يحفل تاريخ الصراع العربي الصهيوني بالممارسات الصهيونية المتفردة بالنذالة .. ولعل ما يستثير الشجون في مقاربة قضية المجاهد البطل "أحمد الدقامسة" هو تلك المقولات المستفزة التي لا تمل الحكومات الأردنية من إطلاقها في كل مناسبة يصرخ فيها الأردنيون بتحريره.. ولعل من أسوئها ما جاء في تصريحات الناطق باسم الخارجية الأردنية التي تتنصل من تصريحات وزير العدل "حسين مجلي" .. التي اعتبر فيها الدقامسة "بطلاً .. وما كان ينبغي أن يسجن أصلاً ".. فهذا التنصل الحكومي من موقف وزير العدل المنسجم مع مرافعته التاريخية عن الدقامسة ، قد لامس أوجاعاً عميقة في الذاكرة الوطنية الجمعية للأردنيين .. هذا الذاكرة التي تختزن مئات الممارسات الصهيونية المتفردة بالنذالة .. كما يحظى "الجيش الصهيوني" في ذات الذاكرة بالسجل الأخلاقي "الأشد انحطاطاً" .. ولعلنا نشير إلى اليسير من أمثلة ممارسات النذالة العسكرية الصهيونية :
• جريمة قتل أطفال مدرسة "بحر البقر" في مصر في 8/4/1970.
• جريمة إعدام الأسرى المصريين ودفن الجرحى منهم أحياء في رمال سيناء...
• اختيار مائير داجان رئيساً للموساد عام 2002 ..ومن ثم رجل العام 2009 .. بسبب "الإبداع والقسوة في قتل الفلسطينين والعرب".. و لبراعته في الاغتيالات .. واشتهاره بقطع رءوس الفلسطينيين وفصلها عن أجسادهم بسكين .. فضلاً عن التمثيل بجثث المقاومين..
• إلى جانب ما وثقه "تقرير غولدستون" من مجازر .. التي يرفض هذا الجيش مجرد النظر في أي من مئات الانتهاكات الواردة فيه ، رغم أن من بين المدنيين الذين قتلوا في العدوان على غزة هناك (313 ) طفلاً، و (116) امرأة ..
• ولعل قمة النذالة السلوكية ما يعلنه هذا الجيش من تكريم للقتلة وكان آخرها تكريم "قتلة المتضامنين في أسطول الحرية .. إذ اعتبرهم رئيس أركان "الجيش" "جابي اشكنازي" "نموذجا يحتذى في الشجاعة والإقدام ومواجهة التحديات الكبرى من دون فقدان الهدف"...
• أما نذالة سلوك قطعان المستوطنين فحدث ولا حرج يكفي أن نشير إلى واحدة منها على سبيل المثال فحسب .. فهؤلاء لا يخجلون من التأكيد ( أمام المحاكم التي تقام لتكريمهم لا لمحاسبتهم) بأنهم إنما "يتقربون للرب بقتل الفلسطينيين"!..
وأما بالنسبة لاحترام المواثيق والمعاهدات الموقعة مع هذا العدو فقد نال الأردن الرسمي والشعبي الكثير من هذا الاحترام لعل من أمثلتها :
• ضخت إسرائيل مياه المجاري في شبكات توزيع مياه شرب الأردنيين ( في احترام كامل لبنود اتفاقية وادي عربة خاصة ما يتعلق منها بحقوق الأردن في المياه )
• المفكرون والساسة الصهاينة يصرون على تذكيرنا على الدوام بأن "الأردن" هو الضفة الشرقية المحتلة لإسرائيل..
• البرلمان والحكومة الصهيونية يعتبران "الأردن" هو الدولة الفلسطنية المقصودة في مشروع حل الدولتين ( في احترام واضح لمقولة تكفين الوطن البديل )!!
• في عام 1967 صادرت "إسرائيل" مخطوطات البحر الميت - التي تعود ملكيتها للحكومة الأردنية - من متحف روكفلر في القدس الشرقية.. في احترام واضح لـ"معاهدة لاهاي" لعام 1954 لحماية الملكية الثقافية في حالة النزاع المسلح..
وحين قامت الحكومة الأردنية بمطالبة المتحف الملكي في اونتاريو/ كندا – الذي كان يعرض هذه المخطوطات - بعدم إعادتها إلى اسرائيل إلى أن يتم التأكد من ملكيتها القانونية ( الذي تمتلك الأردن كل الدلائل على ملكيتها ) جاء الرد الإسرائيلي واصفاً الطلب الأردني "بالسخيف" !!
في ضوء هذا الغيض من فيض الاحترام "الإسرائيلي" للمواثيق والمعاهدات والأخلاق ..فإن الحكومة الأردنية إذا ما كانت جادة بالتوجه الإصلاحي والانفتاح على الشعب والحوار مع قواه فلا بد لها من أن تعترف :
• بأن الأردنيين – كل الأردنيين – يرفضون موقف التسول والتوسل .. لعدو خارج على كافة قواعد الأخلاق والشرائع .. كما يرفضون موقف السكوت على الوصاية التي تريد إسرائيل فرضها على الأردن!!
• وأن الأردنيين – كل الأردنيين - يريدون من حكومتهم أن تحترم مشاعرهم .. وأن تعيد النظر في هذا الخطاب المساوم الاستفزازي الجارح لكرامتهم الوطنية .. والمؤذي لمشاعرهم القومية .. والمتجاوز على ذاكرتهم الجمعية ..
• وأن الأردنيين – كل الأردنيين - يريدون من حكومتهم اتخاذ قرار سيادي لا ينازعها فيه أحد بالتحرير الفوري للرمز الأردني " أحمد الدقامسة".. بل وتكريمه وتوفير حماية له .. فضلا ًعن توفير عمل لائق له، وتعويض عائلته عن عقد ونصف من المعاناة ..
• وأن الأردنيين يقدرون عالياً موقف وزير العدل "حسين مجلي - أبو شجاع " لقولة الحق في زمان المداهنة والمرواغة والاختباء .. ويتوقعون منه الصمود حتى تحقيق الإفراج عن موكله.. فاحتجاج الصهاينة لدليل على صوابية موقفه!!
لقد آن الآوان للحكومات الأردنية أن تدرك بأن "أحمد الدقامسة" ترسخ رمزاً وبطلاً في الوجدان الأردني والقومي.. وما عليها - أي الحكومات- إلا احترام ما رسخ في هذا الوجدان!!
eidehqanah@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق