قبل 18 سنة، وفي مثل هذا اليوم: 18 ديسمبر من العام 1994، جرى حفل تأسيس "مركز الحوار العربي" في منطقة واشنطن. ورغم إعجاب البعض بالفكرة، فإن معظم من سمع بها آنذاك كان يؤكد استحالة تطبيقها عملياً.
كان البعض يتساءل عام 1994: كيف يريد "مركز الحوار" حواراً هادئاً بين العرب إذا كان الانقسام في المنطقة العربية قد تحوَّل من صراع حكوماتٍ إلى صراع شعوب؟
إضافةً لذلك، كان عام 1994 هو في صلب مرحلة الاتفاقات مع إسرائيل وبدء الحديث عن "الشرق أوسطية" كبديل للهوية العربية، وعن التطبيع مع إسرائيل كبديلٍ عن العلاقات الطبيعية بين العرب أنفسهم.
باختصار، كان الحوار بين العرب وغير العرب آنذاك نشِطاً وجارياً في كل مجال، بينما الحوار بين العرب أنفسهم مقطوع ومُعطَّل في أكثر من مكان.
لكن الحمد لله، نجحت هذه التجربة في الاختبار على مدى 18 سنة، بل أصبحت الآن قيد الأستنساخ في أماكن أخرى عديدة، فالظلام والسواد القاتم في العلاقات العربية/العربية أكّد أهمية إشعال شمعة مهما كان حجمها وأينما كان مكانها، بل ان النور الخافت من هذه الشمعة أفاد ويفيد الكثير من العرب من خلال ما يرسل منذ سنوات من مواضيع هامة عبر شبكة الأنترنت.
أمور كثيرة أدركها المتفاعلون مع تجربة "مركز الحوار" في مسيرة السنوات الماضية، وفي ندواتٍ وصل عددها حتى الان الى 883 ندوة (أي بمعدل 50 ندوة في العام)، بدايةً في الحوارات العميقة حول الهوية وحول المفاهيم والمصطلحات وحول الثقافة العربية والحضارة الإسلامية، ثم حول قضايا سياسية كثيرة بعضها عربي عام وبعضها وطني خاص ببلدان عربية محددة، إضافة إلى قضايا الجالية العربية في أميركا.
وينتمي الحاضرون، في كل ندوة، إلى أوطانٍ عربية متعددة وإلى اتجاهاتٍ فكرية وسياسية مختلفة، وإلى تنوعٍ أيضاً في الطوائف والمهن والأعمار والمستويات العلمية، لكن يشترك الجميع في الحرص على الهوية الثقافية العربية وعلى أهمية أسلوب الحوار الجاد لتبادل الأفكار والآراء.
في مسيرة 18 سنة أقام المشتركون في المركز حالةً نموذجية لما يحلمون به للمنطقة العربية من تنوعٍ في الخصوصيات لكن في إطارٍ تكاملي وبمناخٍ ديمقراطي يصون حرية الفكر والرأي والقول. فلقد جسَّدت تجربة المركز حالة مختبريّة (تماماً كما هي المختبرات العلمية التي تقيم التجارب لتصل إلى القوانين الصحيحة) لِما هو منشود للعرب جميعاً أينما كانوا.
ولم يكن تأسيس مركز الحوار العربي تقليداً لشيءٍ موجود في أي مكانٍ آخر، إذ هو حالة جديدة وفريدة أيضا، وما زال كذلك (رغم تواضع التجربة وضعف إمكاناتها)..
أيضاً تأسيس "مركز الحوار العربي" لم يكن منافسة لما هو موجود وقائم من مؤسسات وجمعيات أخرى ذات طابع حركي عربي/أميركي. بل على العكس، فإنّ وجود "مركز الحوار" أفاد ويفيد هذه المؤسسات كلها، وشكّل لها رافداً لدعم بشري ومادي ومعنوي، كما وفّر لها منبراً تصل من خلاله إلى بعض الفعاليات العربية.
إن تجربة "مركز الحوار العربي" بدأت عام 1994 عكس التيار العربي الذي كان سائداً آنذاك، تيار الاستسلام لواقع الشرذمة العربية وتيار التخلي عن الهوية العربية وتيار التيئيس من الأمَّة ومن شعوبها ومن شبابها..
وبشكلٍ معاكس لكل هذا التيار كانت "سباحة مركز الحوار" وموضوعاته وأنشطته، والتي كان من ضمنها لقاءات عديدة خاصة بالشباب العربي في منطقة واشنطن والتأكيد على الأمل بهم لمستقبلٍ عربيٍ أفضل.
بل هكذا هو تاريخ 23 سنة من تجربة "الحوار" منذ العام 1989 أولاً كمجلة ثم كمنتدى للحوار العربي في العام 1994، تاريخ سباحةٍ عكس التيارات السائدة:
كالدعوة للحوار العربي في زمن الصراعات والإنقسامات العربية.
والدعوة للعروبة في زمن التخلي عنها من قبل حكوماتٍ ومنظمات، وحتى من بعض الشعوب.
والدعوة للهوية الثقافية العربية المشتركة في زمن الإنشداد للهُويات الطائفية والمذهبية والإثنية.
والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية وعلى المسؤولية العربية تجاهها في فترة "فلسطنة" الصراع مع إسرائيل.
حتى أيضاً على المستوى العملي، فإن المراكز الثقافية والفكرية تتأسس أولاً ثم تصدر مطبوعات عنها، بينما مطبوعة "الحوار" تأسست أولاً ثم نتج عنها "مركز الحوار".
كان البعض يتساءل عام 1994: كيف يريد "مركز الحوار" حواراً هادئاً بين العرب إذا كان الانقسام في المنطقة العربية قد تحوَّل من صراع حكوماتٍ إلى صراع شعوب؟
إضافةً لذلك، كان عام 1994 هو في صلب مرحلة الاتفاقات مع إسرائيل وبدء الحديث عن "الشرق أوسطية" كبديل للهوية العربية، وعن التطبيع مع إسرائيل كبديلٍ عن العلاقات الطبيعية بين العرب أنفسهم.
باختصار، كان الحوار بين العرب وغير العرب آنذاك نشِطاً وجارياً في كل مجال، بينما الحوار بين العرب أنفسهم مقطوع ومُعطَّل في أكثر من مكان.
لكن الحمد لله، نجحت هذه التجربة في الاختبار على مدى 18 سنة، بل أصبحت الآن قيد الأستنساخ في أماكن أخرى عديدة، فالظلام والسواد القاتم في العلاقات العربية/العربية أكّد أهمية إشعال شمعة مهما كان حجمها وأينما كان مكانها، بل ان النور الخافت من هذه الشمعة أفاد ويفيد الكثير من العرب من خلال ما يرسل منذ سنوات من مواضيع هامة عبر شبكة الأنترنت.
أمور كثيرة أدركها المتفاعلون مع تجربة "مركز الحوار" في مسيرة السنوات الماضية، وفي ندواتٍ وصل عددها حتى الان الى 883 ندوة (أي بمعدل 50 ندوة في العام)، بدايةً في الحوارات العميقة حول الهوية وحول المفاهيم والمصطلحات وحول الثقافة العربية والحضارة الإسلامية، ثم حول قضايا سياسية كثيرة بعضها عربي عام وبعضها وطني خاص ببلدان عربية محددة، إضافة إلى قضايا الجالية العربية في أميركا.
وينتمي الحاضرون، في كل ندوة، إلى أوطانٍ عربية متعددة وإلى اتجاهاتٍ فكرية وسياسية مختلفة، وإلى تنوعٍ أيضاً في الطوائف والمهن والأعمار والمستويات العلمية، لكن يشترك الجميع في الحرص على الهوية الثقافية العربية وعلى أهمية أسلوب الحوار الجاد لتبادل الأفكار والآراء.
في مسيرة 18 سنة أقام المشتركون في المركز حالةً نموذجية لما يحلمون به للمنطقة العربية من تنوعٍ في الخصوصيات لكن في إطارٍ تكاملي وبمناخٍ ديمقراطي يصون حرية الفكر والرأي والقول. فلقد جسَّدت تجربة المركز حالة مختبريّة (تماماً كما هي المختبرات العلمية التي تقيم التجارب لتصل إلى القوانين الصحيحة) لِما هو منشود للعرب جميعاً أينما كانوا.
ولم يكن تأسيس مركز الحوار العربي تقليداً لشيءٍ موجود في أي مكانٍ آخر، إذ هو حالة جديدة وفريدة أيضا، وما زال كذلك (رغم تواضع التجربة وضعف إمكاناتها)..
أيضاً تأسيس "مركز الحوار العربي" لم يكن منافسة لما هو موجود وقائم من مؤسسات وجمعيات أخرى ذات طابع حركي عربي/أميركي. بل على العكس، فإنّ وجود "مركز الحوار" أفاد ويفيد هذه المؤسسات كلها، وشكّل لها رافداً لدعم بشري ومادي ومعنوي، كما وفّر لها منبراً تصل من خلاله إلى بعض الفعاليات العربية.
إن تجربة "مركز الحوار العربي" بدأت عام 1994 عكس التيار العربي الذي كان سائداً آنذاك، تيار الاستسلام لواقع الشرذمة العربية وتيار التخلي عن الهوية العربية وتيار التيئيس من الأمَّة ومن شعوبها ومن شبابها..
وبشكلٍ معاكس لكل هذا التيار كانت "سباحة مركز الحوار" وموضوعاته وأنشطته، والتي كان من ضمنها لقاءات عديدة خاصة بالشباب العربي في منطقة واشنطن والتأكيد على الأمل بهم لمستقبلٍ عربيٍ أفضل.
بل هكذا هو تاريخ 23 سنة من تجربة "الحوار" منذ العام 1989 أولاً كمجلة ثم كمنتدى للحوار العربي في العام 1994، تاريخ سباحةٍ عكس التيارات السائدة:
كالدعوة للحوار العربي في زمن الصراعات والإنقسامات العربية.
والدعوة للعروبة في زمن التخلي عنها من قبل حكوماتٍ ومنظمات، وحتى من بعض الشعوب.
والدعوة للهوية الثقافية العربية المشتركة في زمن الإنشداد للهُويات الطائفية والمذهبية والإثنية.
والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية وعلى المسؤولية العربية تجاهها في فترة "فلسطنة" الصراع مع إسرائيل.
حتى أيضاً على المستوى العملي، فإن المراكز الثقافية والفكرية تتأسس أولاً ثم تصدر مطبوعات عنها، بينما مطبوعة "الحوار" تأسست أولاً ثم نتج عنها "مركز الحوار".
ولعلَّ أهمية التجربة أنها حدثت وتحدث في مكانٍ خارج المنطقة العربية، وفي واشنطن تحديداً، إذ هنا يتساوى العرب فيما بينهم، فجميعنا هنا "عرب"، حتى لو أصبحنا من المواطنين الأميركيين، فإننا بنظر المجتمع الأميركي متساوون بالانتماء إلى الهوية العربية بسلبياتها وإيجابياتها.
إذن، قيمة تجربة "مركز الحوار العربي" أنها تحدث في هذا المجتمع الأميركي الذي قام ويستمر على أساسٍ دستوري يُحقق التكامل بين الولايات المتعددة الخصوصيات، وبين نظام دستوري ديمقراطي يحمي حقوق الفرد والجماعة والولاية أيضاً، وفي ذلك تجربة يمكن الأستفادة منها عربياً بتحقيق التكامل بين البلاد العربية على أساس دستوري سليم، يراعي الخصوصيات الوطنية ويحفظ حقوق كل الأفراد والجماعات.
فهذه هي الساحة التي بدأت منها مجلة "الحوار" ثم "مركز الحوار العربي"، أي ساحة التجربة الأميركية التي تجمع بين تكامل الخصوصيات وبين النظام الدستوري السليم، فما أحوج المنطقة العربية إلى حالٍ مماثل تتكامل فيها بلدانها وخصوصياتها على أساس نظام دستوري ديمقراطي.
إذن، قيمة تجربة "مركز الحوار العربي" أنها تحدث في هذا المجتمع الأميركي الذي قام ويستمر على أساسٍ دستوري يُحقق التكامل بين الولايات المتعددة الخصوصيات، وبين نظام دستوري ديمقراطي يحمي حقوق الفرد والجماعة والولاية أيضاً، وفي ذلك تجربة يمكن الأستفادة منها عربياً بتحقيق التكامل بين البلاد العربية على أساس دستوري سليم، يراعي الخصوصيات الوطنية ويحفظ حقوق كل الأفراد والجماعات.
فهذه هي الساحة التي بدأت منها مجلة "الحوار" ثم "مركز الحوار العربي"، أي ساحة التجربة الأميركية التي تجمع بين تكامل الخصوصيات وبين النظام الدستوري السليم، فما أحوج المنطقة العربية إلى حالٍ مماثل تتكامل فيها بلدانها وخصوصياتها على أساس نظام دستوري ديمقراطي.
لقد اهتمت تجربة "الحوار" كمجلة أولاً ثم كمنتدى للحوار لاحقاً، بالشأن الفكري وبضرورة القناعة بوجود تعددية فكرية في أي مجتمع، وبأن ذلك يتطلب أيضاً تعددية سياسية في الحياة العامة.
فوحدة الانتماء الحضاري ووحدة الانتماء الثقافي للعرب لا يجب أن تعنيا إطلاقاً وحدة الانتماء الفكري أو وحدة الانتماء السياسي ..
ولا يجوز ولا يجب أن يكون اختلاف الفكر والتوجه السياسي سبباً للخلاف بين الأشخاص أو لصراعات عنفية بين الجماعات في المجتمع الواحد.
ومن هنا أهمية وجود قناعةٍ أيضاً بأنّ الحل للمشاكل يبدأ في الفكر، فالحل هو بأيدي المفكرين لأوطانهم ولأمتهم، والحل هو أولاً وأخيراً في الربط بين الفكر السليم والأسلوب السليم لدى القيادات السليمة.
مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
فوحدة الانتماء الحضاري ووحدة الانتماء الثقافي للعرب لا يجب أن تعنيا إطلاقاً وحدة الانتماء الفكري أو وحدة الانتماء السياسي ..
ولا يجوز ولا يجب أن يكون اختلاف الفكر والتوجه السياسي سبباً للخلاف بين الأشخاص أو لصراعات عنفية بين الجماعات في المجتمع الواحد.
ومن هنا أهمية وجود قناعةٍ أيضاً بأنّ الحل للمشاكل يبدأ في الفكر، فالحل هو بأيدي المفكرين لأوطانهم ولأمتهم، والحل هو أولاً وأخيراً في الربط بين الفكر السليم والأسلوب السليم لدى القيادات السليمة.
مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق