لم يدر في خلدي ولو للحظة واحدة أن ينحدر القضاء المصري إلى الحال الذي نشاهده ونسمعه عبر وسائل الإعلام، وقد بات حليفاً لتجار السياسة والأزمات والمتربصين بمصر وثورة مصر، الذين يدفعون بها إلى طريق الفوضى والخراب، وقد غاب عنهم العقل والحكمة والأناة والحلم والصبر التي عرفناها عنهم، والترفع عن سفاسف الأمور وصغائرها وكان هذا دأبهم على الدوام، يدفعون بمصر عن جهل أو علم إلى أتون تلك الفوضى المدمرة التي لم يحلم أعداء مصر في يوم من الأيام أن يجدوا مصر قد انخرطت فيها، وبأيدي أبنائها من صفوة المجتمع السياسي والثقافي والقضائي فيها.
مصر التي استطاعت عقب حرب حزيران/ينويو 1967 المدمِرة والتي أتت على جيشها وقواتها المسلحة واقتصادها أن تنهض متعافية بوحدة أبنائها وعجلة بنائها، لتحقق العبور الشهير في 6 أكتوبر 1973، وتعيد لمصر كرامتها وتكسر شوكة الصهيونية وتلوي ذراع جيشها الذي لا يقهر كما كانوا يدعون، وتحقق معجزة نصر أكتوبر.. مصر التي نهضت من كبوتها وحطمت قيودها في الخامس والعشرين من يناير 2011 في ثورة شعبية شبابية جمعت أبناء الكنانة بمسلميه وأقباطه بغض النظر عن الإيديولوجيات أو المعتقدات أو المناطقية، ليغيروا وجه مصر ويزيلوا كابوس الديكتاتورية وينتقلوا بمصر إلى دولة مدنية ديمقراطية لم تشهدها مصر من قبل طوال حياتها، وتأتي بانتخابات شعبية نزيهة وشفافة بمجالس شرعية حقيقية، وبأول رئيس مصري منتخب أجمعت عليه الإرادة الشعبية الحرة الواعية.
لا أريد هنا أن أتحدث عما تقوم به جماعات فلول النظام البائد في ميدان التحرير ولا عن استعمال مالها الذي جمعته في عهد الفساد الديكتاتوري لتشتري به ذمم بعض ضعاف النفوس، ولا حفنة السياسيين البائسين الذين استبعدتهم الإرادة الشعبية لِتصدّر المشهد السياسي الجديد في مصر، ولا عن الأحزاب الهلامية التي تفتقد إلى القواعد الشعبية والتي تقيم خيام لها في ميدان التحرير تحت يافطات تنادي بتقسيم مصر وتفتيتها، وتزكي أوار النزاعات والصراعات بين طوائفها ونخبها، ولا عن البلطجية الذين يخربون ويدمرون المؤسسات الرسمية والخاصة ويهاجمون رجال الأمن الذين جاؤوا لحماية المتظاهرين السلميين ودفع الأذى عنهم، وتجار الأزمات والمناكفات والصراعات على أهميتها، ولكن ما يعنيني هو القضاء ومكوناته وقد اعتقدنا ولسنين طويلة أنه صمام الأمان في مصر وقد كان طوال فترات الحكم الديكتاتوري الملاذ الآمن لمصر وشعب مصر، رغم إصرار تلك الأنظمة على جره ليكون أداة بيد طغاة تلك الحقبة السوداء من تاريخ مصر، إلى أن جاءت ثورة 25 يناير 2011 وبروز الحركات الإسلامية الوسطية المعتدلة التي كانت منخرطة في الثورة وفعالة فيها منذ انطلاقتها، وكانت عمودها الفقري في كل نشاطاتها الثورية والمتصدرة للمشهد في ميدان التحرير، وكل الميادين في المدن المصرية الأخرى، وكافأتها الجماهير المصرية باختيارها لتكون صوتها وصداها في كل المجالس الشرعية المنتخبة (مجلسي الشعب والشورى) لوطنيتها وكفاءتها ونزاهتها وصدقها وطهارة أكفها لتقود المرحلة الجديدة في مصر.
وبعد أن خاب وخسر كل الذين أرادوا أن يقطفوا ثمار هذه الثورة لمصالح شخصية أو حزبية أو إيديلوجية أو مناطيقية، وجدنا أن القضاء بكل هيبته ومكانته وجلاله يتصدر لهذا الموقف ويخوض معركة تجار السياسة والفلول في مواجهة الحركات الإسلامية التي اختارها الشعب لتكون الممثل الشرعي لها في المجالس التشريعية (الشعب والشورى) ومؤسسة الرئاسة، والتي أشرف القضاء بنفسه على انتخاباتها وأقر بشرعيتها وفوزها عن جدارة وبشكل واضح بيّن لا لبس فيه ولا غموض.
وتصدر القضاء بكل رموزه ومؤسساته المشهد البئيس وانخرط إلى جانب هؤلاء المنهزمين، ليفكك هذه المجالس التشريعية ويطعن بشرعيتها، فحل مجلس الشعب تحت ذريعة أن هناك عوار في قانون الانتخابات، وغلّبت القوى الإسلامية مصلحة مصر، وقبلت بكل أريحية ودون أي تبرم قرار الحل احتراماً لهذا القضاء وحفاظاً على هيبته، ثم راح يسعى للتشكيك في شرعية مجلس الشورى واللجنة الدستورية المنتخبة لوضع الدستور، ويقرر النظر في حلها وحل مجلس الشورى بحجج قانونية ودستورية أنكرها عليه الكثيرون من أساتذة القانون وجهابذتهم في مصر، وراح يكشف عن نيته في التشكيك في شرعية الانتخابات الرئاسية ونيته الطعن فيها، وعندما تأكد للرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي من نوايا مؤسسات القضاء وما تريد الإقدام عليه، ومن منطلق مسؤوليته الشرعية والأخلاقية والقانونية تجاه مصر وشعب مصر الذي اختاره بكامل إرادته، أصدر الإعلان الدستوري - وهو حق سيادي كفله له الدستور - ليحصن هذه الهيئات الشرعية من أي عبث فيها أو المساس بها، ويقطع الطريق على القضاة الذين حرفوا القضاء عن مهمته الأساسية وباتوا جزءاً من العملية السياسية وصراعاتها ومناكفاتها، وهذا محرم على القضاء والقضاة في مصر بحكم القانون والدستور والأعراف التشريعية، وانحيازهم السافر إلى جانب الفلول والخاسرين الذين يتباكون على مصر الديكتاتورية والفساد، ويتغنون بأمجادها الزائفة وأيامها السوداء المظلمة، معتمدين على إعلام مضلل لا يزال بيد الفلول، ينفث السموم المحشوة بالأباطيل والكذب والدجل والافتراءات.
وبعد أن تطاول كل هؤلاء على الرئيس ومؤسسة الرئاسة وعلى رموز وقادة الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي بعد الثورة، بسفاهة وبذاءة لم تشهدها مصر في تاريخها، ولم يتعرض لمثلها كل الديكتاتوريين وأنظمتهم الفاسدة الذين حكموا مصر لستين عاماً، وجد الإسلاميون أنفسهم في موقف حرج أمام جماهيرهم التي انتخبتهم واختارتهم لقيادة هذه المرحلة الصعبة والجديدة من تاريخ مصر، مما دفعهم للمناداة إلى مليونية تثبت للعالم ولهؤلاء المتاجرين بالثورة وبدماء أبنائها في ساحة جامعة القاهرة بأنهم هم الأقوى والأكثر شعبية في مصر، وبالفعل احتشدت الملايين الذين فاضت ساحة الجامعة المصرية عن استيعابهم لتمتلئ الشوارع المؤدية إلى هذه الساحة وإلى ما وراء كباري نهر النيل العظيم، في حشد بشري هائل لم تشهده مصر في تاريخها حتى قيل – كما أعلنت العديد من الفضائيات الأجنبية – ان هذا الحشد زاد على أربعة ملايين مواطن مصري، كلهم يهتفون للرئيس محمد مرسي ويطالبون بإصلاح القضاء، وقد تميز هذا الحشد الرائع بكل ملايينه بحضارته ورقيه وسلميته ورصانة هتافاته وأدب وأخلاقيات شعاراته، التي لم تتطاول على أحد أو تحط من قدر أي شريك في الوطن، فلم نسمع او نشاهد حالة واحدة مما كان يحدث في ميدان التحرير، من إحراق وتدمير وتخريب للمؤسسات العامة والخاصة، وقذف الأجهزة الأمنية التي أتت لحماية المتظاهرين بالحجارة والقنابل الحارقة، ترفع يافطات ملئت بشعارات الحقد والكراهية والإقصاء، وتنضح حناجر المحتشدين بكل ما هو بذيء وهابط.
ختاماً أدعو قضاة مصر لإعمال العقل وتغليب مصلحة مصر وشعب مصر على المصالح الضيقة والآنية، وأن ينظروا إلى مستقبل مصر ويكونوا أداة لمعافاتها والأخذ بها إلى معارج الرقي والتقدم والنمو، والانتقال بمصر إلى مصاف الدولة المتحضرة والمتمدنة والمتقدمة، لتأخذ دورها المرجو لها بين هذه الدول، وهي تستحق ذلك.. والشعب المصري الطيب يستحق أن ينعم بالأمن والأمان والسعادة والرخاء الذي تنعم به دول اليوم المتقدمة.
يا قضاة مصر كونوا الأداة التي تخرج مصر من عنق الزجاجة ولا تكونوا عصياُ في انطلاقة عربتها نحو المستقبل، فقد صبرتم وصبر الشعب المصري على ستين سنة من حكم الأنظمة الديكتاتورية الظالمة والمتعسفة، والتي جعلت مصر دولة متخلفة من الدرجة الثالثة، يعمها الفقر والجوع والتخلف والفاقة والبطالة والحرمان والفساد، وقد هانت على الأعداء ومجها الأصدقاء.. صبرتم كل هذه السنين العجاف مرغمين مقهورين أذلاء، أفلا تصبرون على نخبة اخترتموها بملئ إرادتكم وحرية قراركم أربع سنوات، فإن وجدتموهم أهلاً لذلك الاختيار قولاً وفعلاً فجددوا لهم، وإن كان بعكس ذلك فصناديق الاقتراع قادمة وأنتم أحرار في الاختيار في من تضعون ثقتكم لتبوء الحكم في الفترة القادمة، فهذه هي اللعبة الديمقراطية التي ارتضيتموها لمصر الجديدة، وعلى الجميع الرضا والقبول بكل ما تنتجه صناديق الانتخاب، ولابد من وجود معارضة تعرف طريقها عبر السبل الشرعية التي سنتها القوانين والأنظمة، للتعبير عن رأيها وحشد جماهيرها والإعداد ليوم الانتخاب القادم، حيث الامتحان الذي فيه يفوز من يفوز ويخسر من يخسر ويتحلى الجميع بالروح الرياضية وقبول النتائج.
يا قضاة مصر اتقوا الله في مصر وشعبها فهم أمانة في أعناقكم فلا تخونوا الأمانة فالدنيا زائلة ومتاعها فان، لا تناصبوا الحق والعدل العداء فأنتم مسئولين أمام الله في اختياركم وفي قراركم، كونوا أعواناً للحق ولا تكونوا أعواناً للباطل، فالحق باق والباطل زائل.. راجعوا قراراتكم ومواقفكم ودوروا حيث يدور الحق، فالشعب المصري ينتظر منكم موقفاً شجاعاً نزيهاً عادلاً حيال طرح الدستور والاستفتاء عليه والإشراف على صناديقه ودعوا الأمر لقرار الجماهير وإرادتهم وهذا الأمل فيكم والرجاء.
مصر التي استطاعت عقب حرب حزيران/ينويو 1967 المدمِرة والتي أتت على جيشها وقواتها المسلحة واقتصادها أن تنهض متعافية بوحدة أبنائها وعجلة بنائها، لتحقق العبور الشهير في 6 أكتوبر 1973، وتعيد لمصر كرامتها وتكسر شوكة الصهيونية وتلوي ذراع جيشها الذي لا يقهر كما كانوا يدعون، وتحقق معجزة نصر أكتوبر.. مصر التي نهضت من كبوتها وحطمت قيودها في الخامس والعشرين من يناير 2011 في ثورة شعبية شبابية جمعت أبناء الكنانة بمسلميه وأقباطه بغض النظر عن الإيديولوجيات أو المعتقدات أو المناطقية، ليغيروا وجه مصر ويزيلوا كابوس الديكتاتورية وينتقلوا بمصر إلى دولة مدنية ديمقراطية لم تشهدها مصر من قبل طوال حياتها، وتأتي بانتخابات شعبية نزيهة وشفافة بمجالس شرعية حقيقية، وبأول رئيس مصري منتخب أجمعت عليه الإرادة الشعبية الحرة الواعية.
لا أريد هنا أن أتحدث عما تقوم به جماعات فلول النظام البائد في ميدان التحرير ولا عن استعمال مالها الذي جمعته في عهد الفساد الديكتاتوري لتشتري به ذمم بعض ضعاف النفوس، ولا حفنة السياسيين البائسين الذين استبعدتهم الإرادة الشعبية لِتصدّر المشهد السياسي الجديد في مصر، ولا عن الأحزاب الهلامية التي تفتقد إلى القواعد الشعبية والتي تقيم خيام لها في ميدان التحرير تحت يافطات تنادي بتقسيم مصر وتفتيتها، وتزكي أوار النزاعات والصراعات بين طوائفها ونخبها، ولا عن البلطجية الذين يخربون ويدمرون المؤسسات الرسمية والخاصة ويهاجمون رجال الأمن الذين جاؤوا لحماية المتظاهرين السلميين ودفع الأذى عنهم، وتجار الأزمات والمناكفات والصراعات على أهميتها، ولكن ما يعنيني هو القضاء ومكوناته وقد اعتقدنا ولسنين طويلة أنه صمام الأمان في مصر وقد كان طوال فترات الحكم الديكتاتوري الملاذ الآمن لمصر وشعب مصر، رغم إصرار تلك الأنظمة على جره ليكون أداة بيد طغاة تلك الحقبة السوداء من تاريخ مصر، إلى أن جاءت ثورة 25 يناير 2011 وبروز الحركات الإسلامية الوسطية المعتدلة التي كانت منخرطة في الثورة وفعالة فيها منذ انطلاقتها، وكانت عمودها الفقري في كل نشاطاتها الثورية والمتصدرة للمشهد في ميدان التحرير، وكل الميادين في المدن المصرية الأخرى، وكافأتها الجماهير المصرية باختيارها لتكون صوتها وصداها في كل المجالس الشرعية المنتخبة (مجلسي الشعب والشورى) لوطنيتها وكفاءتها ونزاهتها وصدقها وطهارة أكفها لتقود المرحلة الجديدة في مصر.
وبعد أن خاب وخسر كل الذين أرادوا أن يقطفوا ثمار هذه الثورة لمصالح شخصية أو حزبية أو إيديلوجية أو مناطيقية، وجدنا أن القضاء بكل هيبته ومكانته وجلاله يتصدر لهذا الموقف ويخوض معركة تجار السياسة والفلول في مواجهة الحركات الإسلامية التي اختارها الشعب لتكون الممثل الشرعي لها في المجالس التشريعية (الشعب والشورى) ومؤسسة الرئاسة، والتي أشرف القضاء بنفسه على انتخاباتها وأقر بشرعيتها وفوزها عن جدارة وبشكل واضح بيّن لا لبس فيه ولا غموض.
وتصدر القضاء بكل رموزه ومؤسساته المشهد البئيس وانخرط إلى جانب هؤلاء المنهزمين، ليفكك هذه المجالس التشريعية ويطعن بشرعيتها، فحل مجلس الشعب تحت ذريعة أن هناك عوار في قانون الانتخابات، وغلّبت القوى الإسلامية مصلحة مصر، وقبلت بكل أريحية ودون أي تبرم قرار الحل احتراماً لهذا القضاء وحفاظاً على هيبته، ثم راح يسعى للتشكيك في شرعية مجلس الشورى واللجنة الدستورية المنتخبة لوضع الدستور، ويقرر النظر في حلها وحل مجلس الشورى بحجج قانونية ودستورية أنكرها عليه الكثيرون من أساتذة القانون وجهابذتهم في مصر، وراح يكشف عن نيته في التشكيك في شرعية الانتخابات الرئاسية ونيته الطعن فيها، وعندما تأكد للرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي من نوايا مؤسسات القضاء وما تريد الإقدام عليه، ومن منطلق مسؤوليته الشرعية والأخلاقية والقانونية تجاه مصر وشعب مصر الذي اختاره بكامل إرادته، أصدر الإعلان الدستوري - وهو حق سيادي كفله له الدستور - ليحصن هذه الهيئات الشرعية من أي عبث فيها أو المساس بها، ويقطع الطريق على القضاة الذين حرفوا القضاء عن مهمته الأساسية وباتوا جزءاً من العملية السياسية وصراعاتها ومناكفاتها، وهذا محرم على القضاء والقضاة في مصر بحكم القانون والدستور والأعراف التشريعية، وانحيازهم السافر إلى جانب الفلول والخاسرين الذين يتباكون على مصر الديكتاتورية والفساد، ويتغنون بأمجادها الزائفة وأيامها السوداء المظلمة، معتمدين على إعلام مضلل لا يزال بيد الفلول، ينفث السموم المحشوة بالأباطيل والكذب والدجل والافتراءات.
وبعد أن تطاول كل هؤلاء على الرئيس ومؤسسة الرئاسة وعلى رموز وقادة الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي بعد الثورة، بسفاهة وبذاءة لم تشهدها مصر في تاريخها، ولم يتعرض لمثلها كل الديكتاتوريين وأنظمتهم الفاسدة الذين حكموا مصر لستين عاماً، وجد الإسلاميون أنفسهم في موقف حرج أمام جماهيرهم التي انتخبتهم واختارتهم لقيادة هذه المرحلة الصعبة والجديدة من تاريخ مصر، مما دفعهم للمناداة إلى مليونية تثبت للعالم ولهؤلاء المتاجرين بالثورة وبدماء أبنائها في ساحة جامعة القاهرة بأنهم هم الأقوى والأكثر شعبية في مصر، وبالفعل احتشدت الملايين الذين فاضت ساحة الجامعة المصرية عن استيعابهم لتمتلئ الشوارع المؤدية إلى هذه الساحة وإلى ما وراء كباري نهر النيل العظيم، في حشد بشري هائل لم تشهده مصر في تاريخها حتى قيل – كما أعلنت العديد من الفضائيات الأجنبية – ان هذا الحشد زاد على أربعة ملايين مواطن مصري، كلهم يهتفون للرئيس محمد مرسي ويطالبون بإصلاح القضاء، وقد تميز هذا الحشد الرائع بكل ملايينه بحضارته ورقيه وسلميته ورصانة هتافاته وأدب وأخلاقيات شعاراته، التي لم تتطاول على أحد أو تحط من قدر أي شريك في الوطن، فلم نسمع او نشاهد حالة واحدة مما كان يحدث في ميدان التحرير، من إحراق وتدمير وتخريب للمؤسسات العامة والخاصة، وقذف الأجهزة الأمنية التي أتت لحماية المتظاهرين بالحجارة والقنابل الحارقة، ترفع يافطات ملئت بشعارات الحقد والكراهية والإقصاء، وتنضح حناجر المحتشدين بكل ما هو بذيء وهابط.
ختاماً أدعو قضاة مصر لإعمال العقل وتغليب مصلحة مصر وشعب مصر على المصالح الضيقة والآنية، وأن ينظروا إلى مستقبل مصر ويكونوا أداة لمعافاتها والأخذ بها إلى معارج الرقي والتقدم والنمو، والانتقال بمصر إلى مصاف الدولة المتحضرة والمتمدنة والمتقدمة، لتأخذ دورها المرجو لها بين هذه الدول، وهي تستحق ذلك.. والشعب المصري الطيب يستحق أن ينعم بالأمن والأمان والسعادة والرخاء الذي تنعم به دول اليوم المتقدمة.
يا قضاة مصر كونوا الأداة التي تخرج مصر من عنق الزجاجة ولا تكونوا عصياُ في انطلاقة عربتها نحو المستقبل، فقد صبرتم وصبر الشعب المصري على ستين سنة من حكم الأنظمة الديكتاتورية الظالمة والمتعسفة، والتي جعلت مصر دولة متخلفة من الدرجة الثالثة، يعمها الفقر والجوع والتخلف والفاقة والبطالة والحرمان والفساد، وقد هانت على الأعداء ومجها الأصدقاء.. صبرتم كل هذه السنين العجاف مرغمين مقهورين أذلاء، أفلا تصبرون على نخبة اخترتموها بملئ إرادتكم وحرية قراركم أربع سنوات، فإن وجدتموهم أهلاً لذلك الاختيار قولاً وفعلاً فجددوا لهم، وإن كان بعكس ذلك فصناديق الاقتراع قادمة وأنتم أحرار في الاختيار في من تضعون ثقتكم لتبوء الحكم في الفترة القادمة، فهذه هي اللعبة الديمقراطية التي ارتضيتموها لمصر الجديدة، وعلى الجميع الرضا والقبول بكل ما تنتجه صناديق الانتخاب، ولابد من وجود معارضة تعرف طريقها عبر السبل الشرعية التي سنتها القوانين والأنظمة، للتعبير عن رأيها وحشد جماهيرها والإعداد ليوم الانتخاب القادم، حيث الامتحان الذي فيه يفوز من يفوز ويخسر من يخسر ويتحلى الجميع بالروح الرياضية وقبول النتائج.
يا قضاة مصر اتقوا الله في مصر وشعبها فهم أمانة في أعناقكم فلا تخونوا الأمانة فالدنيا زائلة ومتاعها فان، لا تناصبوا الحق والعدل العداء فأنتم مسئولين أمام الله في اختياركم وفي قراركم، كونوا أعواناً للحق ولا تكونوا أعواناً للباطل، فالحق باق والباطل زائل.. راجعوا قراراتكم ومواقفكم ودوروا حيث يدور الحق، فالشعب المصري ينتظر منكم موقفاً شجاعاً نزيهاً عادلاً حيال طرح الدستور والاستفتاء عليه والإشراف على صناديقه ودعوا الأمر لقرار الجماهير وإرادتهم وهذا الأمل فيكم والرجاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق