قصة المختار بن أبي عبيد الثقفي ووجه الشبه بينه وبين سيد المقاومة حسن نصر اللات(3/4)/ محمد فاروق الإمام

الشك في صدق نوايا المختار

لقد كان العديد ممن وافقوا المختار على رأيه والتفوا حوله يشكون في صحة دعوته لابن الحنفية. وحتى يتثبتوا من صحة دعواه. اجتمع رجل من أصحابه من شبام يقال له عبد الرحمن بن شريح مع سعيد بن منقذ الثوري وسعر بن أبي سعر الحنفي والأسود بن جراد الكندي وقدامة بن مالك الجشمي، في منزل سعر الحنفي. فحمد الله ابن شريح وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن المختار يريد أن يخرج بنا، وقد بايعناه ولا ندري أرسله إلينا ابن الحنفية أم لا ! فانهضوا بنا إلى ابن الحنفية فلنخبره بما قدم علينا به، وبما دعانا إليه، فإن رخص لنا في اتباعه اتبعناه، وإن نهنا عنه اجتنبناه، فو الله ما ينبغي أن يكون شيء من أمر الدنيا آثر عندنا من سلامة ديننا. فقالوا له: أرشدك الله ! فقد أصبت ووفقت. اخرج بنا إذا شئت. 
وأجمع القوم أمرهم على الخروج ليتحققوا من أمر دعوة المختار، ويسمعوا حقيقة ذلك من ابن الحنفية.
وجاء القوم على ابن الحنفية، ولما استقام لهم المجلس سألهم عن حال الناس، فأخبروه عن حالهم وما هم عليه. ثم قال القوم لابن الحنفية: إن لنا إليك حاجة، قال: فسر هي أم علانية ؟ فقالوا له: بل سر. قال: فرويداً إذاً.
ثم مكث ابن الحنفية قليلا، وتنحى جانبا فدعا القوم. وبدأ عبد الرحمن بن شريح الكلام، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإنكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة، وشرفكم بالنبوة، وعظم حقكم على هذه الأمة، فلا يجهل حقكم إلا مغبون الرأي، مخسوس النصيب، قد أصبتم بحسين رحمة الله عليه، عظمت مصيبة اختصصتم بها، بعد ما عم بها المسلمون، وقد قدم علينا المختار بن عبيد يزعم لنا أنه قد جاءنا من تلقائكم، وقد دعانا إلى كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والطلب بدماء أهل البيت، والدفع عن الضعفاء، فبايعناه. ثم إنا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعانا إليه، وندبنا له، فإن أمرتنا باتباعه اتبعناه، وإن نهيتنا عنه اجتنبناه.
ثم تكلم القوم واحداً واحداً بنحو ما تكلم به صاحبهم، وابن الحنفية يسمع، حتى إذا فرغوا حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:
أما بعد، فأما ما ذكرتم مما خصنا الله به من فضل، فإن الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فلله الحمد ! وأما ما ذكرتم من مصيبتنا بحسين، فإن ذلك كان في الذكر الحكيم وهي ملحمة كتبت عليه، وكرامة أهداها الله له، رفع بما كان منها درجات قوم عنده، ووضع بها آخرين، وكان أمر الله مفعولا، وكان أمر الله قدراً مقدورا. وأما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلى الطلب بدمائنا، فو الله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه، فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
فخرج القوم من عند ابن الحنفية وهم يقولون: قد أذن لنا، قد قال: لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه. ولو كره لقال: لا تفعلوا.
وأطلع القوم بعد وصولهم الكوفة شيعتهم على ما كان بينهم وبين ابن الحنفية، وموافقة ابن الحنفية - حسب ما اعتقدوا به - على ما جاء به المختار.
بلغ المختار خبر الجماعة التي ذهبت تستوضح الأمر بصحة دعواه من أبي الحنفية، فشق ذلك عليه، وخشي أن ينكشف أمره ويأتوه بأمر يخذل الشيعة عنه، فيذهب كل ما كرس جهده لأجله هباء. ولكن المختار بما يملك من رباطة جأش وصبر ودهاء وحلم وإصرار لم يفت في عضده أو تحد من اندفاعته فيما نوى القيام به. وأخذ يهمس لبعض أتباعه وخواصه - وكأن الخبر جاءه من السماء - إن نفيرا منكم ارتابوا وتحيروا وخابوا، فإن هم أصابوا أقبلوا وأنابوا، وإن هم كبوا وهابوا، واعترضوا وانجابوا، فقد تبروا وخابوا.
وعاد القوم إلى الكوفة بعد شهر تقريبا، ولم ينزلوا عن رواحلهم بل يمموا شطر بيت المختار، وأقبلوا عليه دون بيوتهم، ولما استقام مجلسهم عنده سألهم: ما وراءكم ؟ فقد فتنتم وارتبتم.. فقالوا له: قد أمرنا بنصرتك.. فانفرجت أسارير المختار بعدما كان متجهم الوجه مقطب الجبين وهو يصيح: الله أكبر.. أنا أبو إسحاق، إجمعوا الشيعة.
وجاءه الشيعة ممن كان قريباً من داره، فقال المختار: يا معشر الشيعة، إن نفرا منكم أحبوا أن يعلموا مصداق ما جئت به، فرحلوا إلى إمام الهدى، والنجيب المرتضى ابن خير من طشى ومشى، حاش النبي المجتبى، فسألوه عما قدمت به عليكم، فنبأهم أني وزيره وظهيره، ورسوله وخليله، وآمركم باتباعي وطاعتي فيما وعدتكم إليه من قتال المحلين، والطلب بدماء أهل بيت نبيكم المصطفين.
ثم وقف عبد الرحمن بن شريح - صاحب فكرة التثبت من حقيقة أمر المختار - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا معشر الشيعة، فإنا قد كنا أحببنا أن نستثبت لأنفسنا خاصة ولجميع إخواننا عامة، فقدمنا على المهدي بن علي، فسألناه عن حربنا هذه، وعما دعانا إليه المختار منها، فأمرنا بمظاهرته ومؤازرته وإجابته إلى ما دعانا إليه، فأقبلنا طيبة أنفسنا، منشرحة صدورنا، قد أذهب الله منها الشك والغل والريب، واستقامت لنا بصيرتنا في قتال عدونا، فليبلغ ذلك شاهدكم، غائبكم واستعدوا وتأهبوا. ثم جلس. وقام رجل ممن ذهب إلى ابن الحنفية تباعا، فتكلموا بنحو من كلام ابن شريح. فاستجمعت للمختار الشيعة، وحدبت عليه.
أشار على المختار - عندما دنا أمر خروجه - بعض خواصه من كبراء الشيعة وأشرافهم بأن يسعى لضم إبراهيم بن الأشتر إليه قائلين: رجونا بإذن الله القوة على عدونا، وألا يضرنا خلاف من خالفنا، فإنه فتى بئيس، وابن رجل شريف بعيد الصيت، وله عشيرة ذات عز وعدد. فقال لهم المختار: فالقوه فادعوه، وأعلموه الذي أمرنا به من الطلب بدم الحسين بن علي وأهل بيته.
وخرج القوم إلى ابن الأشتر، فتكلم يزيد بن أنس، فقال: إنا قد أتيناك في أمر نعرضه عليك، وندعوك إليه، فإن قبلته كان خيرا لك، وإن تركته فقد أدينا إليك في النصيحة، ونحن نحب أن يكون عندك مستورا. فقال إبراهيم بن الأشتر: وإن مثلي لا تخاف غائلته ولا سعايته، ولا التقرب إلى سلطانه باغتياب الناس، إنما أولئك الصغار الأخطار الدقاق همما.
فقال يزيد: إنما ندعوك إلى أمر قد أجمع عليه رأي الملأ من الشيعة، إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والطلب بدماء أهل البيت، وقتال المحلين، والدفع عن الضعفاء. 
ثم تكلم أحمر بن شميط فقال: إني لك ناصح، ولحظك محب، وإن أباك قد هلك وهو سيد الناس وفيك منه إن رعيت حق الله خلف، قد دعوناك إلى أمر إن أجبتنا إليه عادت لك منزلة أبيك في الناس، وأحييت من ذلك أمراً قد مات، إنما يكفيك مثلك اليسير حتى تبلغ الغاية التي لا مذهب وراءها، إنه قد بنى لك أولك مفتخرا.
وأخذ القوم يعزمون عليه ويدعونه إلى أمرهم ويرغبونه فيه. فقال لهم إبراهيم بن الأشتر - بعد أن استمع لهم - : إني قد اجبتكم إلى ما دعوتموني إليه من الطلب بدم الحسين وأهل بيته، على أن تولوني الأمر، فقالوا: أنت لذلك أهل، ولكن ليس إلى ذلك سبيل، هذا المختار قد جاءنا من قبل المهدي، وهو الرسول والمأمور بالقتال، وقد أمرنا بطاعته. فسكت عنهم ابن الأشتر ولم يجبهم.
فلما استبطأ القوم منه جوابا انصرفوا من عنده إلى المختار، وأخبروه بما سمعوه من ابن الأشتر وما دار بينهم.
جمع المختار أمره وبيت خطته واستعمل دهاءه، فسطر كتابا على أنه موجه من ابن الحنفية إلى إبراهيم الأشتر يأمره فيها بمتابعة المختار.
وبعد ثلاثة أيام دعا المختار بضعة عشر رجلا من وجوه أصحابه، ثم سار بهم، ومضى أمامهم يقد بهم بيوت الكوفة قدا، لا يدرون أين يريد، حتى وقف على باب إبراهيم بن الشتر، فاستئذن عليه فأذن له.
فدخل المختار ومن معه، والقيت للقوم الوسائد، وجلسوا عليها، وجلس المختار مع ابن الأشتر على فراشه. وبعد أن استقر بالقوم المجلس قال المختار: 
"الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وصلى على محمد، والسلام عليه، أما بعد: فإن هذا الكتاب إليك من المهدي محمد بن أمير المؤمنين الوصي، وهو خير أهل الأرض اليوم، وابن خير أهل الأرض كلها قبل اليوم بعد أنبياء الله ورسله، وهو يسألك أن تنصرنا وتؤازرنا، فإن فعلت اغتبطت، وإن لم تفعل فهذا الكتاب حجة عليك. وسيغني الله المهدي محمدا وأولياءه عنك". وكان المختار قد دفع الكتاب إلى أحد رجاله حين خرج من منزله.
وبعد أن قضى المختار كلامه التفت إلى أحد أصحابه وقال له: ادفع الكتاب إليه، فدفع الرجل الكتاب إلى إبراهيم. فدعا إبراهيم بالمصباح وفض خاتمه، وقرأ الكتاب فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم.. من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإني قد بعثت إليكم بوزيري وأميني ونجيبي الذي ارتضيته لنفسي، وقد أمرته بقتال عدوي والطلب بدماء أهل بيتي، فانهض معه بنفسك وعشيرتك ومن أطاعك، فإنك إن نصرتني وأجبت دعوتي وساعدت وزيري كانت لك عندي بذلك فضيلة، ولك بذلك أعنة الخيل وكل جيش غاز، وكل مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد أهل الشام، علي الوفاء بذلك على عهد الله، فإن فعلت ذلك نلت به عند الله أفضل الكرامة، وإن أبيت هلكت هلاكا لا تستقيله أبدا، والسلام عليك".
فلما قضى إبراهيم قراءة الكتاب، قال: لقد كتب إلي أبن الحنفية، وقد كتبت إليه قبل اليوم، فما كان يكتب إلي إلا باسمه واسم أبيه. قال له المختار: إن ذلك زمان وهذا زمان. قال إبراهيم: فمن يعلم أن هذا الكتاب من ابن الحنفية إلي ؟ فقال جماعة القوم: نشهد أن هذا كتاب محمد بن علي إليك.
وبعد أن تيقن إبراهيم من الكتاب بشهادة القوم تنحى عن صدر الفراش، وأجلس المختار عليه، ومد يده إلى المختار قائلا: ابسط يدك أبايعك، فبسط المختار يده فبايعه إبراهيم، وهلل القوم وبانت نواجز المختار من السعادة. ودعا ابن الأشتر للقوم بفاكهة، فأصابوا منها، ثم دعا لهم بشراب من عسل فشربوا. ونهض القوم، وخرج ابن الأشتر يشيعهم إلى خارج سور بيته، فركب المختار ومن معه مراكبهم راجعين كل إلى رحله.
وأخذ إبراهيم بن الأشتر يأتي المختار إلى داره، فيمكث عنده حتى تصوب النجوم. ثم ينصرف. ومكث القوم على اجتماعاتهم ومداولاتهم وتدبرهم، حتى اجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأول سنة (66هـ/685م). واستولوا على قصر الإمارة بالكوفة.
وتوافد الناس إلى المختار يبايعونه على كتاب الله وسنة رسوله، والطلب بثأر أهل البيت.
ثم عقد المختار الرايات لأصحابه، وأمرهم على الولايات.
وبدأ المختار يتتبع قتلة الحسين بن علي، وكانت له خطبة ملتهبة، حرض فيها أصحابه على من قتل الحسين من أهل الكوفة المقيمين فيها. ومما قاله:
ما ذنبنا نترك أقواما قتلوا الحسين يمشون في الدنيا أحياء آمنين، بئس ناصروا آل محمد، إني إذا كذاب كما سميتموني أنتم، فإني بالله أستعين عليهم، فالحمد لله الذي جعلني سيفا أضربهم، ورمحا أطعنهم، وطالب وترهم، وقائماً بحقهم، وإنه كان حقا على الله أن يقتل من قتلهم، وأن يذل من جهل حقهم، فسموهم ثم اتبعوهم حتى تقتلوهم، فإنه لا يسيغ لي الطعام والشراب حتى أطهر الأرض منهم، وأنفي من في المصر منهم، ثم جعل يتتبع من في الكوفة من قتلة الحسين.
وكان رجاله يأتون بمن يشتبه به في أنه شارك في قتل الحسين، وكان يقتل كل واحد وبما يتناسب وفعله، فمنهم من حرقه بالنار، ومنهم من قطّع أطرافه وتركه حتى مات، ومنهم من يرمى بالنبال حتى يموت. فأتوه بمالك بن بشر، فقال له المختار: أنت الذي نزعت برنس الحسين عنه؟ فقال: خرجنا ونحن كارهون فامنن علينا، فقال: اقطعوا يديه ورجليه. ففعلوا به ذلك ثم تركوه يضطرب حتى مات، وقتل عبد الله بن أسيد الجهني وغيره شر قتلة.
وبعث المختار أبا عمرة صاحب حرسه، فكبس بيته فخرجت إليهم امرأته فسألوها عنه فقالت: لا أدري أين هو، واشارت بيدها إلى المكان الذي هو مختف فيه - وكانت تكرهه - فدخلوا عليه فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة، فحملوه إلى المختار فأمر بقتله قريبا من داره، وأن يحرق بعد ذلك.
وطلب المختار حكيم بن طفيل السنبسي - وكان قد سلب العباس بن علي بن أبي طالب يوم قتل الحسين - وقتله.
وبعث المختار إلى يزيد بن ورقاء، وكان قد قتل عبد الله بن مسلم بن عقيل، فلما أحاط الشرط داره خرج فقاتلهم فرموه بالنبل والحجارة حتى سقط، ثم حرقوه وبه رمق الحياة.
وطلب المختار سنان بن أنس، الذي كان يدّعي أنه قتل الحسين، فوجدوه قد هرب إلى البصرة فهدمت داره. وممن هرب إلى البصرة أيضا محمد بن الأشعث بن قيس فهدمت داره.
وقال المختار لأصحابه - وهو في حمأة ملاحقة قتلة الحسين -: لأقتلن غدا رجلا عظيم القدمين غائر العينين، مشرف الحاجبين، يسر بقتله المؤمنون والملائكة المقربون، وكان الهيثم بن الأسود حاضرا فوقع في نفسه أنه يريد عمر بن سعد فبعث إليه ابنه فأنذره. ثم جعل عمر بن سعد يتنقل من محلة إلى محلة، وقد بلغ المختار انتقاله من موضع إلى موضع فقال: كلا والله إن في عنقه سلسلة ترده لوجهه، إن يضطير لأدركه دم الحسين فآخذ برجله. ثم أرسل إليه ابا عمرة فأراد الفرار منه فعثر في جبته، فضربه أبو عمرة بالسيف حتى قتله، وجاء برأسه في أسفل قبائه حتى وضعه بين يدي المختار، فقال المختار لابنه حفص - وكان جالسا عند المختار -: أتعرف هذا الرأس ؟ فأجفل حفص وقال: نعم لا خير في العيش بعده، فقال المختار: 
صدقت ثم أمر فضربت عنقه ووضع رأسه مع رأس أبيه، ثم قال المختار: هذا بالحسين وهذا بعلي بن الحسين الأكبر، ولا سواء، والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله. ثم ما لبث أهل الكوفة أن ثاروا على المختار للفظائع التي يرتكبها بحق أبناء وآباء القوم. وعندما فرغ المختار من ثورة أهل الكوفة عليه، وملاحقته لقتلة الحسين جهز إبراهيم بن الأشتر وأشخصه لقتال عبيد الله بن يزيد الذي جاءه يقود جند الشام.
وكان خروج ابن الأشتر يوم السبت الثامن من ذي الحجة سنة (66هـ/685م). وشيعه المختار يودعه في وجوه أصحابه وخاصته، ومعهم كرسي المختار على بغل أشهب ليستنفروا به على الأعداء، وهم حافون به يدعون ويستصرخون ويستنصرون ويتضرعون. (ذكر ابن الكلبي أن المختار طلب من آل جعدة بن هبيرة الكرسي الذي كان يجلس عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقالوا: ما عندنا شيء مما يقول الأمير، فألح عليهم، فحملوا إليه كرسيا من بعض الدور. فقالوا: هذا هو، فخرجت شبام وشاكر وسائر رؤؤس المختارية وقد عصبوه بالحرير والديباج. وكان أول من سدن هذا الكرسي موسى بن أبي موسى الأشعري، ثم حوشب البرسمي، وكان صاحبه حتى هلك المختار. 
ورجع المختار وقد أوصى ابن الأشتر بثلاث، قال له: يا ابن الأشتر اتق الله في سرك وعلانيتك، وأسرع السير، وعاجل عدوك بالقتال. واستمر أصحاب الكرسي سائرين مع ابن الأشتر، فجعل ابن الأشتر يقول: (اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) ، سنة بني إسرائيل، والذي نفسي بيده إذ عكفوا على عجلهم، فلما جاوز القنطرة هو وأصحابه رجع أصحاب الكرسي.
وقصد ابن الأشتر عبيد الله بن زياد حيث ينزل في أرض الموصل، وبعد معارك ووقائع شرسة، تمكن ابن الأشتر من قتل ابن زياد.
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق