الكيماوي السوري معضلة تؤرق امريكا/ ابراهيم الشيخ

بعد صمت دام عدة اشهر حول مسألة السلاح الكيماوي السوري، ها هي قضية هذه الاسلحة تُثار مجدداً من قِبل اطراف دولية، وخاصة من قِبل الولايات المتحدة الامريكية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو لماذا في هذا الوقت بالذات تثار هذه المسألة، وخاصة من قبل الولايات المتحدة التي اعلنت بانها رصدت بعض التحركات المريبة حول مواقع هذه الاسلحة، ولذلك حذرت واشنطن  وعلى لسان الرئيس باراك اوباما من استخدام هذه الاسلحة ضد الشعب السوري.
 يبدو ان الموت الذي يحصد ارواح السوريين منذ حوالي سنتين لم يكن كافيا لايقاظ ضمير العالم للتحرك بجدية لوقف هذه المذابح والدمار، والسؤال هو هل تحرُك الولايات المتحدة وتحذيرها من خطر استعمال الاسلحة الكيماوية هو من اجل الدفاع عن الشعب السوري ام لأهداف اخرى.
بدون شك ان هذه التحركات ليس الهدف منها حماية هذا الشعب، وان جُل ما يهم واشنطن هو  مصير السلاح الكيماوي الذي يشكل معضلة كبيرة لها ويؤرقها، لذلك تعمل جاهدة من اجل السيطرة عليه أو تدميره، و يبدو واضحاً ان أي تدخل تدخل عسكري من قبل الولايات المتحدة أو أي دولة إخرى لن يكون من اجل عيون الشعب السوري، وانما لتحقيق المصالح الخاصة.
ان اثارة مسألة السلاح الكيماوي في هذا الوقت سببه التطورات الاخيرة التي حصلت على الارض، واقتراب المعارك من العاصمة دمشق، ولهذا تتخوف الاطراف الدولية من استخدام السلاح الكيماوي في الصراع الداخلي، ولكن النظام لا يبدو بانه بحاجة لاستخدامه فهو يملك امكانيات كثيرة بديلة عن هذا السلاح، ومن الغباء استعمال الاسلحة الكيماوية، لان استخدامها داخليا ضد المسلحين المعارضين يعتبر انتحار سياسي للنظام، وتصرف كهذا يعجل بإسقاطه ويفتح المجال واسعا  للتدخلات المباشرة من قبل القوى الاجنبية.
 ولكن النظام السوري اكد في عدة مناسبات عندما اثير موضع الاسلحة الكيماوية، بانه لن يستخدم هذه الاسلحة ضد شعبه تحت اي ظرف كان، وبالتأكيد ان النظام لن يعطي الفرصة  للتدخل العسكري  من قبل اي طرف في بلاده.
واشنطن التي بدت مترددة في الفترة الماضية، تبدو انها بدأت تغير من لهجتها بعد معرفة ان النظام بدأ يفقد السيطرة على معظم الاراضي السورية، ووصول المعارك الى دمشق، فواشنطن تريد اثبات وجودها كقوة مهمة في المنطقة في حال سقوط النظام، ولكي يكون لها دور في رسم مستقبل سوريا مع الدول الاقليمية الاخرى.
 بلا شك ان هناك حرب استخبارية متعددة الاطراف تدور لمعرفة مكان الاسلحة الكيماوية ومصيرها، ومحاولة السيطرة عليها في حال تشتت قوات النظام، وفقدان السيطرة عليها، ولذلك واشنطن تعمل في الخفاء مع دول الجوار وخاصة مع تركيا والاردن للتدخل، لكي لا تسقط الاسلحة في اياد معادية، والاياد المعادية هي على الارجح حزب الله او قوى المعارضة التي لن تسمح لها واشنطن بامتلاك هذه الاسلحة، بحجة ان هذه الاسلحة من الممكن ان تستعمل ضد اسرائيل، ولذلك لن تترك سوريا وشأنها، ولن تسمح بان تفلت الامور من بين أيديها بسبب وجود هذه الاسلحة.
ولكن السبب المهم الذي تسعى اليه واشنطن والعالم هو أمن اسرائيل، وان كل هذه الزوبعة التي اثيرت هي من اجل تهيئة دول العالم للتدخل في سوريا، ولكن هذا التدخل لن يحصل الان، ولكن على الارجح ان هذا التدخل سيكون بعد سقوط النظام، لان الاطراف الاقليمية والدولية لا تريد في الوقت الحاضر اثارة مواجهة اقليمية بين الاطراف التي تؤيد وتدعم النظام السوري، والقوى التي تدعم قوى المعارضة.
وبالطبع ان هذه القوى المعنية لن يكون سهلا عليها ترك سوريا بعد سقوط النظام ، لان الكل يسعى بأن يكون له موطئ قدم في هذا البلد، وبدون شك ان مرحلة ما بعد سقوط النظام هي الاهم، وستكون الأخطر، لان شظايا وتبعات هذا السقوط سيكون له تاثير على الدول المجاورة بلا استثناء.

كاتب وصحفي فلسطيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق