العالم ما بين التقدم العلمي والتخلف الفكري والأخلاقي/ أنطـــونـــي ولســـن

ما يدور حولنا في العالم من أمور غاية في الغرابة فهي تحمل الشىء ونقيضه ، إن كان في العلاقات العامة بين الأفراد بعضهم مع بعض أو بين الدول بعضها مع بعض . بل التضاد في العلوم والأفكار والأخلاق . تعالوا معنا نستعرض ما عليه العالم هذه الأيام إن كان من ناحية التقدم العلمي أوالتخلف الفكري والأخلاقي .
نبدأ بالتقدم العلمي ، طبيعي سنتكلم عن الغرب وما على شاكلته من دول أخرى خاصة الدول التي دخلت المعترك العلمي منافسة تارة ومتعاونة تارات أخرى .
إذا تطلعنا حولنا وحاولنا أن نوجز بالحديث عن أجدر المخترعات والإكتشافات التي وصل إليها العالم المتقدم وقدم خدمات أفادة البشرية قاطبة سنجد في رأي الشخصي وقد تختلف معي أو تضيف . أرى أن صنع العدسات المكبرة الكاشفة هو أعظم الصناعات والأكتشافات لأن العدسة أدخلتنا إلى أعمق أعماق المجهول والغامض إن كان على مستوى الطبيعة أو الحياة . لقد إكتشفنا الفضائيات التي كانت لفترة قريبة شيء مجهول مقدس ومجرد التفكير أو التخيل لما قد تكون عليه شكل الأرض والمجرات السماوية هرطقات وكفر يجازى المفكر إذا أباح بفكره للناس ووصل الأمر إلى الكنيسة في الغرب يحكم على الشخص بالموت لأنه تعدى على المقدسات التي يجب على الإنسان أن يتقبلها ويؤمن بها إيمانا أعمي دون نقاش أو تفكير أو حتى التخيل .وقد أخذت إستخدامات العدسة تتعدد مع كبر حجم العدسة وتعدت من تكبير الحروف وإلتقاط الصور إلى الدخول داخل أعماق الفضاء ومعرفة كل ما يدور على أرض المجرات التي تحيط بالأرض . ساعدت الرؤيا التفكير في تحقيق الرؤيا بواقع ملموس فبدأ إختراع المركبات الفضائية لأستخدامها في الوصول إلى ما يمكن الوصول إليه مما شاهدوه عبر ما أطلق عليه " التلسكوب " الذي تطور بشكل مذهل لما رآه العلماء من جمال الخالق في الكون . ونعرف جميعا قصة الوصول إلى القمر والمركبة الفضائية والوصول إلى المريخ وإلتقاط صور حية لأرضه وأجوائه لمعرفة إمكانية العيش هناك وما سنأخذه بإستخفاف الأن لا شك عندي قد يكون حقيقة ليس فقط على المريخ بل قد يتجاوز ذلك إلى أماكن لا يعلمها إلا الله والمؤمنين بالعلم والتقدم العلمي الذي وإن ظهر على أنه سيؤدي إلى الكفر والعياذ بالله وعدم الإيمان بوجود الله ، وإن كنت عن نفسي مقتنعا تمام الأقتناع على أن كل تقدم علمي وفكري هو جزء لا يتجزأ من المعرفة التي أكل من شجرتها أبونا آدم وأمنا حوى . المعرفة التي أثمرت في عقول البعض وقضي عليها في عقول البعض الأخر . بل أنا أيضا عن نفسي مقتنع أن الله سبحانه وتعالى بإرادته سيسمح للإنسان أن يكتشف الكثير من أسرار الحياة على كوكب الأرض والفضاء المحيط بالأرض ليؤمن الناس العقلاء بوجود الله الخالق والقادر أكثر وأكثر ليتفق مع ما تحدث به رسله وأنبياءه وما أخبر به الله البشربنفسه في إقنوم الإبن الرب يسوع المسيح له المجد الدائم .
العلم والعالم المتقدم غيرً الكثير مما كان سائدا منذ نصف قرن مضى أو أكثر بقليل خاصة الناحية الطبية بعد البنسلين وما وصلنا إليه من تحكم في خلية الإنسان والتي يمكن زرعها وتكوين أعضاء جديدة من نفس نوع الخلية التي تم زراعتها إن كان الكبد أو الكُلى وإلخ من إكتشافات وتطورات في أمور الصحة وإكتشاف ما بداخل الإنسان عن طريق العدسة وإعداد الأدوية المعالجة أو إجراء العمليات الناجحة و يطول الحديث عن المخترعات والإكتشافات العلمية الصحية لخدمة الإنسان والحيوان أيضا الذي يعتمد عليه الإنسان .
هذا التقدم العلمي الذي تحدثت عن القليل والقليل جدا مما تم إنجازه في جميع مناحي الحياة جعل الإنسان يفكر في العلم وما وصل إليه العلماء مما يضعهم في مصاف الأله . وبناء عليه تعددت الأله وكثر أتباعها وبدأ التسيب الأخلاقي أو ممكن تسميته بمصطلحنا الشرقي ، بدأ الإنحلال الأخلاقي خاصة الحريات التي تنعم بها شعوب العالم المتقدم . وإن كانت هذه المجتمعات لا ترى أي تسيب أو إنحلال أخلاقي فيما يفعلونه لآنهم يؤمنون بحرية الإنسان إذا لم تتعارض مع حرية أخيه الإنسان إن كان على أرض الوطن أو في أي مكان .. حريتي تنتهي عند أول سلم حريتك . وهكذا يعيشون وهكذا يتعاملون مع أنفسهم وغيرهم . وأصبحت هذه المجتمعات أقرب ما تكون ما كان عليه أهل لوط ، وما تسبب في إنهيار الأمبراطورية الرومانية العظيمة التي تفشى فيها اللواط وإنتشرت الأمراض فأنتهت أسوأ نهاية .
أيام لوط لم يجد الله في سادوم وعامورة العدد الكافي الذي يجعله يعفو عنهما كما طلب من أبونا إبراهيم . وتم حرق المدينتين بعد خروج لوط وعائلته . أما الأمبراطورية الرومانية فكانت قد وصلت إلى الحد الذي لم تصل إليه أي دولة أخرى في ذلك الزمان من غنى وجاه وسلطان وطبيعى لم يعرفوا الله فلعب بهم الشيطان وكانت نهايتهم في شهواتهم .
إذا أردنا أن نطبق هذا الكلام على حالة الدول المتقدمة علميا سنجد أنهم قاب قوسين أو أدنى لما حدث لسادوم وعامورة مع إختلاف في إعتقادي أن نسبة المؤمنين سواء من عامة الناس أو من العلماء والمفكرين مازالت مرضية عند الله على الرغم من تفاقم ما سبق وقلت عنه بالإنحلال الأخلاقي .
نأتي إلى الجانب الأخر من العالم ، الجانب الشرقي مهد الديانات والحضارات وما آل إليه حال شعوبها من تخلف علمي وإجتماعي على الرغم من وجود عامل الدين فاعلا متفاعلا بين شعوب الشرق وشعوب العالم الثالث .
الشرق الذي أضاء بعلمه وحضارته ومعرفته الكون كله وقت أن كان الظلام ، ظلام الجهل والتخلف يسيطر على الغرب . الشرق الذي إختاره الله سبحانه وتعالى ليبعث برسله وأنبيائه ليكونوا هدى للعالم يبشرون ويخبرون بحقيقة الإله ضابط الكل وخالق السموات والأرض . الشرق الذي أوجد الله فيه الكنوز من ذهب وفضة وفحم وبترول وما شابه . الشرق الذي أوجد فيه الله جنة عدن لتكون مسكنا ومكانا ينعم به أول خليقة خلقها الله وهو أبونا آدم ومنه أمنا حواء .الحب والحياة ، العلم والحضارة منبعهم الشرق . فماذا حدث لهذا الشرق العظيم ؟ سؤال من الصعب الإجابة عليه خوفا من التجني أو البعد عن الحقيقة . الحقيقة الصادمة لكل من يبحث عنها في الشرق .
تكلمنا عن العالم الغربي وكيف تخطى مرحلة التخلف الفكري إلى التقدم العلمي وما تبعه من إنحلال أخلاقي حسب مفهومنا الشرقي عن الأخلاق . ورأينا كيف خرج من التخلف الفكري ليقود العالم في جميع ما يشغل بال الإنسان علميا وطبيا وتكنلوجيا ومعرفة إن كان ذلك عن الفضاء أو باطن الأرض وأيضا داخل جسم وعقل الإنسان بصورة لم تكن تخطر على قلب بشر خاصة بشر الشرق .
الشرق الذي أبتلي بضربات متلاحقة من دول بدأت تتصلت عليه وتحتل أرضه وتذيقه ويلات العذاب والإضطهاد والإذلال مما أفقد الشعوب القدرة على المقاومة فإستسلموا لقدرهم ولم تعد لديهم الرغبة في الإبداع أو التجديد لخضوعهم لمتطلبات المستعمر كل حسب ما يريد فباتوا وأصبحوا فاقدي الإرادة مسيرون لا مخيرون وهنا بدأت علامات الوهن والعجز وفقدان روح الإبداع الذي إشتهروا به . حقيقة ظهرت طفرات إبداعية ولكنها كانت تخبو بسرعة لأنها كانت لإرضاء المستعمر الذي ما أن يحصل على مايريد يدير وجهه عن المبدعين بل قد يقتلهم حتى لا أحد يعرف أسراره. ولا نستطيع أن نشير إلى مستعمر بعينه لنقول أنه هو ما أصاب الشرق بهذا التخلف وخاصة بعد أن دخلت أوروبا عصر الإكتشافات والتي صارت معها إحتلال ما أكتشف إلى جانب إحتلال الدول المجاورة ولم يقتصر ذلك على دولة بعينها بل كانت أوروبا تتصارع دولها فيما بينها للإحتلال حتى يكون لها اليد العليا على شعوب الدول المحتلة ويبدأ الإستعباد والإسغلال لموارد البلدان التي إحتلوها. وأستخدم المستعمر بكل ألوان طيفه بما فيه العرب أخطر سلاح للسيطرة على شعوب الشرق ، وهو سلاح " فرق تسد " خاصة بإستخدام الدين الذي تعدد ووجدت فيه شعوب الشرق الأمل الذي سيعوضهم عن عذابات وإضطهادات المستعمر على الأرض ووعود الأديان بحياة أفضل في الأخرة ، وكل دين وكل ملة أو مذهب أو عقيدة كانت ومازالت تعد تابعيها بجنة سماوية أنتم تعرفونها حسب الدين أو المذهب أو العقيدة أو الملة التي تتبعونها .
الغريب في الأمر أنه بعد أن إستقل البعض من دول الشرق وخاصة في الحقبة الزمنية التي عاصرت ذلك التغير السريع والمذهل في كافة أنواع الحياة والمخترعات والمكتشافات في الغرب ، رأينا حكام الشرق الجدد الذين هم أبناء هذا أو ذاك البلد حنسوا بوعودهم وأستخدموا مع شعوبهم نفس سلاح " فرق تسد " مستخدمين التعدد الديني وما يتبعه . ولم تر هذه الدول حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا الكلام وعلى الرغم من قيام مجموعة من دول الشرق بثورات " مجازا " أطاح بعضهم بحكامهم ويحاول البعض الأخر ، إلا من تولوا أو من ينتظر أن يتولوا شئون البلاد لا يوجد أي بصيص أمل لشعوب هذه الدول في مستقبل أفضل . لأنهم سيستخدمون نفس الإسلوب وبنفس الطريقة وقد يكونون أشد ظلما وتعسفا بمن هو لايتبع دينهم أو ملتهم أو مذهبهم أو عقيدتهم .
أما الناحية العلمية للشرق فحدث بلا حرج . حقيقة ظهر نوابغ في كافة مناحي الحياة العلمية . لكن هؤلاء فروا إلى الغرب الذي ساعدهم على الإستمرارية في العطاء .
والأخلاق ينطبق عليها هذا القول :
الأمم بالأخلاق ما بقيت
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
كيف توجد أخلاق في مجتمعات الشرق وهم مستعبدون بحكم بنيهم الظالمين والمستبدين والذي أعادهم إلى عصور الظلام والتخلف وأصبحوا عالة على الغرب ينتظرون منه المعونة ليعيشوا ولا ينتجون فقد سرقت أراضي زراعاتهم وبيعت للغير لإستخدامها في تجارة المباني .
فهل يعقل أن توجد أخلاق والفساد قد عمً البلاد ؟؟!! كل بلاد الشرق بما في ذلك من تطلق على نفسها أنها دول تحكم بما أمر به الدين !!..
وهكذا نرى أن ما يدور حولنا في العالم من أمور غاية في الغرابة فهي تحمل الشيء ونقيضه ، إن كان في العلاقات العامة بين الأفراد بعضهم مع بعض أو بين الدول بعضها مع بعض . بل التضاد في العلوم والأفكار والأخلاق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق