عدنا كفلسطينيين إلى المفاوضات وتخلينا عن كل الإشتراطات والمحددات التي جرى الإتفاق عليها فلسطينياً،وفي المقدمة منها وقف الإستيطان،حيث اسرائيل زادت من وتائره بشكل كبير،وأعلن كيري عراب العودة للمفاوضات،بعد إنتهاء الجولة الأولى منها،بأن اسرائيل ستحتفظ ب85 % من مستوطناتها في الضفة الغربية...... والإفراج عن الأسرى القدماء،الذين تأخر الإفراج عنهم عشرين عاماً،وتم جدولة إطلاق سراحهم على اربع او خمس دفعات،إرتباطاً بحسن سير وسلوك السلطة في المفاوضات،واسرائيل هي من تتحكم في العملية من ألفها إلى يائها.
التطبيع ومحاولات اختراق جدار الوعي الفلسطيني،ايضاً صارت بوتائر عالية،وخرجت عن المألوف بقيام عدد من لهم دور في صنع القرار الفلسطيني،بالحجيج الى الكنيست"البرلمان"الإسرائيلي،كتأكيد على رغبة فلسطينية في السلام،ورغم كل هذا الحجيج من يتفاوض معهم من الإسرائيليين كحزب او حكومة ،لم يكونوا جزء من اللقاء،هذا ناهيك عن إفطارات رمضان المشتركة الفلسطينية - الإسرائيلية لمجموعات شبابية،وعزائم وإفطارات لرجال الشرطة الإسرائيلية وغيرها،والغريب ان هناك من يقول بان التطبيع لا"يعهر"في الوقت الذي عندما جاء المغدور السادات الى الكنيست الصهيوني في عام 1979،لإلقاء خطاب فيها والتوقيع على إتفاقية"كامب ديفيد" جرت مقاطعة عربية شاملة لمصر، وكان هناك مشروع سياسي منجز،اما نحن ذهبنا الى هناك بدون اي ثمن او مقابل قدمه الإحتلال لنا،بل على العكس كل يوم يمعن في إذلالنا وإغتصاب ومصادرة ارضنا.
حرب شاملة على الأرض الفلسطينية،ومخططات تهويد للنقب الفلسطيني،حيث مخطط "برافر"سيلتهم اكثر من (800000 ) دونم من أراضي عرب النقب،وخطر الطرد يتهدد اكثر من (40000 ) فلسطيني،وهدم (40 ) قرية فلسطينية،البعض منها موجود قبل وجود دولة الإحتلال.
الحكومة الجديدة التي كاد عقدها ينفرط منذ بداية التشكيل،بسبب الخلاف على الصلاحيات والمسؤوليات،يبدو انها ستسلك ولن تكون محدد بثلاثة أو اربعة شهور،بل ستستمر في تسيير وتسليك الأعمال،بعد تطيب الخواطر والنفوس والوعود بقرب تدفق الفلوس،مليارات كيري الأربعة الموعدة في سلامه الاقتصادي لتصفية القضية الفلسطينية،وهذا يحسن الأداء في عملية التسول وشراء الذمم،ويخفف من حدة الإحتقان في الشارع الفلسطيني،بسبب صعوبة الأوضاع الإقتصادية،حيث الغلاء وإرتفاع الأسعار،وتزايد معدلات البطالة والفقر،وتنامي الشرائح والفئات والطحالب الطفيلية في الإقتصاد والقطاعات المجتمعية الأخرى،وغياب الإهتمام في القطاعات الإقتصادية الإنتاجية من زراعة وصناعات تحويلية خفيفة...وغيرها،وزيادة في ميزانيات الأجهزة الأمنية،وكذلك الجيش الكبير من الوزراء السابقين واللاحقين والمدراء العامين والألوية والعمداء والعقداء،الذين رواتبهم تلتهم جزء كبير من اموال التسول والشحدة.
عمليات التسول والشحدة،وتحديداً في مشروعي إفطار الصائم والعيش الكريم،يجب إعادة النظر فيها بشكل جذري وجدي،ونحن نقدر لدولة الإمارات العربية،دورها الكبير في دعم ومساندة شعبنا،وما قدمته وتقدمه من دعم للعديد من المشاريع الحيوية والخيرية والإنسانية والإغاثية في فلسطين،ولكن في هذين المشروعين بالتحديد،أرى ان يكون هناك وقفة جادة وتقيمية تطال مختلف جوانب العمل في هذا الجانب،حيث من يرى ويشاهد ما يجري في المسجد الأقصى في الشهر الفضيل من عمليات تدافع وتخاطف للوجبات،ومن المستفيد منها،هل هم المحتاجين والصائمين حقيقة،ام ان هناك من يأخذ قسم منها،ويلقي بما لا يحتاجه او ينتفع به من الوجبة في ساحات الحرم في منظر غير لائق وغير حضاري؟،والكم الهائل منها المتجه لحاويات القمامة....والتنافس بين المؤسسات التي تريد ان تقدم الخير وتنال الأجر والثواب.؟؟...وما يحمل ذلك في طياته من وجود مصالح ومنافع لأكثر من جهة مشاركة فيها نحن في غنى عن ذكرها الآن.
المشروع الأمريكي للفوضى الخلاقة في المنطقة،وصل إلى مرحلته الأهم قاهرة المعز،بعد ان انجز اولى حلقاته في العراق،حيث الإقتتال المذهبي والطائفي والتدمير للبلد ونهب خيراتها وثرواتها وتفكيك الدولة المركزية والجيش وعمليات التقسيم للجغرافيا العراقية قائمة فعلياً على الأرض،وسوريا رغم تعثر المشروع الأمريكي هناك،لكن يجري العمل على تدمير الدولة والجيش والإقتصاد وتخريب ممنهج لكل مرافق الحياة الأساسية فيها،ومصر بعد قيام ثورة 30/6/2013 وعزل مرسي وأفول نجم الإخوان،بعد سنة واحدة من وصولهم للحكم هناك،حيث قدموا الإخواني/الديني على الوطني/ القومي،ولم يلتفتوا لمشاكل مصر الكبرى الداخلية اقتصادية واجتماعية وفرطوا بكرامة وسيادة مصر الوطنية،نرى انه اليوم يريدون ان يدخلوا مصر في اتون فتن وحروب داخلية....إنه المشروع الأمريكي المستخدم للإخوان في تحقيق اهدافه وحماية مصالحه في المنطقة،والمستهدف تدمير المشروع القومي العربي،من خلال تدمير وتفتيت جغرافيا ركائزه الأساسية الثلاث العراق وسوريا ومصر،وبما يستولد كيانات إجتماعية هشة في المنطقة (تسع او عشر كيانات) مقسمه على اساس مذهبي وطائفي وثرواتي،مرتبطة بإتفاقيات امنية مع امريكا،وتدار إقتصادياً من قبل المركز الرأسمالي العالمي مباشرة في واشنطن.
مصير المشروع القومي العربي ومدى إنبعاثة وإستعادته لعافيته،رهن بشكل اساسي،بما يحصل في سوريا ومصر،فإذا ما نجح النظام في سوريا بإعادة السيطرة ومسك زمام الأمور،وقام بعميات إصلاح واسعة من خلال تطهير اجهزة ومؤسسات الدولة والقطاع العام من الفساد،وأعطى للديمقراطية بعداً حقيقياً من خلال التعددية الحزبية والفكرية، والمشاركة الحقيقية في صنع القرار والقيادة والتداول السلمي للسلطة،ووقف "تغول"الأجهزة الأمنية،وصيانة الحريات العامة والخاصة..الخ،وطبعاً بعد ان يتخلص ويقضي على كل العصابات والمجموعات الإرهابية التي تستهدف تدمير وتخريب البلد وتفكيكها خدمة للمشروع الأمريكي- الصهيوني في المنطقة.
اما في مصر فبالضرورة العمل على إعادة الأمن والإستقرار الى البلاد،ويجب محاورة الإخوان هناك على اساس المشاركة في الحياة السياسية،والإبتعاد عن التعامل معهم بلغة الثأر او الإقصاء،فمصر بحاجة الى دولة وقيادة تشارك فيها كل الوان الطيف السياسي،تتصارع في البرامج لخدمة المجتمع والشعب المصري،ولكن إذا ما اصر الإخوان على سلوك طريق العنف وإدخال المجتمع المصري،في الفوضى والإرهاب والفتن المذهبية والطائفية،حينها رغم كل المخاطر والخسائر المترتبة على ذلك، لا مناص امام الجيش سوى القيام بعملية جراحية سريعة،تعيد الأمن والإستقرار إلى مصر،وتتواصل العملية السياسية،وبما يعيد لمصر دورها وقيادتها العربية والإقليمية وحضورها الدولي،بعد أن قزم الإخوان مصر بعراقتها وبثقلها ووجودها الى دولة يسطى على قراراها وتأتمر بامر دولة ميكروسكوبية بحجم قطر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق