تغص الأجندة العالمية بالأيام التي تمجد الإنسان وأعماله، ولا يكاد يمر يوم إلا ويكون فيه مناسبة عالمية؛ من اليوم العالمي للمحافظة على البيئة إلى يوم الطفل إلى يوم المرأة إلى يوم مكافحة التمييز العنصري.. حتى السعادة لها يوم، والربيع والشعر كذلك، وأشياء أخر، ومهما خطر على بالك ستجد له يوما في المفكرة العالمية!
واليوم الثالث من أيار هو اليوم العالمي لحرية الصحافة، ولكن، يبدو أنه لا حرية صحافة في العالم كله، فالصحافة والإعلام غير نزيهين ومسيطر عليهما بالمال والمنصب وقوة الإشارة القادمة من هناك!
فهل يطيب لأحد الحديث عن حرية الصحافة والإعلام وهو يرى أنهما لا يراعيان الأخلاق المهنية الصحفية والإعلامية في التغطيات الإعلامية؛ فتهمش قضايا ويعلى من شأن أخرى، تبعا لقوة الإشارة القادمة من هناك أيضا!
وكيف يمكن الحديث عن هذا المعنى الإنشائي الخيالي ونحن نرى أنْ لا صحافة تفتح صفحاتها للكتّاب الجدد الا بصفحات "بريد القراء" وإذا توفرت مساحة مناسبة شريطة ألا تؤثر على الإعلانات التجارية والأخبار الفنية والرياضية وسمعة البلد السياسي والأمن القومي، لأن ذلك سيتعارض بالتأكيد مع قوة الإشارة القادمة من هناك كذلك!
وهل بالإمكان أن يكون هناك صحافة حرة ونحن نشاهد أنه لا صحافة ولا إعلام يعرضان الخبر غير مشوه أو مدبلج أم ملعوب فيه بتقنيات عالية جدا، تبعا لقوة الإشارة القادمة من هناك للمرة الرابعة على التوالي!
وكيف يمكن لطلبة المدارس والحقوق والصحفيين الطلاب والمقبلين على الحياة الصحفية أن يصدقوا أن هناك حرية صحافة وإعلام والسجون ملأى بالصحفيين والمحاكم ما زلت تفرض الأحكام والغرامات وتصادر الحريات وتزج بالسجون والمنافي كل المخالفين من الصحافيين في العالم أجمع إما بتهمة الإرهاب وإما بتهمة معاداة السامية! وكلما أرادوا أن يتسامحوا مع الفكرة الخيالية هذه تذكروا الصحفي العراقي منتظر الزيدي صاحب القضية المشهورة، ليس لأن الزيدي خالف قوة الإشارة القادمة من هنا ومن هنالك هو الآخر!
وكيف لجيل جديد من الصحفيين أن يستسلم لفكرة الإخلاص للموضوعية والحرية وهو لا يرى حرية صحافة ولا حرية إعلام وكلما حاول استعادة الفكرة من دوائر الفلك سطعت شواهد الشهداء تصرخ بأوجاع ساكنيها من الصحفيين، كسمير قصير وأطوار بهجت وقبلهما ناجي العلي، والقائمة معروفة ومعدة جيدا من مُصْدري قوة الإشارة القادمة من هناك!
وهل ستظل هناك حرية للصحافة والإعلام والناس أنفسهم يصنعون التزوير ويسوقون للتزوير ويصفقون للعبث، ويقرؤون يوميا لمئات من اللصوص المتكاثرين في هوامش الصحافة ومتنها تكاثر البعوض يسرقون جهود المهمشين وصغار الكتاب والصحفيين بحجج واهية، أقلها سقوطا ما جاء من لدن الإشارة القادمة من هناك، لتتحكم بكل ما هو هنا وهناك!
كيف ستتجرأ الأمم المتحدة على المناداة بيوم عالمي لحرية الصحافة والإعلام وكل البلاد مستباحة يلتهمها الغول حتى وهي في بطن الغول، فقد خبأ الغول الكبير مجموعة غيلان داخله تآمرت على الكون كله ليكون كونا غير حر وغير نزيه! إذ تفرض الإشارة قوتها من هناك!
فهل بقي من قوة لغة ومنطق لننادي بحرية الصحافة، علينا أولا أن نوقف سيل الإشارة القادمة من هناك، ليتحرر الكل هنا وهناك من سيطرة التدجين والتخريب، ساعتها، لسنا بحاجة لننادي باليوم العالمي لحرية الصحافة والعمل الصحفي!
وكل عام ويوم والصحافة والصحفيون بخير عميم وحرية حرّة متحررة من كل المناسبات التي تقيدها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق