الدائرة الأولى - المتفق:المتقارب والمتدارك بعموديهما وتفعيلتيهما/ كريم مرزة الأسدي

الدائرة الأولى - المتفق :
 وجاء اسمها وفقاً لاتفاق أجزائها  التي تتألف من تفعيلتين خماسيتين - حسب تقديم أو تأخير الوتد المجموع بالنسبة للسبب الخفيف , وهما المكونان لهما - تتكرران, وتشكل بحرين شائعين :

أ - البحر الأول المتقارب :

وحدته التفعيلية : فعولن 
أجزاؤه ثمانية   : فعولن فعولن فعولن فعولن *** فعولن فعولن فعولن فعولن
الضابط الإيقاعي : عن المتقارب قال الخليل *** فعولن فعولن فعولن فعولن  
 سمي البحر بالمتقارب ؛ لقرب أوتاده من أسبابه ، فبين كل وتدين سبب خفيف واحد، وقيل أيضاً لتقارب أجزائه ( تفعيلاته) ،  لتماثلها وعدم طولها، فكلها خماسية .
وتتكرر فيه (فعولن //ه/ه) ثمان مرات , بالمقاطع (ب - - ) ثمان مرات , وبالترقيم ( 3 2 ) ثمان مرات , من جوازاته , فعولن تصبح : فعول , فعل , فع , عولن , عول , فقد يحذف ساكن السبب في حشو البيت , أي بالمقاطع (- تصبح ب ) , وبالترقيم ( 2 تصبح 1 ) , أو يحذف أحد الأسباب خصوصا في حشو الصدر , أي تحذف ما يمثله في النظام المقطعي ( -) , أو العروض الرقمي ( 2 ) , وهذا التغيير ليس ملزماً في كل أبيات القصيدة , أما التغيرات التي تحدث في عروض أو ضرب البيت فهي ملزمة لجميع أبيات القصيدة  - ذكرنا هذا سابقا - وللمتقارب عروضتان الأولى صحيحة  (فعولن ) , ولها أربعة أضرب , صحيح مثلها (فعولن ), ومقصور (فعُولُ), ومحذوف ( فعَلْ ) عوض ( فَعُو ) , وأبتر (فعُ ) , أما العروضة الثانية فهي مجزوءة محذوفة , ولها ضربان , الأول مثلها , والثاني مجزوء أبتر .
 1 - مثال على العروضة الصحيحة (فعولن ) : 
 والضرب الصحيح (فعولن ) : 
وكنّا    نعدّكَ       للنائباتِ **** فها   نحن  نطلب     منك   الأمانا
وكن نا / نعدْد    / كللْ نا    / ئباتي ***فهانحـْ / نُنطْ لُ / بُمنـْ كلْ/ أمانا
فعولن  /فعول   /فعولن /    فعولن *** فعولن /     فعول  / فعولن / فعولن
//ه/ه      //ه/      //ه/ه   //ه/ه   ***  //ه/ه     //ه/        //ه/ه        //ه/ه
نظام(ب - -)(ب - ب)(ب- -)(ب- -)  **** (ب - -) (ب - ب) (ب - - )  (ب -- )  المقاطع
العروض 3 2    3 1     3  2     3 2  ***  3  2     3  1     3 2     3  2 

ومثال آخر من العروضة الصحيحة و الضرب المقصور (فعولْ):
وَيَأْوِيْ إِلَى نِسْوَةٍ بائِسَاتٍ *****  وَشُعْثٍ مَراضِيْعَ مِثْلِ السَّعَاْلْ
ويأوي  / إلى نسْ /وتن با / ئساتن** وشع ثن/مراضي / عمث لسْ / سعالْ
فعولن    فعولن     فعولن    فعولن ** فعولن    فعولن      فعولن       فعولْ 
ومثال عن العروضة الصحيحة ، والضرب المحذوف (فعل) ، من قصيدة لكاتب هذه  السطور مطولة ، المطلع مصرّع :
أتبقى رهين الأسى والأسرْ ** وتسهرُ ليلكَ حتّى السحرْ
أتبقى / رهيْ نلْ / أسى ولْ / أسرْ ** وتس ْـهَ / رُ ليْ لَ /  كَ حتْ تلْ / ىسحرْ
فعولن / فعولن / فعولن / فعلْ ***** فعولُ /  فعولُ / فعولن / فعلْ  
يطلُّ عليكَ الصباحُ الكئيب ***  تصارع فيهِ نفاق البشرْ     
 مثال العروضة الصحيحة والضرب الأبتر (فع) :
خليليّ عوجا على رسم دارٍ * ***** خلتْ من سليمى ومن ميّةْ
خليلي / يعوجا/  على رسّ / مدارن ** خلتْ من / سليمى / ومن ميْ / يهْ
فعولن    فعولن    فعولن       فعولن **  فعولن     فعولن     فعولن    فعْ      

2 -  مثال العروضة الثانية المجزوءة المحذوفة , وضربهاالمجزوء الأبتر - كما لا يخفى أن البيت المجزوء , هو الذي سقطت منه تفعيلتا عروضه وضربه , والمحذوف تتقلص فعولن الى فعو وتتحول الى فعلْ , والأبتر تتحول فيه فعولن الى فعْ  -  إليك البيت المثل :
تعفـّف      ولا      تبتئسْ  *** فما     يُقْضَ       يأتيكا
تعفْ فف    ولا تبـْ    تئسْ *** فما يقـْ   ـضيأْتي   ـكا
فعولن       فعولن     فعلْ  *** فعولن     فعولن     فع
//ه/ه        //ه/ه       //ه  *** //ه/ه       //ه/ه      /ه
نظام (ب - -) (ب - -)  (ب - ) *** (ب - - ) (ب - - ) (- )  المقاطع 
العروض 3 2     3 2      3  ****  3 2        3 2     2 الرقمي

ووردت تفعيلت ( فعولن ) ، وجوازاتها في  الشعر الحر (شعر التفعيلة) ، ومن أمثلتها قول محمود درويش من قصيدة ( إلى أمي) :
أحن إلى خبز أمّي
وقهْوَة أمّي
ولمسَة أمي ... 
وتكبر فِيَّ الطفولة ُ
يوما على صدر أمّي
وأعشق عمري لأنّي
إذا متُّ 
أخجل من دمع أمّي

فعولُ فعولن فعولن
فعولُ  فعولن
فعولُ فعولن
فعول فعولن فعولن
ــعولن فعولن فعولن
فعول فعولن فعولن
فعولن فـ
ــعولُ فعولن فعولن
كما  ترى وردت تفعيلتان ( فعولن ، فعولُ) من المتقارب  ، وعدد التفعيلات في الشطر الواحد غير متساوية ، والأبيات مدورة .  


ب - البحر الثاني - المتدارك :

وحدته التفعيلية : فاعلن 
أجزاؤه  ثمانية : فَاْعِلُنْ فَاْعِلُنْ فَاْعِلُنْ فَاْعِلُنْ ** فَاْعِلُنْ فَاْعِلُنْ فَاْعِلُنْ فَاْعِلُنْ
الضابط الإيقاعي  المتدارك : حَرَكَاتُ الْمُحْدَثِ تَنْتَقِلُ ** فَعِلُنْ فَعِلُنْ فَعِلُنْ فَعِلُ
يستعمل البحر المتدارك تاما ومجزوءا.
سبب تسمية البحر المتدارك بهذا الاسم :
سُمِّيَ المتدارَك بهذا الاسم؛ لأن الأخفش الأوسط تدارك به على الخليل الذي أهمله، ويُسَمَّى أيضا بالمتدارِك لأنه تدارك بحر المتقارب أي التحق به، وذلك لأنه خرج منه بتقديم السبب على الوتد. ومنهم من يسميه المحدث لحداثة عهده، أو المخترع لأن الأخفش اخترعه فهو لم يكن ضمن البحور التي استقرأها الخليل من الشعر العربي، ويسميه بعضهم المتَّسق؛ لأن كل أجزائه على خمسة أحرف، والشقيق لأنه أخو المتقارب إذ كل منهما مكون من سبب خفيف ووتد مجموع.
 وتتكرر فيه ( فاعلن /ه//ه ) ثمان مرات , بالمقاطع (- ب - ) ثمان مرات , بالترقيم (2 3 ) ثمان مرات .
 من جوازاته , فاعلن : تصبح فعِلن (الخبن) , وهو زحاف شائع فيه , و تصبح أيضا فعْلن (التشعيث) وهي علة القطع , قد تأتي في الحشو أو العروض أو الضرب , ، ومن جوازته في الحشو (فاعلُ /ه//) . ولكن مشكلة هذا الزحاف ، إذا عقبت تفعليته المزاحفة ، تفعيلة أخرى مزاحفة بالخبن ( فعِلن ///ه) ،  فتجتمع خمس حركات ويسقط الشعر ( /0// ///ه) ، ولكن استعمل هذا الجواز بشكل سليم  الحصري القيرواني صاحب ( يا ليل : الصبُّ) في بيت له من قصيدة أخرى قائلاً :
يا هاروتيَّ الطرف ترى  ** * كمْ لكَ بعْثاتٌ في العُقدِ    
( كمْ لكَ = فاعلُ ) ، وجاء بعدها( بعْ ثا /ه/ه ) ، لا يجوز هنا أن تكون العين متحركة ، وإلا اجتمعت خمس حركات ، فيسقط الشعر !!   
 يُعتبر المتدارك بحراً سريعاً ، تزداد سرعته في حالة الخبن ، وتقل في عند تشعيثه ، ولكنه يبقى سريعاً ، لذا هو يصلح للحركات الراقصة المجنونة .   
والمتدارك يستعمل تاماً ومجزوءاً ومنهوكاً , له عروضان  , وأربعة أضرب . 
العروضة الأولى في التام  صحيحة (فاعلن ) , وضربها مثلها (فاعلن ) ، مثال :
لَمْ يَدَعْ مَنْ مَضَىْ للَّذِيْ قَدْ غَبَرْ **** فَضْلَ عِلْمٍ سِوَىْ أخْذِهِ بِاَلأَثَرْ
لمْ يَدَعْ مَنْ مَضَىْ لِلْ لَذِيْ قَدْ غَبَرْ *****فَضْلَ عِلْـ مِنْ سِوَىْ أَخْذِهِيْ بِلْـ أَثَرْ
  فاعِلُن  فاعِلُن     فاعِلُن   فاعِلُن  ***** فاعِلُن    فاعِلُن   فاعِلُن   فاعِلُن
/ه//ه   /ه//ه    /ه//ه    /ه//ه  ***** ** /ه//ه    /ه//ه    /ه//ه    /ه//ه 
 ــ ٮ ــ   ــ ٮ ــ  ــ ٮ ــ   ــ ٮ ــ *****   ــ ٮ ــ   ــ ٮ ــ  ــ ٮ ــ   ــ ٮ ــ
32     32      32          32      ***    32     32      32         32       
وهذا مطلع قصيدة الحصري القيرواني  من المتدارك  التام وقد وقد وردت العروضة مخبونة ، وضربها مثلها مخبون ، بل قد ورد التشعيث أيضاً في الحشو ، وكل هذه التغييرات حسنة في المتدارك ، وتزيد سرعة البحر ، ومن هنا جاء سريعاً راقصاً :
يا ليلُ : الصبُّ متى غدُهُ  *** أقيامُ الساعةِ موعدُهُ
ياليْ  لصْ صبْ بمتى غدُهو **** أقيا مسْ سا عتمو عدُهو
/ه/ه     /ه/ه    ///ه   ///ه  *****///ه   /ه/ه      ///ه   ///ه
- -     - -    ب ب -    ب ب -  **   ب ب -    - -    ب ب -     ب ب -
2 2  2 2   4 (1 3 )  4 ( 1 3) **4 (1 3 )  2 2  4 (1 3 )  4 ( 1 3)
انظر رجاء دخل التشعيث على التغعيلات الأولى والثانية والسادسة ، أما بقية التفعيلات ، فدخلها الخبن .          
 والعروضة الثانية من البحر المتدارك  مجزوءة صحيحة (فاعلن ) , وأضربها ، إما صحيح مثلها (فاعلن ) , أو ينتهي بالترفيل (فاعِلاتن)  ، وقد يأتي الترفيل مخبون (فعلاتن) , أو بالتذييل (فاعلان) ، مثال على الترفيل :  
لاتَكُنْ لِلْجَوَى نَاْصِحًا  ******* يُعْجِزُ الطِّبَّ مَيْتُ الْغَرَاْمِ
لا تكن   للْ جوى  ناصحن *** يعْ جزط  طبْ بمي  تل غرامي 
فاعلن   فاعلن      فاعلن  *** فاعلن     فاعلن      فاعلاتن
/ه//ه    /ه//ه       /ه//ه ***  /ه//ه      /ه//ه       /ه//ه/ه
- ب -   - ب -  - ب - *****   - ب -   - ب -    - ب - -
2 3   2 3    2 3  *****     2 3      2 3      2 3 2 

 مثال على المجزوء المذيل :
هذه      دارهمْ     أقفرتْ  *** أم     زبورٌ    محتها      الدّهورْ
هاذهي   دارهمْ     أقْ فرتْ **** أمْ زبو      رن محتـ    ـهدْ دهور
فاعلن   فاعلن      فاعلن  *** فاعلن         فاعلن       فاعلان
/ه//ه     /ه//ه       /ه//ه   ***  /ه//ه        /ه//ه          /ه//ه ه
نظام (- ب -)(- ب -) (- ب -)  *** (- ب -) ( - ب - )    (- ب ^ )  المقاطع
العروض 2  3    2 3     2 3  *** 2 3      2 3       2 3 ه الرقمي
الشاعر نزار قباني كثيرا ما استعمل هذا البحر بمخبون تفعيلاته  لزيادة سرعته ، فأصبحت موسيقاه  قابلة للتلحين الجميل ، والغناء الطروب ، فتهافت المغنون والمغنيات على شعره من فيروز وعبد الحليم حتى كاظم الساهر :
الآن الآن وليس غداً 
أجراس العودة فلتقرع 
ال أا  نل أا  نوَلي  سغدن
/ه/ه  /ه/ه  ///ه    ///ه
فْعْلن   فعْلن  فعِلن فعِلن
أجْرا  سلْ عو  دتِفلْ   تقْ رعْ
/ه/ ه  /ه/ه      ///ه   / ه/ه
فعْلن   فعْلن     فعِلن  فعْلن

وقصيدته (قارئة الفنجان) :
جلستْ والخوفُ بعينيها 
تتأمّلُ  فنجاني المقلوبْ
اشتقتُ إليكَ فعلّمني أنْ لا أشتاق
جلستْ  ولْ خو فبعيْ نيْها
///ه      /ه/ه    ///ه /ه/ه
فعِلن   فعْلن     فعِلن   فعْلن
تتأمْ   ملفن     جانل  مق لوبْ
///ه   ///ه       /ه/ه   /ه/ه ه
فعِلن    فعِلن    فعْلن    فعلان
إِشْ تقْ تإلي   كفعلْ  لمْني   أنْ لا  أشْتاق               
/ه/ه    ///ه     ///ه  /ه/ه        /ه/ه  /ه/ه ه
فعْلن    فعِلن   فعِلن   فعْلن      فعْلن  فعلان 
وستبقى (فعلان )  ملازمة  للقصيدة حتى نهايتها، وهي  تفعيلة التذييل (فاعلان) دخل عليها الخبن . 

واستخدمت نازك الملائكة المتدارك خماسي التفعيلات ، ويمثل ذلك قولها في قصيدة (أغنية لطفلي) ماما ماما ماما ماما 
براق الحلو اللثغة ينوي النوما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق