاصة في المناطق التي توجد بها القرى مثل المرخ والسنابس والماجوز,وكذلك قرية دارالكليب،ومظاهر التقسيم الإداري الجديد الذي لحق بهذه المناطق ذات الأكثرية الشيعية ،وهي على مدى عقود تعاني نقصا في الخدمات الصحية و التعليمية ،و التعامل معها كمجاميع بشرية من الدرجة الثانية.
الإغلبية الشيعية واقع تاريخي يصعب تجاهله في ظل المتغيرات الإقليمية ،وما نتج من تحولات في الشارع العربي فرضت نفسها على خريطة المشهد السياسي في أكثر من عاصمة عربية ،و تأييد المطالبة بالإصلاحات في صميم المؤسسات الفاعلة في بنية التعاطي مع حساسية الخليط الإجتماعي و الإثني ضمن الحركة الوطنية الديمقراطية التي تؤيد برامج الإصلاح بعيدا عن الشعارات الطائفية التي ترسلها القوى الفاعلة في البحرين ، وذلك خوفا من المد الفارسي الذي أصبح واقعا متجذرا في التربة البحرينية ،وهو مخطط موسع لمشروع الإمبراطورية الفارسية،وفرض منطق الإسحواذ الإديولوجي في ضم البحرين كولاية ايرانية ،وأمام هذه الأطماع الفارسية التي تحاول الحصول على مناطق عازلة في العراق ولبنان والأردن ,وفي سوريا .وتظل القيادة الرشيدة في البحرين تتعامل مع الأزمة بنوع من الإزدواجية في الطرح ،وتفعيل بوادر المصالحة الحقيقية التي بدأت بتدشين إلتزام المملكة بتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي أصدرت تقريرها في 23نوفمر /تشرين الثاني 2012،و المطالبة بالإفراج عن هذه التوصيات ،ومحاسبة كل من تبث تورطه بارتكاب جرائم ضد المتظاهرين،وتعويض أهالي الضحايا و معالجة المصابين ،وتحسين أوضاع الفئات العريضة من شرائح المجتمع البحريني ذا الأغلبية الشيعية.


وتنفي الحكومة أي نوع من التمييز و الإضطهاد ،والتشكيك في النسبة العددية التي شكلتها الشيعة طيلة حقب تاريخية التي مرت منها البحرين واطراف اخرى تتهم الحكومة التي تحاول فرض توازن في الواقع السكاني والشعبي بين السنة والشيعة ,وتغليب كفة السنة رغم الفارق العددي بينهما حيث تمثل الشيعة الاغلبية الواضحة في خريطة النسيج الاجتماعي لطبيعة اطياف المجتمع .ورفع شعار المواطنة للجميع دون تمييز ولا تهميش كاطار مناقض للتقسيم الطائفي ,ولا شيء يدعو للقلق ما دامت المملكة ترعى مصالح ابنائها بكل تفاني ,لكن المعارضة الشيعة تطالب برفع هامش الحرية ,وتوقيف محاولات التجنيس السياسي لملا الفراغ السني في الحياة العامة .واستفادة الاقلية السنية الحاكمة بكل الامتيازات التي يكفلها القانون,وذلك على حساب اكثرية شيعية تعاني الوان الحيف والاقصاء ,وهذا صلب الاشكالية التي تتفاقم كل يوم في المناطق الشيعية وحتى المناطق السنية التي تحاول حصر الموضوع في حزمة الاصلاحات الاستعجالية التي لم ترق الى طموحات الشارع البحريني ,وتؤكد المعارضة على ضرورة التسامح والتعايش ومحاربة الفساد الحكومي ,وعدم العبث بالامن القومي للبحرين ولمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي ,وخاصة التخوفات السعودية من اي تدخل ايراني في البحرين ,وهذه التخوفات في محلها ,لكنها تحتاج الى ارادة قوية لتحقيق تكافؤ الفرص بين كل اطياف التركيبة السكانية سواء كنوا في المنامة ولا في المحافظات ذات الاغلبية الشيعية .انه واقع لا مفر منه ,وعلى الحكومة تدارك الموقف بعد مرور عام من انتفاضة ابناء البحرين في دوار اللؤلؤة .
ولا تزال البحرين تعيش في مازق سياسي مع استمرار الاحتجاجات ,والمحاكمات ,والاعتقالات في صفوف اعضاء جمعية الوفاق الوطني ,وبعض الاحزاب العلمانية المعارضة,وبعض الفئات التي شاركت في هذه الاحتجاجات ,والامل يحذو الجميع في التغيير وليس اسقاط النظام .وقد عبرملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة في خطابه الاخير يدعو الى ضرورة -ان تظل البحرين واحة للامن والامان للجميع من يقطنها من جميع الاديان -
والمتتبع للشان البحريني يرى ان الاوضاع على الساحة السياسية تحتاج الى نوع من الشفافية , واعادة النظر في تشكيلة خريطة مجتمع جديد بروح التفاؤل بالغد ,بعيدا عن خلق الفتن والنعرات الاثنية التي تخدم مصالح ايران بالدرجة الاولى .واعادة هيكلة الاقتصاد من جراء تراجع عائدات السياحة ,وتقلص الاستثمارات التي تنعش الاقتصاد...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق