أنّسنة وشيّطنة!/ عـادل عطيـة

أنّسنة الشيطان، وشيّطنة الإنسان.. هي نوع من ممارسة اللخبطة التي تدوّخ العقل!
أنظروا كيف يفعل الناس، عندما يسمعون كلمة: "شيطان".. أنهم يستعيذون بالله العظيم من اسمه، ومن سيرته غير العطرة!
وهم أنفسهم، في أحيان كثيرة، يدلّلونه يعني يدّلعونه، فيطلقون عليه: "جني" أو: "عفريت"!
بل وتحبيب أولادهم الصغار فيه، حين يجعلونه بطلاً طيباً، وصديقاً حميماً لهم، في قصص المغامرات الشيقة، التي يقصّونها عليهم قبل النوم، وربما طول العمر، كما من كتاب: "ألف ليلة وليلة"!
أكثر من ذلك، أن يحاول البعض صناعة شياطين على مقاس الإنسان، وكأنهم يريدونها أن تعيش بيننا، وأن نتعامل معها من خلال شبيهنا الإنسان!
فان كان عندهم أبناً يمتاز بالشقاوة، وايذاء الغير، أطلقوا عليه: "جن مصوّر"، أو: "عفريت".. وكأن الأذّية هي من اختصاص الشيطان دون خلق الله!
وان كان الشخص ذكياً ونجيباً كفاية، اشتركنا جميعاً في تسميته: "عبقري"، نسبة إلى وادي عبقر، الذي ظن الناس يوماً أنه مسكون بالجن والعفاريت.. وكأن الذكاء هو حكر على تلك القوى الشريرة!
وان كان لدى إنسان ما فكرة مبتكرة أو شاذة، أطلقنا عليها: "فكرة مجنونة"، أو: " فكرة جهنمية".. وكأن هذا الإنسان ، قد استقى فكرته هذه من الجن، أو: من جهنم ، حيث عشيرة الجن، ومأواه، ومستقره!
وقد وصل الأمر بالبعض، أن نَسب شعر الشعراء إلى الهامات من الجن.. وما علينا سوى التهليل، والتغني: "ياعيني على شاعريّة الشيطان"!
كما نسبوا إليه، أرق مشاعرنا الإنسانية، كمشاعر الحب، فيقولون: "حب مجنون"، أو: جنون الحب".. وهل ننسى أخونا في الحب: "مجنون ليلى"، كأفضل تطبيق، ومثال؟!..
حتى مأكولاتنا، لم تبتعد كثيراً، أو: قليلاً عن هذه الرابطة المربوطة، فالبائعون يصيحون على ثمرة البندورة، الغلبانة، التي كانت في يوم من الايام من الفاكهه، ثم انحدر بها الحال، لتصبح من عناصر الطبيخ والصلصة، يصيحون قائلين:"مجنونة يا طماطم".. وكأن الشيطان هو الذي يتحكم في بيئتها، وفي كثرتها أو: ندرتها، ومن ثم في سعرها!
وآه من تعبير: "جنون الحرب" أو: "الحرب المجنونة".. وكأن الحرب ليست من صنع الإنسان، الذي يُجنّ الجن!
أما العجب العجاب، أن نتقوّل على شخص ذاهب العقل، بأنه: " مجنون".. مع أنه سبق ونسبنا العبقريّة ـ أي الذكاء والفطنة ـ للجن!
،...،...،...
بعد كل ذلك، لا تلومن من يضطر إلى القول:"حاجة تجنن"..؛ لأنها صرخة كل من يعاني من نتاج ما يفعله عقل إنسان، بعقل إنسان آخر!...
**
سن القلم
اعتقاد الكرسي!
يعتقد البعض أن الكرسي لا يدوم لأحد، والحقيقة: أن لا أحد يدوم للكرسي!...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق