دور الإعلام في الثورة السورية/ محمد فاروق الإمام

لقد فاجأ ثلة من الإعلاميين السوريين الهواة النظام السوري المتهالك قبل العرب والعالم بنشر ما يجري على الساحة السورية بكل مهنية عالية وموضوعية صادقة، وتوثيق كل ما يرتكبه النظام من مجازر ومذابح وانتهاكات بحق السوريين نساء وشيوخاً وأطفالاً رغم كل الأخطار التي يتعرضون لها، بدءاً برصاص القناص ومروراً بحواجز الموت والرصاص الطائش وشظايا القنابل، إضافة إلى المعاناة الإنسانية التي يتعايشون معها إلى جانب المقاتلين والأهلين والجرحى والنازحين والمهجرين بكل أريحية وشجاعة نادرة.
لقد ظن النظام المتهالك أن في منعه دخول الفرق الإعلامية المحايدة والاعتماد على إعلامه الكاذب سيحول دون وصول ما يقترفه وشبيحته من آثام وبوائق وجرائم بحق السوريين، ولكن هؤلاء الشباب الإعلاميين الرائعين أفشلوا خططه ومخططاته وفضحوا على الشاشات الفضائية أفعاله بحرفية عالية فاقت في كثير من الأحيان محترفي هذه المهنة، مما أثار حفيظة النظام وأرّق مضجعه، فراح يتتبع هؤلاء الفتية الغر الميامين وينصب لهم الكمائن والشراك فتمكن من بعضهم غيلة وغدراً لترتقي أرواحهم إلى السماء، مخلفين على الأرض بصماتهم عبر ما صوروه وكتبوه ونشروه صوتاً وصورة، تفضح هذا النظام الباغي وتعريه أمام العالم بكل سوءاته وبوائقه.
لقد ظن الأبله الباغي بشار متوهماً أنه سيرتكب جرائمه بحق الشعب السوري ومدنه وقراه بعيداً عن وسائل الاتصال وعيون الكمرات كما فعل والده الباغي الأكبر حافظ الأسد، يوم ارتكب مجازره الوحشية في تدمر وجسر الشغور وسرمدا وحلب وحماة وبانياس وحمص والعديد من المدن السورية الأخرى، بعيداً عن إعلام يفضحه أو عين كمرة تصور آثامه وبوائقه وجرائمه فخاب فأله.. فقد رافق هؤلاء الفتية بوسائلهم المتواضعة تصوير كل ما يجري ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة بل لحظة بلحظة، لينشروا ما صوروه على صفحات النت والفيسبوك والتويتر، لتتناقلها وكالات الأنباء العالمية والفضائيات المتنوعة والصحف والإذاعات، ليشاهدها العالم في مشارق الأرض ومغاربها بالصوت والصورة والكلمة الفاضحة المعرية لهذا النظام، الذي ظل لسنوات طويلة يضحك على عقول العرب ويوهمهم بأنه يقود معسكر الصمود والمقاومة، ويوهم الغرب والشرق بأنه يحارب المنظمات الإرهابية والمتطرفة، إلى أن كشف هؤلاء الشباب زيف دعاويه وكذب فبركاته.
هذه الثلة المباركة والشجاعة من الإعلاميين المبتدئين والهواة لم يتوقفوا عند الوسائل البدائية التي امتلكوها في أول الثورة، بل طوروا أنفسهم وخضعوا لدورات مكثفة على أيدي إعلاميين محترفين، وتعلموا كيفية استعمال الأدوات الإعلامية الحديثة والمتطورة بحرفية عالية، وراحوا يخوضون تجربة عملية في ميادين القتال وسير المعارك والتنقل بين مدينة وأخرى في أصعب المسالك وأخطرها، غير آبهين بكل ما يمكن ان يتعرضوا له، فمهمتم نقل الحقيقة وفضح هذا النظام الباغي ونقل الصورة الحقيقية لملايين المشاهدين، ولم يكتف هؤلاء على العمل في ميادين القتال والصدام، بل راحوا يتعاملون مع الحالات الإنسانية العديدة التي تواجه السوريين في محنتهم، فغطوا أوضاع المستشفيات الميدانية ومعاناة الناس وظروف معاشهم وأحوال النازحين والمهجرين، ودونوا قصص وحكايات السجناء والمعتقلين، وتابعوا أخبار المفقودين، ونشروا التقارير المشفوعة بالصوت والصورة التي توثق كل كبيرة وصغيرة وشاردة وواردة، ويبعثوا بها إلى المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان الدولية الرسمية منها أو الأهلية، ليتجمع لدى مسؤولي منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان كم هائل من الوثائق المعتمدة، عما ارتكبه النظام الفاشي الباغي بحق الشعب السوري ومدنه وبلداته وقراه ومقدساته ومواقع تاريخه وآثاره الحضارية، وما يقوم به شبيحته من انتهاك للأعراض وتدمير للمقدسات والحرمات، ومن ارتكاب مجازر وحشية لم يرو التاريخ مثيلاً لها، ومن عمليات تعذيب مروعة بحق المعتقلين غير مستثنياً منها النساء والأطفال والشيوخ والمعوقين والجرحى.
الإعلاميون في سورية هم مشاريع شهادة كحال المقاتلين والثوار.. وهذا الحال يساوي بين الإعلامي والمقاتل كل في ميدان عمله، فالكلمة الصادقة تضاهي الرصاصة المصوبة فعلاً ونتيجة وقد تتفوق عليها في كثير من الحالات، فإلى هؤلاء الأطهار الأبرار الإعلاميين الشجعان كل تحية وإكبار لما يقومون به ويقدمونه لنشاهده عبر شاشات التلفاز أو نسمعه عبر الأثير أو نقرأه عبر الصحافة الورقية والإلكترونية، آملين منهم المزيد لتحريك الرأي العام العربي والدولي في مواجهة هذا النظام الباغي قبل أن يتمادى في جرائمه إلى أبعد ما هو عليه!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق