تونس بداية الثورة....وبداية العودة/ راسم عبيدات

تونس كانت قاطرة الثورات العربية،تلك الثورات التي أجهضتها واستغلتها وتسلقت عليها الجماعات المتأسلمة من حركة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات التكفيرية الأخرى "داعش" و "جبهة النصرة" كمتفرعات للقاعدة...ولتنجح امريكا بحرف مسار تلك الثورات عن خط سيرها واهدافها خدمة لمشروعها الإستعماري للمنطقة الفوضى الخلاقة،ولتكن تونس المحطة الأولى،حيث نجحت حركة النهضة بالسيطرة على السلطة هناك،وتونس كانت محطة هامة من محطات التآمر على سوريا،حيث كانت العاصمة التي إحتضنت مؤتمر ما يسمى ب"أصدقاء" أعداء سوريا،ومنها أيضاً انطلق ما يسمى ب "جهاد النكاح" صوب سوريا،والتزمت بقرار ما يسمى بالجامعة العربية التي تعبرنت على يد مشيخات النفط والكاز بقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.
محمد بوعزيزي أحرق نفسه وأشعل الثورة،ليس من اجل أن تأتي حركة "النهضة" كذراع لحركة الإخوان المسلمين،لكي تخدم مصالح واهداف تلك الحركة،وتنفذ مشاريعها ومخططاتها واجنداتها،وتغلب مصالحها واهدافها على حساب أهداف ومصالح الشعب التونسي،بل وممارسة الإقصاء الإخوانية بحق مركباته المجتمعية والحزبية الأخرى،والعمل على أسلمة السلطة والدولة والمجتمع.

تونس عريقة بمجتمعها المدني،وقواها الحزبية حية ولها قواعد شعبية وجماهيرية،وقطعت شوطاً كبيراً على طريق المدنية والتعددية الفكرية والسياسية،ولذلك خاضت قواها ومؤسساتها المجتمعية نضالاً شعبياً وجماهيريا ديمقراطياً ضد حركة النهضة والقوى المتأسلمة التي أخذت تعمل على نشر الرعب والخوف في المجتمع بممارساتها وسلوكها من بلطجة وزعرنة وتعديات وهجمات دموية،وفي سياق نضالها ومواجهتها لذلك، دفعت ثمناً باهظاً،حيث استشهد اثنان من قادة الجبهة الشعبية التونسية المعارضة للنظام،وبأيدي عناصر من رحم النظام،هما القائدين شكري بلعيد ومحمد براهمي،ولكي يثمر هذا النضال المتراكم عن اقصاء النهضة عن الحكم وبشكل ديمقراطي،لم يخلو من العنف.

التطورات الداخلية في تونس،من تشكيل حكومة إئتلافية الى التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية،وخصوصاً توقيع الإتفاق النووي الإيراني،وما يحققه الجيش السوري وقوى المقاومة الشعبية المدعومة من حزب الله على الأرض من تقدم وتغير جوهري في موازين القوى العسكرية مع القوى التكفيرية من "داعش" و"النصرة"،هي من لعبت الدور الحاسم في أن تعيد تونس النظر في قرار تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا،فعندما يتحدث وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش بأن قرار الجامعة العربية بتعليق العلاقات مع سوريا كان موقفاً خاطئاً،والتمهيد لإعادة فتح السفارة التونسية في دمشق،فهذا يحمل اكثر من رسالة ومعنى،فهو بداية فرط عقد التحالف المعادي ضد سوريا،وكذلك رسالة من حزب النهضة التونسي المشارك في الحكم بقيادة راشد الغنوشي الى المرشد في مصر بأن شعار" الجماعة فوق الجميع" لم يعد "سيد الموقف" ،وهو مؤشر الى تفسخ حركة الإخوان،وضربة اخرى في إطار الضربات التي تتلقاها الجماعة من سقوط حكم الإخوان في مصر،الى عدم فوز حزب العدالة والتنمية في تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان لا بثلثي الأصوات ولا بالأغلبية المطلقة في الإنتخابات التركية،وكذلك ما حصل من إنقسام للحركة في الأردن،وأيضاً هذا يؤشر الى أن حركة النهضة التي كانت ضمن الحلف القطري- التركي المعادي والمقاتل ضد النظام السوري لم تعد كذلك.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن أي محلل سياسي لا تعوزه الفطنة او الذكاء او القدرة على التحليل ،لكي يستنتج بأن هذا الموقف التونسي،يأتي في ظل تغير كبير في الموقف الأمريكي من المسألة السورية،فامريكا في بداية الأزمة كانت من أشد الداعمين للخيار العسكري واسقاط النظام بالقوة،ووكذلك دعم الخيار والموقف التركي بإقامة مناطق عازلة وحظر في الشمال السوري،ولينتهي هذا الموقف بعد إقتناع امريكي بإستحالة اسقاط النظام عسكرياً،بسب ما يحظى به من دعم شعبي،ومن قوى إقليمية ودولية روسيا وايران وحزب الله إلى البحث عن حل سياسي للأزمة السورية وتحت راية الرئيس الأسد وبمشاركة حلفاء سوريا ايران وروسيا وحزب الله.
هذا الموقف الأمريكي "المتراجع" املته ظروف وشروط ومعطيات،منها الصمود السوري وتوقيع الإتفاق النووي الإيراني،تشظي وتشرذم ما يسمى بالمعارضة السورية،وتشكيل القوى التكفيرية والإرهابية "داعش" و"النصرة" نواتها الأساسية،وبما يخرجها عن السيطرة الأمريكية،والتي قد ترد سلباً عليها،وتشكل خطراً على مصالحها.

وليس فقط حدث تراجع وإستدارة امريكية من المسألة السورية،بل شهدنا مثل هذا التحول في الموقف التركي،فتركيا كان يحلم "خليفتها" أردوغان بإستعادة امجاد إمبراطوريته على حساب الدم والجغرافيا السورية،ولكن ما حققه الأكراد من انتصارات على "داعش" وطردهم لها من عدة مدن سورية،واضح انه بدأ برسم "مشهد سياسي مختلف"، أشعل نار الرغبة الكمينة في "العقل الكردي"، لخلق حالة كيانية شمال سوريا وجنوب تركيا،مشهد دق ناقوس الخطر عن الإدارتين الأمريكية والتركية،واحدث الإستدارة التركية،تلك الإستدارة بإعلان تركيا عن دخولها في الحرب على الإرهاب،أي على "داعش" ،هي كلمة حق يراد بها باطل،فتركيا هي من دعم ومول "داعش" ماديا وعسكرياً،وفتح لها الحدود لإدخال الآلاف الارهابين الى سوريا،ووفر لها المأوى والمعلومات الإستخبارية،ناهيك عن المتاجرة معها في النفط والآثار السورية المسروقة والمنهوبة،فهي ما تريده من هذه المشاركة،هو الخوف من المشهد المتكون،ليس لضرب سوريا ،بل لاحياء بناء دولة لم يكن مسموحا بوجودها، نشطت الحركة الشعبية لأكراد تركيا تتعاطف وتدعم "الأشقاء" في شمال سوريا ضد "داعش" ومن يساندها، وهو ما يشكل خطرا مباشرا على تركيا. 
الخطوة التونسية بإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا،مؤشر جدي على إنفراط عقد التحالف المعادي لسوريا،وبأن سوريا بات قريبة جداً من إستعادة سيطرتها الكاملة على الجغرافيا السورية،وهزيمة ليس فقط الجماعات الإرهابية والتكفيرية،بل من يقف خلفها من عربان مشيخات النفط والكاز الخليجية وجماعة "التتريك" وسقوط مدو للمشروع والحلف المعادي الذي تقوده وتتزعمه امريكا في المنطقة.

أمارة قطر/ حسين محمد العراقي

 والمختفي فيصل القاسم  برنامج الأتجاه المعاكس قناة الجزيرة ....
وجهت الكثير من الدول العربية ومنها العراق  حكومات وشعوب أنتقادها اللاذع  للمختفي عن وجه الأنظار الإعلامي أعلاه بسبب ما قام به من إعلام مسيس وطائفي  وتفشي به ظاهرة اللحن اللغوي والعجز البلاغي في إعلامه  الذي بات يعرفهُ القاصي والداني لأنهُ لا يمت للحقيقة بصلة  ولم يجني منه  الإنسان  غير المأسي  بدليل رحلت وودعت الحياة الكثير من الشعوب ومنها شعب العراق عن طريق الأغتيال والتفجيرات الخطف الذبح التشريد وحتى النزوح إذا كانت ذاكرة السمكة ضعيفة فذاكرة  المجتمع العراقي قوية ؛؛؛
أبا أصيل ....أنت  أشد كفرا ونفاق كما قالت الأوطان فيك  ومنهم وطن سوريا عندما قالت أنت قايضت شعبك  الرافض للذل والدكتاتورية بأسلوب رخيص  وتعيش ببلد آخر أسمه قطر المظالم  ذليل بعيد  محروم من سوريا  اليوم  بسبب تصرفك الظالم وكنت  القاسي  على نفسك  بدافع حبك  للأنانية وعامل (المادة  والمركز)؛؛؛
فيصل القاسم أنت من تتهم شعب العراق وتحديداً  الشيعة  أنهم صفوية  ومنهم أنا  نعم حقاً أننا شيعة  بل حقيقة الأمر نحنُ شيعة عرب وليس كما أوصفتنا بوصفكم الصبياني  علماً عيشنا متحابين  بكل الأطياف وأزيدك  علم أنا  متزوج بسنية وأسم أبني (عمر  وشعارنا أخوان سنة وشيعة هذا الوطن من بيعة ) وهذه رسخها في ذهنك ومخيلتك وأن لا تنساها لأنه حقيقة واقعة وملموسة ولو كنت عربياً مسلماً  حقاً لما أدركت  ماليس لك به علم الله يلعن إعلامك وأنا من اللاعنين نحنُ لانريد منك درسأ بالوطنيه لأنك  ذليل لحاكمك (حمد  وأبنه تميم) وحاكمك عبداً للأجنبي وللسفارات الأسرائيليه والقواعد الأمريكيه في بلدك قطرعلماً أن قوات الأحتلال دخلت بلدي العراق من دولة الأمارة أعلاه التي تعيش  بها لأن أنت اليوم قطري  بكل مفاصل الحياة  فدع العراق للعراقيين ونحن فقط يحق لنا نقييم حكامنا ؛؛؛
قطر وما أدراك ما قطر أنها تلك الأمارة التي أصبح يتردد أسمها كل ما حلت مصيبة أو نزاع  في عالمنا العربي والأسلامي حيثً أصبحت تحشر نفسها  في كل شاردة وواردة  ساعيتاً لفرض سيطرتها على الأرض  وذلك عبر ما مدت يدها من دعم لحركات التمرد والتطرف والتنظيمات الأسلامية أو عبر قناة الجزيرة عربية المظهر عبرية المضمون والتي  تمكنت أن تصبح القناة الأخبارية  الأولى للناطقين بالعربية من حيثً المشاهدة أضافتاً إلى الأتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تموله قطر ويرأسه مفتيها الشيخ يوسف القرضاوي لقد عاشت قطر دور البطولة فقد أخذت تتصرف كما الدول المأثرة وصاحبة النفوذ في العالم وهي تحاول التدخل في شؤون الدول الأخرى مثل السودان الذي ساهمت في تقسيمه واليمن حيثً تعمل جاهدتاً لأعادة تقسيمه ولعبة دوراً فاعلاً في الأطاحة في مبارك  بمصر وبن علي في تونس  وها هي اليوم تحاول تقسيم ليبيا عبر تمويل حركات التمرد في شرقها ؛؛؛
أذن ما هي المسرحية التي تأديها قطر اليوم وهل نعتقد أنها تقوم بدور البطولة أم أنها مجرد  كومباز  وما هو المكسب  والمصالح العائدة سوى بغض الشعوب العربية لها والتقرب الإسرائيلي منها ولماذا برزت قناة الجزيرة في تصفية حسابات  قطر مع خصومها ونجحت أكثر من مرة بأشعال الفتن بالكثير من الدول العربية عندما توترت العلاقات مع الدوحة أسئلة كثيرة تدور حول قطر هذا البلد الصغير الغني الصاعد بلعبة السياسة  لكن أذا عرف السبب بطل العجب وإذا كان حمد من تميم فأليه عني الشاعر رحمه الله ... تميم بطُرْق اللؤمٍ أهدَى من القَطَا ... ولو سَلكتْ سُبْلَ المَكارم ضَلَّت ولو أنّ بُرْغوثا على ظهر قَملة ... رأتْه تميمٌ يوم زحْفٍ لولّت ولو أن عُصفوراً يمُد جناحَه ... لقامت تميمٌ تحتَه واستظلّتِ.......... 
     
                                        

يَـمَّـمْـتُ صَـوبَ رُبُـوعـِـهِـمْ/ محمود شباط


يَـمَّـمْـتُ صَـوبَ رُبُـوعـِـهِـمْ لَـمَّـا غَـدَتْ
فِـيـهَـا نَــسـائِـمُ غَــــادةٍ تَـــتَـــألَّـــــــــقُ
تَــرهُـو كَـســـــابِـقَـةٍ تُـسـايِـرُ مُـهـرَهَـا
هَــيْـفَــاء تَـرْشـقُ نَـظـرةً تَـتَـرَونَــــقُ
تـرْدِي بِـهَـا هِـمَـمَ السِّـباعِ إذا نَــوَتْ
لَـكِـنَّ لَـحْـظـهَـا سَــامِــق يَـتَـرَفَّـــقُ
"كَـبَّرتُ حَـولَ دِيـارِهِـم لَـمَّـا بَـدَتْ
مِـنْـهـا الـشُّـمُـوسُ ولَـيسَ فِـيها الـمَـشْرِقُ"
**
- السابقة : الفرس الرشيقة ، من ذلك قول المتنبي :
وكل ابن سابقةٍ يَـسيرُ بِحُسنِـهِ
في قَـلـبِ صاحبِهِ عَـلى الأحزانِ


الأستاذ د. الحارث عبد الحميد.. الذي حرث المحبة والمعرفة في أرض العراق/ الأب يوسف جزراوي

رّجل قصير القامة ممتلىء الجسم، تحلى برؤية عميقة ونطرة بعيدة واحلام كثيرة، لكنها وللأسف دارت في زمن بخيل وظرف رديء. يرجع له الفضل في النهوض بعلم الباراسايكولوجي بعد أن ابحر بتجاربه واجتهد بكتاباته ومحاضراته لنقله من الاساطير الشعبية إلى مستوى الحقائق العلمية.
هو سليل عائلة عراقية معروفة، فوالده هو المرحوم  عبد الحميد حسن السلمان الذي تعود اصوله إلى مدينة العمارة العراقيّة وينتسب الى قبيلة بني أسد إحدى أشهر قبائل العرب، أما والدته فهي قيسية الجذر، ولعلّ التشابك والتصاهر النسبي والدراسة في بريطانيا ولدا فيه إنفتاحًا إنسانيًا عرف به.
ولد الحارث في مدينة الاعظيمة البغدادية بتاريخ 26/2/ 1950 وفيها نشأ واشتد عوده، وبعد أن قوى صلبه تماهى بوالده الذي اعتبره نموذجًا في الصبر والإبداع. كَفَّ والده البصر وعمَى بعمر الطفولة، فشدَّ الرحال إلى بغداد قادمًا من العمارة مع عائلته وهو في الثانية عشر من عمره  لغرض العلاج والتعليم، فتعلم بطريقته الخاصة وتحدى المستحيل عندما كتب النثر والشعر بواسطة آله مكفوفي البصر، ولابداعه المميز خصصت له الحكومة  العراقيّة وقتذاك راتبًا خاصًا لغرض مواصلة التعليم، فتخرج من دار المعلمين العالي عام 1942 ثَمّ تزوج من والدة الحارث التي كانت تلميذة له في دار المعلمات. اجاد والده النحو والبلاغة والبيان، وكان رفيقًا لمحمد رضا الشبيبي الشاعر النابغة الذي توفاه الله عام 1965، وملازمًا للشاعرين محمد مهدي البصير وعبد الرزاق محيي الدين، وكان يسهم في مجالسهم الادبية. أما  الحارث فكان طفلاً يرافق والده، يلهو بالجلسات ويحفظ  الكلمات والاشعار، يتعلم المحبة والايثار والحوار وأسس التعددية.
أكمل الحارث دراسته الثانوية وانتمى إلى كلّية الطب، لكنه أنتقل للقاهرة لغرض الدراسة في جامعة الازهر، وهناك حصل على ليسانس في الدراسات الاسلامية 1970 وفي العام نفسه عاد إلى بغداد ليكمل دراسته في كلّية الطب/ جامعة بغداد التي تخرج فيها عام 1973 . درسَ الموسيقى في معهد الفنون الجميلة/ قسم الدراسات المسائية. رحل إلى بريطانيا عام 1977 ليحصل بعد سنتين من الجدّ والكدّ الدراسي على دبلوم في الطب النفسي من جامعتي لندن ودبلن عام 1979 ،   نال أيضًا دبلوم عالي في الامراض العصبية / جامعة دبلن/ايرلندا 1980 . ثَمّ حاز على شهادة   ماجستير  فلسفة في الطب النفسي/جامعة ادنبرة /بريطانيا 1980  واصبح عضوًا في كلّية الاطباء النفسانيين الملكية البريطانية بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الطب النفسي من جامعة لندن عام 1982.وكان عن طريق المراسلة  قد درس القانون ثلاث سنوات في الجامعة المفتوحة في بريطانيا. كما حاز الحارث على   شهادة تدريبية من جامعة مينونايت الشرقية في الولايات المتحدة الامريكية عن الوعي بالصدمة وافاق العلاج  2004، فضلاً عن شهادات تدريبية أخرى من الجامعة نفسها حول بناء السلام 2004.
حُظيَ الحارث بالعديد من الالقاب العلمية ابرزها: باحث علمي اقدم – مجلس البحث العلمي 1987، رئيس باحثين – مجلس البحث العلمي 1989، استاذ مساعد 1991 ،   أستاذ  1996، إستشاري في الطب النفسي 1998. مدير عام مركز البحوث النفسية (الباراسايكولوجي ) (عميد المركز) في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 1994 إلى عام 2003. رئيس جمعية الباراسايكولوجي العراقية منذ عام 1993 إلى يوم اغتياله والتي بجهوده غدت منظمة غير حكومية  عام 2004.   عضو الفريق الاستشاري لقسم الفلسفة في بيت الحكمة العراقي في حي الميدان ببغداد/ قرب الحيدر خانة للاعوام 1999-2003.   
هو أحد مظاليم وضحايا عراق ما بعد 2003، الذي دفع ثمن اتهامه بأنه من المحسوبين على النظام السابق، رغم أنه لم يحصل على منصب سياسي أو وزاري بل تولى مناصب ثقافية وتعليمية، لأن عروق الوطنية كانت تجري في شرايينه، وتمنى لبلده أن يكون أفضل. كانت تصريحاته مباشرة وقوية وكتاباته واضحة وجلية، وقد دفع الفاتورة غاليًا، سيّما عندما تحدث عن اغتيال العلماء والأطباء في العراق عبرَ فضائيّة "الجزيرة" الناطقة بالإنكليزية؛ حيث وصف المشهد: "جثث القتلى المشوهة تطفو في نهر دجلة الجميل، العصافير فرَّت، وطيور الحمام ميتة، والحرم الجامعي تتحكم فيه غابةٌ من ....".
إنَّ د. الحارث لم يكن له أعداء وخصوم، بل إن له منهم الكثيرين ممن اختلفوا معه وضاقوا به وحمّلوه ما لا يجب أن يحمل، ومنهم من رماه بالإنتماء لنظام حكم 35 عامًا بطوله وعرضه بما له وما عليه، فكيف لا يكون تحت مظلته وهو علم من اعلام العراق! ومنهم من وصفه بالعداء للتغيير الجديد، ومنهم من زاد على ذلك تجريحًا واتهامًا ومضايقة، ولكن الرَّجل ظلَّ متمسكًا بمبادئه وأفكاره ووطنه ولم يغادر البلد، فلم يضعف أمام ضغط ولم يستهوه إغراء إلى أن احتضنه القبر يوم اغتالته خفافيش الظلام في وضوح النهار بتاريخ 6/12/2006.
كان اسمه يطرق مسامعي واشاهد صورته واستمع إلى احاديثه في تلفزيون العراق وقناة الشباب، وحين رأيته في قاعة المحاضرات في كلّية بابل بكيت فرحًا في داخلي وهللت وقفزت كطفلٍ في الهواء، وحدثته باستحياء: شكرًا لله لأنك معنا. كنت استعذب اسلوبه في الكتابة وبلاغته في الحديث، فهو صورة للمثقف المهموم بهموم الإنسان في الوطن، وكنتُ شديد الحرص أن لا اضيع فرصة حضور محاضراته، بعد أن وجدت فيه نموذجًا للمفكر الموسوعي، والعالم الروحاني الذي امتاز بالذكاء الشديد والاطلاع الكثير والمعارف الواسعة، فضلاً عن أنه كان يُردد أحداثًا بعيدة وتفاصيل كثيرة عن دراسته، وكأني به ارشيفًا متحركًا. وكان يبدو ضاحكًا مرحًا قريبًا من القلوب في المناسبات الثقافية وساعات التعليم المختلفة، وما أكثر ما التقيت بالاستاذ الجليل طوال ايام الدراسة وبعدها، فكان قدوة في العطاء ومثالاً في السخاء، وكنت في كلّ مرّة ألتقيه أجد لديه فكرًا جديدًا ومشروعًا حديثًا ورؤية معاصرة و ثقافةً جذابة، فالرّجل كان ودودًا كعادته في جميع الظروف، يعرف كيف يكرّم تلامذته واصدقاءه، وكيف يغرس حضوره الجميل في النفوس.
ولن أنسى ما حييت صدمة الخبر المؤلم الذي تلقيته وأنا اخدم النفوس في كنيسة القديسة ترازيا بالشام عندما نعى العراق أحد نجومه الباهرة بالرحيل المفاجئ للدكتور حارث عبد الحميد يوم كان وطنه ينتظر منه الكثير، حيث كان يبشر بعلم الباراسايكولوجي،فهو صاحب مقولة: "نستطيع أن نقول بأنَّ علم الباراسايكولوجي هو دين القرن الواحد والعشرين" ..
ويومها بكيت بلوعة وكأني لم أبكِ في حياتي قط، بعد أن شعرت بفداحة الخسارة وأدركت أننا قد فقدنا كوكبًا يشع بالعلم والمعرفة والفضيلة؛ حيث اغتالته يد الغدر والتآمر والظلام من أولئك الذين لم يروا فيه إلّا مستودعًا للمعلومات وليس مصنعًا للأفكار والرؤى والمبادرات. إذ كان للرَّجل ملاحظات ثاقبة ومساجلات واقعية وتصريحات صريحة على امتداد سنوات ثلاث لم يتحدث خلالها إلّا عن نكبة وطنه وتصفية العلماء وتهجير العقول واغتيال الكفاءات. فاغتالته قوى الاجرام صباح يوم الاربعاء 6 /12 /2006 أمام مرأى زوجته في مدخل جامعة بغداد، فنقل إلى مستشفى اليرموك لاتمام ما يقال عنه فحص الطب العدلي. ثَمَّ دفن في صباح اليوم التالي في مقبرة الكرخ ( أبو غريب)، ولم يشارك بمراسيم دفنه سوى 5 اشخاص!.
ذلك هو النجم الذي هوى، والفارس الذي ترجّل دون سابق انذار، بعد أن كان درة جلساتنا ومصدر بهجتنا على امتداد سنوات الدراسة لجيل من الأساتذة يزهو بأسماء لامعة أخرى قدموا لنا لقمة المعرفة سائغة، وبرحيله فقدَ العراق واحدًا من رجالات العلم والإنسانيّة الكبار في وقت عز فيه وجودهم وتوارت أسماؤهم، لكن العراق سوف يبقى أكبر من أن يحكمه ثلّة من القتلة والسراق تُشرد المثقفين وتغتال العلماء.
إنّها ذكريات أكاديمية ألوكها عن الزمن الجميل عندما كانت ترفرف اعلام المحبة والآخاء والتعايش السلمي بين العراقيين، ألوكها كلّما ساءت الأمور في الوطن وتراجع الفكر وانحسر المثقفون و تدهورت الثقافة. ذكريات عن رّجل كان معتزًا بوطنيته متغنيًا بقيمة وطنه؛ حيث كان أحد المهمومين بالإنسان العراقي والعراق، والمهمومون بمثل هذه القضايا مبدعون لكنهم مُتعبون، والمتعبون هم العلماء والشعراء والأدباء والمصلحون، لأنهم يفكّرون في كلّ شيء يهمّ الإنسان ويدور في صالح الوطن. 
رحلَ الحارث إلى دار البقاء قبل اوانه، غير أن ابداعه لا يزال يقيم بيننا، بعد أن حرث في القلوب أرضية طيبة وبذر في العقول شذرات المعرفة وغرس في الاعماق رسالة المحبة، وها هي رائحة ذكراه العطرة تفوح من ذاكرة ووجدان كلّ من عرفه، إذ ليس بوسع كائن من يكون أن يذكُر علم الباراسايكولوجي في العراق دون ذكر الفقيد العلاّمة الحارث عبد الحميد. عليه رحمه الله الذي ربطته بربه علاقة صوفية يوم باح بها في مؤتمر وجه الله في كنيسة الرسولين مار بطرس وبولس ببغداد في السادس من ايار عام 2000:" الله موجود في كلّ مكان، ليس أمام ناظريَّ فقط، إنّهُ في دمي وفي قلبي وكياني. تلك صورة الله في جوّانيّتي".
رحم الله  الأستاذ الحارث واسكنه ملكوته البهي.

جوازاتٌ نفذت صلاحيتها/ كريم عبدالله

فكمْ إستهلكتْ جوازات السفرِ زيّنةَ التصاوير الباهتة تتسلّى بعيونهم البنيّةِ , وفي المطاراتِ دائماً كانَ يمزّقها حنينٌ راكضاً على منحدراتِ ألأحلامِ البرّاقةِ فيشطبُ مواعيدنا , أيّها المعشوقُ على حبالِ الروح كنْ سعيداً فالأيادي التي ترفعُ للسماءِ دعوات  القرابين ستضيءُ أبوابَ الخراب , فالأرض المذهولةً الضفاف عادتْ تسمعُ أنينَ الحرائق وتنظرُ كيفَ الفراشات ينتهشها الخوف وتزّمُ وجعَ الأجنحةِ المنزوعةِ في هذا المدى , مازالَ الحزن يُقبّلُ ذاكَ الضوء الصاعد مِنْ جذورِ الليلِ في طواحينِ القرى البعيدةِ يحملُ آثارَ الخريف , دائماً الجنّة حبيسة ظلّتْ خلفَ دمعة تُنازعُ في عيونِ الصغار ألا تسمعهم يعزفونَ لحنَ الأمان ويروّضونَ غيماتهم الشاردة ألا ترى كيفَ تتهادى الحيرةُ في الجيوبِ الحالمة بالدفء ! ينصرفُ المتآمرونَ الى الحاناتِ بينما الذهبُ المكنوز في  صناديقِ عشيقاتهم كمْ يتشهّى أنْ يداعب  نعومتَ الأجسادَ الغافية ! منذُ أنْ كانت اللوعةُ تدنو وتكبرُ كانتْ الجدائل تغمغمُ وتتخذُ مِنَ التعاويذِ حرزاً  يقيها  مقصاً يحلمُ أنْ يغامرَ في ليلها , هلْ سيضطجعُ هذا القلقُ الناضجَ في دفاترنا يسألُ متى الخلاص وينحتُ في تجاعيد الطرقاتِ زمناً غريباً يستأنسُ بغريزةِ الثقوبِ الكثيرة في حدائق بابل ! ما عادَ العشّاق يمتلكونَ سوى اللاشيءَ وسنوات هزيلة تمحو الذكريات , وأرقاً يستثيرُ الشرفات إذا داهمها صباحٌ ينتزعُ عطرَ الأزهارِ مِنْ ستائرها .

البوليفونية : مصطلح ابتكره ( باختين ) في الادب , اساساً لمعالجة العمل الروائي استقاه من فن الموسيقى , وأساسها تعدد الاصوات المتجلية في النصّ .
بغداد
العراق

اسهار بعد اسهار (2) : ولادة مبكرة/ محمد رفعت الدومي

كان الذين لا يرون أبعاد شخصية أبي في ضوء قريب ، يردّون عراءَ أعصابه الدائم إلي ولادته المبكرة ، الشاعر القديم جرير أيضاً ، ولدَ لسبعة أشهر ، ولقد اتخذ الفرزدق ، الشاعر القديم ، من ذلك المنعطف الأليف من منعطفات حياته ذريعة ً لهجائه ، يقول :

وأنت ابن ُ صغري لم تتم َّ شهورها .

ولأنني انحاز علي الدوام إلي أبي ، انحزتُ مباشرةً ، منذ أن وقفتُ علي هامش المعركة الشهيرة بين الشاعرين ، وقرأت هذا المنحدر الشعري من منحدراتها ، إلي ائتلاف المتواطئين مع الشاعر الكبير جرير ضدَّ الفرزدق الشاعر الكبير ، الشاعر الكبير بحماية مقاييس الشعر في عصره طبعاً ، فإنَّ شعرَه لايصمدُ أمام مقاييسنا الحديثة للشعر فقط ، بل ويضاف الكثيرُ منه إلي آثامه العديدة ِ أيضاً ، آثامه التي لم يتَّسع ِ المؤرخون للوشاية بها منجَّمة ً ، فعمَّروا لها شارعاً علي طرف الزمن ، وعلقوا عليه لافتة ً كبيرةً . ليلة الفرزدق .

يزعمون الفرزدق مرَّ ذات ليلة ٍ بدير ، وعرضت راهبة الدير استضافته فقبل ، وجاءته بشرائح لحم الخنزير فأكل . وبخمر ٍ فشرب . ثم فتحت له خزائنها فزني بها ، ثمَّ .. ليزيِّن ذكري الليلة علي مايبدو ، سرق وشاح الراهبة وانسلَّ بالليل إلي الضياع .

لقد اقترف الرجل كلَّ الموبقات في ليلة ٍ واحدة .

أشكُّ كثيراً في صحة هذه الوشاية ، ولا أشكُّ كثيراً في وقوفها علي حافة الخلق الشهيرة ، وإن كان الفرزدقُ بكلِّ ظن سيئ منوطاً .

لكن الذين كانوا يعرفون أبعادَ شخصية أبي ، لا يرضون بهذه المقاربة المتسرعة ، ولا أرضي بالطبع ، وأري أن وجه حنانه المدوَّر مشرعٌ لمغفرة هزائم العالم ، وإن كان عراءُ أعصابه يلسعُ أحياناً ، فهو لسع الورد لا أكثر .

وأري أن أفعال أبي ، أبعد الأفعال تعبيراً عن ضيق الأفق والبعد الواحد ، هذا يقودني إلي ذكري بعيدة .

أتذكَّر أنَّ أبي صعد يوماً ذروة َ نقطةٍ من نقاط صفائه الذهنيِّ ، وكانت تتواكبُ عادةً مع انسياب القطرات الأولي من عصير الأفيون الأسود في دمه ، وكنت أعرف أنها قافيةٌ ملائمةٌ للوقوف بذهن ٍ معلن ٍ علي كافة التابوهاتِ دون مراقبةِ العواقب ، وأنشدته خلف حديثٍ عالقٍ بالطرح بيت أبي العلاء :

أفيقوا ، أفيقوا يا غواة فإنما ، دياناتَكم مكرٌ من القدماء

انتزعَ ذهنَه برفق ٍ من عالمه ، فجأةً ، ونظرَ إليَّ في دهشة ٍ، والتقطتُ خيوط رائحة الأدرينالين تتناسل في دمي ، ثمَّ ابتسمَ ابتسامةً معقوفةً انخرطت في سرِّي إلي الأبدِ ، وعاد إلي عالمه ، شعرتُ بالخوف يتبدَّد .

ذكَّرني في اليوم التالي ، بمساري الأزهريِّ ، وما يمكن أن تشكِّله قناعاتي الطارئةُ من مخاطر علي مستقبلي لا أكثر ، مع ذلك كان متسامحاً جداً .

ربما كان ذلك التماهي معي تعليقاً جارحاً علي شكه في سلامة عقلي ، وهو شكٌّ يقومُ علي الكثير من الدعائم التي تسبق ركام التحول عادةً بشجاعةٍ صلبةٍ ، نزوعي الشديد إلي العزلةِ الصارمةِ ، وما تشكِّل العزلةُ من التعابير الشهيرة ، خجلي المتفاقم ، وجهي المستغرق ، نظراتي المحاطة بالتوترات ، أحاديث النفس التي تنمو بصوتٍ مسموعٍ علي أسيجةِ العزلة ، طبيعتي القلقة ، وشرودي المسرفِ في التكرار ، خارج الآخرين وخارج قواعد المنظور تماماً .

ربما اعتقدَ الكثيرون ، أنَّ مرونة أبي الممتلئة حيال قناعاتي المتطرفة ، هي صفر امتلائها ، وهذا اعتقادٌ يجري في يقين الخطأ ، فلقد اخترتُ خرزتي من العقد بعزيمةٍ لا تقيمُ لرضا أبي ولا لسخطِه وزناً .

حدث هذا بالطبع بعد أن سيَّجتُ ذهني بأفكار ٍفولاذيةٍ ، حتي لا يستطيع امرؤٌ أيَّاً كان أن يسمِّرَ فيه أوراقاً مقدَّسةً ، حيث توقف الوقتُ وتجاوز الأساليب ، حتي القشرة الأكثر عمقاً .

أصبحتُ خارج التسريحة القومية المرتبكة ، وأصبحتُ أيضاً خارج عالم البالين وأصحابِ الحدِّ الأدني تماماً ، وإن كانت تربطني به غابةٌ من العواطف المبتذلة .

في الذكرى 63 لثورة 23 يوليو.. حنينٌ عربي إلى حقبة الكرامة والتوحّد/ صبحي غندور

"ثورة 23 يوليو" التي قادها جمال عبد الناصر في مصر العام 1952 كانت من حيث الموقع الجغرافي في بلدٍ يتوسّط الأمّة العربية ويربط مغربها بمشرقها، وكانت من حيث الموقع القارّي صلة وصلٍ بين دول إفريقيا وآسيا، وكانت من حيث الموقع الزمني في منتصف القرن العشرين الذي شهد متغيّراتٍ واكتشافاتٍ كثيرةً في العالم وحروباً وأسلحةً لم تعرف البشرية مثلها من قبل، كما شهد القرن العشرون صعود وأفول ثوراتٍ كبرى وعقائد وتكتّلات ومعسكرات .. وشهد أيضاً اغتصاب أوطانٍ واصطناع دويلات!. 
كذلك، فإنّ ثورة 23 يوليو، من حيث الموقع الفكري والسياسي، كانت حالاً ثالثةً تختلف عن الشيوعية والرأسمالية، قطبيْ العصر الذي تفجّرت فيه الثورة، فقادت "ثورة 23 يوليو" ثورات العالم الثالث من أجل التحرّر من كافّة أنواع الهيمنة وبناء الاستقلال الوطني ورفض التبعية الدولية.
ولم نكن كعرب في فترة عبد الناصر (ولسنا كذلك الآن طبعاً) نعيش في ظلّ دولة واحدة ليكون الفرز العربي على أسس سليمة بين المتضرّر والمستفيد عربياً من وجود التجربة الناصرية وأفكارها وأعمالها.
فصحيحٌ أنّ جمال عبد الناصر كان قائداً عربياً فذّاً ومميّزاً، لكنّه كان إضافةً لذلك حاكماً ورئيساً لشعب مصر. فبينما عرفه العرب غير المصريين بدوره كقائد تحرّر قومي، عرفه شعب مصر كحاكم يحكم من خلال أجهزة وأشخاص، فيهم وعليهم الكثير من الملاحظات والسلبيات، رغم ضخامة حجم الإنجازات الكبيرة التي تحقّقت للشعب المصري نتيجة الثورة.
ويخطئ كثيرون حينما لا يميّزون المراحل في تاريخ تجربة 23 يوليو الناصرية أو حينما ينظرون إلى السياسة التي اتّبعها جمال عبد الناصر وكأنّها سياقٌ واحد، امتدّ من عام 1952 حينما قامت ثورة 23 يوليو إلى حين وفاة ناصر عام 1970. 
فلقد قامت ثورة 23 يوليو بواسطة جبهة "الضباط الأحرار" وليس من خلال حزب أو تنظيم موحَّد الفكر وأسلوب العمل. ويقول جمال عبد الناصر في الباب الأوّل من "الميثاق الوطني"، الذي قدّمه في أيار/مايو 1962 للمؤتمر الوطني للقوى الشعبية بمصر:
"إنّ قوّة الإرادة الثورية لدى الشعب المصري تظهر في أبعادها الحقيقية الهائلة إذا ما ذكرنا أنّ هذا الشعب البطل بدأ زحفه الثوري من غير تنظيم ثوري سياسي يواجه مشاكل المعركة، كذلك فإنّ هذا الزحف الثوري بدأ من غير نظريةٍ كاملة للتغيير الثوري. إنّ إرادة الثورة في تلك الظروف الحافلة لم تكن تملك من دليلٍ للعمل غير المبادئ الستّة المشهورة".
وما قاله جمال عبد الناصر عن كيف أنّ الثورة بدأت من دون "تنظيم سياسي ثوري" ومن دون "نظرية سياسية ثورية"، يوجِد تفسيراً لما وصلت إليه مصر والأمَّة العربية بعد وفاة جمال عبد الناصر، حيث فقدت الجماهير العربية اتصالها مع القائد بوفاته، ولم تكن هناك بعده أداة سياسية سليمة في مصر تحفظ للجماهير دورها السليم في العمل والرقابة والتغيير. أيضاً، مع غياب ناصر/القيادة، وغياب البناء السياسي السليم، أصبح سهلاً الانحراف في مصر عن المبادئ، والتنازل عن المنطلقات، والتراجع عن الأهداف.
كذلك أحاطت بالتجربة الناصرية ظروف داخلية وخارجية معيقة لحركة "ثورة 23 يوليو"، كان أبرزها حال التجزئة العربية والتعامل مع الشعوب العربية إمّا من خلال الحكومات أو بأجهزة المخابرات المصرية، وفي ظلِّ حربٍ باردة بين المعسكرين الدوليين، حيث تركت هذه الحرب بصماتها الساخنة على كلّ المعارك التي خاضها عبد الناصر. كذلك، فإنّ ساحة وحركة وأهداف ثورة 23 يوليو الناصرية كانت أكبر من حدود موقعها الجغرافي المصري.. فقد كانت قضاياها تمتدّ لكلّ الساحة العربية، وأيضا لمناطق أخرى في إفريقيا وآسيا. لذلك، فإنّ "23 يوليو" بدأت ثورةً مصرية، ونضجت كثورة تحرّر عربية وعالمية، ثمّ ارتدّت بعد وفاة ناصر إلى حدودها المصرية.
ومن المهمّ إدراك أنّ السياسة العربية لمصر في فترة حكم عبد الناصر كانت مرتبطةً بالمراحل والظروف المتغيّرة رغم القناعة المبدئية بالعروبة لدى القيادة الناصرية. فثورة 23 يوليو حصلت عام 1952 دون أيّ ادّعاء بالعمل من أجل أيّ قضيةٍ عربية، وكانت الأهداف الستَّة للثورة المصرية الّتي أُعلنت حين قيامها خاليةً تماماً من أي موضوع عربي، وتمحورت جميعها على قضايا داخلية مصرية. ولم يظهر البُعد العربي واضحاً في ثورة ناصر إلاّ بعد تأميم قناة السويس ثمَّ العدوان الثلاثي (البريطاني/الفرنسي/الإسرائيلي) عام 1956 على مصر. فبعد هذه السنوات القليلة من عمر الثورة المصرية ظهر الالتفاف الشعبي العربي الكبير حول القيادة الناصرية، واشتعل تيّار القومية العربية في أرجاء البلدان العربية كتيّار مرتبط بمطلب الاستقلال الوطني والتحرّر من الاستعمار وامتلاك الثروات الوطنية، في مرحلةٍ كانت معظم دول العالم الثالث فيها تعاني من الإستعمار الأجنبي ومن تحكّم الشركات الأجنبية بالثروات الوطنية. وكانت صرخة ناصر:" إرفعْ رأسَك يا أخي، فقد ولّى عهد الاستعباد والاستعمار"، صرخةً مدوّية كان صداها يتفاعل في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، فكانت دعوةً من أجل التحرّر والحرّية، وقد حرّكت وأنهضت الشارع العربي كلّه من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وكان ذلك أيضاً دافعاً لربط مطلب التحرّر بالدعوة للوحدة العربية كتعبير عن وحدة الانتماء الثقافي ووحدة الهموم ووحدة الأحلام والآمال. 
 لذلك، جاءت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 تتويجاً لهذه المشاعر التحرّرية القومية، وقامت الجمهورية العربية المتحدة بناءً على ضغط الشارع العربي عموماً والسوري خصوصاً من أجل انضمام سوريا للقيادة الناصرية في مصر. 
لكن عقد الخمسينات الذي تميّز بمعارك التحرّر الوطني والاستقلال وبانطلاقة التيّار القومي العربي، تعرّض لنكستين كبيرتين في مطلع عقد الستينات وأواسطه، وانتهى هذا العقد بوفاة من قاد هذه المعارك التحرّرية، ومن أضاء في القرن العشرين شعلة العروبة. 
النّكسة الأولى، كانت بحقّ الجمهورية العربية المتحدة حيث قادت جماعة انفصالية في سوريا حركة الانفصال عن مصر يوم 28/ 9/ 1961، ثمَّ جاءت النّكسة الثانية يوم 5/ 6/1967 حيث جرت هزيمة حرب يونيو وما نتج عنها من متغيّرات كثيرة في مصر والمنطقة العربية. وفي النكستين، كان ناصر مثالاً في المسؤولية وفي الحرص على العروبة. فلقد رفض عبد الناصر استخدام القوّة العسكرية ضدَّ حركة الانفصال السورية رغم مشروعية وقانونية هذا الحق، ورغم أنّ دولاً عديدة استخدمت القوة العسكرية للحفاظ على وحدة كيانها السياسي.  
أمّا هزيمة عام 1967، فقد أعلن ناصر تحمّله المسؤولية الكاملة عنها واستقال من كلّ مناصبه الرسمية، ولم يعد عن هذه الإستقالة إلاّ بعد يومين من المسيرات الشعبية العارمة التي شملت مصر ومعظم البلاد العربية، ثمّ كانت هذه الهزيمة سبباً مهمّاً لإعادة النظر في السياسة العربية لمصر الناصرية، حيث وضع جمال عبد الناصر الأسس المتينة للتضامن العربي من أجل المعركة مع العدوِّ الإسرائيلي، وتجلّى ذلك في قمَّة الخرطوم عام 1967 وما تلاها من أولويةٍ أعطاها ناصر لإستراتيجية إزالة آثار عدوان 1967، وإسقاط كل القضايا الأخرى الفرعيّة بما فيها سحب القوات المصرية من اليمن، والتصالح مع الدول العربية كلّها، والسعي لتوظيف كل طاقات الأمّة من أجل إعادة تحرير الأراضي المحتلة. 
وكانت هذه السياسة المصرية هي سمة السنوات الثلاث التي تبعت حرب 1967 إلى حين وفاة عبد الناصر. فقد انطلقت هذه السياسة من قناعة بأنّ التحرّر من الاحتلال يقتضي أقصى درجات الوحدة الوطنية في الداخل، وأعلى درجات التضامن والتنسيق بين الدول العربية. وكان من دروس هزيمة 1967 وانفصال عام 1961، أنّ البناء الداخلي السليم وتحقيق المشاركة الشعبية الفعّالة في الحياة السياسية، هما الأساس للحفاظ على أي تجربة تكاملية بين البلاد العربية، وهما أيضاً الأرض الصلبة لقيادة حركة التحرّر من أيِّ احتلال أو هيمنة خارجية. لكن هذه الدروس الهامّة لم تعش طويلاً بعد وفاة ناصر، وهاهي الأمّة العربية الآن تعاني من انعدام التضامن العربي ومن الانقسامات والصراعات، ومن هشاشة البناء الداخلي في معظم البلاد العربية مما سهّل ويسهّل الهيمنة الخارجية على بعض أوطانها.
وهانحن الآن في الذكرى 63 لثورة 23 يوليو، نجد أنّ مصر تغيّرت، والمنطقة العربية تغيّرت، والعالم بأسره شهد ويشهد في عموم المجالات متغيّراتٍ جذرية.. لكن رغم كلِّ تلك المتغيّرات يستمرّ الحنين العربي إلى حقبة الكرامة والعزة والتوحّد، ويتواصل الأمل بعودة مصر إلى موقعها العربي الريادي الذي كرّسته "ثورة يوليو" ولم تتمّ بعدَ جمال عبد الناصر المحافظة عليه.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

بقايا ذاكرة مهشّمة/ الدكتور موفق ساوا

- سيدني

انا صرخة تخرج من وعي الطريق
وانا اجزاء تطايرت 
من  ذاكرة مهشّمة 
هكذا  كما جئت ُاو كما كنت ُ....
اجمع ما تيسر من بقايا ذاكرتي 
التي تهشمت على صخرة الترحال 
هكذا كما جئت ... 
في البداية حيث مصــيري
يكشف وجه ســري
اطلق اول صرخة ....
يتخشب جســـدي
فتهبط الشمس بقربي
والقمر يهدهد صرخاتي
منذ أول صرخة ....
وانت  يا أنا طفل غريب  ٍ
يـَبتلع رؤوس أصابعـَهُ
ويبصق على العالم
منذ اول صرخة ....
لامس قلبي هواء قريتي
وعندما نَـشرتُ أنفاسي 
في فضائها الساحرِ
لم ألمس لعبة خشبية...!  
احسستْ ان تلك القرية تمنحني
سرها الدافيء وانينها المستتر

صوتها ...
الذي هو الان صوتي
كان هويتي المسافرة
كان أول الدمع
كان اول العذاب
كان اول الدفء
حرارة  الشمس التي نزلت بقربي
كانت كحرارة حضن أ ُمي

منذ البدء 
وانا اشاكس حتى ملابسي
أتمرد على حروف اسمي 
ارفض القهر  وأعزف املي 
مثل نايٍ مجنون 
تطوق كل أطرافه الشجون
فعمذوني (بالماء )

زارني الصمت كحصان بريٍ اصيل
زارني الصمت كشراع ٍ أبيض
يعبر بعنفوان غريب موج البحر
به بدأت ُوبه أغلف جدران رئتي

رفضت ُأنْ تسرقَ مني الزهور
رفضتُ معونة الشتاء (والخاثر)
وابقى في طابور الايتام حائر
مُعـَبَّـئا بأطنان الاحزان
وها انا الان
اجمع بقايا عمري وذاكرة مهشّمة 
لأكـَورها كما جئتُ او كما كنتُ ....

اتدحرج ككرة الى ملعبِ قلبك ِ
الذي غادرني ...
او ربما،  غادرته دون ان اجري
لا أعلم ...!!
ضاعتْ مني كلّ التواريخ 
ضاعتْ مني تلك الصور الأزلية 
فتبعثر ذهني في أكياس خاوية
يدفنها النسيان

في غيابي
مزقتْ حبيبتي كتبي واوراقي
بوضح النهار
رمتها في (التنور)طعـما للنار 
خوفا على صغيرها العاشق المجنون 
الذي علمته هذه الاوراق
كيف يعشق وطنا شـُـنـِـقَ فيه النهار

ها انا الان
اجمع بقايا عمري
ابعثرها كما جئت او كما كنت ....
لأتـَدَحْـَرجْ في الغابات 
علني أفيق في شتاء الغربة القارص 
وحولي نار بابا كركر
او دفء ذكريات  محطة (كي ثري)

ها انا الان
اجمع بقايا عمري
كما جئت او كما كنت ....
لأرفع أذرعي  وألمس نجومكِ
أجيئُ اليك ِ طالبا ًالشفاءْ
لقوم  ٍصلبوا مَسيحَهم
وما زالوا يصلبوننا
كل صباح ٍ ومساءْ

ايران والغرب التخصيب الإقتصادي والسياسي/ عباس علي مراد

بعيداً عن آراء المؤيدين والمعارضين للإتفاق النووي الايراني ومجموعة الدول 5+1، هناك حقيقة ثابتة ان الإتفاق اصبح حقيقة وواقعاً ملموساً وهذا ما اراده الجميع من المفاوضات التي استمرت سنوات ووضعت على نار حامية خلال العامين الماضيين من اجل الوصول الى اتفاق الحد الأدنى او نقطة البداية والذي سيكون بصورة او بأخرى حجر الاساس لأتفاقيات متممة لا تقل اهمية.
رغم الخطاب العالي النبرة الذي رافق الأسابيع الأخيرة من المفاوضات والتهديد بالإنسحاب اوالعودة الى نقطة الصفر التي كانت جزءاً من عملية التفاوض وشد الحبال لتحقيق بعض المطالب هنا والتخفيف من بعض الشروط هناك فقد سيطرت البراغماتية على البعد العقائدي للمحادثات التي لحظت كل السناريوهات الحسنة والسيئة للتوقيع من عدم التوقيع.
ايرانياً، ما كانت ايران لتوقع اتفاق لا تريد الإلتزام به رغم الخطوط الحمراء التي وضعها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي وأهمها عدم تجميد الأنشطة النووية لمدة طويلة او تفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية وضرورة رفع العقوبات بعد توقيع الإتفاق وبحسب البنود الأساسية للإتفاق سوف سيستمر العمل بالبرنامج النووي الإيراني مع تخفيض نسبة اليورانيوم المنخفض التخصيب الى 300 كلغ خلال 15 عاماً، وتخفيض عدد اجهزة الطرد المركز من 19000 الى 5060 والتي ستوضع تحت مراقبة دولية دائمة، وينص الإتفاق ايضاً على آلية تفتيش لمواقع ايران النووية لمدة 25 عاماً وفي بعض الحالات بشكل دائم وبموجب الإتفاق يحق لإيران تأخير التفتيش لمدة 24 يوماً، بغض النظر عن المدة الزمنية تكون ايران قد حققت هدفها وهو اعتراف الغرب ببرنامجها النووي وسلميته لأنه وكما هو معروف فهناك حكم شرعي(فتوة) في ايران يحرّم صناعة القنبلة النووية.
من جهتتها مجموعة الدول 5 + 1 الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا والمانيا سعت الى توقيع الإتفاق ولكل دولة او لبعضها مجتمعة اعتبارات تتجاوز الشرق الاوسط ومشاكله.
اوروبياً، الدول الأوروبية عينها على الغاز والنفط الإيراني للتخلص من التحكّم الروسي بإمدادات الغاز للقارة العجوز، خصوصاً اذا ما كان النفط والغاز الإيراني ارخص سعراً بالإضافة الى امكانية الاستثمار في هذين القطاعين من قبل شركة النفط الاوروبية العملاقة التي كانت تلتزم العقوبات الدولية المفروضة على ايران، وقد بدى واضحاً تهافت المسؤولين الاوروبيين للإنفتاح على ايران وزيارتها وبهذا الإطار كان ملفتاً للنظر الصفعة التي وجهها وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنتقاداته الحادة للإتفاق النووي مع ايران عندما تساءل اي اتفاق تريد اسرائيل الجواب اسرائيل لا تريد اي اتفاق مع ايران، اسرائيل تريد المواجهة. وانا لا اعتقد ان ذلك يصّب في مصلحة المنطقة ولا اعتقد انه يصّب في مصلحتنا. روسيا والصين لهما اعتبارتهما وحساباتهما وعملتا على تشجيع توقيع الإتفاق وقد شكّلتا الضمانة لإيران رغم ما يشاع عن مخاوف روسية من تطور العلاقات الأميركية الإيرانية على حساب العلاقات مع روسيا، لكن السؤال البديهي هل من ارضية لهذه المخاوف  على المدى القريب والمتوسط خصوصاً ان ايران وروسيا ترتبطان بعلاقات عميقة وهناك حاجات متبادلة والجدير ذكره ان الفائض من اليورانيوم المخصب سوف يُنقل الى روسيا بالإضافة الى التقاطع في دعم الدولة والنظام في سوريا ومحاربتهما تنظيم داعش، هذا بالإضافة على ان روسيا ترغب بتصدير السلاح لإيران للتعويض عن الخسائر التي لحقت بالإقتصاد الروسي جراء انخفاض اسعار النفط وكذلك هناك طموح روسي للأسثمار في ايران.
الولايات المتحدة الأميركية اللاعب الأساسي والتي عملت على توقيع الإتفاق والتي خرج رئيسها باراك اوباما مدافعاً عنه حتى ان صرّح انه سيستعمل الفيتو الرئاسي في حال صوت الكونغرس على رفض الإتفاق رغم صعوبة حصول المحافظين على دعم 44 نائب ديمقراطي من اصل 188 للتصويت الى جانبهم لإبطال الفيتو.
كان الرئيس اوباما صريحاً في حديث الى نيويورك تايمز الاسبوع الماضي فقال: ان رغبتنا لإستمرار  الحصار لم تكن مطروحة، وعلينا ان ندرك ان ايران ليست وحدها تدفع تكلفة الحصار فهناك الصين، اليابان، كوريا الجنوبية والهند وغيرها من الدول التي كانت تعتمد على النفط الإيراني والذين وجدوا انفسهم في وضع يكلفهم مليارات الدورارات في حال استمرار الحصار.
وشدد اوباما على ان الإتفاق كان محدداً لمنع ايران من الحصول على القنبلة النووية وقال لنيويورك تايمز: نحن لا ننظر الى الإتفاق من منظار تغيير النظام داخل ايران او لحل كل المشاكل التي لإيران علاقة بها او لوقف كل النشاطات الإيرانية الشائنة حول العالم، لكنه عاد ورفع من لهجته وكأنه يريد تطمين الخائفين والمعترضين داخل اميركا وخارجها (المحافظين، اسرائيل والسعودية) حيث قال: مع احترامنا لإيران، انها حضارة عظيمة، لكن لديها نظام ثيوقراطي معاد لأميركا، معاد لإسرائيل وضد السامية، يتبنى الإرهاب وهناك من الفروقات الكبيرة بيننا وبينهم.
اذن، ادلى كل فريق بدلوه في الإتفاق لكن بداية لمرحلة تاريخية جديدة في منطقة الشرق الاوسط والعالم والتي قد تشكل البداية لمشوار التحولات السياسية الكبرى والتحالفات وترسيم مناطق النفوذ في منطقة بدأت بها عملية تخصيب الحلول الجغرافية والديمغرافية المخصبة بدماء أبنائها من العرب والمسلمين على وقع الإتفاق النووي الإيراني الغربي، وهناك نقطتان رئيسيتان لهما الأولوية، اولاً القضاء على داعش لما فيه  من مصلحة عالمية في ان تبدأ عملية التخصيب الإقتصادي والسياسي والتي بدأت بوادرها بالظهور كما اسلفنا حيث بدأ موسم الحج الى ايران من اجل الحصول على العقود التجارية المربحة، ثانياً حاجة الولايات المتحدة للتفرغ للهّم الصيني واحتواء الصين في جنوب شرق آسيا بالاضافة الى حاجة الرئيس اوباما لتحقيق انجاز بهذا المستوى ليدخل به التاريخ كما فعل في اعادة العلاقات مع كوبا وتطوير العلاقات مع فيتنام.
باختصار، من جهتها ايران تكون قد بدأت عملية العودة الى الأسرة الدولية بعد عزلة وحروب وحصار واعطت بيد واخذت باليد الاخرى حتى تكون لاعبا من ضمن القوى الاقليمية وتدخل في اتفاقية ويستفاليا التي وقعتها  عام الدول الاوربية1648 بعدما انهكتها الحروب القومية والدينية والتي شكلت الارضية لعالم اليوم رغم تجاوزها او خرقها بشكل فاضح احياناً، والتي من اهم مبادئها:
1- مبدأ السيادة المطلقة للدولة الوطنية وما يصاحبها من حق اساسي لتقرير المصير.
2- مبدأ المساواة القانونية بين الدول الوطنية، فأصغر دولة مساوية لأكبر دولة مهما بلغ ضعفها او قوتها،غناها او فقرها.
3- مبدأ الزامية المعاهدات بين الدول عالمياً، حيث طرحت معاهدة ويستفاليا لأول مرة فكرة  "القانون الدوالي" الملزم لكل الدول. 
4- مبدأ عدم التدخل من طرف دولة ما في الشؤون الداخلية.  
هنا قد يبدو ان المبدأ الثالث اكثر اهمية في عصر العولمة لما تلعبه مؤسسة الامم المتحدة ومجلس الامن رغم احتكار الدول الدائمة العضوية بحق النقض الفيتو في مجلس الامن والذي سيعرض عليه الاتفاق الايراني ومجموعة الدول 5+1 لأقراره واتخاذ قرارات برفع العقوبات عن ايران.

سدني استراليا

بمناسبة ثورة 14 تموز: لو قدر لي ان أكون/ يوحنا بيداويد

 لو قدر ان جميع العراقيين قرروا ان يسمحوا لي ان أجد حلول للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني الذي يعيشه العراق، لكنت قررت عشرة اهم تغيرات لإصلاح الواقع العراقي، ويعود من جديد شمس الحضارة تشرق على الأمم والشعوب بعدما اخرتهم التكنولوجيا الحديثة بتحقيق المنجزات العملية الناجحة بإخضاع الطبيعة تماما الى امكانياته بعد ان تخلص من عقدة الخوف التي كانت تجبره على عبادتها قبل بضعة الالاف سنين او التخلص من مفاهيم الأديان المغلقة على ذاتها حتى في الوقت الحاضر. وهذه اهم اهم التغيرات او القوانين التي كنت تقترح تشريعها:

1 يتم تدريس جميع الديانات والفلسفات لجميع الشعوب على ان تبدا من مرحلة المتوسطة وتنتهي في نهاية الإعدادية ويتم يترك الايمان كقضية شخصية او قرارا شخصيا بحتا.

2- كنت ابني جدارا مرتفعا اعلى من اسوار التي وضعها نبوخذنصر حول مدينة بابل العظيمة قبل 26 قرنا وسور الصين الكبير الطويل! بحيث لا يعبر فوقه غير الطيور، واتخلص من تدخل كل الجيران والأصدقاء في مقدمتهم الفرس وعرب الجزيرة واحفاد الدول بني عثمان، واطرد الدواعش خارج الحدود في بلاد الشام الى حيث أتوا، واغلق الأبواب امامهم فعل اهل مدينة الطروادة امام الاغريق القدماء.

3- اعمل على إزالة مفهوم القومية المبني على الاحداث التاريخية وحاجة الفرد للجماعة وانشر مفهوم المواطنة الصالحة الذي يغرس في الفرد الإخلاص وحب الوطن التعامل مع الاخرين على الكفاءة والاستحقاق بعيدا عن الرشوة والمفاهيم الجاهلية مثل القبلية والتعصب القومي الغريزي.

4- اضع ضمن المنهاج المدرسي دراسة موضوع الوطنية والمواطنة الصالحة كدرس أخلاقي أساسي (كما تفعل الدول الغربية بصورة غير مباشرة) مهم ويكون هناك تطبيق سنوي للمشاركة في بناء مشاريع تنموية للمجتمع ضمن العطلة الصيفية.

5- ازيل الأوراق النقدية من السوق، وابني نظام الكتروني قوي يتم تحويل الأموال بين الناس واضحا، بحيث تقضي على الاختلاس والرشوة واموال الفساد، لان جمع طرح الأرقام ستكون اوتوماتكية، يسهل تدقيقها كي لا تذهب 227 مليار في مشاريع وهمية مرة اخرى؟!

6- ادرس مادة الفلسفة كمادة أخرى اجبارية مع العلوم الأساسية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء والاحياء. لان في دراسة الفلسفة يتمعق وعي المواطن ويتطور ويطلع على القضايا المهمة في حياته ويستطيع يفهم ماهيتها وتقدير الاختلاف بينها.

7- نظام الاقتصاد يكون اشتراكي رأسمالي، هناك خدمات عامة مثل الرعاية الصحية والمدارس والجامعات والرعاية الاجتماعية كما هو النظام الأسترالي، مع وضع ضوابط مهم عدم تداول النقد باليد.

8- السياسيين يجب ان ينهوا الدراسات الجامعية في حقل القانون الدولي، والاقتصاد والفلسفة.

9- لن يكتب في الجنسية او هوية الأحوال المدنية أي شيء عن ديانته. بل يكون امر سري ومن يبوح بها تفرض عليه غرامية مالية عالية، لان هذا الشخص اناني يريد من يتحيز الى جانبه من المؤمنين بعقيدته او مذهبه، كل واحد يكتب وصيته ويدعها في بنك سري لا احدا يعلم به سوى شخص واحد قريب عليه.

10- في كل مدينة كنت أسس مكتبة عامة،  ويكون في كل يوم هناك محاضرة ثقافية لمختص في موضوع ما او احد العلوم او احد الفنون او أي مجال من مجالات الثقافة.

أسئلة ساخنة في رمضان لاهب/ كفاح محمود كريم

     لطالما طرقت أسماعنا توصيفات لشهر رمضان منذ أن كنا صغارا وإمام مسجدنا يقول انه شهر التراحم والتوبة والمحبة والمغفرة بين بني البشر المسلمين طبعا، وهي حقا توصيفات تطرب الأسماع وتطمئن الأرواح بما فيها من معان رفيعة تكتنز إن طبقت اسمي صور المحبة والتسامح والألفة والتكافل بين البشر، لكنها في واقع الحال تختلف كثيرا، وانا أتحدث عن بيئتنا لكي لا نذهب بعيدا إلى التعميم في كل أصقاع الدنيا التي يتواجد فيها المسلمين، ويزعل البعض منا في التعميم مدعيا إن بلاده أو مدينته مكة على عهد رسول الله (ص).

     حقيقة واحدة من ابرز ما تعاني منه مجتمعاتنا عموما، وخاصة تلك التي سادت وما تزال تسود فيها النظم السياسية والاجتماعية الشمولية، هي الازدواجية التي هي بحق الابنة الشرعية للنظم الدكتاتورية سواء السياسية أو الاجتماعية أو الدينية، وهي التي مسخت وشوهت هذه المجتمعات أفرادا وجماعات، فأنت لا تكاد تعرف منهم الحق من الباطل، ولا الأسود من الأبيض، حتى تظن إن الأكثرية تكذب أو تدعي أو تمثل أو تتقي الشر!

     وقد شهدنا خلال النصف قرن الأخير وتحديدا فترة ظهور الدكتاتوريات  الجمهورية في معظم بلدان الشرق الأوسط وخاصة هنا في العراق منذ إسقاط الملكية وإقامة الجمهورية وحتى يومنا هذا، تضاعف هذه المظاهر المتناقضة في أدق سلوكيات الفرد والجماعة، بل وفي أكثرها عقائدية فيما يتعلق بالعبادات وما تقتضيه من سلوك وتعامل وأخلاقيات، وفي طبيعة العلاقة مع الأنظمة ورموزها، كما كان يحصل مع الدكتاتور صدام حسين وقبله البكر والعارفين وقبلهم جميعا مع الزعيم الأوحد، والآلاف المؤلفة من كل الشرائح والطبقات دونما استثناء التي رقصت على كل حبال تلك الأنظمة ثم عادتها ولعنت سنسفيل الي خلفوها متحالفة مع من انقلب عليها وهكذا دواليك، حتى تم تشويه ومسخ أكثر الأمور قداسة وهي تلك العبادات التي يفترض بها أن تكون عاملا للمحبة والألفة والرحمة والتراحم والصدق والحلال في الأكل والشرب والربح والنية!

     إن البون الشاسع بين النظريات والتطبيق أمر مرعب ومخيف جدا، لا يتعلق فقط بالازدواجية بل بشيزوفرينيا الأفراد والمجتمعات وبشكل عدواني وعدائي رهيب، هذا البون الكبير أنتج اختلاف معقد بين ما نسمعه وما نشاهده من تفصيلات يومية لها علاقة في البنية الأساسية للعقيدة الفكرية والدينية والأخلاقية تدفعنا جميعا لكثير من الأسئلة وفي مقدمتها ما له علاقة بالبناء الأساسي للعقيدة ألا وهو الإيمان:

- في معظم بلداننا من القرية إلى العاصمة، ترتفع الأسعار بشكل جنوني قبل وخلال شهر الرحمة والتراحم والغفران؟
- وبنفس القياس وربما أكثر قبل العيد أيضا؟ فهل لهذا أي علاقة بتوصيفات شهر رمضان وأخلاقياته المفترضة، وهو ركن أساسي من أركان الدين؟
- هل فعلا التوبة محصورة في شهر واحد من السنة أي في رمضان، وهل الصوم عادة أم عبادة لدى أولئك الذين يمتنعون عن المحرمات المفترضة فقط في شهر رمضان؟؟
- بنفس القياس هل تعقل الصلاة في رمضان فقط وتترك بقية أيام السنة، أو أن تختصر في أيام الجمع والأعياد!؟
- هل فعلا إن الصلاة تمنع الكثير من هؤلاء عن الفحشاء والمنكر والاستغلال والنفاق والكذب والتدليس وانتهاز الفرص؟

     والأسئلة كثيرة تلك التي تنتجها حالات الاختلاف بين النص والتطبيق وتؤشر الخلل الكبير في البنية الأساسية لكثير من الممارسات السياسية والاجتماعية والدينية وحتى الأخلاقية، فكلما توغلنا فيها أكثر أدركنا حقيقة  التخلف المرعب لمجتمعاتنا ودولنا، وأسباب هذا التناحر البدائي والتقهقر المتوارث عبر الأجيال.
kmkinfo@gmail.com



خلية أزمة لمتابعة تقليصات الأونروا/ علي هويدي

يبدو أن لا حدود أو خطوط حمراء لتقليصات  "الأونروا" التي بدأت وبشكل غير مسبوق مع إعلان المفوض العام للوكالة بيير كرينبول بتاريخ 14/5/2015 عن حالة تقشف حاد ستطال الوكالة نتيجة العجز في الموازنة، وبدأ التطبيق مباشرة مع المؤتمر الصحفي الذي عقده مدير عام "الأونروا" في لبنان ماثياس سيكمالي بتاريخ 15/5/2015 بالإعلان عن توقيف دفع مبلغ مائة دولار بدل إيواء للاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا الى لبنان ابتداءً من تموز/يوليو 2015 وهو ما حصل بالفعل.. فدوران كرة ثلج التقليصات وصلت إلى مرحلة إحتمال أن يبدأ العام الدراسي في مطلع شهر كانون الثاني/يناير 2016 بدل أيلول/سبتمبر 2015 في خطوة وإجراء تاريخي في عمل الوكالة منذ أن تأسست في العام 1949 بأن يبدأ العام الدراسي بعد ثلاثة أشهر من الوقت المحدد والمعتمد في مدارس الوكالة في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة باستثناء أوقات الطوارئ.. والحديث يدور عن اضطرار الوكالة لاستيعاب 50 طالباً في الصف الواحد بدل 45 طالب..!

وقد زاد الطين بلة، بأن دعت "الأونروا" موظفيها إلى التقاعد المبكر لمن يرغب، والتلميح بعدم دفع رواتب موظفي التعليم في الوكالة لثلاثة أشهر، تشرين أول وتشرين ثاني وكانون أول 2015 كذلك في خطوة غير مسبوقة... وكرة الثلج هذه تكبر يوماً بعد يوم.. وللأسف دون حراك جدي وفاعل يرتقي لمستوى الحدث، سواء في مناطق عمليات "الأونروا" أو غيرها من الدول العربية والإسلامية والغربية سواءً على المستوى الأهلي أو الرسمي..!

وتيرة تقليصات "الأونروا" المتسارعة والمتصاعدة لا سيما قسم التعليم والذي تخصص له الوكالة النسبة الأكبر من ميزانيتها (أكثر من 50%)، سينعكس وبشكل مباشر على 479.512 طالب وطالبة حسب إحصاء الوكالة بتاريخ الأول من تموز/يوليو 2014، وسينعكس كذلك على 22.646 موظف تعليم (مدراء وأساتذة وموجِّهين وعمَّال خدمات..)  وعلى ما يزيد عن 626 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية تديرها الوكالة من المحتمل إغلاقها، وسينعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية والنفسية للاجئين الفلسطينيين التي هي بالأصل صعبة مع ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع نسبة الأمية التي وصلت في لبنان في العام 2008 الى 25.5%، وسينعكس على مستقبل الطلاب بالتجهيل والتسبب بالمزيد من عمالة الأطفال وحالات التسرب والإستغلال نتيجة الفقر والعوز، وهذا سيؤدي الى المزيد من المشاكل الإجتماعية والأمنية في أوساط اللاجئين لا سيما في مخيمات وتجمعات لبنان..!

تدعو إتفاقية حقوق الطفل للعام 1989 المادة 28 والتي وقع عليها معظم دول العالم إلى حق الطفل بالتعليم، وهذا ينطبق على جميع الأطفال بغض النظر عن اللون أو الجنس أو المعتقد وبالأوضاع الطبيعية، فكيف والحال مع أطفال اللاجئين الفلسطينيين المحرومين من حقوقهم المشروعة منذ أكثر من 67 سنة هي عمر النكبة، لذلك يجب تفعيل إتفاق الشراكة القائم بين وكالة "الأونروا" ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو" منذ العام 1950 والقاضي بالدعم الدائم للعملية التعليمية للوكالة..!

قالها صراحة المدير العام للأونروا في لبنان وبتاريخ 12/6/2015 ودون مواربة بأن "أسباباَ سياسية تقف وراء عدم إلتزام الدول المانحة بتقديم مساعداتها للوكالة". وطالما أن الأسباب سياسية إذاً التحرك من المفترض أن يكون بالدرجة الأولى سياسياً تقوده منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والفصائل مجتمعة ومعها بشكل رئيسي تمثيل رسمي وشعبي لمناطق عمليات "الأونروا" الخمسة وخبراء كخلية أزمة دائمة الإنعقاد للتواصل والتنسيق مع "الأونروا" والدول المانحة.. واتخاذ ما يلزم من إجراءات تبعاً للتطورات.. يساند هذا الحراك السياسي حراك ضاغط مدني سلمي أهلي جدي غير تقليدي وغير عشوائي، لا سيما من قبل اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات والمناطق..!

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني


ثنائية الوطن والمنفى مراسلات شعرية بين الشاعر احمد الياسري والشاعر معن غالب سباح

بين استراليا والوطن يقف شاعر مغترب وآخر في العراق ليرسما لنا هذه اللوحة الثنائية من التجليات الانسانية المفعمة بالحنين بقصيدتين عموديتين ارسل الاولى من الغربة الشاعر احمد الياسري ورد عليه الشاعر العراقي  معن غالب سباح بقصيدة عمودية بنفس الوزن والقافية فكانت ملحمة للحنين والالم ... 
  
 ( خلف قضبان المنفى ) 
الشاعر احمد الياسري 
استراليا / سدني
توارتْ خلفَ غربِتنا الأماني
وماتتْ في قصائدِنا المعاني

 أُشيُّعُ من لساني كلَ حرفٍ.  
فيحكي دُونَ  ان يحكي لساني 

فقدْ غادرتُ أمكنتي  وشعري 
وَلَكِنْ  لم  يغادرني  مكاني

على مضضِ اغترابٍ صرت أمشي
ولا ادري أ أ رجع ( يا شباني ) 

أرى عمري يمرُ امامَ عيني 
فأتبعهُ  ولكن  لا  يراني

كأن البعدَ  في منفاي سحرٌ   
يحوّلُ  كلَ   أعوامي    ثواني

وان السحر في وجعي وخمري  
هو السحر الفصيح من البيانٍ 

على  وترِ  الفراقِ   انا  نزيفٌ
من  الألحانِ  تنزفهُ  الأغاني

   كأن القلبـَ  من حجرٍ  ولكن
هو الحجرُ العقيقي  اليماني
...........................

( صبور القلب ) 
للشاعر معن غالب سباح 
العراق / الديوانية 

عظيمات الخطوب دهت كياني 
وأيقظت الجديد بما أعاني 

صبور القلب في وطن أراه 
برغم جراحه الق الزمان 

يكاد الهم يطويني اذا ما 
ظننت العمر يمضي بالأماني 

فأصبر من لظى وطني لأَنِّي
لبست  جراحه  كالطيلسانِ

وما غادرته يوما وإلا 
طلوع الروح اهون للشباني 

( أأحمد)  أيها المجبول حبا 
تعال وعبّ من وطن يعاني 

ورغم عنائه يبقى جميلاً
وأجمل من رخيات الجنان 

الجامعة العربية لن تضيف شيئا للرباعية الدولية/ نقولا ناصر

(ضم الجامعة العربية أو دول منها للرباعية الدولية سوف يضفي شرعية دولية على دورها كوسيط في الصراع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي المفترض ان الجامعة طرف رئيسي فيه)


تزايدت مؤخرا الدعوات إلى توسيع مظلة "الرباعية الدولية" التي تتوسط في الصراع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة بإضافة جامعة الدول العربية وغيرها إليها، ما يثير التساؤل عن دور الجامعة العربية والرباعية كلتيهما وعن جدواهما وعما إذا كان انضمام الجامعة للرباعية سوف يمثل أي إضافة نوعية لها تخرج "الرباعية" من دائرة الفشل المغلقة التي تدور فيها منذ إنشئت بهدف إجهاض الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) والالتفاف عليها.

ويتضح الهدف من إنشاء الرباعية الدولية بالتزامن بين إنشائها وتبنيها ل"خريطة الطريق" التي استهدفت "تغيير النظام" السياسي الفلسطيني وبين تبني قمة الجامعة العربية في بيروت لمبادرة السلام العربية وبين اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي لمناطق سلطة الحكم الإداري الذاتي الفلسطينية ومحاصرة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مقره بالمقاطعة في رام الله.

فكل ذلك حدث عام 2002 وقاد إلى استشهاد عرفات وإجهاض الانتفاضة وتغيير النظام الفلسطيني وحكومة سلام فياض التي أخذت على عاتقها تصفية كل من كانت له علاقة ب"الثورة" و"الكفاح المسلح" و"الانتفاضة" بإحالتهم إلى "التقاعد" كثمن لإعادة إطلاق "عملية السلام" عبر سلسلة من المفاوضات الفاشلة المباشرة وغير المباشرة خصوصا منذ مؤتمر أنابوليس عام 2007.

وقد باركت الجامعة العربية إنشاء "الرباعية" وخريطة طريقها و"تغيير النظام" الفلسطيني الذي انبثق عنها، والتزمت حتى الآن بمبادرة السلام العربية، ولم تفعل شيئا في مواجهة الاجتياح العسكري العدواني لمناطق "السلطة الفلسطينية" في الضفة الغربية المحتلة عام 2002 ولا في مواجهة سلسلة الاعتداءات العسكرية على المقاومة في قطاع غزة منذ عام 2008، وشاركت وباركت سلسلة المفاوضات التي تتالت بعد ذلك وكذلك سلسلة الإجراءات الفلسطينية ب"التنسيق الأمني" مع دولة الاحتلال والتي استهدفت تصفية "المقاومة" في الضفة الغربية ومحاصرتها في قطاع غزة، ما قاد إلى الانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية عام 2006 وخلق البيئة الموضوعية للانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني الراهن.

إن انضمام مثل "هذه" الجامعة العربية العاجزة والمستكينة لإملاءات الاستراتيجية الأميركية في المنطقة للرباعية الدولية لن يمثل أي إضافة نوعية لها ولدورها وسوف يعزز فقط هيمنة الولايات المتحدة عليها ولن يقوي الأعضاء الثلاثة الاخرين المشلولين فيها وسوف يقود على الأرجح إلى تعيين نسخة أخرى من توني بلير كممثل لها لضمان استمرار فشلها لسنوات اخرى مقبلة. 

لقد شارك الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في مؤتمر عنوانه "الجهود الدولية لتحقيق حل الدولتين" استضافته موسكو لمدة يومين في الأول والثاني من الشهر الجاري برعاية لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شارك فيه ممثل لمنظمة التعاون الإسلامي ولحزب "ميرتس" من دولة الاحتلال، بهدف بحث إحياء دور الرباعية الدولية بعد استقالة ممثلها توني بلير في السابع والعشرين من أيار/مايو الماضي، وتوسيعها، وتنفيذ "مبادرة السلام العربية"، واستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي  يحدد إطارا زمنيا لحل الصراع في فلسطين، وعقد مؤتمر دولي لهذا الغرض.

وقال العربي في المؤتمر إن الرباعية الدولية لم تحقق أي نجاح منذ تأسيسها لكنه لم يوضح كيف سيقود توسيعها، عربيا بخاصة، إلى مدّها بعوامل قوة تقودها إلى النجاح في ما فشلت فيه حتى الآن.

وللغرض ذاته ايضا قال ممثل منظمة التعاون الإسلامي، مساعد الأمين العام لشؤون فلسطين سمير بكر، إن "فريق اتصال" من المنظمة "على مستوى وزاري قد بدأ العمل فعلا مع الرباعية لإضافة عناصر تقوّيها" من أجل إحراز تقدم في عملية السلام و"حل الطريق المسدود" الذي وصلته. واقتراح انضمام الجامعة العربية للرباعية هو أحد "عناصر" تقوية الرباعية.

وفي هذا السياق، جاء اقتراح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مؤخرا بتأليف لجنة دولية جديدة تكون الجامعة العربية جزءا منها، على سبيل المثال بإضافة الجامعة العربية أو دول منها إلى الرباعية الدولية. وقد أيد نظيره الألماني فرانك شتاينماير توسيع الرباعية من دون تحديد.

على هامش مؤتمر موسكو المذكور، وصف وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي الدعوة إلى "توسيع" الرباعية بأنها مطلب "محق" و"مستحق" منذ سنوات، وشملت اقتراحات التوسيع ضم الصين واليابان والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا والجامعة العربية، وهو ما زالت الولايات المتحدة ترفضه حتى الآن، لكن منظمة التحرير الفلسطينية ما زالت بانتظار وضع هذا المطلب على جدول اعمال لجنتها التنفيذية أو غيرها من مؤسساتها.

يوم الثلاثاء الماضي أعلن رياض المالكي أن فرنسا "تراجعت" عن محاولتها تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي لاستئناف مفاوضات السلام نتيجة "ضغوط اميركية وإسرائيلية"، وهذا مؤشر سلبي للمحاولات الجارية للتوجه إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار من مجلس الأمن يستبدل الاحتكار الأميركي لملف المفاوضات برعاية أممية لها.

لقد شل الاحتكار الأميركي لرعاية عملية  السلام ومفاوضاتها أي دور للرباعية وهمش أدوار الأعضاء الثلاث الاخرين فيها (الاتحادان الأوروبي والروسي والأمم المتحدة)، بحيث تحولوا إلى مجرد "شهود زور" يتحملون وزر فشلها بقدر ما يتحمله احتكار الولايات المتحدة لملف المفاوضات، وربما تكون مبادرة هؤلاء الأعضاء إلى تفعيل أدوارهم فيها أجدى لإحياء دور الرباعية من توسيعها بضم الجامعة العربية إليها.

إن ضم الجامعة العربية للرباعية الدولية سوف يضفي شرعية دولية على دورها كوسيط في الصراع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي المفترض ان الجامعة طرف رئيسي فيه، فقد انشت الرباعية أصلا للتوسط في هذا الصراع ولتسهيل التفاوض بين طرفيه على حل سلمي له من المفترض فلسطينيا أن تكون الجامعة العربية ودولها الأعضاء مصطفة إلى جانب القضية الفلسطينية وعدالتها لا طرفا وسيطا فيها.

كما أن انضمام الجامعة العربية أو دول منها للرباعية سوف يوفر إطارا دوليا يسوغ لدول الجامعة التي تتعامل مع دولة الاحتلال "تحت الطاولة" الان أن تتعامل معها علنا تحت مظلة شرعية دولية.

أي أن انضمامها للرباعية سوف يتحول إلى طريق مفتوحة للتطبيع المجاني المسبق مع دولة الاحتلال قبل ان تفي الأخيرة باستحقاقات مبادرة السلام التي ما زالت الجامعة العربية تجمع على استمرار الالتزام بها.

غير أن "نفض الغبار" عن الرباعية وكل اللغط الدبلوماسي والإعلامي الدائر عن توسيع عضويتها ودورها مثله مثل "مشروع القرار الفرنسي" الذي تم "التراجع" عنه وغيره من المبادرات الأوروبية وكذلك مؤتمر موسكو الذي رعته الأمم المتحدة إنما تندرج جميعها في إطار اللعب في الوقت الضائع الناجم عن شلل وفشل الرعاية الأميركية ل"عملية السلام" التي ما تزال مرتهنة لاحتكار الولايات المتحدة وهيمنتها عليها ولشروط دولة الاحتلال التي فرضتها كشروط للرباعية.

وعلى الأرجح سوف يظل تحريك عملية سلام عادلة تنهي الاحتلال وتحقق للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف بانتطار تفعيل أدوار أقطاب دوليين مثل روسيا والصين ضمن الرباعية وخارجها ترقى إلى دوريهما في الأزمة السورية.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

أهم سلبيات قانون مكافحة الارهاب المصرى الجديد/ د.أحمد غالب

ان مشروع القانون الحالى الذى أعده مجلس الوزراء ووافقت عليه رئاسة الجمهورية يهدر حقوقا أساسية في التقاضي وحقوق الدفاع و يشكل اعتداءا سافرا على الدستور وأحكام المحكمة الدستورية العليا، ويقوض ما بقي من النظام القضائي المصري  و يكرس لحالة طوارئ غير معلنة وغير محددة المدة ويؤسس لنظام قضائي استثنائي .
"ان تطبيق هذا القانون سيسهل قمع طيف واسع من الحقوق والحريات، مثل؛ حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وحق تشكيل الجمعيات،
ان هذا القانون تضمن مواد كثيرة إما مخالفة للدستور أو مخالفة لأحكام المحكمة الدستورية العليا و تمس بالحقوق والحريات دون تحقيق الغرض الأساسي من القانون بمكافحة الإرهاب.
 كما ان  مواد هذا القانون بها  صياغات مطاطة تسمح للسلطة التنفيذية بإمكانات واسعة للعصف بالحقوق والحريات الدستورية ليس فقط للإرهابيين ولكن للمعارضة السياسية والمواطنين العاديين.
من أهم المواد المخالفة
هى المادة الأولى الخاصة بالتعريفات والتى تم استخدام الصياغات المرنة غير المنضبطة في التجريم بالأوصاف وليس بالأفعال، مثل عبارات الترويع والتهديد بما يخالف ما سبق وأقرته المحكمة الدستورية العليا أكثر من مرة حول ضرورة أن يكون تعريف الجريمة متسمًا بالدقة منعًا لتعسف السلطة التنفيذية فى استخدام تلك التعريفات.
أيضا المادة الرابعة من القانون فى فقرتها الثانية، جرمت الاتفاق الجنائي ولو لم يؤد لجريمة وسبق للمحكمة الدستورية العليا أيضا أن قضت بعدم دستورية ذلك.
المادة السادسة فهى تعطى لرجال الشرطة حق استخدام القوة عند اللزوم وهذا تكرار لمبادئ مستقر عليها فى قانون العقوبات ضمن حق الدفاع الشرعى عن النفس وهو أمر مستقر قانونًا وقضاءً ولم يكن هناك داع لهذه المادة، ولكنها هدفت لاستمالة رضاء قطاعات غاضبة من الشرطة لما حدث فى 25 و28 يناير".
المادة 16 و التى  اعتبرت أن من عناصر الركن المادى للجريمة الإرهابية أفعال مثل الترويع والدعوة لقلب نظام الحكم وتغيير الدستور، ماهى الا نصوص منقولة من تعديلات حكومات الأقليات فى الماضى وتتنافى مع مبدأ الشرعية فى التشريعات الديمقراطية.
ان خطورة الصياغات المطاطة مثل استخدام عبارات "السلام الاجتماعى"، "النظام العام" فى تعريف الجريمة تجعل مواد 26، 27 تمثل اعتداءً صريحا على حرية الرأى والتعبير فى ظل تجريمها للنشر على الوسائل الإلكترونية بصياغتها الحالية.
المادة 33 تعد من أخطر مواد القانون لكونها تعصف بحرية الصحافة عصفًا كاملاً إذ تعاقب بالحبس الوجوبي لعامين على نشر ما يخالف البيانات الرسمية على افتراض أن تلك البيانات تقول الحقيقية ولكن خبرة المصريين مع البيانات الرسمية ترى أنها إن لم تكن تخالف الحقيقية، فإنها تقول جزءا منها ولا تعلنها كاملة وهذه المادة مخالفة للمادة 71 من الدستور التى تحظر العقوبات المقيدة للحرية فى قضايا النشر".
المادة 38 تعطى الشرطة سلطة التحفظ على المتهمين بما يسمح للشرطة بالقبض على المواطنين دون استئذان النيابة العامة فى غير حالة التلبس، ويجب أن تكلف النيابة العامة بزيارات مفاجئة ومتقاربة للمحتجزين المتحفظ عليهم مع إضافة نص لتحديد حد أقصى لمدة التحفظ.
المادة 44 تجيز لتسجيل المكالمات التليفونية والرسائل دون إذن قضائي بالمخالفة لما نص عليه الدستور
المادة 54 فهى مادة "غريبة من نوعها تعكس مكرًا ودهاءً من المشرع" لكونها أعطت رئيس الجمهورية كل السلطات المقررة فى قانون الطوارئ دون إعلان حالة الطوارئ ودون التقيد بالضوابط الدستورية لإعلان الطوارئ، فهى تحايلا فجا على الدستور ومخالفة لقواعده.

أستاذ قانون بجامعة برلين.ألماني

لبنان: فشل جمهورية/ ترايسي داني شمعون

"نعيش في نظام برلماني حيث التركيز يجب أن يكون على كيفية بناء الثقة بين الأفرقاء بدل من جمهرة الناس".

لا شيء يحجب الرؤية الحالية عن لبنان. هو بوضوح جمهورية فاشلة. لكن رغم وضوح الرؤية هذا، الفشل ليس نتيجة حدث مفاجئ من هنا أو هناك، بل نتيجة لتراكمات كثيرة.

لكن هناك ما هو أبعد من ذلك؛ لا يمكن حصر الرئاسة بمرشحين سيجعلهم تاريخهم يقفون عند طرف واحد، فعلى الرئيس أن يجمع ويوحد الأمة بدل من تقسيمها. الإدعاء بأن المطلوب هو "رئيس قوي" في غير محله خصوصاً في نظام برلماني حيث التركيز يجب أن يكون على كيفية بناء الثقة بين الأفرقاء بدل من جمهرة الناس.

أزمة تلو الأخرى، وكارثة تجر كارثة! بدءًا بالإقتصاد حيث كل الإستثمارات معلقة نتيجةً لإختلال نمط عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، اضافةً إلى العبء الكبير المتمثل بمسألة اللجوء السوري ومقاربته العرجاء من قبل المعنيين! كثر الحديث عن إمكانية حل الحكومة. هذا أيضاً نتيجة الفراغ الرئاسي ونتيجة تجزئة صلاحيات الرئيس على 24 وزير! إن ترميم الديمقراطية من خلال إنتخاب رئيس للجمهورية هو السبيل الوحيد لإنهاء الشلل الحالي يليه فوراً إنتخابات نيابية على أساس قانون جديد...

إذا اردنا أن نحلل تبعات الجمود الرئاسي، بعيداً عن خصوصيات بعض أنصار الكرسي، ترانا نجد قضايا أساسية يجب معالجتها، لكنها للأسف، أصبحت شبيهة بمصطلح "الفيل داخل الغرفة" الذي يراه الجميع لكن لا أحد يريد فتح سيرته! هذا "الفيل" موجود منذ عدة سنين وتفسيره في واقعنا اللبناني هو التالي: عدم الثقة بين المكون الشيعي والسني؛ فالمشكلة عند السنة هي سلاح حزب الله وإمكانياته، والمشكلة عند الشيعة هي المخاطر التكفيرية. وما كان من تمدد التطرف في المنطقة جراء الحرب في سوريا وتورط الجهتان فيها إلا العامل الذي جعل الراحة بينهما مفقودة.

لنكن واقعيين؛ حزب الله لن يتراجع عن إلتزامه في الدفاع عن النظام في سوريا لعدة أسباب منها إستراتيجية ووجودية. في المقابل، لا يزال المجتمع السني يعيش هاجس أحداث 7 ايار، ما يجعله غير قادر على المصالحة مع سلاح حزب الله المقاوم ويعتبره تهديداً للداخل اللبناني.

برأيي، الطريقة الوحيدة لإنتخاب رئيس للجمهورية هي أن يوقف الطرفان (أي السنة والشيعة) مسعاهما لإنتخاب بطل يدافع عن قضيتهما، بل السعي إلى إنتخاب شخص يعمل على مقاربة هواجسهما معا ويعمل على التوفيق بينهما؛ فيشعر حزب الله أنه محاط ومدعوم في هذه المرحلة الصعبة وفي قضيته النبيلة وهي مقاومة العدو الإسرائيلي، ويشعرالطرف السني أن حزب الله لن يستعمل قواه العسكرية ضده. إن النية لإيجاد حل عملي لهذا الإختلاف يجب أن يكون جزء من خطة إنعاش الرئيس العتيد.

إن أي مرشح رئاسي يمثل نقطة تحول لجهة على حساب جهة أخرى، غير مرغوب فيه وفي ترشيحه، لا بل هو جزء من المشكلة لا من الحل.

الرئيس المسيحي المطلوب هو الذي يفهم تلك المعوقات السلبية ويعمل من موقعه كقوة وساطة بين الجهتين وكجسر أمان بينهما، من خلال الإعتراف بهواجس كلا من الطرفين. أسمي هذا: "رئيس عادل".

لنأمل اننا نستطيع أن نتواصل ونتكلم مع "الفيل" الموجود في الغرفة اللبنانية ونستبدله برئيس عادل لكل اللبنانيين، لأن لبنان بلا رئيس جمهورية فاشلة!
                                                             
* رئيسة حزب "الديمقراطيون الأحرار"