وكلما مر يوم تنضم إلى الثورة السورية مدن أخرى .. إذ خلال الأسبوع الماضي خرجت مظاهرات في عدة مدن كردية، وهذا ما لم يحسب حسابه النظام، إذ ظن كثيرون أن القمع الذي يستخدمه نظام الحكم سيساهم في وأد الثورة في مهدها، خاصة وأنه وخلال أسبوع سقط من الشهداء ما يزيد عن ( مئة وأربعين ) شهيداً، ومئات الجرحى .. أو ربما وصلوا إلى الآلاف لا توجد أرقام دقيقة حتى الآن بسب القمع الممنهج الذي يستخدم بحق المواطنين العزل المطالبين بكرامتهم المهدورة منذ ما يزيد عن الأربعين عاماً .
يد النظام التي تمرست على القمع امتدت لتصل إلى أي صوت أو مسيرة تخرج في شوارع القطر السوري المثقل بالجراح، وبالفقر، الأمن السوري الذي يحسد على المهارات التي يمتلكها في القمع ظلت هاجساً مرعباً يؤرق المواطن السوري، فما يكاد يخرجُ صوت إلا والرصاص الحي يصل إليه، وإن تعذر ذلك فالسجون السورية مفتوحة أبوابها لكل صوت يقول لا.. وان استعصى الأمر تحرق السجون!!
في هذا القطر ممنوع أن تقول " لا " لأنها إحدى الكبائر التي تعاقبُ عليها، ومن الممكن أن تغيب خلف الشمس إن قلتها .
فقط المسموح له قول " لا " هي زوجة بشار الأسد، التي ( " لا " تنتخب إلا زوجها )، المتابعون للشأن السوري وخاصة أصحاب الاختصاص والمحللون السياسيون لا يختلفون على شراسة نظام الأسد، فهو حقاً أسدٌ على شعبه، بل وربما أكثر من أسد، أجهزة الأمن السورية، وخاصة جهازي المخابرات والاستخبارات من أشرس الأجهزة في المنطقة العربية، لأن تاريخها الطويل حافل بالجرائم وإرهاب المواطنين، كل شيء في القطر الشقيق يمر عبر بوابات الأمن، وربما الأكسجين الذي يتنفسه المواطنون تراقبه أجهزة الأمن، أو .. في بعض الأحيان تعده على المواطنين، فويل للمواطن إن تنفس خارج المسموح به من قبل الأمن السوري، أظنه حينها سيعرف أن الأسد الحاكم للبلد اسم على مسمى ..!!
كل مواطن له ملف، وربع الشعب يعمل في أجهزة الأمن، ربما ليس جميعهم متفرغين، لأن عدد المخبرين إذا ما أضيف إلى تلك الأجهزة، تجاوز عددهم على ربع المواطنين، وما تقرأه في هذا الملف يخرجك عن صمتك، فالنظام الحاكم الشمولي اتخذ من الأمن قاعدته العريضة كطريق لتثبيت دعائم الحكم، واعتمد تجارب القمع التي مورست في العالم، كل الدكتاتوريات انهارت إلا هو بقي كما هو حجر على صدر المواطن السوري يكتم أنفسه .
وبالمقابل يتناقل الآباء والأبناء وعلى ما يزيد عن الأربعين عاماً من الحكم – بسخرية تامة -مقولة النظام " سنرد في الوقت المناسب والمكان المناسب " ، جملة جعلته سخرية بين الناس، إسرائيل احتلت الجولان منذ عقود ولم يحن الوقت المناسب، وضربت الجيش السوري في لبنان، ولم يأتِ الوقت المناسب، واقتحمت العمق السوري بطائراتها، وسحبت كافة المعدات في الموقع العسكري قرب مدينة " دير الزور " ولم يحن الوقت المناسب، وحلق الطيران الإسرائيلي فوق العاصمة دمشق ولم يحن الوقت المناسب، ترى متى يكون الوقت المناسب ؟ أو المكان المناسب ..!!
عبثاً يظنون، فالمستقبل لا يعلمه إلا الله .. ولهذا فالنظام الحاكم حاول ومن خلال شعاراته أن يطيل من عمره نظاماً قاهراً للسورين، ألا يعلم النظام السوري أن الوقت المناسب والمكان المناسب علمها عند ربي؟ وأن الفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة..!! وأن رياح التغيير لا تعطي الأرنب الزمن ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق