لا شيء/ الدكتور رافد علاء الخزاعي

نقلب قنوات التلفاز بالريموت كونترول ونبقى تصيبنا الصفنة والدهشة  للحظات وننتقل بعدهامن  قناة الى اخرى والى لحظة نستقر على قناة وبعدها عندما يسالنا احدهم  ماذا تشاهدون نقول لا شيء
نقلب صفحات الجرائد العديدة  وتصدمنا بعصف ذهني سريع ونقلبها بسرعة مرة نصفن على الصورة ومرة اخرى  على اسم الكاتب او مصدر الخبر او عنوانه ونندهش مرة اخرى في اوهام وهواجس بين كلمات ما بين السطور ونحن نرتشف كوب الشاي او فنجان القهوة وبعدها نقول لا شيء
نخرج بالسيارة نجوب الطرق توقفنا السيطرات التي حفظنا  وجوه الجنود والشرطة بل حتى حفظناوجهوهم واسمائهم  ووجوه المتسولين وهم يغييرون اماكن تواجدهم وطرق تسولهم وباعة المناديل والعلكة وغيرهم وحفظنا الشوارع والطسات وبعدها نعود للبيت ونقول لاشيء
 نذهب الى العمل نسمع أهات الناس والمرضى  ومشاكلهم ومعاناته وتعاملهم مع المرض ومعانات مرافقيهم   وكل منهم  يحمل قصة  جديدة ونبداء النصح لهم  واعطاء العلاج  وبعضهم نشخصه بمرض خطير ولكن من دواعي اخلاقية وانسانية نقول له بسيطة لاشيء انه السرطان او الذبحة  ورغم قسوة الخبر ننصحه بالاستمرار على العلاج والمتابعة من اجل بث امل الحياة ونعود للبيت ويسالنا الاطفال كيف العمل نقول لاشيء
 نتابع احوال الوطن تفاهات السياسين  واقاويلهم المجنونة المبرمجة لقتلنا وسلبنا حريتنا وزرع هواجس الخوف من الاخرين وزرع عدم الثقة  بين مكونات الشعب المنكوب بلعنة النفط والباحثين عن الجنة وتنعكس معها التهجير في الوطن وصور الدم وبكاء الاطفال اليتامى وصيحات الارامل الثكلى  والامهات المفجوعات بفقدان الاحبة والاصدقاء وعندما نسال نجيب على الفور لا شيء
 كل وزير ومدير عام  يرى الماسي والاحباط في العمل ومعاناة الناس واطفال الشوارع والاطفال المتسربين من المدراس وعوائل تسكن مدن الصفيح والتجاوز  ومرضى مهملين نتيجة نقص الدواء او الخدمة الصحية المطلوبة وانشار اوبئة تحررنا منها وعادت تطاردنا من جديد تزيد عدد المعاقين والمعاناة لعوائل استهلكتها الحروب والسياسات الرعناء  الحاكمة
 وسيارات مفخخة ومحافظات خارج السيطرة وبعدها يطلع من يصرح علينا لاشيء تداعيات وقت الغفلة نعم لاشيء لاننا غفلنا عن مشاكل كثيرة نتج عنها  تدهور مستمر في التربية والتعليم والاعلام ومشاكل السكن والمجتمع والعدالة الاجتماعية الشاملة وبهكذا اصبحت حياتنا لاشيء
سفرة طلابية في قارب تبتلعهم المياه او عائلة في نزهه يبتلعهم النهر او ركاب سيارة يبتلعهم الاسفلت او شباب تبتلعهم الحبوب المهيجة والمؤثرة عقليا وبعدها نقول لاشيء
 شياطين المنابر يبثون السموم الفكرية التي تفرق الامة وتزيد عتمة  من الفهم الصحيح للدين وتطبيقاته الخطائة يامرؤن الناس بالصيام عن الطعام ولكن لايامرؤنهم بالصوم  عن القتل والدم وانتهاك الاعراض وهكذا نرى رمضان دموي في العراق وسوريا وفلسطين ومصر وليبيا والسودان وباكستان  وافغانستان ومالي وتنزانيا والجزائر انه تيار الدم الاسلامي الذي واجبه يامر بالمعروف وينهي عن المنكر وبعدها يخرج علينا مفكر يقول لاشيء انها تداعيات صيرورة الامة وبنائها في الفوضى الخلاقة ونكرر معه بعقول منومة مغناطيسيا وطائفيا وتاريخيا نعم لاشيء
هل اصبحت حياتنا لاشيء ولماذا نصر بهروبنا نحو الماضي  والتاريخ السابق  لنكون جزء من الماضي ومن يريد ان يبقى يعيش الماضي يصبح من ضمن لافتة مؤطرة بعنوان عربي واضح لا شيء
 عندما نريد ان صبح شيء واضح مؤثر و اوطاننا مؤثرة وبناءة ومزدهرة علينا ترك الماضي المفرق لنا ونبحث بين جوانبه لنجد متلاقيات فكرية تبني ولاتهدم افكار فلسفية مجتمعية معززة  تصنع امرأة تكون ام ناضجة تنتج  لنا جيل سؤي فعال ومتفهم لدوره ومسوؤليته  في بناء المستقبل.
 نحن بحاجة لثورة فكرية لايجاد مرجعية شاملة تكنون نبراس فلسفي واضح في بناء المجتمع القويم وايجاد حاجاته الملباة وفي العدالة الاجتماعية الشاملة المؤطرة بتعزيز الهوية الوطنية الجاذبة للانتماء.
 نحن بحاجة الى نظام تعليمي متجدد متطور يتغيير مع متطلبات المرحلة التي نعيشها نظام تعليمي يصنف الطلبة ويدرس ميولهم وقابيلتهم مبكرا لتكون بيئة تعليمة صديقة جاذبة وليست طاردة  او منتجة لجيش من الشباب المعطل المحبط نعم بيئة تعليميةيعيش في كنفها الطالب من اجل شيء اسمه صنع الفرصة الوظيفية نعم نظام تعليمي يلبي احتياجات المجتمع من اجل ديمومة التنمية المستدامة 
اعتقد انه الاذرع الثلاثة الاسرة المتمثلة بالام والمجتمع المتمثل بالمرجعية الفكرية التي تضع فلسفة البناء والنظام التعليمي المتكيف وفق هذه الفلسفة سيصنع نظام حكم مستقر وأمن وفق المسار الديمقراطي  المتواصل وهذه يمثل صيرورة الدولة الحديثة المنتجة الجاذبة والصاهرة للاثنيات والاديان والطائفية والاعراق ضمن الهوية الوطنية المرجوة المؤطرة بمشروع العدالة الاجتماعية الشاملة.
من يقراء سطوري سيقول بعدها لاشيء انها فلسفة سفططائية وهواجس واحلام وانها اسطوانة قديمة مشروخة وانها مجرد كلمات ضمن واقع مر دموي ولكن اقول ان كلماتي رغم مابها من حداثوية متجددة انها نفس افكار اخوان الصفا ونفس افكار ابن رشد ونفس افكار غوته  وافكار ماو وافكار اللبنات الاسياسية لبناء مشروع الهوية الوطنية الجاذبة الصاهرة للفوارق انها ستتراتيجية بناءة تمتد الى جيل جديد الى اربعين سنة قادة وفق خارطة طريق يضعها السياسين المتحاربين الان لبناء وطن لايمكن تفريقه واقتسامه
ربما يكون حلم لاشيء ولكننا بحاجة الى وطن هو الشيء الوحيد المتبقي الذي نعيش من اجله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق