بلا مواربة وبصراحة متناهية لا تعجبني كتابات بعض الكتاب الفلسطينيين الذين يصفصفون المديح لمصر..وكأنهم مصريون أكثر من المصريين.
ولا أدري ما هي دوافعهم لهذه الكتابات المليئة بالمبالغة والتفخيم والتضخيم، بحيث يبدون صغارا امام عملاق يطنب للغة التبجيل.
ولو كان المديح مطابقا لواقع العلاقة المصرية مع قضية الشعب الفلسطيني لكنت أول المدّاحين للوفاء والشهامة المصرية التي لم تدر ظهرها لكفاح الشعب الفلسطيني، والتي رفست كل اغراءات الاتفاقيات مع العدو الذي يحتل الوطن الفلسطيني.ولكن مصر والعدو يرتبطان باتفاقيات لا تطعن فقط حقوق الشعب الفلسطيني، بل تطعن مصر بكرامتها وتكبل ارادتها في ارضها وقراراتها التي تمسح عنها الوجه الوطني والقومي الذي رعاه وعمل له عهد طيب الذكر الرئيس عبد الناصر.
لقد الحقت اتفاقية "كامب ديفد" التي وقعتها المحروسة مصر مع العدو الصهيوني افدح الاضرار بالقضية الفلسطينية وفي دور مصر القومي، ناهيك عن الالام التي احيتها هذه الاتفاقية في جسد ووجدان الانسان العربي بسبب الصورة التي قدمتها مصر عن نفسها الى العالم ككيان مدحور ومستسلم امام ارادة العدو الاسرائيلي.
وقد انتظرنا من مصر بعد ثورة 25 يناير ان تقدم على الغاء هذه الاتفاقية المجحفة وغير العادلة وتطرد السفير الاسرائيلي من القاهرة، وتستعيد بهاءها ليشعر الانسان العربي ان "الربيع العربي" في مصر قد أزهر حقا وليشعر كم كانت هذه الثورة عظيمة وتستحق المديح، ولكن لم يحدث هذا.. وما حدث بعد عملية رفح الغامضة والمشبوهة وباعتراف الاعلام الاسرائيلي ان التنسيق بين القوى الامنية المصرية والاسرائيلية هو على أعلى مستوى ولم يكن له مثيل في أي وقت مضى.
وكأن هدف العملية ما كان الا لإحياء هذا التنسيق. ولهدم الانفاق التي تحتال على الحصار، ولإستمرار إغلاق المعبر بوجه العابرين الفلسطينيين من أصحاب الحاجات، حيث تعلن الرئاسة المصرية ان فتحه أو إغلاقه يتعلق بالسيادة المصرية،فهل عبور المريض والطالب يمس بالسيادة. فلمَ المديح؟
لمَ المديح الفلسطيني، وفي القاهرة مواطن مصري يحرق الكوفية الفلسطينية بعصبية مع هتاف من الكراهية . وما كانت الكوفية الا الرمز الغالي التي رافقت مراحل النضال الفلسطيني وهي من التفحها الابطال والشهداء.
سيخرج الآن هؤلاء المدّاحون ليتهموني بالنفث في نار الفتنة..
ولكن مهلا، كل ما اريده ان يتجمّل مديحكم بالواقعية.. ان تكونون كبارا وأنتم تمدحون.. وان توفوا المديح معانيه الدلالية!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق