هل ستندلع الحرب على الجبهة السورية؟/ راسم عبيدات

ثمة مؤشرات جدية وجديدة على ان الحل العسكري يتقدم على الحل السياسي في سوريا،ومن تلك المؤشرات ان اللقاء الذي جمع لافروف وكيري في موسكو،لم يحدث أية  إختراقات جدية لجهة ترجيح الحل السياسي على الحل العسكري،حيث وضعت أمريكا شروط لعقد مؤتمر جنيف (2) بأن يكون رحيل الأسد شرط  لبدء الحل السياسي،وكذلك فرنسا الإستعمارية والتي تراودها أحلام الإستعمار القديم،والطامحة الى ان يكون لها دور في إعمار سوريا،حيث التقديرات تشير الى ان كلفة هذا الإعمار قد تصل الى ما بين 70 – 80 مليار دولار،وهي كذلك تريد ان يكون لها حصة من الغاز السوري،تماماً كما فعلت في ليبيا،وكذلك هي تضع "فيتو" على حضور ايران للمؤتمر على اعتبارها داعمة للنظام السوري وجزء من الأزمة وليس الحل،وبالتالي يجب ان لا تكون من الحضور،أما "البريئين" والذين أنفقوا المليارات على دعم القوى التكفيرية والوهابية وما يسمى بمجاهدي جبهة النصرة والجيش الحر من قطر والسعودية وتركيا،فهؤلاء يجب حضورهم  لأنهم "ليسوا جزء من الأزمة"،ولم"تتلطخ أيديهم في الدم السوري" وهم" يريدون مصلحة سوريا والخير والحرية والديمقراطية لشعبها ولأبنائها"،وهذه وقاحة غير مسبوقة في التاريخ،ولكننا تعودنا على هذه القوى الإستعمارية،فما يهمها مصالحها أولا وأخرا،لا حرية ولا ديمقراطية ولا غيره من هذه اللازمة والإسطوانة المشروخة لتلك المصطلحات والتي استخدمت في إحتلال العراق وتدميره وقتل أبناءه ونهب خيراته وثرواته،حيث مسلسل القتل والدمار متواصل في العراق،وأيضاً نفس الشي حدث في ليبيا،حيث تدخل الغرب الإستعماري لضمان حصصه من النفط والغاز الليبي،وما زالت ليبيا تعيش حروب قبلية وعشائرية،ومحرومة من خيراتها وثرواتها.
وكذلك واضح ان نتنياهو فشل في إقناع الروس خلال زيارته لموسكو في منع تزويده لسوريا بأسلحة حديثة وخصوصاً صواريخ اس 300 المضادة للطائرات والجيل الجديد من صواريخ فاخوت المضاد للسفن،بل كان الموقف الروسي حازماً جداً عليكم عدم التدخل في سوريا،فسوريا خط أحمر،وستجدون انفسكم في حرب مع روسيا،وأيضاً الروس لأول مرة منذ خمسين عاماً يرسلون خمسة بوارج حربية ضخمة الى المنطقة،وكذلك هناك الحجيج الى واشنطن من قبل حلفاء أمريكا قد أوشك على الانتهاء،حيث اختتمه أرودغان ومن قبله ذهب للحجيج الى البيت الأبيض وزراء ومشايخ ابو ظبي وقطر والسعودية والملك الأردني،وهؤلاء كلهم جزء ومشاركين في الأزمة السورية،ولكل منهم مصلحة ودور مرسوم له من قبل واشنطن،وينتظر كل واحد منهم الدور والمهمة المطلوبة منه، فيما إذا اندلعت الحرب على سوريا،وكذلك اسرائيل قالت بأنها لن تتوقف عن التدخل العسكري في سوريا من خلال قصف أية شحنات أسلحة ايرانية ترسل الى حزب الله عبر سوريا او اية اسلحة حديثة وكاسرة للتوازن تسلمها سوريا لحزب الله،ومدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي أي أيه) زار تل أبيب أيضاً لهذه الغاية وهذا الغرض،وبالمقابل سوريا نصبت بطاريات صواريخها تجاه تل أبيب محملة بصواريخ تشرين ذات الرؤوس التفجيرية الكبيرة،للرد على أي عدوان اسرائيلي على سوريا،كما انها أعطت تعليمات صارمة الى قادة وحداتها الصاروخية بالرد مباشرة على أي عدون اسرائيلي بدون الرجوع للقيادة،واعلنت عن فتح جبهة الجولان امام المقاومة الشعبية،في حين أكد سماحة الشيخ حسن نصرالله في خطابه الأخير كان واضحاً، بأن الحزب سيتحمل مسؤولياته في الدفاع  عن لبنان والجولان،وجاهز لتسلم أي سلاح كاسر للتوازن من سوريا.
هذه المعطيات لا تبعث على التفاؤل بقرب وتقدم الحل السياسي على الحل العسكري،وثمة أناس يريدون إطالة امد الأزمة في سوريا،وإستمرار مسلسل القتل والدمار فيها خدمة لأجنداتهم الطائفية والمذهبية ولمصالحهم،وفي مقدمة تلك البلدان مشيخات النفط وتركيا،فمن  أنفقوا ثلاثة مليارات على دعم جبهة النصرة والتكفيريين وما يسمى بالجيش الحر،ودفعوا مئات ألوف الدولارات للمنشقين عن النظام والجيش السوري،وسطو على الجامعة العربية لإصدار قرارت بالسطو على مقعد سوريا في الجامعة العربية لصالح ما يسمى بالمعارضة السورية،وأستضافوا المؤتمرات على أراضيهم ومولوها لما يسمى بأصدقاء سوريا،ومنحوا السفارة السورية في بلدهم لتلك القوى،طبعا سيكونوا غير معنين بإنتهاء الأزمة السورية،وكذلك الحالمين بالإمبراطورية  العثمانية على حساب سوريا والعالم العربي،إنتهاء الأزمة يعني كابوسا لهم ولربما يهدد مستقبلهم السياسي وخصوصا بعد ثبوت ان تفجيرات الريحانية حسب ما زودتهم به وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كان بفعل عصابات جبهة النصرة التي يدعمونها،وكذلك حالة التململ العالية في الداخل التركي من تصرفات وسياسات أردوغان وحكومته والتي زجت  بتركيا للتدخل بالشأن السوري،وما سيتركه ذلك من تداعيات على الداخل التركي،ستجعله أول الرافضين لحل سلمي للأزمة السورية، لأن ذلك سيعني سقوطه المدوي هو وحزبه.
مؤتمر جنيف(2) إذا ما قيد له ان ينجح،بالضرورة ان يستند الى التطورات الحاصلة على الأرض،فالنظام السوري الذي يحقق نجاحات جدية في تطهير سوريا من رجس ونجس العصابات المجرمة،لن يوافق بأي حال على حل سياسي خارج بقاء الرئيس الأسد،وإجراء انتخابات ديمقراطية يقرر من خلالها الشعب السوري مصيره،فالمعادلات الآن مريحة جداً للنظام وحلفاءه،ولكنها قطعاً مرعبة للحلف المعادي،فمن غير المعقول ان يسلموا بعد كل هذه الحرب ببقاء النظام وإستقرار الأوضاع في سوريا،فهذا معناه  سقوط انظمة وتصفية حسابات مع أخرى.
المنطقة حبل بالتطورات المتسارعة والمتلاحقة،وعوامل الحرب تتقدم على عوامل الحل السياسي،والحرب ستندلع شرارتها في أي حماقة ستقدم عليها اسرائيل بالعدوان على سوريا،وحينها ستتطور الى حرب إقليمية شاملة.
القدس- فلسطين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق