إلى غبطة أبينا البطريرك الراعي: حضوركم المؤتمر المسيحي في أميركا يطرح أطناناً من علامات الاستفهام/ الياس بجاني

غبطة أبينا البطريرك بشارة الراعي،
لأن سيدنا المسيح طلب منا أن يكون كلامنا بنعم نعم، وبلا لا، أخاطبك في رسالتي هذه دون مقدمات ومباشرة متمنياً عليك بمحبة وصدق أن لا تشارك في المؤتمر المسيحي المقرر انعقاده في أميركا بعد أيام قليلة.
لماذا التمني هذا؟ لأن هذا المؤتمر قد أثار ولا يزال يثير رزماً من الشكوك الصفراوية والسوداء، وأطناناً من التساؤلات غير البريئة، وذلك على خلفيات عدة لجهة الانتماءات السياسية للداعين إليه، ومصادر التمويل، والأهداف والانتقائية في تعريف الإرهاب والإرهابيين، والمصالح الخاصة، والأجندات البترولية، وحلف الأقليات، وتطول القائمة.
سيدنا، آنت الراعي والمسؤول عن خرافك وخصوصاً الضالة منها حيث دعوتك الكهنوتية ونذوراتها (العفة والطاعة والفقر) تلزمك بذل الذات بفرح من أجل الآخرين، والشهادة للحق، وتسمية الأشياء بأسمائها دون مسايرة لمقامات البشر، ودون الأخذ بالاعتبار وضعهم المالي أو السلطوي أو الاجتماعي، وذلك عملاً بقول رسول الأمم: "لو أردت مسايرة مقامات الناس ما كنت عبداً للمسيح. (غلاطية01/10)
بالطبع ليس لدينا بالمحسوس والملموس ما يؤكد أو ينفي الاتهامات والشكوك التي توجه للمؤتمر ولرعاته ولمموليه وللأهداف المستترة المرجوة منه، ولكننا من موقعنا الماروني الاغترابي الإعلامي المتابع للشأن اللبناني في الوطن الأم وبلاد الانتشار على حد سواء، نأخذ بحدسنا الإيماني والوجداني والإعلامي كل هذه الاتهامات على محمل من الجد كون مطلقيها مشهود لهم بالجرأة والوطنية والشفافية وكرم العطاءات، كما بإخلاصهم للكنيسة ولثوابتها وبمحبتهم للبنان.
بالطبع، إنه من حق أي فرد كان (من غير أصحاب الدعوة الكهنوتية) أن يعقد المؤتمرات وأن يفعل ما يشاء في اطر الموالاة والمعارضة والتسويق والتجارة بهدف جني الربح المالي والسلطوي والتملق للحكام والمتمولين وأصحاب النفوذ الأرضيين طالما أنه متقيد بقوانين البلد الذي يمارس فيه أنشطته، ولكن وفي نفس الوقت المطلوب من المؤمنين أن لا يقعوا في التجربة مهما كان مصدرها ومهما كانت الإغراءات، وهنا يأتي دور الرعاة من أصحاب الدعوة، وهذا ما نطلبه من غبطتكم تحديداً.
نتمنى على غبطتكم وانتم بطريرك الموارنة المعروف تاريخياً بأنه ضمير لبنان وحامي ثوابت صرحنا البطريركي أن تحملوا السوط وتطردوا من مجتمعنا الماروني تحديداً تجار الهيكل والصيارفة والباعة والكتبة والفريسيين وكل الطرواديين.
يعلمنا كتابنا المقدس أنه من واجب الرعاة أن يحرسوا خرافهم وأن يردوا عنهم الذئاب المفترسة، وهذا ما نريده منكم.
من المؤسف يا غبطة البطريرك أن غالبية الذئاب المفترسة التي تهدد وطننا وكنيستنا هي من أهلنا أنفسهم الذين عبدوا مقتنيات الأرض من سلطة ومال ونفوذ وكفروا بالله وبتعاليمه.
هؤلاء الذئاب وبعد أن وقعوا في تجارب ابليس تحولوا إلى اسخريوتيين يجهدون لتقويض كيان لبنان القداسة، وتشويه رسالته الحضارية.
هؤلاء يا غبطة سيدنا البطريرك ليسوا منا، وبالتالي علينا واجب فضحهم ومواجهتهم بالإيمان والرجاء والشهادة للحق.
علينا أن نحذر الناس منهم ومن ابليسيتهم ونرد شرورهم بقوة الصليب وتعاليم المصلوب.
إن الله هو من يريد تعريتهم وفضح اعمالهم لأنهم ما كانوا منا: "خرجوا من بيننا وما كانوا منا، فلو كانوا منـا لبقوا معنا. ولكنهم خرجوا ليتضح أنهم ما كانوا كلهم منا" (رسالة يوحنا الأولى 02/19)
غبطة البطريرك، أنا الماروني قلباً وقالباَ وفكراً وثقافة وهوية وانتماء لن افقد الرجاء ومثلي كل المؤمنين، وهم كثر، ولكنني كما كل من لم يقتلوا حاسة النقد بداخلهم ولا استسلموا لليأس والقنوط حزين على ما حل بنا نحن الموارنة من فرقة وتشتت وابتعاد عن ثوابت كنيستنا التي أعطي لها مجد لبنان، وما أصاب وطن الأرز والقداسة من هيمنة غريبة وجاحدة على قراره ومقدراته وحرية وكرامة إنسانه.
أخاطبك إيمانياً متمنياً عليك مراجعة قرار حضورك المؤتمر إياه، وأنا من أكثر منتقدي خياراتك السياسية.
أخاطبك على خلفية إيمانية راسخة مستوحاة من قول السيد المسيح للكتبة والفريسيين الذين طلبوا منه إسكات تلاميذه: "لو سكت هؤلاء لتكلمت الحجارة".
في السياق الإيماني لواجبات الرعاة جاء في رسالة القديس بطرس الأولى/05/01حتى04): " أما الشيوخ الذين بينكم فأناشدهم، أنا الشيخ مثلهم والشاهد لآلام المسيح وشريك المجد الذي سيظهر قريبا، أن يرعوا رعية الله التي في عنايتهم ويحرسوها طوعا لا جبرا، كما يريد الله، لا رغبة في مكسب خسيس، بل بحماسة. ولا تتسلطوا على الذين هم في عنايتكم، بل كونوا قدوة للرعية. ومتى ظهر راعي الرعاة تنالون إكليلا من المجد لا يذبل".
يبقى أنه على كل منا واجبات على مقدار وزناته ومواهبه التي مجاناً وهبها لنا الله، ومن يقوم بها لا يستحق الشكر: "كذلك أنتم أيضا، متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا: إننا عبيد بطالون، لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينا" (17/10).
ولكم منا يا غبطة أبينا البطريرك كل احترام وتقدير
الياس بجاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق