ليس المقصود في هذا المقال الدخول في تفاصيل عملية ايلات التي أحدثت اختراقاً واضحاً في النظرية الأمنية الإسرائيلية التي يحاول البعض إقناع الوعي الفلسطيني أن الشاباك الإسرائيلي ممسك بالأمور تماماً وأنة يعرف كل شاردة وواردة وان الفلسطيني مراقب حتى في غرفة نومه.
السكون يسيطر على المشهد الفلسطيني، فهناك من يعتقد أن الصراع انتهى، وأننا وعلى رأي وزير الخارجية رياض المالكي نخوض معركة دبلوماسية بالضرورة تحقيق الانتصار فيها، وبصراحة لا اعرف وضمن موازين القوى الواضحة للأعمى كيف سننتصر، وفي المقابل يخرج علينا عضو اللجنة التنفيذية السيد صائب عريقات ليهدد بحل السلطة فيما إذا استمرت دولة الاحتلال الإسرائيلي في سياستها؟؟؟؟؟؟ أما أمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عبد ربة فيقول لنا حضروا أنفسكم لاستحقاق الدولة ولكن حذار من قذف جنود الاحتلال الإسرائيلي حتى بالورد بصرف النظر عن لونه.
في غمرة الخطاب ألاستجدائي جاءت عملية نتانيا لتحرج كل الإطراف، فحركة حماس تضطر وعلى لسان الناطق باسمها أبو عبيدة أعطت الضوء الأخضر لكتائب القسام للتحرك ومشاركة فصائل المقاومة في الرد على الإرهاب الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة بعد أن كانت تلاحق مطلقي الصواريخ وتزج بهم في سجونها للحفاظ على التهدئة، أما منظمة التحرير الفلسطينية المتمسكة بخيار المفاوضات دون البحث عن بديل وقفت حائرة أمام هذا المستجد الذي احدث تطورا استراتيجياً في الصراع مع الاحتلال، والواضح أن الحيرة تجتاح السلطة فهي أمام خيارات صعبة أولها استحقاق أيلول ومن ثم المصالحة مع حماس والخطاب السياسي الذي لم يخرج عن إطار دعوة مجلس الأمن للانعقاد رغم تقديم اوباما تعازيه الحارة جداً للدولة العبرية.
دولة الاحتلال الإسرائيلي تتخبط من خلال التصريحات الصادرة عن قادتها الذين يطالبون باحتلال محور فيلادلفيا تارة، واغتيال إسماعيل هنية والجعبري تارة أخرى، والواضع أن الفشل ألعملياتي وصم الجهات الأمنية في دولة الاحتلال الإسرائيلي التي خرجت علينا لتحمل السلطة مسئولية العملية بالفشل.
تطورات متسارعة فرضت نفسها على كل الأطراف التي لها علاقة بالصراع، الشعب المصري خرج وطالب بطرد السفير الإسرائيلي الذي تمسك ببقائه في مصر رغم سحب مصر سفيرها من إسرائيل احتجاجاً على عمليات القتل بحق الجنود المصريين، وإسرائيل التي تطالبها مصر بالاعتذار غير مهتمة وتعمل على استكمال بناء الجدار وتسير بوتائر سريعة في استيطانها في القدس المحتلة والضفة الغربية.
الشارع الفلسطيني أصبح لقمة سائغة للهجمة على وعيه، فهناك خطاب يقول أن العملية مرتب لها من دولة الاحتلال لإفشال استحقاق أيلول، وبالطبع خرجت الولايات المتحدة الأمريكية لتهدد السلطة بقطع المساعدات عن السلطة في حال توجهت إلى الأمم المتحدة، وشارعنا يتابع أخبار الفساد وتجميد دولة الإمارات 320 مليون دولار للنائب محمد دحلان المفصول من حركة فتح، وقد يكون مربط الفرس في المعادلة الحالية يتمثل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
الطامة الكبرى أن نتحول إلى شعب بلا روح، وهذا واضح في خطاب الشرائح التي لها مصلحة في استمرار حالة اللامقاومه والاستكانة لأيام الجمع في المعصرة وبلعين ونعلين وبيت أمر، ومحاولة إلصاق سمة الإرهاب بكل من يحاول المجاهرة بالحقوق الفلسطينية فعلا لا قولا، وقد وصل الأمر الى اتخاذ الخطوات الاستباقيه لإجهاض أي تحرك جماهيري على ما يسمى بخطوط التماس مع جنود الاحتلال الذي شنوا خلال الأسابيع الأخيرة حملة غير مسبوقة تحذر من انتفاضة مع الذهاب للأمم المتحدة، لدرجة أنهم قالوا نحن نجهز أنفسنا للخوض في النار المشتعلة.
أمام هذا المشهد الذي يزيد عتاة المستوطنين من قساوتة ، من غير الممكن أن يخضع الخطاب الفلسطيني للفعل ورد الفعل، فالقضية الفلسطينية والإسرائيليون ومن قبلهم الأمريكان يدركون أن نضال الشعب الفلسطيني من اجل حقوقه الوطنية وتقرير مصيره مستمرة بالرغم من حالة الإحباط والتردد والمزاجية التي تسيطر على القيادة الفلسطينية من أقصى يسارها إلى أقصى يمينها، وان المرحلة الراهنة ما هي إلا مرحلة عابرة في تاريخ الصراع مهما امتدت، وان الممارسات الخطاب الأمني في الضفة الغربية وقطاع غزة ما هو إلا تعقيد للحالة الجماهيرية التي ما عادت تثق بأحد، لدرجة أن حالة غياب الوعي والارتباط بالالتزامات المعيشية والراتب ارسي لحالة من الوعي السلبي الذي باتت يشكك في كل شيء حتى هذا الشكل من المقاومة.
ما أحوجنا لمراجعة نقدية للخطاب الداخلي، ولكن المراجعة النقدية بحاجة إلى إعادة بناء بهدف إرساء عامل الثقة وترسيخ الشعور الوطني وعدم الاستسلام للخطاب التشكيكي الذي يستهدف روح المواطن.
وبصرف النظر إذا كان توقيت عملية ايلات مناسباً أو غير مناسب فهذا هو الواقع الذي يفرض نفسه على أطراف الصراع وبالتحديد دولة الاحتلال التي تدرك أكثر من غيرها تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية الغير قابلة للتصرف وعلى رأسها حق العودة، وان محاولات احتلال الوعي ستفشل على الواقع الفلسطيني بكل مكوناته هو سيد الموقف، وان اللحظة الراهنة هي الأنسب للتقدم خطوة إلى الأمام لانجاز المصالحة الفلسطينية على الأصول وليس استخدام هذا الشعار كتكتيك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق