جاء في "دستورالأخوان المسلمين" المقترح لمصر المعاصرة هذه الأيام، والتي قامت بوضعه "اللجنة التأسيسية" وهي لجنة لها لون واحد وغرض واحد، لجنة يحكمها الاخوان المسلمون والإسلاميون، فينقصها العدل المطلق لكل أبناء مصر، فقد جاء دستورها المقترح بالمادة الثانية منه ونصها كالآتي:
"الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع والأزهر الشريف هو المرجعية النهائية فى تفسيرها ولأتباع المسيحية واليهودية الحق فى الاحتكام لشرائعهم الخاصة فى أحوالهم الشخصية وممارسة شئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية".
بالنسبة إلى القول أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية" فمن المقبول والمعقول أن تختار الدولة لغة رسمية لتوحيد وسائل التفاهم في المراسلات والمستندات الرسمية بها. أما من ناحية أن "الإسلام دين الدولة" فقد اعترضنا ونعترض على ذلك بشدة، ليس فقط لأننا مصريون لا ندين بالإسلام، فقد اعترض عليه الكثيرون من المسلمين العاقلين العادلين والخبراء في القوانين الدستورية الدولية.
الدولة "شيء"، ويسمونها أحيانا "شخص اعتباري" أي "لا شخص"، ليست إنساناً عاقلا أو مجنوناً، متعلماً أو جاهلاً، أو يرى ويدري ويأكل ويشرب ويحب ويكره. فالدولة "شيء" ومن الجهل والغباء أن نقول أن لها دين. ممكن القول "أن الإسلام دين قوم ما" ولا يصح أن نقول "الإسلام دين شيء ما". فالقول أن "الإسلام دين الدولة" مغالطة لغوية، بل هي مغالطة قانونية ووطنية وذوقية لأن الوطن يحتضن مواطنين من أديان وطوائف عديدة غير إسلامية.
أما عن فقرة "مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" فخطأ وطني جسيم، بل خطيئة وطنية في حق الوطن ومواطنيه. أو هي محاولة سرقة "مِلكِيـَّـة الوطـن" من أصحابه بفرض الشريعة الإسلامية على مواطنين غير مسلمين، وتعريف "أصحاب الوطن" هو "كل من يحمل جنسيته" .لن يقبل المسلمون أن تُفرَض عليهم شرائع غيرهم، فمن الجور والتعسف والظلم والصلف أن يَفرضوا شريعتهم على غيرهم. لا توجد دولة في أنحاء العالم من دول أوروبا وأمريكا الشمالية وامريكا الجنوبية واليابان والهند والصين وأفريقيا واستراليا من تفرض على المسلمين شرائعاً دينية غير دينهم... حتى إسرائيل لا تفرض الشريعة "اليهودية" على مواطنيها المسلمين!!
ولمن يجادل بأن المسلم لا يستطيع أن يتزوج أكثر من زوجة في تلك الدول، فقد غاب عنه أن ذلك مرجعه للقانون وليس للدين. فتلك الدول تحترم جميع الأديان، ولكن تطبق القانون. والقانون وُضِعَ على أسس إنسانية مدنية، اجتماعية ووطنية، بغرض حماية الأسرة والمرأة والأطفال من خطر تعدد الزوجات. فالأسرة نواة المجتمع والأطفال مستقبل الوطن.
وعن دَسّ فقرة "الأزهر الشريف هو المرجعية النهائية فى تفسيرها" فهناك اعتراضان: أولهما أن الدستور هو القانون الأعلى في الدولة والقاعدة القانونية الأساسية التي يهتدي بها المشرع لسن القوانين. وكما قلت في مقال لي سابق "الدستور في منطوقه ومضمونه، وفي ظاهره وباطنه، وفي نصه وروحه، لا بد أن يكون عادلا لجميع شرائح المواطنين، غير متحيز أو ضبابي أومطاطي بل يكون واضحاً محدداً قطعياً في شفافية مطلقة، لا يحتاج إلى تفسير أو تأويل من شريحة أو فصيل أو هيئة أو حاكم. ولا يُترك به (مسبقاً) غموض يحتاج إلى مرجعية من أي جهة قانونية أو دينية." فالدساتير قواعد تُحَدَّد وقت وضعها بلا لبس ولا غموض ولا تترك الباب (متعمدة) مفتوحاً لتفسير من أي مفسر."
أما الاعتراض الثاني على تلك المرجعية فهو أن الأزهر بعلمائه المبجلين كان وما زال ونتمنى أن يظل "الأزهر الشريف". أما وقد اندس الأخوان المسلمون والإسلاميون المتطرفين والمتأسلمون وتسربت عناصرهم الطائفية المتعصبة السلطوية الغير انسانية ولا قانونية في جميـع حنايا وخلايا ومؤسسات مصر، والأزهر الشريف في قائمة أهدافهم وليس ببعيد عن مطالهم (لا قدر الله)، فعندئذ ستكون مرجعية الأزهر الشريف هي مرجعية المتأسلمين: الأخوان وأخواتها. ومن الطبيعي أن المؤسسات الدينية تختص بالروحانيات والأخلاقيات لا بقوانين ودساتير الدول. وقد أوحى ذكاء وحيادية الأزهر الشريف برئيسة الموقر الشيخ الدكتور أحمد الطيب وبعلمائه المبجلين أن يطالبوا بسحب هذه الفقرة المدسوسة من الدستور المقترح.
أما عن "تكرُّم" اللجنة التأسيسية بوضع فقرة "ولأتباع المسيحية واليهودية الحق فى الاحتكام لشرائعهم الخاصة فى أحوالهم الشخصية وممارسة شئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية"، فلست أدري بأي عقل أعضاء هذه اللجنة يفكرون!! وأي غنم يسوقون!!
أولا: هناك تناقض قانوني مطلق بين هذه الجملة وجملة "مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".
ثانياً: إذا كانت اللجنة "تقصد فعلا" أن لأتباع المسيحية واليهود ية أن يحتكموا لشرائعهم. فذاك أمر طبيعي منطقي ولا يحتاج إلى بند في دستور!!
ثالثاً: إذا كانت اللجنة تتكرم وتتعطف وتمنح هذا الحق لأتباع "المسيحية واليهودية" بصفتهما "أديان سماوية"، فما ذنب مواطنين مصريين يتبعون الهندوسية أو الكونفوشوسية أو البهائية أو البوذية أو غيرها أن يُرغَموا على أن تحكمهم الشريعة الإسلامية!!
رابعاً: إذا كانت اللجنة تتكرم وتتعطف وتمنح هذا الحق لأتباع "المسيحية واليهودية" بصفتهما أديان "سماوية" فلماذا ينعتهم المسلمون بالكفار وأولاد قردة وخنازير، ويعامَلون في وطنهم كمواطنين من الدرجة التاسعة بلا رادع!!
يا مسلمي مصر، المؤمنين بعدالـة القانون السمائي والإنساني: "الديـن للــه والوطـن للجميع والسلطـة للقانـون". صمموا أن تُرسَى عدالة دستور مصر لجميع المصريين بشفافية قانونية مطلقة بلا ضبابية ولا خبـث. اخلعوا المادة الثانية من جذورها فما هي إلا غطاء لاغتصاب مصر وسرقة "مِلكِيـَّـتها" من أصحابها، أي كل من يحمل جنسيتها، وذلك بمحاولة فرض الشريعة الإسلامية عنوة وقسراً على مواطنين يتبعون أدياناً أخرى.
استبدلوها بمنطوق ومدلول المادة النزيهة، المادة 12 من الدساتير العادلة السابقة، ونصّها الذهبي من ثلاثة كلمات... ((حريـة الاعتقـاد مطلقـة))... فقط لا غير
مهندس عزمي إبراهيـم
"الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع والأزهر الشريف هو المرجعية النهائية فى تفسيرها ولأتباع المسيحية واليهودية الحق فى الاحتكام لشرائعهم الخاصة فى أحوالهم الشخصية وممارسة شئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية".
بالنسبة إلى القول أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية" فمن المقبول والمعقول أن تختار الدولة لغة رسمية لتوحيد وسائل التفاهم في المراسلات والمستندات الرسمية بها. أما من ناحية أن "الإسلام دين الدولة" فقد اعترضنا ونعترض على ذلك بشدة، ليس فقط لأننا مصريون لا ندين بالإسلام، فقد اعترض عليه الكثيرون من المسلمين العاقلين العادلين والخبراء في القوانين الدستورية الدولية.
الدولة "شيء"، ويسمونها أحيانا "شخص اعتباري" أي "لا شخص"، ليست إنساناً عاقلا أو مجنوناً، متعلماً أو جاهلاً، أو يرى ويدري ويأكل ويشرب ويحب ويكره. فالدولة "شيء" ومن الجهل والغباء أن نقول أن لها دين. ممكن القول "أن الإسلام دين قوم ما" ولا يصح أن نقول "الإسلام دين شيء ما". فالقول أن "الإسلام دين الدولة" مغالطة لغوية، بل هي مغالطة قانونية ووطنية وذوقية لأن الوطن يحتضن مواطنين من أديان وطوائف عديدة غير إسلامية.
أما عن فقرة "مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" فخطأ وطني جسيم، بل خطيئة وطنية في حق الوطن ومواطنيه. أو هي محاولة سرقة "مِلكِيـَّـة الوطـن" من أصحابه بفرض الشريعة الإسلامية على مواطنين غير مسلمين، وتعريف "أصحاب الوطن" هو "كل من يحمل جنسيته" .لن يقبل المسلمون أن تُفرَض عليهم شرائع غيرهم، فمن الجور والتعسف والظلم والصلف أن يَفرضوا شريعتهم على غيرهم. لا توجد دولة في أنحاء العالم من دول أوروبا وأمريكا الشمالية وامريكا الجنوبية واليابان والهند والصين وأفريقيا واستراليا من تفرض على المسلمين شرائعاً دينية غير دينهم... حتى إسرائيل لا تفرض الشريعة "اليهودية" على مواطنيها المسلمين!!
ولمن يجادل بأن المسلم لا يستطيع أن يتزوج أكثر من زوجة في تلك الدول، فقد غاب عنه أن ذلك مرجعه للقانون وليس للدين. فتلك الدول تحترم جميع الأديان، ولكن تطبق القانون. والقانون وُضِعَ على أسس إنسانية مدنية، اجتماعية ووطنية، بغرض حماية الأسرة والمرأة والأطفال من خطر تعدد الزوجات. فالأسرة نواة المجتمع والأطفال مستقبل الوطن.
وعن دَسّ فقرة "الأزهر الشريف هو المرجعية النهائية فى تفسيرها" فهناك اعتراضان: أولهما أن الدستور هو القانون الأعلى في الدولة والقاعدة القانونية الأساسية التي يهتدي بها المشرع لسن القوانين. وكما قلت في مقال لي سابق "الدستور في منطوقه ومضمونه، وفي ظاهره وباطنه، وفي نصه وروحه، لا بد أن يكون عادلا لجميع شرائح المواطنين، غير متحيز أو ضبابي أومطاطي بل يكون واضحاً محدداً قطعياً في شفافية مطلقة، لا يحتاج إلى تفسير أو تأويل من شريحة أو فصيل أو هيئة أو حاكم. ولا يُترك به (مسبقاً) غموض يحتاج إلى مرجعية من أي جهة قانونية أو دينية." فالدساتير قواعد تُحَدَّد وقت وضعها بلا لبس ولا غموض ولا تترك الباب (متعمدة) مفتوحاً لتفسير من أي مفسر."
أما الاعتراض الثاني على تلك المرجعية فهو أن الأزهر بعلمائه المبجلين كان وما زال ونتمنى أن يظل "الأزهر الشريف". أما وقد اندس الأخوان المسلمون والإسلاميون المتطرفين والمتأسلمون وتسربت عناصرهم الطائفية المتعصبة السلطوية الغير انسانية ولا قانونية في جميـع حنايا وخلايا ومؤسسات مصر، والأزهر الشريف في قائمة أهدافهم وليس ببعيد عن مطالهم (لا قدر الله)، فعندئذ ستكون مرجعية الأزهر الشريف هي مرجعية المتأسلمين: الأخوان وأخواتها. ومن الطبيعي أن المؤسسات الدينية تختص بالروحانيات والأخلاقيات لا بقوانين ودساتير الدول. وقد أوحى ذكاء وحيادية الأزهر الشريف برئيسة الموقر الشيخ الدكتور أحمد الطيب وبعلمائه المبجلين أن يطالبوا بسحب هذه الفقرة المدسوسة من الدستور المقترح.
أما عن "تكرُّم" اللجنة التأسيسية بوضع فقرة "ولأتباع المسيحية واليهودية الحق فى الاحتكام لشرائعهم الخاصة فى أحوالهم الشخصية وممارسة شئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية"، فلست أدري بأي عقل أعضاء هذه اللجنة يفكرون!! وأي غنم يسوقون!!
أولا: هناك تناقض قانوني مطلق بين هذه الجملة وجملة "مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".
ثانياً: إذا كانت اللجنة "تقصد فعلا" أن لأتباع المسيحية واليهود ية أن يحتكموا لشرائعهم. فذاك أمر طبيعي منطقي ولا يحتاج إلى بند في دستور!!
ثالثاً: إذا كانت اللجنة تتكرم وتتعطف وتمنح هذا الحق لأتباع "المسيحية واليهودية" بصفتهما "أديان سماوية"، فما ذنب مواطنين مصريين يتبعون الهندوسية أو الكونفوشوسية أو البهائية أو البوذية أو غيرها أن يُرغَموا على أن تحكمهم الشريعة الإسلامية!!
رابعاً: إذا كانت اللجنة تتكرم وتتعطف وتمنح هذا الحق لأتباع "المسيحية واليهودية" بصفتهما أديان "سماوية" فلماذا ينعتهم المسلمون بالكفار وأولاد قردة وخنازير، ويعامَلون في وطنهم كمواطنين من الدرجة التاسعة بلا رادع!!
يا مسلمي مصر، المؤمنين بعدالـة القانون السمائي والإنساني: "الديـن للــه والوطـن للجميع والسلطـة للقانـون". صمموا أن تُرسَى عدالة دستور مصر لجميع المصريين بشفافية قانونية مطلقة بلا ضبابية ولا خبـث. اخلعوا المادة الثانية من جذورها فما هي إلا غطاء لاغتصاب مصر وسرقة "مِلكِيـَّـتها" من أصحابها، أي كل من يحمل جنسيتها، وذلك بمحاولة فرض الشريعة الإسلامية عنوة وقسراً على مواطنين يتبعون أدياناً أخرى.
استبدلوها بمنطوق ومدلول المادة النزيهة، المادة 12 من الدساتير العادلة السابقة، ونصّها الذهبي من ثلاثة كلمات... ((حريـة الاعتقـاد مطلقـة))... فقط لا غير
مهندس عزمي إبراهيـم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق