الفيتو الامريكي الاخير الذي أسقط في مجلس الامن مشروع ادانة اسرائيل لاستمرارها في استيطان بلادنا..حلقة في سلسلة طويلة من السياسات الامريكية المعادية لاحلام وتطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
لطمة أخرى..وخيبة أخرى .. وتسفيه آخر لاحلامنا وحقوقنا الشرعية يستدعي العضب.
ويسألون لماذا العرب يكرهوننا..يسألون كالحمقى وهم يجرّعوننا كؤوس المرارة والقهر مع كل تفوّه وقرار يقدمون عليه بشأن حياتنا ومستقبلنا في وطننا التاريخي.
كنّا قد صدقنا ان الولايات المتحدة الامريكية تريد ان تتغيّر مع بروز نجم باراك اوباما كمرشح رئاسي عن الحزب الديمقراطي. وصدّق معنا الكثيرون في العالم في ان الولايات المتحدة تريد الاتجاه نحو العمل من أجل السلام، بعد الحروب المدمّرة التي قادها الحزب الجمهوري بقيادة الاخرق بوش..حتى هبطت جائزة "نوبل للسلام" الى حضن اوباما في بداية عهده، من دون ان يعمل شيئا للسلام. بيد ان الفشل ظل يلاحقه بسبب تعنّت اليمين المتطرف الحاكم في دولة الكيان الصهيوني وتمنّعه بالاستجابة الى أدنى شروط وقواعد السلام، مما حدا مؤخرا بالجانب الفلسطيني وحسب الاصول المتبعة دوليا الى رفع مشروع لمجلس الامن الدولي لادانة اسرائيل ووضعها امام مسؤولياتها تجاه خرقها المستمر والمستهتر بالقوانين الدولية..وقد أسقطت الولايات العظمى المشروع بضربة "فيتو" لصالح السياسات الاسرائيلية الاستيطانية.
كم من "فيتو" امريكي أضر بالقضية الفلسطينية، وألحق الاذى بالشعب الفلسطيني... وتتعمّد الولايات المتحدة تاريخيا بانتهاج سياسات ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وانحيازها الدائم والاعمى الى جانب الكيان الصهيوني بحيث ان لم يمت الفلسطيني والعربي بالسلاح الامريكي المقدّم كهدية الى اسرائيل، يموت كمدا وقهرا من السياسات الامريكية التي لم تمارسها الادارات المتعاقبة في اي يوم من الايام بشكل حضاري وبما يليق بدولة عظمى.
كانت السياسات الامريكية دائما وعلى طول الخط بشأن تعاطيها مع قضايا المنطقة العربية، سياسات مملوءة بالكراهية والعنجهية وذات وجه قبيح يتّسم بالوحشية.. كانت كأي طغاة في التاريخ يمارسون الجرائم بحق الانسانية وبما يجعل شعارات امريكا التي تنادي بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان شعارات فارغة المضمون ومتعفّنة.. وربما الوحشية الامريكية تظل الأشد فتكا بأبناء الشعوب الفقيرة في التاريخ لأنها تمضي بنظام ممنهج ومخادع، لا يلتفت الى صداقة الشعوب الا من باب تحقيق المصالح الامريكية.حيث يشهد تاريخ المنطقة العربية ان العلاقات الامريكية مع النظام العربي الرسمي ما كان يقوم الا على العمالة وليس على الصداقة..وعلى ما يبدو ان الادارة الامريكية قد ثقل فهمها ولم تستوعب فحوى دروس انتفاضات الشعوب العربية على حكامها المرتبطون بالمشاريع الامريكية.
ولأن امريكا لا تستمع الا الى بطشها وقوتها كأي وحش لا يتمتع بالهام العقل، فأن حق النقض ضد ادانة اسرائيل لن يكون الاخير، وهي ستمضي في دعم الاحتلال الاسرائيلي لأرضنا والتدخل في شؤون حياتنا ومستقبلنا.
وعلى قدر ما يمنح هذا "الفيتو" الانتصار لاسرائيل، فهو يوصم الولايات المتحدة الامريكية بالخزي والعار.
وكي لا تظل البشرية رهينة البطش والقوة التي بيد الطواغيت، ولكي تنتصر هذه البشرية حقا لحضارتها وتطوّرها، عليها ازالة نظام الفيتو الظالم من أعمال مجلس الامن كي لا يظل أداة لقهر الشعوب الضعيفة وسببا للضغط والتهديد.
كاتب فلسطيني-مدير موقع الوان عربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق