الوضع السوري: مثاقفة لعبة الجحيم..؟/ سليم نقولا محسن


* قد يصح يقينا بعد الظن بأن من يدعى أحيانا في بلادنا بالمثقف، ليس بالمثقف؟، هو إنسان ملمع مبردخ مبرمج، مُعد للظهور الإعلامي، لاستقطاب النظارة والسامعين، هجاء مداح للحكام الأمراء في زمن غياب عصر الدعاة والهجاء والمديح، حقيقته: أن هذا قد صُنع خادما في سوق الترويج ليتكسب، بصرف النظر أكان هذا الملمع أهلا لبيان الكلام أو لم يكن، فوسائل التقنية الحديثة والخبراء كفيلة بإعطائه صورة مثلى ليست له؟، وغالبا ما يُجنح إلى استخدام ما يتصف به هذا الملمع في كل المواضع كأداة، طوعا منه أو بالترغيب أو بوسائل أخرى، ومنها استخدامه في ما يُعتقد أنه سوق آخر نشط، فيتم توظيف مواهبه وحرفته في سوق الرهان الجديد لترغيب المراهنين الأغبياء بالحصان المعروض الجديد (الرابح)، هنا يقتضي التفريق بين نوعين من المتحصلين على المعرفة، حتى لا ننزلق إلى الخطأ الجائر (أجراء عموما، وعملاء للعدو في موضوعنا، وأصحاب رأي)، وهكذا فليس من المستغرب أن نرى البعض ممن حسبوا زمنا في سوق وحيدة على التيار الوطني (عروبيون ناصريون، يساريون سابقون، دعاة لليبرالية)، ينقلبون إلى ما هو مضاد، في تصرف أقل ما يقال فيه: عادة متأصلة في مجاراة زملاء الكار في فعل التكسب لما هو رائج، فهم ينساقون إلى بعض أصحاب السوق ممن يدفع الأجر الأعلى، أو إلى مبادرة مجانية، لكن على أمل الربح المستقبلي، كما اعتادوا وتربوا؟، وغالبا ما يذهب أمثال هؤلاء في مثل أزماننا (حيث تعددت الأسواق وتنوعت وزاد الطلب) إلى قضايا كبيرة، وطبعا إلى كلمات كبيرة تليق بأفواههم المدربة (عن الحرية والديمقراطية والممانعة والثورات وحقوق الإنسان) فيلبسون عندها اللبوس المعد لما يدعون؟ لتكمل اللعبة ويجرون في السبق، وبما أنهم يباعون ويشرون في سوق الكلمات ومفضوحون، لا يُعتقد بأن سامعا حينما يتكشف زيفهم سيبقى لهم؟،

وهنا يصح أولا السؤال بداهة عن انتمائهم: أينتمون لشعوبهم وأوطانهم؟ وثانيا: ما الذي يعرفه هؤلاء عن حقيقة دوافع تحركات الشعوب عامة وعن سوريا والشعب السوري وقد قضوا أعمارهم يتزلفون ويتكسبون، إنهم لا يفكرون وإن قرأوا لا يفهمون؟، هل عاشوا يوما النضال السلبي دفاعا عن الشعب السوري منذ أن قدم الحزبيون أصحاب المشاريع السياسية على مختلف ألوانهم إلى السلطة في سوريا؟، هل لهؤلاء الصارخون المولولون سماسرة الكذب والادعاء، الدراية العالمة بأحوال الشعب في سوريا وطبيعة الصراعات السياسية الدولية والإقليمية المحيطة والمحلية وأهمية التوازن السوري في الحفاظ على سلامة شعب سوريا وأمنه؟ أو تركيبة الأفكار والعقائد والايديولوجيات فيه؟، ما الذي يعلمونه عن طبيعة الشعب السوري المعيشية، تحصيله لرزقه واكتفائه وقناعاته ومنابت كرامته وفكره؟، هل يدعون مثله بالشكر والستر عن المستور في توزع مداخيله بين شرائحه، وأن من ينبح مثلهم الآن في أجواء التسيب ومناخات الدجل هم السراق النهابون الهامشيون منذ أزمنة، والمتعيشون على حساب شعب الوطن واستنزاف مداخيله، (المهربون والشطار والخونة واللصوص)؟، إنهم لا يعرفون شيئا، أو أنهم كانوا يعرفون والآن يغيبون العقل بمقتضى التوظيف ويسكتون؟، لكن الشعب يعرف، ويعرف أيضا أن الشرف والنضال لا يتحصلان بالمال الحرام والتزلف أو بالانقلاب أو إدعاء التقى والطهارة، ولا بادعاء الانتماء إلى نظام أو طبقة أو عصبوية،؟ أو مناصرة طائفة دون أخرى، أيعلم هؤلاء أنهم يساهمون أيضا بانضمامهم إلى جوقة (الهواشة) الغريبة المستدخلة، المدفوعة الأجر عبر تخليق الفبركات في ذبح الشعب في سوريا؟؛ المسألة هنا حياتية قتلى وخراب، تستوجب القصاص بموجب الأحكام، وليست تجارية ولا فخفخة تسجيلية مأرشفة في علب الأفلام السوداء،

ليس من الحكمة ولا الشطارة: تخليق الوقائع الكاذبة؛ ولا الأخذ بالأقاويل التهويلية الحاقدة العمياء وقائعا مسلما في صحتها مع الإصرار، بما يتوجب أن نضع ألف إشارة استفهام؛ ولا أن يعمد البعض إلى استخدام مقدمات مشكوك في صدقيتها لإقناعات هزيلة حمقاء، يرمونها حسب شطارتهم مفرقعات صوتية كيفما اتفق هنا وهناك؛ ولا إلى تأليف التخاريج الإيديولوجية لإسباغ المنطق العلمي على ما يروجون مشافهة في تمنظر تلفزيوني أو كتابة؛ يبتعدون عن المفهوم فيخلطون المعاني، فيصبح الإجرام فضيلة وقصاص، والنهب ثواب، والكذب تقية، المقدمات الخاطئة تخرج نتائج خاطئة، وما بدأ بالكذب تتكشف فضائحه قبل انطواء الظلام، هؤلاء المنكودون استعمِلوا كأفخاخ مموهة لإسقاط شعب سوريا والعرب، لكن المهزلة انتهت وانكشفت لعبة البترو دولار، القضية ليست إذن ديمقراطيات وحريات: وهم مرشدي القمع والظلام، وليست إصلاح: وهم أأمة الرذيلة والفساد، كما أنها ليست ثورات فلاحين وجياع سواء حدثت في مدينتي درعا والجسر الحدوديتين أو بقية البلاد كما يشاع في (معاوي) الدجل ليل نهار، وليست صراع بين طبقات، فالطبقات لا وجود لها، فالحكم في سوريا هو حكم صنعه البسطاء ويحكمه البسطاء ومجتمعه البسطاء، ومنهم العامل والحرفي والفلاح، وإن من أثرى مصادفة هو من استغل ومن سرق، ومن نفذ من بعض الخروقات، ويحدث هذا في كل الدول والحكومات، وأصحاب مثل هذه الأفعال المدانة الساعين دوما إلى الكسب من الفوضى هم القادة الآن لما يدعى بالثوار، إن ما يحدث في سوريا الآن هو ثورة لأفاعي النفط والذهب والدولار، هو ثورة لعواصم النهب والإجرام وصيادي العبيد، هو ثورة المستدخلين الأغراب، إنها ثورة الأرذال (كما يوصفهم علم القيم والصلاح) لإلغاء الصلاح، ولإلغاء شعب مسالم مكافح مجاهد من الوجود والحياة.. وإن لينوا الملامس ونمقوا؟ إن ما يحدث الآن في سوريا هو بكل بساطة استدخالات منوعة مبتكرة للغرب العدواني مقبوضة الأثمان، وتسهيلات للفوضى والفتن والقتل والاحتلال؟ هؤلاء المقنعون الغاضبون الرافعون لافتات الزيف وأعلامها، يعرفون أنفسهم إذ يدعون المعرفة في كل الأمور، كما أنهم يعلمون ماذا يفعلون؟، ونحن أيضا نعرفهم، إذن فمن الغباء معاندة الصواب؟،

نقول لكم بكل محبة وطيبة: أبراعة منكم أم غباء قتال؟!: أن ترصفوا باسم الشعب صالحه وصلاحه كلام المراوغة والأفخاخ، وباسم الدفاع عنه كلمات الدسائس والخديعة في مباريات الوقيعة وصنع الفتن والحروب بين الأهل، أليس هذا الشعب أهلكم،؟ أم أن من تعرفونهم في الديار قد كفروا بالخروج عن الجماعة، أي عن فجوركم، أم أنكم أولاد زنى؟! ألم تكفكم كؤوس الخمر والموبقات في جلسات العهر على موائد الأسياد؟! أم أنكم موعودون بالحوريات والولدان وأنهار اللبن والعسل وجنات النعيم في أوروبا وبلاد العم سام؟! أتقلبون الحقائق وتزيدون على ما زيد في تفاصيل التدليس والدجل الرخيص، ثم تهللون؟، أهذه حروبكم في الدفاع عن الشعب والأوطان، أم أنكم الرديف الأمين لممتهني صناعة حروب الشر وحروب الاستسلام والخراب؟، أتتبارون لتظهروا براعتكم أمام سيدكم في احتفالات الدمار؟!، أهذه شطارة أيها الخائبون؟ إنها محنة؟، لكن لا أحد من أطهار شعبنا يعتقد بأنكم ستنجحون فيما ترمون إليه، إن أصدرتم البيانات الشوهاء أو تألبتم كالقردة في جماعات، أو مططتم صوتكم القبيح وأطلتم زمن نباحكم على رؤوس الجبال، لأنكم ستدفنون تحت أكوام ركام ما تهدمون؟!

أنتم لستم أصحاب ثقافة ومثاقفة أو مثقفين، لستم سوى زعران الأطراف المعتمة الموحشة الصارخة في عتم الليالي لإرعاب الأمهات والأولاد وسلب الآمنين، تملكون اليوم أقلاما؛ نعم، وأيضا أبواقا، إنها المهزلة؟ فالزمن زمن أنواء السوء والقحط والنيران، لكن سيبقى الشعب، سيبقى ملتصقا بأرضه وترابه، سيبقى كأشجار زيتونه وسنديانه، سيبقى خارج لعبة جحيمكم إلى الأبد.. لأن النصر نصره وهو أكيد؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق