الكتابة لا تحتاج من يدافع عنها خارج السياق الإنفعالي الذي تتموضع فيه،وتستلهم لنفسها حجة البقاء،ما دامت تبحث عن موطئ قدم من عبء عذاب الضمير٬وهي عاجزة في فرض وجودها الفعال ضمن السياق العام الذي تتحرك ٬فيه وتستمد بريقها من حجم الإندفاع الصامت خلف جدران التردد،وفقدان شهية التواصل مع الآخر ٬ حين لا تكون مستعدة للمغامرة في بحار لا تتقن فنون السباحة٬ ومراوغة العدو عند ساعة الصفر، تكثر الحماسة المجانية في تبرير فعل القول الذي لا يخدم الكتابة في شيء ،و يعطي ذلك الإنطباع الأول ثمة مسافة فاصلة بين شفهية الكلام ومحكية الراوي في ذباجة رسوم بدائية الإفصاح عما يختلجه القلب قبل اللسان،وتقف الكتابة حائرة في فضح بياض الورق ٬و الإعتراف بعذرية الصمت في نطق الحروف أمام ديوان حبر يسيل في أعماق الجرح٬ والكلمات العابرة......
تشتهي فعل الإفصاح و المقاربة الفلسفية للأشياء المألوفة و الغامضة، تسقط في سوريالية الوهم وتجريدية الأبعاد المكعبة في لعبة طفل تستعصي الفهم على الكبار،وتدرك الحروف أنها تتحمل المسؤولية على عاتقها أكثر مما تعتقد أن مهمتها خارج اللعبة التوثيقية لفحوى الكلام المجبر على قول الحقيقة مهما كلفه مقص الرقيب من تشويه لنزاهة البوح أمام أعداء القلم٬ ومن يعتقدون أن الكتابة يمكن التحكم في طرق دربها، فهم مخطئون و مجحفون في حقها٬والذي تخوله إرادة الإنسان في صناعة الخبر كما تمليه مصادر البحث الموثوق بها عند الضرورة
تستمر الكتابة ٬رغم الحصار الذي يضرب عليها، تظل صامدة في وجه الضربات العنيفة و القوية التي تتعرض لها بإستمرار،وتشن ضدها الحروب الإعلامية الشرسة،وهو إعتقاد خاطئ بوجوب التصدي لها، وحرمانها من الحياة ، لأنها أرادت أن تعبر عن موقفها خارج سقف الإحتمالات الممكنة التي تحدد آفاق الكتابة المتمردة عن سياقاتها المتداولة،والمتمثلة في حريتها الواسعة التي لا تقبل القسمة أو إضعاف بريقها عندما تكون قوية بمعطياتها الدامغة،و الحجج المفصلية التي لا تترك مجالا للشك٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق