مرسي في بلاد "أبو الأعلى المودودي"!/ د. عبدالله المدني

المتابع للعلاقات الباكستانية – المصرية لا بد وأن يلاحظ تقلبها ما بين الدفء والبرودة، والود والمرارة، بحسب من يجلس على كرسي السلطة في البلدين. والزيارة التي قام بها الرئيس محمد مرسي مؤخرا إلى باكستان (الزيارة الرسمية الأولى لرئيس مصري إلى هذا البلد منذ أكثر من 40 عاما) لا يمكن تصنيفها الا ضمن محاولات جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في القاهرة لإضفاء  دفء لم يكن ملموسا خلال معظم سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك على علاقات بلادهم مع باكستان التي إستلهم الإخوان أفكارهم من أحد مؤسسيها ومنظري فكرة إنسلاخها عن الهند وهو أبو الأعلى المودودي. في باكستان منحت جامعة لاهور للرئيس مرسي درجة الدكتوراه الفخرية في الفلسفة، فألقى الأخير وسط كبار الأكاديميين والعلماء الباكستانيين خطابا حفل بالأخطاء المعلوماتية والتاريخية الفاضحة، الأمر الذي حدا بمثقف مصري كبير كيوسف زيدان الى القول أن كاتب خطابات الرئيس ارتكب جريمة في حق بلده ورئيسه.
يعود أول إتصال ما بين البلدين إلى عام 1947 الذي شهد ميلاد الكيان الباكستاني. ففي تلك السنة قام مؤسس باكستان "محمد علي جناح" بزيارة إلى مصر بدعوة من الملك فاروق الذي كان يسعى وقتئذ إلى نيل تأييد باكستان ومؤسسها لمشروع إحياء الخلافة، خصوصا وأن "جناح" وحزبه كانا من الداعين لذلك. ومن أجل هذا الهدف تحمس فاروق قبل خلعه بعام واحد لإنشاء علاقات دبلوماسية كاملة مع باكستان.
إستمرت هذه العلاقات ودية بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 دون أن تمس أو يطرأ عليها تغيير بفضل مجموعة الضباط الإخوان داخل مجلس قيادة الثورة، بل أن عبدالناصر نفسه، لما صار الآمر الناهي بعد أحداث مارس 1954، حرص أيضا أن تبقى كذلك كتطبيق عملي للدائرة الإسلامية ضمن دوائر علاقات مصر الخارجية الثلاث.
بدأت الشكوك تساور عبدالناصر وتلقي بظلالها على علاقات البلدين في عام 1955 مع نضوج مشروع حلف بغداد، الذي بدت باكستان متحمسة له من باب تعزيز قدراتها الدفاعية والاقتصادية في مواجهة الهند فقط، وليس من باب التصدي للزحف الشيوعي نحو منطقة الشرق الأوسط. لكن الزعيم المصري لم يفقد الأمل في اعادة باكستان الى جادة الصواب. ولما كانت علاقات عبدالناصر مع القادة السعوديين وقتذاك في اوج قوتها وصفائها، ولما كان العاهل السعودي الملك سعود الأول على وشك القيام بأول زيارة رسمية له للهند وباكستان في 1955، فإن عبدالناصر، طبقا لبعض الروايات، حث نظيره السعودي على إستخدام صفته كقائد لبلاد الحرمين الشريفين في إقناع الباكستانيين بالعدول عن إنضمامهم لذلك المشروع الموسوم بـ "الإستعماري" في أدبيات الأنظمة العربية الثورية. غير ان الملك سعود لم ينجح في ثني الباكستانيين الذين كانوا قد حزموا أمرهم إقتداء بإيران وتركيا والعراق الملكي.
لم تؤرخ هذه الواقعة لأول خلل في العلاقات الباكستانية – المصرية فحسب، وإنما أرخت أيضا لأول توتر في العلاقات الباكستانية – السعودية التي سادها الود والتفاهم على الدوام، خصوصا مع إمتعاض الباكستانيين مما قاله العاهل السعودي لنظيره الهندي أثناء حفل إستقبال أقيم على شرفه في نيودلهي من أنه "مطمئن على أن مصالح المسلمين الهنود في أيدي أمينة". هذا الامتعاض الذي ترجم عمليا بقيام الصحافة الباكستانية بشن حملات غير مبررة ضد الرياض، بل وخلق أكاذيب حول مواقفها.
وهكذا غلب على علاقات مصر الناصرية مع باكستان عدم الثقة، لاسيما وأن الزعيم المصري كان قد أرتبط وقتها بعلاقات شخصية وفكرية وطيدة مع الزعيم الهندي جواهر لال نهرو. ولعل أبرز دليل على ما اعترى علاقات البلدين من توتر هو ان القاهرة رفضت إستقبال رئيس الحكومة الباكستانية وقتذاك "شهيد سهراوردي" على أراضيها في 1956 ، ورفضت أيضا مشاركة قوات بلاده ضمن قوات حفظ السلام الاممية المرابطة في قطاع غزة، وذلك ردا على تصريح كان قد أدلى به "سهراوردي" في أعقاب العدوان الثلاثي على بورسعيد من أن "العرب لا يساوون شيئا، وأنهم مجرد أصفار على الشمال".
لكن المشهد تغير فجأة بقيام الإنقلاب العسكري الأول في باكستان والذي نفذه قائد الجيش الماريشال "محمد أيوب خان" في 1958. ففي ظل وجود أصحاب البدلات الكاكية في السلطة في البلدين، حدثت إنفراجة كبيرة في علاقاتهما البينية، كان من ابرز شواهدها تردد أيوب خان، (ولاحقا وزير خارجيته ذوالفقار علي بوتو) على القاهرة أكثر من مرة، وقيام عبدالناصر بأول زيارة رسمية لزعيم مصري إلى باكستان في 1960 حينما كان رئيسا لمصر وسوريا. وعلى حين كان الزعيم الباكستاني يستهدف إبعاد نظيره المصري عن الهند وزعيمها نهرو، كان عبدالناصر يسعى، دون نجاح يذكر، الى اكتشاف فرص حل الخلاف الهندي – الباكستاني المزمن كي تكون باكستان والهند داعمتين له معا في سياساته ومشاريعه.
في الحقبة الساداتية، التي بدأت بطرد رموز اليسار المصري من السلطة ثم طرد الخبراء الروس من مصر، سادت الشكوك في النوايا الباكستانية طويلا، وذلك على خلفية التوجهات اليسارية للزعيم الباكستاني الراحل ذوالفقار بوتو، وعلاقاته الوطيدة مع نظيره الليبي معمر القذافي، إلى أن تراجعت تلك الشكوك مع الدعم العسكري المحدود الذي قدمه بوتو لمصر في حرب أكتوبر 1973 عبر إرسال عدد من الفنيين لمساعدة القوات الجوية المصرية، وإستقبال سفن حربية مصرية في ميناء  كراتشي.
أما في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، والذي تزامن ثلثه الأول تقريبا مع وجود الجنرال ضياء الحق في السلطة في باكستان، فقد إتسمت علاقات البلدين بالدفء كنتيجة لتطابق سياساتهما حيال معظم القضايا الدولية والإقليمية، ووجود قاسم مشترك هو روابط التحالف مع واشنطون، ناهيك عن مساندة مصر لباكستان في  ملف الجهاد الأفغاني. غير أنه في الثلثين الأخيرين من حكم مبارك عانت العلاقان الباكستانية – المصرية من التوتر الصامت بسبب إستياء القاهرة وتذمرها من ايواء  واحتضان أجهزة المخابرات العسكرية الباكستانية لقيادات جهادية مصرية متهمة بارتكاب اعمال ارهابية داخل مصر، أو التستر عليها أو تسهيل مرورها من وإلى أفغانستان. وبلغ ذلك الإستياء ذروته بتفجير مقر السفارة المصرية في إسلام آباد في 1995 بواسطة سيارة مفخخة على أيدي مجموعة إسلامية متطرفة من المصريين المنتمين الى تنظيم القاعدة وحركة طالبان الافغانية.
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: أبريل 2013
البريد الإلكتروني: elmadani@batelco.com.bh

أنسى وجهي في المرآة/ خليل الوافي

أيّ شيء يكون حائلا
بيني و بين شفتيك
في جرأتك النادرة
من عناد يفوق الخيال
كنت بالأمس بريئة حد الصغر
من قطاف العنب
في أوج نضارته
من شمس تغادر
حجمها في الأفق
مراعي الغزلان الخائفة
تخبئ نبوءة المطر
فيض الماء في الأرض المغمورة
ينتفض من غيض
ما أبكته العين الغاضبة
أداري وجهي بكف يدي
وشم غجرية تداعب البحر
ترتعش خصوبة المكان
في البلاد البعيدة
من فطام الحليب عن هشاشة الجسد
كل الذي قالته عذراء البراري
لم أحلمه يوم ولدت
عن المسالك الوعرة
يكبر خطوي في بحر الحجر
لم يكن جسدي
سوى ركام الأتربة
فوق سطح بيتي القديم
في صحراء التيه أمشي
أراها تحرك النخل ساعة الولادة
يأتيها المخاض سريعا
كلمح البصر أشكو حظي
عند ممر الشجر
أقلب وجهي في مرآة غيري
لا شكل لي في ما تراه عيناي
الشوك يؤلم حوافر الخيل
في إشتعال الرمال الحائرة
أقترب من صوتي المبحوح
في شقوق المرايا المتكسرة
لمست وجهي مصادفة
و أنا أرتب مساحيق الغياب
أحسست بقناع يحمل عني زيف الحقيقة
في كل هذا اللغط المشاغب
بدت عليه تجاعيد الوهم الفارغ
من جدوى الإبتسامة

أيّ شيء يوقظ فيّ حماسة الرجال
في كل الحروب الخاسرة
أقف وحيدا في ساحة الوغى
أسيرا
أغيب في نفسي
مقيدا بأغلال الخيبة
تقودني الهزائم
شبح الليالي الباردة
في نعش قبري
الراحل إلى تراب موتي
أتهجى طلاسيم البداية
حرا ، طليقا أمشي
أتذوق ملامحي المنفلثة
من زجاج النافذة
أخسر ظلي
كلما خاصمت الشمس في المغيب
تمنحني فرصة أخيرة
كي أرى ظلي
ينفض عنه رتابة الوجع المغولي
في حدود ذاكرتي
يملأني الحنين إليك
في الوحشة الغريبة
في بطن الحوت
لم أدرك أني حي في ذاتي
في قصائدي العاجزة على قولي
في مقاهي التسكع
في اللوحات الزيتية
أرى وطني يتغير في الألوان
في صمتي الطفولي
حتى آخر ظهور لي على وجه القمر
أشتهي لغتي
في نطق الكائنات النادرة
ينقرض صوتي مع بزوغ الشفق
أتوغل في ممكنات الضوء
ينصهر معدن التراب
قالبا يخص جسدي العار مني
أحفظ ذاكرتي من التلاشي
أحن إلى صمتي الملتهب في الكلام
في إنكماش القنفد
في سبات الغابات الممطرة
تحت جليد الإرتجاف
تعود الصورة إلى جوهر الإكتشاف
أضبط إيقاع جسدي
يفيض الماء طريق حبري
على بياض الورق
مثل سفينة تخوض حرب الموج
أبحث عن مرساي في سكون العاصفة
درأ للغرق المفاجئ
تكثر الطحالب في غوصي
وكلما إقتربت منك
أمسك أصابعك المرمرية
في ملامس الأصداف
القريبة من صوتك
تروي حكايات الماء و الرمل
في شاطئ الذكريات
في الماء يتغير لون جسدي
في الرمل أقتفي أثر قدمي
في الحكاية أحْبك نهايتي
ـ من أين أتيت ؟
و إلى أي الكواكب سأعود ؟

أيّ شيء يرش الندى
عن صبحي القديم
أمسح وجهي في مرآة الزمن
يخرج الربيع بريئا
من وشاية خريف بائس
تحت شجرة الخروب
أنتظر لحظة الغروب
في شاطئ غربتي يتسع النشيد
في صخر يمتد ظلي
عبر الماء و السماء
يكبر الحلم صورتي
في موج يتصاعد ركاب الصهيل
يختفي وجهي ويتسارع للهبوط
يعاود الصعود
ينحصر الريح في ألواح الأشرعة
أراقب مدى الطيور في الغناء
يجتمع البحر و بحري
في أرض تسبح في لج الماء
يتبخر الغيم قطع هواء
لمن يحب رؤية البجع
في أقاليم الحصاد
ترتفع الزغاريد موسم خصوبة
نسل و حرث أولاد
تبتسم العيون من فرط الماء و التراب
أجمع تمار العمر إخوة و أحفاد
أطبطب على الحفيد
وهو يراقب شمس الغروب
تغادر مدن الصحو فينا
تنام فوق أفق الغياب
ينفجر الليل بلونه الكوني
وشاح مريم العذراء
يجتمع السكون النادر
في قرى الدعاء
أسأل النهر عن الماء
عن وجهي في سهول الجفاف
أمسح عنها دمعة البراءة
تخرج يدي بيضاء
لا أثر لوجهي في المرايا الغائبة
و لا في الظلال الخائفة من حفيف الورق
أرسم شكلي في الماء
يوقظ بوحي في العناق
في الفراق
في العطش اليومي
أكتشف ظلي يعود
إلى أصل الإنتماء

خليل الوافي من الوطن العربي

ازدواجية عربية مستهجنة فلسطينيا/ نقولا ناصر

(إن الأولوية التي منحت لسورية في قمة الدوحة العربية الأخيرة لا يمكنها إلا أن تثير أسئلة فلسطينية مستهجنة عن أسباب دفع الأولوية الفلسطينية إلى مرتبة أدنى)

عشية يوم الأرض في فلسطين، في الثلاثين من آذار / مارس، وبينما تعلن "الإدارة المدنية" لقوات الاحتلال الإسرائيلي أن (37%) من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 في الضفة الغربية مخصصة للاستعمار الاستيطاني مقابل (0,7%) منها مخصصة للبناء الفلسطيني، وبينما يعلن تقرير صادر عن الإحصاء الفلسطيني بمناسبة "يوم الأرض" أن الاحتلال يسيطر على (85%) من أرض فلسطين التاريخية، فإنها تكون ازدواجية تقلب الأولويات العربية بطريقة مفجعة وكارثية مستهجنة فلسطينيا عندما تمنح قمة الدوحة العربية الأخيرة الأولوية ل"تغيير النظام" السياسي في سورية وتنزل إلى مرتبة أدنى قضية فلسطين حيث يتآكل يوميا وجود العرب وهويتهم العربية الإسلامية ومقدساتهم وتاريخهم ونظامهم السياسي والاجتماعي والثقافي بالتهويد المتسارع للأرض والإنسان.
وبغض النظر عن أي معارضة أو تأييد فلسطيني لموقف قمة الدوحة العربية الأخيرة من الأزمة السورية الدامية وعن أي موقف فلسطيني في هذه الأزمة، فإن ازدواجية جامعة الدول العربية، على سبيل المثال بين الحل العسكري في سورية وبين الحل السلمي في فلسطين، أو بين تسليح المعارضة في سورية وبين رفض تسليح المقاومة الفلسطينية، أو بين سحب الشرعية العربية عن الحكم في دمشق وبين الاعتراف العربي بشرعية وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو بين التنفيذ الفوري لقرارات القمم العربية بشأن سورية وبين بقاء مثل هذه القرارات حبرا على ورق بشأن فلسطين، وبين سيل التمويل المتدفق إلى سورية وبين عدم الوفاء بالتعهدات المالية لفلسطين، إلى غير ذلك من أمثلة الازدواجية العربية بين سورية وبين فلسطين، إنما هي ظاهرة مرصودة ولافتة للنظر ومستهجنة فلسطينيا.
ولا يعني ذلك بالتأكيد تأييدا فلسطينيا لموقف الجامعة العربية من الأزمة السورية، أو تأييدا ل"النظام السياسي" الذي تسعى جاهدة إلى تغييره في سورية، بالرغم من أن طرفي الانقسام الفلسطيني يصطفان عمليا إلى جانب ما تجمع عليه الأكثرية لأسباب براغماتية واضحة.
فالإجماع الفلسطيني لا يمكن إلا أن يكون على أولوية القضية الفلسطينية على كل ما عداها عربيا وإسلاميا وعلى تحريم الاقتتال العربي أو الاحتراب الإسلامي لتوفير كل الدماء العربية والإسلامية من أجل الجهاد، أو لدعم الجهاد، في "دار الحرب" الوحيدة الأجدى عربيا وإسلاميا بالجهاد في فلسطين.
لذلك فإن الأولوية التي منحت لسورية في قمة الدوحة العربية الأخيرة لا يمكنها إلا أن تثير أسئلة فلسطينية مستهجنة عن أسباب دفع الأولوية الفلسطينية إلى مرتبة أدنى.
و"قرار الحرب" في سورية الذي اتخذته القمة لا يمكنه إلا أن يثير الأسئلة الفلسطينية عن أسباب "قرار السلم" في فلسطين الذي تبنته قمة الدوحة والقمم العربية السابقة لها.
وتحويل الجامعة العربية إلى "طرف" في الأزمة السورية يثير حتما الأسئلة الفلسطينية عن دور "الوسيط" بين عرب فلسطين وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي الذي تلعبه الجامعة منذ سنين.
وتعزيز "الحل السياسي" الذي دعت قمة الدوحة إليه في سورية ب"تسليح" القوى التي تقاتل ضد الحكم فيها لموازنة التسليح الروسي – الإيراني للحكم يثير بالتأكيد أسئلة فلسطينية كثيرة عن رفض تسليح المقاومة الفلسطينية لموازنة الضمانات الأميركية لإبقاء دولة الاحتلال متفوقة نوعا وكما على مجموع محيطها العربي والإسلامي من الناحية العسكرية.
وتشريع القمة لتوريد السلاح لمن يقاتلون الحكم في سورية واستغلال العلاقات الدولية لدول الجامعة لضمان إيصال هذا السلاح إلى داخل سورية يثير بالتأكيد أسئلة فلسطينية ترقى إلى اتهامات صريحة عن أسباب الحصار العربي المفروض على تسليح المقاومة الفلسطينية حد إغلاق الأنفاق التي تحفرها تحت سطح الأرض لتهريبه، وهو ما يجعل تحية القمة في بيانها الختامي يوم الثلاثاء الماضي لمقاومة الشعب الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة مجرد "رفع عتب" لفظي لا قيمة له.
وعلى الأرجح أن يكون الظهر الأميركي الذي استندت إليه القمة في موقفها من سورية هو السبب في خلو بيانها من أي إشارة، ناهيك عن أي إدانة، لانحياز الولايات المتحدة الذي تجدد سافرا ومستفزا بزيارة رئيسها باراك أوباما الأخيرة لدولة الاحتلال التي عدها أوباما "معجزة" حققت "وعدا إلهيا" في "أرض الميعاد" ووعد ب"تحالف أبدي" بين بلاده وبينها !
وهو ما يثير كذلك أسئلة فلسطينية جادة عن التناقض الكامن في الاستناد العربي إلى الظهير الأميركي في سورية حيث تتصدر الولايات المتحدة مؤتمرات "أصدقاء سورية" التي تضم الدول الغربية الأساسية التي زرعت الدولة الصهيونية في القلب الفلسطيني للوطن العربي ولا تزال تمدها بكل أسباب الحياة والبقاء والاستمرار، وفي رأس هذه الأسئلة طبعا سؤال كيف يمكن أن تكون هذه الدول "صديقة" للعرب والمسلمين في سورية أو في غيرها من بلاد العرب ؟!
ولا يسع المراقب الفلسطيني لازدواجية الجامعة العربية إلا المقارنة بين رفض قمتها الحوار مع الحكم في سورية إلا على "رحيل النظام" وبين قرارها تحريك الحوار مع دولة الاحتلال الإسرائيلي دون اشتراط رحيل الاحتلال بإرسال وفد عربي وزاري إلى واشنطن لشرح "مبادرة السلام العربية" وإقناع الولايات المتحدة بأن "الملفات النهائية في المفاوضات" مع دولة الاحتلال "ليست شأنا فلسطينيا فحسب وإنما عربية وإسلامية أيضا" كما قال كبير مفاوضي منظمة التحرير د. صائب عريقات.
أما الازدواجية العربية بين التنفيذ الفوري لقرارات الجامعة العربية بشأن سورية وبين بقاء مثل هذه القرارات حبرا على ورق بشأن فلسطين فكان لها أكثر من تعبير في قمة الدوحة.
ومنها قرار القمة بتبني الاقتراح القطري بتأسيس صندوق للقدس المحتلة برأسمال قدره مليار دولار أميركي وهو قرار يذكر بوجود قرار لقمة عربية سابقة بإنشاء صندوق للأقصى والقدس برأسمال قدره نصف مليار دولار لم يدفع منها دولار واحد حتى الآن بينما تتدفق الأموال على الجيوب والصناديق التي تمول "تغيير النظام" في سورية.
ويذكر ترحيل المصالحة الوطنية الفلسطينية إلى قمة مصغرة برئاسة مصر ورعايتها وضيافتها بأن قمة الدوحة لم تقترح جديدا بهذا الترحيل وبأنها كانت تستطيع معالجة هذه المسألة خلال فترة انعقادها، بينما يتم عقد مؤتمرات القمم والاجتماعات الوزارية ل"أصدقاء سورية" دوريا وسريعا من دون اي "تصغير" لها.
وتذكر مطالبة قمة الدوحة للدول الأعضاء بتوفير "شبكة أمان مالية" ل"دولة فلسطين" بأن القرار رقم (551) الذي اتخذته قمة بغداد السابقة بهذا الشأن لا يزال حبرا على ورق، بينما يتم الوفاء بكل التعهدات العربية المالية ل"تغيير النظام" السوري.
وتذكر دعوتها ل"المجتمع الدولي" للعمل على إنهاء حصار قطاع غزة بأن مفتاح فك هذا الحصار كان وما زال عربيا وبأن مطالبة الآخرين بعمل يستنكف العرب عن فعله هي مطالبة تفتقد الصدقية وتكشف الازدواجية العربية إذا ما قورنت ب"المبادرة" العربية إلى استباق المجتمع الدولي في فرض الحصار على سورية.
ومن الواضح أن قمة "التحديات" في الدوحة، كسابقاتها، قد بدأت وانتهت من دون أن تواجه تحديا واحدا من التحديات العربية في فلسطين.
* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

حدثني قلبي/ امل الحمداني

حدثني قلبي...
بأنك وجدت غيري..
وتناسيت ما كان بينك وبيني..
من عهود...من وعود..
صادقتها النجوم..وشهد عليها القمر..
خبرني...
يا فارس الأمس وكل حين..
هل كان شعرها مثل شعري..
ولعينيها سحر مثل عيني..
كيف انتهت احلامنا ..واين امسى مسارنا..
وقصيدة كنا بدأناها..
راقصت قوافيها القلوب..
وغردت انغامها الطيور..
خبرني يا ظل روحي..
هل ابحرتْ في مرافئ عينيك..؟
وسلمت اشرعتها لتلهو بها الريح
وهل عانقت روحك مثلي..؟
هل محت ذكرياتها.. لتبدأ التاريخ منك..
وتنسكت في محرابك..لتكتبك سفراً جديد..
خبرني يا قدري..
بأني انسجُ وهماً..
وأن حبك لم يكن حتفي..
وبأن قلبي ...
بات يكذب علي.

التصوف بين الليالي الصامتة والليالي الناطقة: الشعراء العرب بين الإنسان والطبيعة/ كريم مرزة الاسدي

أوسمت مقالي  الحاضر والماضي  بجزأيه (الشعراء العرب بين الإنسان والطبيعة ) , كتبت في الحلقة الأولى عن علاقة الأنسان الشاعر  بذاته , وبث أحاسيسه ومشاعره , وما يختلج بنفسه  من آلام وأشجان وتفاؤل وتشاؤم ... , وعلاقته بالإنسان الآخر  وما يتركه من آثار وأطلال , بل مشاعره حول المجتمع بنوعه الإنساني , والعلاقات متشابكة كتشابك  عروق الإنسان وأوعيته , ولا يمكن فصلها, ولكن في لحظات يغلب أحدهما على الآخر بمدى بعيد , والإنسان ليس سواءً على كل حال , وأردت أن أعرج عن علاقة الشاعر بالطبيعة بحيواناتها المألوفة , و الناطقة الصداحة , والصامتة  الخلابة التي خلقها الله وأبدع فيها أيّما إبداع  , ولمّّّاًً رمت التعريج على الشطر الثاني ( الطبيعة ) ,  وجدت نفسي أمام الشعر الصوفي كي أتحدث عنه لامحاً ,لأنه يمثل العلاقة الرابعة  للشاعر, و ليس من موضوعنا المدرج في مقالي , وما أنا بقاصده ,  , وأعني علاقته   بالذات الإلهية من حيث التصوف , لا من باب المناسبات الدينية الاجتماعية المألوفة أو الزهد , و التصوف متعدد المسارب , متنوع المقاصد , غامض الغايات , مبهم البواعث , يجب أن تـُدرس كل حالة لوحدها بتأمل وتمعن شديدين وتتبع جذورها وآثارها ودوافعها وظروفها الموضوعية والذاتية منذ مرحلة الجنين , بل أبعد من ذلك للموضوعية منها , وإن تبدو المدارس  متشابهة ظاهرياً , مثلا هل هذا المتصوف المسكين سئم تكاليف الحياة , ونفاق البشر , فلجأ إلى بارئه مستغيثاً به ,لائذاً إليه , هاربا من شرور الدنيا وأهلها مسكيناَ مستكيناََ ؟! أم أنـه وجد الحياة لا تستحق الحياة , فلبسه متفلسفاَ بها مستنكفاً منها , وجودياً فيها  بأتجاه الرب ؟!  !
هذا جناه أبي عليّ       وما جنيت على أحد
ولو أنني أشك بأبي العلاء كان يكره الدنيا , بل عاشقاً لها  زاهداً فيها , أم أن هذا المتصوف الرفيع كان يرى نفسه أعلى مقاماً من جبلة البشر , وتصارعهم المذموم للملذات الدنيويية  النتنة , فيسعى للكمال الأخلاقي الإنساني السامي , فقرر الذوبان بالذات الإلهية  عشقاً و سلوكاً وفعلاً بتفلسف مقصود  , لا دراسة وقولاً  بنصٍّ مكتوب فقط , سيان إن كان هذا الأمر طبعاَ أم تطبعاَ  أو كلا الأمرين ؟! - ولو أن  السلوك الطبيعي للإنسان العادي هي  طبيعة خلق الله و سنة مخلوقاته , والناس أجناس  - مهما يكن من أمر   يقول حسين بن منصور الحلاج  (قتل 309هـ / 922م ):
أُقْتُلُوني يا ثقاتـــي إنّ في قتـْلي حياتـــي
و مماتـي في حياتـي و حياتي في مماتـي
أنّ عنـدي محْو ذاتـي من أجّل المكرمـات
و بقائـي في صفاتـي من قبيح السّيّئــات
سَئِمَتْ نفسـي حياتـي في الرسوم الباليـات (1)
إقتلوني ففي قتلي الحياة  الأبدية مع الذات الإلهية , فالحياة خدعة مليئة بالصفات السيئات ,والرسوم الباليات , هكذا يقول  بينما الإسلام , يحرم قتل النفس البشرية , و يحث على العمل والسعي والرزق  "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُون " (الجمعة 10) , ويقول الإمام علي (ع)  , وهو إمام الزاهدين الأول في الإسلام  :إذارأيت رجلاً سألت عن عمله , فإن قيل بلا عمل سقط من عيني ... أم لأبراز الذات , والحظوة بالتبجيل  والأحترام , وامتصاص نهم الأنام , لكلّ ما يهمُّ إليه الهمام  لنيل الصعب المرام ؟! لذلك اختلف الناس حول متصوفيهم  ما بين مقدس ومكفر لهم , هذه مجرد خواطر عابرة مرّت ببالي  , وقد خُصصتْ  درسات ومؤلفات عن التصوف والشعر الصوفي ,  ولله الأمر  من قبلُ ومن بعدُ .
نرجع للطبيعة ومع الطبيعة الإنسان الآخر! وإلا لِما قالوا (الجنة بلا ناس ما تنداس ) , وقالوا (ثلاثة -أشياء- يذهبن الحزن الماء والخضراء والوجه الحسن) ,ولكن في  العصر الجاهلي لم يكن الترف والبذخ , والقصور الشامخة بأشجارها الباسفة , وإنما الصحراء والخيل والليل  والحيونات  والنوق , والأمطار, والبرق , والرياح , والفصول وبعض الأشجار , و يتكىء الشاعر  على الأستعارة و التشبيه لوصف الموصوف بصدق وبساطة وعفوية وواقعية حسية مليئة بالحركة   , يقول الدكتور  (سيد نوفل ) موجزاً الطبيعة لدى الجاهليين  " الحب للطبيعة فمنها المواد والألوان , والصدق فلا مبالغة ولا إحالة , والبساطة فلا تكلف ولا  تصنع في الألفاظ والمعاني , و الإيجاز فلا حشو ولا فصول , والدقة فلا كلمة نابية ولا أخيلة غير مطابقة , وإنما جوٌّ محكم يسود الوصف كلـّه " (2) , فإذا أردنا وصف الطبيعة الصامتة بجاهليتها , وليس بصخبها ومجونها , وعبثها وسمرها  , ,ومرجها وهرجها  ,  فاجلى مظاهر الطبيعة ليلها البهيم الذي يحتل نصف حياة الشاعر , وأروع ما قيل فيه ليل امرىءالقيس (توفي 540م) :
وليل ٍ كموج ِالبحر ِ أرخى سدولهُ         عليَّّّّ بأنــــواع ِالهمـــوم ِليبتلي
فقلتُ لـــهُ لمّــــــا تمطـّى بصُلبهِ           وأردفَ أعجازاً ونــــاءَ بكلكل ِ 
ألا أيّها الليلُ الطويـلُ ألا أنجلي           بصبح ٍ وما الإصباح ِمنك بأمثل ِ
تأمل في الشعر تراه بلمح سريع  ,يوجز كيف تتراكم الهموم عليه  ليلاً كأمواج البحرالعاتية المتتالية , مسنعيراً السدول ليزيد ليله ظلاماً على ظلام كأنما هذا الزائر الثقيل يريد أن  يختبر صبره  وعزمه , فيمازج بين الصورتين السمعية والبصرية  , ثم يحسبه هذا البعير الجاثم على أرضه جاثماً على قلبه , فيقول له : تزحزح عني يرحمك الله , وأثقل من البعير  البعير ! يتمطى بظهره  ,ويتلوى بعجزه , ويثقل بصدره , ثم ينزاح ليأتي الصباح ...آتى الصباح  !! ثم ماذا؟ و الإصباح ليس  بأفضل من ليله , كما يقول أبو العلاء , وأبو العلاء يفرح  لهذا التململ والتضجر من الدنيا :
تعبٌ كلـّها الحياة فما أعـــــجب إلا من راغبٍ في ازديادِ
لا تتخيل أنّ تعب الحياة , والسأم من تكاليفها  - كما زعم هذا أبو العلاء , وذاك ابن أبي سلمى - يصيبان الإنسان وحده . ولا الهموم بأنواعها في الليالي الطوال قد خبرن امرأ القيس الأسبق منهما , - وإنّما الطبيعة الصامتة نفسها ضجرت قبلهم , وملّت أضعاف مللهم , بل دع شاعر الطبيعة الأندلسي الأول ابن خفاجة (إبراهيم بن أبي الفتح ت 533هـ - 1138م), يتخيل كما يشاء  لوصف جبل هرم شامخ , مرّت به العصور الغابرة , أكثر مما مرّت على ( أبي الهول) عابرة ! :
وأرعنَ طمّاح ِ الــــذؤابةِ باذخ ٍ         يطاولُ أعنانَ السماءِ بغاربِ
يسدُّ مهبََّ الريح ِ عن كلِّ وجهةٍ          ويزحمُ ليلاً شهبهُ بالمناكبِ
وقور ٍعلى ظهر ِالفـــلاةِ كأنـّهُ           طوالَ الليالي مفكرٌ بالعواقبِ
ألا تذكرك هذه الأستعارة المكنية  التشخيصية (وقور) بالجبل الشامخ  ( الملك الضليل) في فلاته, وهو يعاني من (أنواع الهموم ليبتلي) !!
   ولكن ما هكذا  كان ليل معظم الشعراء  الأندلسيين والعباسيين وحتى العصر الحاضر , فمثلاً أبو فراس الحمداني (ت 357هـ /968م) يوظف الليل  لمعللته بالوصل - أو ذهب مذهب الأولين بإطلالة النسيب -  تارة :
بلى أنا  مشتاقٌ  وعنديَ  لوعةٌ        ولكنَّ مثلي لا يذاعُ  لهُ   سرّ ُ
أذا الليلً أضواني بسطتُ يدَ الهوى * وأذللتُ دمعاً من خلائقهِ الكبرُ
هنا أراد الليل بشحمه ولحمه , يعني بهدوئه وصمته وسكونه وغسقه وسحره بدليل إذلال دموعه في وقت لا من درى , ولا من رأى , وطوراً - وفي القصيدة نفسها - يستخدم  كلمة الليل جسرا للعبور إلى الفخر مشبهاً نفسه ضمنياً بالبدر في بيته :
سيذكرني قومي إذا جدَََّ جِدّهم    وفي الليلة ِ الظلماءِ يُفتقدُ البدرُ
وبشار بن برد ( ت 168هـ / 784م) يلجأ إلى الليل بكواكبه المتهاوية في  بيته الرائع - وهو الأعمى - لوصف معركة حامية الوطيس , جعل نهارها ليلاً بـ (كأنّ ) التشبيهية لمثار نقاعها , وسيوفهم  اللامعة تتهاوى كالكواكب المضيئة فوق رؤوس  أعدائهم بتشبيهيَن تخييلييَن  :
كأنَّ مثار  النقع ِ فوقَ رؤوسهمْ           وأسيافنا ليلً تهاوى كواكبهْ
أمّا ليالي الأندلس , فحكايتها حكاية, وأشهر ما قيل فيها , بما لا يقبل الجدال والنقاش , قول الضرير  أبي الحسن علي بن عبد الغني  الحصري القيرواني (420 هـ - 488 هـ / 1029م - 1095م) (3) , ولد في القيروان , وهاجر منها بعد نكبتها على يد بني هلال إلى بلاد الأندلس صال وجال شعرا ومدحاً ورثاءً , ورجع إلى طنجة , فمات فيها أراك عرفتني إلى أين أريد  الوصول , لقد وصلت إلى هذا الحصري ( نسبة إلى بيع الحصر), وهو يمدح أمير مرسيه (عبد الرحمن بن طاهر ) بقصيدة من تسعة وتسعين بيتاً ,  مطلعها ثلاثة وعشرون بيتاً في الغزل  :
يا ليلُ  الصبّ ُ متى غدُهُ        أقيامً الساعةٍ موعدُهُ (4)
رقدَ السّمّـــــــــارُ فأرّقهً          أســفٌ للبين ِ يردّدٌهُ
فبكاهُ  النجمُ ورقَّ  لــــهُ          مما يرعاهُ ويرصدُهُ
كلفً بغزال ً ذي هيـــفٍ         خوفُ الواشينَ يشرّدٌهُ
نصبتْ عينايَ لهُ شركاً          في النــوم ِ فعزَّ تصيّدُهُ
مما سبق يتضح لنا بجلاء أن أبيات امرىء القيس الوحيدة التي تصف الليل بطبيعته الصامته , وما عدا ذلك كلها ارتبطت بالإنسان فخرا أو غزلاً , ولكن قصيدة الحصري الضرير القيرواني التي عارضها ثلاثة وتسعون شاعراً كبيرا فعجزوا عن مجاراتها , ربّما  أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته ( مضناك جفاه مرقده ) : مُضْنــــاك جفـــاهُ مَرْقَـــدُه         وبَكــــاه ورَحَّــــمَ عُـــوَّدُهُ
حــــيرانُ القلــــبِ مُعَذَّبُـــهُ      مَقْــــروحُ الجَـــفْنِ مُســـهَّدُهُ
أَودَى حَرَقًـــــا إِلا رَمَقًـــــا        يُبقيــــه عليــــك وتُنْفِــــدُهُ
يســــتهوي الـــوُرْقَ تأَوُّهـــه    ويُــــذيب الصَّخْـــرَ تَنهُّـــدُهُ
ويُنــــاجي النجـــمَ ويُتعبُـــه        ويُقيــــمُ الليــــلَ ويُقْعِـــدُهُ
 كاد أنْ يصل إلى روعتها لولا هذا ( الليل )  في " يا ليلُُ الصّبّ ُمتى غدُهُ " بنداء تحسره وتوجعه  ,  وما أردفه من مفردات تلازمه  ..الصبُّ..الغد..رقد السمار ..الأرق..البين ..النجم ...كلف بغزال .. بعد أن عجز عن هذا كله استسلم للبين والنوم  , والبين لم يرضَ به  , وفي شرك النوم عزّ تصيّدُهُ , أي إيحاء تخييلي أصاب هذا الرجل الضرير ..ولا تتخيل الإيحاء يثنيني أن أحسب   القيرواني  كان كلفاً بحبّْ واقعي  بدليل قوله : ( خوف الواشين يشرّدُهُ) , فهذه  جملة إخبارية  ليس فيها مسحة تخيلية , و إنما تجربة واقعية ! , و بداياتها ليست مجرد مطلع لقصيدة مدح , وإلا لعبرها الزمان , ولم تتلاقفها الألسن جيلاً بعد جيل , هائمة بها , مغنية لها !  نعم  فيها أحاسيس صادقة , ومشاعر مصدقة برسم العشق ,  بينما قصيدة شوقي منحوتة من صخر التقليد ! لا تقل لي كان السيد ضريراً , الضرير تكون  الغريزة الجنسية عنده أقوى من السالمين الأصحاء لسبيبين , الأول للتعويض عن النقصان العضوي , وهذه قضية فسيولوجية , والثاني الحرمان وهذه إشكالية بيئيه  , ألم يصرخ بشار الأعمى الماجن الصريح :
ياقوم أذني لبعض الحيِّ عاشقة ٌ       والأذنُ تعشقُ قبلَ الـــــعينِ أحيانا
قالوا بمن لا ترى تُهذي فقلتُ لهم      الأذنُ كالعين ِتوفي القلبَ ما كانا
ثم يندب حظه العاثر , ولو أنني في شك كبير من هذا البرد أن يكون حظه عاثرا , ولكن نقبل منه قوله :
لمْ يطلْ ليلي ولكن لمْ أنمْ     ونفى عني الكرى طيفٌ ألمْ
وإذا  قلتُ لها جودي لنا    خرجتْ بالصمتِ عن لا ونعمْ
كلا يا صاحبي الليل طويل , وإنْ لم يطل ليل بشار   ...! فهو   ظاهرة طبيعية  صامتة طويلة على من داهمته هموم الملك الضليل  , لذا أطلنا  الشوط معه , وأنا متحسر على خيبة القيرواني   , نودعكم  بالخيبة على أمل اللقاء بالرجاء.... !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قراءة في ديوان الحلاج : نهاد خياطة - مجلة ( الموقف الأدبي )  - اتحاد الكتاب  العرب - دمشق  - العدد 307 - 1996م تشرين الثاني (الشعر فقط) .
(2) شعر الطبيعة في الأدب العربي : د. سيد نوفل ص 28 - القاهرة - 1945م الى ص 50 يتناول الموضوع
(3) أبو الحسن الصرير المذكور في المتن غير ابن خالته - وقيل خاله - الناقد أبي أسحاق إبراهيم بن علي القيرواني ( ت 413 هـ) , صاحب ( زهر الأداب ) المتوفي في القيروان
 (4) تذهب كتب كثيرة , ومعها مواقع  أكثر ’ إما عدم تحريك الكلمات تخلصا  من إشكالية الإعراب , أو بحركات ضعيفة التأويل نحوياً أو بلاغيا ,فمثلاً بعضها يذهب إلى : (يا ليلَ الصبِّ متى غذُهُ)  هنا ( الصبِّ )مضاف إليه لـ (ليلَ) المخاطب . فالمفترض يقال : ( يا ليلَ الصبِّ متى غدُك) ,   والكاف تعود على الليل , لأن العرب لا تمثل المضاف إليه يضمبر  إلا في حالة الركاكة اللغوية  , أمّا إذا أردت استخدام ضمير ,الهاء , فأنت تخاطب الليل , وتسأل عن غد ( الصب)  الغائب , فيكون الإعراب أقوى نحوياَ ولغوية  , وآخرون يجعلونه ( ياليلي الصّبُُّ ُ متى غدُهُ ) , البحر من ( المتدارك : فَعَلُنْ أربع مرات في الشطر , ومن جوازاته فعْلنْ )  , فيجب أولاً تخفيف الياء الأخيرة من (ليلي) إلى الكسر لتكون التفعيلة الثانية للصدر (فعْلنْ) , ليس في هذه النقطة المشكلة  , ولكن في (يا ليلي ) ياء المتكلم فيها خصوصية , أما في ( ياليلُ) , الليل بشكله المطلق ,   شتان بين الصيغتين

ملاحظات حول رفع الحظر الكروي عن العراق/ محمود غازي سعد الدين

لعل رفع الحظر عن المباريات الرسمية من قبل الفيفا نقطة تحول جيدة لإقامة المباريات الدولية لاحقا على ملاعب العراق  وهذا بحد ذاته قد يعتبر انجازا بعد عقود طويلة من حرمان العراق من اقامة المباريات على ارضه وبين جمهوره لأسباب عديدة منها   سياسة الحكومات السابقة تحديدا نظام صدام المقبور وسياساته الخرقاء تجاه شعبه وتجاه دول الجوار وانتهاك القرارات الدولية  .
 من المهم هنا القول ان هناك نقاط كثيرة قبل رفع الحظر يجب ان نتطرق لها , و قد لا تعدو سوى وجهة نظر  شخصية سأدلى بدلوي بها  ,,وهذه النقاط برأيي الشخصي المتواضع تعدو من السلبيات التي ستعيق اقامة هذه المباريات او ستنقلب علينا سلبا  بعد رفع هذا الحظر وسيكون تأثيرها سلبيا وعكسيا , ومن جملة هذه الاسباب في حال لو لم يتم تلافيها ومعالجتها هي:
1- انقطاع التيار الكهربائي في مثل هذا المواقف لأمر مخجل وهذا ما تكرر في مباراة ملعب الشعب وقبلها في اربيل .
2 - دخول عدد كبير من الاداريين وغيرهم داخل فناء الساحة وهذا ما شوهد في ملعب الشعب وقبلها اربيل .
3- اقامة هذه المباريات في وضع امني غير مستقر وخاصة انه قبل ايام قليلة وقعت تفجيرات دامية في بغداد ومحافظات اخرى , رغم اننا لا ننكر انه يعد انجازا امنيا كبيرا ان لا يحدث اي خرق امني وامتلاء مدرج ملعب الشعب عن كرة ابيه بالمشجعين , إلا ان هذا لا يعدو  ضمانا بعد سياق الاحداث التي جرت ودمويتها وأسلوبها وتوقيتها وفي اماكن حساسة اكثر تحصينا وأمنا .
4- الوضع الامني الغير مستقر سيسخره البعض لإقامة المباريات في مناطق محددة في العراق لغرض الدعاية والمزايدة على موضوعة ال لا استقرار في العراق ,, والذي يتشارك الجميع في تداعيات هذا التردي الامني من الشمال نحو الجنوب .
5- شاهدنا كيف زايد البعض وقاموا برفع صور وأعلام احزاب اثناء مباراة المنتخب العراقي في اربيل ,, بل وقد يحاسب البعض لمجرد رفع علم سابق او لاحق وهذا بعثي وأنا وطني وذاك طائفي وهذا قومي !! حتى باتت الرياضة عموما  وكرة القدم خصوصا وسيلة بين ايدي بعض الايدي الفاسدة لغرض نيل المكاسب ولغرض الدعاية الرخيصة لهذا الطرف او ذاك .
6-ت شاهدنا كيف كان تصوير المباراة ونقلها بحيث كان من الرداءة حتى وصل بنا المطاف و الكثير من المتابعين عبر الشاشات وتمنى انه لو لم يتابع هذه المباراة وبهذه المستوى الرديء , الذي قد استطيع القول ان شركات في افغانستان والصومال لو تبنوا واوكلت لها نقل هذه المباراة لكانت جودة الصورة افضل وأحسن  ,, حتى بات معلق المباراة يبحث عن اعذار وان الجهة التي وكلت اليها نقل المباراة هي قناة الفرات وكاميراتها والتابعة للمجلس الاسلامي الاعلى ,, ولا اعلم سر نقل جميع خطب السيد عمار الحكيم على شاشة هذه القناة وهو يخطب ويصيح باعلى صوته وهي في اجود صورة ونقاء واعلى جودة ,, وحينما يصل الى نقل مباراة بمثل هذه الاهمية نختلق الاعذار والحجج لتبرير هذا الاداء السيئ !!!!
7- برأيي الشخصي العامل النفسي امر مهم في حالة المنتخب الوطني ألعراقي , عليه ولجملة الاسباب السابقة ,, ارى ان يبقى الحظر على رفع الدولية والإبقاء على مشاركة العراق وإقامة مبارياته خارج العراق وكعامل نفسي مساعد , ومثل مايكولون الترويح والتنفيس عن نفسية اللاعب الذي قد تساعده اجواء خارج البلد على التكيف والراحة والاستجمام والذي قد يساعده ذلك ايضا في تطور ادائه , وكذلك ابتعاد المدرب عن اي ضغوطات من هذا الطرف او ذاك وخلق اجواء تساعد على تأقلم اللاعبين فيما بينهم ومع المدرب الجديد لأداء استحقاقاتهم الدولية القادمة وهي كثيرة على غرار تصفيات كأس العالم في البرازيل  وتصفيات كاس امم اسيا  ..

ليس انتقاصا وليس تشكيكا في قدرات المخلصين من العراقيين , وليس القصد حرمان المشجع العراقي من تشجيع فريقه على ملعب الشعب في بغداد او البصرة او الرمادي والموصل لاحقا ,, فقد اثبتت المستديرة ان غالبية الشعب العراقي يقف خلف منتخبه متناسيا كل شيء متناسيا طائفيته ومتناسيا قوميته وعقيدته ولونه وعرقه ومسئوليه الفاسدين والمخلصين ,,  ليهتفوا جميعا بحنجرة واحدة وصوت واحد عاش العراق ,, وهسه يجي الاول ,, وهسه يجي الثاني .
نقولها من القلب مبروك فوز العراق الاول على ارضه وبين جمهوره الوفي ,, ولكن اعود وأقول اذا لم يتم تلافى وتعالج هذه الامور وأمور اخرى عديدة قد غفلنا عنها ,  اقولها وبصراحة لا تكونوا منقادين  تسوقكم عواطفكم وأحاسيسكم وبعد ذلك  تنقلب الامور الى فشل ,,,, وصخام وجه آخر ,,,
 وكما قال احد الحكماء
* الفشل نوعان ,نوع يأتي من التفكير بدون فعل ونوع يأتي من الفعل بدون تفكير .

مجرد رأي ليس الا .....

محمود غازي سعدالدين
      بلجيكا

ما احوجنا اليك في هذه المرحلة قائدنا وديع حداد/ راسم عبيدات

غداً تحل علينا الذكرى  الخامسة والثلاثين لإستشهاد القائد وديع حداد"أبا هاني"،مسؤول العمليات الخارجية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،صاحب شعار "وراء العدو في كل مكان"،والذي كان المطلوب رقم واحد للموساد واجهزة المخابرات الغربية،أبا هاني ابن عروس الجليل صفد،كان مقتنعاً تماماً بالشعار الخالد الذي رفعه الرئيس الراحل الكبير عبد الناصر "ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" واسم القائد الراحل وديع حداد مجرد ذكره كان يسبب الرعب والهلع والخوف لكل اجهزة المخابرات الغربية والصهيونية،وخصوصاً انه نفذ العديد من العمليات الفدائية الجريئة او كان عقلها المدبر،وأقام شبكة واسعة من العلاقات مع العديد من القوى الثورية العالمية أنذاك  الجيش الأحمر الياباني جماعة بادر ماينهوف الألمانية والألوية الحمراء الايطالية والجيش الجمهوري الايرلندي وغيرها من قوى الثورة العالمية،وجند الكثير من المناضلين العرب والأجانب في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،وكان دائماً مثالاً وقدوة ومقداماً وشجاعاً يتقدم الصفوف،والموساد حاول اغتياله اكثر من مرة لأنه اعتبره بشكل مباشر مسؤولاً عن عملية مطار اللد الشهيرة،وكذلك عملية عنتيبي،وغيرها من العمليات الأخرى،والمخابرات الغربية كان وديع المطلوب رقم واحد لها لدوره في العديد من عمليات خطف الطائرات واحتجاز رهائن وتحرير أسرى فلسطينيين وثوار عرب وعالميين،ويجب علينا ان نذكر بان جورج عبدالله وكارلوس المسجونين في سجون الفاشية الفرنسية،هم من تلامذه وديع،ووديع كان له بصماته في التعاون مع القوى الثورية والتقدمية والأنظمة الوطنية العربية أنذاك في الجزائر واليمن وليبيا والجزائر ومصر ولبنان وغيرها من الساحات العربية
ووديع كان رأسه مطلوباً للنظام الأردني،حيث طورد واعتقل لمدة ثلاث سنوات في سجن الجفر الصحراوي،ومن بعدها غادر الى سوريا وواصل نشاطه في حركة القوميين العرب ومن بعدها في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،وهو بنفسه قاد عملية تحرير الحكيم من السجون السورية،وقد اختلف  وديع مع رفاق دربه في الجبهة الشعبية الحكيم وغيرهم حول العمليات الخارجية ،فالجبهة رات انها ادت الغرض منها في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية عالمياً،وتعريفهم بالظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني جراء الغزوة الصهيونية،وبان استمرارها قد يلحق الضرر بالنضال الوطني الفلسطيني،وقد خاض الحكيم نقاشات وحوارات مطولة مع رفيق دربه،ولكن أبى أبا هاني إلا ان يواصل نفس النهج والطريق،وكان قرار فصله صعباً وقاسياً على كل رفاق الجبهة الشعبية،حيث أسس أبا هاني الجبهة الشعبية - العمليات الخاصة،وظلت الموساد تطارده وتتبعه،حتى تمكنت من دس السم له في الشكولاتة البلجيكية ليستشهد في بغداد في 28/3/1978،بعد صراع طويل من المرض،وليعترف الموساد لاحقاً بإغتياله،وفور اغتياله نعته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ونشرت وعلقت صوره في كل الأماكن والساحات واعادت له اعتباره،وأبنه الحكيم في كلمة طويلة مؤثرة غالبه فيها البكاء على رفيق دربه.
كم نحتاج اليك يا أبا هاني في هذا الزمن الحراشي،وهذه المرحلة من "الخصي" والعري العربي الفاضح،فالأمة أضحت عاقراً ولم تعد تنجب ثواراً وأبطالاً،إلا ما ندر ورؤوسهم مطلوبة،وأنا أؤمن تماماً أنك لو كانت حاضر الان بيننا،ووجدت ان بغلاً يقود نعاجاً وجامعة عربية "تتعبرن" وتبول على نفسها،لربما فعلت كما فعل شاعرنا الكبير خليل حاوي عندما أطلق الرصاص على نفسه احتجاجا على الخزي والذل والعار والصمت العربي تجاه غزو اسرائيل للبنان وذبح المقاومتين الفلسطينية واللبنانية عام  1982، أبا هاني امة تستدخل الهزيمة والعار،وتشارك في اغتصاب واحتلال اوطانها،وتغتصب  تمثيل دولة حرة وشعبها،وتنصب بدلاً منه عميلا،وترفع علم الاستعمار الفرنسي بدل علم سوريا العروبة،هي امة ذل وعار لا تستحق الحياة،أبا هاني المرحلة صعبة وقاسية والخيانة لم تضحي على رأي الشهيد القائد صلاح خلف وجهة نظر،بل أضحت الخيانة مشرعة ويتباهى فيها البعض،وأبعد من ذلك  أمة تقاد من  عملاء وخونة وجواسيس وجهلة ومتخلفين،ولم تعد تلك الأمة التي قالها عنها شاعرنا العربي العراقي الكبير مظفر النواب"إننا أمة لو جهنم صبت على رأسها واقفة"،بل هي يا وديعنا أمة ليست راكعة وساجدة،بل دخلت مرحلة ما بعد الركوع والسجود،مرحلة الركل يميناً وشمالاً وإنعدام الوزن والوجود.
 إه يا وديعنا  كم نحن بحاجة الى أمثالك في هذه المرحلة،فالثورة لم تعد ثورة،وأضحت مشروعاً إستثمارياً لمجموعة من المرتزقة والمنتفعين والمتاجرين بالوطن ،ونضالات وتضحيات المناضلين.
ومسقط رأسك صفد هناك من لا يريدها عربية،وقضية لاجئي شعبنا في مخيمات اللجوء والشتات،هناك من يريد أن يتنازل عنها ويقزمها،وجهابذه "التحشيش" الفكري والمتسلقين والمنتفعين والمنبطحين،يطرحون لها الحلول والمبادرات حتى بدون ثمن أو رصيد.
أسمع من خلف جدران السجن رفاقك وأخوتك  وفي المقدمة منهم سعدات والبرغوثي ويوسف والعيساوي،يقولون لك أبا هاني نحن  في خنادق النضال المتقدمة،من قلب الأكياس الحجرية ما زلنا نمسك بالراية ما زلنا قابضين على المباديء والقيم النضالية،ما زلنا نرى وجهك ووجه الحكيم  وأبا عمار وأبا جهاد وأبا علي والشقاقي والرنتيسي وياسين والقاسم...وتلك القائمة الطويلة من شهداء شعبنا،تقول لنا هذا زمن المغارم لا زمن المغانم،وتحذرنا من النزول عن الجبل،ونحن حتماً وفاءاً لك ولكل  دماء هؤلاء القادة العظام،ولكل تاريخ وتراث وإرث شعبنا النضالي والثوري،سنبقى على العهد ونصون الوصية،وبوصلتنا ستبقى القدس واللاجئين دوماً.

لن نسترد مصر.. إلا بالسلاح/ مجدي نجيب وهبة

** بالأمس .. ألقى "محمد مرسى العياط" الذى فقد شرعيته كرئيسا لمصر .. خطابا فى يوم المرأة العالمى ، وكان من المفترض أن يتناول حقوق المرأة ودورها البناء فى المجتمع .. ولكن فجأة وبدون أى مقدمات ، بدأ يتناول العمل السياسى ، والوضع الحالى فى البلاد .. وبدلا من تناوله للوضع الحقيقى والإنهيار الإقتصادى والأمنى ، وإشتعال الشارع المصرى ، وإنهيار السياحة ، وتهديد مصر بالإفلاس ، وهروب المستثمرين ، وإنهيار البورصة ، وسقوط دولة القانون ..
** بدا وكأنه حاكم لعزبة وليس لدولة .. فقد صال وجال مهددا خصومه السياسيين بالسجن والإعتقال ، ومهددا الإعلام الحر والصحافة بالعواقب الوخيمة .. فى الوقت الذى قام أتباعه وأبناء عشيرته بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى ، ليمنعوا الإعلاميين وضيوف البرامج من دخول المدينة .. فى إيحاء من خطابه بالموافقة على هذه الفضيحة المتكررة ..
** يبدو أن الرئيس مرسى يتصور أنه عندما يلقى خطابا إستجابة لفكر الجماعة .. سيهرول الجميع إلى قصر الرئاسة حاملين صور مرسى ، مهللين ومكبرين له ، ولأبناء عشيرته ، ومعلنين التوبة .. وطالبين الصفح والغفران ..
** ويبدو أن هناك إصرار من الرئيس مرسى على إستخدام إصبعه وهو يهدد .. وقد كرر أكثر من مرة أنه رئيس لكل المصريين ، ردا على الإنتقادات العديدة التى وجهت لكل خطاباته التى كان يوجهها إلى جماعته وأبناء عشيرته .. وهنا يؤكد الرئيس فى خطابه الأخير أنه لن يترك مصر ولو على جثته .. وأن الشعب إذا أراد إستعادة الوطن ، فعليه أن يحمل السلاح لمواجهته هو وأبناء عشيرته ..
** نقول للرئيس الذى يظل يردد "إننى أول رئيس مدنى منتخب بعد ثورة حقيقية فى مصر" .. لقد سقطت شرعيتك بعد أن تمزقت مصر على أرصفة العجز ، ليقتسمها الإخوان والبلطجية ، وأصبح شعارنا "اللى يطول حاجة ياخدها" ..
** لقد سقطت شرعيتك بعد أن حولت مصر وشوارعها إلى غابة متوحشة .. يمشى فيها الإنسان بعد أن يكتب وصيته حيث لا يدرى من أين يأتيه الموت؟ ..
** لقد سقطت شرعيتك بعد أن أسقطت القضاء ، ولم تحترم الأحكام القضائية ، وتغولت على السلطة القضائية ، وحاصرت المحكمة الدستورية العليا ، ومنعت قضاتها من أداء عملهم ، وأصدرت إعلان دستورى مكبل ، ورسخت دولة الميليشيات ، وأسقطت دولة القانون ، وأسقطت هيبة الشرطة ، وسمحت للهلافيت وأنصاف الرجال من حماس وتنظيم القاعدة بتوجيه تهديداتهم للجيش المصرى ..
** لقد سقطت شرعيتك عندما تجاوزت كل الحدود والقيم والمبادئ والأحكام ، وأخرجت كل الإرهابيين والمعتقلين وتجار المخدرات من السجون والمعتقلات ، لينشروا الفوضى والخراب فى مصر ، وتحولت مصر إلى شعب يتقاتل وأصبح كل منا يأخذ حقه بذراعه ..
** لقد سقطت شرعيتك عندما تقوم فى ظل حكمك بتحويل اللصوص إلى دعاة ومبشرين بالشرف والأمانة .. وتحويل القوادين إلى حماة للفضيلة .. وأصبح المضللون هم المطالبين بالعدل .. إنها قمة المسخرة والمهزلة ، ونكتة مستهجنة أكثر عهرا من الجنس الفاضح ..
** لقد سقطت شرعيتك عندما إتخذت من القواد الأمريكى "باراك حسين أوباما" حليفا لك ، وجعلت خدك مداسا لأهداف الإرهاب الأمريكى ، لإسقاط وهدم مصر ، وجعلها فوضى أمام العالم .. بعد أن كانت الدولة القيادية فى الشرق الأوسط والعالم العربى ..
** لقد سقطت شرعيتك عندما تركت القتلة والإرهابيين يطمسون الحقائق ، وينشرون الأكاذيب ، ويضللون فى التاريخ ، ويتحدثون عن مصر ، ويزعمون إنها فوق الجميع ، ويتحدثون بإسم الشعب المصرى .. وفى الحقيقة هم لا يعلمون شئ عن مصر ، ولا ينتمون لهذا الوطن .. بل إنهم صادقون عندما عبر مرشد الإخوان السابق "مهدى عاكف" عن ذلك فى مقولته الشهيرة "طظ فى مصر" ..
** لقد سقطت شرعيتك عندما تحولت مصر إلى دولة ميليشيات ، يدمر كل شئ أمام أعيننا ، وإنقلب الهرم .. فالجمال صار قبحا ، والديمقراطية فجورا وتطاولا ، والحرية تسيبا وإنفلاتا ...
** لقد سقطت شرعيتك بعد أن سالت دماء المصريين فى كل شبر من أرجاء المحروسة ، وعلى أسوار قصر الإتحادية والمقطم .. وفى السويس ، والإسماعيلية ، وبورسعيد ، والمحلة ، وطنطا ، والأسكندرية .. بفضل توجهاتك للسفلة والمجرمين والإرهابيين من جماعتك وأبناء عشيرتك ..
** لقد سقطت شرعيتك عندما قتل جنود القوات المسلحة على الحدود ، على أيدى حماس وهى الذراع العسكرى للإخوان المسلمين ، ورغم مرور ما يقارب من عام وحتى الأن لم يفتح الملف للقبض على المحرضين والكشف عن الجناة .. فمحاولاتك المستمرة لطمس الحقائق كما حدث أمام أسوار الإتحادية لا تتوقف ..
** لقد سقطت شرعيتك عندما أبحت الحدود بإعطاء غطاء سياسى لكل التنظيمات الإرهابية لإستيطان سيناء ، ولولا يقظة الجيش المصرى الذى تحاول أن تدمره .. لإستبيحت الأرض المصرية والعرض والشرف .. وقد تم القبض على 25 من مجرمى حماس والقاعدة فى عمليات لتمشيط سيناء من البؤر الإجرامية ، وهم يحاولون التسلل من شمال سيناء إلى جنوبها للإنطلاق إلى محافظات الصعيد ، وبحوذتهم 50 قطعة سلاح متنوعة ، تشمل الألى ومدافع "أر بى جى" ، وذخيرة حية .. وللأسف لم توجه كلمة واحدة ، تحذر هذه العناصر من دخول الأراضى المصرية ، بل ما شاهدناه هو الإعتراض الرئاسى على هدم الأنفاق ، التى تهدد الأمن القومى المصرى ..
** لقد سقطت شرعيتك بعد أن ضبطت ألاف القطع من الملابس العسكرية ، والتى كان يتم تهريبها إلى كل من غزة وليبيا .. وزعم البعض أن هناك مخطط لإرتداء بعض الأفراد لهذا الزى العسكرى لعمل وقيعة بين الجيش والشعب .. وهذا غير صحيح إطلاقا .. فالهدف هو مؤامرة يتم الإعداد لها للإطاحة بكل قيادات القوات المسلحة ، والزعم بأن هناك بعض عناصر القوات المسلحة قامت بمحاولة الإنقلاب على الحكم .. وسوف تدعى بعض أفراد القوات المسلحة المنتميين لفكر الإخوان والموالين للسمع والطاعة للمرشد العام للإخوان ، بإذاعة هذا البيان ، وسوف يتم الدفع بميليشيات حماس والإخوان المسلمين ، والجهاديين ، والتكفيريين بعد إرتداءهم الملابس العسكرية بالنزول إلى الشارع المصرى لمحاصرته ... بعد إعلان محمد مرسى العياط عن تفعيل قانون الطوارئ ، وإعلان الأحكام العرفية .. وسوف يتم ضرب النار على كل من يخالف هذه التعليمات .. وسيمنع بعض الإعلاميين من الظهور فى القنوات ، وستغلق الصحف .. وهذا واضح جليا فى خطاب "محمد مرسى العياط" بالأمس ..
** هذه الخطة كشفنا عنها فى مقال سابق ، وحذرنا كل الشعب المصرى ، وحذرنا كل القيادات العسكرية من إتمام هذا السيناريو ، والذين يقرأوون خطاب محمد مرسى العياط جيدا ، يدركون أن هذه حقيقة وواقع بدأ تنفيذه ..
** فهل ينتبه الجيش لهذا المخطط .. أم نحن واهمون ، وسيظل الجيش صامتا ومغيبا .. حتى تتأكل كل قياداته العسكرية ، ويتحول إلى ميليشيات .. ليتحقق حلم القواد "باراك حسين أوباما" ، ويتحقق النصر لمسلمى أمريكا ، وهم يصفقون لهذا القواد ..
** وفى كل الأحوال .. فقد خرج الشعب المصرى وتوحد على هدف واحد ، وهو إنقاذ مصر حتى لو إضطررنا إلى حمل السلاح للدفاع عن مصر ..
** علينا أن نتذكر أن النظام الحاكم لا يملك رؤية لمن يختلف معه ، وهذه هى الحقيقة فهم يعتقدون أنهم الحق المطلق ، والأخرين يتكلمون عن هوى وضلال ، وإن نقى العقل قليل الدين .. هم يدعون لإقامة دولة الخلافة الإسلامية ، وقبل أن يقيموها يروعون العباد بالتكفير حتى إذا ما نجحوا فى إقامة دولتهم .. أسالوا الدماء أنهار على إختلاف فى تأويل نص أو رأى فقهى .. بل إنهم يكفرون بعضهم البعض قبل أن يملكوا أعناق العباد ..
** يستخدمون السيف بدل القلم .. يذبحون المخالف ، ولا يحاورونه .. لهم سجل ثمين وتاريخهم إسود .. وعلى سبيل المثال ، تم قتل العالم الجليل "صالح بن عبد القدوس" بتهمة الزندقة ، ولحق به الشاعر "بشار بن برد" بأمر الخليفة المهدى .. وكان للمهدى رؤية خاصة فى إضطهاد المكفرين وذبحهم .. فأشاء لهم حبسا عرف بحبس الزنادقة .. وأمر المعتصم فاتح عمورية بجلد النابغة "أحمد بن حنبل" وحبسه حتى غاب عقله ، ومات أبو يعقوب البويطى خليفة الإمام الشافعى فى حبسه ، وقتل إبن حيان السيتى العالم ، لأنه كان يقرأ فى العلوم الرياضية ...
** وفى الأندلس .. تأمر وسطاء الدين على إبن حزم ، وإبن رشد ، وخرقت مؤلفاتهم وأمر المنصور ملك الأندلس بنفى إبن رشد ، وأبى جعفر الذهبى ، وقتل بن حبيب لإشتغاله بالفلسفة ..
** وإمتد الإرهاب .. فتآمروا على الملك ، وعلى النحاس باشا ، وتأمروا على الخذزندار ، وتآمروا على الزعيم عبد الناصر فى حادث المنشية الشهير ، وقتلوا الشيخ الذهبى ، وقتلوا المفكر فرج فودة ، وفرقوا بين الدكتور "أبو زيد" ، وزوجته ، وإتهموه بالكفر ... وحدثت جرائم ومذابح عديدة فى الأقصر والأسكندرية وكل مدن الصعيد ، وقتلوا السادات فى حادث المنصة الشهير .. ومنذ توليهم الحكم .. أريقت الدماء ولم يقدم واحد إلى المحاكمة .. لأن هذا هو تاريخهم الإسود ..
** إنه القليل من الكثير لعلنا نتذكر ونفيق جميعا ، ونواجه هذه الكارثة ، ونواجه القواد أوباما ، الراعى الرسمى للإرهاب فى العالم .. حماك ِ الله يا أرض الكنانة وحمى شعبك من كل سوء !!!!!!.....
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

مع زيارة أوباما والمصالحة التركية - الإسرائيلية باتت الحرب الإقليمية وشيكة/ راسم عبيدات

زيارة اوباما الى المنطقة لم تكن القضية الفلسطينية في سلم أولوياتها،بل الملفين النووي الإيراني وما يجري من تطورات في سوريا،هي في صلب اهتمامات أوباما ونتنياهو،من أجل ترتيب أوضاع التحالف الأمريكي- التركي- الإسرائيلي في المنطقة،فليس من المعقول أن تبقى العلاقات بين اسرائيل وتركيا العضو في حلف الأطلسي،والتي يعول عليها كثيراً في أية حرب إقليمية قادمة،سواء لجهة المشاركة في الحرب،أو كونها قاعدة إنطلاق أساسية لأمريكا والغرب لضرب سوريا وايران،أو تأمين الدعم اللوجستي للقوات الأطلسية المشتركة في الحرب،وبالفعل جرت عملية إنهاء القطعية العلنية المستمرة سراً بين البلدين بإعتذار متبادل،فأردغان المخادع والمضلل لعربنا وأمتنا الإسلامية صحح وأعتذر عن تصريحه بأن الصهيونية معادية للإنسانية،وبالمقابل فإن نتنياهو أعلن اعتذاره هاتفياً لتركيا عن حادثة إقتحام السفينة التركية مرمره والإستعداد لتعويض أهالي الضحايا،وطبعاً هذا ارتبط بحادثة إطلاق الصواريخ من غزة إبان زيارة اوباما لإسرائيل،حيث الخوف من انهيار الهدنة التي كانت تركيا واحد من الضامنين لها ،هي ومصر وقطر،والمشتملة على بند تخفيف الحصار عن قطاع غزة أخرجت صفقة الإعتذار المتبادل الى حيز التنفيذ،وتبقى هذه مسألة هامشية في المشروع الأمريكي،ولكن حتى هذه العامل مهم في الترتيبات الأمريكية للمنطقة،إلا ان العامل الحاسم هنا الملفين النووي الإيراني والتطورات على الساحة السورية،والتي بات واضحاً بأن ما جرى بعد هذه المصالحة التركية- الإسرائيلية،وعدم قدرة القوى المعارضة وما يسمى بالجيش الحر وجبهة النصرة على حسم الأمور عسكرياً في سوريا،حيث الجيش السوري يوجه لهم ضربات قاصمة وعقد المعارضة ينفرط لجهة الولاءات الموزعة بين قطر والسعودية وتركيا،وما يجري على الساحة اللبنانية من استقالة الرئيس ميقاتي الى تأجيج الصراعات الداخلية ومحاولة إشعال الجبهة الداخلية هناك،وعمليات التحرش التي بدأت بها اسرائيل ضد سوريا عبر الجولان،والمصالحة التركية مع حزب العمال الكردستاني،كلها مرتبطة بما يحضر له نتنياهو والغرب الإستعماري وقوى عربية وإقليمية وبالذات تركيا،حيث أن مشاريع خلق ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير،المستوعب لإسرائيل كقوة مركزية في المنطقة والحافظ والضامن للمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة لمئة عام قادمة أوشك على التنفيذ،وهو يستدعي تغيير جغرافيا المنطقة العربية تفكيكاً وتركيباً خدمة لهذا المشروع،وحتى تستكمل حلقات هذا المشروع،لا بد من إزالة وتدمير حلقات الإعتراض عليه الحلقتين السورية والإيرانية ومعهم حزب الله كقوة مركزية في لبنان والمنطقة،ومصر الرهان على ما يجري فيها من تطورات وإدخالها في حالة فوضى  شاملة وتعميق مشاكلها الداخلية،يجعلها غير قادرة على لعب أي دور عربي  او إقليمي مركزي،على أن يجري تفكيكها وتدميرها لاحقاً،ويعهد بهذا الدور والمهمة لمشايخات النفط والغاز وقوى الأخوان المسلمين المسيطرين على السلطة هناك،فهم جزء من المشروع من أجل تفكيك وتدمير المشروع القومي العربي وتدمير ايران وسوريا،مقابل منحهم السلطة في العالم العربي،وقد حاول أوباما أن يطمئن الملك عبد الله الثاني،بأن الأردن لن يكون مشمولاً في مشروع سيطرة الإخوان على العرش هناك،وتصريحات الملك عبدالله التي نشرتها نيويورك تايمز،تعكس مدى التخوف الأردني من التطورات التي تعقب العدوان على سوريا وايران،والتي قد يكون من ثمراتها تقديم السلطة في الأردن للأخوان المسلمين،ففي هجوم نادر للملك على الإخوان المسلمين الذين طالما كانوا بطانة النظام،وصفهم "بالذئاب في ثياب حملان" وأن معركة النظام الأساسية  تتمثل في منع سيطرتهم أو وصولهم للسلطة، وحتى يتحقق للملك ما يريد،فإن الإدارة الأمريكية تريد من الأردن أن يكون قاعدة إنطلاق لإسرائيل وأمريكا برياً وجوياً من أجل مهاجمة سوريا.... نحن أمام تداعيات وتطورات خطيرة جداً تعودنا عليها في زيارات الرؤوساء الأمريكان السابقين،والتي كان من ثمراتها إحتلال العراق والعدوان على لبنان وفلسطين..... اليوم المسألة أكبر من الملف الفلسطيني وأوسع وأشمل،والمطلوب خلق ترتيبات شاملة على مستوى المنطقة،ترتيبات تغير وجه المنطقة والخارطة العربية جذرياً،أي استعمار أمريكي- استعماري غربي للمنطقة لما لا يقل عن مئة عام قادمة،يتواصل فيها نهب خيرات وثروات العرب،وتدمير قدراتهم العسكرية والاقتصادية والعلمية،حتى يتم إيجاد بديل لمصادر الطاقة "النفط والغاز" العربية أو نضوبها،ومن ثم ترك العرب يعودون مرة أخرى الى مرحلة البداوة وما قبل التاريخ الحديث،هذه هي حقيقة المشروع الأمريكي الذي يخطط للمنطقة،على أن يتم إعطاء تركيا دور مركزي في المنطقة،قد يعبر عنه بسلخ أجزاء من سوريا لصالح تركيا،وتعزيز دورها ونفوذها الإقليمي الى جانب اسرائيل في المنطقة العربية... ،وهذا المشروع  نجاحه او فشله رهن  بالمواقف الدولية الداعمة لسوريا وايران،وبالتحديد روسيا والصين،اللتان تشعران بأن أية تغيرات  في المنطقة،تكون نتيجتها سقوط النظامين في سوريا وايران،قد يشكل خطر جدي على مصالحهما في المنطقة،وإمداداتهما من الغاز والبترول،والذين يصبحان تحت رحمة امريكا مباشرة،ولذلك أرى انا روسيا على وجه الخصوص،لن تقامر بتقديم رأس النظام السوري على طبق من ذهب الى أمريكا وحلفاءها،ناهيك عن ان المغامرة على ايران قد تكون ذات نتائج وخيمة على الإقتصاد العالمي عموماً،ولربما تدخل المنطقة كاملة في فوضى شاملة،ناهيك عن انها قد لا تحقق النتائج المرجوة منها.
ولكن واضح ان أمريكا بعد زيارة اوباما للمنطقة،تعد لمشروع جديد،وهذا المشروع بحاجة الى إزالة حلقات الإعتراض عليه،ونجاح النظام السوري في القضاء على العصابات والإرهابيين،معناه خسارة كبيرة لكل القوى التي تآمرت وصرفت المليارات من أجل القضاء على سوريا،ونتائج ذلك النجاح والصمود،قد ينعكس على  تلك القوى والأنظمة وبالأخص الخليجية منها،وتخوفها هذا يدفعها لدفع وصرف المزيد من الأموال،من اجل ان تشن أمريكا واسرائيل حربهما على سوريا وايران.
إذا المنطقة حبلى بالتطورات والمتغيرات،والساحة السورية والحسم عليها،سيحدد المسارات والخيارات،وبإنتظار ذلك نقول،بانه كما خدعت "الجزيرة" المشاهد العربي،فإن أوردغان مارس نفس الدور في التضليل والخداع مع العرب والفلسطينيين،وسنكتشف أنه أمريكي أكثر من الأمريكان انفسهم،وان التنسيق العسكري والأمني بينه وبين اسرائيل ظل قائماً سراً.

يريدونها حربا عبثية بين الفلبين وماليزيا!/ د. عبدالله المدني

في زحمة الاحداث العالمية المتسارعة لم يلتف الكثيرون إلى ما حدث مؤخرا بين ماليزيا والفلبين من مناوشات قابلة للتوسع واشعال حرب شاملة بين البلدين الجارين، إذا لم يتم تدارك الموقف.
بدأت القصة في فبراير المنصرم حينما وصلت مجموعة فلبينية مسلحة مكونة من235 مقاتلا من المسلمين الذين يطلقون على أنفسهم "الجيش الملكي لسلطنة سولو" إلى قرى في شمال شرق ماليزيا قادمين من جنوب الفلبين في قوارب صغيرة ، وذلك في محاولة عبثية طائشة لإعادة إحياء مملكتهم الغابرة، مدفوعين بطموحات وأحلام شخص يزعم بأنه وريث مملكة سولو المنقرضة، وهو "جمالول كيرام الثالث" الذي قال في مؤتمر صحافي من مقر إقامته في مانيلا أنه المسئول عن إرسال المجموعة المقاتلة إلى ماليزيا، وأن المجموعة بقيادة أخيه "عجيب الدين كيرام" وتضم إبنه وولي عهده، وأن أتباعه سيواصلون القتال حتى آخر رمق.
وعلى مدى الاسابيع الفائتة من فبراير ومارس ناشدت مانيلا هؤلاء بالعودة الى بلادهم والكف عن خلق المشاكل مع ماليزيا، فيما راحت الأخيرة تبعث لهم برسائل مفادها انها لن تقف مكتوفة الايدي طويلا امام انتهاكم لسيادتها والاعتداء على اراضيها ومواطنيها، وأن عليهم إلقاء السلاح دون قيد أو شرط، والعودة من حيث أتوا مقابل عدم التعرض لهم. غير أن المقاتلين لم يبدوا تجاوبا، الأمر الذي قررت معه قيادة الجيش الماليزي شن غارات جوية عليهم باستخدام طائرات "إف 18" المقاتلة ومروحيات "هوك" القاذفة.
ولا يعرف على وجه الدقة حصيلة هذه الغارات، وماصاحبها من عمليات تمشيط وتعقب برية في ولاية صباح، حيث إكتفت المصادر الحكومية بالقول أنها نفذت عمليات عسكرية مثمرة للدفاع عن سيادة البلاد، فيما قالت مصادر المقاتلين ان عملية الجيش الماليزي كانت فاشلة بإمتياز.
وفي محاولة من البلدين لتدارك تداعيات هذه التطورات على علاقاتهما، ومصير نحو مليون نسمة من الفلبينيين العاملين في ماليزيا (800 ألف منهم يعملون في ولاية صباح وحدها) تم رصد رحلات دبلوماسية مكوكية بين مانيلا وكوالمبور سعيا وراء التهدئة، كما تم رصد قيام السفن الحربية الفلبينية بدوريات على طول الحدود البحرية المعقدة، وذلك للحيلولة دون تدفق المزيد من المقاتلين الفلبينيين نحو ولاية صباح لمساعدة ودعم "الجيش الملكي لسولو".
والخطوة الفلبينية هذه مهمة في ضؤ المعلومات القائلة بأن جبهة تحرير مورو الوطنية بقيادة "نور ميسوري"، وهي تنظيم مسلح يعمل منذ تأسيسه في 1969 من أجل إنفصال اقاليم الفلبين المسلمة الثلاثة (ميندناو، وبلاوان، وسولو) في كيان مستقل، منقسمة على نفسها، ولا تملك السيطرة على مقاتليها، بعد أن توصلت منافستها (جبهة تحرير مورو الإسلامية) إلى إتفاق – برعاية ماليزية - مع الحكومة الفلبينية في أواخر العام الماضي لمنح مسلمي جنوب الفلبين حكما ذاتيا واسعا.
ويقال أيضا أن "ميسوري"، على الرغم من تنديده العلني بما قام به ما يسمى بـ"الجيش الملكي لسولو" داخل ماليزيا من إحتلال للقرى وإخضاع لسكانها، فإنه قد عقد صفقة مع السلطان "جمالول كيرام" للوقوف في صفه ومده بالمقاتلين، مستغلا إمتعاض السلطان من عدم حصوله على ما كان يأمله من نفوذ ومكانة تليق به بعد مشاركته في إتفاقية السلام بين مانيلا وجبهة مورو الإسلامية في العام الماضي.
كما ان "ميسوري" حذر السلطات الماليزية من الإقدام على أي عملية إنتقامية ضد المدنيين الفلبينيين العاملين في صباح عن طريق مضايقتهم او طردهم، وحذر أيضا حكومة بلاده من التعرض للسلطان جمالول ومحاسبته على إرسال قواته إلى صباح. هذا ناهيك عن مساهمته مع آخرين من قادة القوى اليسارية والإسلامية والأحزاب المعارضة للرئيس الفلبيني الحالي "بنينو أكينو الثالث" في تنظيم المظاهرات المنددة بماليزيا أمام سفارة الأخيرة في مانيلا.
وفي ما خص المملكة التي يـُراد إحياؤها فإن المصادر التاريخية تذكر أن سلطنة سولو حكمت الأجزاء الشرقية من ولاية صباح لعدة قرون إلى أن قامت السلطات الإستعمارية البريطانية بإلحاق ولاية صباح بأكملها بالاتحاد الماليزي في 1963 . وقتها إعترضت الفلبين ممثلة في رئيسها الأسبق "ديوسدادو ماكاباغال" على ذلك زاعمة أن "شركة شمال بورنيو" الاستعمارية البريطانية إستأجرت تلك الأجزاء من أراضي صباح في عام 1878 ولم تشترها كي يكون لها الحق في التنازل عنها لمن تشاء. وإزاء هذا الاعتراض دعت ماليزيا وبريطانيا الأمم المتحدة للتدخل وإجراء إستفتاء عام في صباح، فكانت النتيجة تصويت ثلثي سكان الولاية لصالح البقاء ضمن الاتحاد الماليزي. وبمرور الوقت تناست مانيلا الموضوع حفاظا على الروابط والمصالح المشتركة مع كوالالمبور، والتضامن ضد المد الشيوعي في المنطقة خلال حقبة الحرب الباردة، خصوصا وأن كوالالمبور كانت قد نجحت في شراء صمت ورثة سلاطين سولو وترضيتهم بالأموال والاعتراف الرمزي بمكانتهم.
اليوم يعود سلطان سولو إلى المطالبة مجددا بتدخل الأمم المتحدة وبريطانيا في القضية، بل يطالب أيضا بتدخل الولايات المتحدة زاعما أن واشنطون تعهدت بموجب إتفاقية وقعتها إدارتها الإستعمارية للفلبين في عام 1915 بتقديم الحماية لسلاطين سولو مقابل السماح لها بفرض سيادتها على مملكتهم.
ومن المنطقي في مثل هذه الأحوال أن يتساءل المرء عن المستفيد ودواعي إثارة هذه القضية المنسية في هذا الوقت تحديدا!
وبطبيعة الحال فإن هناك أكثر من إجابة على السؤال. فالبعض يربط ما حدث بإستياء بعض الأطراف الفلبينية من إتفاقية السلام الأخيرة حول جنوب الفلبين المسلم، وبالتالي رغبتها في إفشالها بأي ثمن، حتى وإن كان الثمن توسيع نظاق التمرد الإسلامي ليشمل الجارة الماليزية المستقرة الآمنة.
البعض الآخر يربط ما حصل بالانتخابات التشريعية الصعبة التي ستشهدها ماليزيا الشهر المقبل، مشيرا إلى أن لزعيم المعارضة المثير للجدل "أنور إبراهيم" يد فيه بقصد خلق حالة من الاحتقان الداخلي وتصوير خصمه رئيس الوزراء الحالي "نجيب رزاق" بالقائد الضعيف. ودليل أصحاب هذا الرأي هو الصور التي ألتقطتْ ونشرتها المواقع الالكترونية لإبراهيم مع "ميسوري" في لقاءات قيل أنها بشأن تسهيل دخول المقاتلين الاسلاميين الفلبينيين الى صباح، علما بأن إبراهيم يقود إئتلافا معارضا يضم أحزابا إسلامية متشددة.
وفريق ثالث يؤكد أن للموضوع صلة بإحراج الرئيس الفلبيني بنينو أكينو، في الانتخابات الفصلية القادمة في مايو، والضغط عليه بهدف اصدار عفو رئاسي عن سلفه "غلوريا ماكاباغال أرويو" الخاضعة للاقامة الجبرية بتهمة تزوير الانتخابات، خصوصا وأن سلطان سولو كان قد خاض انتخابات مجلس الشيوخ في 2007 كحليف قوي لأرويو.
وفريق رابع يعزي هذه التطورات إلى قوى أجنبية لا تريد الإستقرار لماليزيا وتتخوف من تنامي روابط حكومتها الحالية مع الصين، فإستخدمت سلطان سولو وأحلامه التاريخية كأداة، بل وقامت بإثارته عبر التركيز على ما يحصل عليه من كوالالمبور من فتات خيرات ولاية صباح الغنية بالنفط والغاز (تنتج حقولها حوالي 192 ألف برميل من النفط يوميا ويوجد بها 30 بالمائة من إحتياطيات ماليزيا النفطية).
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: مارس 2013
الايميل: elmadani@batelco.com.bh

النهضة الثقافية في كفر قرع/ شاكر فريد حسن

كفر قرع ،هذه البلدة العربية الفلسطينية المتربعة والرابضة على جبال الروحة هي احدى بلدات وادي عارة ، وتتميز باحتوائها على نسبة عالية من الخريجين الجامعيين والاكاديميين ، وخاصة الاطباء ، الذين تخرجوا من الجامعات والمعاهد العليا في البلاد وخارجها ، وفيها مركز ابحاث المثلث ،الذي اقيم بمبادرة جمعية الزهراوي وعدد من الباحثين والمختصين ورجال الاكاديميا ،ويعنى بتطوير وتشجيع الابحاث العلمية في المنطقة .
ومن رحم كفر قرع خرج الشاعر الشعبي المخضرم المعروف يوسف ابو ليل ، وزميله الشاعر الشعبي المتوفى ابو نازك ، وابنيه المطربين صالح وحميد ابو ليل ، والمطرب الشعبي شفيق كبها ، والملحن هشام مصالحة ، وعازف العود المغني ناجي توفيق ، الذي اشتهر باغاني الموسيقار الراحل فريد الاطرش ، وكنت التقيته للمرة الاولى وتعرفت اليه في اواخر السبعينات في بيت الصديق القديم الشاعر جميل دحلان ، المطل على بحر يافا الجميل . وايضاً المناضل الشيوعي الراحل زهير طيارة (ابو توفيق) ، وعضو الكنيست الاسبق نواف مصالحة ، والنائب عن التجمع الوطني الديمقراطي جمال زحالقة وسواهم الكثير .
ولي في كفر قرع اصدقاء ومعارف كثر لم التق بهم منذ فترة طويلة بسبب هموم الحياة والانشغالات اليومية ولالتزامات الاجتماعية التي تثقل كواهلنا . ولي ذكريات جميلة لن تمحوها الايام من مخيلتي وذهني ما دمت على قيد الحياة ، حيث انني من خريجي مدرستها الثانوية في اواخر السبعينات عندما كان مديرها أنذاك الاستاذ الفاضل علي عليمي . وقد تتلمذت على ايدي معلمين اكفاء يشهد لهم بالتقدير والاحترام ، وفي طليعتهم الاساتذة محمود ابو فنة وكمال حسين وعادل عثامنة وعلي الاديب وتيسير يحيى ومحمد السلحوت وشعيب الخطيب ونافع كبها وعبد الرحمن امارة ويوسف محاجنة وغيرهم .
وفي اروقة مدرستها عرفنا الحب الاول وخفقان القلب . وقد وشهدت دروبها  وساحاتها احاديثنا الشبابية ، وولادة بواكيرنا الادبية والشعرية الوجدانية في العشق والغزل ، حيث كنا مجموعة من الاصدقاء ، من محبي الكلمة والحرف والشعر ، ومن هواة القراءة والكتابة والاستماع الى اغاني ام كلثوم وفيروز وفريد الاطرش ومحمد عبد الوهاب . وكنا نكتب الخواطر والهمسات الدافئة ورسائل الحب الوردية،  ونتحين الفرص خلال الدوام او بعد انتهاء الدروس لنقراها على مسامع بعضنا البعض ، ونسمع ردود الفعل والاراء حولها . وكان من بين هؤلاء الصديق  سعيد بدران ومصطفى خضر كبها من عين السهلة ومروان كبها من برطعة .
ومما يسر القلب، ويفرح الفؤاد ،هو الحراك الثقافي الزخم، والنهضة الثقافية المباركة ، التي تشهدها هذه البلدة العامرة باهلها منذ نصف عقد ونيف ، وتتمثل بالمهرجانات الثقافية ،والندوات الشعرية، والامسيات الادبية والزجلية ، والمعارض الفنية، وعروض الافلام، ومعارض الكتب لرواد الفكر والثقافة الفلسطينية وطلائع النضال الفلسطيني، واحياء واستذكار المبدعين الكبار من ابناء شعبنا بذكرى وفاتهم ، الذين كان لهم الدور الهام الرائد في حركتنا الادبية والشعرية والثقافية . وكل ذلك بفعل وفضل جهود الناشطة الثقافية والجماهيرية ، ومديرة قسم الثقافة والتربية المنهجية في مجلس كفر قرع المحلي  ، الاخت مها زحالقة مصالحة ، ذات الحضور المشع، والطلة البهية ،والاشراقة الوضاءة، والابتسامة العريضة ، والاداء الرائع ، والثقة بالنفس ، المتوقدة بالوعي الثقافي ،والمسلحة بثقافة ادبية جامعة وشاملة ، التي نالت عن جدارة واستحقاق شخصية العام النسوية المفضلة للعام 2012.
 فمنذ تسلمها ادارة قسم الثقافة والتربية المنهجية بادرت مها الى انعاش الحياة الثقافية في كفر قرع  باقامة المهرجانات الثقافية الوطنية الهادفة ، التي تصب جميعها في خانة ولب وصميم التثقيف الوطني والتوعية السياسية والتعبئة الفكرية وصولا  الى ماسسة ثقافة وطنية ملتزمة للاقلية العربية الفلسطينية في الداخل ، تعمق الوعي، وتصون الهوية ،وتعزز ثقافة الالتزام والتغييروالمقاومة والنضال ، ثقافة الشعب . وقد حققت جزءاً من هذا الطموح الفرح بالعمل الدؤوب والمثابر، والاتصالات اليومية، والتواصل مع الناس عبر الفيسبوك والهواتف الخاصة، وجعلت من بلدتها كفر قرع زهرة الوادي وعروس البلدان في المجال الثقافي ،وحولتها الى شعلة ثقافية متوهجة. فيعطيها العافية ، وكل التحية والتقدير لها ولدورها في هذا الحراك والفعل الثقافي والنهضة المباركة ، وهنيئاً لكفرقرع بابنتها الاصيلة مها زحالقة مصالحة ، التي لا تكل ولا تمل عن العمل والعطاء والتضحية . ومن نجاح الى نجاح ،  ومن تألق الى تألق آخر .

المصريون معلقون كالذبائح/ أنطوني ولسن

أنقل لكم أولا هذا الخبر
[أهالي قرية محلة زياد بالغربية ينفذون حكم الإعدام في لصين سرقا «توك توك»
نشر فى : الأحد 17 مارس 2013 - 4:15 م
آخر تحديث : الأحد 17 مارس 2013 - 4:31 م

القتيلين
علاء شبل
نفذ أهالي قرية محلة زياد التابعة لمركز سمنود بالغربية، حكم الإعدام في لصين، أثناء شروعهما في سرقة "توك توك" بالقرية.
 حيث قام الأهالي بإلقاء القبض عليهم، وتعليقهم في جذع شجرة، وانهالوا عليهما بالضرب حتى الموت، وفشلت محاولات أجهزة الأمن في إنقاذ اللصين من بطش الأهالي، الذين هللوا وكبروا عقب تلك الواقعة، مؤكدين أن المتهمين سبق لهما أن قاما بعدة وقائع سرقة.
 وأكد أحد الأهالي، أنهما كان يشرعان في سرقة التوك توك، بغرض اختطاف بعض الصبية.
 وكان اللواء حاتم عثمان، مدير أمن الغربية، قد تلقى إخطارًا من مستشفى سمنود العام، بوصول كل من عبده مصطفي البري، «25 عامًا ــ عاطل»، ومحمود حمدي السويدي، «20 عامًا»، من منية سمنود جثتين هامدتين.
 وتبين أن المجني عليهما كانا قد شرعا في سرقة توك توك بالقرية، وتمكن عدد من الأهالي من ضبطهما، ورفضوا تسليمهما للشرطة قبل أن يلقنوهما درسًا لا ينسياه إلا أنهما لفظا أنفاسهما الأخيرة متأثرين بإصابتهما، نتيجة وحشية اعتداء الأهالي عليهما  وتم تحرير محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة التي تولت التحقيق، وقررت ندب الطبيب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة، وسرعة إجراء التحريات حول الواقعة وملابساتها] .
عندما قرأت هذا الخبر تذكرت حادثة بني سويف وقتل البلطجي الذي قتل ضابطا للشرطة  . و حادثة مشابه في محافظة الشرقية وأخذ الأهالي القصاص بأيديهم بعيدا عن القانون الذي غيبته حكومة هي في الأصل مغيبة . والدليل هذا الحادث الثالث الذي نقلناه إليكم . مع فارق طريقة التمثيل بجثتي القتيلين بعد ضربهما وتعذيبهما وتعليقهما كالذبائح .
مصر أمام كارثة حقيقية لا مجال لأخذ الأمور بهذه الطريقة التي تتعامل بها الحكومة الأخوانية مع جميع الأحداث التي تحدث على أرض الواقع في مصر .
الحكومة الأخوانية تتجاهل لا نعرف عن عمد أم عن عدم مبالاة وإهتمام لما قد يكون شرارة بدء إنهيار حقيقي وتام لسلطة القانون والذي تطبقه مؤسسات الدولة من الشرطة و النيابة العامة و القضاء .
مصر تتحول تدريجيا إلى غابة القوي فيها يسود ، والضعيف يداس بالأقدام وتنتهك حقوقه علناً دون رقيب أو حسيب .
منذ تولي الرئيس الدكتور محمد مرسي سدة الحكم والشعب المصري يدور حول نفسه في دائرة مفرغة لا يعرف له طريق خروج منها ليواجه الحقيقة التي وضعها الأخوان له .
الأخوان المسلمون لا هم لهم سوى السير فيما خططوه لأنفسهم ، ولأنفسهم فقط وليذهب الشعب المصري والدولة المصرية إلى أي مستنقع من مستنقعات الجهل والفقر والمرض أو في كل هذه المستنقعات فمصر لا تعنيهم من قريب أو بعيد . الذي يعنيهم سلب ونهب ما تبقى من خيرات مصر وبيع ما يمكن بيعه لغير المصريين من أراضي ومواقع أثرية " منطقة الأهرامات " وغيرها الكثير من مؤسسات الدولة لمن يدفع ولا أحد يعرف لمن يتم الدفع أو ما سيعود على مصر والشعب المصري من فائدة . ولا إهتمام لديهم بغضب الشعب .
تنقسم مصر حاليا إلى ثلاث أقسام :
** التيار الأسلامي الحاكم " الأخوان المسلمون " ومن يشاركهم في الحكم من تيارات إسلامية .
** الجبهات المعارضة .
** التيارات الشعبية التي تأخذ القصاص لنفسها بنفسها والمستمرة في النزول إلى الشارع على مستوى الجمهورية مطالبة بحقوقها ، ورفضها التام للنظام الحاكم ومؤسساته من وزراء ومحافظين ورؤساء أحياء وما شابه ذلك .
إذا تحدثنا أولا عن النظام الحاكم . سنجد مع الأسف سلبياته تجاه مصر والشعب المصري أكثر بكثير عن إيجابياته . رئيس  منتخب يجلس فوق كرسي الرئاسة لكنه لا يملك مقاليد الحكم ، ماذا ننتظر منه ؟؟
مرشد عام الجماعة هو أيضا لا يملك التوجيه وإصدار القرارات حتى لو ظن الناس أنه هو وحده بيده كل الأمور . لكن الحقيقة هناك شخصيات أخرى في الصفوف الأولى للتنظيم هم من بيدهم السلطة لتوجيه المرشد الذي بدوره يرسل الأوامر للرئيس مرسي الجالس فقط على الكرسي .
حكومة لا هم لها سوى الوصول إلى الهدف وهو الحكم الكامل لهم ولمن يسير على هواهم . أو نهب وسلب كل ما يمكنهم نهبه من خيرات مصر ثم ترك البلاد تئن من الخراب الذي حل بالشعب المصري . والخراب قد بدأ يغرس بأنيابه في حياة المصريين . من أستطاع أن يهرب ويهاجر فعل وسيفعل ، وغير القادر سيواجه الجوع والقهر والذل إذا إستمر الأخوان في الحكم .
نأتي ثانيا إلى الجبهات المعارضة إن كانت جبهة الأنقاذ أو جبهات أخرى . برأي أن الجبهات لا تناسق أو ترابط بينهم في كيفية إدارة الأمور لمواجهة الأخوان المسلمين ومن في دائرتهم وبهذا تأثيرهم في الشارع المصري غير كافٍ للتجمع حولهم والمشاركة الفعالة في توجيه الناس الوجهة الصحيحة .
لا أريد أن أوجه لوم إلى هذه الجبهات . لكن أتمنى عليهم القيام بمزيد من الجهد بالإلتحام مع الناس ومعرفة مشاكلهم وتشجيعهم على المشاركة الفعالة . أتركوا الياقات البيضاء وكونوا أكثر قربا للشعب البسيط في الريف شمالا وجنوبا وشرقا وغربا .
أطلبوا مساعدات مالية من الناس . قومو بأي عمل يمكن يساعد ماليا للمواجهة في الأنتخابات القادمة " إذا تمت " .
إلغو من تفكيركم عدم المشاركة في الأنتخابات . لأنكم لو فعلتم ستقدمون مصر على طبق من فضة لهم يحكمون ويتحكمون دون على الأقل معارضة قوية .
ثالثا التيارات الشعبية التي تأخذ القصاص لنفسها بنفسها ....
نأتي هنا لأهم شيء في الموضوع لأن ما يحدث في الشارع المصري لا دخل للأخوان ولا الجبهات المعارضة ولا للشرطة أو الجيش يد فيما يفعلون على أرض الواقع في مصر وعلى مستوى الجمهورية .
ما نراه من تغير جذري في طبيعة الغالبية من الناس المطحونة والتي لا تجد قوت يومها ، يدق جرس إنذار خطير جدا ينذر بقرب قيام ثورة الجياع . إذا تم ذلك مصر ستسير في طريق الدم كما حدث للثورة الفرنسية في الفترة ( 1789 - 1799 ) ولن تستطيع أي قوة إيقاف المد الثوري على مستوى الجمهورية وسيسيل الدم غزيرا وكثيفا حتى الركب .
لفت نظري قول الأعلامي الأستاذ عماد أديب عندما حذر من خطر ما قد يحدث عبر برنامجه بهههههههدوء أنقل لكم هذا العنوان الذي كان على رأس كلمته التي تم نشرها على موقع
" الموجز " وتعليقي عليه .
عنوان المقال كان كالآتي :
" نزول الجيش مرة أخرى ، لن يكون مثل المرة السابقة ، ومش هيطبطب على الشعب ، وعودة الجيش إلى ثكناته ستكون بعد فترة طويلة ، وليس بسهولة " .
وكان هذا تعليقي :
[ لقد إستمعت إلى حديثه ولكن سأنقل بعضا من كلماته الموجودة على هذا الموقع ...ستتحول لحالة من الفوضى ، إذا إستمر العناد و " الغباء السياسي " وإنكار السلطة وجود أزمة حقيقية .
سيدي الأعلامي الكبير دعني أسألك على ما تفضلت به . تحدثت عن الفوضى وقلت أن مصر ستتحول إلى حالة من الفوضى . والسؤال : مصر منذ أول جلسة لمجلس الشعب آلا ترى أنها تحولت إلى فوضى بما أظهره ما سمي بمجلس الشعب وأعضائه من أول رئيس المجلس إلى أخر عضو بالمجلس الغير موقر ؟؟؟!!! .مسألة ثانية ... إذا إستمر العناد " الغباء السياسي " .. أسألك ممن هذا العناد الذي يصر على عدم السماع لأي مطلب شعبي أو سياسي ؟؟!! . ...وإنكار السلطة .. أي سلطة تعني يا شهبذ الشهابذة ؟ سلطة وصلت للحكم بالتزوير و رشوة الغلابة ؟؟!!. والأزمة الحقيقية موجودة ولن تزول إلا بإبعاد التيار الأسلامي عن الحكم في مصر . أميركا تريد تحويل الهلال الخصيب إلى عراق آخر فهل ترضون بذلك ؟!. أما عن الجيش فحدث ولا حرج لم يصيب مصر ما يصيبها الأن من تخلف أيام العسكر إلا بعد الخطأ الجسيم الذي وقع فيه الرئيس السادات بإطلاق قوات الشر والغدر والقتل والنهب من السجون . ولم يكن نزولا للجيش بل كان إنقلابا تحول إلى ثورة . نتمنى هذه المرة أن ينزل الجيش ويكون بين قواده كمال أتاتورك مصري فهذا ما تحتاجه مصر ليعتدل حالها كما حدث مع تركيا فما أشبه اليوم في مصر من البارحة في نهاية الخلافة العثمانية الرجل المريض . فمصر الأن في نفس الوضع والحال . فهل من مخلص غير أميركا وقطر والسعودية ؟؟!!. ] .

تسع سنوات على جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين/ محمود كعوش

"كان الشهيد رجل فكرٍ وعلمٍ ودينٍ وسياسة ولم يكن مقاتلاً يحمل بندقية أو رشاشاً أو يقود سيارةً مصفحة"
يوم انفجرت صواريخ الغدر "الإسرائيلية" أميركية الصنع في جسد الشيخ أحمد ياسين في الثاني والعشرين من آذار 2004، كان الإرهابي آرئيل شارون يرسل أكثر من رسالةٍ إرهابيةٍ "إسرائيليةٍ" وأميركية الى العرب والمسلمين وفي مقدمتهم الحكام العرب. في ذلك الوقت كان النظام في مصر منهمكاً تماماً بخطة شارون الخاصة بالإنسحاب "الإسرائيلي" أحادي الجانب من قطاع غزة الذي فرضته ضربات المقاومة الموجعة وبمسألتي الأمن في القطاع والحدود المصرية - الفلسطينية في حال حدوث الانسحاب. ولم يكن قد مضى في حينه إلا وقت قصير على انتهاء مهمة الوزير المصري الراحل عمر سليمان الخاصة بذلك الأمر. وفي نفس الوقت أيضاً كان وزراء الخارجية العرب منهمكين في الإعداد لعقد مؤتمرهم التحضيري لقمة تونس التي انفرط عِقدها قبل انعقادها جراء رسالةٍ من تلك الرسائل التي أرسلها شارون، والتي أُضيفت الى رسائل سبقتها وأخرى لحقت بها أرسلها البيت الأبيض الى العديد من الحكام العرب بشأن "مشروع الشرق الأوسط الكبير" و"مستقبل الجامعة العربية" والمستقبل العربي برمته. وفي ذلك الوقت كانت الحملة الأميركية ضد المقاومة العراقية قد بلغت ذروتها، وكانت الحملة العسكرية الأميركية - الباكستانية في منطقة القبائل قد قطعت شوطاً متقدماً لم يعد معه من مجالٍ للعودة، أقله في المفهوم الأميركي - الباكستاني.
عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين الإرهابية وما حملت من مضامين وأرسلت من رسائل ما كانت لتحدث بالطريقة الخسيسة التي حدثت بها وفي ذلك الوقت بالذات لو لم يكن الإرهابي شارون قد حصل على موافقةٍ أميركيةٍ مسبقةٍ، برغم نفي مستشارة الأمن القومي الأميركي آنذاك غونداليزا رايس لذلك. وإلا فماذا كان يعني وجود وزير الخارجية "الإسرائيلي" في واشنطن في ذات اليوم؟ وماذا عنى الفيتو الأميركي الذي تكرمت به الإدارة الأميركية على الفلسطينيين والعرب عامة؟ وماذا عنت حالة الإرباك المشبوهة التي انتابت عدداً من الحكام ورؤساء الحكومات في النظام الرسمي العربي؟ وماذا عنى تطوع تونس منفردةً بإلغاء القمة!!؟
إن العملية الجبانة التي أقدم "الإسرائيليون" على تنفيذها بتخطيط وإشرافٍ شخصي من الإرهابي شارون وفق اعتراف ورد على لسانه، لا يمكن بحالٍ من الأحوال وصفها بأقل من جريمة اغتيال للإنسانية والشرعية الدولية والقيم الأخلاقية والحضارية. فكيفما نظرنا الى تلك الفعلة المستنكرة والمدانة شكلاً وموضوعاً، وكيفما كانت المعايير التي اعتمدناها في نظرتنا إليها، ومن أي زاويةٍ تمت نظرتنا أكان ذلك في الإطار الإنساني أو الأخلاقي أو السياسي أو الأمني ما كان بالإمكان إدراجها تحت عنوان غير عنوان الإرهاب الرسمي "الإسرائيلي" المُدان جملةً وتفصيلا. فاغتيال الشيخ ياسين وهو رجل فكرٍ وعلمٍ وتربيةٍ ودينٍ وسياسةٍ لم يسبق له أن حمل بندقيةً أو رشاشاً أو خاض معركةً عسكريةً أو قتل "إسرائيلياً" أو مستوطناً أو صهيونياً أو اخترق الأمن "الإسرائيلي" عِبْرَ حاجزٍ ثابتٍ أو متنقل أو طيارٍ أو بوابةٍ لثكنةٍ عسكريةٍ أو قاعدةٍ عسكريةٍ "إسرائيلية"، وحتى لو رغب في ذلك لما استطاع بسبب إعاقته الجسدية، لا يمكن مضغه أو هضمه حتى من قِبَل خصومه لا أصدقائه ومعارفه وأبناء جلدته فحسب إذا ما تمت النظرة الى هذا الإغتيال من زاويةٍ إنسانيةٍ أو زاويةٍ أخلاقية. وهذا الإغتيال لا يمكن إدراجه تحت عنوان النصر السياسي "لإسرائيل" لأن الشيخ الشهيد كان يمثل حالةً روحيةً ورمزيةً خاصة، بينما كان المكتب السياسي لحركة حماس هو مصدر القرار السياسي. كما أنه ما كان بالإمكان في مطلق حالٍ إدراج اغتيال الشهيد الكبير تحت عنوان النصر الأمني الإستراتيجي للإرهابي آرئيل شارون وجيش احتلاله وأجهزته الأمنية، لأن أحمد ياسين لم يكن صاحب قرارٍ أمنيٍ أو عسكريٍ في وجود "القسام" الذراع العسكري لحماس وفي وجود قادة كبار لهذا الذراع اغتالت "إسرائيل" منهم من استطاعت إلى جسده سبيلاً وبقي من بقي وانضم إليهم من انضم لمتابعة المسيرة الطويلة والشاقة. فالشهيد الكبير اختار البقاء في قطاع غزة ولم يلتجىء الى "طورا بورا" ولا الى "جبال الأوراس" ولا "أدغال إفريقيا" ولا حتى إلى "الجليل الأدنى أو الأعلى" لتمكين شارون من التبجح بأن مهمته كانت صعبةً وأنه أنجز نصراً أمنياً كبيراً حقق له هدفاً إستراتيجياً أكبر عندما وجه صواريخه من طائراته أميركية الصنع الى كرسي القعيد التي لم تكن مصفحةً ضد الرصاص والصواريخ والأسلحة "الإسرائيلية" المحرمة دولياً.
نعم كان الشيخ في غزة ولم يغادرها طوال الإنتفاضة المباركة. كان هدفاً سهل المنال كجميع رجال ونساء وأطفال غزة ورجال ونساء وأطفال الضفة الغربية. فإلى جانب أن سطوة الوضع الأمني التي فرضها الإحتلال في حينه من خلال القوات "الإسرائيلية" المتواجدة في القطاع كانت تُحدد دائرة تنقل الشيخ الجليل، فإن وضعه الصحي لم يكن بالأصل يساعده على أكثر من التنقل بين المنزل والمسجد لأداء الصلوات الخمس جماعةً، وربما لغرض المجاملات الإجتماعية "فوق العادة"، وكانت قليلة وشحيحة في ظل الإنتفاضة والأوضاع الأمنية الصعبة.
أما إذا كانت "إسرائيل" قد هدفت من خلال جريمتها البشعة التي تمثلت باغتيال المجاهد الكبير الشيخ احمد ياسين إلى وضع حدٍ لما كانت تدعيه زوراً وبهتاناً "التطرف" الفلسطيني فأنها قد أخطأت خطأً فادحاً لأن الشيخ كان معروفاً باعتداله، أكان ذلك داخل حركة حماس أم داخل حركة النضال الفلسطيني بشقيها الوطني والإسلامي.
فعلى صعيد حركة حماس يُقرُ الجميع بما كان له من مبادرات إيجابية، أكان في إطار التهدئة او في إطار التوصل الى "حلول سلمية مشرفةٍ مع إسرائيل"، إلا أن تلك المبادرات كانت في كل مرةٍ تُحبطُ من قِبَل الإرهابي شارون وقبله الإرهابيون الآخرون الذين تعاقبوا على السلطة المسخ في تل أبيب. أما على صعيد الداخل الفلسطيني فقد حرص الشيخ الجليل منذ ما بعد عودة منظمة التحرير الفلسطينية الى الأراضي الفلسطينية عام 1994 على أن يشكل مانعاً لأي اقتتالٍ فلسطيني - فلسطيني. وأذكر له من بين فضائله على هذا الصعيد موقفاً كان له بعد اغتيال الشهيد محي الدين الشريف. يومها أطلت الفتنة برأسها داخل المجتمع الفلسطيني لولا حكمة الشيخ الذي فهم بفطنة الحكيم ما أراده في حينه نتنياهو الذي كان يهرب الى الأمام تجنباً لاستحقاقات سياسية كان يطالبه بها العالم. وقد عكست حكمته نفسها على الكثير الكثير من الموقف التي كان له فيها فضل كبير في تجنيب الفلسطينيين المواجهات الدموية. والشيخ كان يفعل ذلك من منطلق إيمانه بأن "الفتنة أشد من القتل". نعم كان الشهيد أحمد ياسين "ضامن الوئام" في الساحة الفلسطينية أكان ذلك داخل حركة حماس أم خارجها.
وإن هدفت "إسرائيل "من وراء جريمة الإغتيال الآثمة تلك تغييب "الضامن" لخلط الأوراق في الساحة الفلسطينية وبالأخص في قطاع غزة، نستطيع القول أن ظنها قد خاب أيضاً لأن قيادة حماس في الداخل والخارج تمكنت من التغلب على المحنة والتعالي فوق الجرح العميق من خلال الترتيب السريع لبيتها. وقد دلل تطور العلاقات في ما بين حركة حماس وحركة النضال الوطني الفلسطيني بعيد الجريمة على أن الحكمة لم تكن قصراً على الشيخ فحسب بل كانت سمة كل قيادة حماس، وقد ساعد في ذلك توفرحكمة مماثلة داخل صفوف حركة النضال الوطني الفلسطيني بقيادة الراحل الكبير ياسر عرفات. وهل لفلسطيني مخلص أن يتنكر لحكمة "الختيارين"!! فالحكمة كانت في تلك الأيام سمةً ملازمة "لجميع الفلسطينيين، إكتسبوها من "رحم" المعاناة الطويلة والشاقة التي فُرضت عليهم من قِبَلْ الإرهابي اللعين آرئيل شارون وجميع الشارونات الذين سبقوه. وإلا فما معنى تجاوزهم المحنة وتجنيب أنفسهم حالة الفوضى العارمة والتنابذ والتنافس التي أراد هذا الشارون إيقاعهم في فخاخها من خلال العملية الجبانة والمستنكرة التي أودت بحياة الشيخ الشهيد، والتي هدف من ورائها خلط الأوراق بصورة مربكةٍ وخطيرةٍ قبيل انصياعه للانسحاب من قطاع غزة وتنفيذه مشروعه أحادي الجانب فيه !!
ليس من قبيل المبالغة القول أن اغتيال الشيخ الجليل أحمد ياسين رد السِحَر على الساحر إذ لأول مرةٍ بعد أكثر من ربع قرنٍ من الإقامة في الغرب رأيت صوراً بكثافة منقطعة النظير لشهيد فلسطيني في عواصم ومدن هذا الغرب. فما من مظاهرةٍ خرجت استنكاراً لعملية الإغتيال المجرمة، إلا وازدانت بغابةٍ من صوره التي كانت تعتلي شعارات الإستنكار والإدانة "لإسرائيل" وللإرهابي شارون ومن ورائهما الولايات المتحدة الأميركية. فتلك الظاهرة التي فرضتها عملية الإغتيال التي تباهى بها إرهابيو تل أبيب وباركها البيت الأبيض بالفيتو الأميركي، كان يمكن أن تفرض نفسها وأن تفرض مثيلات لها في الغرب لو عرف النظام الرسمي العربي كيف يستغلها لصالح الأمة والوطن وقضاياهما وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
إلى اللقاء.......
محمود كعوش
كاتب وباحث فلسطيني مقيم بالدانمارك
كوبنهاجن في آذار 2013
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

جريمة الاعتداء على المشايخ هدفها ضرب الاعتدال السني وتعويم المفتي قباني/ الياس بجاني

المطلوب اليوم من جميع السياديين والأحرار في لبنان الأم، وبلاد الاغتراب، وتحديداً، قادة 14 آذار كافة المترددين والخائفين والمرتبكين أن يقولوا لأنفسهم وللناس وبصوت عال آلاف المرات كفانا تقية وذمية وتجابن، وكفانا خيانة لدماء الشهداء، وكفانا مساومات على أهداف ثورة الأرز النبيلة والعابرة للطوائف، وكفانا نفاقاً ولعباً على الحبال، وكفانا خطاباً وثقافة ومقاربات للأحداث والتاريخ تجافي الحقائق وتزورها.
هؤلاء القادة المتعثرين والغارقين في أوحال أنانيتهم الفاقعة، والمُغلّبين مصالحهم الخاصة على مصالح الوطن، والذين منذ العام 2005 يخرجون من حفرة ليقعوا في أخرى، عليهم جميعاً أن يكرروا آلاف المرات أفعال التوبة والندامة العلنية ليقتلوا في دواخلهم ما علق فيها وعليها وترسخ وعشعش في زواياها من موبؤات حقبة الاحتلال السوري الغاشمة من مفردات بالية، وببغائيات مملة، وحربائيات معيبة، ورزم، ورزم من قلة الإيمان وخور الرجاء.  على هؤلاء القادة جميعاً ومعهم المواطن الغنمي "والمصلجي" أن يصححوا الخطاب والمسار والنبرة، ويخافوا ويتقوا الله، ويتوقفوا فوراً عن الاستهزاء بكرامة، وذكاء ووطنية ولقمة عيش وأمن وسلام المواطن اللبناني.
بداية وقبل قيامهم بأي خطوة في هذا المسار التصحيحي للذنوب والأخطاء والخطايا وخداع الذات والآخرين، عليهم أولاً أن يجاهروا بالحقيقة الساطعة كالشمس التي عمادها وأساسها يؤكدان بما لا يقبل الشك أن حزب الله لم يحرر الجنوب عام 2000 كما يرددون كالببغاوات والصنوج والطبول بمناسبة وغير مناسبة على خلفية الجبن والذمية.
يجترون باستمرار مقولة الخداع التي عنوانها "أن حزب الله حرر الجنوب"، وأن هذا التنظيم الإيراني والإرهابي هو مقاومة، في حين أنهم أول من يدرك أنهم منافقون وذميون وجبناء بامتياز لأن حزب الله في الواقع المعاش لم يحرر الجنوب ولا هو أطلق رصاصة واحدة على الجيش الإسرائيلي خلال انسحابه من الشريط الحدودي عام 2000.
العالم بأسره يعلم أن الإسرائيلي انسحب من الجنوب عام 2000 لأسباب داخلية بحتة وبشكل أحادي لأن سوريا البعث والأسد والدكتاتورية التي كانت تحتل لبنان وتتحكم بقراره وبحركة رقاب حكامه وأحزابه وبنفوذ كامل لدى غالبية مرجعياته الزمنية والسياسة رفضت إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب واخترعت كذبة مزارع شبعا لتبرر بقاء احتلالها لوطن الأرز، ولتبرر أيضاً استمرار حزب إيران الإرهابي مسلحاً.
الحقيقة هي أن حزب الله مجموعة من الإرهابيين التابعين للنظامين الإيراني والبعثي السوري كانت جمعتهم إيران بالتآمر مع حاكم النظام السوري، الأسد الأب في العام 1982 تحت مسمى "حزب الله". وهذا الحزب لم يكن في أي يوم من الأيام لا لبناني ولا مقاومة ولا ممانعة ولا تحريري ولا عربي، ولا يمت لله بأي صلة، بل جيش إيراني وأداة إيرانية عسكرية تعمل في خدمة أطماع ومؤامرات ومشاريع ملالي إيران التوسعية والإحتلالية الهادفة إلى تفكيك وإسقاط كل الأنظمة العربية، وأيضاً إسقاط النظام اللبناني لإقامة الإمبراطورية الفارسية على أنقاضها.
نعم هذه هي الحقيقة المفترض اليوم أن تقال، وتقال، وتقال، دون تردد أو مساومات ومسايرات. وما لم تجاهر بها كل قيادات 14 آذار، وفي مقدمهم تيار المستقبل، فإن فجور هؤلاء الإرهابيين من مكونات محور الشر الإيراني-السوري سوف يزداد وتعدياتهم على كل الأحرار في وطن الأرز وكل البلاد العربية لن تتوقف. المطلوب اليوم تسمية الأشياء بأسمائها وتسمية حزب الله الإرهاب باسمه الحقيقي والواقعي الذي هو "الجيش الإيراني الذي يحتل لبنان"، والذي حوله إلى معسكر إيراني وساحة لحروب وإرهاب الملالي.
أما الخطوة الثانية والمهمة جداً والمطلوبة من قيادات 14 آذار وكل السياديين فهي ضرورة إقفال لبنان الساحة وصندوق البريد والاعتراف بإسرائيل كما فعلت كل الدول العربية مباشرة أو مواربة، أو أقله مؤقتاً التقيد بدقة باتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان ودولة إسرائيل في عام 1949 والتي جاء ذكرها بوضوح في اتفاقية الطائف وفي كل القرارات الدولية الخاصة بلبنان بما فيها 1559 و1701. علينا كلبنانيين ومن كل الشرائح أن نتوقف عن الكذب والنفاق المقاوماتي والتحريري والممانعاتي وأن نرذل كل القيادات الزمنية والروحية التي تتاجر بهذه البضاعة البالية.  في الخلاصة حزب الله سرطان واحتلال ومن الواجب التعامل معه على أساس حقيقته هذه، وبالتالي كل متعامل معه ومؤيد له وعامل بأمرته هو معتدي على لبنان وأهله، وهو متطاول بكفر وجحود على الهوية والكيان والتاريخ ودم الشهداء، ونقطة على السطر.
أما تمثيلية الاعتداء المجرمة على المشايخ السنة الأربعة بتاريخ 18 من الجاري فهي برأينا التحليلي من تأليف وتخطيط وسيناريو وحوار وتنفيذ حزب الله وباقي مكونات محور الشر السوري-الإيراني في لبنان، وكل كلام في غير هذا الاتجاه هو مجافي للحقائق وتزويراً فاضحاً لها. الهدف من الجريمة وكما بينت الأحداث برأينا التحليلي هو تعويم المفتي قباني الذي راح مؤخراً يغرد خارج سربه، وضرب كل قوى الاعتدال السنية عموماً، وتحديداً تيار المستقبل، والتسويق للمذهبيين والأصوليين وللنافخين في أبواق الفتنة الذين هم وكما هو حال ميشال عون، الوجه الأخر لحزب الله.
إن كل من تابع الأحداث بعقل منفتح وتجرد خلال الأيام القليلة الماضية لا بد وأن تكون الصورة المخيفة والعدائية هذه قد توضحت له من خلال التركيز الإعلامي الفاقع واللافت والمبالغ فيه على الشيخ الأسير والشيخ عمر بكري والشيح الشهال وغيرهم من المشايخ الذين يتكلمون نفس خطاب حزب الله، علماًُ أن الحزب تربطه بالعديد منهم علاقات وثيقة. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الحزب كان كلف أحد أبرز القادة في صفوفه النائب الساحلي مهمة الدفاع عن الشيخ بكري وإخراجه من المحكمة العسكرية خلافاً لكل القوانين والأعراف، وتطول القائمة، وتطول!!
قيل بأن المعتدين على المشايخ هم من الحشاشين و"الزعران"، وما لم يقال هو أن هؤلاء هم عناصر تابعة مباشرة "لسرايا المقاومة" التي تعمل تحت مظلة حزب الله وباحتضان كامل منه، وهي فرق مسلحة ميليشياوية مدربة تُدَّفع لأفرادها معاشات شهرية ويستعمل الحزب هذه المجموعات في غزواته وتعدياته والإرتكابات في الداخل كما كان الحال خلال غزوتي بيروت الجبل. هذا وكان عنصر من هذه المجموعات حاول حرق محطة تلفزيون الجديد فحماه الحزب ومنع التحقيق معه وأخرجه من السجن دون حتى قصاص مخفف بعدما كان تعثر هذا "الأزعر" خلال عملية الحرق وتم القبض عليه.
هذه الأعمال الإرهابية كلها الحالية والسابقة والتي يخطط لها مستقبلاً ومن ضمنها مؤامرة سماحة-المملوك تخدم 100% التطرف والأصولية والمذهبية وتضرب المعتدلين السنة وتيار المستقبل. من هنا فإن الاعتداء على الشيوخ وحلق ذقن أحدهم هو عمل مخطط له ومنظم وأهدافه مفضوحة. فها هم كل الأصوليين المرتبط معظمهم بحزب الله والمخابرات السورية المتواجدين في بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع والمخيمات الفلسطينية، ها هم يتصدرون الأخبار وتعج بهم الساحات ويلقون الخطابات التعبوية ويسعرون التعصب ويصورن عن سابق تصور وتصميم أن الطائفة السنية مهانة.
وها هو المفتي قباني الذي كان محشوراً ومطلوباً منه الاستقالة يعود عودة الفاتحين إلى الواجهة موجهاً الاتهامات لمن أراد برأيه إسقاطه من المعتدلين والسياديين والضنينين على القوانين، يعود مترئساً وخطيباً ومفاوضاً. كل هذه الممارسات والأحداث تخدم برأينا التحليلي مباشرة أو مواربة مشروع حزب الله والتعصب والمذهبية والأهم تضرب تيار المستقبل الذي يمثل الاعتدال السني في لبنان والحامل بفخر وشجاعة وعن قناعة شعار لبنان أولاً.
من هنا فإن مخطط مشروع محور الشر الجهنمي أمسى واضحاً حتى للأطفال وللعميان وهو يهدف إلى تفكيك الدولة اللبنانية ومؤسساتها وتفريغها وتعميم حالات الفوضى والفقر والإجرام والخطف والتهريب والإرهاب والخوف وفلتان الحدود وتسعير روح الطائفية والمذهبية. الهدف واضح وجلي وهو إسقاط كل شيء قائم ليتمكن حزب الله من إكمال سيطرته على كل لبنان، فيسقط نظامه ويقيم مكانه دولة ولاية الفقيه. نفس الأسلوب الجهنمي والتفكيكي والتفتيتي والتفريغي الممنهج هذا نفذه محور الشر في إيران واستولى من خلاله على الحكم فيها.
في الخلاصة نرى أن المفتي قباني هو المستفيد الأول من جريمة الاعتداء على الشيوخ الأربعة، وهي جريمة من تأليف وإنتاج وإخراج وعرض حزب الله الذي يحتل لبنان ويشارك نظام الأسد في قتل أطفال وأحرار الشعب السوري الثائرين من أجل حرية وكرامة وطنهم. من المهم في مكان أن لا يتعامى أحد من اللبنانيين السياديين عن أهداف هذه الجريمة وأن لا يبرأ محور الشر منها لأي سبب كان. يبقى أن  الخاسر الأكبر من الجريمة هو تيار المستقبل الذي يجسد الاعتدال السني ومعه كل لبناني سيادي يؤمن بالدولة والقانون والمساواة، ويقف ضد مشروع محور الشر الإيراني-السوري.

إبحارٌ بين قُبلتيْنِ/ عبدالله علي الأقزم

شقيقَ      الحبِّ      هاكَ      شعاعَ    قلبي
يُسجِّلُ       في       يديكَ      لهُ     اعترافا
يموتُ      جميعُهُ     لو      كانَ     يرضى
جميعُكَ       لا      يكونُ      لهُ      مضافا
فصولُ     الحبِّ      لا        تحيا      بعطرٍ
إذا       هيَ      لا       تُجيدُ        الإختلافا
أأجلُ         عذوبةِ          القبلاتِ        هذا
جميعُ     الوردِ        يصطفُّ        اصطفافا
فليتَ      جميعَ      ما     عندي     تتالى
إليكَ      و     كانَ     عندكَ     مستضافا
سأبقى       في       النواقصِ       مستمرِّاً
إذا      لمْ     أغترفْ      منكَ      اغترافا
فأنتَ    اللُّبُّ     في     بدني    و   روحي
و   كُلِّي    منكَ     ينسجُ      لي     غلافـا
و    فيكَ    لقاءُ    مضموني   و   شكلي
أجادَ    أضاءَ    قد     لبَّى     و     طافا
و  ماءُ  العشقِ    في    شفتيْكَ     يجري
و   لا     يرضى       لمجراهُ     انعطافا
و    منكَ     رأيتُ     ألواني      تداوتْ
و فجري    مِن    جمالِكَ     قد     تعافى
جمالُكَ        سيِّدي      صلواتُ      عيدٍ
تُزيِّنني         التسامحَ          و     العفافا
و    لا      كونٌ       يُكوِّنني       مياهاً
إذا    لمْ      يرتشفْ      منكَ      ارتشافا
و     كمْ     جرحٍ     أماتَ      نشيدَ    قلبي
و مِنْ    عينيكَ      جرحي      قد     تشافى
و   لا     معنى      يزيدُ     الحبَّ      قدْراً
إذا      هوَ    لا     يرى     منكَ      التفافا
جعلتُكَ         دائماً         نبضاً        لقلبي
و     قلبي     منكَ    لا     يخشى    انحرافا
قرأتـُكَ         دائماً        معراجَ      عطرٍ
يذوِّبُني          و       يبعثني          هُتافا
و   يكتبُني      على      همزاتِ      وصلٍ
فأطفئُ        بينَ       حرفينا        الخلافا
أضمُّكَ        بين        أجنحتي       محيطاً
و ما     لي     بعد    هذا      أن      أخافـا
تشابكنا           فلا       صدري        بهذا
أمامَ      الضمِّ        ينصرفُ       انصرافا
و  كمْ     هدفٍ     جميلٍ       منكَ      يأتي
بأنكَ         قد       أجدتَ        الاحترافا
تمزَّقتِ      الشباكُ        و    كان     قلبي
هوَ     الهدفُ     الذي     بكَ    قد     تعافى
و    منكَ     قصائدى      تترى     و    لكنْ
إلى        الذوبانِ        تـُقطتـَفُ      اقتطافـا
أحبُّكَ          فاستمعْ         نبضاتِ      قلبي
تبثُّ         إلى         فواصلِها        اعترافا
سكبـتـُكَ       بين      أوتاري      و     ثغري
و سكبُـكَ     فاضَ    في     روحي     و طافـا
و    فيكَ         أغوصُ        أعماقاً      لأحيا
و     لا     أرضى     بغيركَ      أن     أكافا
حضـنـتـُكَ      سيِّدي      موجاً      و    كلِّي
بهذا      الحضنِ         يُختطفُ        اختطافا