حنه رباني : أول وأصغر أنثى تقود الدبلوماسية الباكستانية/ د. عبدالله المدني

ظلت حقيبة الخارجية الباكستانية شاغرة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية منذ إستقالة الوزير "شاه محمود قريشي" في إبريل الماضي إحتجاجا على موقف حكومته من قتل باكستانيين إثنين في لاهور على يد إمريكي منتسب إلى الإستخبارات الإمريكية. وطوال هذه الفترة كانت أعباء الدبلوماسية الباكستانية منوطة بالشخصية الثانية في الوزارة، وتحديدا وزيرة الدولة للشئون الخارجية "حنه رباني كهر" العزباء الحسناء ذات السنوات الأربع والثلاثين.
ويبدو أن الآنسة "حنه" قد أبلت بلاء حسنا في مهامها وزياراتها الخارجية ومفاوضاتها مع نظرائها الأجانب( ولا سيما لجهة الحصول على مساعدات مالية) مما شجع رئيس الحكومة "سيد يوسف رضا جيلاني" على التوصية بترقيتها لتصبح أصغر وزراء الخارجية سنا في تاريخ باكستان واول سيدة تتولى هذا المنصب الرفيع الذي عادة ما يكون موضوعا للتنافس الشديد بين الدبلوماسيين المخضرمين بسبب ما يتبعه من إمتيازات ومخصصات وإعفاءات وزيارات خارجية مدفوعة الثمن.
إن وصول أنثى إلى مواقع صنع القرار العليا أو شغلها لحقائب سيادية أو لعبها دورا متميزا في التشريع ليس بالأمر المستغرب في باكستان، على الرغم من كل التقاليد الإجتماعية المحافظة وكل الحجج الدينية التي عادة ما ترفعها الجماعات المحافظة من تلك المتأثرة بالنهج السلفي المتشدد الذي يقول "لا ولاية للمرأة"! إذ كلنا يعرف أن باكستان هي الدولة الإسلامية الأولى في العالم التي منحت قيادتها لإمرأة، وذلك حينما إنتخبت الراحلة "بي نظير بوتو" كرئيسة للحكومة مرتين. إلى ذلك فإن البرلمان الباكستاني يـُصـّنف على أنه من أكثر برلمانات العالم الثالث تمثيلا للمرأة، الأمر الذي يــُعـْزى إلى الدعم القوى الذي كان الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف يقدمه لنساء باكستان من أجل ترغيبهم في الإنخراط بصورة أقوى في الحياة العامة. كما وأن حكومة "جيلاني" الحالية تضم أكثر من وزيرة، لكن تظل الوزيرة الجديدة "حنه" أكثرهن جمالا وسحرا وجرأة ونفوذا وتعددا في المواهب، الأمر الذي صار معه البعض يسميها بـ "بي نظير بوتو الثانية" في تلميح إلى أنها قد تواصل صعودها السياسي حتى تصبح رئيسة للحكومة في القادم من السنوات.
وبطبيعة الحال، فإن أعداء بروز النساء وصعودهن إلى المناصب القيادية الحساسة لجأوا فورا إلى القول بأن الأوضاع الإستثنائية التي تمر بها باكستان – سواء على صعيد الشكوك التي تسيطر على العلاقات الباكستانية - الإمريكية منذ إتهام واشنطون لجهات داخل الجيش والإستخبارات الباكستانية بالتستر على زعيم تنظيم "القاعدة" المقتول "أسامة بن لادن"، أو على صعيد العلاقات المستقبلية مع كابول في أعقاب إنسحاب القوات الأطلسية من أفغانستان، أو على صعيد الخلل المزمن في علاقات إسلام آباد مع نيودلهي – يفترض معها أن تكون مقاليد الدبلوماسية الباكستانية في يد وزير يمتلك خبرات وعلاقات وقدرات إستثنائية، خصوصا مع إقتراب موعد إجراء حوار مع الهند لتخفيف حدة التوتر الذي نشأ بعد هجمات مومباي الإرهابية في عام 2008 .
لكن من يردد مثل هذه المزاعم، ربما يكون غير مطلع بما يكفي على شخصية الآنسة "حنه" الآسرة، ومواهبها، وثقافتها، وثقتها بنفسها، وإفتخارها بباكستانيتها، وحبها للمغامرة، وحرفيتها في العمل، وبعد نظرها. فالذين شبهوها بـالراحلة بوتو لم ينطلقوا من فراغ. فإذا كانت الأخيرة برزت وصعدت صعودا صاروخيا على المسرح السياسي بفضل ما ورثته عن والدها من نجومية وشعبية و ما ورثته عن أسرتها من نفوذ سياسي وإقطاعي ومالي في إقليم السند، فإن "حنه" تملك إرثا مشابها. فوالدها هو السياسي والإقطاعي البنجابي المعروف "مالك غلام نور كهر"، وخالها هو رجل الأعمال والحاكم الأسبق لإقليم البنجاب "مالك غلام مصطفى كهر"، وأسرتها، كما أسرة بوتو، من كبار ملاك الأراضي، بل ويمتلكون أساطيل الصيد البحري، والحقول الشاسعة المزروعة بقصب السكر والمانجو، مما يجعلها صاحبة نفوذ في واحدة من أقوى الأقاليم الباكستانية وأكثرها تزويدا للجيش والشرطة بالمجندين والعناصر الأمنية.
لم تتخرج "حنة"، المولودة في يناير 1977 بمدينة "مولتان" البنجابية، من جامعتي أكسفورد وهارفارد، كما فعلت بوتو، غير أن تحصيلها العلمي لا يمكن الإستهانة به. فهي من بعد حصولها على بكالوريوس العلوم الإدارية من جامعة لاهور في عام 1999، جربت حظها في عالم "البزنس" (تملك اليوم إستثمارات معتبرة في رياضة البولو الأرستقراطية وسلسلة من المطاعم الفاخرة)، لكنها سرعان ما فضلت الذهاب إلى الولايات المتحدة للإلتحاق بجامعة ماساتشوسيتس التي نات منها درجة الماجستير في التجارة والإدارة في عام 2001 . ولعل الشهادة الأخيرة ساعدتها كثيرا في فك طلاسم ورموز الموازنة العامة، فكانت الأنثى الأولى في تاريخ باكستان التي وقفت في الجمعية الوطنية في يونيو 2009 للإدلاء ببيان الميزانية. كما أن الشهادة الرفيعة نفسها، معطوفة على إستحواذها على مقعد نيابي عن "حزب الرابطة الإسلامية – جناح القائد الأعظم" في الفترة ما بين 2003 و2007 سهل لها تقلد منصب وزيرة الدولة للشئون الإقتصادية في عام 2008 فأصبحت بذلك مسؤولة عن ادارة القروض والهبات الدولية (الثنائية والمتعددة الأطراف)، اي صارت تشرف إشرافا كاملا على أي مشروع ينفذ في باكستان بمساعدة أجنبية. وفي العام نفسه أختارها المنتدى الإقتصادي العالمي ضمن قائمة القادة الشباب الأكثر تأثيرا على مستوى العالم.
وهكذا نرى أن الذين يتخوفون من قيادة "حنة" لدفة السياسة الخارجية الباكستانية بحجة صغر سنها أو قلة خبرتها، لا يستندون إلى حقائق قدر إستنادهم إلى أوهام. فعلى الرغم من تجربتها السياسية القصيرة التي بدأت في عام 2003 بخوض الإنتخابات التشريعية على قائمة "حزب الرابطة الإسلامية – جناح القائد الأعظم"، قبل أن يرفض الأخير إعادة ترشيحها في عام 2008 ، فتضطر إلى الترشح من دائرة "مظفرغره" البنجابية على قوائم حزب الشعب الباكستاني (حزب آل بوتو)، أثبتت هذه المرأة نجاحا في كل ما إسند إليها من مهام، كما إكتسبت خبرات إضافية من زياراتها ولقاءاتها – سواء حينما كانت وزيرة دولة للشئون الخارجية او للشئون الإقتصادية – مع نظرائها في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا والإمارات والسعودية وسنغافورة.
ولعل ما يسند هذا وذاك هو الرؤية الواضحة التي تملكها "حنه" عما يجب أن تكون عليه باكستان. وهي رؤية دفعت صحيفة "ساترداي بوست" إلى القول: (لو كان في باكستان عدة نساء من إمثال "حنه" لما إحتاجت حكومتها لتلميع صورتها القاتمة عند الآخر). وجاء هذا القول بعد مقابلة أجرتها الصحيفة المذكورة مع "حنه"، قالت فيها الأخيرة أن ما يعيق تقدم بلادها هو تفشي الفساد على مختلف المستويات، وعدم قيام الكثير من المسئولين بما يمليهم عليهم واجبهم تجاه الوطن، وبروز النزعات الفئوية والطائفية والجهوية، وعدم إستعداد الجماهير لتحمل بعض المصاعب مؤقتا من أجل قطف الثمار لاحقا. ومما تبين من ردود "حنه" في المقابلة المذكورة أنها شديدة الإعتزاز بثقافتها وهويتها، وأنها ترى أن لباكستان مستقبل باهر وقدرة على المنافسة لو تم تطوير البنى التحتية، ولو أنفقت أموال أكثر على إصلاح التعليم و التقدم التكنولوجي، مع إستعارة التجربة التايلاندية في تشجيع النازحين من الأرياف والقرى على العودة إلى مواطنهم عبر إطلاق المشاريع اليدوية الصغيرة وفق شعار "لكل قرية منتج واحد".

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يوليو 2011
الإيميل:elmadani@batelco.com.bh

أهلاً رمضان...معايشتي للشهر الكريم في بلد اسكندنافي/ محمود كعوش

هنا في الدنمارك حيث أُراد الله لي أن أقيم كلاجئ في البداية وكمواطن في النهاية يعتبر شهر رمضان الكريم وعاداته من أكثر الشهور والوسائط أهمية للمسلمين مغتربين ولاجئين لاعتبارين، أولهما أن البلدان الإسكندنافية بما فيها الدنمارك موطني في الهجرة القسرية هي بمنأى عن العالم الإسلامي حيث تفصلها عن البلدان الإسلامية قارةٌ كاملةٌ هي أوروبا من جهة الجنوب ومساحات واسعة من القارة الأسيوية باتجاه الشرق، وثانيهما أنه إلى جانب أن بلدان اسكندنافيا هي بلدان علمانية فإن نسبة كبيرة من مواطنيها يعتنقون الوثنية ولا تربطهم بالديانات السماوية أية روابط لا من قريب ولا بعيد.
للمسلمين في الدنمارك وجميع البلدان الإسكندنافية، بمن فيهم أنا بالطبع، عاداتهم وطقوسهم الخاصة التي تميِّز قضاءَهم لشهر رمضان عن غيره من شهور السنة، حيث إنه وسيلة تذكير وتذكر للروابط في ما بينهم وبين العالم الإسلامي، إلى جانب كون الشهر مدعاة لإحياء الشعور الديني في نفوسهم.
ففي شهر رمضان يتوجه المسلمون في هذه البلدان بقلوب خاشعة إلى أقرب المساجد إليهم بمجرد الإعلان عن مقدمه، وفي المناطق الخالية من المساجد يلجأوون لاستئجار أماكن للصلاة تسمَّى "المصليات" لأداء الصلوات ولقراءة القرآن الكريم والتلاقي من أجل توطيد الروابط الأسرية وتبادل التهاني. وعادة ما تشهد تلك المصليات إقبالاً خاصًّا من جانب المسلمين في العشرة الأواخر من الشهر الكريم، تماماً كما المساجد.
وهنا لا يقتصر إحياء شهر رمضان على الجهود الأهلية، إذ تشارك منظمات المجتمع المدني الإسلامية في ذلك، وتقوم الجمعيات والنوادي الثقافية والرياضية والروابط الإجتماعية بأنشطة متنوعة تسهم في إضفاء أجواء خاصة للشهر الكريم، تكون في أحيان كثيرة مثار دهشة وإعجاب المواطنين الإسكندنافيين أنفسهم وبالأخص ممن أشهروا إسلامهم في المساجد وعلى أيدي الأئمة الأفاضل المنتشرين في العواصم والمدن الإسكندنافية الرئيسية وعلى أيدي الأئمة والمشايخ الذين يُستقدمون خصيصاً لهذا الشهر.
فالمسلمون في البلدان الإسكندنافية يحييون شهر رمضان المبارك بطريقتين، الأولى هي العبادات، والثانية هي المظاهر الاجتماعية وتحضير المأكولات. فمن ناحية يستقدمون الأئمة والمشايخ من الدول العربية والإسلامية وبخاصة من مصر "بلد الأزهر الشريف" والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر، ومن ناحية ثانية نجدهم يعملون على تهيئة المساجد والمصليات بحيث تستوعب الأعداد الكبيرة من المصلين الذين يرتادونها.
ولربما أن الخدمات الخيرية هي من أبرز المظاهر التي تعبر عن نفسها بتميز ووضوح في شهر رمضان في البلدان الإسكندنافية إن لم تكن أبرزها، حيث تنظم المساجد موائد الرحمن من أجل تنمية المشاعر الدينية الراقية في نفوس المسلمين وبخاصة الجيلين الثاني والثالث.
واللافت للنظر أن المسلمين في هذه البلدان قد حملوا إليها عاداتهم التي توارثوها في مجتمعاتهم الأصلية، فنجد مثلاً انتشار الأكلات العربية على اختلافها وتنوعها، كما وتحرص المتاجر التي يمتلكها عرب ومسلمون على تقديم احتياجات الصائمين من المواد الغذائية طوال الشهر الكريم، الذي جعله الله تعالى فرصةً للتقرب له وللعمل على إحياء المشاعر الإسلامية الراقية ونقلها إلى غير المسلمين في بلدان المهجر.
يواجه المسلمون العديد من المشكلات في هذه البلدان أبرزها ما يتعلق بتحديد موعد بدء الشهر الكريم وما هو متعلق بوضع المسلمين العام وليس في شهر رمضان فحسب. ففيما يتعلق بالنوع الأول من المشكلات نجد أن هناك صعوباتٍ تواجه المسلمين في تحديد موعد بدء الشهر وذلك بسبب الأحوال الجوية التي تنخفض فيها درجة الحرارة وينتشر فيها الضباب بجانب تساقط الجليد معظم العام ما يقلل من إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة، الأمر الذي يستدعي صيام كل منهم على أساس البلد الذي يختار. وغالباً ما يكون على أساس مصر أو المملكة العربية السعودية. ففي النرويج على سبيل المثال، يبدا المسلمون صيامهم مع البلدان العربية والإسلامية التي تبدا الصيام أولاً، وهو ما لا يتوفر في أي بلد اسكندنافي أو غربي آخر تقريبًا.
هذا ويواجه المسلمون في هذه البلدان مشكلةً أخرى، ربما أنها تكون أوضح في أيام الصيف وهي طول فترة النهار، حيث يطول النهار في بعض السنوات إلى فترات قد يصل فيها الصيام إلى 20 ساعةً، وذلك بسبب الموقع الجغرافي لتلك البلدان في أقصى شمال القارة الأوروبية. وهذا الأمر يستدي ضرورة تنظيم العمل واختصار ساعاته بحيث يسهل على المسلمين أداء فريضة الصوم على أن تعوض بعد انتهاء الشهر، إلا أن وجودهم داخل مجتمع غير مسلم يضع بعضهم أمام حقيقة أن بعض أرباب العمل الذين لا يقدرون ظروفهم الدينية يرفضون تخفيض ساعات العمل ولا يسمحون لهم بأداء فريضة الصلاة في أماكن عملهم نتيجة تعصبهم الأعمى وكرههم للإسلام والمسلمين.
يُذكر أن الأخوين الدنماركيين " كلاوس وميجل روث" كانا قد أرجعا، في كتابهما "قنبلة في العمامة" الذي كتباه للرد على جريمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لنبي الرحمة "ص" التي نُشرت في الدنمارك في عام 2005 وتسربت منها إلى بلدان اسكندنافية وغربية أخرى، ذلك الكره إلى جهل كبير عند أقطاب حكومات تلك البلدان بالدين الإسلامي "لأنهم لا ينظرون إليه إلا كدين يصدّر الإرهاب". وكنا قد رأينا في أزمة الرسوم، أن تعصب الغربيين لقيمهم على حساب قيم الآخرين وإغماض أعينهم عن رؤية الحقيقة التي لا تعجبهم جعلاهم يضربون عرض الحائط بقيم الثقافات الأخرى وعلى وجه الخصوص قيم الثقافة الإسلامية.
رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير وأعاده الله على الأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركة.
محمود كعوش
الدنمارك – كوبنهاجن
رمضان 2011

مغانم أوسلو/ محمد السهلي

الحالة الفلسطينية أمام مرحلة مختلفة جوهريا وهو ما على المجلس الفلسطيني المركزي أن يرسم معالمها بوضوح من خلال إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني
كان من الطبيعي أن يسارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى نفي الأنباء التي قالت أن فريقا إسرائيليا برئاسة مستشار «الأمن القومي» يعقوب عميدرور، يفحص إمكانية إلغاء اتفاقات أوسلو، رداً على المسعى الفلسطيني بالتوجه نحو الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقد سبق لوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن وجه تهديداً مماثلاً في حال أصر الفلسطينيون على مسعاهم. وذلك خلال لقائه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون في 17/6 الماضي.
وقد أخذ بعض «المحللين» السياسيين كلا التهديدين من زاوية قيام إسرائيل بتصعيد غير مسبوق من أجل الضغط على الفلسطينيين وحملهم على التراجع عن خطة التوجه نحو الأمم المتحدة، وكأن اتفاقات أوسلو «إنجاز» فتح الآفاق لتحقيق الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة!
لكن أول من اثبت خطأ هذا التقدير باتجاه عكسه هم أفراد الفريق الإسرائيلي الذي ساهم في التوصل إلى اتفاقات أوسلو من موقع إدراكهم أن هذه الاتفاقات انجاز إسرائيلي من الدرجة الأولى.
فاتفاقات أوسلو جاءت وفق أسس تم بموجبها فصل القضايا الأساسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن بعضها البعض لتتركز المباحثات عمليا على بحث مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 دون أن يرتبط هذا البحث بمقدمات سياسية وقانونية تلزم إسرائيل بعدم إجراء أية تغييرات على الأرض يمكن أن تمس مستقبل هذه الأراضي خلال فترة هذا البحث. وقد وجدت تل أبيب بذلك مجالا واسعا لتوسعة الاستيطان الذي تضاعف بنية ومستوطنين خلال الفترة الانتقالية بحسب التسمية الواردة في الاتفاق. ولهذا السبب أبدت الحكومات الإسرائيلية المتلاحقة استنكارها لأي مطلب فلسطيني بربط عودة المفاوضات بإجراءات من نمط وقف الاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات.
كما أوقعت آليات تنفيذ اتفاقيات أوسلو المفاوض الفلسطيني في فخ المرحلية في تنفيذ الاتفاق عبر ما سمي بنبضات الانسحاب من الأراضي الفلسطينية. وقد استفاد الاحتلال الإسرائيلي من ربط هذه الانسحابات بالشروط الأمنية التي كانت تطرح على الجانب الفلسطيني مما أدى إلى حصر ولاية السلطة الفلسطينية على 40% من الضفة الفلسطينية تطبيقا للهدف الحقيقي من هذه الاتفاقات وهو إقامة حكم ذاتي فلسطيني جزئي بحدود هذه المساحة ليس أكثر. وعندما أتى استحقاق أيار في العام 1999 ليكون نهاية المرحلة الانتقالية واستكمال نبضات الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الفلسطينية أوقفت إسرائيل تنفيذ بنود الاتفاق عند حدود ما تم تسليمه للسلطة في المراحل السابقة.
وفق هذه المعادلة انطلقت المشاريع الإسرائيلية المتتالية تجاه تحديد مستقبل الأراضي الفلسطينية وتركزت هذه المشاريع على قيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة تنطلق من النسبة ذاتها من الأراضي التي تنبسط عليها شكليا ولاية السلطة، وقدمت مغريات من أجل توسيع هذه الولاية بشكل محدود شرط قبول الجانب الفلسطيني بنسب تبادل كبيرة للأراضي والموافقة على بقاء عسكري وأمني إسرائيلي على طول الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية وفي أماكن أخرى من الضفة إلى جانب عدم المس بالبنية الأساسية للاستيطان وضمها إلى إسرائيل، وقبل كل ذلك إخراج القدس من جدول أعمال المفاوضات واعتمادها مدينة موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل.
وفي سياق المفاوضات التي نتجت عن توقيع اتفاق أوسلو تم توقيع بروتوكول باريس الاقتصادي بين المفاوض الفلسطيني والجانب الإسرائيلي والذي رهن الاقتصاد التبادلي الفلسطيني بالإجراءات الإسرائيلية وفق مبدأ استنسابي تستطيع من خلاله تل أبيب حجز الإيرادات المالية المتوجبة للسلطة من حركة البضائع المرهونة بالموانئ والمعابر الإسرائيلية، كما تحكمت إسرائيل من خلال البروتوكول بمناحي الاقتصاد الصناعي الفلسطيني عبر احتجاز المواد الأولية في موانئها لأسباب مختلفة وتحت عناوين أمنية واهية. وفي الجانب الأمني رهنت تل أبيب ومعها واشنطن التقدم في مراحل تنفيذ اتفاقات أوسلو بالتنسيق الأمني مع أجهزة السلطة الفلسطينية بدعوى محاربة التطرف ومن ثم الإرهاب الفلسطيني وأدى ذلك في محطات مختلفة إلى المس بالنشاط الفلسطيني المقاوم للاحتلال.
كما أدى عزل القضايا الرئيسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن بعضها البعض وبخاصة قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم إلى وضع هذه القضايا وبالتالي الحقوق الوطنية في مواجهة بعضها البعض وفق المعادلة الإسرائيلية من أجل تقديم البحث بمستقبل الأراضي الفلسطينية ومسألة الدولة عن غيرها من القضايا, وقد تأسس هذا العازل منذ البداية إثر تغييب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة عن أسس المفاوضات التي جاءت باتفاقات أوسلو وما تلاها.
وبسبب «مزايا» اتفاقات أوسلو لم يصمد حتى بنيامين نتنياهو على موقفه المعارض لاتفاقات أوسلو، وهو الذي قال منذ العام 1993 عندما كان رئيسا للمعارضة أنه سيلغي اتفاق أوسلو في حال أصبح رئيساً للحكومة. إلا أنه وقبل أسبوعين من انتخابات العام 1996 التي فاز فيها برئاسة الحكومة غير موقفه المعلن وقال أنه سيفي بالتزام إسرائيل تجاه الاتفاق وإن كان بطريقته واعتمد شعاره المشهور «إذا أعطوا فسوف يأخذون». لكن على الرغم مما أعطاه المفاوض الفلسطيني إلا أن نتنياهو تهرب من استحقاق انتهاء الفترة الانتقالية في أيار 1999.
حتى أن ارئييل شارون الذي أعلن في العام 2001 وفاة اتفاق أوسلو أصر على الاحتفاظ بمزايا الاتفاق والمقصود هنا الحفاظ على وضع السلطة الفلسطينية بتكبيلها بالشروط الأمنية والاقتصادية التي نجمت عن الاتفاق وكان يقصد طبعا بوفاة الاتفاق التهرب من انتهاء استحقاق المرحلة الانتقالية.
لهذه الأسباب جميعاً فإن الحديث عن قرار أو توجه إسرائيلي رسمي بإلغاء اتفاق أوسلو يهدف إلى خلط أوراق سياسية في الوقت الذي تعمل إسرائيل على الأرض بالتعاون مع واشنطن وحلفائها من أجل إفشال المسعى الفلسطيني بالتوجه إلى الأمم المتحدة عبر وسائل متعددة.
ولهذا الأسباب أيضا فإن الحالة الفلسطينية أمام مرحلة مختلفة جوهريا وهو ما على المجلس الفلسطيني المركزي أن يرسم معالمها بوضوح من خلال إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني التحرري بعناوينه الأساسية وعدم النظر إلى الماضي البعيد بمعايير أوسلو أو الماضي الذي استند إلى مؤتمر أنا بوليس وكذلك بما يخص الأمس الذي تمثله المفاوضات التي جرت العام الماضي ووصلت إلى طريق مسدود كان متوقعا لأنها وسابقاتها لم تخرج عن الأسس المجحفة التي وضعت قبيل توقيع اتفاق أوسلو وبعده.
ومن المفيد هنا تسليط الضوء على الخطوة الناقصة التي بدأت في أيار الماضي من خلال توقيع اتفاق المصالحة والتي راوحت في خندق المحاصصة الثنائية بين حركتي فتح وحماس، مما يجعلنا نؤكد مجددا على ضرورة الخروج من هذا المأزق من خلال وضع تنفيذ اتفاق المصالحة برسم الحوار الوطني الشامل، الذي هو برأينا المدخل الوحيد الصالح لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الغائبة.. ومن غير ذلك وما سبقه فإن الحديث عن إعادة الاعتبار للمشروع الوطني سيبقى للتداول اللفظي.. ليس إلا.

العرب لا يشجعون الهجرة اليهودية المعاكسة/ نقولا ناصر


بما أن المشروع الصهيوني يقوم في الأساس على تجميع أكبر عدد من يهود العالم ضمن دولة في فلسطين تكون "ملاذا آمنا وسالما" لهم، فإن هذه الرؤية الصهيونية "تتعرض للخطر الى حد كبير" اليوم كما كتب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نيويورك الون بن مئير في مقال له مؤخرا، بنمو ظاهرة الهجرة اليهودية المعاكسة من دولة الاحتلال الاسرائيلي، وبدلا من المساعدة في تشجيع هذه الظاهرة واستفحالها وتسريعها تبدو سياسات "التفاوض والسلام" الفلسطينية - العربية وكأنما تطيل في عمر المشروع الصهيوني الذي يتآكل بعوامل داخلية.

وبينما تضع دولة الاحتلال الاسرائيلي الاعتراف الفلسطيني بها كدولة "يهودية" كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، خشية مما وصفه رئيس وزرائها السابق ايهود أولمرت ب"القنبلة الديموغرافية الموقوتة" التي تهدد بزيادة عدد العرب على عدد اليهود في فلسطين الواقعة بين نهر الأردن في الشرق وبين البحر الأبيض المتوسط في الغرب في المدى المنظور القريب، يزداد عدد اليهود الاسرائيليين الذين يغادرون للعيش خارجها، وكذلك عدد من ينتظرون الفرصة السانحة للاتحاق بهم، بينما تبحث دولة الاحتلال عن "قبائل يهودية ضائعة" في افريقيا والهند لزيادة هجرة اليهود اليها التي تنخفض معدلاتها باستمرار. ويلاحظ أن المعلومات التي تنشرها دولة الاحتلال عن المهاجرين اليها وافرة وربما حتى تكون مبالغا فيها لأسباب دعائية مفهومة، لكن معلوماتها عن اليهود النازحين عنها أقل وفرة للأسباب ذاتها.

ومن الواضح أن قادة دولة الاحتلال قد وجدوا الحل في الحفاظ على الوضع الراهن فيها كخطوة أولى، بمنع أي حل تفاوضي يتضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين، تمهيدا، كخطوة ثانية، لنزع فتيل "القنبلة الديموغرافية الموقوتة" المتمثلة في الأقلية العربية الفلسطينية في دولة الاحتلال ذاتها، مما يفسر الكثير من أطروحات الحل التفاوضي على أساس "دولتين لشعبين"، و"تبادل الأراضي"، و"التبادل الديموغرافي"، التي يلخصها جميعها الشرط المسبق المتمثل بانتزاع اعتراف فلسطيني – عربي ب"يهودية" دولة الاحتلال، ويفسر كذلك السياسات العنصرية المتسارعة والمتصاعدة ضد الأقلية العربية – الفلسطينية في دولة الاحتلال. وهي سياسات لا تقتصر على المستوى الحكومي الرسمي، بل إن هذه السياسات الرسمية تعكس توجها شعبيا أيضا، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه "معهد الديموقراطية الاسرائيلي" العام الماضي أن أكثر من نصف اليهود الاسرائيليين يحثون حكومتهم على "تشجيع عرب اسرائيل" على النزوح عنها وعدد أكبر منهم يحثها على منح موارد أقل لبلدياتهم.

لقد نجحت جماعات الضغط الصهيونية واليهودية المتحكمة بصانع القرار الأميركي في "إقناع" إدارة باراك أوباما باستبدال جورج ميتشل بدنيس روس كمبعوث رئاسي للتوسط في "عملية السلام"، وما تسرب حتى الآن عن لقاءاته مع مفاوضي منظمة التحرير يؤكد بأن روس يستخدم "القوة الأميركية" لاغرائهم بالاستجابة لطلب رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالاعتراف بهذه الدولة ك"دولة يهودية" وك"وطن قومي للشعب اليهودي".

وروس هذا معروف عربيا كوسيط أميركي يهودي مخضرم في "مفاوضات السلام" من عهد إدارة بيل كلينتون، زوج وزيرة الخارجية الأميركية الحالية هيلاري كلينتون، وحمله كثير من مفاوضي منظمة التحرير المسؤولية عن فشل القمة الفلسطينية – الاسرائيلية – الأميركية عام ألفين التي قاد فشلها الى اندلاع انتفاضة الأقصى. لكن عواصم السلام العربية التي تفتح له أبوابها الآن تحرص على تجاهل الوظيفة التي شغلها خلال إدارة جورج دبليو. بوش التي استمرت ثماني سنوات، فقد كان رئيسا لمجلس إدارة "معهد سياسة الشعب اليهودي"، الذي أنشأته الوكالة اليهودية ويتخذ من القدس المحتلة مقرا له، وهو معهد تدعمه حكومات دولة الاحتلال ومهمته تشجيع الهجرة اليهودية اليها، وبالتالي فإنه على اطلاع دقيق على تفاصيل المؤشرات الديموغرافية في دولة الاحتلال، وليس من المستبعد أن يكتشف المؤرخون لاحقا بأنه كان يقف وراء التوصية لحكومة دولة الاحتلال بوضع الاعتراف الفلسطيني بيهوديتها كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات.

إن (5.6) مليونا من مجموع اليهود في العالم البالغ (13.5) مليون يهودي يعيشون في دولة الاحتلال، وبالرغم من حرية بقيتهم المطلقة في الاستفادة من "قانون العودة" الصهيوني، ومن إغراءات حكومات دولة الاحتلال وحثها المتواصل لهم على الهجرة اليها، فإنهم اختاروا بمحض إرادتهم البقاء في ما تصفه الأدبيات الصهيونية ب"المنفى"، لا بل إن المراجع اليهودية والصهيونية والاسرائيلية تقدر الان بأن مليونا من "يهود اسرائيل" قد انضموا الى هذه البقية، مع أن وزارة استيعاب المهاجرين في دولة الاحتلال تخفض هذا الرقم الى (750) ألف نازح بما يعادل حوالي عشرة بالمئة من يهود دولة الاحتلال وعربها، لكن حكومة نتنياهو في تقارير أخرى تقدر المواطنين اليهود الذين يعيشون خارجها بعدد يتراوح بين (800) ألف ومليون "يهودي اسرائيلي" بما يعادل (13%) من مجموع السكان. لكن مؤتمر "اليهود الاسرائيليين" الذين يعيشون خارج دولة الاحتلال الذي انعقد في كانون الثاني / يناير الماضي قدر عددهم بمليون يهودي، حوالي (60%) منهم استقروا في أميركا الشمالية، وربعهم تقريبا استقر في أوروبا، و(15%) توزعوا في بقية العالم، علما بأن حوالي (40%) من يهود دولة الاحتلال مولودون خارجها.

واقتبس ألون بن مئير من دراسة لمركز تراث مناحيم بيغن في سنة 2008 أن أكثر من (30%) من يهود دولة الاحتلال تقدموا بطلبات للحصول على جنسية دولة أخرى، مضيفا أن "البعض يرفع العدد الى 60%". كما اقتبس من دراسة لكلية "تل هاي" عام 2007 أن ما يقارب نصف من تتراوح أعمارهم بين 14 – 18 سنة يريدون أن يعيشوا في مكان آخر غير دولة الاحتلال، وقال (11%) من (78%) من يهود دولة الاحتلال الذين يريدون انضمامها الى الاتحاد الأوروبي إنهم سينتقلون للعيش في أوروبا على الفور إن تحقق ذلك. وأوضح بن مئير أن (100) ألف يهودي اسرائيلي يحملون الجنسية الألمانية وأن سبعة آلاف جدد منهم يحصلون على هذه الجنسية سنويا. وبينما يقدر عدد يهود دولة الاحتلال الذين يحملون جنسية الولايات المتحدة بنصف مليون يهودي "اسرائلي"، فإن ربع مليون إضافي منهم قد تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية الأميركية.

ولاحظ الباحثان جوزيف شامي وباري ميركين في مجلة "فورين بوليسي" مؤخرا أن اليهود النازحين عن دولة الاحتلال هم من "العلمانيين والليبراليين والكونيين" ونسبة الحاصلين على درجة جامعية منهم ضعف معدل الحاصلين عليها ممن لم ينزحوا عنها، بينما زاد عدد المتدينين اليهود الذين يعتمدون على المساعدات الحكومية الى حد كبير ثلاثة أضعاف خلال السنوات العشرين الماضية. واقتبس بن مئير من احصائيات قوات الاحتلال الاسرائيلي أن (30%) من مجنديها سوف يكونوا من هؤلاء المتدينين بحلول عام 2015، واقتبس من بحث أجرته المجلة العسكرية "معاراشوت" العام الماضي أن نسبة الضباط الحربيين المتدينين في هذه القوات ارتفع من (2.5%) عام 1990 الى ما يقارب ثلث سلك الضباط بعد عشرين عاما، ليخلص الى الاستنتاج بأن "إسرائيل تتحول الى دولة حامية عسكرية حبيسة التطرف الديني والأيديولوجي، والعزلة الدولية، ومستقبل صراع دائم .. وانفاق عسكري متزايد باستمرار لحماية المستوطنين والحفاظ عل حالة جاهزية حربية" وتتحول الى "نوع جديد من الغيتو اليهودي" الذي "يزداد عدد الاسرائئيليين الذين يختارون الهروب منه" لأنهم "يشعرون بانهم في مصيدة".

والمفارقة أن ظاهرة النزوح اليهودي عن دولة الاحتلال تحدث في سياق استراتيجي أسقط العرب فيه خيار الحرب، واختاروا السلام "خيارا استراتيجيا"، وبينما "التنسيق الأمني" مع مفاوض منظمة التحرير قد حسن الاحساس ب"الأمن الشخصي" لدى مستوطنيها اليهود. وعندما سئل أحد اليهود المهاجرين "من" دولة الاحتلال عن سبب هجرته أجاب في احد استطلاعات الرأي: "ليس السؤال لماذا رحلنا، بل السؤال لماذا بقينا طوال هذه المدة قبل أن نرحل".

لكن السؤال الفلسطيني والعربي الذي يفرض نفسه هنا هو كم سيكون حجم هذه الظاهرة لو أنها تجري خارج سياقها الاستراتيجي الحالي؟ لقد تراجع اقتصاد دولة الاحتلال خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى وظل في حالة تراجع حتى أنقذه منها اتفاق أوسلو عام 1993، ليتحسن بعد ذلك تحسنا بلغ ذروته عام ألفين قبل أن يعود الى التراجع السريع مع اندلاع الانتفاضة الثانية أواخر العام نفسه. وعلى سبيل المثال انخفضت الاستثمارات الأجنبية في دولة الاحتلال من (11) مليار دولار أميركي عام ألفين الى أقل من مليار دولار بعد عامين، وكادت السياحة تتوقف في ذروة انتفاضة الأقصى، قبل أن يقود "تغيير النظام" الفلسطيني الذي قاد بدوره الى وقف مقاومة الاحتلال الى ازدهار اقتصاد دولة الاحتلال ازدهارا مكنها من النجاة من الأزمة المالية العالمية الراهنة التي سحقت اقتصاديات كبرى.

ومن المؤكد أن وقف المفاوضات، وسحب "مبادرة السلام العربية"، وانقاذ مكتب المقاطعة العربية من التحول الى أثر تاريخي، وفك الحصار المفروض على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والانتفاضة عليه هي عوامل سوف تجعل عدد المهاجرين اليهود الى دولة الاحتلال أقل، وعدد المهاجرين اليهود منها أكثر، وتفاقم عوامل تآكل المشروع الصهيوني داخليا، حتى دون حرب، فكم بالحري إذا لم يكن خيار التفاوض هو الخيار الاستراتيجي العربي والفلسطيني الوحيد؟!
* كاتب عربي من فلسطين

الف تحية وتحية للجيش المصري والمجلس العسكري/ ميمي احمد قدري

منذ فترة ليست بالبسيطة أنصت لما يحدث حولي ومايحدث بوطني الغالي ارض الكنانة مصر العظيمة
كنت مع الثورة من أول يوم كتبت مقالات وكتبت قصائد فرحة مستبشرة بثورتنا المجيدة التي قام بها الشرفاء من الشباب والصبية والعجائز.. مع التغاضي عن بعض المتسلقين الذين كانوا يذهبون بحجة انهم مع الثوار لالتقاط صورا" لهم لكي يتباهوا ويتفاخروا انهم مع الثورة.(ركوب الموجة ) واعتقد اننا نعرف منهم اسماء كثيرة والكثير منهم لانعرفهم ولكن الاغلبية صادقين ثوار بحق..
كنت اشاهد واتعجب من هؤلاء ,,,
وأتذكر الأن فرحة الثوار بدخول قوات الجيش المصري ليكون الدرع الحامي للثورة والثوار وكما كان على طول الزمن الدرع الحامي لوطننا الحبيب ...أعيد الشريط بعقلي وكيف وقف الجيش المصري مع الثورة وكيف حمى الثوار وهي حالة نادرة الحدوث ولكنها الشيء الطبيعي في مصرنا ..
فالجيش المصري خير اجناد الارض
ليست كلمتنا نحن البشر ولكنها كلمة نبينا الكريم وخاتم الرسل سيدنا محمد... ولكن مع تطور الاحداث واختلاف المفاهيم واختراق غير عادي للعقول خلال الفترة من يوم 25 يناير الى يومنا هذا ... بدأ ما لم يكن في الحسابان التطاول من بعض الافراد على جيشنا الحبيب ...وليس هذا فقط .. بل يشككون في ولاء الجيش والمجلس العسكري للثورة والثوار... وهذا طبعا" من بعض الافراد.... فالجميع يعتبرهم قلة فقدت مصدقياتها يحاولون إشعال الفتنة بين الشعب والجيش..تناسوا أو نسوا أن كل جندي بالجيش المصري يحمل كفنه على راحتيه لكي ينعم كل فرد من الشعب المصري بالأمان... نسوا أو تناسوا شهداء الجيش في كل معاركنا على طول الزمن .. يا شعب مصر العظيم فالجيش منكم ولكم لا تتركوا ولا تستمعوا لمن يريد تخريب العقول وهدم الوطن .. فالوقيعة بين الجيش والشعب هدف القوى الخارجية ...هدف من يريد تدمير وتفتيت أرض الكنانة لتحقيق الحلم الفاسد من النيل للفرات ... هل تاه عن عقولكم أن الحلم بعقول الصهاينة ينموا وجذوره تمتد وفرحتهم عامرة بما يحدث في الوطن العربي كله ... فالحلم الصهيوني نبتة فاسدة يرويها بكل همة ونشاط القوى العظمة في العالم ...الا وهي امريكا ..
ياشعب مصر الحبيب ... ايها الشعب الكريم الطيب الذي تعلوا الابتسامة الدائمة فوق ثغره... وهو في اشد حالات المعناة والكرب.. احشدوا قلوبكم وحفزوا عقولكم وتكتلوا وساندوا المجلس العسكري والجيش .. وحاذروا حاذروا!!
أن يتم حدوث أي انقسام بجيشنا الباسل جيش مصر... لو حدث هذا الامر وهو مستبعد سوف تضيع الكنانة وسوف يضيع النيل وسوف ينفلت من بين أناملنا الحلم بالصلاة في المسجد الأقصى...
على موقعي( بالفيس بوك)...أمر وسط الصفحات أجد ان الفتنة مننا فينا,,, بعض الاخوة يقومون بإشعال الفتنة بإلقاء بعض الكلمات والأشعار ويوهمونا انهم يريدون الصالح لمصر ...بمناهضة قرارات المجلس العسكري
وهنا بعض العقول الرخيصة.. يصدقون ويعلقون ولا يعلمون ان الجيش الأن يحمل على عاتقة الجبهة الداخلية وصلابة الجبهة الخارجية... نعتبرهم لايعلمون!!!!!!!... الجيش الأن يحمل حمل ثقله لا يحمله جبال العالم متجمعة .. ولكن هذا هو الجيش المصري وغير مستبعد عنهم فهم خير اجناد الارض اكررها واعيدها فهم خير اجناد الارض.. الجيش المصري هبة من الله للشعب المصري
كنز مصرنا الحبيب في جيشها الباسل
ساندوا الجيش والمجلس العسكري .. وساندوه في قراراته فهو الأن يحاول ان يعيد الصلابة للجبهة الداخلية بعقله وحكمته المعروفة .. لا تدعوا عليه بالباطل.. فكل قراراته لها حكمة ...هم فقط من يعلمها اتركوه وأمدوا له أذرع المساعدة.
وساندوه ولا تفتحوا فوهة البركان ولا تجعلوا الأسد يكشر عن أنيابه ... لا تنسوا كيف انتصرنا في حرب أكتوبر المجيدة بالتخطيط العسكري ومهندسين الجيش المفكرين... فجيش مصر يملك عقولا" لا يملكها جيوش العالم كلها
فالنحمد الله على نعمته... ونشكر فضله على هبته ألا وهي رجال مصر متمثلة في جنودنا الأبرار
تذكروا ان الجيش هو من حمى الثورة
لا ثورة بدون الجيش لاوطن بدون الجيش لا كرامة بدون الجيش

همومك كبيرة يا شعبنا في القدس 4/ راسم عبيدات


.... شهر رمضان على الأبواب والمفروض كما هو مذكور ربانياً في القرآن الكريم،ان يكون شهراً للتوبة والرحمة والمغفرة والتعاضد والتسامح والتكافل والعبادة،ولكن على أرض الواقع ترى عكس ذلك،فما أن يقترب شهر رمضان ويبدأ،حتى تجد الكثير من المظاهر والظواهر على عكس ما يجب أن يكون عليه الشهر الفضيل،حيث ترى الجشع عند التاجر بأكثر صوره وضوحاً وتجلياً،وأيضاً أصحاب شركات وسيارات المواصلات العامة،يرفعون أسعار المواصلات،ويستغلون حاجة الناس للقدوم إلى المسجد الأقصى من أجل الصلاة أو التعبد في العشرة الأخيرة من رمضان،وكذلك النهم عند جموع المستهلكين والنفاق والدجل الاجتماعي والبطر والإسراف والافطارات الجماعية الاستثمارية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وغيرها والمقامة من قبل رجال أعمال واقتصاديين وسياسيين..الخ.

قبل بداية شهر رمضان بأيام تجد أن الأسعار قد ارتفعت بشكل جنوني بقدرة قادر،وأصبح سعر اللحمة كسعر أونصة الذهب في البورصات العالمية،وليس هذا فحسب فالعديد من التجار البضائع الموجودة عندهم منذ فترة طويلة وكاسدة او منتهية صلاحياتها وفاسدة يقوم بعرضها في السوق للبيع،وهنا التشديد على نقطة هامة وجوهرية أن من يجعل" فرعون يتفرعن" من التجار ولا يلاقي أحد يرده، ليس فقط غياب الرقابة والمساءلة والمحاسبة للتجار وغياب الضمير والوازع الأخلاقي والتمسح بالدين،بل المستهلكين أنفسهم،والذين ترى أو تعتقد في هجومهم وتزاحمهم على البضائع والحلويات والمثلجات أن المنطقة مقبلة على مجاعة كبرى"أيام سفربلك" أو أن حرب كبرى ستنشب او كارثة ستقع،فهم يأكلون كالجراد الأخضر واليابس،وأنا أجزم أن العديد منهم لا يصومون مغفرة وتوبة وقناعة،بل ما يهمهم بالمقام الأول أصناف الطعام والمقبلات والمثلجات والحلويات التي ستوضع على مائدة الإفطار،وهنا أيضا حدث ولا حرج فالأطعمة التي ترمى في حاويات القمامة أكثر مما تؤكل،وأراهنكم أن الطعام الذي يوضع على موائد الإفطار عند البعض،كفيل إذا ما اقتادت عليه الحركة الأسيرة الفلسطينية في سجون الاحتلال،أن تخوض شهراً كاملاً إضراباً عن الطعام،وإذا كانت هناك عزيمة أو وليمة " فأنت ترى البطر والإسراف على أصوله فالأكل الذي يوضع للفرد الواحد يشبع ويطعم عشرة أشخاص،ولكن ليس هذا المهم فالمهم القول أن أبو شادي عمل وليمه رمضانية واللحم "اللي انكب فيها أكثر من اللي أكلوه الناس"،فغياب الوعي والتربية والثقافة وسيادة مفاهيم "الفشخرة" الاجتماعية والاستعراضية والوجاهية والزعاماتية وحب الذات والظهور هنا هي الأساس،وليس التعاضد وصلة الرحم او الشعور مع الفقراء أو طلب المغفرة والتوبة والصدقة الجارية.

أما عن الافطارات الجماعية الاستثمارية فحدث ولا يحرج،فهي تقام في فنادق خمسة نجوم وعبر دعوات رسمية توجه لكبار وعلية القوم،والذين جزء منهم لا يعرف رمضان طريقه إليهم،ولكن الدعوة هنا هي جزء منها "تسليك" مصالح واستثمار اقتصادي او اجتماعي أو سياسي أو جميعها مجتمعة،او "برستيج" وجاه اجتماعي،وهنا يتجلى لك النفاق الاجتماعي على أصوله،فالعديد من المدعوين قد يكونوا رجال دين،وهم لا ينتقدون مثل هذه الدعوات والافطارات،بل دائماً مشاركين فيها ومادحين ومسبحين بحمد مقدميها.

ولم تعد المسألة مقصورة على الافطارات الجماعية متعددة الوجوه الاستثمارية،بل حفلات ما بعد الافطار والمسماة مجازاً خيم رمضانية،خيم طرب وكيف "والذي منوه" حتى السحور.

وظاهرة أخرى أصبحت تسيء لرمضان وللذوق والأخلاق العامة،مجموعات شبابية تضع سياراتها على جوانب الشوارع العامة في القدس،وتصدح مسجلات سياراتها بأغاني هابطة بعد ساعات الإفطار،ويقوم أصحابها بعمل وتدخين "الأراجيل" في الشوارع العامة،وتسبب الإزعاج للمارة والمتسوقين.

قلنديا وما إدراك ما قلنديا في شهر رمضان،فكل طويل عمر من يستطيع الوصول إلى رام الله أو العودة منها خلال أربع أو خمس ساعات،فهو قد يصل الى الأردن ويعود منها قبل أن يصل من رام الله الى القدس أو بالعكس،فالفوضى عارمة،وسيارات عمومية والمفترض أن يكون سواقها أكثر التزاماً وانضباطاً وعلى درجة عالية من الأخلاق،ولكن على الأرض هم الأكثر خرقاً وخروجاً وتعدياً على النظام والقانون وقواعد المرور،ولا يتوانون عن أي شكل من أشكال التجاوز الخطر والسير بعكس السير،وأيضاً أرتال من السيارات الخاصة بسبب التجاوزات والخروج عن مسالكها تغلق الطرق والشوارع دون أي اكتراث بالمصلحة العامة،وهناك من يوقفون سياراتهم في وسط الشوارع،وتصبح الحالة كيوم الحشر،يوم يفر الولد من أبيه،وترتفع درجات الحرارة والشتائم والتلاسن وتصل الأمور حتى التطاول والاعتداءات الجسدية،ولا أحد يسمع من أحد،وتغيب القيم والأخلاق والذوق ولا ينفع لا شعبان ولا رمضان ولا شوال،وترى أعمال البلطجة والزعرنة وتدفيع الناس الخاوات،وعلى بعد أمتار من ذلك ترابط مجندات على الحواجز يضبطن إيقاع حركتنا كبندول الساعة،ولا احد يجرؤ أن يخالف لهن أمرن،وتنزل فجأة علينا الأخلاق وقواعد الالتزام بالنظام والقانون،فنحن نعيش على ثقافة الخوف والعقاب والترهيب،أما الالتزام بالنظام والقانون والانتماء وتغليب المصلحة العامة على الخاصة،فهي ليست قيم أصيلة عندنا،بل نتغنى ونتمسح بها كشعارات،وفي الواقع العملي لا تجد لها أية ترجمات بل ما يمارس هو عكسها تماماً .

قبيل مواعيد الإفطار ترى جموع وسيول بشرية تزحف على محلات الحلويات وبالذات القطايف وكذلك محلات بيع الفلافل والحمص،حتى لتظن أن تلك السلع ستختفي من السوق،أو لكأنها غير موجودة قبل يوم واحد من رمضان،حتى يشتهيها الناس ويطلبونها بهذه الشراهة،ومع عودة الصائمين إلى البيوت وقبل موعد الإفطار بقليل،تسمع "زمامير" السيارات وسيرها بسرعة جنونية،وتنشب "طوش" ومعارك تستخدم فيها كل الألفاظ البذيئة والمسيئة،والتي يجب أن لا تقال في رمضان أو في غيره،وإذا كان رمضان يعود الناس على الصبر والتسامح،فلماذا يقدم مثل هؤلاء الصائمين على مثل هذه الممارسات المتعارضة مع هدف الصوم والذوق العام؟.

وهموم شعبنا في القدس تكبر وتتعاظم يومناً بعد يوم،ونزيف المقدسيين متواصل وعلى كل الصعد،ودون أفق لحل يلوح في الأفق ينقذ المقدسيين من هذا الوضع أو يدع حداً لهمومهم ومعانياتهم الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية والسياسية.

هــل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤمن بثورة الشعب ؟/ أنطونــي ولســن

للوهلة الأولة لمن يقرأ هذا العنوان يشعر أنه مستفز، والحقيقة غير ذلك إنه سؤال يطرح نفسه في عقل ووجدان كل مصري مخلص لمصر وللشعب المصري المطحون عبر سنوات القمع التي مر بها وليس من المهم أن يكون هذا المصري أو ذاك من المقيمين على أرض مصر، لسبب بسيط إن كل من يعيش خارج مصر مازالت وستظل مصر في قلبه وعقله ووجدانه ، كل ما هنالك وجود فئات تريد تحجيم فكر ونشاط المصريين في الخارج .
نعم أنا أسأل هنا هذا السؤال : هل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤمن بثورة الشعب التي إندلعت في الخامس والعشرين من شهر يناير هذا العام 2011 ؟؟!!
طبيعي الإجابة من كل عاقل متفهم للأمور ستكون بنعم وأنا واحد منهم .
إذن إذا كان ذلك كذلك لماذا تضع مثل هذا السؤال المستفز عنوانا لمقالك ؟؟!!
الحقيقة لقد سبق وكتبت وشكرت المجلس الأعلى للقوات المسلحة لعدم إستخدامه كأدات قمع من الرئيس السابق مبارك كما فعلت ومازالت تفعل جيوش دول أخرى عربية . وهذا في حد ذاته شيء نفتخر به الأن وإلى الأبد فالتاريخ سيسجل ذلك بحروف من نور ولكن !.
منذ الخامس والعشرين من يناير وحتى كتابة هذا الكلام لم يحدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة هويته تجاه مستقبل مصر سواء السياسي أو العام .
قال المجلس أنه لا يريد الأستمرار في تولي إدارة البلاد وتم تعين وزارة رفضها الثوار الذين إختاروا وزارة أخري في ميدان التحرير برئاسة الدكتور عصام شرف لكننا جميعا لاحظنا موقف رئيس الوزراء ووزارته مكتوفة الأيدي ولا تستطيع أن تظهر قدراتها في إدارة شئون البلاد التي إختارها الشعب لذلك وواضح أن المجلس الأعلى له يد في ذلك ولم يعط رئيس الوزراء ووزارته حرية التصرف وإتخاذ ما يجب إتخاذه دون الرجوع إليه مما قيد حركة الوزارة والوزراء وكأن المجلس بهذا التصرف يقول لرئيس الوزراء ووزارته نحن نحكم مصر وليس أنتم ، ولا تنسوا أنكم وزارة تسير الأعمال ولستم وزارة ثابتة ويمكن الأعتماد عليكم أو إعادة إنتخابكم بعد إستقرار الأمور. هذا من ناحية الوزارة ، وزارة تسير الأعمال لكنها مشلولة الحركة ولا حول لها ولا قوة فمن الطبيعي لن تستطيع تأدية واجباتها على الوجه الأكمل .
هذا من ناحية الوزارة ، وزارة تسير الأعمال دون معرفة حقيقة صلاحيتها في تسيرهذه الأعمال وماهو المطلوب منها .
نأتي إلى الناحية العامة وتسير المجلس للأمور بحكم أنه المسئول ، كانت ومازالت غير واضحة . مثلا لم يتوانى عن السماح بعودة المبعدين الإسلاميين المتشددين وكأنه كان في إنتظار تلك الفرصة ولماذا ؟؟ العلم عند الله والمجلس . لا أريد إعادة الكلام عن ماحدث للمسيحيين دون إتخاذ الأمر بجدية ومعاقبة الفاعل مما ترك أثرا واضحا مشجعا مما أدى إلى رفض أهالي قنا تعين محافظا مسيحيا والخسارة التي تسببت عن ذلك بسبب الإعتصامات ولم يتخذ في الأمر ردعا لمن يفكر في القيام بمثل ذلك العمل .
تعديل بعضا من مواد الدستور تم بطريقة فيها علامات إستفهام كثيرة والذي أكد ذلك الأستفتاء الذي أجري على التعديلات والطريقة التي تمت به يدل على عدم الإهتمام بالثورة ومتطلباتها وكأنه أراد إرضاء فئة لا أحد سيعترض عليها لو حدث ذلك في إنتخابات حرة تضم جميع أطياف الشعب المصري ومؤسساته .
موقعة الجمل وما حدث فيها من إستشهاد شرفاء وإصابة الآلاف من الشعب المصري بعضها إصابات سببت إعاقات دائمة دون قمع من القوات المسلحة في الوقت واللحظة دون ترك الحبل على الغارب وكان في إمكان الجيش التصرف ولا حجة له في ذلك . والأكثر غرابة ما قرأنا وشاهدنا جثث 19 شهيدا لم يتم التعرف عليهم أو حتى محاولة البحث عن أهالي الشهداء للتعرف عليهم .وكأن الأمر لا يعنيهم ، وهذا شيء غير مرضي من جهة أصبحت مسئولة أمام الله والشعب في رعاية مصالح المواطنين .
طالب الشعب ، ولكي أكون محددا بعضا من أبناء مصر ومفكريها بأن يكون الدستور أولا بعد إعلان المجلس الإنتخابات البرلمانية أولا ولم يهتم المجلس بالأمر ولم يستمع لمطالب الغالبية وإستمر في مخططه الرامي إلى إعطاء الفرصة لفئة على حساب فئات أخرى وإنقسم الشعب إلى المناداة بالدولة الدينية و الدولة الليبرالية مما دفع بالبعض التشكك في نوايا المجلس خاصة أن الراغبين في الدولة الليبرالية غير مجهزين لضيق الوقت المحدد للأنتخابات لتنظيم أنفسهم للخوض في الأنتخابات على عكس الجانب الأخر المنادي بالدولة الدينية .
لم يشعر شباب الثورة على أنهم جزء لا يتجزأ من الوطن الذي عرضوا أنفسهم من أجله بسبب تجاهل المجلس لهم وكأن المطلوب منهم القيام بإعتصامات ليلفتوا أنظار المجلس الحاكم بوجودهم مما دفع بالبعض يظن أن مصر مازالت تحكم من قبل النظام السابق لتشابه الأمر في تسير أمور البلاد بالتشكيك كل فئة في الأخرى والإتهامات التي تساق جزافا بتمويلات أجنبية أو التعاون مع جهات لها مصالح في عدم الأستقرار .
كم هو مؤسف أن نظل محلك سر منتظرين من يأمرنا بالتحرك ويقول " إلى الأمام معتدل مارش " .ولا أحد يملك هذا القول غير المجلس الأعلى ، والمجلس نفسه يقف محلك سر لماذا ؟؟ لا أحد يعرف !! قد تكون حكمة العقلاء هي التي تريد أن تتصرف بكل حذر دون الأندفاع مع تهور الشباب . وفي الوقت نفسه لم يعط للشباب فرصة الإشتراك في تحمل المسئولية مما أدى إلى ما وصفه الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي ، جامعة الأزهر " إللي حاصل دلوقتي إللي هو بيقلق الناس ما فيش حركة من الدولة وقامت بيها لقدام ، إيه إللي حصل فكرة ثورة الحضارة وقفت وحصل خلط ما بين الحضارة والثقافة ... الشباب حركة والكبار حكمة .. عصام شرف كرئيس وزراء لما عين الوزرا ، يعين مع كل وزير أربعة شباب مساعدين من شباب الثورة ... " هذه حقيقة الشباب حركة والكبار حكمة ومع الحكمة التأني ومع شباب اليوم التحرك العلمي المبني على نظريات علمية وسياسية وإقتصادية وأيدلوجية لم يعتمد على فرع معين من فروع المعرفة ، بل هو خليط علمي ديني له جذور حضارية تعتبر أقدم وأعرق حضارة عرفت معنى التعايش ومعنى التقدم ومعنى التماسك والتضحية من أجل مصر وقصة الملك أخيناتون أكبر دليل على صدق كل ما قيل ويقال على حضارة مصر والشعب المصري الذي يؤمن بمصر أولا ومصر أخيرا وأثمرت التعددية ثمارها في خلق وطن منصهر في بوتقة واحدة إسمها مصر .
في السياسة لا شيء إسمه نفذ الأوامر وبعدين إتظلم .. لأ .. الأوامر يجب إعادة التفكير فيها مرة ومرات حتى يستقر الأمر لما فيه خير مصر والشعب المصري .
الدستور أولا مطلب أساسي وجوهري لأن الدستور هو أساس بناء الوطن ونحن في مرحلة ثورة أي عدم رضي وإحتجاج . لماذا نقيدها ونفرض الأوامرونصر على الإنتخابات أولا ثم يأتي الدستور وعند مناقشة الموضوع بروية لا أحد يستمع وتظهر سلطة القوات المسلحة التي لا تقبل النقاش فيما أملته وقررته وتطبيق نظرية نفذ أولا ثم إعترض .
لا خواطر فيما يخص الوطن . لا توجد في الأنظمة الحضارية الحالية شيء إسمه الدولة الدينية أو حزب له مرجعية دينية . بالنسبة لمصر هي دولة إسلامية متعددة الأديان والملل والمذاهب ولا مرجعية بالنسبة للمسلمين غير الأزهر الشريف الذي فقد هويته العلمية الدينية بضياع المجهود الديني في خلطة التعليم العلماني في جامعة أزهرية دينية . يجب أن يعود الأزهر المنارة الإسلامية للعالم الإسلامي وغير الإسلامي لينير العالم كما كان سبب إنشائه في قاهرة المعز وأن تستقل الجامعة عن الأزهر ويكون لها كيانا مستقلا مثل بقية الجامعات المصرية. ما الذي يحدث الأن ، وسأكون صريحا معكم .. هل لو أن الأزهر الشريف هو المرجعية الإسلامية الوحيدة ما كنا سمعنا كل ذلك الكم من الفتاوى حتى لوكانت صادقة . لأن لكل مقام مقال ووقت كما نصحني أحد الشيوخ في قنا منذ أكثر من خمسين سنة مضت .ولا يسمح لأي إمام مسجد بالخوض في أمور الفتاوى على الناس بل تكون المرجعية لقسم الفتاوي بالأزهر الشريف . كما تكون الكاتدرائية المرقسية بالعباسية هي المصدر الأساسي والوحيد فيما يخص التشريعات الدينية المسيحية ، وهذا ينطبق أيضا على الكنائس الأخرى إن كانت الإنجيلية أو الكاثوليكية كل منها رئاساتها مسئولة عن إصدار أو الحديث فيما يخص أمور الدين حسب الإيمان المسيحي .
السياسة لعبة التلت ورقات .. عندنا مثل بيقول .. إنت حتشتغلي في البوليتيكا .. أي السياسة ، يقوله إبن البلد عندما يناقشه أحد في موضوع فيه لف ودوران .لا مانع من وجود أحزاب دينية لكنها لا تحكم بأسم الدين إنما تحاول وأضغط هنا على كلمة تحاول تكريس القيم الدينية ومن يستجيب خير وبركة ومن لا يستجب لا تهديد له أو لها كل يتحمل وزر أفعاله في يوم الحساب طالما لايسبب ضررا لأحد على الأرض .
أعود إلى عنوان المقال " هل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤمن بثورة الشعب ؟؟!! " وأختم بالقول الأفعال لا الأقوال هي التي تثبت وتبرهن على أن الأعلى إن كان يؤمن بثورة الشعب أم لا . وكما قلت في بداية الكلام أن الأعلى يؤمن بثورة الشعب ، وأضيف .. لكن لا أعرف سببا لضياع الوقت ، يجب أن توجد خارطة واضحة المعالم يشارك في وضعها الشعب مع الجيش والشرطة ، خارطة تكون واضحة المعالم محددة الأهداف الأساسية التي سيتم بها التحول من دولة ديكتاتورية إلى دولة ديمقراطية مستنيرة متدينة نستطيع أن نعيد لمصر كرامتها وعزتها بين الأمم .

يا فرحة ما تمت ..!/ شاكر فريد حسن

فاطمة احمد حسن فتاة في ربيع العمر وطالبة ثانوية متفوقة من قطاع غزة ، تقدمت لامتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) وحققت نجاحاً كبيراً وحصلّت نتائج مشرفة وكانت من بين العشرة الاوائل الناجحين.
في صباح يوم الاحد الماضي ، وبعد ظهور ونشر النتائج عبر وسائل الاعلام المختلفة ، راحت تحتفل مع افراد عائلتها بنجاحها ، لكن هذه الفرحة لم تكتمل ، فقد سقطت صريعة مضرجة بدمائها برصاصة اطلقها شقيقها من مسدسه بطريق الخطأ ، عندما كان يحتفل معها فتحول الفرح الى مأتم.
وهذه الحادثة التراجيدية ليست الاولى من نوعها ، فقد جرت حوادث متشابهة كثيرة كانت نتائجها مؤسفة ومؤلمة ووخيمة.
فففي الاسبوع قبل الماضي تسبب اطلاق النار في عرس بمجد الكروم الجليلية بمصرع الشاب المأسوف على شبابه امير حمدان ابن التاسعة عشرة ، الذي كان يحتفل بعرس اخيه ، فانقلب الفرح ايضاً الى ترح.
الواقع ان شعبنا تعود على اطلاق النار والمفرقعات ابتهاجاً وفرحاً في الاعراس والليالي الملاح وطلعات العرائس والحفلات الخاصة ، كاعياد الميلاد وطهور الاطفال وعودة الحجاج والمعتمرين من الديار الحجازية وغير ذلك. ولكن في الحقيقة ان ظاهرة "الطخ" هذه اصبحت ليست للفرح والابتهاج فحسب ، وانما هي تعبير عن قوة واستعراض عضلات ليس الا..! .
ان النتائج المترتبة على العبث بالسلاح واستخدام الالعاب النارية كثيرة وخطيرة وتنتهي في الغالب بالمآسي والكوارث وسقوط ضحايا . وهذه العادة هي عادة بدائية متخلفة ، والشعوب المتحضرة والمتمدنة ، التي تعشق الحياة ، لا تلجأ الى "الطخطخ" للاحتفال والابتهاج . بل هنالك مظاهر متعددة للفرح منها الرقص والطرب والدبكة والزغاريد. وسقى اللـه ايام زمان حين كانت النسوة تزغرد في كل مناسبة سعيدة ، اما في ايامنا هذه فقد تحولت "الزغرودة " الى "رصاصة" تلعلع في السماء .
لقد قيل وكتب الكثير عن ظاهرة استخدام السلاح والمفرقعات في الاعراس ، لكن لا حياة لمن تنادي ، فالآذان صماء ، وقليل من الناس من يسمع ويتعظ ، وبالمقابل الآخر يتمادى ويتظاهر ويتفاخر ويتباهى بالسلاح حتى في طلعة ابنته العروس ..!
نعم .. طفح الكيل وبلغ السيل الزبى ، وعلينا جميعاً محاربة هذه الظاهرة السيئة المعيبة والمتخلفة والتصدي لها بكل قوة ، وذلك بمقاطعة كل عرس يستخدم فيه السلاح . وعلى القوى المجتمعية والمدنية والاهلية اخذ زمام المبادرة ، وعلى ائمة المساجد في خطب الجمعة الحث على ترك هذه العادة الضارة، وما تسببه من كوارث ومصائب ، فنحن في غنى عنها. وعلى الشرطة العمل على مصادرة جميع الاسلحة المرخصة وغير المرخصة من مدننا وقرانا العربية ، فقد اصبحت مصدراً للازعاج والعنف الدامي المتفاقم والمستشري في مجتمعنا .

حوار 8 آذار هو للإستسلام لسلطة وسلاح ونمط حياة الدويلة/ الياس بجاني

اشعيا03/4 و5: "واجعل صبيانا رؤساء لهم، وأطفالا تتسلط عليهم، ويظلم الشعب بعضهم بعضا، والرجل صاحبه. يتمرد الصبي على الشيخ والدني على الشريف"

تكمن مشكلة لبنان الأساس في وجود طبقة من الحكام والمسؤولين والسياسيين المحكومين الذين لا يعرفون ألف باء المسؤولية والحكم، كونهم تربوا وترعرعوا وتثقفوا ودجنوا خلال حقبة الإحتلال السوري البغيضة لوطننا الغالي. فهؤلاء لا يجيدون غير تلقي الفرمانات وترداد لازمة، "حاضر سيدي بتأمر". إنهم كالشوك الذي لا يمكن أن يثمر عنباً أو تيناً، وكالنبع الذي جفت المياه في قعره، وكأبو الهول وباقي الإهرامات الفرعونية صم وبكم وعميان فيما يخص كل صدق وحق وحقيقة.

على خلفية مفاهيم وثقافة الربع الطروادي هذا نقرأ دعوة جماعات سوريا وإيران في لبنان المحتل للعودة إلى طاولة الحوار. الدعوة جاءت على لسان الثلاثي المذعن لسلاح الملالي والغزوات والإغتيالات والترهيب والبلطجة، جنبلاط وسليمان والميقاتي، وذلك بعد أن أكمل أصحاب السلاح انقلابهم وتسلموا مفاصل الدولة والحكومة بالكامل.

ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فالدعوة هي بيزنطية بلغتها، واحتيالية وتمويهية في جوهرها، ولا تختلف في مضمونها وعهرها وابليسيتها وصبيانيتها وتفاهتها عن دعوات الرئيس السوري الحوارية الإحتيالية والببغائية المتتالية المفرغة من أي مصداقية وجدية فيما عصاباته من شبيحة ومخابرات ومرتزقة ايرانيين ولبنانيين وفرق اغتيال وعسكر وغيرهم مستمرون بقتل أحرار ومثقفي وأطفال سوريا والتنكيل بهم.

الدعوة للحوار، النعوة، أطلق صرختها بعد نيل حكومة الميقاتي الثقة، العروبي الأسدي المتميز والمقاوم بعضلات وناس ومال غيره، الأكروباتي النائب وليد جنبلاط، المتخصص بجمع جثث الأعداء من على ضفاف الأنهر، والخبير في تغيير الجاكيتات ونقل الطرابيش والتنظير في فنون الميكافيلية الفاقعة.

جنبلاط العائد لتوه مع رفيق نضاله المقاوم غازي العريضي من بلاد القياصرة لم يكتف بالأذى الكبير الذي ألحقه بثورة الأرز وبالرئيس الحريري وبتجمع 14 آذار بعد أن انقلب عليهم وخان الوكالة الشعبية التي أوصلته إلى مجلس النواب وانتقل إلى قاطع محور حزب الله قالباً الأقلية النيابية إلى أكثرية والأكثرية إلى أقلية. لا لم يكتف بعد الوليد وهو ما زال مصراً على تركيع الجميع وإذلالهم كما ركع هو لترهيب حزب الله واستسلم لعراضة قمصانه السود وقبل الذل والهوان وبدل جلده.

طبقاً للصحف اللبنانية اتصل جنبلاط بالرئيس الحريري الموجود في العاصمة الفرنسية وحثه على الانخراط في عملية الحوار التي دعا إليها هو وسليمان والميقاتي وكأن الحريري الذي اكتوى من غدر هذا الرجل وقلة وفائه وحربائيته لا زال يثق به ويأخذ بنصائحه المدمرة!

صرخة جنبلاط الحوارية تلقفها كل من الرئيس "الحيادي" القابع في قصر بعبدا و"يلي ما شفش حاجه"، على حد قول إخواننا في أرض الكنانة، ورئيس حكومة حزب الله اللاهث وراء السلطة على حساب العدل والسيادة والاستقلال والكرامة، والناقض لكل الوعود والعهود، النجيب الميقاتي.

الحشريون والمشككون ونحن منهم، يسألون أي حوار هذا وما هي غايته وعلى ماذا؟ الجواب بالطبع لن نجده عند الثلاثي الداعي كون أفراده بعيدون عن موقع القرار بعد السماء عن الأرض، وببساطة متناهية هم بلغة الزجل مجرد "رديدي" أي صدى لا أكثر ولا أقل.

الرد على دعوة هذا الثلاثي من "الرديدي" للعودة إلى طاولة الحوار جاء مباشرة من العضو في كتلة حزب الله النيابية، النائب حسن فضل الله فسقطت الأقنعة، وبانت العورات، وفاحت الروائح وتمظهرت الأحجام. فضل الله أعلن بالفم الملآن: "إن حزب الله" مقتنع بالخيارات السياسية التي اعتمدها في الحوار على أساس بناء إستراتيجية دفاعية للبنان وليس على قاعدة التحاور حول المقاومة والسلاح لأنه ليس لدينا مادة اسمها السلاح أو المقاومة للحوار". وقال فضل الله خلال احتفال في صور بعد ظهر الخميس في 21 حزيرن/11 : "إن بناء إستراتيجية دفاعية للبنان هو الموضوع الذي نريد أن نتحاور عليه ومع ذلك كنا دائما نقول: تعالوا إلى طاولة الحوار واعرضوا ما لديكم ونواجه الحجة بالحجة والدليل بالدليل والبرهان بالبرهان". وأشار إلى أن "المنطق القوي هو الذي يحاور، ومن يهرب عادة من الحوار هو الذي لا يملك لا منطقا ولا حجة ولا يستطيع أن يواجه المنطق والحجة، وهو يهرب من الحوار إلى الضجيج والصراخ وإلى التضليل والاتهام". وسأل: "هل يستطيع أن يقدم هذا الفريق إلى أي لبناني ضمانات بأن إسرائيل لن تعتدي على لبنان مرة أخرى؟ وهل يستطيع أن يقول إن هناك معادلة في لبنان يمكن أن تحمي البلد غير معادلة الجيش والشعب والمقاومة؟ وهل يستطيع أن يقدم إلينا إستراتيجية دفاعية لحماية لبنان؟". وشدد على أن "معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي معادلة لبنانية وطنية تكرست بإرادة اللبنانيين، وأن لا أحد لا في الداخل ولا في الخارج يستطيع أن يغير هذه المعادلة مهما علا الضجيج والصراخ من هنا وهناك".

كلام فضل الله الوقح والإستكباري يقول للجميع بفظاظة متناهية ودون مواربة تعالوا حاورونا واستسلموا فتسلموا كما فعل الثلاثي إياه وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور. وفي هذا السياق الحواري بامتياز لا بد من التنويه بدور الإستاذ نبيه المفوه الذي طالب بأن يكون الحوار دون شروط مسبقة.

سمعنا كلام النبيه، هذا المشرّع القانوني الفذ، ففرحنا وانشرحت أساريرنا، وكيف لا؟ وهو بفخر ومنذ ما يزيد عن 20 سنة مؤتمن على حماية مصالح ومشاريع نظامي الأسد والملالي عندنا، وفي نفس الوقت حامي حمى دويلة المجلس النيابي التابعة لإقطاعية حركة أمل وأخواتها وإخوانها مع صندوق الجنوب ووزارتي الصحة والخارجية وغيرها من المواقع في مؤسسات الدولة المسجلة ملكيتها بإسم الإستاذ والموضوعة تحت سلطة حكام دويلة الضاحية الجنوبية.

ترى، هل ستشارك 14 آذار في هكذا حوار "تركيعي" وتنضم إلى الثلاثي لتسلم وتستسلم؟ حتى الآن كل بيانات وتصاريح نوابها وقيادييها هي رافضة للدعوة ومصرة على حصر الحوار في بند واحد هو سلاح حزب الله.

نأمل أن تتمسك 14 آذار بقوة بهذا الموقف وأن لا تتراجع عنه تحت أي ظرف ومهما كانت الضغوطات. كما نطالب بأن لا تقبل بعد الآن أن يُستعمل عنوان "الإستراتجية الدفاعية" في أي حوار لأنه كلام حق يراد به باطل. الإستراتجية الدفاعية هي مسؤولية الدولة ومؤسساتها حصرياً ولا يحق لحزب الله الإيراني أو لغيره من مرتزقة سوريا فرض معتقداتهم المذهبية والهرطقية على لبنان واللبنانيين.

كما أن الحوار يجب أن يكون وفقط على كيفية تسليم حزب الله وباقي جماعات سوريا وإيران في لبنان سلاحهم للدولة وتفكيك دويلاتهم ومربعاتهم الأمنية. كما يجب إنهاء مهزلة الدويلات الفلسطينية والسورية، بما فيها المخيمات كافة وبسط سلطة الدولة اللبنانية عليها بالكامل وتجريدها من السلاح عملاً ببنود القرارين الدوليين 1559 و1701

في الخلاصة إن حزب الله ورغم الانتفاخ الكياني الوهمي المصاب به، ورغم ما يعانيه من زهوِ صبياني واستكبار مرضي ونرجيسية فاقعة، فهو يسير بسرعة كبيرة جداً نحو الهاوية والانكسار تماماً كالمصير الأسود الذي ينتظر النظام السوري القمعي والإجرامي. يوم تأتي هذه الساعة، ساعة الخلاص، وهي لا بد آتية، ستشرق شمس الحرية مجدداً على لبنان وتعود الطمأنينة ومعها السلام والاستقرار إلى ربوعه وتنتهي حالة المحل التي يعاني منها بسبب هيمنة الدويلة وتدخلات الشقيقة الشقية وكفر طاقم حكامه والمسؤولين واستزلام معظم سياسييه لجهات غريبة، وإن غداً لناظره قريب.

الأمة بين علماء يقبلون يد السلطان وعلماء يرفضون أن يقبل السلطان يدهم/ محمد فاروق الإمام


كلما حاق بالأمة خطب وأحدقت بها النوازل والإحن لجأ الناس إلى علماء الأمة يستنصحونهم ويستلهمون من مواقفهم العزيمة والثبات والصبر على الشدائد حتى يكشف الله عنهم هذه الغمة ويزيل عنهم هذا البلاء الذي حط ترحاله في بلادهم، وما أحوج سورية اليوم، وقد نُكبت بحاكم سادي أعلن الحرب على الله وعلى عباده، فقتل وذبح وشرد ونشر الفساد وحاصر المدن وأهلك الزرع والضرع والحجر والشجر، واستباح حرمة بيوت الله والعباد.. ما أحوج سورية إلى عالم يصدع بقولة الحق لا يخشى في الله لومة لائم يقف في وجه هذا السلطان وقفة شموخ وعز وإباء لا يخاف سطوته ولا جبروته، يصدح صوته بالحق في وجهه غير هياب أو آبه بما قد يُفعل به، وهو واحد من هؤلاء الذين ذبحوا وعذبوا وأهينوا وليس بأحسن منهم فهم وهو من أب واحد وأم واحدة والفيصل بين الجميع التقوى والعمل الصالح (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
هل عقمت أمهات أحفاد خالد وأبي عبيدة وعكرمة والقعقاع أن يلدن أمثال الشيخ العز بن عبد السلام الذي وقف وقفة شموخ وتحدي بوجه السلطان الكامل الأيوبي فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، ولم يكن موقفه أقل جرأة عندما تولى السلطان الصالح إسماعيل مقاليد الحكم في دمشق، الذي تحالف مع الصليبيين، وأعطاهم بيت المقدس وطبرية وعسقلان، وسمح لهم بدخول دمشق، فلم يرضَ الشيخ العز بن عبد السلام بهذا الوضع المهين، فهاجم السلطان في خطبه من فوق منبر المسجد الأموي هجومًا عنيفًا، وقطع الدعاء له في خطب الجمعة، وأفتى بتحريم بيع السلاح للصليبيين أو التعاون معهم، ودعا المسلمين إلى الجهاد.
غضب السلطان الصالح إسماعيل، وأمر بعزل العز بن عبد السلام من إمامة المسجد الأموي، ومنعه من الفتوى والاتصال بالناس، ولم يكتف بذلك، بل منعه من الخروج من بيته، فقرر عز الدين الهجرة من (دمشق) إلى (مصر) فلما خرج منها
ثار المسلمون في (دمشق) لخروجه، فبعث إليه السلطان أحد وزرائه، فلحق به في نابلس، وطلب منه العودة إلى دمشق، فرفض، فقال له الوزير: بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وإلى ما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان، وتعتذر إليه وتقبل يده لا غير.
فقال العز بن عبد السلام: والله يا مسكين، ما أرضى أن يقبل السلطان يدي، فضلاً عن أن أقبل يده، يا قوم أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ.. الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به، فقال له الوزير: قد أمرني السلطان بذلك، فإما أن تقبله، وإلا اعتقلتك، فقال: افعلوا ما بدا لكم!!
العز بن عبد السلام لم يبع دينه بدنياه كما يفعل بعض علماء الشام اليوم الذين كانوا عوناً لجبروت الحاكم الباغي وطغيانه.. الذين يسوّقون فعاله الشنيعة بليِّ عنق الآيات والأحاديث النبوية الشريفة خدمة لأغراض هذا الحاكم السادي وتبريراً لجرائمه، ويصدرون الفتاوى التي تسهل عليه ارتكاب الفواحش والموبقات والمظالم والأحكام الجائرة، ويحللون ويحرمون ويلغون بعض الشعائر الدينية وتأديتها حتى لا يعرقلوا على هذا الحاكم ارتكاب المزيد من الجرائم.
فقد نشرت جريدة الثورة السورية الرسمية يوم 22 تموز الحالي أن وزارة الأوقاف السورية توجهت بدعوة لموظفيها من المشايخ والخطباء في دمشق إلى اجتماع في الجامع الكويتي يوم الأربعاء 13-7-2011، وقارب عدد الحضور 25 شيخ وخطيب، كان من أبرزهم د. محمد سعيد رمضان البوطي، ومفتي الجمهورية د. أحمد حسون، وعبد الستار السيد وزير الأوقاف، وعدنان أفيوني مفتي دمشق وريفها، والشيخ الجليل كريم راجح، والشيخ رشيد قلم وغيرهم، أفتتح المجلس بكلمة لمفتي الجمهورية د. الحسون أشار فيها لأهمية الإنسان، ومكانته... خلص منها إلى وجوب مساعدة الناس والتخفيف عليهم في هذا الحر وعليه اقترح فضيلته!! أن لا يصلي الناس التراويح في هذا العام بسبب الحر!! رد عليه الشيخ كريم: أن التخفيف يكون في عدد الركعات وليس عدم الصلاة مطلقا!! فما كان من المفتي إلا أن أفصح عن الهدف من منع صلاة التراويح لا نريد للناس أن تخرج في مظاهرات، كما تحدث عن الفتنة وخطرها أنه بإلغاء صلاة التراويح يكون قد قدم المصلحة على المفسدة المتحققة بخروج المظاهرات وسفك الدماء... فجاء رد الشيخ كريم: أن الأولى أن يتوجه بكلامه للأمن الذي يستبيح دماء الأبرياء، انتهى النقاش وأعقبه كلمة لوزير الأوقاف عبد الستار السيد الذي أعلن خلالها بشكل قاطع قرار وزارة الأوقاف إغلاق المساجد في رمضان هذا العام!! وانتهت الجلسة بقول للشيخ رشيد قلم: سنصلي التروايح ولو في الشارع ثم انسحب جزء من الحضور معربين عن رفضهم لقرار وزارة الأوقاف.
هؤلاء العلماء المقوسي الظهر الذين باعوا دينهم وجثوا على ركبهم يقبلون يد السلطان لأجل دنياهم إرضاء للباغي وتغطية لجرائمه وفسوقه، هم من ابتليت بهم الشام كما ابتليت بحكامها الساديين الذين يشتركون معاً كل منهم باختصاصه، في ذبح السوريين اليوم الذين ثاروا على الظلم الذي حاق بهم وتقلبوا على جمره وتجرعوا مرارته لنحو خمسين عاماً، فلكم الله يا أهل الشام فهو كافيكم شر هؤلاء الشركاء ومنزل سكينته عليكم وناصركم عليهم، لأنكم في ثورتكم تنصرون الله ودينه، وقد بشركم بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).

ست الدار وسيدة البيت/ لطيف شاكر


( لو كنت عاقلا أبحث لنفسك عن زوجه , وأسس لها بيتا , أحبها من قلبك , وحافظ على سعادتها , أنها كا لحقل الذى يسعد صاحبه بالسنابل الجميله )
من أسطوره "أيزيس وأوزوريس" أدرك المصرى أن من الموت تأتى الحياه بعدما أحتضنت تربه مصر الغاليه أشلاء "أوزوريس " و أصبحت بفضل سيده النماء والجمال "حتحور" سنابل القمح الغاليه وعرف "حورس" أن دور الأبن هو أن يبذل كل الجهد لكى ينتصر على الفوضى والظلم ويعيد للأرض تناغمها وأستقرارها.
و أصبحت الأرض " بيتا" و"وطنا" والأم "أيزيس" سيده عرش هذا الوطن أما الأخت " نفتيس" فلقد أصبحت "سيده هذا البيت" و المسئوله عن أمنه وأستقراره ، "نفتيس" هى " ست الدار" – وهذا بالفعل الأسم الحرفى لها و صوره التاج الذى تحمله فوق رأسها ولهذا وصفت بأنها "سكن الحياه" وفى أحيان أخرى "سرير الحياه".
فمنذ بدأت الحياه على ضفاف وادى النيل و المرأه دائما مع الرجل - حتى نهرالنيل نفسه جمع بين المرأه والرجل فى صوره واحده هى صوره " حابى" الذى تخيله المصرى القديم فى صوره رجل له ثدى أمرأه رمز الغذاء والعطاء المستمر ونراه دائما أثنين – واحد يمثل الشمال والآخر الجنوب يربطان زهرتى "اللوتس" و"البردى" تأكيد لوحده وثبات وادى النيل.
فالمرأه هى الزوجه والحبيبه التى أطلق عليها المصرى القديم لقب " شريكه الحياه"، وربما لا يوجد تمثال أو صوره من صور المعابد لا نرى فيها الرجل والمرأه معا يجمع بينهما الحب والأحترام والود والأخلاص.
وأدرك المصريون بأن المرأه الجميله هى المرأه الذكيه وأوصى الآباء أبنائهم بالبحث عن المرأه العاقله القادره بحكمتها وحسن تصرفها على مشاركه الحياه معهم، وكانوا يقولون بأن من يتزوج أمرأه لأجل جمالها كمن يشترى بيتا من أجل جمال طلاء واجهته فقط ، وأوصوهم أيضا بان يعاملوا زوجاتهم معامله حسنه ويظهرون لهن مشاعر الحب والحنان ويهدوهن أيضا الزهور والعطور.
ولقد كان الزواج فى مصر القديمه يعقد فى مكاتب تسجيل ملحقه بالمعبد ويتم أيضا فى وجود شهود .
وكان العريس يقول عند كتابه عقد الزواج : " لقد ربطت مشيئه الله بيننا برباط الزواج المقدس ، ولقد عرفت أنك أخترتنى بحريتك ووافقت على بكامل أرادتك ، وستكونين فى بيتى السيده الحره ولن أهمللك أو أهجرك أو أفرط فيك.. وأذا قدر لنا أن ننفصل سوف أعطيك جميع حقوقك"
وكانت الأفراح تشبه افراحنا فلقد كان رش العريسين بحبات القمح الأخضر أحد طقوس الزفاف.
حتى "اختراع الدبله" يعود الى مصر القديمه فهى نفس دائره " الشن" التى ترمز للأستمرار والبقاء.
و تصف كتب التاريخ "نفتيس" بأنها "سيده الكتان" – أول نسيج عرفه العالم وصنعت منه المرأه المصريه القديمه أجمل الملابس وأكثرها أناقه فهناك الفساتين ذات الأكمام وأخرى بدون أكمام وفساتين فضفاضه تضم تحت الصدر برباط أو حزام ملون وفساتين طرزت بالخرز وأستخدمت فيها الخيوط الفضيه والذهبيه خاصه فى ملابس المساء والسهره والأحتفالات الرسميه والمناسبات الخاصه
ولكن أهم مميزات فساتين المرأه المصريه القديمه هى تلك التكسيرات المعروفه " بالبليسيه" وهذا يعنى أن المرأه فى مصر القديمه كانت رشيقه للغايه وكانت تبدو دائما فى قمه اناقتها – فقيره كانت أم غنيه بل أن اجمل صور وصلت لنا وتعبر بالفعل عن هذه الشياكه والأناقه هى صوره الفلاحه المصريه فى هذا العصر القديم.
ومن المعروف أيضا أن المرأه المصريه القديمه كانت أول من أكتشف"المرآه" التى كانت مقابضها تأخذ فى كثير من الأحيان شكل سيده الجمال " حتحور" وهى أيضا أول من عرف فن تصفيف الشعر الذى أستخدام فيه الشعر الصناعى والباروكات وأكتشفت أيضا نبات " الحناء" فى تغذيه الشعر وصباغته.
و عرفت أدوات التجميل من أحمر الشفاه للبودره لطلاء الأظافر وأهم هذه الأدوات كان الكحل الذى تفننت فى أستخدامه فوصفت لنا كتب التاريخ المرأه المصريه بأنها صاحبه اجمل عيون – نفس العيون السود" الحتحوريه" الواسعه.
وربما لا يوجد متحف من متاحف العالم وليس فيه مكحله من تلك "المكاحل" الرائعه ومن أجملها ما هو محفوظ الآن فى متحف اللوفر فى باريس وهى مكحله تأخذ شكل طفله رشيقه تسبح وراء أوزه – هى غطاء المكحله. .
هذا بالطبع غير " العطور" التى برعت مصر فى صناعتها من زهور اللوتس والياسمين والتمر حناء وكان لبعض السيدات فى مصر القديمه عطرهن الخاص و مكانا لتصنبع هذه العطور فى حدائق بيوتهن.
و أذا كانت مصر القديمه قد تفوقت فى صناعه وتصميم الأزياء المختلفه وأيضا أدوات التجميل والعطور ، الا انها لم تتفوق فى شىء قدر تفوقها فى فن صناعه الحلى والمجوهرات التى برعت فيها بشكل مذهل يفوق الخيال,
فلقد عرفت مصر "الذهب" الذى يرمز "للشمس" و لهذا كانت له مكانه كبيره لدى المصريين ، ونعمت بوجود الكثير من الأحجار الكريمه فى أرضها خاصه " الفيروز" أو "التركواز" وكانت سيده الجمال "حتحور" تعرف ايضا بأسم "سيده التركواز".
ومازالت الحلى التى صنعها المصرى القديم تنافس أجمل الحلى التى يصممها كبار الفنانين فى عصرنا الحديث بل أن الكثير من الفنانين يستلهمون تصميماتهم من هذه الحلى القديمه الرائعه .
وغير ألأهتمام الذى أعطته المرأه المصريه لجمالها وأناقتها الا أنها كانت "سيده البيت" مثلها مثل "نفتيس" وكان البيت من طينه هذا الوطن لا يختلف كثيرا عن بيوت الفلاحين فى الريف المصرى حاليا التى تبنى من الطوب النىء الذى يجعل البيوت رطبه فى الصيف ودافئه فى الشتاء وأهم ما يميز بناء البيوت فى هذا الوقت هو أحترام المعمارى القديم وتعاطفه مع البيئه فلقد كان يدرك بأن البناء جزء لا يتجزأ من الحياه نفسها وأن العماره تعبير عن علاقه الأنسان بالأرض والطبيعه ، وكان البيت يتكون من مكان للمعيشه ومكان للطهى وآخر لتخزين الحبوب غير فرن الخبز و الأمكنه المخصصه لتربيه الحيوانات والطيور.
وكانت لنظافه البيت الأهميه الكبرى غير تجميل البيت عن طريق رسم بعض الرسومات على جداره مثلما يفعل الفلاح فى مصر حتى الآن وبالرغم من تواضع البيوت الا انها كانت تعبر عن ذوق رفيع – عملى وبسيط.
وأخذ الأثاث المنزلى أشكالا و تصميمات رائعه تشمل السراير والموائد والكراسى وأيضا الصناديق الجميله المزخرفه التى كانت تستخدم لحفظ الحلى والملابس.
وفى صور كثيره نرى المرأه وهى تقيم الولائم والحفلات التى كان يراعى فيها آداب هذه المناسبات التى لا تختلف كثيرا عن ما هو متعارف عليه الآن، فلقد كانت الموائد تغطى بأغطيه من الكتان الأبيض وتوضع عليها آنيه الزهور وأوانى الطعام الفخاريه الجميله وعرف المصريون أدوات تناول الطعام كالملاعق التى كانت تصنع من الخشب والعاج وأيضا السكاكين التى كانت تصنع من البرونز، وكانت ست الدار تقوم بأستقبال الضيوف بنفسها ، وتجلس قبل الجميع الى المائده ثم تسمح للضيوف بالجلوس.
ولا يعنى اهتمام المرأه الكبير بمظهرها ودورها كسيده البيت والمسئوله عنه أن المرأه لم تعمل خارج البيت بل على العكس أشتغلت المرأه فى مصر القديمه بكثير من الأعمال وكان من بينهن الكثير من الطبيبات والأديبات.
ومع ذلك لم تكن مسئوليه أداره البيت من أختصاص المرأه فقط بل كان من المتوقع أن يشارك الرجل فيها وهناك خطابا تركته لنا الأيام مكتوبا على أناء فخارى فى سقاره تشكى فيه الزوجه من زوجها وتطلب منه أن يكثر من مساعدته لها قائله له : " لو لم تساعدنى فسوف بذهب الحب الذى جمعنا..أن مسئوليه البيت كبيره ورعايته هى التى تجعله بيتا حقيقيا.".
وأعتاد الرجل فى مصر القديمه فى الحقيقه أن يشارك زوجته فى كثير من الأمور فنراهما سويا وهما فى نزهه نيليه أو يتنزهان فى الحديقه أو يلعبان معا لعبه "السنت" المصريه والتى تشبه لحد كبير لعبه الشطرنج الحديثه.
وكانت المرأه تتمتع بمكانه كبيره عندما تصبح أما فصوره الأمومه التى جسدتها أمومه السماء " نوت" الأسطوريه وأيضا صوره "أيزيس" وهى ترضع أبنها "حورس" ظلت محفوره فى قلوب المصريين حتى يومنا هذا.
ونعم الأطفال بالكثير من الرعايه والتدليل و هناك صور كثيره نرى فيها الطفل يجلس فى حجر والده وهو يلاعبه ويقبله ، وصور اخرى تظهرأفراد الأسره كلهاوهى تتبادل مشاعر الحب والترابط بينها.
ومن أجمل ماتركه الأديب المصرى القديم كلمات الحب تجاه الأم والوصايه برعايتها فنراه على سبيل المثال يقول : " لا تبخل على أمك بالحب فلقد أعطتك الحنان وأحملها وهى عجوز فلقد حملتك وأنت طفل وأطلب منها دائما الرضاء فرضاؤها من رضاء الله
المرأة المصرية ست البيت وسيدة الدار ...وماذا ياتري قيمتها في ظل العربية البدوية الصحراوية الخائبة والجاهلة وعجبي !!!!!!!!!!

النسخة الآسيوية من محاكمات (نورمبورغ)/ د. عبدالله المدني

ود كثير من الكمبوديين، ممن تعرضوا لإنتهاك كراماتهم وحقوقهم بأبشع الصور أو تعرض أقاربهم للقمع الوحشي على يد نظام الخمير الخمير الذي حكم كمبوديا ما بين 1975 و 197 لو أن العمر إمتد بهم ليروا زعماء ذلك النظام المتوحش خلف القضبان أو معلقين على أعواد المشانق. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفنهم. فالإجراءات البيروقراطية، معطوفة على مخاوف بعض القوى الإقليمية والعالمية من إفتضاح مؤامراتها في كمبوديا فيما لو فتحت كل ملفات الماضي أمام القضاء الدولي، حالت دون محاكمة رموز وقادة الخمير الحمر في الوقت المناسب، الأمر الذي فوّت على العالم معرفة كل حقائق وأسرار تلك الحقبة الدموية القبيحة في تاريخ كمبوديا. فبمقتل زعيم الخمير الأكبر الجزار "بول بوت" على يد رفاقه، ثم وفاة رفيقه الأعرج "تا موك" لاحقا، لم يبق على قيد الحياة سوى حفنة صغيرة من الذين لعبوا دورا ما في أعمال الإبادة الجماعية أو مارسوا القتل والتعذيب والتجويع والإغتصاب داخل ما عـُرف بإسم "حقول الموت".
هذه الحفنة الصغيرة التي يتقدمها أربع رجال وإمرأة واحدة وهم: المنظر الإيديولوجي لنظام الخمير الحمر "نيون تشيا"(84 عاما) ، ووزير خارجية النظام "يينغ ساري"(85 عاما)، وزوجة الأخير/ وزيرة الشون الإجتماعية "يينغ تريت"(79 عاما)، ورئيس جمهورية الخمير "خيو سامفان"(79 عاما) هم الذين بدأت محاكمتهم في السابع والعشرين من الشهر الماضي أمام محكمة دولية مستقلة مدعومة من الأمم المتحدة.
ومن المنتظر أن تستمر هذه المحاكمات لمدة طويلة بسبب تعقيدات الجرائم المرتكبة ووحشيتها، ووفاة الكثير من شهود الإثبات، ناهيك عن إستمرار وجود خلافات وجدل حول المسائل الإجرائية، وتولي محام فرنسي بارع ذي صيت عالمي في تبرئة مجرمي الحروب (جاك فيرغيس) مهمة الدفاع عن المجرمين المذكورين. والجدير بالذكر أن محاكمة أجريت في يوليو 2010 لمجرم من مجرمي الخمير ممن كانوا قيد الإعتقال وهو القائد المعروف بإسم "دوتش" فحــُكم عليه بالسجن لمدة 30 عاما فقط. وتلك المحاكمة ، كما هو الحال في المحاكمة الحالية، لم تشد إنتباه الكثير من الكمبوديين لسبب بسيط هو أن 50 بالمئة من الشعب الكمبودي هم من فئة الشباب التي ولدت في حقبة ما بعد إنهيار نظام "بول بوت"، وبالتالي لم تر أهواله ولم تتجرع مراراته.
ولعل من أكثر الأمور تعقيدا في المحاكمات الجارية، والتي وصفت بأنها الأكثر إثارة منذ محاكمات نورمبورغ بحق زعماء النازية، هو إرتباط الكثيرين من رموز النظام الحالي في فنوم بنه بحقبة الخمير قبل إنشقاقهم عن الأخير وإسباغ صفة "دعاة الديمقراطية والسلام" على أنفسهم. بل أن رأس النظام الحالي رئيس الحكومة "هون سين" نفسه كان ضمن قادة حركة الخمير الحمر يوما ما، ويتخوف اليوم من إحتمالات أن تــُفتح ملفاته ويــُكشف عن دوره في جرائم الماضي، بدليل إنتقاداته في أكتوبر الماضي لأمين العام الأمم المتحدة "بانك كي مون" على خلفية تحمس الأخير للإسراع في محاكمة قادة الخمير الأحياء قبل أن يختطفهم الموت، ناهيك عن دعوة وزراء في الحكومة الكمبودية الحالية للمجتمع الدولي بضرورة إغلاق ملف الخمير نهائيا، والكف عن التدخل في الشئون الداخلية الكمبودية.
وفي دفاعه عن موقفه المذكور، يرى "هون سين" أن فتح ملفات الماضي قد يشعل الغضب في مناطق معينة من البلاد من تلك التي دانت بالولاء للخمير الحمر لأسباب عرقية او عائلية أو مصلحية، وبالتالي قد تدخل كمبوديا مرة أخرى في نفق اللاإستقرار.
على أن "هون سين" ليس وحده المتخوف مما قد تكشف عنه المحاكمات الجارية من أسرار حقبة الخمير الحمر السوداء أو في الحقب السابقة أو التالية لها مباشرة. فهناك ، كما أسلفنا، دول لعبت أدوارا مختلفة سواء لجهة توفير المبررات للخمير للقفز إلى السلطة في فنوم بنه كما فعلت الولايات المتحدة، أو لجهة دعمهم للبقاء في السلطة كما فعلت الصين، أو لجهة دعهم من أجل إستمرارهم في حروب العصابات بعد خسارتهم للسلطة كما فعلتا تايلاند ولاوس. وهناك أيضا شخصيات ملكية تثار حولها الأقاويل لتعاونها مع الخمير أو السكوت على جرائمهم أو عدم التنديد صراحة بهم. وفي مقدمة هؤلاء الأمير سيهانوك الذي ترك بلاده ولجأ إلى الصين إحتجاجا على قيام فيتنام بإسقاط نظام الخمير، رغم ما ألحقه الأخير به وبالأسرة المالكة من إهانات وإذلال.
فإذا ما أجرينا قراء سريعة في تاريخ الخمير الحمر، نجد أن هذا الإسم إختاره "الحزب الشيوعي الكمبودي" لنفسه، من بعد أن حدد أهدافه البعيدة المتمثلة في إحداث ثورة جذرية على النمط الماوي في المجتمع الكمبودي لتطهيره من البرجوازيين والإقطاعيين وأنصارهم من المثقفين والتكنوقراط ، وهو ما أدى، بمجرد وصول الحزب إلى السلطة في عام 1975 ، إلى قيامه بعملية إبادة جماعية حصدت نحو مليوني نسمة، ناهيك عن تهجير مئات الآلاف من الكمبوديين الأبرياء إلى الأرياف البعيدة من أجل إعادة تأهيلهم على غرار ما فعله ماو في ثورته الثقافية المجنونة في ستينات القرن المنصرم.
والمعروف أن جرائم الخمير الحمر لم تنته بفقدانهم السلطة في فنوم بنه بعد عام من التدخل العسكري الفيتنامي في ديسمبر 1978. حيث لجأ قادة الخمير وأتباعهم إلى المناطق النائية المتاخمة للحدود مع تايلاند، حيث شكلوا ميليشيات مسلحة تحت إسم "الجيش الوطني لكمبوتشيا الديمقراطية" لمشاغبة الحكومة الجديدة. ورغم أن هذه الميليشيات أصيبت بنكسة بوقوع موقعها الحصين في مقاطعة "آن لونغ فينغ" في أيدي القوات الحكومية، فإنه لا هذه النكسة ولا نكسة مقتل الرفيق رقم 1 "بول بوت" في إبريل 1998 خففت من حماقاتهم أو أوقفت مخططاتهم الوحشية الهادفة إلى خلق "مجتمع الطهر الثوري". تلك المخططات التي لم تستثن أحدا من القتل والتعذيب والتجويع والإغتصاب، ولاسيما من أطلق عليهم أنصار الإقتصاد الحر والليبرالية الغربية من المثقفين والفنانين والأكاديميين والإعلاميين. بل أن تلك المخططات شملت ايضا فصل الأطفال بالقوة عن أسرهم، وإرسالهم إلى مراكز للتمرن على القتل والتعذيب بإستخدام الحيوانات الداجنة، وهو الأمر الذي وصفه أحد المراقبين بـ "أحد أبشع أساليب التوحش عند الخمير الحمر". لكن هناك عمل أبشع - من وجهة نظري - إرتكبه الخمير وهو ما فعلوه من منطلق تحقيق الإكتفاء الذاتي. حيث كانوا لا يعالجون المرضى والجرحى والمصابين بحجة عدم وجود أدوية أو وسائل طبية من صناعة محلية.
ونختتم بالقول أن تاريخ الحركة الشيوعية الكمبودية التي أفرزت هذه الجماعة الإجرامية مر بست مراحل هي:
• مرحلة التأسيس كحزب شيوعي لعموم الهند الصينية في عام 1920 ، حيث كان معظم أعضاء الحزب من الفيتناميين بقيادة "هوشي منه"
• مرحلة الإنفصال وتأسيس الحزب الشيوعي الكمبودي بعد تحرر الهند الصينية من الإستعمار الفرنسي، وبعد تضاءل تأثير ونفوذ شيوعيي كمبوديا على الجماعات الشيوعية الأخرى في الهند الصينية
• مرحلة تغيير الإسم إلى "الحزب الثوري الشعبي للخمير الحمر" وسيطرة "بول بوت" ورفاقه العائدين من الدراسة في فرنسا على قيادته إبتداء من عام 1960، وتوليه تقديم الدعم لقوات "فييت منه" التي كانت تقاتل الأمريكيين في فيتنام الجنوبية.
• مرحلة النضال ضد نظام "لون نول" المدعوم إمريكيا، إلى أن تمت الإطاحة به في إبريل 1975 .
• مرحلة توليه السلطة ما بين 1975 و 1979 .
• مرحلة خسارته للسلطة على يد قوات الفيتنامية الغازية، وتحوله إلى ميليشيات تقاتل الأخيرة.
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يوليو 2011
الإيميل:elmadani@batelco.com.bh

إلى المجلس العسكرى المصرى: عفوا.. لقد نفذ رصيدكم/ رأفت محمد السيد


هذا لسان حال أغلب الشعب المصرى الأن بعد أن بدأ يتسرب إلى نفسه القلق من موقف المجلس العسكرى المصرى الذى بات على غير العادة يصدر بيانات متسرعة ، لاتهتم بردود الشارع المصرى ، حتى بلغ بهم الامر إلى تخوين بعض الحركات الوطنية والتى كان لها دور بارز قبل وأثناء ثورة 25 يناير ، فعندما يصدر بيان عن المجلس العسكرى هذا نصه : "اكد المجلس العسكري علي ان حركة 6 ابريل تسعي لاحداث الوقيعة بين الجيش والشعب " فهذا يعنى أن التخوين لإحدى الحركات الوطنية وهذا أمر مرفوض تماما ولذلك فانا أحمل المجلس العسكرى ماحدث بميدان العباسية من أحداث مؤسفة وقعت بين المواطنين المصريين " مؤيد ومعارض " للمجلس العسكرى فهذه هى نفس طرق وأساليب النظام السابق لم تتغير وأقول للمجلس العسكرى الموقر تحفظ كيفما شئت ولكن دون أن تخوِّن أحد ، فمن حق الجميع أن يعبر عن رأيه كيفما شاء طالما فى حدود الشرعية والقانون والإلتزام ومن حق المواطن المصرى التظاهر والإعتصام طالما لم يتحقق شئ منذ قيام الثورة وحتى هذه اللحظة ، وأخاطب المجلس العسكرى خطاب العقل الذى لابد ان ينتبهوا إليه: أنتم الذين وضعتم أنفسكم فى هذا الموضع الذى لايليق بالمؤسسة العسكرية التى نكن لها كل التقدير والإحترام ، هذا الجيش العظيم الذى هو جزء من الشعب ، بل إن كل جندى به هو فرد من افراد الشعب يؤدى خدمة وطنية جليلة فى الذود عن وطنه ، فماذا يمثل لكم مبارك الان ؟ هو موظف بدرجة رئيس جمهورية مخلوع بإرادة الله وبامر الشعب المصرى – فلماذا التهاون معه ؟ ولماذا يعامل هذا المجرم هذه المعاملة المستفزة ؟ فهناك وأقسم بالله من هو أكثر منه عطاءا لمصر ولم يأخذ شيئا سوى القهر والذل نتيجة وطنيته – ارجوكم إخلعوا رداء الولاء لمبارك ؟ إخلعوا ثوب رد الجميل لمن ولاكم مناصبكم ؟ فامامكم خيارين لاثالث لهما لتعود الثقة فيكم من جديد إما مبارك وأعوانه وإما الشعب المصرى وتحقيق امالة وطموحاته وأعتقد من العقل والحكمة إختيار الشعب المصرى صاحب التاريخ والامجاد وأنوه إلى ان الشعب المصرى لن تفلح معه أساليب الترهيب والقمع والتنكيل التى هى كانت جزء لايتجزأ من النظامن السابق فالجميع اصبح يحمل رسالة وهدف لم ولن يحيد عنه وهو عدم العودة للوراء من جديد ولابد من تصحيح الاوضاع وبدء هذا الطريق بإصدار احكام عاجلة ضد كل رؤوس النظام الفاسد واولهم الرئيس المخلوع ومعاملته على انه مجرم او خائن أو أى مسمى غير أنه رئيس جمهورية ، عليكم النزول على رغبة الشعب بنقل مبارك إلى سجن طره مثله مثل اى مذنب حتى يستشعر الشعب بالعدل والمساواة فى التطبيق ، عليكم الإسراع فى محاكمة حبيب العادلى ورجالة وأعوانه وإعلان هذه المحاكمات أمام الشعب المصرى ليرتدع الجميع ويعلم كل مسئول أن هذا سيكون مصيره حتما لو جار أو ظلم أو شرع فى قتل أو قتل الابرياء من ابناء هذا الوطن ، عليكم تنفيذ مطكال الثوار منذ الوهلة الاولى وتحديد جدول زمنى واضح وسريع لتنفيذ تلك المطالب وهى : القصاص العادل من قتلة الشهداء وممن افسدوا وخانوا الوطن، واسترداد أموال مصر بالداخل والتي باعها النظام الفاسد بطرق مشبوهة لأعوانه والتي تصل إلى عشرات المليارات لكي يتسنى للحكومة الجديدة دعم فقراء مصر، ورفع الحد الأدنى للأجور، وتنقية حكومة مصر الثورة من كل رموز العهد البائد، وممن ارتبطت أسماؤهم بقضايا الفساد وتحديد صلاحيات وسلطات هذه الحكومة في مرسوم واضح للجميع، ووضع الرئيس المخلوع مبارك في المكان الذي يستحقه بمستشفى طرة، ومطالبة النائب العام بالاستقالة فورا، وفصل السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية، ومطالبة المجلس الأعلى للقضاء بتطهير نفسه، والإطاحة بكل من يشوه هذا الكيان الذي لابد أن يكون رمزا للنزاهة والشفافية في مصر الثورة، والتطهير الفعلي لوزارة الداخلية من كل رموزها الفاسدين، وإيقاف الضباط المتورطين في قتل الشهداء عن العمل وليس نقلهم إلى إدارات أخرى وإقالة الوزير منصور العيسوي، ورفض عمليات الترقيع المستمرة لحكومة الثورة، والتخلص من كل أعوان مبارك وأسرته ومنهم وزير البيئة ماجد جورج وحسن صقر وصفي الدين خربوش وفايزة أبو النجا وغيرهم- وأنوه إلى أن فرصتكم فى أن يسجل لكم التاريخ بحرف من نور نجاح ومساندة هذه الثورة فأنتم تقولون انكم شركاء فى هذه الثورة وأقول لكم أن الشريك لابد أن يساند الثورة بتحقيق أهدافها التى لم يتحقق منها شيئا حتى هذه اللحظة ، الشعب ينتظر منكم الكثير ثقة منه فى ماضيكم المشرف والناصع فاجعلوه دائما لديه هذه القناعة تجاهكم مرددا من قلبه وبملء الحناجر الشعب والجيش يد واحدة كيان واحد بدلا من ان يرفعوا شعارات تعكس فقدان الثقة فى دوركم الجليل عندما نقرا على اللافتات : إلى المجلس العسكرى عفوا لقد نفذ رصيدكم – استحلفكم بالله أن تجعلوا شعب مصر نصب أعينكم هذا الشعب الذى احبكم ووضع كل ثقنه فيكم فلا تخذلوه فلا احد يستحق الخذلان سوى مبارك واعوانه وابنائه – أعلنوها بشجاعتكم المعهودة كما عودتمونا "تحقيق مطالب الثورة والشعب هى غايتنا نستشهد من اجلها كم استشهد أبناء لنا من قبل – دماء الشهداء فى اعناقكم وامال الشعب المصرى أمانة فلا تخونوها .

لا تغيير في الاستراتيجية الفلسطينية/ نقولا ناصر

(إن تغيير أي استراتيجية يقتضي في المقام الأول إبعاد آبائها ومنظريها ورموزها عن موقع المسؤولية كأضعف الايمان إن لم يقتض تغييرا كاملا في النظام السياسي الذي يديرها)

إن البيان الذي أصدره يوم الأربعاء الماضي من زنزانته في سجن هداريم القيادي الفلسطيني الأسير في سجون دولة الاحتلال الاسرائيلي، النائب مروان البرغوثي، تضمن ثلاثة أسباب رئيسية تسوغ دعوته "شعبنا في الوطن والشتات الى الخروج في مسيرة مليونية سلمية" والى "إطلاق أكبر مسيرات سلمية شعبية في الوطن والشتات والبلاد العربية والاسلامية والعواصم الدولية" من أجل "دعم ومساندة الرئيس" محمود عباس في حملته للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية وعلى عضوية هذه الدولة في الهيئة الأممية.

غير أن العناوين الرئيسية لهذه الحملة ومرجعياتها وأهدافها المعلنة توضح البون الشاسع بين الأمل الذي يحدو الضمير الوطني الذي تمثله الحركة الأسيرة في سجون دولة الاحتلال وبين "وهم التغيير الاستراتيجي" الذي ما زال مفاوض منظمة التحرير يحاول بيعه الى شعبه دون طائل.

وأول الأسباب الثلاثة التي أوردها الأسير القيادي في بيانه ان "نقل طلب قيام الدولة الى الأمم المتحدة" في أيلول / سبتمبر المقبل هو "جزء من استراتيجية جديدة"، وثانيها أن "التوجه الى الأمم المتحدة" يستهدف "نقل الملف الفلسطيني كاملا الى الأمم المتحدة"، وثالثها أن هذا التوجه يستهدف "انتزاع" عضوية دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية "على كامل حدود عام 1967".

ولو كانت هذه هي الأسباب الحقيقية للحملة الدبلوماسية التي يقودها عباس لكان "كسب" ما وصفه البرغوثي ب"معركة أيلول" معركة حقا و"كسبا" مرحليا يمثل "محطة هامة في مسيرة نضال شعبنا"، وفي هذه الحالة فإنها "ليست معركة أبو مازن" والمؤسسات التي يقودها بل ستكون فعلا "معركة ... كل الفلسطينيين والعرب والأحرار في العالم" كما قال البرغوثي في بيانه.

لكن شتان بين الأمل الذي يحدوه في "إنهاء الاحتلال والحرية والعودة والاستقلال"، وهي الشعارات التي دعا البرغوثي الملايين الفلسطينية والعربية الى رفعها "تحت العلم الفلسطيني فقط" أثناء التصويت على الطلب الفلسطيني في أيلول المقبل وبين الواقع المر الذي ما زال يرتهن الوحدة الوطنية وتطبيق اتفاق المصالحة الأخير في القاهرة لذات الاستراتيجية التي أوصلت الوضع الفلسطيني الى حاله الراهن الذي ينفخ في قربة المفاوضات المقطوعة ويشل المقاومة للاحتلال سلمية كانت أم دفاعية.

إن آمال البرغوثي في "استراتيجية جديدة" تنقل الملف "كاملا" الى الأمم المتحدة ل"انتزاع" عضوية الأمم المتحدة واعترافها بدولة فلسطينية "على كامل" حدود 1967 تعني إسقاط استراتيجية أوسلو والاتفاقيات المنبثقة عنها، وإسقاط الرهان على المفاوضات "فقط" وعلى المفاوضات "الثنائية" المباشرة وغير المباشرة مع دولة الاحتلال، وإسقاط ارتهان حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والحرية والاستقلال لنتيجة المفاوضات فقط وللاتفاق من خلالها مع دولة الاحتلال، والتوقف الى غير رجعة عن التفاوض على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 باعتبارها "مناطق متنازعا عليها" وليست محتلة مما يعني ايضا نبذ فكرة "تبادل الأراضي" التي يتم تداولها علنا ورسميا ونبذ فكرة "التبادل الديموغرافي" المرتبطة بها والتي يتم تداولها في الدهاليز البدلوماسية، وإسقاط الرهان على الوسيط الأميركي المنحاز غير النزيه، وتعني فورا إنهاء الانقسام الوطني وهو الابن غير الشرعي لهذه الاستراتيجية وكل ما انبثق عنها.

إن أي متابعة موضوعية تفصيلية للحملة الدبلوماسية التي يقودها عباس الآن باتجاه الأمم المتحدة تؤكد بأن آمال البرغوثي في واد وواقع هذا الحراك الدبلوماسي لمنظمة التحرير في واد آخر تماما.

ففي اليوم ذاته الذي أصدر البرغوثي بيانه فيه كان عباس يعلن في برشلونة الاسبانية أنه "بعد الذهاب الى الأمم المتحدة في سبتمبر / أيلول نعرف أننا سنعود، مهما حصل، الى طاولة المفاوضات لايجاد أفضل الحلول الممكنة (بالاتفاق الذي استحال طوال عقدين من الزمن) مع الاسرائيليين" وأن "الجهود التي نبذلها للذهاب الى الأمم المتحدة لا تجري .. على حساب المفاوضات التي نرغب في مواصلتها"، بعد أن كرر في المحطات التي قادته اليها حملته الدبلوماسية ما أكده أوائل الشهر الماضي بأن "الخيار الأول هو المفاوضات، الخيار الثاني هو المفاوضات، الخيار الثالث هو المفاوضات"، لأن "المفاوضات هي الأساس للوصول الى الحل، ولا يوجد عندنا خيارات" غيرها، و"إذا فشل خيار المفاوضات لا يبقى أمامنا بعد الله سبحانه وتعالى الا التوجه الى أعلى منبر عالمي وهو الأمم المتحدة"، لكن "خطوة سبتمبر يمكن تفاديها في حال بدأت المفاوضات قبل سبتمبر" كما أعلن وزير خارجيته د. رياض المالكي.

وكل الدلائل - - من فشل اللجنة الرباعية الدولية الى فشل الولايات المتحدة الأميركية الى فشل المبادرات الأوروبية لاستئنافها، ناهيك عن وجود حكومة في دولة الاحتلال وصلت السلطة استنادا الى برنامج سياسي يستهدف أولا وأخيرا إفشال المفاوضات وكل ما تمخض عنها من اتفاقيات وتفاهمات - - تشير الى أن أي مفاوضات كهذه لن تبدأ قبل ايلول. ومع ذلك فإن مفاوض منظمة التحرير لا يجد أي سبب لأي تغيير في استراتيجية "خيار المفاوضات" كما يأمل البرغوثي الموجود في الأسر أصلا ليس لأنه يعارض المفاوضات بل لأنه يعارض الارتهان لها كخيار أوحد وحيد لا خيار غيره ولأنه أرادها مفاوضات مدعومة بخيارات أخرى أساسها المقاومة بأشكالها كافة.

حسب قانون مجلس الأمن الدولي، يجب أن يقدم الطلب الفلسطيني الى المجلس قبل (35) يوما من انعقاد الجمعية العامة، أي أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون يجب أن يتسلم هذا الطلب قبل نهاية تموز / يوليو الجاري. والأرجح أن ينتظر مفاوض المنظمة ما تتمخض عنه مداولات مجلس الأمن في السادس والعشرين من الشهر قبل أن يتفق مع لجنة المتابعة العربية على الجهة التي ستتقدم بهذا الطلب وهل هي منظمة التحرير أم دول لجنة المتابعة العربية.
ومفاوض المنظمة المعتاد على التراجع عن مواقفه المعلنة لا يجد أي حرج في الانسجام مع تقليده المألوف تاريخيا في التنازلات، ليعلن رسميا استعداده للتنازل عن طلب حصول "دولة فلسطين" على عضوية الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن بتأييد ثلثي أعضاء الجمعية العامة والاكتفاء بحصولها على "وضع دولة غير عضو" في الهيئة الأممية بأغلبية النصف زائد واحد. لا بل توجد مؤشرات عديدة الى الاستعداد للتنازل حتى عن هذا البديل الذي قد لا يكون كافيا في حد ذاته للحفاظ على ماء الوجه، مثل تكرار فريق التفاوض لاحتمال التخلي نهائيا عن التوجه الى الأمم المتحدة إذا نجح الحاوي الأميركي أو الأوروبي في عرض ملهاة جديدة لاستئناف التفاوض، ومثل عدم تحديد موعد معلن فلسطيني أو عربي للتقدم بالطلب الى الأمم المتحدة تهربا من اي التزام بموعد كهذا واملا في استئناف المفاوضات.
وفي هذا السياق، ظهر نبيل عمرو العضو المخضرم في المؤسسة التفاوضية لمنظمة التحرير كمن يوفر مخرجا ومسوغا لتراجع جديد لمفاوض منظمة التحرير من خارج الدائرة الرسمية لصنع القرار التفاوضي عندما "نصح" في القدس العربي الأسبوع الماضي "بالتراجع عن هذا التحرك وتأجيله الى العام القادم" لأن فيه "سوء تقدير" و "مجازفة" يلحقان الضرر بالعلاقات مع الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية المعارضة له ولأن "القيادة الفلسطينية صعدت الى أعلى الشجرة" دون "ضمانات لنزول آمن" عنها!

إن ما نشره رئيس تحرير وكالة أنباء "معا"، ناصر اللحام، مؤخرا عن ممازحة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، لمفاوضها الذي استقال من رئاسة طاقم المفاوضات لكنه ما زال يفاوض، د. صائب عريقات، بقول الأول للثاني إنه يفكر بتأليف كتاب عنوانه "الحياة مفاوضات غير مباشرة" بعد أن أصدر عريقات كتابه المعنون "الحياة مفاوضات"، يذكر بأن الرجلين يقودا اللجنة التي ألفها عباس لتنسيق وتوجيه حملته الدبلوماسية، والرجلان من رموز الاستراتيجية التي يأمل البرغوثي في أن يكون التوجه الى الأمم المتحدة مقدمة لتغييرها، مع أن تغيير أي استراتيجية يقتضي في المقام الأول إبعاد آبائها ومنظريها ورموزها عن موقع المسؤولية كأضعف الايمان إن لم يقتض تغييرا كاملا في النظام السياسي الذي يديرها.
* كاتب عربي من فلسطين