لبنان معسكر إيراني يحكمه حزب الله/ الياس بجاني

من المؤسف جداً أن لبنان الرسالة والقداسة والحضارة والحريات أصبح معسكراً إيرانياً وخزاناً بشرياً لمشروع ملالي طهران الأصولي والتوسعي والاستعماري على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وذلك بنتيجة غباء وسطحية وجهل وجحود ووثنية وجشع السياسة الغربية وتحديداً الأميركية والأوربية منها، وبسبب تردد وازدواجية ورمادية مواقف الدول العربية، معطوفة على ممارسات ومواقف وعقلية وثقافة طاقم سياسي لبناني بأغلبيته الساحقة أكروباتي وعفن تربى على تبن المعالف السورية وأدمن التسكع على أبواب السفارات العربية والأجنبية ولم تكن في يوم من الأيام هموم وكرامة الشعب اللبناني وسيادة واستقلال وحرية وطن الأرز في سُلُم أولوياته.
بسبب أنانيته القاتلة وعلى خلفية عبادته المال والنفوذ أفرغ الطاقم السياسي اللبناني الحربائي ثورة الأرز المجيدة من أهدافها الوطنية والنبيلة، وكفر بدماء وتضحيات الشهداء الأبرار، وسرق هذه الثورة من الشعب، وبدأ بانتهازية فاقعة وانبطاح معيب سلسلة من التنازلات القاتلة منذ اليوم الأول لخروج الجيش السوري المحتل والنازي من لبنان سنة 2005 .
باكورة هذه التنازلات الغبية كانت في دخول هذا الطاقم الحلف الرباعي مع حزب الله وحركة أمل في انتخابات 2005 ، ومن ثم قبوله الغبي إشراك حزب الله في كل الحكومات التي شُكِلت في ظل الاستقلال الثاني والموافقة دون مقابل على تشريع سلاحه ودويلته ونفوذه في بياناتها كافة، وكانت قمة التنازلات هذه بتخاذل القبول سنة 2011 بمبدأ المقايضة على المحكمة الدولية من خلال ما عُرِّف بمبادرة ال "س س"، الفخ والشرك كما تبين الشهر الماضي من خلال بنود الأوراق التي كان التفاوض يجري على أساسها.
بعد أن تنازل الطاقم المفكك إياه حتى عن ورقة التوت وأمسى عارياً وضعيفاً ومهمشاًً وقابلاً للاختراقات تصلب محور الشر السوري الإيراني ورفض قبول كل التنازلات الكبيرة المقدمة له على طبق من فضة بما فيها فك ارتباط لبنان بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتوهم أن الفرصة مؤتية للانقضاض على البلد ككل واستلام حكمه بالكامل.
هنا أوعز "محور الشر" لجيشه في لبنان المسمى "حزب الله" ولجماعات المرتزقة التابعين له من "العونيين" "والبريين" وتجار المقاومة "ومقاطعجية" التحرير والعروبة وباقي الأتباع من الصنوج والأبواق والمداحين والقداحين بالأجرة، أوعز لهم جميعاً من خلال فرمان عاجل الهجوم الصاعق سياسياً وعسكرياً وإعلامياً وطرد جماعة 14 آذار من الحكم وسرقة الأكثرية النيابية منهم بالقوة والبلطجة.
فوراً قام كل فريق من ربع 8 آذار بالدور المرسوم له طبقاً للخطة الإيرانية السورية الانقلابية. بداية تم الضغط على الرئيس ميشال سليمان محلياً وسورياً وإيرانياً وقطرياً وتركياً لتأجيل عملية الاستشارات لمدة أسبوع، ومن ثم بدأ التنفيذ الإرهابي على الأرض بترويع النائب وليد جنبلاط عسكرياً من خلال انفلاش عناصر حزب الله بقمصانهم السود في بلدة القماطية، قضاء عاليه، وعلى تخوم كل المناطق التي يسيطر عليها حزب الله في بيروت. فعل الخوف فعله مع جنبلاط فنقل البندقية من كتف لآخر وتخلى عن تسمية الرئيس سعد الحريري معلناً انحيازه التام لمحور الشر.
كما نجح محور الشر هذا بإغراء وإغواء نواب سنة طامحين تولى موقع رئاسة الوزراء، هم نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي وأحمد كرامي، فخسرت 14 آذار أكثريتها النيابية وكلف المحور بشكل مهين واستعلائي وعلني ممثلاً بشخص السيد حسن نصرالله النائب نجيب ميقاتي تشكيل حكومته بعد أن ناور بالرئيس عمر كرامي.
بعد كل هذه الخيبات المتتالية والقاتلة لأهداف ثورة الأرز لم يتعظ فريق 14 آذار ولم يتعلم، وها هو يُجرب المُجرب مؤكداً أن عقله مُخرَّب. لم يتعلم ولم يتعظ لأن شهية التوزير، وعشق المغانم والسلطة، وتقنيص الفرص، ولوثة قطاف غلال مواسم الغير المزمنة، إضافة إلى عقلية "القوطبة" والتشاطر والتذاكي العفنة عند بعض مكوناته أعمت عيونهم وأفقدتم نعمتي البصر والبصيرة وأنستهم دماء الشهداء والثوابت الوطنية، فدخلوا في مفاوضات عقيمة وبابلية مع الرئيس المكلف، نجيب ميقاتي، حول الحقائب الوزارية والحصص في حكومة حزب الله متعامين عن أن الرجل هو مجرد واجهة لمحور الشر وأن قراره في دمشق والضاحية وطهران.
في النهاية العليق لا يثمر لا عنباً ولا تيناً، بل شوكاً، في حين أن غالبية أفراد جماعة 14 آذار لا يُتكل عليهم في الشدائد والأوقات الصعبة، كما لا يرجى منهم أي شيء ايجابي لغير مصالحهم الذاتية وهوسهم بالسلطة والمال. لقد أثبتت الأحداث المدمرة والمأساوية التي شهدها وطن الأرز منذ الأربعينات وحتى يومنا هذا أن السياسي العفن والأناني والانتهازي لا تفوح منه سوى روائح العفونة والخيانة، ويعمل فقط لمصالحه ونفوذه، وليس للوطن والمواطنين والكرامات والإيمان والضمير أي وجود في سُلم أولوياته.
في الخلاصة إن أفراد الشعب اللبناني الأغنام والعبيد بفكرهم وممارساتهم وجبنهم وضحالة إيمانهم وخور رجائهم الذين يوالون "على عماها" السياسيين الفاسدين والمفسدين على قاعدة الأصولية ورفض الأخر والحقد والكراهية والغباء والتبعية والجهل والمنافع، فهم يتحملون بالكامل مسؤولية ضياع الوطن لأنهم قبلوا صاغرين نير العبودية ووضعية العبيد، ونقطة على السطر!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق