في شارع الوحدة بمدينة غزة وفي منتصف عام 1998 كنت استمع لحديث الاخ المناضل ابو علي شاهين اثناء قيادتي للسيارة كان الحديث في إذاعة الحرية التي يشرف عليها الاعلامي الزميل مجدي العرابيد قال الاخ ابو علي ( ابو عمار مثل النار بتخاف تقرب منه بحرقك وبتخاف تبعد عنه ببطل يدفيك .. ) وقال ابو علي موجها حديثه للمحاور انت تتحدث عن عبقرية قياديه .. رمزيه شعبية .. تتحدث عن قائد ثورة اسطورة اسمه ياسر عرفات ..
رحم الله الاخ ابو علي شاهين الذي احتاج الي مجلدات لكتابه جزء هام من تاريخ الشبيبة ونشئتها وتلك الرسائل التي كنا نكتبها له في الاتحاد العام لحركات الشبيبة الطلابية بالمدارس الثانوية بقطاع غزة وكيفية تهريبها لتصله الأردن بعد ابعاده ونفيه من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي وتلك الارشادات المهمة التي عملنا من خلالها لنصل بالنهاية الي شعار تاريخي كنا قدر رفعناه وهو قطاع غزة فتحاوي بمعني ان يقوم كل عضو بتنظيم خمسه اعضاء في اطار حركة الشبيبة لنكتشف خلال ثلاثة اشهر ان الشبيبة اصبحت جيش من الشباب المناصر لحركة فتح .. هكذا كانت تعليمات اخونا المناضل ابو علي شاهين .. وحديث طفل مخيم نابلس عن ابو علي شاهين اثناء زيارتنا لتقديم واجب العزاء لشهيد من ابناء الشبيبة حيق قال لي الطفل الذي كان يبلغ من العمر اثني عشر عاما في ذلك الوقت وهذا كان في عام 1986 عندما سالته هل انت من الشبيبة قال لي نعم انا انتمي الي الشبيبة التي اسسها الاخ ابو علي شاهين قلت له هل تعرف الاخ ابو علي قال لي ( اذا قدر لحركة الشبيبة ان تعيش فهي اقصر الطرق لاجتثاث الاحتلال ) فهذه كانت مقولة الاخ ابو علي شاهين الشهيرة بتلك الفترة والتي كنا قد اعتمدناها في اتحاد حركات الشبيبة الطلابية بقطاع غزة كشعار اساسي تم اعتماده وطباعته علي الاف البطاقات المخصصة للجول اليومي للطلبة مع شعار حركة الشبيبة الطلابية ..
حديثي عن تلك الوقائع التي هي جزء بسيط من علاقة تنظيمية هامة وتاريخية لرجل العمل الوطني والبندقية والطلقة والعمل الفدائي المسلح في قطاع غزة يدفعني الي ضرورة صياغة فكر ابو علي الوطني الذي اعتمد علي الكفاح المسلح والعمل الجماهيري واهميته في صياغة العلاقة بين الثورة والجماهير ..
اهداني الاخ ابو علي شاهين مجموعة كتيبات صغيرة منها كتيب النظام الداخلي لحركة فتح وقال لي هذا النظام يجب ان نعمل من خلاله وان نصيغ العلاقات الفلسطينية والفتحاوية عبر الاطر التنظيمية - طبعا كنت قد ردست النظام الاساسي للحركة في السجون وقد قراته مرات عديدة - ولكن عندما بدأ الاخ ابو علي بشرح النظام كانت قراءته محتفلة ورؤيته له مختلفة فهو الاشد حرصا علي الحركة والتنظيم فيها واستمرار العلاقات الفتحاوية بداخل الحركة وتفاعلها بين ابناء التنظيم الواحد ..
واهداني ايضا كتيب قواعد المسلكية الثورية وهذا كان عبارة عن كراس تنظيمي معتمد بداخل السجون وبدأ يشرج لي عن اهمية هذا الكتاب للمناضل الثوري والفدائي وبالرغم من حصولي سابقا علي الكتاب ومعرفتي بكل كلمة بداخله الا انني كنت لا امتلك الا وان استمع الي هذا الرجل العنيد بمواقفه الوطنية وهو يقدم لي النماذج الحيه عن مواقف بطوليه جسدها المناضل الفلسطيني بصموده بداخل السجون او اثناء مطارده الاحتلال واثناء العمل بين الجماهير من اجل نجاح الثورة ..
حرصت علي اجراء مقابلة صحافية مع الاخ ابو علي ( ضمن برنامج حوار العمر لصحيفة الصباح ) فذهبت لإجراء الحوار مع الاخ ابو علي علي الساعة السادسة مساء في مكتبه لأجد نفسي امام ( الثورة ) تاريخا ووطنا وحكاية .. امتد الحوار للخامسة فجرا .. واستمر الحوار مع الاخ ابو علي لأسابيع من السادسة الي الخامسة فجرا .. وتم نشر الحلقة الاولي من حوار العمر مع التاريخ ابو علي شاهين عبر صفحات الصباح كموسوعة تاريخية هامة اطلعني الاخ ابو علي شاهين علي عشرات الرسائل والوثائق في هذه الحوار وقصاصات الورق الصغيرة التي يحتفظ بها الاخ ابو علي منذ عشرات السنين فكان دقيق الملاحظة ومنظم ويحب الوطن وفلسطين تشكل له اكسجين الحياة .. حيث قرية بشيت وما شكلته في عقليه الاخ ابو علي من جغرافيا المكان والهجرة والدماء وصولا الي مخيم رفح والتفاصيل الدقيقة وبدأ العمل التنظيمي لحركة فتح في خلايا السعودية وقطر والامارات وعلاقات التنظيم بدول اوروبا ودول المغرب العربي والجزائر وسوريا والتشكيلات التنظيمية الهامة واهميتها في الخلايا التنظيمية الاولي للحركة .. وتلك العلاقة التي صنعت ( دورا الثورة في الخليل ) ومقابلة الرئيس ياسر عرفات وعمليات عسكرية سبقت عمليه عيلبون والمطاردة الساخنة بين رجال الجيش الإسرائيلي وضباطه والفدائيين وكيفيه التنقل والتمويه .. والي الاسر والتبادل والابعاد .. محطات تاريخية هامة تم رصدها من تاريخ الثورة ابو علي شاهين ..
انتما ابو علي شاهين لفتح في يناير– كانون ثاني سنة 1962في الدوحة قطر و تفرغ للعمل العسكري في حركة فتح–العاصفة سنة 1967،في معسكر الهامة في سوريا. و تم اعتقاله منذ 25 / سبتمبر – أيلول /1967 حتى 23/سبتمبر– أيلول / 1982 في السجون الإسرائيلية، معتمد الحركة الأسيرة (فتح) في تلك الفترة حيث أمضى 15سنة خلف القضبان 12 عاماً منها في العزل الانفرادي.. اشرف خلالها على إقامة حركة الشبيبة لحركة فتح– بالوطن نهاية عام 1982.
وبعد الإفراج عنه وُضع تحت الإقامة الجبرية بمنزله في رفح في/ ديسمبر– كانون ثاني/ 1982 حتى/ مايو–أيار/ 1983 ثم تم نفيهُ إلى منطقة الدهانية أقصى الشرق الجنوبي رفح / منفرداً منذ / مايو– أيار /1983 حتى/ فبراير–شباط /1985، حيث قضت (المحكمة العليا الإسرائيلية ) بطرده من البلاد لخطورتهِ الأمنية .. فتم ابعاده إلى جنوب لبنان سنة 1985 ومن ثم وصل للأردن.
حيث عمل مسئولاً في مفوضية القطاع الغربي مارس-آذار/1985حتى أبريل-نيسان/1986 واعتقل بالأردن ( أبريل- نيسان) حتى ( أكتوبر- تشرين أول /1986 )، حيث أُبعد للعراق و تَم اختياره أميناً لسر القيادة في الساحة اللبنانية ( نوفمبر-تشرين ثاني / 1986 ) حتى ( ديسمبر- كانون أول /1987 ) بعدها عاود عمله في– القطاع الغربي – ( يناير-كانون ثاني/1988 )حتى (سبتمبر-أيلول/1993) مسئولاً عن قطاع غزة.
رفضت السلطات الإسرائيلية عودته منذ اتفاق أوسلو 13/9/1993 لكنه عاد لأرض الوطن 11/10/1995 .
تم انتخابه كعضو للمجلس الثوري لحركة فتح/ 1989 وعمل أميناً لسر اللجنة ومسئولاً للملف التنظيمي والملف العسكري عند إقامة "لجنة الإشراف العليا لقطاع غزة" (القطاع الغربي) نهاية عام 1991.
عضو لجنة المرجعية العليا لحركة فتح ( 1995 – 2005 ).
عضو منتخب/ المجلس التشريعي الفلسطيني/ أوائل- 1996– حتى يناير-كانون ثاني/2006.
عضو المجلس الوطني الفلسطيني 1996 –حتى يناير-كانون ثاني/2006.
وزير التموين الفلسطيني/ مايو– أيار/ 1996/ مايو–أيار/ 2003.
توفي القائد الفتحاوي المناضل عبد العزيز شاهين 'أبو علي شاهين'، عن عمر يناهز الثلاث وسبعين عاما، بعد دخوله في غيبوبة بمشفى الشفاء بمدينة غزة.
بعد معاناة من خلل في عمل الكبد، حيث نقل إلى المستشفيات المصرية، ولكن لسوء حالته الصحية وعدم استجابته للعلاج طلب بأن ينقل إلى غزة ليدفن فيها، حيث نقل إلى مستشفى الشفاء في غزة ومكث لساعات حتى أعلن عن وفاته يوم الثلاثاء28-5 2013.
هذه المقالة هي محاوله فقط للكتابة عن الرجل صاحب المواقف الوطنية كما عرفناه لا يمكن لي ان استطيع استكمالها هنا .. فقط اقول ابو علي ثورة في رجل ..
وداعا وستبقي التاريخ الفلسطيني الذي نعتز ونفخر به علي مدار التاريخ وسيحفظه الاجيال جيلا وراء جيل ..
عندما ينتصر ابو علي شاهين علي الموت بعبقرية المكان .. وعندما ينتقل الي مستشفى الشفاء ويصر علي العودة الي غزة وهو في لحظاته الاخيرة ليرحل ويتركنا وهمنا الوطني فهو يؤكد لنا جميعا ابناء هذا الوطن وأبناء حركة فتح أن الوطن والموت فوق تراب الوطن اغلي ما نملك وما يتمناه الفلسطيني ولأننا نعرف ابو علي شاهين التاريخ الفلسطيني ومدرسة الفتح وكل من يعرف ابو علي شاهين وتابع تفاصيل رحلته مع مرضه حتى لحظة رحيله يقف عاجزا عن وصف علاقة الروح بالمكان حيث كان لرحيل ابو علي في غزة معاني كبيرة اراد الشهيد الحي ابو علي شاهين أن يتركها للأجيال وان يوصل رسالة مهمة لأبناء حركة فتح وشعبنا الفلسطيني وهي أن غزة هي بوابة الانتصار وان غزة هي بوابة الوحدة الوطنية .. وان غزة هي بوابة الحلم الفلسطيني .. وان وطننا فلسطين اغلي ما نملك خلقنا من ترابه وشربنا من ماءه وعلي هذه الارض ما يستحق الحياة .
إن عظمة ابو علي شاهين أنه كان في حياته تعبيرا عن آمال الشعب الفلسطيني كلها وطموحاته .. كان جسر العبور لشعبنا نحو النضال لنيل حقوقه، تحمل مسؤوليات خطيرة وواجه تحديات هائلة، خاض معارك كثيرة وعاش مقاتلا ومناضلا في سبيل حرية الشعب والأوطان، وكان محاربا ضد الاحتلال والظلم والاستبداد .. ومناضلا صلبا وعنيدا مطالبا بالحق الفلسطيني رافضا اغتصاب فلسطين وسرقتها وحلم بالعودة الي قريته بشيت ولكن الاحتلال الغاصب رفض السماح له بالعودة واليوم روحه تحلق من جنوب رفح الي سماء بشيت حيث عبقرية اللحظة تكمن في روعة زمان الرحيل ومكانه .
رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net
infoalsbah@gmail.com
سري القدوة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق