يحملني كل يوم ،في وقت متأخر من الليل ، ويشرع في كتابة مقاله اليومي، على مسمع مني، وأمام عيني...يخط كلامه التافه الذي اعتاد أن يردده لوحده، ثم يبدي الاعجاب بنفسه...أخبرتني الاوراق البيضاء التي يكتب عليها مقالاته، أنها أكثر ألما مني، ليس لأنها تحمل على ظهرها كلامه البائس وافكاره الباهتة! وإنما بسبب أنانيته ونكرانه للجميل ، ففي المساء يكتب مقاله ، وفي الصباح على الساعة العاشرة يمزق الورقة ويرميها في سلة المهملات، لأن مقاله نشر في الصحيفة الكبرى بجانب صورته.... يقول مفتخرا:ـ مثل مقالاتي السابقة سيثير ضجة وسيرد عليه كتابنا الأعزاء، أما القراء فلا يهمني رأيهم! أتمنى من كل قلبي أن يمرض حتى يستريح الناس من تفاهاته، يمرض شهرا أو شهرين، لم أسمع بكاتب مثله! يفتخر دائما بنفسه: أنا كاتب وبقلمي سأغير هذه الأمة ...كانت ابنته الصغيرة تقول مبتسمة:ـ بابا أنت مخطئ! كيف تغير أمة واجهت أعتى الأعاصير ولم تزلزلها أشد المحن! والتغيير لا يتم بالسخرية من ماضيها والغمز في تراثها العظيم! تمنيت يا أبي لوأن قلمك هذا يكتب أيضا أشياء جميلة! فأنت لا ترى إلا السيء! أنت لا تكتب الا عن المستهجن والمخيف والمظلم والغامض...فيصرخ في وججها :ـ أنا أكثر الكتاب حبا لأمتي ،لأن الطبيب الذي يكتم المرض عن مريضه ليس بطبيب! ....لكن يا أبي المريض يحتاج أيضا الى المواساة والتفهم .... كان دائما يناقش ابنته الصغيرة أو زوجته فيما يكتب.... ورغم ذلك فإني أتمنى له المرض فقط وليس الموت لأني تعودت عليه وألفني ، ولم يكتب بقلم غيري ،أو اشترى حاسوبا وهذا الشيء الرائع فيه، الوفاء!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق