اللاجئون وواقعية هيوستن/ عباس علي مراد

كانت الدورة البرلمانية الشتوية الفيدرالية اقفلت على صخب قضية اللاجئين الذين يحضرون الى البلاد عبر القوارب ،بعد ان اخفقت الحكومة الفيدرالية بتمرير مشروع قانون كان قد تقدم  به النائب المستقل روب اوكشوط، والذي سقط في مجلس الشيوخ بعد ان تحالف حزبي الخضر والأحرار بعد ان التقت مصالحهم السياسية الآنية وكل له وجهة نظر مختلفة حول ذلك المشروع.
لجأت الحكومة الى تعيين لجنة خبراء ترأسها قائد الجيش الاسترالي السابق انغسس هيوستن وكلفت تلك اللجنة دراسة افضل الحلول لحل معضلة اللاجئين الذين تجاوز عددهم هذا العام 7000.
الاسبوع الماضي وقبل افتتاح الدروة الحالية للبرلمان، قدمت اللجنة تقريرها الى الحكومة والذي تضمن 22 توصية من اهمها اعادة العمل بما كان يعرف بالحل الباسيفيكي والذي كانت تعتمده حكومة الاحرار برئاسة رئيس الوزراء الاسبق جان هاورد، الذي يقضي بإرسال اللاجئين الى جزيرة ناورو وبابوا نيوغينيا، وكذلك اوصت اللجنة بضرورة البحث عن حل اقليمي بالتعاون مع دول الجوار، كذلك اوصى التقرير زيادة عدد المستوعبين الى 20 الف مباشرة و 27 الف خلال 5 سنوات ومن ضمن التوصيات حرمان طالبي اللجوء والذين يحصلون على تأشيرة دخول الى استراليا بعد دراسة طلباتهم من جمع شمل العائلة حيث كانوا في السابق يحصلون على افضلية ،اما الآن فإن طلبات شمل العائلة سوف تخضع لمعايير جمع الشمل العادية وحسب الاجراءات التي تنطبق على المهاجرين الآخرين حيث يُطلب دفع رسوم قدرها 2000 دولار عن كل طلب.
وقد استثنى تقرير اللجنة من توصياته مسألة منح تأشيرة الحماية المؤقتة وهذه النقطة التي انتقدتها المعارضة الفيدرالية ويجدر بالإشارة الى ان اللجنة حذرت من الانتقائية في التعامل مع توصيات التقرير.
 سارعت الحكومة الى تبني التقرير ووضعت مشروع قانون وتم تمريره في مجلسي النواب والشيوخ الأسبوع الماضي ،وقد عارض المشروع كل من حزب الخضر والنائب المستقل اندرو ويلكي، تعتبر معارضة حزب الخضر مبدئية من حيث رفضهم نقل اللاجئين الى جزر الباسيفيك ويفضلون دراسة طلباتهم في استراليا، رغم التقرير اخذ ببعض آراء حزب الخضر من حيث زيادة عدد اللاجئين والأمر الثاني إيجاد حل اقليمي للمسألة.
وقد عارض القانون المدافعين عن حقوق اللاجئين وأبرزهم المحامي ديفيد ماين الذي كان قد اوقف الحل الماليزي الذي كانت قد تبنته الحكومة في السابق بعد ان تحدّاها بنجاح في المحكمة العليا وقال: كل ما نفعله اذا ما اعتمدنا تقرير اللجنة هو ابعاد الخطر عن شواطئنا الى مكان آخر (س م ه ص 2 بتاريخ 14/08/2012) وقد انتقدت النائبة العمالية ماليسا باركي عن مقعد فريمنتل في غرب استراليا تبني توصيات اللجنة بشدة وقالت: "مقاربتي للموضوع في مجلس الحزب تعتمد على مبدأ الحزب وليس الخوف من الاعداد" (صن هيرالد 19/08/2012 ص 77).
 وهنا لا بد لنا من ان نتساءل عن ماذا بعد اقرار توصيات لجنة هيوستن ومن هنا الى أين؟! هل سيتوقف تدفق الللاجئين، وهل سترضى المعارضة الفيدرالية بما اعتبرته نصراً سياسياً حيث اضاعت ورقة انتخابية رابحة. وهل ستستطيع رئيسة الحكومة تحسين وضعها ووضع حزب العمال الانتخابي؟! هذا ما ستجيب عنه استطلاعات الرأي في الأسابيع القادمة، لكن رئيسة الوزراء والتي بلعت كبرياءها السياسي من خلال تراجعها عن سياستها بالنسبة للاجئين وقبلت تحمل المسؤولية عن سياسة السنوات السابقة وحددت ارض المعركة السياسية القادمة مركزة على قوانين اماكن العمل والتعليم بالاضافة الى قوانين تأمين المعاقين بعد ان اطمأنت الى ان الضريبة على قطاع المعادن قد اصبحت نسياً منسياً بالاضافة الى ان ضريبة الكربون لم تغرق قسم من البلاد في البحر ولم ترتفع الاسعار كما كان يروج زعيم المعارضة طوني ابوت حيث اظهر استطلاعات الرأي ان 52% من المواطنين قالوا ان الضريبة لم تغير اي شيء بالنسبة لهم على المستوى الشخصي،بينما قال 38% انهم تأثروا سلباً وهي بالضبط عكس النسب التي كانت قبل بدء العمل بالضريبة اوائل الشهر الماضي.
يقال ان الامور بخواتيمها،فان لم يتوقف تدفق مراكب اللاجئين وهذا ما يتوقعه معظم المراقبين فهل سيتجدد الاشتباك السياسي حول الموضوع ؟لانه وكما قال رئيس لجنة الخبراء انغسس هيوستن ان تقرير اللجنة واقعي وليس مثالي وكما نعلم لا يوجد في السياسة واقعية ولا مثالية، انما مصالح وطبعاً فالحكومة والمعارضة تعملان بما تقتضيه مصالحهما.
سيدني 20/08/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق