(1)
مرَّ وقتٌ طويلْ
والفراشةُ في أسفلِ الخاصرةْ
ليسَ تبكي على الخللِ التقنيِّ
ولكن على غيمةٍ في الجليلِ
وفي الذاكرةْ
إنها ندمٌ من دمٍ وخُطى شهوةٍ خاسرةْ
(2)
مرَّ وقتٌ ولم تزَلْ القُبَّرةْ
تنامُ بغيرِ غناءٍ على السروةِ المقفرةْ
وتحرسُها الشجراتُ الثلاثُ الوحيداتُ في مدخلِ المقبَرةْ
(3)
هواءٌ يهبُّ على سعَفِ الصمتِ
طاحونةٌ في العراءِ تلمُّ عصافيرَها
عرباتُ خيولِ الأبدْ
تجرُّ الجسدْ
في مساءِ الأحدْ
فوقَ هاويةِ الاثمِ والمغفرة
(4)
ناوليني سكينةَ روحكِ والوردةَ الناحلةْ
في تلابيبِ كفَّيكِ أو قلقِ الأسئلةْ
لأكتبَ هذي القصيدةَ
لا شفرةَ المقصلةْ
(5)
أصابعُ لا تختفي أو تبينُ ووجهٌ يشفُّ
وأشياءُ أخرى.. وعينٌ سرابيةٌ.. وخواءٌ مريعٌ
ولا شيءَ.. لا شيءَ يستلُّني من حطامِ الشغَفْ
أو موسيقا الغُرَف.
**
حُلم
كيفَ نمتُ المساءَ بعينينِ مفتوحتينِ وقلبٍ على وردةٍ مُغلقِ؟
كيفَ أُغميَ من شدَّةِ الضحكِ حتى على جسَدي بينما الروحُ تبكي رمادَ سحيمَ على المحرقِ؟
أضعتُ المساءَ/ الرواياتِ/ خيطَ القصيدةِ/ ثوبَ الغمامةِ/ مائيَّةَ الحُبِّ/ ماهيَّةَ الليلِ/ نفسي/ خطايَ/ حنيني/ رؤايَ/ فمي وشفاهي/ انتباهي/ أنيني/ هبائي/ بذورَ الفراغِ/
ونمتُ بعينينِ مفتوحتينِ لعلِّي أرى في منامي السماءَ على بابِ قلبي حقيقيَّةً
ثمَّ أنسى دمي في الظلامِ وأنسى كلامي الذي لم يقُلني وأذكرُ درسَ ابراهيمِ الفقي.
**
لا سامريَّ بصحراءِ قلبي
أنتِ أجملُ من أن أحبَّكِ
أبعدُ من سنةِ الضوءِ عنَّي
وأعمقُ من نجمةٍ في المياهِ...
فمي يتفتَّتُ وهو يجسُّ التياعَ البراكينِ باسمكِ في جسدِ البحرِ..
لي خمرةُ الفلِّ.. لكنَّ وخزَ الندى في الظهيرةِ أو أسفلِ القلبِ..
أو شمسِ خاصرتي ليسَ لي.. ليسَ لي..
أكملي ما بدأتِ بهِ من عناقِ الصدى باليدينِ وبالماءِ..
لا تقفي.. أكملي.. أكملي
يخفقُ القمَرُ المخمليُّ وينهاكِ عني
وتنهاكِ عني الخيولُ
وتعرى فصولُ الكتابةِ حينَ أُفكِّرُ كيفَ أقولُكِ
كيفَ أخطُّ وصاياكِ فوقَ الهواءِ وفي الماء..؟
أعلى من اليدِ والفمِ أنتِ وأدنى من القلبِ...
كيفَ تشهَّيتُ فيكِ الطفولةَ/ طيشَ الشبابِ/ مجازَ السرابِ/ الغناءَ/
ليالي الشرابِ/ العذوبةَ أو شذراتِ العذابِ
ولحظةَ أفلتَ من قبضتي ذهبُ العمرِ في هيئةِ الطيرِ؟
ينتهكُ الشِعرُ فيكِ النصاعةَ حتى البكاءِ
ولا سامريَّ بصحراءِ قلبي يصيحُ بإنَّ سمائي مخرَّمةٌ بالخطايا
فهل لكِ أن تطردي الشاعرَ المتهتِّكَ منكِ
وأن تحذفي مَن جمالُكِ يجلدُهُ باشتهاءِ؟
**
تفَّاحةُ المعصية
بماذا أُشبِّهُ هذا النهارَ
ولا خمرَ في القلبِ
لا شِعرَ ينبتُ في الفمِ للحُبِّ
لا شيءَ في الشيءِ
لا ضوءَ في الروحِ
لا وصفَ يعجبني
لا مزاميرَ كَيْ أتغنَّى بها
(شَعرُ محبوبتي ماعزٌ جبليٌّ يُروِّضُ وحشةَ جلعادَ..
عينا حبيبي غمامْ)؟
لستُ أفهمُ غيرَ كلامِ الطيورِ التي هجرَتني بغيرِ اتجَّاهٍ لقسوةِ تشرينَ
في لحظةٍ هيَ أيقونةٌ في مهبِّ العراءِ...
القصيدةُ تفَّاحةُ المعصيةْ
رفرفاتُ النجومِ الصغيرةِ وقتَ الظهيرةِ في الأقبيةْ
خمرةٌ لا تُرى في هواءِ القُرى
قلَقٌ ناصعٌ كسهامِ الحنينِ يُعذِّبُ من ألفِ عامٍ دمي...
واحتراقاتُ صلصالِ فاوستَ
أو ندَمٌ من حطامْ.
**
صلصال
يخيَّلُ لي أنني لن أجيدَ سوى فشلي
في استعادةِ ما ضاعَ من ذهَبِ الحُبِّ في القلبِ
أو خمرة الروحِ في اليمِّ
أو في الوصولِ إلى منبعِ الوردةِ الأنثويةِ أو أملي
يُخيَّلُ لي ما يُخيَّلُ لي...
يا امرءَ القيسِ هل كلَّما طعَمَ القلبُ
صلصالَ أنثاهُ في الأرضِ أو في السماءِ
أو انطفأَ الماءُ في قمَرِ الصبحِ
واتخذَّتْ نحلةٌ قلبَ فاطمَ مسكنَها
لجَّ في غيِّهِ شاعرٌ لم يصِبْ سهمُهُ كعبَ فاطمَ
أو لم يتُبْ في النهاراتِ عن ليلِها الأليلِ؟
**
سنتمنتالي
السنتمنتاليُّ مكتئبٌ ومبتسمٌ بلا سببٍ
يفكِّرُ.. لا يفكِّرُ..
قلبُهُ عدَمٌ إضافيٌّ
على شفتيهِ أغنيةٌ
وفي عينيهِ فزَّاعاتُ أحلامٍ
يرى.. أو لا يرى
ما في قلوبِ العابراتِ من السرابِ أو الثرى
ألأنهُ شبحٌ هوائيٌّ يخفُّ كريشةٍ
أو يختفي في الريحِ منحازاً إلى فرحٍ غريبٍ ما؟
يحبُّ وليسَ يجرؤُ أن.....
مزاجيٌّ يسُبُّ جحيمَهُ والآخرينَ....
السنتمنتاليُّ صعلوكُ بلا شِعرٍ
ومكتئبٌ بلا سببٍ
ومحتشِدٌ بلا معنى.
**
أب
يقولُ أبٌ ما لزوجتهِ لا تغيبي كثيراً
ولا تتركي جسدي يتأرجحُ في اللا مكانِ
أُتركي وردةَ النارِ تفتحُ عينيَّ في المدفأةْ
لا تروحي.. ارجعي فأنا عندما تذهبينَ
أُصابُ بما يشبهُ الموتَ..
أو يتحوَّلُ قلبي إلى نجمةٍ مُطفأةْ
فوقَ هاويةِ الثلجِ ترجفُ...
أو عندما لا أبوسُ ابنتي وهيَ تذهبُ للنومِ
ساحبةً خلفَها عالمَ الطيرِ.. أو لغةَ اللونِ
أو ما تُغنِّي البحيراتُ في كوكبِ الجنَّةِ المرجأةْ
أظلُّ بغيرِ زمانٍ وغيرِ صليبٍ
يصيحُ دمي بالقصيدةِ في الليلِ كوني امرأةْ
يقولُ أبٌ ما لأشباحهِ في الظلامِ أتركوني وشأني.
**
لا غاوٍ سَيتبَعُني
قالتْ فتاةٌ ما كأنَّ النثرَ يفضحني
فإنَّ قصيدتي سِترٌ ومتسَّعٌ
لما واريتُ خلفَ ثيابها
ممَّا اكتويتُ بهِ من الأهواءِ
ضاقَ بصرختي جسَدي
وحمحمَ كاحلُ الينبوعِ فيَّ
وضَجَّ في قدميَّ
رقصُ عواصفٍ حمراءَ في أعلى شراييني وفي عينيَّ
لا غاوٍ سيتبَعُني
ولا وادٍ أهيمُ بهِ ولا فيهِ سوى عَينَيْ حبيبي
كُلُّ عُشَّاقي ذئابٌ يقتفونَ عبيرَ قلبي بالمخالبِ والعُواءِ
وكُلُّهم وغدٌ وأعمى القلبِ
عُشَّاقي كِلابٌ ليسَ يختلفونَ فيما بينهم
إلَّا على أسرارِ رائحتي وعاطفتي
أنا ابنةُ حزنِ أنكيدو
وقلبي لا يُجيدَ الصمتَ
كيفَ إذنْ يُذوِّبُ ما يشاءُ من القرنفلِ
في مداراتِ السرابِ اللا نهائيِّ؟
اشتهيتُ أو انتهيتُ أو انتهى فيَّ الغيابْ.
**
غصانُ ميدوزا
للذكرياتِ فقاعةٌ شَمسيَّةٌ
فيها يعيشُ القلبُ منذُ طفولةِ النعناعِ
كيفَ إذنْ أُخلِّصُهُ وما لي بالشموسِ يدٌ
لتشربَ ما يُغرِّرُ بي من الأضواءِ
وهيَ كرغوةٍ مخمورةِ الإيقاعِ تصعدُ نحوَ أنفاسي
وما تنفَكُّ أن تنحلَّ قابَ فمي كأيِّ فراشةٍ بيضاءِ؟
كيفَ أعيدُ ترتيبَ الزهورِ على الشهورِ
ولا يكمِّمني عويلُ الريحِ في الأعلى
ولا أغصانُ ميدوزا تسمِّمني؟
سيبكي آبُ يوما ما على لوركا..
وتحملُ قلبَهُ في فضَّةِ الأنهارِ شمسُ ترابْ.
**
قبضُ سراب
حفيفُ خيالكِ الشتويِّ دقَّ النوافذَ وهو يهمي أو يهيمُ
انتبهتُ وكانَ حلمي من رمادِ السنينِ إليهِ
يُفلتُ من وصايا الطيورِ المدلهمَّةِ في الغيومِ
الظنونُ تخبُّ بي.. جسمي ملاذُ البحارِ وقُبَّراتِ الحُبِّ
روحي السماءُ وصوتُها.. عينايَ ماءُ المرايا
هل تسرَّبَ منكِ...؟ كلَّا
فمي أضحى هواءً وانتظاراً
لقبلتكِ البعيدةِ واشتهائي
لقبضتكِ الصغيرةِ..
لا هشيمٌ سواكِ الآنَ يعوي في دمائي
يدايَ على صليبِ الشوكِ ليلاً
بنفسجتانِ من نارِ الغناءِ
قبضتُ من السرابِ على حياةٍ
ومن ريحِ الغيابِ على نساءِ
حفيفُ خيالكِ الشتويِّ يهمي
ثلوجَ الوردِ في أقصى الجحيمِ
فيصرخُ بالندى دثِّرْ عظامي
فأصرخُ دثِّريني بالنجومِ.
**
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق