لبنان بحاجة ملحة لوحدة الشعب من رئيس كادر/ موسى مرعي

لبنان بات بحاجة ملحة الى حل و الى وفاق وطني يعيد وحدة الشعب و ازالة الحواجز التي تسببت بالانقسام فيما بينهم و لنتجه الى الاصلاحات و البحث عن رئيس جديد مختلف كل الاختلاف عن الرؤساء السابقين . فقد تبين من خلال الاحداث المؤلمة التي عصفت بشعبنا و بالوطن و المستنكرة من جوانب عدة منها , ان لبنان ما قبل الاحداث , لبنان الصيغة الطوائفية التوافقية التعايشية الكاذبة هي صيغة ساقطة كليا ولا بد من صيغة جديدة تكون البديل الافضل , لكي تقوم صيغة جديدة لا بد من اصلاحات دستورية و حلول علمية ناجمة عن وفاق عقلاني لا عاطفي و علماني لا طائفي و قومي لا كياني و لكي يكون لنا كل هذا لا بد من رئيس يكون مثال الرؤساء السابقين الذين حكموا البلاد عشائريا و من خلال مصالح العائلات القبلية و عائلات ذوي النفوذ الاقطاعي و السلطوي . الرئيس الذي نبحث عنه اليوم المفروض ان يكون باستطاعته ان ينجح في ادارة كفة الحكم و تعود اليه كل صلاحياته التي صودر البعض منها في اتفاق الطائف من اجل  حسن سير عمل المؤسسات داخل الدولة و ليس للاهتمام فقط بطائفة واحدة معينة و ان يكون ممثلا لارادة وطنية قومية واعية تنسجم مع معطيات تاريخية و جغرافية و حضارية ويسعى لتأسيس جيش قوي يمتلك قوة توازنية لردع اسرائيل و مواجهتها بقوة في حال تجرأت و  اعادت الاعتداءات على لبنان  ليرفع من معنويات الشعب اللبناني امام المجتمع الدولي و العالمي . و من ناحية الموقف القومي ان لا تكون سياسته معادية لسياسة الكيان الشامي (سورية ) كما كانت سياسة بعض الرؤساء السابقين  الذين نسوا ان لبنان انتزع من قلب سورية عام 1920, فالرئيس لا يمكن ان يستمد قوته و سلطته من عائلته و عشيرته ولا من طائفته الا من خلال ارضاء الشعب عليه و دول الجوار , هكذا يكون رئيسا تمتد سلطته الى ابعد حدود على صعيد الداخلي و الخارجي و يصبح منسجما مع كافة ابناء الوطن و المنطقة و ليحسب العدو الاسرائيلي له الف حساب . و  لكي نجد الرئيس الجديد سنكون مضطرين نعلق آمالنا بالمحافل الدولية و الاساط المعنية بالازمة اللبنانية لايجاد الرئيس المرشح حسب الطلب و لكن سنقع بنفس الخطأ فالرئيس لا يسمح له من الخارج ان يكون بتلك المواصفات الوطنية و القومية  و اللاطائفية و اللاعشائرية , و لكن ممكن ان نحظى برئيس جمهورية لو توفرت به تلك الشروط التي يحتاجها الشعب و الوطن و يلغي النظام الطائفي و العشائري و العائلي و الحزبي  و يأسس وطنا قويا حرا مستقلا يحمي كل ابنائه دون تفرقة هكذا يصبح زعيما خالدا . و بتعبير صريح و اوضح , اذا كان لا بد من رئيس جديد قيجب ان يكون هذا الرئيس قادرا على تمثيل الاكثرية الساحقة من اللبنانيين في أفكارهم و احلامهم و آمالهم في حقهم في الحياة و الكرامة و السيادة من الاطار القومي و احترام الفئة التي قدمت ألاف الشهداء بحربها ضد غزو العدو الاسرائيلي  للبنان و شعبه و اعطاء الضمان لهذا الشعب بحمايته من العدو المتربص به على الحدود و هكذا يكون رئيسا تكامليا لكل اللبنانيين , فالوطنية و القومية لا بد ان تكون موجودة في مواصفات الرئيس الجديد و نحن اللبنانيين جزء مهم من هذا المحيط في العالم العربي و كيان من احدى امم العالم العربي الاربعة و لا ننسى ان لبنان هو عضو مؤسس و ملتزم بميثاق الجامعة  العربية  .
الحزب السوري القومي الاجتماعي \ مفوضية سدني المستقلة 

قوانين الإرهاب وعقلية نحن وهم/ عباس علي مراد

خلال الأسابيع القليلة الماضية، اتخذت الحكومة  الفيدرالية الاسترالية عدة قرارات في ما يتعلق بمكافحة الارهاب ان كان على المستوى الداخلي او الخارجي. أولاً رفعت الحكومة درجة التحذير من الارهاب الى العالي بعد ان اخذت بتوصيات اجهزة الاستخبارات، بعد ذلك نفّذت ازيو والبوليس الفيدرالي بالتعاون مع البوليس في ولايتي نيو سوث ويلز وكوينزلند اكبر عملية وقائية ضد اعمال ارهابية متوقعة في ما عرف عملية "رأس المطرقة" والتي شارك فيها حوالي 800 شرطي وتم توقيف 15 شخصاً في سدني واثنين في بريزبن، اطلق سراح اكثرهم وأحدهم اطلق بكفالة رغم حيازته بعض الاسلحة بدون رخصة، ولا يزال شخص واحد قيد الاعتقال. وكان الملفت للنظر مواكبة اجهزة الاعلام لتلك العملية مع العلم ان الشرطة وأجهزة الأمن كانت تكتفي في الماضي بإصدار بيانات عن اية عملية تقوم بها.
حصلت الحكومة على تأييد مجلس الشيوخ لتعديل قوانين مكافحة الارهاب، حيث صوّت 44 نائباً لصالح التعديلات ومعارضة 12 نائباً يتقدمهم حزب الخضر ومعظم النواب المستقلين، بينما صوّت حزب العمال وحزب بالمر المتّحد الى جانب الحكومة على التعديلات ،التي شملت التمديد للقوانين المعمول بها منذ العام 2005 والتي كانت ستنتهي صلاحياتها العام القادم  والتي تم تمديدها العمل بها حتى العام 2025، وقد شملت التعديلات اعطاء صلاحيات اضافية لأجهزة الأمن والاستخبارات مع منح الحصانة لأعضاء تلك الأجهزة من المحاكمة في حال ارتكابهم اخطاء اثناء تنفيذ عمليات خاصة، ومنحت الأجهزة صلاحيات مراقبة الانترنت والكمبيوتر للأشخاص والمؤسسات بعد الحصول على اذن واحد من القضاء، وشملت التعديلات سجن كل صحافي ينشر اخباراً عن اية عمليات ذات طابع سرّي او كشف هوية اي عنصر في الأجهزة السرية لمدة 10 سنوات بالاضافة الى سجن كل عنصر يسرب لاخبار المخالفات التي ترتكب اثناء  العمليات الخاصة، وكانت الحكومة قد تراجعت عن تعديل المادة (35 ك) من القانون التي تسمح بتعذيب المحتجزين، حسب صحيفة سدني مورنيغ هيرالد في عددها الصادر 27-28/09/2014 ص 11، اعتبر المدعي العام الفيدرالي جورج برندس ان لا نية لإستهداف الصحافيين من وراء التعديلات، ورأت الأجهزة الأمنية والاستخبارات ان عدم مواكبة القوانين للتقدم التكنولوجي كانت تشكل عائقاً امام التحقيقات.
وحسب نفس المصدر رأى استاذ مادة القانون في جامعة نيو سوث ويلز البروفسور جورج ويليامز ان العقوبات "فوق العادة" مع انه اعتبر ان بعضها يماشي التطور التكنولوجي ولكنه حذّر من ان هناك خوف على حرية الصحافة. وكان السنتور ديفد ليونهيلم من حزب الديمقراطيين الأحرار قد ربط بين عمليات المداهمة والقوانين الجديدة قائلاً ان البوليس الفيدرالي وفي الولايات حوّلوا عمليات الدهم الى "سرك اعلامي" (س م ه 20-21/09/2014 ص 8). وكان السنتور سكوت لودلام من حزب الخضر راى ان الحكومة استقوت على البرلمان من اجل تمرير القوانين (س م ه 25/09/2014 ص 4) وحسب نفس المصدر اعتبر رئيس نقابة المحامين الاستراليين غريغ بارنز ان القوانين الجديدة تسمح لآزيو لمراقبة اي شخص في اي وقت ... وقال لا يوجد حماية للخصوصية...ولا نستطيع محاكمة الاجهزة اذا اعتدو على خصوصياتنا او اذا استعملوا المعلومات بطريقة غير قانونية.
لكن السنتور برندس اعتبر ان ما تم انجازه مهم لنؤكد للذين يؤمنون الحماية لنا في عصر الخطر الجديد ان لديهم الصلاحيات القصوى والامكانيات التي يحتاجونها، مضيفاً ان تلك النتيجة محمية بإجراءات قانونية قوية ومتوازنة.
اما على المستوى الخارجي فقد قررت الحكومة نشر قرابة 600 جندي وعدد من الطائرات وطائرات الامدادات والمراقبة بعد ان وافقت على المشاركة في الحلف الذي شكلته الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش في العراق. وحسب ما قالته الحكومة ان نشر تلك القوات جاء بناءاً على طلب من الحكومة العراقية ويعتقد ان الحكومة ستتخذ قرار المشاركة الفعلية قريباً بعد اجتماع مجلس الامن الوطني. اما بالنسبة لضرب اهداف داخل سوريا، فقد ترك رئيس الوزراء طوني ابوت الباب مفتوحاً  لذلك واستبعد نشر عناصر على الارض.
نشير الى ان التعديلات الجديدة التي ادخلت على قوانين الارهاب تسمح لوزارة الخارجية بإلغاء جوازات سفر الذين يشتبه بهم ويرغبون بالإلتحاق بتنظيم  داعش. وهناك مادة في القوانين الجديدة معروفة "بالمحاربين الأجانب" بموجبها سيصبح الترويج لاي منظمة محظورة جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن 5 سنوات (س م ه 23/09/2014 ص 5).
خلال تلك الفترة تسارعت الأحداث، فقد اصدر تنظيم داعش بلسان الناطق بإسمه ابو محمد العدناني فتوى بقتل الغربيين  في بلادهم بأي وسيلة حيث جاء على ذكر استراليا، وتلت تلك الأحداث التي وقعت في مدينة ملبورن وقتل فيها الشاب عبد النعمان حيدر، والذي حسب ما قالت الشرطة انه هاجم اثنين من عناصرها واصاب احدهم بجروح خطرة. على أثر ذلك ازدادت نسبة الخوف لدى ابناء المجتمع فازدادت ظاهرة الاسلاموفوبيا (الخوف من المسلمين) وازدادت نسبة الاعتداءات العنصرية، وفي نفس الوقت ازداد الخوف من وقوع اعمال ارهابية وقد عزز ذلك فتوى العدناني.
هذه الاحداث اظهرت الى العلن التصدع في فريق استراليا الذي دعى اليه رئيس الوزراء، فقد جدد السنتور الاحراري كوري برناردي دعوته لحظر النقاب وكذلك فعلت السنتور جاكي لمبي من حزب بالمر المتحد والنائب من الحزب الوطني جورج كريستنسن الذي تضامن مع السنتور برناردي معارضاً موقف رئيس الوزراء الذي قال عن ان المداهمات لا علاقة لها بالدين، واعتبر كريستنسن كلام ابوت وجهة نظر واحدة. من جهته دعى وزير الاتصالات مالكوم تيرنبول الى الهدوء حتى انه ذهب الى ابعد من ذلك حين قال ان الذين يبثّون الفرقة يساعدون للترويج لداعش مضيفاً ان الذين يهاجمون الاسلام والمسلمين في استراليا يفعلون بالضبط ما تريد داعش والآن واكثر من اي وقت يجب ان ندعم التسامح والتعددية الثقافية حيث التمييز العنصري والديني غير مقبولين كلياً (س م ه 24/09/2014 ص 9)، وانتقد زعيم المعارضة الفيدرالية بيل شورتن تصريحات برناردي ورأي ان آخر شيء نحتاجه في هذا الوقت تعليقات جاهلة من نواب الحكومة التي تغذّي التعصّب.
بعد هذه العرض لا بد لنا من ان نطرح السؤال حول من يزال يفكّر بعقلية نحن وهم، فمن نحن ومن هم؟
هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها البلاد مرحلة عصيبة، ولكن كما واجهنا احداث كرونلا عام 2005 بفعل الوعي الوطني لدى القيادات وأخص بالذكر رئيس ولاية  نيو سوث ويلزالسابق موريس يما والوعي لدى المواطنين والشرطة، لا أظن ان الخيارات امامنا ضيقة رغم بعض الأصوات النشاز ووجود بعض الإنتهازيين لدى ما يسمى بقيادات الجالية، حيث علينا مواجهة الأزمة بكل ابعادها السياسية والاجتماعية والثقافية والاعلامية، وان لا تقتصر على البعد الأمني وكما يقول المثل العربي  لنجعل آخر الدواء الكي واتمنى على الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات التعاون مع قيادات الجالية الصادقة غير تلك التي ولّدت هذه الهوة بين بعض الشباب والمجتمع والجالية حتى نقطع الطريق على الإنتهازيين الذين يريدون الاصطياد في المياه العكرة والذين يعتقدون انهم يحموننا من الشيطان كما قالت صحيفة سدني مورنيغ هيرالد في افتتاحيتها 20-21/09/2014 صفحة 41 قسم ما وراء الأخبار.
من هنا تأتي اهمية التناغم الأجتماعي والانسجام والتماسك التي تعتبر اساس مصلحتنا الوطنية والتي تأتي بنفس الأهمية لمحاربة الإرهاب كما قال بيتر هارتشر في مقالته في صحيفة (س م ه 27-28/09/2014 ص 30) وكما اضاف بدون التماسك الأجتماعي السلامة الشخصية والحرية الشخصية والاقتصاد الوطني كلها في خطر.
بهكذا مقاربة نضع حد لكل الأعمال العنصرية التي تستهدف المواطنين بكل اطيافهم ،وكما يقول رئيس الوزراء للأسف لبعض الوقت قد يكون التوازن الدقيق بين الأمن والحرية قد يكون هناك ا لمزيد من القيود على البعض بحيث يمكن ان نؤمن الحماية للآخرين وقد يكون هذا ثمن قليل يجب ان ندفعه للحفاظ على الأرواح والنسيج الإجتماعي، الحرية والتعددية  الثقافية.
هذا وقد حفلت صفحات الرأي في الصحف بين مؤيد لكلام رئيس الوزراء وقوانين الارهاب دون تحفظ، وبين رافض بالمطلق لمبادلة حرية الرأي والتعبير ومعارضة قوانين الإرهاب على اعتبار ان لا نقص بالقوانين ولدى هؤلاء خشية على الديمقراطية واساءة استعمال الصلاحيات.
برأينا ان مهمة الحكومة  اي حكومة حماية مواطنيها لأن ضحية واحدة نتيجة عمل ارهابي شيء كبير وعمل غير مبرر لا دينياً ولا اخلاقياً وان الذين يدعون للقتل بإسم الدين وحسب تفسير ضيق للقرآن نقول لهم (... من قتل نفساً بغير نفس او فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً ) سورة المائدة الآية 32.ونرى في نفس الوقت ان على الحكومة الموازنة بين الحفاظ على الامن والحريات حتى لا نحقق غاية الارهابيين، وان لا يساء استخدام الصلاحيات  المعطات للأجهزة الامنية وان لا يشعر احداً انه مستهدفٌ على اساس ديني او عرقي او اثني كما قال رئيس الوزراء  وان يكون القانون هو الذي يحمي الجميع حتى لا نشعر بالحرج بعد سنوات كما حصل مع رئيس
الوزراء الاسبق جان هاورد لقرارة غزو العراق عام 2003 بعد ثبوت عدم مصداقية المعلومات الاستخبارتية حول اسلحة الدمار الشامل والتي لم يوجد لها اي اثر بعد الغزو. ونختم بأن علينا ان نتخلى كلياً عن عقلية نحن وهم ونؤكد لشركائنا في الوطن اننا متممون لبعضنا وان استهداف اي فرد او مؤسسة او الاعتداء على الامن العام  هو استهداف لنا جميعاً وان هذا ردنا  على الارهاب والأرهابيين. وهنا نركز على الدور الذي يلعبه الاعلام في بث الطمأنينة وجعل الناس يمارسون اعمالهم كالمعتاد حتى لا نحقق للأرهابيين مبتغاهم!
وهنا استشهد بما كتبه المطران جورج خضر  الذي يقول:(..الأنسان موجود اذا احب .هذه هي النعمة ان تكون مع الآخرين. في ايماننا ليس الانسان فرداً.هو معية .الجماعة ليست العدد انها المشاركة .انت تحقق وجودك بالاخرين ،مع الآخرين الوحدة عظيمة ان لم تكن انفراداً،هي معية والله ليس معك ان كنت منفرداً ولكن اذا كنت مع الناس اي في الحب ، وعند ذلك تكون قد كبرت ..) من مقالة الرب يتكلم النهار اللبنانية 27/9/2014
سدني
abbasmorad@hotmail.com

قراءة لتجربة جمال عبد الناصر.. في ذكرى وفاته/ صبحي غندور

"عاش من أجل فلسطين ومات من أجلها"… هذا هو الشعار الذي رفعه شعب فلسطين عقب وفاة جمال عبد الناصر عام 1970. ففي 28 أيلول/سبتمبر 1970، مات عبد الناصر بعد أيامٍ طويلة من الإرهاق والسهر المتواصل لوقف سيلان الدم العربي في شوارع الأردن آنذاك بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية، ومن خلال جهد قام به ناصر لجمع القادة العرب في قمّة طارئة بالقاهرة..
فعبد الناصر أدرك هدف حرب 1967 الذي أشار إليه وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشي ديان والرئيس الأميركي السابق جونسون، بضرورة تخلّي مصر عن دورها العربي، وإعادة سيناء لها مقابل ذلك، فرفض ناصر استعادة الأرض عن طريق عزلة مصر وتعطيل دورها العربي التاريخي .. وجاء أنور السادات بعده ليحقّق المطامح الدولية والإسرائيلية في مقايضة الأرض بالعزلة عن طريق معاهدة كامب ديفيد.
عبد الناصر أدرك مخاطر الصراعات العربية/العربية التي كانت سائدة قبل حرب 67، فأوقف تدخل الجيش المصري في اليمن وأقام "تحالف المدفع والنفط" الذي تأكّدت أهميّته في حرب عام 1973.
.. واليوم نجد أنّ توقيع "المعاهدات" وتعطيل دور "الجيوش العربية" في المعركة مع العدو الإسرائيلي، لم يحقّق الأمن والسلام للعرب بل برّر للقوى الدولية الكبرى العودة إلى السيطرة على المنطقة من الباب الأمني الواسع والذي ما زال مشرّعاً على مصراعيه. 
عبد الناصر أدرك بعد حرب عام 1967 أهميّة وجود كيان فلسطيني مقاتل، فدعم انطلاقة الثورة الفلسطينية وقيادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية رافضاً إقامة "فصيل فلسطيني" خاص تابع له (كما فعلت حكومات عربيّة أخرى) انطلاقاً من حرصه على وحدة الشعب الفلسطيني وعلى توحيد جهود هذا الشعب من أجل استعادة وطنه، بينما نجد اليوم مجرد محاولات متكررة لتوفير الحد الأدنى من وحدة الجسم الفلسطيني بعدما تمزق هذا الجسم وقياداته بين "مفاوض" و"مقاوم" منذ توقيع اتفاق أوسلو قبل 20 عاماً.
 عبد الناصر أكّد بعد حرب عام 1967 حرصه على تعميق الوحدة الوطنية في كلّ بلدٍ عربي، وعلى رفض الصراعات الأهلية المحليّة التي تخدم العدوّ الإسرائيلي (كما فعل في تدخله أيضاً لوقف الصراع الداخلي في لبنان عام 1969 بعد صدامات الجيش اللبناني مع المنظمات الفلسطينية)، فإذا بالأرض العربية بعد غيابه تتشقّق لتخرج من بين أوحالها مظاهر التفتّت الداخلي والصراعات المحليّة بأسماء مختلفة لتبدأ ظاهرة التآكل العربي الداخلي كبدايةٍ لازمة لهدف السيطرة الخارجية والصهيونية.
لقد رفض جمال عبد الناصر إغراءات التسوية كلّها مع إسرائيل، بما في ذلك العرض الأميركي/الإسرائيلي له بالانسحاب الكامل من كلّ سيناء مقابل عدم تدخّل مصر في الجبهات العربية الأخرى، وإنهاء الصراع بينها وبين إسرائيل. وكان ناصر يردّد "القدس والضفة قبل سيناء، والجولان وغزة قبل سيناء"، و"لا صلح ولا اعتراف بإسرائيل ما  لم تتحرّر كلّ الأراضي العربية المحتلّة عام 1967، وما لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة".
وأصرَّ ناصر على هذه الأهداف السياسية رغم قبوله بالقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن ثمَّ لما كان يُعرَف باسم "مبادرة روجرز"، وكان يتحرّك دولياً في مختلف الاتجاهات (رغم ظروف الحرب الباردة واضطراره لعلاقةٍ خاصّة مع موسكو) بلا تفريطٍ أو تنازلٍ عن الأهداف السياسية المرحلية، وبشكلٍ متزامنٍ مع البناء العسكري والمعارك المفتوحة على الجبهة المصرية ومع أقصى درجات التضامن العربي والدعم المفتوح لحركة المقاومة الفلسطينية.
هكذا جعل عبد الناصر من هزيمة عام 1967 أرضاً صلبة لبناء وضعٍ عربيّ أفضل عموماً، مهّد الطريق أمام حرب عام 1973.
هذه الحقبة الزمنية (من حرب 1967 إلى وفاة ناصر عام 1970) كانت مهمة جداً في التاريخ العربي المعاصر وفي تاريخ العلاقات العربية/العربية، وفي تاريخ الصراع العربي/الصهيوني. وللأسف لم يتوقف الكثيرون عند هذه الحقبة وما حملته من أساسات لم يحافَظ عليها لا في داخل مصر ولا في المنطقة العربية عموماً.
ويخطئ كثيرون حينما لا يميّزون المراحل في تاريخ التجربة الناصرية أو حينما ينظرون إلى السياسة التي اتّبعها جمال عبد الناصر وكأنّها سياقٌ واحد امتدّ من عام 1952 حينما قامت ثورة 23 يوليو إلى حين وفاة ناصر عام 1970. 
أيضاً، جمال عبد الناصر لم يكن قائداً عربياً فقط، بل كان إضافةً لذلك حاكماً ورئيساً لشعب مصر. فبينما عرفه العرب غير المصريين بدوره كقائد تحرّر قومي، عرفه شعب مصر كحاكم يحكم من خلال أجهزة وأشخاص، فيهم وعليهم الكثير من الملاحظات والسلبيات، رغم ضخامة حجم الإنجازات الكبيرة التي تحقّقت للشعب المصري نتيجة الثورة.
ولم نكن كعرب في فترة عبد الناصر (ولسنا كذلك الآن طبعاً) نعيش في ظلّ دولة واحدة ليكون الفرز العربي الداخلي على أسس سليمة بين المتضرّر والمستفيد من وجود أفكار وأعمال التجربة الناصرية.
بل من المهم الأنتباه جيداً إلى أن ثورة 23 يوليو قامت عام 1952 بواسطة جبهة "الضباط الأحرار" وليس من خلال حزب أو تنظيم موحّد الفكر وأسلوب العمل.
كذلك أحاطت بالتجربة الناصرية ظروف داخلية وخارجية معيقة لحركة "ثورة 23 يوليو"،  كان أبرزها حال التجزئة العربية والتعامل مع الشعوب العربية إمّا من خلال الحكومات أو أجهزة المخابرات المصرية، وفي ظلِّ حربٍ باردة بين المعسكرين الدوليين، حيث تركت هذه الحرب بصماتها الساخنة على كلّ المعارك التي خاضها عبد الناصر.
فالمشكلة بتجربة ناصر أنّ ساحة حركتها وأهدافها كانت أكبر من حدود موقعها الجغرافي المصري.. فقد كانت قضاياها تمتدّ لكلّ الساحة العربية، وأيضا لمناطق أخرى في إفريقيا وآسيا.
لذلك يصّح القول أنّ "23 يوليو" بدأت ثورةً مصرية، ونضجت كثورةٍ عربية، ثمّ ارتدّت بعد وفاة ناصر إلى حدودها المصرية.
فالسياسة العربية لمصر عبد الناصر كانت مرتبطةً بالمراحل والظروف المتغيّرة رغم القناعة المبدئية بالعروبة لدى القيادة الناصرية. 
إنّ ثورة 23 يوليو حصلت عام 1952 دون أي ادّعاء بالعمل من أجل أي قضية عربية، فقد كانت الأهداف الستَّة للثورة المصرية الّتي أُعلنت حين قيامها خاليةً تماماً من أي موضوع عربي وتمحورت جميعها على القضايا الداخلية المصرية. 
ولم يظهر البُعد العربي واضحاً في ثورة ناصر إلاّ بعد تأميم قناة السويس ثمَّ العدوان الثلاثي (البريطاني/الفرنسي/الإسرائيلي) عام 1956 على مصر. فبعد هذه السنوات القليلة من عمر الثورة المصرية ظهر الالتفاف الشعبي العربي الكبير حول القيادة الناصرية واشتعل تيّار القومية العربية في أرجاء البلدان العربية كتيّار مرتبط بمطلب الاستقلال الوطني والتحرّر من الاستعمار وامتلاك الثروات الوطنية، في مرحلةٍ كانت معظم دول العالم الثالث فيها تعاني من الإستعمار الأجنبي ومن تحكّم الشركات الأجنبية بالثروات الوطنية. وكانت صرخة ناصر: "إرفع رأسك يا أخي، فقد ولّى عهد الاستعباد والاستعمار"، صرخةً مدوّية كان صداها يتفاعل في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاّتينية، فكانت دعوةً من أجل التحرّر والحرّية، وقد حرّكت وأنهضت الشارع العربي كلّه من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وكان ذلك أيضاً دافعاً لربط مطلب التحرّر بالدعوة للوحدة العربية كتعبير عن وحدة الانتماء الثقافي ووحدة الهموم ووحدة الأحلام والآمال. 
 لذلك، جاءت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا في 22-2-1958 تتويجاً لهذه المشاعر التحرّرية القومية، وقامت الجمهورية العربية المتحدة بناءً على ضغط الشارع العربي عموماً والسوري خصوصاً من أجل انضمام سوريا للقيادة الناصرية في مصر. 
لكن عقد الخمسينات الّذي تميّز بمعارك التحرّر الوطني والاستقلال وبانطلاقة التيّار القومي العربي، تعرّض لنكستين كبيرتين في مطلع عقد الستينات وأواسطه، وانتهى هذا العقد بوفاة من قاد هذه المعارك التحرّرية، ومن أضاء في القرن العشرين شعلة العروبة. 
النّكسة الأولى، كانت بحقّ الجمهورية العربية المتحدة حيث قادت جماعة انفصالية في سوريا حركة الانفصال عن مصر يوم 28/ 9/ 1961، ثمَّ جاءت النّكسة الثانية يوم 5/ 6/1967 حيث جرت هزيمة حرب يونيو وما نتج عنها من متغيّرات كثيرة في مصر والمنطقة العربية. وفي النكستين، كان ناصر مثالاً في المسؤولية وفي الحرص على العروبة. فلقد رفض عبد الناصر استخدام القوّة العسكرية ضدَّ حركة الانفصال السورية رغم مشروعية وقانونية هذا الحق، ورغم أنّ دولاً عديدة استخدمت القوة العسكرية للحفاظ على وحدة كيانها السياسي. وقد قال ناصر آنذاك: "ليس المهم أن تبقى الجمهورية العربية المتحدة بل المهم أن تبقى سوريا"، فقد كان حريصاً أن لا تقع حرباً أهلية في سوريا بين مؤيد ومناهض للوحدة مع مصر. 
أمّا هزيمة عام 1967، فقد أعلن ناصر تحمّله المسؤولية الكاملة عنها واستقال من كلّ مناصبه الرسمية يوم 9 يونيو بعد أيام قليلة من حصول الحرب، ولم يعد عن هذه الإستقالة إلاّ بعد يومين من المسيرات الشعبية العارمة التي شملت مصر ومعظم البلاد العربية، ثمّ كانت هذه الهزيمة سبباً مهمّاً لإعادة النظر في السياسة العربية لمصر الناصرية حيث وضع جمال عبد الناصر الأسس المتينة للتضامن العربي من أجل المعركة مع العدوِّ الإسرائيلي، وتجلّى ذلك في قمَّة الخرطوم عام 1967 وما تلاها من أولويةٍ أعطاها ناصر لإستراتيجية إزالة آثار عدوان 1967، وإسقاط كل القضايا الأخرى الفرعيّة بما فيها سحب القوات المصرية من اليمن والتصالح مع الدول العربية كلّها والسعي لتوظيف كل طاقات الأمّة من أجل إعادة تحرير الأراضي المحتلة. 
وكانت هذه السياسة هي سمة السنوات الثلاث التي تبعت حرب 1967 إلى حين وفاة عبد الناصر. 
لكن خلاصات تلك المرحلة كانت مزيجاً من الدروس الهامة لقضيتيْ التحرّر والوحدة. إذ تبيّن أنَّ زخم المشاعر الشعبية لا يكفي وحده لتحقيق الوحدة، وأنَّ هناك حاجةً قصوى للبناء التدريجي السليم قبل تحقيق الإندماج بين بلدين عربيين أو أكثر. وهذا ما حرص عليه عبد الناصر عقب حرب 1967 حينما رفض المناشدة اللّيبية ثمَّ السودانية للوحدة مع مصر، واكتفى بخطوات تنسيق معهما رافضاً تكرار سلبيات الوحدة الفورية مع سوريا. 
أيضاً أدرك عبد الناصر ومعه كل أبناء الأمّة العربية أنّ التحرّر من الاحتلال يقتضي أقصى درجات الوحدة الوطنية في الداخل، وأعلى درجات التضامن والتنسيق بين الدول العربية.
كذلك، كان من دروس هزيمة 1967 وانفصال عام 1961، أنّ البناء الداخلي السليم وتحقيق المشاركة الشعبية الفعّالة في الحياة السياسية، هما الأساس للحفاظ على أي تجربة تكاملية بين البلاد العربية، وهما أيضاً الأرض الصلبة لقيادة حركة التحرّر من أيِّ احتلال أو هيمنة خارجية.

   لكن هذه الدروس الهامة لم تعش طويلاً بعد وفاة ناصر، وهاهي الأمّة العربية الآن تعاني من انعدام التضامن العربي ومن الانقسامات والصراعات، ومن هشاشة البناء الداخلي في معظم البلاد العربية مما سهّل ويسهّل الهيمنة الخارجية على بعض أوطانها.
وهانحن الآن في الذكرى 44 لوفاة جمال عبد الناصر، نجد أنّ مصر تغيّرت، والمنطقة العربية تغيّرت، والعالم بأسره شهد ويشهد في عموم المجالات متغيّراتٍ جذرية.. لكن رغم كلِّ تلك المتغيّرات يستمرّ الحنين العربي إلى حقبة الكرامة والعزة والتوحد، ويتواصل الأمل بعودة مصر إلى موقعها العربي الريادي الذي كرّسته "ثورة يوليو" ولم تتمّ بعدَ جمال عبد الناصر المحافظة عليه.
28-9-2014
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

مناجاة إلى روح الغائب الحاضر سماحة السيد هاني فحص/ محمود شباط


ذاتَ يومٍ مائجٍ
يا سَـيِّـدي
يا أيـُّهـا الشيخ الجليل
أسْـرَجْتَ حُـبّـاً أبيضَ
وانحنيتَ 
كانحناءاتِ النخيل
**
اليوم ، يا سيِّدي
لا ذات يوم
نحوك ترنو 
ثريات النجوم
تشرب من عبق آسِـك
تستنير ضوء ماسِـك
ومحيطاً أخضر
ملؤه الصبر الجميل
**
نذكر يا سيِّدي
بحثَـكَ عن بردِ السلام
في لفح الهجير
قلت لنا أين هو
فاقتفينا درب نعليك 
وتعاهدنا :
نلتقي بعد قليل
.... بعد قليل.
**
محمود شباط
الخبر في 27/09/2014

الأخطبوط الإيراني الذي ينازع الصهاينة فنون العداوة لنا/ محمد فاروق الإمام

عام 1979 عندما قامت ثورة الخميني هلل كثير من المسلمين واستبشروا بهذه الثورة التي أطاحت بشاه إيران الذي كان حليفاً لعدونا إسرائيل وشرطياً نتناً بيد أمريكا وفزاعة يخوفنا بها الغرب كلما أردنا أن ننعتق من قمقمها، ولكن الخميني ما لبث أن كشّر عن أنيابه ونزع قفازيه عن مخالبه وخلع قناعه ليظهر على حقيقته دراكولا العصر وفرانكشتين الزمان وواحداً من أشرس مصاصي الدماء.
كنا نظن أن الغرب صنع دويلة إسرائيل لتكون سداً مانعاً يحول دون تقدم العرب ونمو بلدانهم واتحاد كلمتهم حتى أتانا عدواً من لون جديد تمثل في الثورة الخمينية التي رفعت شعارات (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. ثورة على الاستكبار العالمي.. ثورة لنصرة المستضعفين والمهمشين في الأرض)، وانطلت هذه الشعارات الزائفة على كثير من شعوب المنطقة والعالم، وراح الكثيرون يخطبون ود الخميني والتقرب منه، وفي مقدمة هذه الشعوب.. الشعوب العربية التي كانت تتقلب على جمر حكام طغاة يسمونها سوء الضنك والفاقة والتخلف والعذاب، متطلعين إلى إيران الخميني؛ يحدوهم الأمل في أن تمد يد العون لهم للتخلص من حكامهم الجائرين، ولكن الثورة الخمينية كانت في واد والشعوب العربية في واد آخر.. هي تخطط ونحن نحلم.. هي تمكر ونحن نستبشر.. هي تنفث الحقد والشر ونحن نبتسم ونهلل.. هي تعد أجندة ومخططات ونحن نتفنن بتقديم باقات الورود والابتسامات!!
وتبين لنا في قابل الأيام أن مشروع ثورة الخميني يتجاوز في خطره المشروع الصهيوني بوصفه تهديدا يقيم معسكره في قلب الوجود الداخلي للأمة. ينازعها عناوينها وقضاياها، ويزاود عليها في أهدافها ومطالبها. وإذا كان المشروع الصهيوني قد استهدف منذ البداية وجود الأمة في بقعة محددة من أرضها؛ أرادها الغرب بؤرة سيطرة ونفوذ، فإن مشروع الثورة الخمينية يعتبر كل قرية أو مسجد على خطوط الطول الإسلامية وعرضها هدفا لمشروعه الذي يريد أن يستبيح من خلاله كل شيء، "التاريخ والجغرافيا والإنسان". حتى وصل الأمر بحسن نصر الله أحد أدواته التي زرعت بعناية في جسد الأمة أن يعترف في لحظة انفعال: أن معركتهم في سورية هي "معركة وجود وثأر" وتجلى كلامه هذا بشعارت أطلقتها مرتزقته التي بعث بها إلى سورية لإنقاذ الأسد وإطالة عمره، والمشاركة في قتل السوريين تحت شعار (يا لثارات الحسين.. لبيك يا زينب). 
والمخيف والمرعب أنه لا يزال هناك الكثير من أبناء الأمة لا يريدون أن يسمعوا أو يعلموا ان المعركة الوجودية التي أشار إليها حسن نصر الله في سورية هي نفسها معركتهم في العراق ومعركتهم في لبنان ومعركتهم في البحرين ومعركتهم في اليمن ومعركتهم في ساحة الحرم عند الحجر الأسود ومعركتهم في قلب المسجد النبوي ومعركتهم في القاهرة ومعركتهم في الخرطوم ومعركتهم في تونس ومعركتهم في الجزائر وشنقيط والدار البيضاء وأندونيسيا وباكستان وأفغانستان وماليزيا وفي كل مكان يذكر فيه اسم الله الواحد الأحد وترتفع فيه منارات التوحيد.
ونكتشف متأخرين حجم التغلغل الذي حققته ثورة الخميني على المستويات الدولية والإقليمية، وحجم النصر الذي أحرزته في الكثير من أقطار المسلمين ولاسيما في العراق ولبنان والشام والبحرين واليمن ولا تزال المسيرة في بدايتها وما زال الجاهلون في الحق يمارون ويكابرون. 
ورثة الثورة الخمينية القائمون على الأمر اليوم في طهران كانوا تلاميذ نجباء للخميني بل تفوقوا عليه مكراً وحقداً وخديعة وغدرا، فقد كانوا كالأخطبوط لا حدود تحول دون الوصول إلى ما يريدون الوصول إليه، فكل عواصم العرب ميادين لقذاراتهم وأحقادهم يحركون بيادقهم التي زرعوها في جسد الأمة في غفلة من أصحابها ولهو وجهل ولا مبالاة من حكامها؛ ليعيثوا فيها فساداً وخرابا وتدميرا، ولعل ما يحدث في اليمن في هذه الأيام من تطاول وتحد للدولة وللمجتمع اليمني من قبل مجموعة الحوثي التي تربت في قم على الأحقاد والإفك والدسائس والمؤامرات، مستغلة حال اليمن الخارج للتو من براثن ديكتاتورية بغيضة لم يتمكن من استكمال الانعتاق من قمقمها؛ ليجد نفسه في مواجهة عصابة منظمة تديرها حفنة من أصحاب العقول التي تجيد الخداع والغدر والمراوغة، وقد غسل أدمغتها أهل العمائم السود في قم وجردوها من كل القيم والأخلاق التي عرفت عن أهل اليمن أصحاب الحكمة والبصيرة، وأعدها وجهزها أصحاب البساطير العسكرية في طهران بالعتاد والسلاح الذي مكنها من التفوق على بقايا الجيش اليمني المتفكك، حتى غدت صنعاء العاصمة أسيرة بيدهم بعد اجتياحها والسيطرة على كافة مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية والسياسية والإعلامية فيها، وهذا ما دفع عضو البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني؛ الذي لم يستطع كتم فرحته وتشفيه بكل الذي حصل بصنعاء قائلا: إن "ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية"، مشيرا إلى أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية.
وتابع زاكاني بأنه قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، كان هناك تياران أساسيان يشكلان المحور الأمريكي في المنطقة، "هما الإسلام السعودي والعلمانية التركية، ولكن بعد نجاح الثورة الإيرانية تغيرت المعادلة السياسية في المنطقة لصالح إيران، ونحن اليوم في ذروة قوتنا نفرض إرادتنا ومصلحتنا الاستراتيجية على الجميع في المنطقة".
وأشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط تتجه الآن إلى تشكيل قطبين أساسيين، الأول بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من العرب، والثاني بقيادة إيران والدول التي انخرطت في مشروع الثورة الإيرانية.
وهكذا بات أهل الحكم في صنعاء في مرمى نيرانهم، وآل الأمر إلى فرضهم اتفاقاً مذلاً مع الحكومة اليمنية أرغم رئيسها على التوقيع على ما جاء في الاتفاق، الذي أعطى للحوثيين مكاسب تعلو على مكانة الدولة والحكومة والمجتمع اليمني، حتى بات الجميع أسيراً لما تريده هذه الجماعة الخارجة على إجماع أهل اليمن ومصالح اليمن السيادية، وفي الوقت نفسه لا نسمع من حكام العرب إلا جعجعة وتنديداً دون أي فعل على الأرض، يغير من المعادلة التي فرضتها إيران علينا، أو يوقف زحفها نحو عواصمهم؛ التي تنتظر دورها لتفعل فيها البندقية الإيرانية ما تفعله في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وقد أحسن التشخيص إبراهيم اليازجي عندما قال:
ألفتم الهون حتى صار عندكم .. طبعاً وبعض طباع المرء مكتسب
وفارقتكم لطول الذل   نخوتكم .. فليس يؤلمكم  خسف  ولا  عطب

اضطراب استراتيجية الدفاع الإسرائيلية/ د. مصطفى يوسف اللداوي

الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة صدمت قيادة أركان جيش العدو، وأربكت حكومته، وهزت أحد أهم أسس استراتيجية الدفاع العسكرية منذ أن تأسس الكيان، ألا وهي الحرب والقتال داخل أرض الخصم، وعدم السماح بنقل المعركة إلى داخل الكيان الصهيوني، الذي لا تسمح بنيته المدنية، ولا تركيبته السكانية، ولا استعداداته النفسية، ولا تجهيزاته الداخلية بتحمل تبعات ونتائج وتداعياتٍ حربٍ تدور بينهم، وقتالٍ يتم في مناطقهم وشوارعهم، وبين سكانهم وفي أبنيتهم، على وقع صواريخ تسقط على رؤوسهم، وطائرات تحلق في سمائهم.
قبل العدوان على قطاع غزة، كان السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله قد نبه الإسرائيليين وحذرهم من أن الحرب القادمة ستكون في شمال فلسطين، وأن قواعدها ستكون مختلفة، ومغايرة لما سبقها، إذ سيأمر رجاله بالسيطرة على مدن ومناطق شمالية داخل الكيان الصهيوني. 
تصريحات السيد حسن نصر الله أخافت الإسرائيليين وأقلقتهم، فهو يعمل على جميع الأصعدة كجيش نظامي، ذي كفاءة قتالية عالية، ويبني قدراته الاستخباراتيّة، ومجهّز بطائرات بدون طيّار، ويملك محطات للمراقبة، ويدير شبكة حديثة للاتصالات، لكنها لم ترتقِ إلى درجة الفعل، وتوقع بعض الإسرائيليين أنها تأتي ضمن الحرب الدعائية والنفسية بين الطرفين، وأنها جاءت للتأثير على الروح المعنوية للمواطنين الإسرائيليين، والحط من نفسياتهم المهزوزة الخائفة.
إلا أنهم يعتقدون أن حزب الله في هذه المرحلة لا يملك أي سبب يدفعه لزجّ نفسه في مواجهة أخرى مع إسرائيل، لكنه من ناحية أخرى، يواصل تنمية تنظيمه بشكل مكثّف على المدى البعيد، مع تحسين قدرات التنظيم وتدريبه، وتخزين وسائل ستمكّنه في الجولة المقبلة من شنّ حرب من نوعٍ مختلفٍ. 
إلا أن المقاومة الفلسطينية في غزة قد سبقت ونجحت، إذ قاتلت أكثر من مرة على أرض الخصم، وتسللت خلف خطوط النار، ونجحت في أكثر من عملية إنزال بحري والتفاف بري، فأكدت للإسرائيليين أن أحد أهم القواعد الاستراتيجية التي اعتمدتها في الدفاع عن نفسها قد سقطت، أو أنها أصبحت آيلة للسقوط، وأن المقاومة الفلسطينية باتت قادرة على تجاوز هذه القاعدة وإبطالها، فخبراتها تراكمت، وقدراتها تعاظمت، وروحها المعنوية في تزايد، وثقتها في نفسها ورجالها باتت جداً كبيرة.
بدأ الإعلام الإسرائيلي بعد الحرب يتحدث عن إمكانية احتلال مناطق إسرائيلية حدودية، في الشمال من قبل حزب الله، وفي الجنوب من قبل المقاومة الفلسطينية في غزة، ولا يستبعد أن تقع أحداثٌ مماثلة في القلب والوسط المتاخم لمدن ومخيمات الضفة الغربية، والقريب جداً من الحدود الأردنية، حيث الكثافة السكانية الفلسطينية الأكبر، والتي تتطلع أيضاً كفلسطينيي الداخل إلى خوض حربٍ لاستعادة الأرض والعودة إليها.
كما لا يشطب الإسرائيليون من حساباتهم الكتلة الفلسطينية العربية الكبيرة، والتي بات عددها يناهز المليوني فلسطيني، ويرى الكثير منهم أنهم إلى جانب كونهم قنبلة سكانية موقوتة، وهي قنبلة جداً خطرة بالنسبة لهم على المدى الاستراتيجي طويل الأمد، فإنهم يشكلون خطراً أكبر في حال نشوب معارك على الأرض، إذ من المتوقع أن يكونوا ضمن المعركة، إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين، الأمر الذي من شأنه أن يعقد من الصورة المتوقعة، والتي تظهر حجم المأساة، وعمق الجرح، وفداحة الخطب.
الإسرائيليون قد عادوا إلى الوراء عقوداً، وكأن الصراع قد بدأ من جديد، وعاد إلى مربعه الأول القديم، فأصبحوا ملزمين بحماية حدودهم كلها، مع مصر والأردن، وسوريا ولبنان، ويلزمها حماية شواطئها البحرية، ومصالحها في عرضه، فالخطر يتربص بها من كل الحدود، وبات يتهددها من عرض البحر ومن عمق الأرض، وقد ينفذ إليها مستغلاً أضعف النقاط، وأقلها حمايةً وحذراً، الأمر الذي يجعل مستقبلها في خطر، وبقاءها غير مستقر، وتفوقها على العدو والجوار غير دائمٍ.
يعتقد الإسرائيليون أن استراتيجية المقاومة القديمة، القائمة على إطلاقٍ كثيفٍ للصواريخ على الجبهة الداخلية، بهدف تعطيل الحياة اليومية فيها، وتوجيه ضربة للاقتصاد، وإحداث خسائر، وخوض حرب عصابات ضدّ الجيش في المناطق الجبلية، الحرجيّة والمبنيّة، باستعمال ما تختاره من أسلحة، كالنيران المضادة للدروع، والعبوات الناسفة القوية والكمائن وغيرها، قد بقيت مفرداتها، ولكن تغيرت قوتها وفعاليتها، وأضيف إليها عنصر جديد هو الأهم والأخطر، والأكثر فاعلية وأثراً، وهو التوغل الميداني والقتال البري داخل المناطق السكانية.
الاستراتيجية الدفاعية والقتالية الإسرائيلية، ومخططات البقاء والحفاظ على الوجود، وكل سيناريوهات إضعاف العدو وهزيمته، تقوم على قاعدة ضرب الخصم في مواقعه، واحباط قدراته في قواعده، وإفشال مخططاته في مهدها، وتصفية عقوله على الأرض، ومنع تطوير قدراته في الميدان، والحيلولة دون احساسه بالراحة، أو خلوده إلى النوم أو الاطمئنان، وتعتمد سياسة مواصلة الضرب المفاجئ، والاستهداف الاستباقي، والاجهاض المبكر، الأمر الذي من شأنه أن يؤخر التجهيز والإعداد، وأن يربك الخطط والترتيبات، كما أنه يخلق اليأس والاحباط لكثرة عمليات الاستهداف المبكر والمفاجئ.
يتساءل الإسرائيليون هل بات الجيش الإسرائيلي الذي تعرض لنكساتٍ عديدة، أضرت ببنيته النفسية وقدراته القتالية، في الوقت الذي تعاظمت فيه قدرات الخصم، وتنوعت أسلحته، وزادت قدرتها الوصول والإصابة والفتك، قادراً على حسم المعارك بسرعة، وهل يستطيع الاستدارة الكاملة ونقل المعركة إلى أرض العدو في حال نجاحه في التسلل أو الالتفاف، أو في حال سيطرته بالفعل على مناطق استراتيجية مأهولة بالسكان، وفيها الكثير من الأهداف.
العدو الإسرائيلي يدرك يقيناً أن المعادلة قد تغيرت، وأن قواعد الحرب قد تبدلت، فهو يريد خوض معاركٍ لا يخسر فيها جنوداً، ولا يواجه فيها مقاومة، ولا تعترض عملياتِه أنفاقٌ ولا مفاجئات، ولا صواريخ تنطلق ولا عبواتٍ تنفجر، ولا يتأخر في حسمها أياماً، ولا يقع فيها جنوده أسرى، ولا مواطنوه رهائن، ولا يشكو منها مستوطنوه، ولا يتذمرون من طول أمدها، ولا يعانون من شواظها، ولا يضطرون فيها للهروب أو النزول إلى الملاجئ، ولا للهجرة من البلاد أو الهروب من البلدات، لكن الواقع يكذبه، وكوابيس الحرب توقظه. 
إنه لا يريد رجالاً أمامه، ولا أبطالاً تقاومه، ولا شعباً يصده، ولا إرادةً تفله، ولا عزماً يذله، ولا قوةً تقهره، بل يريد مقاومةً مخصية، ضعيفة مترددة، تجعجع ولا تقاتل، وتهدد ولا تفعل، وتهرب ولا تثبت، وتسلم وتخضع، وهذا أمرٌ بات في عرف المقاومة مستحيلاً، ولعل فعلها على الأرض أصدق أنباءً من الكتب.

المهاجرون.. ناكرو الجميل!/ د..أحمد عبدالملك

قالت رئيسة وزراء أستراليا جوليا جيلارد مخاطبة أحد المتشددين الإسلاميين في أستراليا:
«لماذا أنت متعصب لا تسكن في السعودية أو إيران؟ ولماذا غادرت دولتك الإسلامية أصلاً؟ أنتم تتركون دولاً تقولون عنها: إن الله باركها بنعمة الإسلام، وتهاجرون إلى دول تقولون عنها: إن الله «أخزاها» بالكفر، من أجل الحرية، العدل، الترف، الضمان الصحي، الحماية الاجتماعية، المساواة أمام القانون، فرص العمل العادلة، مستقبل أطفالكم، حرية التعبير، إذن لا تتحدثوا معنا بتعصُّب وكُره، فقد أعطيناكم ما تفتقدونه.. احترمونا أو غادروا».
ومع حدَّة كلام الرئيسة، وأنه فعلا بارك الله ديارنا بنعمة الإسلام، إلا أن هذا كان ردة فعل لحالات التعصب التي تبدو على بعض المسلمين في تلك البلدان المتطورة مثل أوروبا أو أميركا أو أستراليا، لأن هذه الدول فعلاً توفر للإنسان العدالة والكرامة والمساواة وفرص العمل، وإلا لماذا يهاجر المسلمون لهذه الديار؟ وكم من قوارب الموت انقلبت ومات من عليها في محاولات للهروب من الواقع السياسي المرير في العديد من البلدان الإسلامية.
كما أن تلك الدول المتطورة توفر للمجتمع الضمان الصحي، وحليب الأطفال، والتعليم المجاني، بل والبيوت الآمنة لبعض «الهاربين» من دولهم المتخلفة وأنظمتهم الفاسدة. وندرك حجم طلبات التأشيرات لتلك الدول التي تعتبر بلاد النعيم المفقود لهؤلاء، ولكن بعد أن يتمتع هؤلاء بالجنسية واستحقاقاتها، يبصقون على جوازات سفرهم الأصلية، ونجدهم يسلكون مسالك أخرى مخالفة للقوانين التي تنظم الحياة في تلك المجتمعات، ويقومون بنكران الجميل ونسيان روعة المرافق العامة، والمتنزهات، والمستشفيات، والجامعات، وعدالة القضاء، وحرية التعبير.
فبعض ناكري الجميل يتجمعون ويؤلفون جماعات إرهابية متطرفة! ويبدؤون في تحدي الأنظمة المحلية، بل وإزعاج المواطنين، عبر التجمهر وقطع الطرق، رغم أن القانون ينظم عملية التجمهر والمظاهرات دون عوائق، وليس كما يحدث في بلدان هؤلاء المهاجرين، فإن رفع أحدهم رأسه مطالباً بحقه الذي يضمنه الدستور، طار رأسه أو أُلقي في «غيابت الجُب»، كما أن بعض هؤلاء المهاجرين لا يريد أن يعمل عملاً شريفاً يضمن له الحياة الكريمة، فينطلق في ترويج المخدرات أو الدعارة أو السرقة، ولقد شهدنا أكثر من مرة في جنيف حادثتين لعرب مهاجرين قاموا بسرقة أكاديميين في محطة القطار! وبذلك يشوهون الصورة الأنقى للشخص المحترم الذي لا بد أن يُطبق مبدأ «يا غريب كون أديب»! كما أن هذا البعض يزعج السلطات، كون القانون يحميه، ويستغل بنود القانون بالخروج عن السوية وارتكاب حماقات، خصوصاً هذا البعض الذي تبدو عليه «سحنات» محددة، تخالف ما درج عليه المجتمع.
إن كلام رئيسة وزراء أستراليا مهم، وفيه رسالة لكل من يهاجر من أجل مستقبل أفضل وحياة كريمة! وفيه نصيحة لكل الذين يحملون الكراهية، والتخلف، والعصبية، ورفض الآخر، والطائفية، وعدم الاهتمام بالنظافة! فإذا كان المهاجر الذي فرَّ من الطغيان والظلم والبطالة والفقر وفساد الأنظمة وغياب حرية التعبير، يحاول ترويج الأفكار المخالفة للثقافة الغربية (المفتقدة في بلده) من غياب الديمقراطية، وتردي الخدمات الصحية والتعليمية، ونهب الثروات، والتغوّل على القضاء، والاستحواذ على فرص العمل، و»صياعة» الأطفال في شوارع الانحراف والجريمة، ومن حياة قميئة، وترقب لطوارق الليل، والخطف والقتل الطائفي، وغياب أي شكل من أشكال الحرية، فكيف يمارس أعمالاً مخالفة في البلدان التي توفر له كل أسباب الحياة الكريمة، بل ويقوم بتنغيص حياة أهل البلاد الأصليين، بالممارسات المتخلفة التي جلبها معه من بلاده.
لقد شاهدنا -في أوروبا وأميركا- بعض الممارسات للمتشددين الذين يجاهرون بعدائهم لأهل البلاد الأصليين ويتحدون السلطات، ويزعجون الجيران، كما أن بعضهم يفتقد النظافة العامة، وبعضهم يجاهر بالعداء لـ «الاستعمار، الاستكبار العالمي، الرأسمالية»، ويرفعون شعارات ضد هذه البلدان التي تؤويهم، وتوفر لهم بيئات الإنجاب والتعليم والتطبيب.
وللأسف فإن تلك التصرفات تضر ليس بالمسلمين والعرب المقيمين في تلك البلدان فقط، بل تضر بالعرب والمسلمين السائحين والمرضى ومرافقيهم، الذين ينشدون الراحة والأمان في تلك البلدان.
أعتقد أنها قضية وعي في المقام الأول! لأن أغلب المهاجرين من الطبقة المسحوقة، غير المتعلمة، والمتطرفة أيضاً! ولا بد أن تتخذ إجراءات لقبول المهاجر، لا أن يُسمح للجماعات المتخلفة بتكوين خلايا تعبث في المكان وتصدره للخارج، وبذلك تعمُّ النقمة على كل العرب وكل المسلمين.

ثار العهدة العمرية (شروط ووثيقة)/ لطيف شاكر

يذكر د. جاك تاجر فى كتابه أقباط ومسلمون ص19 فقال : أستن المشرع المسلم لإهل الذمه عددا من القوانين أستلهمها من تعاليم القرآن والأحاديث ،

يقول الدكتور ا.س.ترتون في كتابه، أهل الذمة في الإسلام، ترجمة الدكتور حسن حبشي، دار المعارف ـ 1967م ـ ص1، تحت عنوان، عهد عمر: "جرت العادة أيام الخلفاء على فرض قيود معينة يلتزمها غير المسلمين في حياتهم العامة والخاصة، وتعتبر هذه القيود ثمنا يدفعونه لقاء تمتعهم بالعيش في دار الإسلام، ولم يكن يتمتع بهذا الامتياز سوى أتباع الملل المعترف بها، وهي المسيحية واليهودية والمجوسية والسامرية والصائبة، ويعرف أتباع هذه النحل بأهل الذمة، والمعتقد أنه ورد في القرآن ما يؤيد هذه القيود في قوله تعالى: "حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون".
 
وقد اشتمل العهد المعروف بعهد عمر بن الخطاب، على تلك الشروط المختلفة، ولهذا العهد صور متباينة.
وبعد أن يستعرض ترتون صور بعض هذه العهود المنسوبة إلى عمر، أو إلى قادة جيوش الفتح العربي في أيامه، يقول في صفحة 7:
 
"بذلك ننتهي إلى خاتمة لا نستطيع منها فكاكا، هي أننا لا نعرف كيف كان عهد عمر، ولا نعرف أية مجموعة من معاهدات الصلح يمكن أن توسم باسمه، والظاهر أنه كان من التقاليد المرعية في مدارس الفقه وضع نماذج للعهود والمعاهدات، والذي ننقله كحقيقة بينة عن الحدود المفروضة على أهل الكتاب .
ووضح شروط العهدة العمرية كما جاءت في المجلد الثامن والعشرون لابن تيمية شيخ الاسلام  (ص547-645)
فصل‏:‏ في شروط عمر بن الخطاب التي شرطها على أهل الذمة لما قدم الشام وشارطهم بمحضر من المهاجرين
 
في شروط عمر بن الخطاب التي شرطها على أهل الذمة لما قدم الشام وشارطهم بمحضر من المهاجرين والأنصار وعليه العمل عند أئمة المسلمين لقول رسول الله ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة‏)‏ وقوله:‏ ‏(‏اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر‏)‏ لأن هذا صار إجماعا من أصحاب رسول الله الذين لا يجتمعون على ضلالة على ما نقلوه وفهموه من كتاب الله وسنة نبيه وهذه الشروط مروية من وجوه مختصرة ومبسوطة‏.‏ منها ما رواه سفيان الثوري عن مسروق بن عبد الرحمن بن عتبة قال‏:‏ كتب عمر رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام كتابا وشرط عليهم فيه‏:‏
 أن لا يحدثوا في مدنهم ولا ما حولها ديرا ولا صومعة ولا كنيسة ولا قلاية لراهب ولا يجددوا ما خرب ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم ولا يأووا جاسوسًا ولا يكتموا غش المسلمين ولا يعلموا أولادهم القرآن ولا يظهروا شركا ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوه وأن يوقروا المسلمين وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم‏:‏ من قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا يتكنوا بكناهم ولا يركبوا سرجا ولا يتقلدوا سيفا ولا يتخذوا شيئا من سلاحهم ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية ولا يبيعوا الخمور وأن يجزوا مقادم رءوسهم وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ولا يظهروا صليبا ولا شيئا من كتبهم في شيء من طريق المسلمين ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيا ولا يرفعوا أصواتهم بقراءتهم في كنائسهم في شيء في حضرة المسلمين ولا يخرجوا شعانين ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم ولا يظهروا النيران معهم ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين‏.‏ فإن خالفوا شيئًا مما اشترط عليهم فلا ذمة لهم وقد حل للمسلمين منهمما يحل من أهل المعاندة والشقاق‏.
وقد ذكرها عدد كبير من الائمة ولم يختلفوا عليها  مثل ابن كثير وابن تيمية وفي كتاب تهذيب دمشق لابن عساكر و (احكام اهل الذمة) لابن قيم الجوزية اضافة الي عدد من المؤرخين الاجانب مثل الدكتور ا.س.ترتون في كتابه، أهل الذمة في الإسلام، ترجمة الدكتور حسن حبشي، دار المعارف ـ
وقد عمل بها الولاة والحكام علي مر العصور ومانشاهده الآن علي الساحة المصرية والعربية هو نتاج  حتمي لهذه الشروط المعيبة والمجحفة .
اما العهدة (الوثيقة العمرية) التي يذكرها البعض للاشادة بسماحةعمربن الخطاب فهي كالآتي :
"هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.
وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية تقابل 636 م.
شهد على ذلك: خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان."
وتعليقي عليها :
 
+ لايوجد لها سند  وأول مَن ذكرها اليعقوبي سنة 284 هجرية وأما ثاني من أوردها فهو (ابن البطريق) سنة 328 هـ، في صيغة تشبه صيغة اليعقوبي
+ايلياء هي بيت المقدس وليست مصر
+15 هجرية تعادل 636 م في حين غزو مصر 642م
+سفرنيوس بطريرك الروم بطرك  وبطرك مصر (الاسكندرية ) البابا  بنيامين 
+مات عمربن الخطاب عام 23 ه اي 644 م مات البطريرك بنيامين 662م
+ ايلياء مقصود بها القدس دخلوها العرب صلحا اما مصر واسكندرية  احتلوها عنوة  وبعد معارك اختلف فيها المؤرخون بين ستة اشهر الي ثلاث سنوات
+ لايوجد شهود من المسيحيين علي الوثيقة
+الشهود المسلمين  كانوا متعصبين جدا ضد المسيحيين فكيف يوافقوا علي هذه العهدة التي تدل علي السماحة معهم
خالد بن الوليد : ذبح خالد بن الوليد (سيف الله المسلول ) 70 الف مسيحي من اهل العراق وقدمهم قرابين بشرية وجعل من دمائهم نهرا ، وفاء لنذره الشخصي لربه بالاضافة الي طبخ راس ملك بن نويره وزنا بزوجته يعني لايعرف العهد او العهدة ولكن الحرب والارهاب
عمرو بن العاص  يقول قعدت مقعدي هذا وما لاحد من قبط مر علي عهد ولا عقد ان شئت قتلت وان شئت خمست وان شئت بعت ويقول ان مصر انما دخلت عنوة وانما هم عبيدنا نزيد عليهم كيف شئنا ونضع ماشئنا
معاوية بن سيفيان  يقول وجدت اهل مصر ثلاث اصناف فثلث ناس  وهم العرب وثلث يشبه ناس وهم الموالي  وثلث لاناس وهم القبط
هؤلاء المتشددون يشهدون علي وثيقة تسامح  اليس هذا عجبا !!!!!!
اذن هذه العهدة او الوثيقة لاتخص مصر او الاقباط  ولكن الذي يخص الاقباط الشروط العمرية
قرينة اخري وفي الجعبة كثير من القرائن التاريخية والسنة والقرآن
"كما ان عمر بن الخطاب :يقول  كتاب فتوح مصر وأخبارها ل - إبن عبد الحكم نشره تشارلس تورى عام 1922   ص87 & المؤرخ المقريزى نقلاً عن أبن عبد الحكم المؤرخ وراجع أيضاً المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  - الجزء الأول  , ( 17 من 167 )  : " قال ابن عبد الحكم ‏:‏  ثم كتب إليه عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ أن تختم في رقاب أهل الذمّة بالرصاص ويظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضًا ولا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه الموسى ولا يضربوا على النساء ولا على الولدان ولا تدعهم يتشبهون بالمسلمين في ملبوسهم"
اخيرا اقتطف بعض ما كتبه  الاستاذ احمد صبحي منصور في مقاله  القيم المنشور  بالمواقع بعنوان اضطهاد الاقباط بعد الفتح الاسلامي :
قد كان اضطهاد الاقباط فيها سمة بارزة تحتاج الي مجلدات .... وبالتالي تحول الاضطهاد العنصري للاقباط الي اضطهاد ديني يشارك فيه المصري المسلم ضد اخيه المصري القبطي .
وكتب :الخطورة محققة من هذه الصحوة الدينية المزعومة لانها تدعم نفسها بالاستناد الديني مما يجعلها قنابل موقوتة انفجرت وتنفجر في وجوهنا جميعا لانها كعادة الحركات والدعوات المتطرفة تبدأ بتكفير اصحاب الديانات الاخري وتنتهي الي تكفير الناس جميعا , وتبدأ باضطهاد الآخرين وقتلهم وتنتهي الي قتل الأهل والأقارب والزملاء  وقد رأينا ان حركات التعصب تبدأ بسيطة ثم تنتشر كالسرطان المدمر وخطورتها انها تستمد مشروعية زائفة من الدين وترفع لواء الجهاد ..نحتاج الي اصلاح ديني للمسلمين , ان لم تقم به الحكومة فلتبادر اليه دوائر الاستنارة في مصر ,فالاصلاح الديني هو الذي ينقذ مصر من التطرف والارهاب .

الاحتلال يطبق سياسة "هنود حمر" مع بدو الأغوار/ نبيل عودة

*ان تجاهل سياسة التطهير العرقي للإحتلال الاسرائيلي في فلسطين والتعامل الدولي معه بايدي ناعمة، سيقود الى ظواهر أكثر خطرا من داعش على الأمن العالمي!!*

يشكل وجود البدو بين سفوح الأغوار وتلالها ووديانها عائقا أمام مشاريع التوسع الاستيطاني والسيطرة على الأرض ومصادر المياه في الأغوار، سلطات الاحتلال الإسرائيلية طرحت بدائل تعتبر الأخطر ضد الوجود الفلسطيني في الأغوار، بخطة ظاهرها تطويري وجوهرها سيطرة اسرائيل ومستوطنيها على المزيد من الأرض الفلسطينية ومصادر المياه، عبر تهجير مخطط للبدو من مناطق تواجدهم التي ينتشرون فيها منذ مئات السنين، و"اسكانهم" في بلدات ستكون اشبه بـ"المحميات الطبيعية" التي كانت من نصيب "الهنود الحمر" في أمريكا وهي مناطق معزولة عن المجتمع الأمريكي الأبيض ضمن سياسة عنصرية لم يعرف التاريخ البشري نماذجَ شبيهة بها (الا في اسرائيل المعاصرة طبعا) وسيكون مصير البدو نسخة اخرى للإستيطان "الأمريكي الأبيض" في فلسطين، كل الدلائل تشير انه اكثر بشاعة من سابقه التاريخي - الأمريكي!!

الاحتلال لا يستعمل اصطلاح "محميات طبيعية" يعزل فيها البدو الذين يشكلون حجر عثرة في طريق التوسع الاستيطاني والسيطرة على المزيد من الأرض الفلسطينية. عقلية الاحتلال اوجدت اصطلاحا جديدا "خطة إعادة التموضع" التي تم إقرارها في عام 2011.. وتنفّذ على مراحل كي لا تثير ضجيجا يكشف عمق الخطط الاستيطانية للاحتلال، المضحك ان سيطرة اسرائيل على مصادر المياه، لا يثير نفس موجة الغضب الذي يثار من السيطرة على الأرض ومشاريع البناء.. رغم ان للمياه قيمة استراتيجية أكثر خطورة من احتلال الأرض!!
تقوم جرافات الاحتلال منذ سنوات وبحراسة حرس الحدود والجيش وبوجود ممثلي الادارة المدنية، بتنفيذ عمليات إخلاء تهدّم فيها منازل البدو وخيامهم، ويلحقون الضرر بأطفالهم خاصة، ويضيقون عليهم مناطق المراعي للمواشي، ويصادرون خيم الطوارئ التي تتبرع بها منظمة الصليب الحمر الدولية ومنظمات مساعدة انسانية أخرى. ويفرض جيش الاحتلال حصارا، لمنع وصول المساعدات الانسانية الأولية، تفحص كل المركبات التي تعبر الشوارع المحاذية لمناطق البدو التي تتعرّض للهدم للتأكد من خلوّها من أي مواد مساعدة للمهجّرين عنوة.. وحتى خزانات المياه توقف وتسكب الماء على الأرض.
الحجة المعلنة لتغطية هذه العملية هي "تدريبات عسكرية".
منذ عام 2012 تكرّرت هذه التدريبات ثمانية مرات، كان الجيش يأمر الرعاة والمزارعين ترك المنطقة "مؤقتا" حتى "لا يلحق بهم الأذى"؟!
حسب تقارير مختلفة صدرت عن مركز القدس للمساعدة القانونية؛ تعمل الادارة المدنية الإسرائيلية على بلورة خطة الاقتلاع منذ عام 2011، البعض أطلق على هذه العملية صفة "عملية تطهير"، هناك مؤشرات لتطبيقها الفوري، اوقفت العملية مؤقتا وقت المفاوضات و"الإستجداء" الأميركي من اسرائيل، الى جانب تعرض سلطات الاحتلال لضغوطات من قبل المحاكم الإسرائيلية والاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية لإيجاد بدائل للبدو الذين يتم ترحيلهم (تطهير ارضهم منهم) وهدم منازلهم بعد ان فقدوا حق التنقّل، مركز القدس للمساعدة القانونية أوضح في وقته ان الادارة المدينة للإحتلال طرحت بدائل لتجميع البدو في مساحات محددة ضمن المناطق المصنفة "ج"، الا انها لا تلبي احتياجات البدو ونمط حياتهم.
بغض النظر عن موعد العودة لتهجير البدو، التي يعلن عنها في هذه الأيام، حيث وضعت المسالة الفلسطينية بالثلاجة بانتظار الانتهاء من الحرب ضد داعش، يمكن القول ان المرحلة الاولى تشمل تطهير ثلاث مناطق، الأولى قرب منطقة العيزرية المعروفة بمنطقة مكبّ النفايات التابعة لبلدية القدس، الثانية منطقة بالقرب من اريحا بما يعرف بتجمع النويعمة والثالثة في منطقة الفصائل الفوقا. هناك مناطق اخرى لنقل البدو اليها لم تعرف بعد. تشمل الخطة ترحيل 4 آلاف مواطن في المرحلة الأولى، ولكن تبين ان الأماكن المقترحة لا تتّسع لأكثر من 500 عائلة المزمع ترحيلها وتفتقد تلك المناطق لنمط الحياة البدوية، مثل تربية المواشي والمراعي ومساحات للزراعة.
المثير في الأمر ان ما يسمى مناطق نيران باتت تشكل 46% من مساحة الأرض في الغور، اسرائيل لا تكتفي بذلك، اذ أعلن الاحتلال عن 20% من الأراضي الفلسطينية في الغور منطقة طبيعية محمية، أي يمنع الدخول اليها وزراعتها او الرعي فيها او الاقامة فيها.
 حسب تقارير سبق نشرها في صحيفة "هآرتس" جرى زرع آلاف الألغام في المنطقة، هذا الى جانب مصادرة 2500 دونم زراعي من الفلسطينيين من اجل بناء السور الأمني. في الفترة الأخيرة أعلن عن مصادرة 4 الاف دونم بإعلانها "أراضي دولة" النتيجة انه من مساحة 1.6 مليون دونم في الغور، تسيطر اسرائيل على 78% من الأرض. الجدير ذكره ان الغور هو أكثر المناطق هدوءا وأمنا للمستوطنين ولا يقوم الفلسطينيون "بمضايقات" للمستوطنين الذين أخذوا الأرض وسيطروا على أغلبية مصادر المياه ليطوروا زراعة نموذجية في ارض محتلة، بينما المزارع الفلسطيني يفتقد لمياه الري، مياهه، ويضطر للانتقال للزراعة البعلية مما أضر برزقه أيضا وبالإقتصاد الفلسطيني عامة.
بالمناسبة، نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية قبل فترة غير بعيدة شكوى المزارعين الفلسطينيين بالقرب من المنطقة "ج" من القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلي وضآلة مصادر المياه مما تعرقل النهوض بالزراعة وانه لا بد من إزالة هذه العوائق لتمكينهم من التحكّم بأرضهم ومزارعهم واقتصاد بلادهم.
وكان البنك الدولي قد نشر تقريرا عن واقع المجتمع الفلسطيني تحت عنوان "المنطفة (ج) ومستقبل الاقتصاد الفلسطيني "جاء فيه ان إسرائيل تتحكم بقطاعات واسعة من أراضي الضفة الغربية، وهذا يحمل الفلسطينيين أعباء اقتصادية تقدر بـ 3.4 بلايين دولار في السنة، او ما يعادل 35 % من الناتج المحلي الاجمالي، حسب ما جاء في تقرير للبنك الدولي.
جاء في التقرير ايضا ان رفع القيود على دخول المنطقة وعن مصادر المياه سيعزّز كثيرا الزراعة. وتعود ملكية معظم الاراضي الزراعية في المنطقة "ج"، 326400 دونم، للفلسطينيين، مقابل187 الف دونم الحقت بالمستوطنات الاسرائيلية. وقد اقيمت كل المستوطنات الاسرائيلية، التي تعتبر غير مشروعة بموجب القانون الدولي، في المنطقة "ج".
جدير بالتذكير أن ترحيل المواطنين الفلسطينيين من أماكن سكناهم تشكل خرقاً ومخالفة للشرعة الدولية لحقوق الإنسان ولبنود القانون الدولي الإنساني خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أنه "يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه".
لكن الحماية الأميركية للاحتلال توفر غطاء للتجاوزات الإسرائيلية. وربما ما غاب عن التحالف الدولي ضد داعش هو فحص الدور السياسي الأمريكي في تنمية هذه الظواهر الداعشية. ولا بد ان نسجل ان نشوء "القاعدة" وتنامي قوتها كان بدعم أميركي وعربي هائل لمحاربة السوفييت في أفغانستان، بل جنّدوا إعلامهم السينمائي ايضا لدعم تنظيمات مثل القاعدة (الأرضية التي نشات عليها داعش) ومهّدوا الطريق، تحت صياغات دينية، للانضمام لمقاتلة السوفييت في أفغانستان قبل ان يتحولوا ضد الغرب بكل أطيافه وضد المختلفين معهم ثقافيا وطائفيا.
ان تجاهل سياسة التطهير العرقي للاحتلال الاسرائيلي في فلسطين والتعامل الدولي معه بأيدٍ ناعمة، سيقود الى ظواهر أكثر خطرا من داعش على الأمن العالمي!!
*
ملاحظة:
نفس السياسة تطبّق كما يبدو ضدّ بدو النقب، والجدير بالذكر ان بعض القبائل البدوية في الأغوار هم لاجؤون شُردوا من وطنهم في النقب الفلسطيني عام 1948!!

nabiloudeh@gmail.com





الأوله آه/ انطوني ولسن

الأوله آه ... حكمونا العسكر ..
والثانية آه ... هتفنا يسقط ... يسقط حكم العسكر..
والثالثة آه ... حكمونا ... الأخوان..
والرابعة آه ... هتفنا ... يسقط ... يسقط حكم المرشد..
والخامسة آه ... حكمنا قاضي لا يحل ... ولا يربط ..
والسادسه آه ... رجعنا وفرحنا ... بحكم العسكر ..
والسابعة آه ... ليكون حكمهم ... فنكوش عادل إمام..
والثامنة آه ... من الشرطة ... لا بتحمي ولا تفكر ..
والتاسعة آه ... على ظلم الغلابة ... إللي لايهشوا ولا ينشوا ..
والعاشرة آه ... يا خوفي ... من غدر الزمان ... يفرقنا ..
سيدني / أستراليا 19 / 09 / 2014
**

أُوْلئكَ طلاَّبي فَجِئْني بمثلهمْ!/ انطوان السبعلاني

I thank our dear Teacher Mr Antoine Sebaalani for forwarding to me today this article which he wrote in honour of his former students at the College des frères – Tripoli..
I particularly thank Sebaalani for singling out the Australian Arabic Media this time with this article before it hit the press in Lebanon...
As Sebaalani truly said in his message, this cohort of 1969 is quite unique and despite the 45-year time lag, the school days are still vivid in their mind and as a proud member of this group I share the same memories and the beautiful time we spend together as students at the College....
The online network we established, and which we decided to call “RENCONTRE 69” permits us to liaise with one another and with our beloved teachers Sebaalani and Halout on a continuous basis, weekly if not more frequently...
Last year the reunion took place at the Arzeh Restaurant- Ehden at the invite of our friend General Tannous Mawad.
This year, the “Rencontre 69” re-united in Jounieh at the kind invitation of our dear friend Ronald Chagoury.....I am very sorry I was unable to attend both occasions due to two valid reasons:  work commitment and Australia being at the end of the world...but hopefully next year, I must, along with my Aussie friend Beshara Sharbean, join our dear friends and teachers and reminisce about the good old days at the College des frères...Sincerely look forward to that..

Raymond Abi-Arraj

-1-
ونعم جئني بمثلهم يا زميليَ المعلم اللبناني، قلت: يازملائيَ في لبنان جميعاً،ودون مبالغة،أكاد أقول،يا معلميّ العالم،هل عندكم فوجُ طلاب كفوج 68\69 في مدرسة الفرير،طرابلس؟  
 أنظروا إليهم مجتمعين في آب 2014 بالقرب من   جونيه  أي بعد45 سنة من تخرجهم من هاتيك المدرسة التي كانت واحدة من أهم مدارس لبنان، رحمها الله،ورحم كوكبة من المديرين الأجانب العمالقة الذين كانوا... 
هم مجتمعون الليلة ها هنا بدعوة مفتوحة لهم،ولعيالهم للعشاء،من زميلهم،رونالد شاغوري.وهي ليست المرة الأولى التي يلتئم فيها صفهم من جديد(الفلسفة والرياضيات). 
فمنذ عشر سنوات تقريباً وهم يلتقون في مأدبة غداء،أوعشاء دعوا اليها هنا في لبنان،أو  في باريس.وعدد منهم يأتيها من أماكن بعيدة.
ففي سهرة الليلة منهم من جاء الى هذا اللقاء،ولا أقول العشاء،على سخائه،من باريس، لندن،إيطاليا ، من أندونسيا ، ومن نيجيريا...
والذين لم يستطيعوا حضور وليمة الحب هذه،والذكرايات الألف، ورمي هموم الدنيا جميعاً في بحر جونيه،عاشوا السهرة على بعد:  
فيليب قندلفت،أحدُ مهندسي هذه اللقاءات،والمحرِّكُها باستمراربرسائله الشهيرة بالفرنسية،وبالإنكليزية الشبيهة بالرسائل  البابوية كان  معنا 
من كندا، وغابي عبود من باريس، ريمون  أبي عراج و بشاره شربين من أستراليا، وسمير سقال من أمريكا،وغيرهم..
ولا يكتمل فعلياً الصف من جديد إلا بحضور أساتذتهم.ومن قبلُ ألتقينا غيرَ مرة،في إهدن،وطرابلس،وأنفة،وكنا ثلاثة من معلميهم.ومن وقت ليس ببعيد رحل عنَّا،وعنْهم،زميلنا فوزي كرم،ذو البسمةِ الحلوة والدائمة.وبقينا شاهدين اثنين على لقاءات هولاء الطلاب الفريدة من نوعها:جوزيف حالوت،وأنا. في لقاء جونيه جوزيف أوكل اليَّ،لوجوده خارج لبنان،همَّ سعادة إلتفاف أصحابنا، طلابنا حولنا.... من قال كبرنا،وكبروا؟ 
  رُبَّ سائلٍ ما الذي يحمل هؤلاء القوم على هذه اللقاءات،بالرغم من بعد المسافة،بالنسبة لعدد منهم؟
 وفي رسالة الكترونية وجهتها اليهم رالدا،ابنة جوزيف حالوت،سألت هذه الأسئلة،وأضافت أنها شاهدة صامتة على سعادتهم،وقالت إنها تحسد  هذه المجموعة،من طلاب مدرسة الفرير،على مثل هذه الإستعادة لبعضٍ من عهد الشباب. ويا عزيزتي رالدا،يا زميلتنا التي نحب يا سائلة عن سر هؤلاء الأخوان،هذه الأسئلة نفسها شغلتنا،والدك، وأنا، في أول عشاء لنا معهم(2008) في كفرعبيدا،البترون فقلنا ما سر هولاء الذين كانوا طلابنا منذ أربعين عاماً،وإذا بهم الليلة يبعثون حية:المدرسة التي لم تعد،وأخبار معلميهم،وذكرياتٍ من هنا،ومن هنا؟ 
وإذا بواحد منهم يقول: جئت من باريس لهذا  اللقاء،وذلك لأتزود من جديد صورعهد جميل مضى،وبعضاً من سعادة كانت... 
وهم لايريدون أن يعترفوا بأنَّ سعادتهم التي كانت خَطفَ بعضها العمر،وخطفَ بعضاً آخرَمنها الصراعُ في سبيل البقاء في عالم ضحية المادة، والتكنولجية،وهي برقُ السعادة الخُلَّبُ،وخطفتْ  قسماً منها أيضاً الشهرة،والنجاحات التي توصلوا إليها، وإذابهم يعودون الى   مدرستهم التي باعها" مالكوها" بلا رحمة،أورفة جفن وهي ملكُ مليون طالب... 
عادوا الى صفهم وعدنا معهم  بعد 45 عاماً.   وكل الحكاية أنهم توصلوا الى اقتناع بهذه المقولة الشهيرة :
Il faut cultiver notre jardin 
-2- 
في سهرتنا هذه كان أكثر الطلاب مع عدد من العيال:النساء،والأولاد.لست أدري الى أيِّ حدٍّ انسجمت هذه العيال بهذه السهرة التي انتقل فيها الرجال الى عالم آخر بعيدٍ كلياً عنها.غير أنَّ المضيف عوَّض ذلك كله بلطفه،وبحسن ضيافته...
ويكفي أن يتأمل القارىءُ الصورة التي جمعت بعضاً من طلاب الأمس البعيد مع أستاذهم.هؤلاء الرجال،والآباء،وقل بعض الأجداد، السعادة والحبورعلى محياهم. وهم يتمسكون  بهذه اللحظات وينسون من هم في ميادين الحياة الشتى،ومنهم  عالمٌ الزلازل العالمي ومنهم رجل الأعمال العالمي أيضاً، ومنهم الضابط الكبير، ومدير أحد كبريات المستشفيات الأوروبية فضلاًعن الأطباء والمحامين المبرزين ... كلُّهم! كُّلهم! ولحظات السعادة واحدٌ!
 في هذه السهرة كنا في مدرسة  الفرير طرابلس في الستينات من القرن الماضي هذه التي كأن المتنبي عناها يوم قال :
 لكِ يا منازلُ في القلوبِ منازلُ          
أقْفرتِ أنتِ وهُنَّ منكِ أواهلُ 
وشاعرنا الكبير قال ما قال من رؤوس الشفاه مُصْطنعاً الوقوفَ على أطلال الحبيبة،في حين أن هؤلاءِ القوم يحنون بقلوبهم الى مدرستهم ويحنون بعيونهم، وبكلِّ جوارحهم.                                                                                                               وكأن الزمان توقف عند هؤلاءِ الطلاب ها هنا فطلبوا من أستاذهم قصيدة "الميلاد الأخير" التي رددوها طويلاً في ذلك الوقت وكأنهم يريدون توقيف الزمان والقول أننا ما كبرنا... 
في تلك السهرة الجميلة أكلنا السمك الأطيب، وأكلنا الذكرياتِ الحلوة  الألف ، وأكلنا 45 سنة من عمرنا!  
ومن  قال كبرنا، وكبروا؟  
 فكلُّ الحبِّ لهم، ولطلابي جميعاً المزروعين في لبنانَ كلِّهِ! 
 حاشية: -1- أولئك طلابي ما قصدت بها التحدي بمفهوم الفرزدق وجرير، إنما بمعنى الظاهرة ...
        -2- وغداً يقترح بعضهم موعداً للقاء جديد ،ويدخل فيليب على الخط برسائله الألكترونية التي تشهِّيكَ الموعد المضروب. 

لا تسقطُ نِينوى/ د. عدنان الظاهر

[ تبقى الزهرةُ حَمراءَ ]
 أهلٌ وصحابٌ أحرارُ  
كتبوا حيناً وكتبنا أحيانا
ظهرتْ داعشُ غابوا 
أفما زالوا أحياءَ ؟  
 لَغَطٌ وسماءٌ ربداءُ
هبّتْ ريحُ جرادٍ صفراءُ
زحفتْ للشرقِ الصحراءُ  
رتلٌ يسحبُ خَلْفاً رتلا   
غربانٌ سودُ  
طارتْ فاصفرّتْ أوراقُ التوتِ خريفا
سقطتْ هاماتٌ وجسورٌ طاحتْ 
في أسفلِ قاعِ النهرِ المُختضِّ الجاري 
بَيعاتٌ ومساجدُ زعزعها الزلزالُ
إحلولكَ نائرُها والقمرُ الذهبيُّ القاني  
إتّسعتْ بؤرةُ عينِ الزلزالِ   
وطغى المدُّ الأسودُ شدّاً جدّا
سقطتْ أسطورةُ حَملِ زيوفِ الألقابِ
صَدئِتْ رُتبٌ عُليا حالتْ لونا
جُندٌ تمشي عزلاءَ
في صفِّ طوابيرِ حديدِ قيودِ الأسرِ 
يسحبُ فيها بعضٌ بعضاً
ساقوها ساقوها ...
 ما قالتْ " نينا " ؟
سقطتْ أطقمُ أسنانِ السوسِ المُندّسِ
سقطَ المُتلبِّسُ بالعجلِ الذهبيِّ حِزاماً نسّافا ...
دَرَستْ مملكةً هَرَستْ أسنانَ بنيها
سقطت بابلُ قبلا
سقط الإسكندرُ ذو القرنينِ
سقطتْ روما نيرونا
ظلّتْ " نينا " في المَوصلِ حَدباءَ   
شقَّتْ بطنَ الحوتِ وماتَ الحوتُ قتيلا.

كذبة تضخيم قُوًةْ داعش/ فراس الور

في برنامج شؤون عربية على قناة (NILE NEWS) في حلقة الإعادة بتاريخ 14 من هذا الشهر ايلول شاهدت حلقة حوار قَيِمَة جدا تناولت نشأت داعش و تداعيات التطورات العسكرية بالمنطقة التي تنتج عن نشاطها العسكري، و قامت الإعلامية الفاضلة و الضيف الكريم بمناقشة عدد من الملفات الساخنة حول هذا الموضوع مشكورين حيث يتصدر موضوع داعش الأوليات على محطات اخبارية و برامج حوراية كثيرة، بل تهتم البرامج الحوراية هذه الايام و نشرات الأخبار على كافة الفضائيات العربية بموضوع قوة داعش العسكرية بالتحديد و انتشارها السريع في المناطق المتنازع عليها في سوريا و العراق و سيطرتها عليها...بل سيطرتها على مناطق واسعة بهذه البلدان التي تشهد حروب طاحنة منذ بضعة سنوات، و لعلني اقف متعجباً من الطريقة الساذجة التي يتم معالجة هذا الموضوع به في بعض من النشرات الأخبارية و في بعض من البرامج الحوراية المختلفة التي تُبَثْ على القنوات الفضائية، فأكثر ما يذهلني هو الطريقة الإعلامية العشوائية التي تدل على قلة الخبرة و انعدام الثقافة بتقديم داعش على أنها قوة ضاربة بالمنطقة العربية و بأن أمريكا و حلفائها من (NATO) يخافون إرسال جيوشهم لقتال هذه المنظمة التي تضم ما يقارب 30 الف مقاتل شرس، و لعلني اثني على معلومة واحدة صحيحة بهذا السياق و هي إمتلاك داعش لعدد من أنواع الأسلحة التي كنزتها من غاراتها على الثكنات العسكرية في سوريا و العراق...فاستمعت الى نشرة مسائية لقناة إخبارية اليوم تفيد بإمتلاك داعش لعدد من طائرات الميغ و دبابات تي-55 و 72...و لكن لحظة من فضلكم...فيجب معالجة هذه المواضيع بصورة خاطفة و لكن بالمنطق المطلوب كطبقات مثقفة تكتب الكلمة البناءة...
عندما نشير الى القوة العسكرية لأمريكا و حلفائها من حزب (NATO) بواقع الأمر نشير الى تحالف عسكري يضم بلاد تمتلك تراسنة عسكرية ضخمة و مهيبة اثبتت فاعليتها بحروب قرن العشرين العالمية، و تمتلك كل من هذه البلاد مصانع متخصصة بتصنيع كافة أنواع الاسلحة الفتاكة من طائرات حربية و حاملات طائرات و بوارج قتالية (مدمرات و سفن حربية) و مدفعيات بكافة انواعها و أسلحة خفيفة و متوسطة و ثقيلة و غواصات مقاتلة و رشاشات بكافة انواعها و دفاعات ضد الطائرات الحربية و صواريخ بكافة احجامها...الخ، و تستطيع هذه البلاد ايضا تصنيع هذه الاسلحة جميعها بالكفاءة و السرعة المطلوبة في وقت الحرب و الأزمات القتالية المختلفة، و يضم هذا التحالف بلاد تُصَنًفْ بأنها (SUPER POWER) او قوى عظمة بسبب امتلاكها لتراسنة سلاح قوية جدا و لوجود هذه المصانع المتكاملة ضمن اراضيها منذ الحروب العالمية الأولى و الثانية، و تُصَنًفْ أمريكا بأنها من دول القوى العظمة إذ تمتلك هذه الإمكانيات العسكرية بالكامل و لإمتلاكها ايضا القدرات اللوجستية بسبب الاقمار الصناعية لديها و التي تستطيع امدادها بالبينات المختلفة المطلوبة، و هنالك ايضا عامل اقتصادها الضخم و تاثيره على الإقتصاد العالمي فلا أحد ينكر هذا العامل بجعلها من القوى المؤثرة في العالم و في الأمم المتحدة حيث تُمَوِلْ أمريكا ثلثي مشاريع الأمم المتحدة و منظماتها، 
للذي يقراء التاريخ سيعلم أن مجريات الحرب العالمية الثانية كانت تسير لصالح القوة الإمبريالية الغاشمة التي كانت تسيطر على بقاع وساعة من العالم في أواخر عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، و هذه القوة هي ألمانيا و اليابان و ايطاليا، فحينما ضربت اليابان ميناء بيرل هاربر الأمريكي بكل غرور كانت تظن أنها ضربت قوة ثانوية بالمنطقة لن تستطيع الوقوف بوجه قوتها البحرية التي استطاعت ضم مناطق واسعة من شرق أسيا، فاستفاقت أمريكا من غفوتها عن الشأن الأوروبي و العالمي عموما لتجد أن هتلر نجح بالإستلاء على معظم غرب أوروبا و كان يستعد لشن هجماته على روسيا و حلفائها في القارة الاسيوية، و وجدت اليابان بأنها ند لا يستهان به إذ اصبحت قوة ضاربة بشرق اسيا و ها قد عبرت البحر الباسيفي شرقا بجبروت غير مسبوق لتدمير قوتها البحرية بالكامل...و قليل منا يعلم أن القدر لعب لعبته مع أمريكا، فبالرغم من خسارتها في بيرل هاربر كان جزءا يسير من قوتها البحرية راسيا بميناء ثاني و يُرَجًحْ أن اليابان لم تكن تعلم بهذا الأمر، فبعد إنتهاء الغارة ظنت أنها نجحت بِشَلْ القوة البحرية الأمريكية، و وجدت أمريكا ايطاليا ايضا قوة ضاربة لا يستهان بها و حليف لهتلر بأوروبا...بل وجدت العالم و قد ابتدأت هذه الدول الإمبريالية بالإيقاع به بصورة سهلة جدا؟! 
قليل منا يعلم أن هتلر بالرغم من قواته الكبيرة كان عاجز عن قهر بريطانيا بسبب مقاومة صلاح الطيران الملكي الشرس له...فلو استطاع ذلك لكانت الحسابات اختلفت كلياً، و لكن حينما أعلنت أمريكا الحرب على هذا المثلث العدواني كانت بريطانا تنازع بسبب الهجمات الصاروخية الألمانية على اراضيها و بسبب الطيران الحربي الالماني الشرس، فحرك هذا العملاق الأمريكي قواته الحربية من قطع بحرية مدمرة و حاملات طائرات و سلاح جوي فتاك و الموارد البشرية المطلوبة الى حبهات القتال لردع القوات الألمانيا و الإيطاليا و اليابانية عن ما تفعله بالعالم و لردع اية مكاسب استراتيجية و جغرافية لها...و اندلع قتال شرس بين التحالف الذي قادته أمريكا مع الدول الاوروبية و بين القوات الإمبريالية الغاشمة الثلاث...و بفترة عدة شهور قليلة تغير حظ الحلفاء بالحرب و أبتدأوا بتحقيق تقدم كبير على الجبهات القتالية، الحرب كانت شرسة جدا و مؤلمة جدا و طويلة فلم تنتهي قبل حَصْد حياة الملايين من البشر من كلا الجانبين...و لكن التاريخ يشهد لأمر واحد لا جدال عليه...هو أنه لولا غطرست سلاح البحرية الياباني بشن ضربته الموجعة على لبرل هاربر لما نهض هذا العملاق الكبير لردع ألمانيا و ايطاليا و اليابان بآن واحد عن ابتلاع اجزاء واسعة من العالم...
أحداث الحرب العالمية الثانية و تفاصيلها المؤلمة و الحافلة موجودة بين ايدينا في كتب التاريخ و الموسوعات العالمية على الإنترنت، و التاريخ يشهد للقوة العسكرية الأمريكية الجبارة و لقصة صمود التحالف المؤلمة ضد هتلر العنصري و ضد المخططات الإمبريالية بالمنطقة، و لكن يجب التنويه هنا أن قصة التراسنات العسكرية ابتدأت عند انتهاء الحرب العالمية الثانية، فبالرغم من خروج الحلفاء منتصيرين من المعركة و إنشاء الأمم المتحدة و تنصيب أمريكا و روسيا و فرنسا و بريطانيا و الصين كقوى دائمة بالأمم المتحدة إلا ان التوترات أخذت مجراها بين أمريكا الراس المالية و روسيا الشيوعية، فبفترة الستينات و السبعينات و الثمانينات فرضت الأجواء المتوترة خارطة سياسية جديدة على العالم قسمته الى معسكر غربي و شرقي، و فرضت هذه الظروف السياسية على أمريكا و دول غرب أوروبا التي كان اقتصادها يعارض النظام الشيوعي تكوين حلف "الناتو"، و قابله الإتحاد السوفيتي بحلف "وارساو" (WARSAW) الذي ألفه مع بعض البلدان بشرق اوروبا التي كانت تحت هيمنته العسكرية و الإقتصادية، و ابتدأت دول هذين الحلفين العملاقة سباق تسلح مهيب و سباق تكنولوجي لم يسبق للعالم أن رأى مثله على الإطلاق، فتطورت الإمكانيات العسكرية لتلك البلدان كثيرا و أصبحت اسلحتهم التي صممت خصيصا لردع اي هجوم ممكن من الآخر فتاكة أكثر بكثير من اجواء الحرب العالمية الثانية...فحتى وصلوا بعلومهم الى الفضاء و سبحوا به بكل يُسْر مؤسسين قواعد لهم تسمى بأقمار صناعية لأغراض لوجستية و علمية و عسكرية، و وصلوا الى القمر ايضا بزمن قياسي..بل وصلت مركباتهم الفضائية الى مدارات المريخ و عدة كواكب بعد المريخ لتطال المجموعة الشمية بأكملها و سبحان الله،
لذلك حينما نشير الى دول الناتو و دول الخمسة الدائمة بالأمم المتحدة نحن نشير الى دول تمتلك اسلحة فتاكة و تراسنة كبيرة متراكمة سببتها احداث الحرب الباردة التي سادة قبل انهيار الإتحاد السوفيتي في اوائل عقد التسعينيات في القرن الماضي، نشير الى دول اقمارها الإصطناعية تراقب الأرض من الفضاء و اسلحتها الفتاكة موجودة بقوة فأي داعش ستقوى على هذه الدول؟!
يخطر في ذهني هنا ان أَذْكُرْ بعض من المعلومات عن حاملات الطائرات الأمريكية الراسية بالموانئ العسكرية الأمريكية، فهي انواع عديدة إذ تختلف مقاصدها القتالية، فكانت حاملة الطائرات (USS ENTERPRISE) التي صُنِعَتْ سنة 1958 و تقاعدت عن الخدمة بسنة 2012 من ابرزها، و تعد أول حاملة طائرات بالعالم تعمل بالطاقة النووية، هذه الحاملة تضمنت مدرج إقلاع طولها بحدود 300 متر بمساحة 18211 مترا مربع، و تحمل ايضا 100 طائرة على متنها بين مقاتلة و استراتيجية، و تحمل ايضا معدات قتالية و صواريخ ضد الطائرات و عددا كبير من الجنود على متنها، و هنالك انواع من حاملات الطائرات تحمل صواريخ قتالية تستخدم ضد الغواصات بالإضافة الى الطائرات القتالية التي تكون على متنها، فهذه الحاملات صممت لتكون جيوش قتالية تسافر الى حيث تقتضي حاجة الردع فمن أهدافها الإستراتيجية أن تأخذ معركة القتال بعيدا عن الاراضي الأمريكية الى اراضي العدو، و لا أحد يعلم بوجه التحديد كم حاملة طائرات تمتلك أمريكا فهذه الاسرار تبقى طي الكتمان دائما و لكن المُعْلَنْ عنه في موسوعة الويكيبيديا أنها تمتلك من فصيلة النمتز (NIMITZ) عشرة حاملات، فبهذا تكون لدى أمريكا عشرة جيوش قتالية جاهزة للموجهة العسكرية بأي لحظة تستدعي الحاجة لذلك بالإضافة للمدمرات البحرية و لقواتها البرية و المشاة و للدروع التي تمتلكها و الدبابات...أكرر نفس الجملة التي ابتدأت بها هذه المقالة... 
فهل الثلاثين ألف جندي سيستطيعوا الصمود بوجه هذه القوى المدمرة؟ هل دبابات T55 و T72 و العدد القليل من الطائرات التي استولت عليها داعش في سوريا ستصمد أمام هذه الاساطيل الجبارة؟ في الحرب على العراق بسنة 90 شاركت أمريكا بثلثي القوة التي أوصت بها الامم المتحدة و هزمت أمريكا الجيش العراقي الكبير بإستخدام حاملة طائرات و احدة و مدمرة واحدة؟! فأين داعش من هذه الجيوش الجبارة؟! لا تتحدثوا عن قُوًةْ عزيمة بالنزال البري فهذه الثقافة البدائية عبرت عنها هذه الجيوش الفتاكة منذ زمن بعيد، فتستخدم القوة الأمريكية اسلوب الغارات الجوية المكثفة للأماكان التي ستمشطها القوة البرية الامريكية قبل اطلاق المشاة، و هذا ما فعلته بالعراق فأي داعش ستقف بطريقها؟! 
لا شك ان داعش قوى عسكرية بالمنطقة لكنها لا تشكل ند لقوات حلف الناتو و أمريكا، و هنالك ربما رسالة سياسية تريد أمريكا توجيهها من خلال التحالف الذي تصنعه ضد داعش، و هو أنها لن تسكت على من يعبث بالأمن الإستراتيجي للمنطقة، فالدولة التي تسعى داعش لإقامتها تتكلم لغة امبريالية توسعية تعدها أمريكا عدوانية المعالم شبيهة بالتي تكلمها هتلر...كما يتم تصنيفها بحسب اعراف الدول بمجالس الأمم المتحدة بالدولة العدوانية إذ تُكَفِرْ كل حضارة لا تقاسمها ارائها و سماتها على المستوى السياسي و الديني...داعش تتكلم لغة عدوانية و تغالي بجنسها من البشر المنتمين اليها و تعدهم فوق باقي اجناس البشر و تسعى للتوسع عن طريق الجهاد و الحرب و هذا ما فعله هتلر بالحرب العالمية الثانية فلذلك تعد أمريكا و حلفائها هذه اللغة استفزازية و لذلك تسعة لإقامة حلف فولاذي على داعش و على أفكاره المتطرفة، و أكرر للذي يسأل عن خطر داعش...فهذا التنظيم لا يشكل وزن عسكري لأمريكا و إنما أمريكا هي بحرب ليس مع سلاحه فحسب بل مع الفكر المتطرف اينما وجد،
المراجع المستخدمة : 
-انواع حاملات الطائرات الأمريكية
 : http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_aircraft_carriers_of_the_United_States_Navy#Active

- عن مواصفات حاملات الطائرات :
Caxton Encyclopedia; The Caxton Publishing company limited, London England; Copyright 1977

- عن حاملة الطائرات USS ENTERPRISE : 
 http://en.wikipedia.org/wiki/USS_Enterprise_(CVN-65)


داحش والغبراء حروب بأسلحة ذكية بدلاً من السيوف والرماح/ حسن العاصي

سباق مصالح على مستقبل المنطقة
لو كان النعمان بن المنذر يعلم أنه حين أوكل مهمة حماية قوافل الحجاج لقيس بن الزهير من قبيلة عبس ، سوف يتسبب بإندلاع حرب ماحقة بين بني ذيبان وبني عبس استمرت أربعين سنة ، وعُرفت بحرب داحس والغبراء إسما الفرسين اللذان كانا سبب تلك الحرب عقب السباق الشهير بينهما ، لو كان النعمان يعلم ماذا سيحصل، وكم من الدماء سوف تسيل ، وكم من الأعناق سوف يُنحر ، هل كان حقاً أقدم على ما فعله ؟ على الأرجح أن لا النعمان ولا أحد كان يتوقع أن تفعل الجاهلية والقبلية ما فعلت .
حسناً، في هذه الأيام وبعد تشكل تحالف دولي لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية"داعش" والقضاء على وجوده في العراق وتحجيمه في سورية ، كما أُعلن عن ذلك على لسان العديد من المسؤولين الأمريكيين، وبعد أن زلت لسان الرئيس الأمريكي حين قال أنه لايملك استراتيجية واضحة للقضاء على التنظيم ، خرج علينا مرة أخرى بنبرة حاول أوباما من خلالها استعادة ثقة الإدارة والشعب الأمريكي ، وأعلن عن استراتيجيته من أربعة نقاط ، القضاء على التنظيم ، وتجفيف منابع الإرهاب ، تحسين عمل الإستخبارات وتعزيز الدفاعات ، تقديم الدعم العسكري للجيش العراقي وقوات البيشمركة والفصائل المعتدلة في الجيش السوري الحر ، وتقديم الإعانات الإغاثية للمهجرين والفارين من الأعمال الإرهابية . 
فهل حقاً تدرك الإدارة الأمريكية وخصوصاً الرئيس الأمريكي أوباما ، إلى أين يمكن أن يؤدي هذا التحالف الدولي ،وماهي الإستراتيجية التي سوف يتبعها ،وماهي الأهداف الآنية التي يجب على التحالف تحقيقها خلال الفترة القريبة المقبلة ، وكذاك ماهي أهداف التحالف الإستراتيجية الغير معلنة،ومن سوف يموّل العمليات العسكرية ، والأهم من هذا كله من هي القوى التي ستواجه مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية على الأرض ، وكم سوف تستمر هذه المواجهات ،وهل هناك من خشية حقيقية في أن تؤدي هذه المواجهة بين مقاتلي تنظيم الدولة وقوات التحالف إلى تداعيات دراماتيكية في عموم المنطقة لاتبقي ولاتذر ،وأن تتحول الحرب ضد تنظيم الدولة إلى نسخة حديثة من حرب داحس والغبراء ، ولكن بمدرعات وطائرات وصواريخ بدلاً من السيوف والرماح . 
فماسبب كل هذه الضجة وكل هذا الوعيد الذي تطلقه دول عظمى تهدد تنظيم الدولة الإسلامية ، الذي مهما بلغ من قوة وبطش ، ومهما استولى على أسلحة حديثة ، ومهما عُرف عن مقاتليه بأسهم الشديد ، إلا أنه في نهاية الأمر لايتعدى كونه قوة تظل محدودة التأثير أمام قوى دولية وجيوش وتحالف يضم أقوى الجيوش على الصعيد العالمي .
كي نفهم أسباب هذا الضجيج ، علينا أن ندرك العقلية الأمريكية في إدارة صراعاتها وحروبها الخارجية ، فكلنا نذكر حين قرر الرئيس الأمريكي السابق سيئ الصيت ، جورج بوش الإبن أن يقوم باجتياح العراق من أجل القضاء على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، الذي بدأت شوكته في التصلب بعد نهاية حربه مع إيران ، مما يعني تفرغه لتصفية حساباته مع دول الخليج حلفاء الولايات المتحدة ، ومايحمل معه هذا المستجد من تهديد للمصالح الأمريكية في المنطقة ، حينئذ ،كان لا بد للماكينة الإعلامية الأمريكية من أن تقوم بشيطنة صدام حسين ، وإظهاره كذئب على وشك أن يبتلع الحملان ،وإظهار خطر العراق على جيرانه والمنطقة ،هذه الحملة التمهيدية ضد العراق ورئيسه تصاعدت نبرتها إلى أن انشغلت أجهزة المخابرات الأمريكية ، وشغلت معها مخابرات العالم للبحث عن أماكن تصنيع وتخزين أسلحة الدمار الشامل التي روجت الإدارة الأمريكية ورئيسها أن العراق ينتجها ويقوم بتخزينها، وأن صدام يريد حرق الإقليم ، وأن مخاطر هذه الأسلحة تهدد حلفاء الولايات المتحدة ، بل تهدد الولايات المتحدة نفسها ، لذلك عمدت الإدارة الأمريكية على ترويج هذه الأكاذيب في وسائل الإعلام ، وتضخيم وتهويل قوة صدام والجيش العراقي ، حتى تتمكن من حشد أوسع تحالف عسكري دولي ضد العراق ، ولكي تبرر بشاعة الحرب التي خاضتها ضد العراق ، وتبرر سقوط الآلاف من الضحايا ، وتُشرعن لاستخدام قوة عسكرية مفرطة في قدرتها التدميرية القاتلة ، لان العدو هنا المفترض انه العراق وصدام يمتلك أسلحة تدمير استراتيجية شاملة ، ليتضح فيما بعد كما نعلم زيف هذه الإدعاءات وكذبها .
هذه العقلية تفسر هذا السباق الغربي المحموم خاصة الأمريكي لتضخيم الأخطار المتولدة من وجود تنظيم الدولة ، ونحن هنا لا نقلل من حجم هذه المخاطر ، لكننا نحاول إلقاء ضوء على خلفية المشهد ،فقد أصبح من المؤكد أن التحالف لن يشارك في العمليات العسكرية بقوات برية ، على الرغم من إعلان الولايات المتحدة عن نيتها إرسال بضع مئات من المستشارين والمحللين العاسكريين لتقديم المشورة ومساعدة القوات العراقية إضافة إلى بضغ مئات كانت أمريكا أرسلتهم سابقاً بتسميات مختلفة ,في وقت لم يترشح شيء من معلومات حول الأدوار المفترضة للقوات العسكرية السعودية والأردنية في المواجهة المحتملة ، إذ أننا نرجح مشاركة قوات سعودية أو خليجية في المعارك حتى لو تمت هذه المشاركة تحت علم الجيش العراقي ، أما فيما يتعلق بالأردن ، الذي يحاول أن ينأى بنفسه ولايريد أن يحارب نيابة عن الآخرين ، فإننا نعتقد أنه سيكتفي في نشر مزيد من القوات بهدف تشديد حدوده مع العراق لمنع تسرب اي مجموعات مقاتلة من قوات تنظيم الدولة بعد اشتداد المواجهة ، إذ من المتوقع حينها أن يلجأ التنظيم إلى تكتيكات متعددة لإمتصاص الضربات الغربية ضد قواته ، ومنها محاولته إجراء انسحابات مؤقتة داخل بعض الأماكن على الحدود العراقية-الأردنية ، ونظن أن الأردن سوف يكتفي بالمهمة التي أوكلها له الغرب في استضافة معسكرات تدريبية لقوات من الجيش السوري الحر يجري تدريبها وتأهيلها في هذه الفترة على الأراضي الأردنية أستعداداً لمرحلة ما بعد الأسد .
لكن دعونا نضع سيناريو أولي لما سوف يحصل في كلا البلدين سورية والعراق ، لنبدأ أولا بالمشهد العراقي ، فنحن نظن أن هزيمة مقاتلي تنظيم الدولة لن يكون سهلاً ، لكنه ليس مستحيلاً ، فسوف يحاول التنظيم استغلال جميع أوراقه بشكل جيد في إدارة معركته ضد قوات الجيش العراقي من جهة ، وقوات البيشمركة الكردية من جهة أخرى ، ومن أهم هذه الأوراق الحاضنة السنية ، التي لايخفى تضامنها مع التنظيم كرد فعل دفاعي على سياسات التهميش الطائفية التي مارسها ضدهم المالكي ،وسوف يعتمد بظني على سياسة القبضة المنفرجة ، ومعناها أن تتحصن قوات التنظيم في ملاجئ منيعة في فترة استخدام التحالف الدولي لسلاح الطيران في قصف مواقع التنظيم ، ومن ثم الخروج الى مواقع أخرى لمنع تقدم القوات العراقية والكردية بعد إنتهاء القصف ،وهناك احتمال أن يستعمل التنظيم بعض أنواع الأسلحة الثقيلة التي سبق وحصل عليها من مستودعات الجيش العراقي أثناء نقدمه في العمق العراقي ، ويُعتقد أن من بين هذه الأسلحة صواريخ متوسطة المدى ، إضافة إلى تلك الأسلحة التي غنمها التنظيم من مستودعات الجيش السوري ، وكذلك الأسلحة التي صادرها من مقاتلي الجيش الحر ،لكن الخبراء العسكريين يخشون من وجود أسلحة مضادة للطائرات تحمل على الكتف في حوزة التنظيم ، كما سوف يستفيد التنظيم من انتشاره في مساحات واسعة على الأراضي العراقية والسورية، الأمر الذي سوف يوفر له إمكانيات واسعة للمناورة ، ويجعله هدفاً صعباً لطائرات التحالف ،الأمر الذي يجعل هذه المواجهة معه حرباً مفتوحة قد ينجح في استجرار دول المنطقة إلى حرب استنزاف طويلة باعتماده أسلوب حرب العصابات ،وتحويل العراق إلى مستنقع من الوحل ، لكن الإدارة الأمريكية أصرت على أن يتم التوافق العراقي الداخلي بين مختلف القوى السياسية والتكتلات ، لتشكيل الحكومة الجديدة قبل بدأ أي عمل عسكري ، بل قد وجهت رئيس الوزراء المكلف خلفاً للمالكي أن يدلي بتصريحات علنية يطلب فيها من المجتمع الدولي مساعدة العراق لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ، من جهة أخرى لا نعلم حقيقة على وجه الدقة ماهي الخطط التي وضعها التنظيم وقيادته العسكرية لمواجهة الحرب ضده ،لكن من المؤكد أنه إن لم يخرج من عقلية الإعتماد فقط على مفاعيل الإيمان لدى مقاتليه ، واستعدادهم العالي للشهادة في سبيل قناعاتهم ،التي يعتبرونها ذوداً عن الإسلام والمسلمين ، واستجابة لتعاليم الفقه الشرعي في إقامة دولة الخلافة الإسلامية ،إن ظلوا يعتقدون أن هذا سبباً قوياً يكفي لمواجهة دول تمتلك أسلحة متطورة ، فإنني أعتقد أننا سنكون أمام مشهد دراماتيكي آخر ، وأن أيام تنظيم الدولة في العراق ليست كويلة كما يعتقد .
أما فيما يتعلق بالوضع على الساحة السورية ، فالأمر أكثر تشابكاً وتعقيداً على الصعيدين السياسي والعسكري ،فعلى الصعيد العملياتي العسكري ، تنظيم الدولة ليس اللاعب الوحيد هناك ، إذ يتواجد أيضاً الجيش الحر بفصائله المتنوعة ويسيطر على مدن سورية في الشمال والوسط والجنوب ،وقد أعلن الجيش الحر أنه يقاتل الإرهاب في سورية المتمثل في تنظيم الدولة الذي قتل من السوريين ومن مقاتلي الجيش الحر أكثر بكثير مما قتل من جنود النظام ، ومن المؤكد أن الجيش الحر سوف يكون بمرحلة لاحقة في مواجهة مصيرية مع تنظيم الدولة وهي معركة لاتقل أهمية عن معركته مع النزام .
يتواجد أيضاً على الساحة السورية جبهة النصرة الأقل تطرفاً من تنظيم الدولة لكنها مدرجة في قوائم الإرهاب الأمريكية والأوروبية ، والتي تمتلك قوات كبيرة بأسلحة متطورة ، لكن جبهة النصرة أعلنت أنها لن تشارك بأي عمل ضد تنظيم الدولة .
وهناك بطبيعة الحال قوات الجيس السوري النظامي والميليشيات المؤيدة له والتي تقاتل إلى جانب قواته، وقد استبقت القيادة السورية تشكيل التحالف الدولي ضد التنظيم وأطلقت تصريحات على لسان وزير خارجيتها المعلم أن دمشق مستعدة للتعاون مع المجتمع الدولي من أجل القضاء على الإرهاب ، وهذا ما رفضته الولايات المتحدة والدول الأوروبية رفضاً قاطعاً حين اعتبرت أن النظام السوري فاقد لشرعيته وأنه لن يستعيد هذه الشرعية لأنه أصلاً هو راعي الإرهاب ويقتل شعبه ، والحقيقة أن أسباب الرفض الغربي للعرض السوري ليس سببه أخلاقي فقط ، بل وله أسباب منفعية أيضاً ،فبقاء نظام الأسد والتعامل معه من قبل الغرب سوف يزيد من حدة المشكلة ، وسوف يؤدي إلى مزيد من الإستقطابات جول داعش ، فقد بات من الواضح أن التصدي 
لتمدد تنظيم الدولة وتفكيكه تمهيداً لتدميره لن يحصل إلا من خلال تعاون وثيق ومهم بين التحالف الدولي وبين السُنّة في العراق وسورية، فأي تعاون بين المجتمع الدولي والنظام السوري قد يفسر من قبل السنة على أنه تخلي ضرباً لمصالحهم ، ونفاق واضح من الغرب .
أكثر من ذلك ، فقد بدأت الولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية تطرح جدياً موضوع إزاحة الرئيس الأسد،وفي جملة المشاورات التي أجرتها الإدارة مع الحلفاء تم طرح هذا الموضوع بقوة ،وتحاول الولايات المتحدة رسم ملامح مشروع رؤية ، أو برنامج سياسي ، وإضافته إلى لائحة المهام التي يجب على التحالف الدولي تنفيذها يكون عنوانه سورية ما بعد الأسد ،يتضمن هذا البرنامج إزاحة الأسد مع المحافظة على مؤسسات الدولة ،وإعادة إعمار سورية ، وكذلك عودة النازحين من دول الجوار .
نحن لانعلم حقيقة جدية الإدارة الأمريكية هذه المرة في موقفها من النظام السوري ورأسه ، لكن لايفوتنا كمحللين أن نلحظ مؤشرين هامين متعلقين بموقف كلاً من إيران وروسيا من النظام السوري ، قد يشيرا إلى إمكانية حدوث إختراقات متوقعة ليست بعيدة في الملف السوري .
المؤشر الأول متعلق بإيران التي تحاول التسابق مع الزمن في هجوم دبلوماسي سياسي ، لطرح مشاريع ومبادرات مضادة للأفكار الأمريكية ، تقوم على فكرة اتفاق الأطراف على مرحلة إنتقالية في سورية برئاسة الأسد ،واللافت المثير أيضاً في الموقف الإيراني أنها وحسب تسريبات مطلعة ، قد أوقفت مساعداتها المالية للنظام السوري ،وهو مايفسر حالة الاستنزاف التي وصلتها القيادة الإيرانية في الساحة السورية ،وهي تحاول أيضاً -اي إيران- أن تصعد في مواقفها على جبهات أخرى من أجل تحسين شروطها التفاوضية في الملف السوري ،كما تفعل في اليمن مثلاً ، الأمر الذي دفع بالرئيس اليمنى للقول أن إيران تريد استبدال سورية باليمن ،لكن من الواضح أن لا أحد على مايبدو مهتم بعقد صفقة مع إيران حول رأس الأسد ، ومن ناحية أخرى يُلاحظ تخفيف حزب الله اللبناني لمقاتليه في جبهة القلمون خلال الفترة القصيرة الماضية .
المؤشر الثاني، هو غياب روسيا عن المشهد السياسي في سورية ، غياباً شبه كامل ، بعد أن كان وزير خارجيتها سيرجي لافروف متحدث يومي في الشأن السوري ، فروسيا والقيادة الروسية غارقون في الملف الأوكراني بعد إنقلاب الإصلاحيون المواليون للغرب على القيادة السابقة الموالية لروسيا ، واستشعار بوتين بالخطر الحقيقي بعد أن اصبح حلف الناتو على حدود بلاده ،وإنشغاله بالتصدي للعقوبات التي يفرضها الغرب على نظامه ، والتي أدت إلى تدني سعر صرف الروبل الروسي .
حسابات كل الأطراف في المنطقة حساسة ومعقدة ، تتداخل فيها المصالح مع التحالفات ،وتتقاطع مع الموروث الديني والصراعات المذهبية ، وتتشابك مع صراعات بأبعاد اقتصادية وجيوسياسية ، الأمر الذي يجعل المنطقة صفيح ساخن تلسع بل تحرق كل من لا يجيد قراءة المشهد ، وستخرجه من الحسابات الدولية ، فمنذ اكتشاف النفط في الجزيرة العربية والخليج العربي في أربعينيات القرن الماضي ،والعالم يضع هذه المنطقة نصب مصالحه ، وزادت أهمية المنطقة مع قيام دولة إسرائيل على جماجم الشعب الفلسطيني ،لتتحول منطقة الشرق الأوسط إلى أكثر الأماكن حيوية وأهمية في السياسات الإستراتيجية الأمريكية والغربية .