لم يتوقع احد ان الغابة لا يملكها الاسد لوحده .بل الغابة من تحرس وتحمي ما بداخلها .ولم يخطر ببال احد ان يتحول ذلك الاسد اليافع في عرينه .الى ظل شاحب عند حدود مملكته التي لم تكن قادرة على مواصلة الحياة الا بوجوده قائما بشؤون الرعية .ومحافظا على سلالته من الضياع والاندثار .لم يصدق ان الامر لم يعد ذا شان في غياب مكانته المرموقة في شعاب هذه السهول المترامية حد النظر .ولم يكن احد يصدق حقيقة ما الت اليه حياة اسد كان معروفا عنه .استماتته في ركوب المخاطر والدفاع عن محيط تكاثره وبقية نسله .ومواجهة وحوش الغابة الذين يتحركون الا في الليالي الحالكة عندما يفقد القمر بريقه المعتاد .انه زمن التحولات الكبرى في محيط شاسع يمتد من جسد متهالك على حدود التماس مع الاعداء .وينتهي الافق المسدود خلف ظله المتهالك تحت شجرة الصنوبر لم يبق منها الا جدوع بارزة تنطق غصونها اليابسة زمن النهاية .ولحظة الزوال في قطعة صغيرة تسرقها لفحات شمس قاحلة في ثنايا قلب اسد بدا يرتعد من صوت الخفافيش وهي تمتص رحيق العمر من عيون لم تقو على مشاهدة شكل المحنة على جسد يفصح عن نفسه في تجليات المكاشفة الصريحة.لم يتعود ان ينظر الى شكله في صحراء التيه .ويبحث عن انيابه في تماسك الفريسة والضحية .شعر انه الضحية وفي يد الجلاد بقايا لحم بشري وتحت الانياب تختزل وحشية القاتل الفتاك .والجوع ليس له صاحب حين تبدو الفريسة بعيدة المنال .اما القريبة فهي في متناول الايدي .لا تحتاج من اسد الااشارة باهتة .لمن ينوب عنه في توضيبها على طبق من ذهب.تذكر كل هذه السنين المفعمة بالعظمة والكبرياء والشموخ والاعتزاز بالنفس حين تجد من يركع تحت قدميك .ويقبل اثار قدميك في حلب دمشق يكثر الكلام .واصوات ترفع الولاء خوفا من طعم جديد لكلاب ضالة على مفترق طريقين .طريق الهلاك وطريق الاصدقاء .من يثق بالاصدقاء يثق بنفسه التي لا تثق بمن يحملها في صدره .فكيف النجاة من شبح ظل تحركه ايادي وخيوط الكراكيز في مسرح الشجرة التي لا تغطي الغابة .ولا اصواتها المختلفة في اوج الشمس يفضح النهار ما اقترفته الايادي البيضاء من دم يوسف.واشتباه القتلى في اشتباه القاتل .والاسد يظل يحمل اسمه حتى اخر رمق يحلم ان صوته قادر ان يخيف النعاج المترامية خلفه .وتوقده الحماسة الهزيلة عندما يشعر ان خصمه لا يركب انيابا ولا مخالب اصطناعية لامساك الطرائد.[b]ينظر الى شكله في ظل شمس حارقة .اعلن هزيمته امام ما تبقى من اشبال خائفة تعلم ان الطيور الجارحة تحلق في سماء عرين تنقرض سلالة من التربة .والدماء التي سالت في محيطه .والعطش بدا يشتد على المكان وحيوانات مفترسة على الارض تنتظر ساعة الصفر لتحتفل بوليمة جماعية تعلن بعدها نهاية مملكة موغلة في القدم سرعان ما فعل فيها فعل الزمن اثاره الواضحة .وجفاف الحياة في عيون اسد لم يقو على حمل نفسه .ويستغيث الموت على هذا العذاب النفسي .فكيف للقدر ان يجعل منه قط اليفا في اواخر عمره المرير .اكتشف ان الشجرة الجائعة فوقه .تبرز اغصانها الحادة نهاية لهذا العذاب .وكابد بكل ما يملك من قوة وتسلق الشجرة الجوفاء.ورمى نفسه .وتداخل اللحم مع العظام .وبدا معلقا في السماء وكانه على قيد الحياة يرهب من يراه من بعيد .لكن الذباب فضح لعبته واعلنت الطيور هجومها المنتظر .وتساؤل صياد البراري _الى متى تفضل الاسود لعبة القتل .وهي غير قادرة على مواجهة الفرائس.......
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق