لا شك بأننا اذا اردنا أن نحكم على أي برلمان ما اذا كان يمثل بالفعل ارادة الشعب ,او يعمل دون وجه حق باسمه ,كأن يتم استخدامه كواجهة مزيفة تستخدمه السلطة الحاكمة أي كانت بمثابة الديكور, فانه لا بد من التطرق الى المعايير التي تمكننا الحكم على ذلك من بينها, بل وأهمها ان يكون البرلمان منتخبا,وانه الوحيد المخول في سن وتشريع القوانين ومراقبة تنفيذها وكذلك حق المسائلة ,على ان تحدد ايضا مدة العضوية في البرلمان من حيث ممارسة نيابته لإجراء انتخابات مجددة يتسنى للناخب خلالها الحكم على صلاحية النائب من عدم صلاحيته .
وبالنظر الى احكام مشروع الدستور المؤقت ,والاطلاع ايضا على قانون الانتخابات العامة لسنة 2005 , فانه حدد وبشكل اوضح مهام وصلاحيات وولاية المجلس طبقا لما نصت عليه قوانين المجتمعات الديمقراطية , ولكن هل ما نص عليه الدستور الفلسطيني المؤقت نظريا يتم الأخذ به تطبيقا ممن جاءوا افتراضا لحمايته؟.
ان المحاسبة وهي إحدى الوظائف الأساسية للسلطة التشريعية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوظيفة الرقابة؛ فالسلطة التشريعية تمتلك الحق في استجواب أعضاء السلطة التنفيذية ومراجعتهم، وتمتلك الحق في رفع توصياتها بحجب الثقة سواء عن الحكومة ككل, أو عن بعض الأشخاص في الحكومة، وتمتلك ايضا حق الطلب من بعض الأشخاص في السلطة التنفيذية أن يقدموا استقالتهم إذا ثبت بحقهم أي مخالفات ,فهل امتلك أي من اعضاء المجلس التشريعي الجرأة في تحقيق ذلك ,او المطالبة في تطبيقه ,او ان انتمائه الحزبي قد ابعده عما اقسم عليه؟, واذا ما فشل عضو المجلس التشريعي القيام بواجباته فهل يمكن القبول بما يقدمه من تبريرات وهي شماعة الانقسام؟, ام ان الانقسام وحده سبب كاف وهام لتقديم استقالته لوضع الجميع امام مسئولياتهم من الرئاسة مرورا بالحكومة والتنظيمات في ظل مطالبة الجماهير بحقها الدستوري في فرض الانتخابات؟,او ان ما يتقاضاه النائب باسم الشعب, ومن ماله ,جعله يقاتل هذا الشعب ليتحول من مراقب لحماية مصالحه الى محارب له ومراقب ومشرف على عمليات قمعه وتكبيله لترويعه ومنعه من المطالبة بحقوقه بما نص له الدستور من حقوق؟.
صحيح ان ما يتقاضاه السيد النائب حق له وفقا لما اشارت اليه المادة الثالثة من قانون مكافآت ورواتب اعضاء المجلس التشريعي , حيث انه يتقاضى مكافأة شهرية وبدل مهمات عن جلسات المجلس ولجانه تم تحديدها بثلاثة الاف دولار ,مع إعفاء جمركي لسيارة له يتولى المجلس تأمينها وترخيصها وصيانتها طيلة مدة العضوية ,بالإضافة الى جواز سفر دبلوماسي دائم , ولكن هل يستحق النائب ذلك في ظل تقاعسه عن أداء مهامه وعدم التزامه بيمن القسم والاخلاص ,حيث يبلغ مجموع ما تقاضاه النائب الواحد في المجلس التشريعي تحت بند المكافأة منذ 2006 وحتى منتصف عام 2015 (324 ألف دولار)او ما يزيد وفقا لعملية حسابية بسيطة, أي أن مكافآت السادة النواب مجتمعين خلال هذه الفترة تصل إلى اكثر من( 42 مليون و 768ألف دولار) وهي كرواتب لهم فقط ,ناهيك عما يتقاضاه النائب من اعمال اخرى رغم عدم مشروعية تلك الاعمال لتعارضها مع أحكام ا لقانون المنظم لواجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رقم (10) لسنة (2004)، وتحديداً المادة (7) منه التي تنص على :”لا يجوز للعضو تولّي أي أعمال وظيفية أو استشارية لدى أية جهة كانت مقابل أجر” وبإمكان المتتبع القاء نظرة استقرائية لقوائم مجلس امناء الجامعات او هيئتها التدريسية ليرى بوضوح ما يجري من انتهاك ليس بحق الدستور او النظام الاساسي للمجلس التشريعي فقط ,بل بحق الشعب المغلوب على امره ,فهل يستحق السيد النائب هذا المبلغ من قوت الشعب ودماء شهدائه وأنات جرحاه ؟,الا يخجل بعض اعضاء المجلس التشريعي من انفسهم وخاصة هؤلاء الذين يعملون في وظائف اخرى اذا ما قارنوا دخلهم بالمواطن العادي من وبما تتحصل عليه اسرة الشهيد ,او زوجة الأسير, او الجريح في وهم لا يمارسون دورهم في التشريع والرقابة ايضا؟.
مطلوب منهم أن يؤدوا عملاً مقابل الأموال الضخمة التي يأخذونها من قوت الشعب بمناضليه وفقرائه ,واما فما عليهم الا الاستقالة الجماعية, كما يجب إعادة النظر في هذه المخصصات التي يتلقونها وخاصة انهم يكرسون الانقسام ويعملون على ان يبقى الشعب في فرقة لمصلحة التنظيمات التي ينتمون اليها ويعملون على ترويع كل من يخالف مواقفهم السياسية .
على جميع اعضاء المجلس التشريعي ,وهنا لا استثني احدا الخجل من انفسهم ومغادرة مواقعهم التي احتلوها عنوة لأكثر من اريع سنوات والا فهم يصرون على الابقاء على انفسهم وكأنهم في مجلس ترويعي مهمته ترويع الابرياء وكبت حرياتهم مع المس ولكن عليهم ان يعلموا ان طال وجودهم بان الانفجار قادم حتما مهما طال الزمن.
ماجد هديب
كاتب فلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق